logo
نعيمة المشرقي سيدة المسلسلات التلفزيونية بالمغرب

نعيمة المشرقي سيدة المسلسلات التلفزيونية بالمغرب

الجزيرة٠٦-١٠-٢٠٢٤

نعيمة المشرقي فنانة وممثلة مغربية، من أبرز رواد المسرح والسينما والتلفزيون، ولدت بمدينة الدار البيضاء عام 1943 وتوفيت عام 2024، كانت بدايتها في عالم الفن في خمسينيات القرن الـ20 على خشبة مسرح الهواة، في وقت كانت فيه مشاركة النساء في الفن أمرا نادرا.
بدأت نعيمة المشرقي مسيرة الاحتراف مع الفنان المغربي الراحل الطيب الصديقي ، إذ قدمت معه مسرحيات ناجحة.
بدأت علاقتها مع كاميرا السينما عام 1962 مع المخرج الإسباني فرناندو فرنان غوميز في فيلم "انتقام دون ميندو"، ثم توالت أعمالها السينمائية، فكانت وجها بارزا في الفن السابع والتلفزيون.
تركت إرثا فنيا مهما ينهل من تيمة الإنسان والمجتمع، وحازت في مسارها الفني الطويل جوائز وتكريمات عديدة، من أبرزها توشيحها عام 2012 من طرف الملك محمد السادس بوسام المكافأة الوطنية من درجة ضابط.
ولادة ونشأة نعيمة المشرقي
ولدت نعيمة المشرقي في مدينة الدار البيضاء سنة 1943، ونشأت وترعرعت بين درب السلطان والمدينة القديمة، وتربت في أسرة محافظة على التقاليد والعادات، وهو ما أثر على اختياراتها الفنية، إذ كانت أدوارها وأعمالها تتلاءم مع رؤيتها للفن بوصفه رسالة تربوية وتوعوية.
في عام 1958 انضمت إلى دورات تدريبية على المسرح نظمتها وزارة الشباب والرياضة بمركز الفن الدرامي في المعمورة بالعاصمة الرباط لتدريب الهواة تحت إدارة الفنان الفرنسي بيير لوركا، وفيها تعلمت قواعد وأدوات الفن المسرحي.
تزوجت في سبعينيات القرن الـ20 بالمخرج والفنان عبد الرحمن الخياط الذي ساعدها على صقل موهبتها، وأنجبت 3 أبناء هم هشام وبسمة وياسمين.
المسار الفني لنعيمة المشرقي
كانت بدايتها الفنية في خمسينيات القرن الـ20 على خشبة المسرح، إذ سمح لها والدها وهي طفلة بالمشاركة في مسرحية أدت فيها دور ابنة سيدة تبكي، فظلت تبكي إلى حين انتهاء العرض وعودتها إلى البيت.
قدمت مع فرقة المعمورة أولى تجاربها، وهي مسرحية "كاليكولا" للمخرج الراحل مصطفى التومي، ثم مسرحية "البغلة المسحورة" للمخرج شارل نوغيس، و"ألعاب الحب والصدفة" للمخرج الطيب الصديقي، ثم اشتغلت مع فرق فنية أخرى، من بينها فرقة البساتين ومسرح الأنس.
دخلت عالم الاحتراف عام 1962 بعد انضمامها إلى فرقة المسرح الوطني محمد الخامس في الرباط، وكان الصديقي هو مدير الفرقة، وشاركت معه في أعمال مسرحية كان لها صدى كبير، من بينها "السيدة كوديفا" و"المغرب واحد" و"مولاي إسماعيل" و"سلطان الطلبة" و"مدينة النحاس"، وغيرها.
وقفت لأول مرة أمام كاميرا السينما عام 1962 في الفيلم الإسباني الطويل "انتقام دون ميندو" لمخرجه فرناندو فرنان غوميز، وهو كوميديا اجتماعية ذات طابع مسرحي، وبعدها شاركت في فيلمين طويلين آخرين، الأول مغربي وعنوانه "حديث الأجيال" للمخرج عبد الرحمن خياط، والآخر فرنسي إسباني إيطالي مشترك بعنوان "الدار البيضاء.. عش جواسيس" للمخرج الفرنسي آنري دوكوان، وهو دراما بوليسية.
توالت أدوارها مع أهم المخرجين المغاربة في أفلام كانت لها بصمة في تاريخ السينما المغربية، منها:
عرس دم، لسهيل بن بركة.
أيام شهرزاد الجميلة، لمصطفى الدرقاوي.
حجر الصحراء الأزرق، لنبيل عيوش.
فرسان المجد، لسهيل بن بركة.
البحث عن زوج امرأتي، وللا حبي، وجارات أبي موسى، لمحمد عبد الرحمن التازي.
وبعد، لمحمد إسماعيل.
دم وماء، لعبد الإله الجوهري.
وكانت آخر إطلالاتها على الشاشة الفضية في فيلم "دوار الدوم" لعز العرب العلوي لمحارزي، و"دموع الرمال" للمخرج عزيز السالمي، كما كان لها حضور في أفلام أجنبية، إذ شاركت في أزيد من 20 فيلما إيطاليا وفرنسيا.
أما شاشة التلفزيون فقد ظهرت فيها لأول مرة عام 1964، إذ أدت أول دور نسائي في سلسلة "رام دام"، ثم مثلت في أوائل الأعمال التلفزيونية المغربية، مثل مسلسل "التضحية" ومسلسل "المنحرف".
وشاركت بعدها في أكثر من 100 عمل تلفزيوني حتى لقبت بـ"سيدة الأعمال التلفزيونية"، ومن أشهرها مسلسلاتها:
أولاد الحلال، لمحمد حسن الجندي.
عز الخيل مرابطها، وأولاد الناس، لفريدة بورقية.
الغالية، لرضوان القاسمي وأحمد بوعروة.
دار الضمانة، لمحمد علي المجبود.
كانت لها تجربة مميزة في البرامج التلفزيونية، إذ قدمت بين سنتي 2000 و2004 البرنامج التعليمي والتثقيفي "ألف لام" على القناة الأولى، وأدت فيه دور "لالة فقيهتي"، وحقق هذا البرنامج -الذي كان يهتم بمحاربة الأمية وعرض قصص وحكايات شعبية- حينها متابعة مهمة لأنه جمع بين المتعة والإفادة.
كما كانت لها تجربة مماثلة في القناة الثانية من خلال البرنامج التلفزيوني الاجتماعي "أمي الحبيبة"، والذي بدأ بثه سنة 2015 واستمر مواسم عدة، وسجلت حلقاته نسب مشاهدة عالية، وكانت تحكي فيه بصوتها المميز قصص أمهات في وضعيات صعبة وقاسية.
وكان آخر ظهور فني لها عام 2019 في الفيلم التلفزيوني "التكريم"، وهو دراما اجتماعية كوميدية من إخراج حميد زيان، ولعبت نعيمة بطولتها مع الفنان محمد خيي، ثم مسلسل "الزعيمة" لمخرجه علاء أكعبون وبطولة مريم الزعيمي ومحسن مالزي ويونس ميكري وآخرين.
العمل المدني
كان للفنانة نعيمة المشرقي اهتمام بالقضايا التي تهم النساء والأطفال، وشاركت في العديد من الفعاليات والأنشطة الحقوقية.
عينت سفيرة للنوايا الحسنة لدى صندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، ومستشارة لدى المرصد الوطني لحقوق الطفل.
تم تعيينها عضوة في الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري -وهي الهيئة المخولة بتنظيم البث الإذاعي والتلفزي في المملكة- في الفترة بين 2012 و2018.
وشغلت مهمة رئيسة مساعدة في النقابة الوطنية لمحترفي المسرح، إلى جانب عضويتها في لجان تحكيم عدد من المهرجانات المسرحية والسينمائية والتلفزيونية.
جوائز وتوشيحات
توجت طوال مسيرتها الفنية بالعديد من الجوائز، من بينها جائزة أحسن أداء صوتي في مسلسل "أمينة" بمهرجان الإذاعات العربية في القاهرة سنة 1998، وجائزة أفضل ممثلة بمهرجان السينما العربية في مالمو سنة 2021 عن دورها بفيلم "خريف التفاح" للمخرج محمد مفتكر.
ووشحها الملك محمد السادس بوسام المكافأة الوطنية من درجة ضابط في الذكرى الـ13 لعيد العرش سنة 2012.
الوفاة
توفيت نعيمة المشرقي يوم السبت 5 أكتوبر/تشرين الأول 2024 عن عمر ناهز 81 عاما في مدينة الدار البيضاء.
ونعاها فنانون ومثقفون ومسؤولون، منهم وزير الثقافة الذي قال إنها كانت "رمزا للفن المغربي وأثرت الساحة الفنية بأعمالها الخالدة التي ستظل شاهدة على إبداعها وتفانيها".
وقال عنها رئيس النقابة الوطنية لمهنيي الفنون الدرامية مسعود بوحسين إنها "فنانة وإنسانة ومثقفة استثنائية".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

‫ حفل مميز لجوائز الصحافة الرياضية
‫ حفل مميز لجوائز الصحافة الرياضية

العرب القطرية

time١٤-٠٥-٢٠٢٥

  • العرب القطرية

‫ حفل مميز لجوائز الصحافة الرياضية

الدوحة - العرب استضاف قصر الجوهرة في العاصمة المغربية الرباط حفل النسخة السابعة من جوائز الاتحاد الدولي للصحافة الرياضية برعاية العاهل المغربي محمد السادس. وبحضور شخصيات تقدمها وزير الشباب والثقافة والتواصل المهدي بن سعيد ورئيس الاتحاد المغربي لكرة القدم فوزي لقجع وعضو اللجنة الاولمبية الدولية نوال المتوكل ورئيس الاتحاد الدولي للصحافة الرياضي جياني ميرلو ونائبه القطري محمد حجي وعضو لجنة الإعلام الرياضي في قطر مبارك البوعينين وشخصيات رياضية وإعلامية، انطلق الحفل وسط اجواء احتفالية مميزة. فقد تُوج اليمني عصام الكمالي بجائزة التصوير الصحفي (فئة حقيبة الصور) عن عمله «كرة القدم بوابة للسلام»، على هامش فعاليات المؤتمر السابع والثمانين للاتحاد. وحل في المركز الثاني البريطاني إدوارد ويتاكر عن عمله «سباقات الخيول العالمية» في racing post بينما جاء الإيطالي داريو بيلينغيري ثالثًا عن «لحظات من رياضة الدراجات» من Getty images. وشهد الحفل توزيع جوائز شرفية في مجالات متعددة، كما خصص الاتحاد الدولي لفتة تكريمية لأربعة من رموز الصحافة الرياضية: محمد السلهامي، نجيب السالمي، مصطفى بدري، وعائلة الراحل بلعيد بويميد.

الرباط تستعد لدورة تاريخية من موازين.. ويل سميث وميريام فارس أبرز النجوم
الرباط تستعد لدورة تاريخية من موازين.. ويل سميث وميريام فارس أبرز النجوم

الجزيرة

time٠٤-٠٥-٢٠٢٥

  • الجزيرة

الرباط تستعد لدورة تاريخية من موازين.. ويل سميث وميريام فارس أبرز النجوم

تستعد العاصمة المغربية الرباط لاحتضان الدورة الـ20 من مهرجان موازين الدولي للموسيقى، في الفترة من 19 إلى 28 يونيو/حزيران المقبل. وتعد هذه الدورة استثنائية، إذ تأتي احتفالا بمرور عقدين على انطلاق هذا الحدث الفني الأبرز في العالم العربي، والذي بات أحد أكبر المحافل الموسيقية الدولية. 25 حفلا على 4 منصات ومن المرتقب أن يشهد المهرجان 25 حفلا موسيقيا تُقام على 4 منصات رئيسية، هي: مسرح محمد الخامس الوطني، وساحة بورقراق، ومنصتا النهضة والسويسي، في توازن بين العروض المحلية والعربية والعالمية، وسط توقعات بحضور جماهيري واسع. الفعاليات العربية تنطلق في 19 يونيو/حزيران، بحفل للفنانة المصرية كارمن سليمان، في أول ظهور لها بعد إجازة الأمومة، حيث ستقدّم أغنيات من ألبومها الجديد على المسرح الوطني. ويُحيي الفنان اللبناني وائل جسار والمغنية المصرية روبي حفلا مشتركا في اليوم التالي، في أول مشاركة للأخيرة ضمن المهرجان. أما الفنانة اللبنانية نانسي عجرم، فستلتقي بجمهورها المغربي في 22 يونيو/حزيران، تليها سهرة للفنان راغب علامة يوم 24، ثم حفل منفصل للفنانة ديانا حداد في اليوم التالي. كما تعود المغنية ميريام فارس إلى موازين في 26 يونيو/حزيران بعد غياب دام 6 سنوات، على أن تختتم الفعاليات العربية بحفل للمغني اللبناني زياد برجي في يوم 27 من الشهر ذاته على خشبة المسرح الوطني. حضور متنوع من القارات الخمس تتميّز الدورة الجديدة لمهرجان موازين بحضور عالمي متنوّع يعكس الانفتاح الثقافي للمهرجان، إذ سيكون جمهور الرباط على موعد مع عروض من نجوم ينتمون إلى مختلف القارات. ويفتتح المغني والدي جي الهولندي "أفرو جاك" الفعاليات العالمية يوم 20 يونيو/حزيران على منصة السويسي، بالتزامن مع حفل آخر للفنان الجامايكي المرشّح للغرامي "بيرنيغ سبير". وفي 21 يونيو/حزيران، تشارك المغنية النيجيرية "يامي ألادي" في عرض مرتقب، تليه في اليوم التالي حفلتان للمغنية الأميركية "بيكي جي" والفنان البريطاني "مايكل كيوانوكا"، إضافة إلى عرض للفنان السنغالي "شيخ لو". وتشهد ليلة 24 يونيو/حزيران مشاركة بارزة للفرقة الكورية الجنوبية النسائية "إيسبا" في أول ظهور لها في القارة الأفريقية، إضافة إلى فرقة "دي لا سول" الأميركية للهيب هوب. أما المفاجأة الكبرى فستكون مع النجم العالمي ويل سميث، الذي يُحيي حفلا يوم 25 يونيو/حزيران بعد عودته للغناء وإطلاقه ألبومه الجديد "مقتبس من قصة واقعية" (Based on a True Story) في مارس/آذار الماضي. ويشهد اليوم التالي حفلا مشتركا للفنانين النيجيريين "ويز كيد" و"ليكان"، فيما يُختتم المهرجان يوم 28 يونيو/حزيران بحفلتين: الأولى للموسيقي البريطاني "جوليان مارلي"، والثانية ستجمع مغني الراب الأميركي "ليل بيبي" والفنان المغربي "الڭراندي طوطو" على منصة السويسي. وكان مهرجان موازين أُطلق عام 2001 بمبادرة من الملك محمد السادس، بهدف تعزيز التبادل الثقافي والموسيقي بين الشعوب، وبمرور السنين، تحوّل إلى أبرز حدث غنائي في المنطقة، يستقطب كبار الفنانين من مختلف أنحاء العالم. وفي دورته الأخيرة، استقطب المهرجان أكثر من 2.5 مليون زائر، محققا بذلك رقما قياسيا في عدد الحضور، وهو ما يعكس مكانته الراسخة على الساحة الفنية الإقليمية والدولية.

في رحلة لعالم الروحانيات.. وزان المغربية تستضيف الملتقى الدولي للذكر والسماع
في رحلة لعالم الروحانيات.. وزان المغربية تستضيف الملتقى الدولي للذكر والسماع

الجزيرة

time٢٥-١١-٢٠٢٤

  • الجزيرة

في رحلة لعالم الروحانيات.. وزان المغربية تستضيف الملتقى الدولي للذكر والسماع

تحت شعار "روحانية مغربية بأفق كوني"، استضافت مدينة وزان في المغرب أمسيات للذكر والسماع طوال 3 أيام خلال النسخة الرابعة من ملتقى دار الضمانة الدولي من تنظيم جميعة الصفا لمدح المصطفى، وبرعاية من ملك المغرب محمد السادس. وشهدت نسخة هذا العام حضورا جماهيريا استثنائيا ومشاركة مجموعات وفرق معروفة على الصعيد العربي والدولي، وعلى رأسها المجموعة الوطنية التيجانية ومجموعة رياض الأندلس من إسبانيا والجمعية العباسية للأمداح، فضلا عن المنشد السوري المعروف المعتصم بالله العسلي. كما عقدت عدة ندوات علمية وفكرية وحوارات روحانية شارك فيها ثلة من الأساتذة والعلماء البارزين، بمن فيهم سفيرة المغرب لدى الفاتيكان الدكتورة رجاء الناجي مكاوي، والمشرف على البيت المحمدي بالقاهرة الشيخ الدكتور محمد عبد الصمد مهنا. ملتقى كوني ويهدف هذا الملتقى إلى إبراز البعد الروحي والوهج الصوفي الذي تمتاز به مدينة وزان العريقة، وهي طريقة صوفية جزولية زروقية شاذلية، نسبة إلى المتصوف المعروف أبي الحسن الشاذلي، وهو تلميذ العالم المغربي مولاي عبد السلام بن مشيش العلمي. ويعتبر الدكتور محمد التهامي الحراق أن النسخة الرابعة للملتقى تساهم في إبراز الأبعاد الروحانية والجمالية والمعرفية للتصوف، "وهو المؤسس الرئيسي للقيم الأخلاقية والاختيارات الروحية التي أصبحت تربة مدينة وزان تنطق بها وتنعكس على لغة وحياة أهلها". وأضاف الحراق -في حديث للجزيرة نت- أن هذه الروحانية لا تحمل بعدا محليا أو إسلاميا فقط، وإنما ذات بعد كوني يتمثل في الثقافة الإسلامية، لأنها تنشر قيم المحبة والسلام ومناهضة العنصرية والقبول بالمختلف العقائدي، وتُرجمت جميعها من خلال الجمال والإنشاد. ولتبسيط هذه المعاني والحِكم للناس، تُنسج من خيوط أحرف الكلمات أشعار باللهجة العامية يتغنى بها أهل وزان بشكل يومي عن ثقافة حسن الجوار والصدقة والكرم في ظل تميز تربتها بشجرة الزيتون المباركة والتين والجلابة (اللباس التقليدي المغربي) التي تعد رمزا للباس التقوى، وفق المتحدث. وعن اختيار عنوان هذه النسخة "روحانية مغربية بأفق كوني"، أوضح الدكتور أنها تمثل "الروحانية التي تشكلت في أرض المغرب من خلال الأولياء والزوايا والأعلام الذين كتبوا في العرفان وأنشدوا الأشعار وخطوا نصوصا روحانية حمالة لقيم تحتاجها الإنسانية اليوم". أرض السماع والأولياء وفي إحدى ندوات الملتقى، ناقش الباحث في الفكر الإسلامي الدكتور محمد المهدي منصور سيرة الإمام العربي الدرقاوي الذي يعد من الأسماء البارزة التي ساهمت في ترسيخ الروحانية المغربية وشيخ الطريقة الدرقاوية الشهيرة ومؤسسها، والذي وُلد في بلاد جبالة عام 1737 وينتمي إلى الشرفاء الأدارسة. وفي حديثه للجزيرة نت، وصف الدكتور منصور هذا الإمام الصوفي بـ"المجدد الكبير للمدرسة الشاذلية"، لأنه جدّد ملامح علم التصوف ومقام الإحسان الذي قال عنه عمر بن الخطاب: "الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك". وأضاف الباحث في الفكر الإسلامي أن التصوف "كله أخلاق، فمن زاد عليك بالأخلاق، زاد عليك بالتصوف. فجاء الإمام الدرقاوي ليؤكد أن التخلق بالراقي من الأخلاق يصب في معنى وأهداف التصوف. وقد ذكرت المصادر أن من ثمار المدرسة الروحية التربوية التي أسسها تخرُّج أزيد من 40 ألف من الطلاب والعلماء وأهل الدلالة على الله". ويعتقد الدكتور منصور أن المغرب يتمتع بريادة كبيرة في باب الروحانيات، مستدلا بذلك على أقوال أهل التصوف والعلم "المشرق بلد الأنبياء، والمغرب بلد الأولياء" و"على قدر بعد المغاربة عن روضة رسول الله جغرافيا، على قدر قربهم منه روحانيا"، معتبرا أن ذلك "سبب قدري عجيب وعدل كوني لإيجاد توازن نوراني بين المشرق والمغرب". وأوضح أن أعلام التصوف الذين توجد مراقدهم في المشرق هم من أصول مغربية، بمن فيهم الإمام أبو الحسن الشاذلي والإمام أحمد البدوي في مصر. من جانبه، ذكر الدكتور الحراق مقولة الصوفيين الشهيرة "السماع مصيدة النفوس"، قائلا إن "السماع يعد وسيلة من وسائل فتح القلوب لتلقي هذه القيم المبثوثة في النصوص والأشعار". وهو ما يتناغم بدقة مع أبيات قصيدة أبو الحسن الششتري: وشمس ذاتي لا تغيب عن العيان أنظُر جمالي شاهدا في كل إنسان كالماء يجري نافذا في أُسِّ الأغصان يُسقى بماء واحد والزهر ألوان أسجد لهيبة الجلال عند التّداني ولتقرأ آيات الكمال سبعا مثاني دار الضمانة وتشتهر مدينة وزان المغربية بالحقول الوفيرة لأشجار الزيتون وباحتضانها التصوف وزوايا شرفاء شمال المملكة، فضلا عن معالم تاريخية شاهدة على إرث عريق صمد في وجه قرون عديدة، مثل "مسجد الزاوية" الذي يتميز عن باقي المساجد المغربية الصوفية بصومعته المصنوعة من الفسيفساء والمتكونة من 8 أضلاع. وفي هذا الإطار، أكد محمد التهامي الحراق أن الزاوية الوزانية لا تقتصر على مكان معين تُجرى فيه الأذكار والعبادات لأن "كل أرض وزان زاوية، ومن هنا جاءت تسميتها بدار الضمانة". وهي كلمات ومعانٍ يتوارثها أبناء هذه المنطقة من جيل إلى آخر ويرددونها في كل المناسبات، في إشارة إلى البيتين الزجليين للشيخ مولاي التهامي بالعامية المغربية يقول فيهما: يجينا نحاس يرجع نقرا رسول الله هو الضامن ويشرح الدكتور الحراق معنى البيتين "من جاء لحضرتنا يُشفى من كل ألوان العلل النفسية لأنه يدخل إلى حضرة التزكية والتربية الصوفية، ويطمئن قلبه من خلال الذكر -لقوله تعالى {ألا بذكر الله تطمئن القلوب}- ليتحول من نحاس إلى فضة". وختم المتحدث "لقب دار الضمانة الذي تشتهر به هذه المدينة يعود إلى اتباع سنة رسول الله والاقتداء به، لأن وزان تضمن لمن يزورها ويتخلق بأخلاق المصطفى -الذي هو جد الأشراف الوزانيين- تحقق الطهارة الباطنية والضمانة الروحية له".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store