logo
التعاون في رمضان وتجديد المحبة بين الزوجين

التعاون في رمضان وتجديد المحبة بين الزوجين

شبكة النبأ١٨-٠٣-٢٠٢٥

شهر رمضان الفضيل يعتبر فرصة لاستثمار التغيير وشيوع الأجواء الروحانية وتكريس روح التعاون داخل المنزل والأسرة، ومساعدة الأزواج لزوجاتهم خاصة بشهر رمضان ما هي إلا مساهمة في تمتين وتقوية المشاعر والألفة داخل الحياة الأسرية، ويعمل على تقوية الروابط الزوجية والمشاركة الوجدانية...
وسط الانشغال شبه الدائم للإنسان لتوفير لقمة العيش الحلال سيما الأزواج الذين يتحلمون في الغالب مسؤولية المنزل كاملة، ومن هذا الانشغال يحدث شيئاً من التقصير او القصور بحق الزوجة والعائلة بصورة عامة، فيأتي شهر رمضان المبارك ليكون فرصة عظيمة لإعادة شحن الالفة بين الزوجين داخل الاسرة، عبر تقديم يد العون والمساعدة في المنزل في ادق التفصيلات وليس في ذلك عيباً او منقصة بل العكس، فما هي إيجابيات التعاون بين الزوجين في شهر رمضان؟
من الجميل ان تجد الكثير من الرجال يشاركون ازواجهم في عمل المنزل في شهر رمضان، فمن الأمور المهمة التي تزيد من الروابط الأسرية والتعاون بينهما هو المساعدة للزوجة ، لأنه يستشعر هذه الأعباء والضغوطات على زوجته، فإن هذه الأعباء تزداد في شهر رمضان على الزوجة خصوصاً من لديها أطفال، أو زوجة عاملة، مما يوجب المساعدة وتخفيف الجهد عنها فهي لديها قابلية محددة وبعض الحالات تحمل أكثر مما تقدر عليه.
إشارة
مما نود الإشارة اليه ان بعض الأزواج في المجتمعات العربية ذات الطابع العشائري يرفض ان يساعد زوجته في أمور المنزل سواء في المطبخ او في سائر الجزئيات الأخرى بداعي ان عمل المنزل هو من تخصص النساء وقيام الرجل به هو امر معيب، هنا سيدي الذي تنظر الى الحياة بهذه النظرة التي تجانب الحقيقة عليك ان تتذكر ان العظيم علي بن ابي طالب عليه السلام كان يساعد السيدة الزهراء عليها السلام في اعداد الطعام، فحين تلهبك العصبية البدوية تذكر ان من اعظم رجالات الإسلام كان يفعل ما تنهى نفسك عنه فعليك مراجعة نفسك ومعتقدك بهذا الخصوص.
وإذا كنت تدعي أنك من اتباع اهل البيت عليهم الإسلام او أنك مسلم على اقل تقدير عليك ان تلتزم بما يريده منك الدين الحنيف، فهو لم يجبر الزوجة على رضاعة الطفل وهو ابنها وامر بإعطائها اجر ما تقوم به ولم يجبرها على اعداد الطعام للزوج والابناء وكل ما تقوم به الزوجة المسلمة هو تطوع وإنسانية منها فلا بأس بان تساعدها فيما تستطع عليه، وليس في ذلك منة منك او جميل تسديه لها.
مردودات المساعدة بين الزوجين
في سياق بيان أهمية المساعدة تقول استشارية العلاقات الأسرية والاختصاصية في علم الاجتماع الدكتورة (مني الوكيل) " شهر رمضان الفضيل يعتبر فرصة لاستثمار التغيير وشيوع الأجواء الروحانية وتكريس روح التعاون داخل المنزل والأسرة، ومساعدة الأزواج لزوجاتهم خاصة بشهر رمضان ما هي إلا مساهمة في تمتين وتقوية المشاعر والألفة داخل الحياة الأسرية، ويعمل على تقوية الروابط الزوجية والمشاركة الوجدانية، بل ويترك آثاراً طيبة وعميقة ودافئة داخل العلاقة الزوجية".
ويزيد التعاون بين الزوجين من الالفة والطمأنينة بين الزوجين، اذ ان الزوجة حين ترى زوجها يشعر بتعبها ويحرص على رفع العناء عنها فأنها تشعر بالأمن النفسي والاستقرار لارتكازها على أحد يقف معها عند الحاجة، والعكس يجعل من الزوجة دائمة الشعور بالقسوة وممارسة السلطة والفرض من قبل الزوج دون إنسانية منه وهو ما يشعرها بالإحباط والارهاق.
ومن إيجابيات مساعدة الزوج لزوجته هي غرس روح المساعدة في الأبناء، حيث ان الأبناء الذي يرون ان ابويهم متعاونين سيكونون هم كذلك في المستقبل فلا البنت تبخل بجهدها في سبيل خدمة عائلتها، ولا الابن يستنكف ان يخدم زوجته وعائلتها وبذا تشكلت واحدة من اهم السلوكيات حاجة ومنفعة للزوجين والعائلة.
واخيراً حين يتساعد الزوجين على القيام بما يحتاجه الشهر الفضيل يذوب الشعور المخيف والمزعج الذي يراود النساء في كل سنة عند قدومه والنظر اليه علة انه شهر متعب ويحتاج الى جهد كبير، ولأجل هذه الفوائد العظيمة يجب ان يساعد الزوج زوجته ولا يبخل بذلك.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

حديث الجمعة _ رحلة العمر: الحج
حديث الجمعة _ رحلة العمر: الحج

الشرق الجزائرية

timeمنذ 7 ساعات

  • الشرق الجزائرية

حديث الجمعة _ رحلة العمر: الحج

المهندس بسام برغوت الحَجّ في الإسلام فريضةٌ عظيمةٌ ذاتُ مكانةٍ روحانيةٍ وتشريعيةٍ فريدة، تجمع بين مقاصد العبادة الخالصة لله تعالى وتجسِّدُ وحدةَ الأمّة وتذكّرُها بجذورها الإبراهيمية. نتناول في هذا المقال الحَجّ من زواياه المتعددة: معناه الشرعي، تاريخه، أركانه، حكمه وآدابه، مقاصده الكبرى، الأبعاد الروحية والاجتماعية والاقتصادية، إضافةً إلى لمحةٍ عن جهود المملكة العربية السعودية في خدمة الحجاج، وأبرز التحديات المعاصرة المتعلّقة بهذا الركن الركين. أولاً: تعريف الحَجّ ومكانته: الحَجّ في اللغة يعني القصدُ إلى شيءٍ مُعظَّم. أمّا في الاصطلاح الشرعي فهو: قصدُ بيت الله الحرام لأداء مناسك مخصوصةٍ في زمنٍ مخصوصٍ بشروطٍ مخصوصة. والحجُّ ركنٌ من أركان الإسلام الخمسة؛ فقد قال النبي ﷺ: «بُني الإسلامُ على خمسٍ: شهادة أن لا إله إلا الله وأنَّ محمدًا رسول الله، وإقامِ الصلاة، وإيتاءِ الزكاة، وصومِ رمضان، وحجِّ البيت من استطاع إليه سبيلًا». فجاء بعد التوحيد والصلاة والزكاة والصوم دلالةً على علوِّ شأنه، لكنه مُقيَّدٌ بالاستطاعة رحمةً بالأمة. ثانيًا: جذور الحَجّ التاريخية: يعود أصلُ الحَجّ إلى عهد أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام عندما أمره الله تعالى أن يرفع القواعد من البيت مع ابنه إسماعيل، ثمّ أُمِر بأن يُؤذِّن في الناس بالحج ليأتوا «رجالًا وعلى كل ضامر يأتين من كل فجٍّ عميق» (سورة الحج). ومنذ ذلك الحين والبيت العتيق قِبلةُ الموحّدين؛ يطوفون به ويقصدونه تلبيةً لأمر الله. ومع مرور القرون وقعت انحرافاتٌ في الشعائر إلى أن جاء الإسلام فطهّر البيت وأعاد للحج نقاءه التوحيدي. ثالثًا: أركان الحَجّ وواجباته وسُننه: قسم الفقهاء أعمال الحج إلى أركانٍ لا يصح بدونها، وواجباتٍ يجبر تركُها بدمٍ، وسُننٍ يُستحبّ فعلُها. الأركان أربعة: الإحرام: نِيّة الدخول في النسك، مع تجريد القلب من الدنيا وتعظيم شعائر الله. الوقوف بعرفة: الركن الأعظم؛ كما في الحديث الشريف: «الحج عرفة» ، يبدأ من زوال شمس يوم التاسع من ذي الحجة إلى فجر يوم النحر. الطواف بالبيت (طواف الإفاضة): بعد النزول من منى يوم العيد، وهو طوافُ الركن. السعي بين الصفا والمروة: استحضارٌ لسعي هاجر أم إسماعيل وتوكّلها على الله. الواجبات تشمل الإحرام من الميقات المعيَّن، المبيت بمزدلفة ومنى، رمي الجمرات، الحلق أو التقصير، وطواف الوداع. أمّا السنن فكثيرة: التلبية، طواف القدوم، الإكثار من الذكر والدعاء، والخشوع. رابعًا: شروط وجوب الحَجّ: لا يجب الحجّ إلا إذا توفّرت خمسة شروط: الإسلام، البلوغ، العقل، الحرية، والاستطاعة (صحةٌ بدنية، وسيلةُ سفرٍ آمنة، ومالٌ زائدٌ عن الحاجات الأساسية). ويُعدّ أداءُ الحجّ مرةً واحدةً فرضَ عين، وما زاد عنها فهو تطوّع. خامسًا: مقاصد الحَجّ الكُبرى: تحقيق التوحيد الخالص: لَبّيْك اللهم لَبّيْك، يردّدها الحاجّ فيعلن الانقياد والعبودية لله وحده. إحياء ذكرى الأنبياء: من إبراهيم وإسماعيل إلى محمدٍ ﷺ ، وتأكيد وحدة مصدر الرسالات. تعميق الأخوّة الإسلامية: يلتقي الحجاج بمختلف الألوان والألسنة، بلباس موحد يرمز الى لباس الكفن لإعلان المساواة والتجرد من التفاخر. تهذيب النفس: بالانضباط وكظم الغيظ، «فلا رفثَ ولا فسوقَ ولا جدالَ في الحج». التذكير بيوم الحشر: مشهد عرفة يُشبه وقوفَ الناس للحساب، فيبعث على التوبة والرجاء. سادسًا: الأبعاد الروحية: الحجّ رحلةُ العمر؛ يترك الحاجّ أهله ومتاعه، ويتجرد من ثيابه، ممّا يُشعره بفناء الدنيا وحاجة القلب إلى الله. الطواف يورث ذكرًا دائمًا، والسعي يُذكّره ببذل الأسباب مع التوكل، والوقوف بعرفة يُفيض دموع التوبة. ثمّ إذا رمى الجمرات فكأنّه يرمي الشيطان، وإذا ذبح الهدي استحضر معنى البذل، وإذا حلق شعره تجددت ولادته الروحية. سابعًا: الأبعاد الاجتماعية والسياسية: الوحدة والمساواة: الحج مؤتمَرٌ عالميّ سنوي، يذوب فيه الانتماء العِرقي والطبقي. تبادل العلم والخبرة: كان الحج منصةً لطلبة العلم والتجار والسلاطين لتدارس الأحوال وتنسيق الجهود. نقل الرسائل الإصلاحية: التاريخ زاخِر بخطبٍ ألقيت في موسم الحج رسّخت قيمَ العدل. ثامنًا: إدارةُ الحجّ وجهود المملكة: تتحمّل المملكة العربية السعودية مسؤوليةَ تنظيم الحج؛ فأنشأت وزارة الحج والعمرة، وطوّرت مبادرة «طريق مكة» و«نسك» للتأشيرات الإلكترونية، وشيدت توسعات الحرم، وجسور الجمرات ذات الطبقات، والقطار السريع، وأنظمة التبريد في الخيام، وكلّها لتيسير أداء المناسك مع الحفاظ على سلامة الملايين، مع إتاحة الكراسي المتحركة لحجّ ذوي الاحتياجات الخاصة في الطواف والسعي، مع خدمات الترجمة للصم والبكم، وخطوط أرضية بارزة للمكفوفين. أجاز العلماء للمرأة الحجّ مع محرمٍ أو في رفقةٍ آمنةٍ معتبرة. ولها أحكامٌ خاصةٌ في الطواف والسعي حال الحيض، تُؤجِّل الطواف وتبقى على إحرامها حتى تطهر، رعايةً لحرمتها. ختاماً، يبقى الحَجّ أسمى مدرسةٍ تربويةٍ يتخرّج فيها المسلم متطهّر القلب، موحِّد اللسان، محقّقًا لمعنى الطاعة، ومع التحولات العالمية لا يزال نداء إبراهيم يتردّد، فتهفو القلوب إلى البيت العتيق. إن اغتنام هذه الشعيرة في إصلاح الذات والمجتمع هو الغاية المنشودة؛ فإذا عاد الحاجُّ وقد غُفِر له عاد كيومَ ولدته أمّه، يحمل مسؤولية نشر السَّكينة والتقوى حيثما حلّ. نسأل الله أن يرزقنا وإيّاكم حجًّا مبرورًا وسعيًا مشكورًا وذنبًا مغفورًا، وصلّى الله وسلّم على سيّدنا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.

الخطبة الدينية وأثرها في الاصلاح الفكري
الخطبة الدينية وأثرها في الاصلاح الفكري

شبكة النبأ

timeمنذ يوم واحد

  • شبكة النبأ

الخطبة الدينية وأثرها في الاصلاح الفكري

ولما كان الامام علي بن ابي طالب (ع)، يمثل انموذجاً للخطيب الديني البارع في الاصلاح الفكري لأبناء الامة فإننا اتخذنا من بعض خطبه دعائم ليقوم عليها بحثنا الحالي ومن تلك الخطب التي تضمنها بحثنا الخطبة الغراء واعطاء صورة واضحة عن اثر الخطبة الدينية في اصلاح المجتمع وافراده سواء أكان اصلاحا... المقدمة: الحمد لله رب العالمين، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الحمد في الآخرة والأولى، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله المبعوث بالرحمة والهدى، صلى الله وبارك عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين. إن الإصلاحَ أمرٌ أساس في الدين، يتناول جميع الجوانب التي يتحقق بها صلاحُ الأمة ورقيّها وتقدّمها وأمنها، ولخطبة الجمعة -لا شك- أثر في تحقيق ذلك الإصلاح، وتبليغ رسالته، والحضِّ عليه، وتذليل الصعاب النفسية والاجتماعية التي تُعطِّله أو تَعُوقُه أو تُخْمِد جذوتَه. وإذا كان هذا هو أثر الخطبة، وكان همُّ الخطباء ترسيخَ مفهوم الإصلاح وتعميقَ الشعور به، والتغلّبَ على معوِّقاته؛ فإنه يحسنُ بحثُ هذا الأثر من حيث مؤهلات الخطيب النفسية والعلمية والمنهجية، ومن حيث الواقعُ الذي يعيشه المسلمون، ومن حيث أنواعُ المشكلات المطروحة التي ينبغي أن تعطَى لها الأولويَة في الخطب الدينية. ولما كان الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام)، يمثل انموذجاً للخطيب الديني البارع في الاصلاح الفكري لأبناء الامة فإننا اتخذنا من بعض خطبه دعائم ليقوم عليها بحثنا الحالي ومن تلك الخطب التي تضمنها بحثنا الخطبة الغراء للإمام علي (ع) فضلا ًعن الخطبة الغراء وفضلاً عن اعطاء صورة واضحة عن اثر الخطبة الدينية في اصلاح المجتمع وافراده سواء أكان اصلاحاً فكريا ًام نفسياً ام خلقياً ام اجتماعياً. وبناءاً على ما تقدم نقدم بحثنا الموسوم (الخطبة الدينية وأثرها في الاصلاح الفكري) والذي يتضمن ثلاثة مباحث وهي كالآتي: المـــبحـــث الأول: وتضمن: الخطبة مفهومها وانواعها ومقوماتها المبحث الثاني: وتضمن الخطبة الدينية وأثرها في شحذ الهمم المبحث الثالث: السبب الداعي لإلقاء الخطبة الغراء وانتهى البحث بخاتمة تضمنت أهم ما توصل إليه الباحث من استنتاجات. الخُطْبَةُ: هي بضم الخاء، وهي ما يُقال على المنبر، يُقال: خَطَبَ على المنبر خُطْبَة - بضم الخاء - وخَطَابة، وأما خِطْبَة - بكسر الخاء - فهي طلب نكاح المرأة. وهي مشتقة من المخاطبة، وقيل: من الخطب، وهو الأمر العظيم؛ لأنهم كانوا لا يجعلونها إلا عنده. قال في تهذيب اللغة: "والخطبة مصدر الخطيب، وهو يخطب المرأة ويخطِبُها خِطبة وخِطِّيبى... قلت: والذي قال الليث أن الخطبة مصدر الخطيب لا يجوز إلا على وجه واحد، وهو أن الخُطبة اسم للكلام الذي يتكلم به الخطيب، فيوضع موضع المصدر، والعرب تقول: فلانٌ خِطْبُ فلانة(1)". وقال في القاموس: "وخَطَبَ الخاطب على المِنْبَر خَطابة بالفتح، وخُطبة بالضم، وذلك الكلام خُطبة أيضًا، أو هي الكلام المنثور المُسَجَّع ونحوه، ورجل خَطِيبٌ حسن الخُطبة بالضم". (2). وقال في مختار الصحاح: "خاطَبَه بالسلام مُخَاطَبة وخِطَابا، وخطب على المنبر خُطْبَة - بضم الخاء - وخَطَابة، وخَطَب المرأة في النكاح خِطْبَة - بكسر الخاء - يخْطُبُ بضم الخاء فيهما، واختَطَبَ أيضًا فيهما، وخَطُبَ من باب ظَرُفَ صار خطيبًا" (3). وقال في المصباح: "خَاطَبَه مُخَاطَبَة وخِطَابا، وهو الكلام بين متكلم وسامع، ومنه اشتقاق الخُطبَة -بضم الخاء وكسرها- باختلاف معنيين، فيُقال في الموعظة: خَطَبَ القوم وعليهم من باب قتل، خُطبة - بالضم -، وهي فُعلة بمعنى مفعولة... وجمعها خُطب، وهو خطيب القوم إذا كان هو المتكلم عنهم، وخَطَبَ المرأة إلى القوم إذا طلب أن يتزوج منهم، واختطبها، والاسم الخِطْبة - بالكسر..... (4). خَطَبَ الناسَ وفيهم وعليهم خَطَابةً وخُطْبةً: ألقى عليهم خُطْبة. وخَطَب فلانةً خَطْبًا وخِطْبَة، طلبها للزواج. وخَطُب خَطابة: صار خطيبًا. وخاطبه مخاطبة وخِطابا، كالمه وحادثة، أو وجّه إليه كلاما. والخِطاب: الكلام، وفَصْل الخِطَاب هو خطاب لا يكون فيه اختصار مُخِلّ ولا إسهاب مُمِلّ، والخُطْبة: الكلام المنثور يخاطِب به مُتكلِّمٌ فصيحٌ جَمْعًا من الناس لإقناعهم، ومن الكتاب: صدْرُه جمع خُطَب، والخَطَّاب: وصف للمبالغة للكثير الخطبة [بضم الخاء وكسرها]. والخطيب الحسن الخُطبة، أو من يقوم بالخَطابة في المسجد وغيره، والمتحدث عن القوم. جمع خُطباء. والخَطْب والمخاطبة والتخاطب: المراجعة في الكلام، ومنه الخُطْبة، ويقال من الخُطْبة: خاطِب وخطيب، ومن الخِطبة: خاطب لا غير. والخَطْب: أيضًا الأمر العظيم الذي يكثر فيه التخاطب(5). 2. الخطبة في الاصطلاح: عرَّفها بعضهم بأنها: الكلام المؤلف المُتضمِّن وعظًا وإبلاغًا (6). ولكن هذا فيه إجمال. وأوضح منه تعريف من قال: إنها قياس مركب من مقدمات مقبولة أو مظنونة، من شخص معتقد فيه، والغرض منها ترغيب الناس فيما ينفعهم من أمور معاشهم ومعادهم (7). وعرَّف بعض المعاصرين الخطابة: بأنها فنّ من فنون الكلام، يقصد به التأثير في الجمهور عن طريق السمع والبصر معا (8). وكل هذه التعريفات ونحوها تدور حول التعريف بالخطبة عمومًا، ومعناها متقارب. وأما خطبة الجمعة بخصوصها فلم أطلع على تعريف صريح لها - فيما بين يدي من كتب الفقهاء - لعلهم تركوا ذلك لوضوحها عندهم، وقد جاء في بدائع الصنائع في معرض كلامه على أحكام خطبة الجمعة قوله: " والخطبة في المتعارف اسم لما يشتمل على تحميد الله والثناء عليه، والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله والدعاء للمسلمين، والوعظ والتذكير لهم" (9). وهذا بيان لمعناها حسب المتعارف عليه، وليس تعريفًا دقيقًا تتوفر فيه الشروط المعتبرة عند الأصوليين. فيما أرى - تعريف الخَطابة بأنها: فنُّ مشافهةِ الجمهور، وإقناعِه واستمالتِه. فلابد من مشافهة، وإلا كانت كتابة أو شعرًا مدونًا. ولابد من جمهور يستمع، وإلا كان الكلام حديثا أو وصية. ولابد من الإقناع، وذلك بأن يوضح الخطيب رأيه للسامعين، ويؤيدَه بالبراهين ليعتقدوه كما اعتقده، ثم لابد من الاستمالة، والمراد بها أن يهيج الخطيب نفوس سامعيه أو يهدئَها، ويقبضَ على زمام عواطفهم يتصرّف بها كيف شاء، سارًّا أو مُحزِنًا، مُضحِكًا أو مُبكيًا، داعيًا إلى الثورة أو إلى السكينة. وإذاً فأُسُس الخَطابة: " مشافهة، وجمهور، وإقناع، واستمالة ". (10). مفهوم الخطابة وانواعها: الخُطبة: كلام يُلقى في جموع الناس، بهدف إقناعهم بالفكرة التي يدعو إليها الخطيب، والتأثير فيهم بما يبديه من حُجَج وغيرها، ومن ثَمَّ استمالة عواطفهم للوقوف إلى جانبه في تأييد فكرته، والعمل على حسب ما يدعو إليه. وعرَّف عبد الجليل شلبي (الخطابة) بأنَّها: "أصول وقواعد ترشد الإنسان إلى فن مخاطبة الجماهير، بطريقة إلقائية، تشتمل على الإقناع والاستمالة". وعرَّفها أبو زهرة، بأنَّها: "صفة راسخة في نفس المتكلِّم، يقتدر بها على التصرُّف في فنون القول؛ لمحاولة التأثير في نفوس السامعين، وحملهم على ما يراد منهم بترغيبهم وإقناعهم"(11). فالإلقاء الخطابي الناجح لا بُدَّ من وجود شرطين أساسين فيه، وهما: الإقناع والاستمالة؛ وذلك أنَّ كثيراً من الناس قد يقتنعون بأشياء في قرارة أنفسهم، ويوقنون بخطورة ما يصنعون، كشارب الخمر والدخان؛ ولكن هذه القناعة لا تغيِّر في سلوكهم شيئاً، ولا تدفعهم إلى التخلي عما هم فيه وَفق هذه القناعة، والعمل بما فيها. بل يحتاجون إلى قوة تأثيرية معيَّنة تدفعهم إلى الإقدام والصمود، ومغالبة العادة والإغراء الذي يوقعهم في الباطل(12). والخطيب البارع: هو الذي يتمكَّن من مخاطبة الجمهور، على اختلاف مداركهم، وثقافاتهم، وميولهم الفكرية والنفسية؛ بما يناسبهم من أفانين البيان، وطرائق الخطاب. أنواع الخطب: تتنوَّع الخطب باختلاف موضوعها وغرضها. وأشهر أنواعها هي: الخطب الدينية، والسياسية، والاجتماعية، والقضائية. هي التي تتناول دعوة الناس إلى الهدى ودين الحق، والتمسُّك بالقيم الدينية، والتنفير من فعل المنكرات، أو الترغيب في أنواع البر والخيرات، والتحلي بفضائل الأخلاق، ونحو ذلك مما يُلقى في المساجد ـ كما في خطبة الجمعة والأعياد ـ وما يتناوله الخطباء في المحافل والجمعيات الدينية، من شؤون السياسة، والاقتصاد، والمجتمع، من وجهة النظر الدينية، وما يهم المسلمين ويشغل بالهم من الأمور المستحدثة، والمسائل الجارية، والقضايا التي تتصل بمصالحهم. كما تشمل الخطب التي يلقيها قادة الجيوش في ساحات الجهاد، حثَّاً لجنودهم على القتال، وتحريضاً لهم على الاستبسال، وبيان ما أعدَّ الله للمجاهدين في سبيله من مكانة، وما أعدَّه للشهداء منهم من الجنان والحور العين، ونحو ذلك مما يناسب موضوع الجهاد في سبيل الله تعالى. وللناس استعداد طيب لقبول الخطب الدينية، والتأثُّر بما يلقيه الخطباء من الوعظ والتوجيه؛ بسبب ما يتمتع به موضوع الدِّين من مكانة في النفوس، ولارتباطه بحياة المتدينين في الحياة وبعد الممات(13). ثانياً: الخطب الاجتماعية: هي الخطب التي تلقى في الاحتفالات العامة أو الخاصة؛ بغرض تكريم أو استقبال أو وداع أو تهنئة أو نحو ذلك. ويتناول بعضها المشكلات الاجتماعية بعامة، وتلك التي ظهرت في العصر الحديث، نتيجة نمو الوعي الاجتماعي؛ مثل: مشكلات الفقر، والغلاء، والتشرُّد، ورعاية الطفولة، وسوء الأحوال الصحية، ومشكلات المرأة، وقضايا العمال... ونحوها. ثالثاً: الخطب السياسية: هي الخطب التي تتناول شؤون الحكم والدّولة، وعلاقة الأفراد والجماعات بها من حقوق وواجبات. أو تلك التي تتصل بأمور الدّولة الداخلية أو أمورها الدّولية. وتشمل الخطب التي تلقى في المجالس النيابية أو الشورية للنظر في شؤون الدولة وأمور الرعية، أو تلك التي تُلقى في المؤتمرات السياسية، والصراعات الانتخابية، ونحوها. رابعاً: الخطب القضائية: ويُراد بها ما يُلقى في المحاكم وأثر القضاء من خطب؛ كتلك التي يلقيها المحامون أو أعضاء النيابة أمام القضاة في قاعات المحاكم. ويعتمد الخطيب في مثل هذا النوع من الخطب؛ على عرض القضية في وضوح وجلاء، بعد تكييفها في حدود القوانين، ووَفق مواد القانون التي تختص بالقضية موضوع النظر(14). خامساً: الخطبة الجهادية: تعتبر الخطبة التي يلقيها الخطيب للمجاهدين الذين يتوجهون لساحة القتال شيء مهم وضروري لحثهم على الجهاد ورفع الروح المعنوية عندهم وتثبيتهم عند احتدام المعركة وتذكيرهم انهم يقاتلون في سبيل الله وانهم اذا استشهدوا فهم فائزون بالجنة وانهم اذ انتصروا فهم سيرفعون راية الاسلام ويعلون كلمته وتكون على عاتقهم مهمة عزه الاسلام ونصره (15). هناك جملة من المقومات التي ترتكز عليها الخطبة الناجحة إذا ما أريد لها التأثير في الاخرين وتحقيق الغاية من الخطابة ومن تلك المقومات ما يأتي: 1. مراعاة الكلام لمقتضى الحال: فيتوسم الداعية حال السامعين، ليعرف مبلغ طاقتهم وقدر استحقاقهم وإقبالهم على الانتفاع ليعطيهم ما يتحملون، ويمسك عما لا يطيقون، ويوجز إذا خشي الملالة والانصراف(16)، وقد روى جابر بن سمرة (17) قال: (كنت أصلي مع رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فكانت صلاته قصدا وخطبته قصدا(18)، كما اعتبر (صلى الله عليه وآله) قصر خطبة الرجل من علامات فقه الرجل، فقال: ((إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته، مَئِنَّةٌ من فقهه، فأطيلوا الصلاة، اقصروا الخطبة(((19)، وذلك بأن يوجز الخطبة مع الاستيعاب لجميع عناصرها. 2. التفاعل الصادق المخلص أثناء الخطابة(20): فإن هذا مما يثير المشاعر النفسية عند المدعوين، ويلفت أنظارهم، ويجذب انتباههم، إضافة إلى المشاركة الوجدانية من الداعية مع المدعوين، وبيان تأثره بكل ما يتحدث به إليهم(21) وقد ورد عنه أنه كان إذا خطب وأنذر بيوم القيامة احمر وجهه وعلا صوته كأنه منذر جيش، كما روى الإمام مسلم: (كان إذا خطب، احمرت عيناه، وعلا صوته، واشتد غضبه، حتى كأنه منذر جيش يقول صبحكم مساكم)(22)، وهذه الهيئة الخطابية تنم عن تواصل مباشر بين النبي (صلى الله عليه وآله) وبين خالقه (جلَّ وعلا) حيث لا ينطق عن هوى، ولا حاجة به إلى التصنع والتكلف وإنَّما تنساق له العبارات انسياقاً وهو يُقلبها كيف يشاء. 3. الوضوح: وهذا يعني اختيار الألفاظ المفهومة والعبارات السهلة، مع مراعاة مستوى السامعين الثقافي والتيسير عليهم، وتفصيل المجمل من الكلام وتوضيحه(23). فيكون حديثه واضحا بينا، يفهمه السامعون، ولا ينتقل من فكرة أو من عنصر إلى آخر، إلا وهو متأكد من استيعابهم له ما أمكن، مع مراعاة الفروق الفردية في القدرة على الاستيعاب، وذلك بأن ينوع في طرق العرض، وأساليب الكلام، لتوضيح مقصده كالتكرار والتأني في الكلام، ويراعي حسن النطق، وتجويد الكلمات والحروف(24). 4. تميزت خطبه (صلى الله عليه وآله) باشتمالها على عناصر الخطبة الجيدة: مثل تقسيمها إلى عناصر وأفكار رئيسية، فيبتدئ بالبداية الملائمة ثم يذكر ما يريد ثم ينهي بالخاتمة الملائمة، لأن الخطبة تحتاج إلى مقدمة تهيئ أذهان المدعوين لسماعها، ومما كان يبدأ به (صلى الله عليه وآله) حمد الله تعالى والثناء عليه والتشهد، ثم يعرض الموضوع ويفصله تفصيلا مناسبا. وفي خطب الفتح اشتملت خطبه على العديد من التشريعات المهمة والتذكير بالله تعالى، والموعظة الحسنة وغير ذلك من العناصر، ثم ختمها بما يؤكد عرضه ومما ختم به خطبته يوم الفتح، تكليفه السامعين بحمل أمانة التبليغ لمن وراءهم بقوله: ((وليبلغ الشاهد الغائب))(25). 5. التنويع فيها تبعا لموضوعها، ومراعاة لحال المستمعين: فإذا كان المدعوون بحاجة إلى التخويف والترهيب، ذكرهم بعذاب الله، وإن رأى فيهم يأسا وقنوطا ووجلا شديدا، ذكرهم بعظيم رحمة الله وسعة رحمته وأشاع في قلوبهم ما يطمئنهم وينيب قلوبهم، كما فعل (صلى الله عليه وآله وسلم) في أول خطبة له في مكة، حين أعطى الأمان لقريش، وقال: ((اذهبوا فأنتم الطلقاء)) (26). 6. استغلال هذه الوسيلة تربوياً، فعند تأمل موقفه (صلى الله عليه وآله) مع قضية المرأة المخزومية التي استشفع لها أسامة (رضي الله عنه)، يتبين له أثر الخطبة في التربية، فقد أنكر (صلى الله عليه وآله) على أسامة شفاعته قائلا: أتشفع في حد من حدود الله. ثم لم يكتف بهذا الاستفهام المشبع بالمرارة واللوم لكنه بادر في عشية ذلك اليوم دون تأجيل وجمع القوم ووقف فيهم خطيبا وقال: أما بعد، فإنما أهلك الناس قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، والذي نفس محمد بيده، لو أن فاطمة بنت محمد سرقت، لقطعت يدها(27). 7. استعمال العوامل الموقظة لعقول السامعين، والمثيرة لحماسهم واهتمامهم: ومن ذلك توجيه الأسئلة للمخاطبين، فذلك يهيئ أنفسهم للاستجابة والانقياد، -حيث أن المسئول غالبا في موقف أضعف من السائل- وهذا الشعور يحتاجه الخطيب ليعي الناس كلامه وما يهدف إليه(28)، وذلك كسؤال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لقريش: ((ما ترون أني فاعل بكم؟)) 8. استخدام الأساليب البلاغية، مثل التوافق في تقسيم الجمل، كقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): ((تؤخذ صدقاتهم في ديارهم، ويجير على المسلمين أدناهم، ويرد على المسلمين أقصاهم))(29). واستخدام أسلوب التأكيد، كقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): ((لقد قتلتم قتيلا لأدينَّه))(30). وكذلك استخدامه القسم في قوله: ((والذي نفس محمد بيده)) مع المبالغة إلى جانب التأكيد على إقامة الحدود، بأن ذلك لو وقع من فاطمة رضي الله عنها - وهي أبعد الناس عن ذلك - لأقام عليها الحد. فضلاً عن استخدام أسلوب المقابلة، فذكر في خطبته الشريف ثم ذكر الضعيف، وذكر البر التقي الكريم على الله، ثم ذكر الفاجر الشقي الهين على الله. إلى غير ذلك من المزايا التي ساعدت على إنجاح هذه الوسيلة، مما جعلها ذات آثار مباركة في تبليغ الدعوة(31). الخطبة الغراء للإمام علي بن ابي طالب (عليه السلام) من خطبة له، وهي من الخطب العجيبة: (الحمد لله الذي علا بحوله، ودنا بطوله (32). مانح كل غنيمة وفضل،. وكاشف كل عظيمة وأزل. أحمده على عواطف كرمه، وسوابغ نعمه. وأؤمن به أولا باديا، وأستهديه قريبا هاديا، وأستعينه قاهرا قادرا، وأتوكل عليه كافيا ناصرا. وأشهد أن محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) عبده ورسوله؛ أرسله لإنفاذ أمره، وإنهاء عذره، وتقديم نذره. أوصيكم عباد الله بتقوى الله الذي ضرب الأمثال، ووقت لكم الآجال. وألبسكم الرياش وأرفغ لكم المعاش (33). وأحاط بكم الإحصاء (34)، وأرصد (35) لكم الجزاء، وآثركم بالنعم السوابغ، والرفد الروافغ، وأنذركم بالحجج البوالغ. فأحصاكم عددا، ووظف لكم مددا، في قرار خبرة، ودار عبرة، أنتم مختبرون فيها، ومحاسبون عليها.فإن الدنيا رنق (36) مشربها، ردغ (37) مشرعها، يونق منظرها، ويوبق مخبرها. غرور حائل، وضوء آفل، وظل زائل، وسناد مائل. حتى إذا أنس نافرها، واطمأن ناكرها؛ قمصت (38) بأرجلها، وقنصت بأحبلها، وأقصدت بأسهمها، وأعلقت المرء أوهاق (39) المنية قائدة له إلى ضنك المضجع، ووحشة المرجع، ومعاينة المحل، وثواب العمل. وكذلك الخلف بعقب السلف. لا تقلع المنية اختراما (40) ولا يرعوي الباقون اجتراما. يحتذون مثالا ويمضون أرسالا (41)، إلى غاية الانتهاء، وصيور الفناء. حتى إذا تصرمت الامور، وتقضت الدهور، وأزف (42) النشور؛ أخرجهم من ضرائح القبور، وأوكار الطيور، وأوجرة (43) السباع، ومطارح المهالك، سراعا إلى أمره، مهطعين(44) إلى معاده. رعيلا صموتا، قياما صفوفا. ينفذهم البصر، ويسمعهم الداعي. عليهم لبوس الاستكانة، وضرع الاستسلام والذلة. قد ضلت الحيل، وانقطع الأمل. وهوت الأفئدة كاظمة، وخشعت الأصوات مهينمة (45). وألجم (46) العرق، وعظم الشفق، وأرعدت الأسماع لزبرة الداعي إلى فصل الخطاب، ومقايضة الجزاء، ونكال العقاب، ونوال الثواب. عباد مخلوقون اقتدارا، ومربوبون اقتسارا، ومقبوضون احتضارا، ومضمنون أجداثا، وكائنون رفاتا (47). ومبعوثون أفرادا، ومدينون جزاء، ومميزون حسابا. قد أمهلوا في طلب المخرج، وهدوا سبيل المنهج، وعمروا مهل المستعتب، وكشفت عنهم سدف (48) الريب، وخلوا لمضمار الجياد، وروية الارتياد، وأناة المقتبس المرتاد، في مدة الأجل، ومضطرب المهل. فيالها أمثالا صائبة، ومواعظ شافية، لو صادفت قلوبا زاكية، وأسماعا واعية، وآراء عازمة، وألبابا حازمة! فاتقوا الله تقية من سمع فخشع، واقترف فاعترف، ووجل فعمل، وحاذر فبادر، وأيقن فأحسن، وعبر فاعتبر، وحذر فحذر، وزجر فازدجر، وأجاب فأناب، وراجع فتاب، واقتدى فاحتذى، واري فرأى، فأسرع طالبا، ونجا هاربا، فأفاد ذخيرة، وأطاب سريرة. وعمر معادا، واستظهر زادا ليوم رحيله، ووجه سبيله، وحال حاجته، وموطن فاقته، وقدم أمامه، لدار مقامه. فاتقوا الله عباد الله جهة ما خلقكم له، واحذروا منه كنه ما حذركم من نفسه، واستحقوا منه ما أعد لكم بالتنجز (49) لصدق ميعاده، والحذر من هول معاده. ومنها: جعل لكم أسماعا لتعي ما عناها، وأبصارا لتجلو عن عشاها، وأشلاء (50)جامعة لأعضائها، ملائمة لأحنائها (51)، في تركيب صورها ومدد عمرها، بأبدان قائمة بأرفاقها (52)، وقلوب رائدة لأرزاقها، في مجللات (53) نعمه، وموجبات مننه، وحواجز عافيته. وقدر لكم أعمارا سترها عنكم، وخلف لكم عبرا من آثار الماضين قبلكم؛ من مستمتع خلاقهم (54)، ومستفسح خناقهم (55). أرهقتهم (56) المنايا دون الآمال، وشذبهم عنها(57) تخرم الآجال. لم يمهدوا في سلامة الأبدان، ولم يعتبروا في أنف (58) الأوان. فهل ينتظر أهل بضاضة (59) الشباب إلا حواني الهرم؟ وأهل غضارة (60) الصحة إلا نوازل السقم؟ وأهل مدة البقاء إلا آونة الفناء؟ مع قرب الزيال، وأزوف الانتقال، وعلز (61) القلق، وألم المضض وغصص الجرض (62)، وتلفت الاستغاثة بنصرة الحفدة والأقرباء والأعزة والقرناء! فهل دفعت الأقارب أو نفعت النواحب، وقد غودر في محلة الأموات رهينا، وفي ضيق المضجع وحيدا، قد هتكت الهوام جلدته، وأبلت النواهك جدته، وعفت (63) العواصف آثاره، ومحا الحدثان (64) معالمه، وصارت الأجساد شحبة بعد بضتها، والعظام نخرة بعد قوتها، والأرواح مرتهنة بثقل أعبائها، موقنة بغيب أنبائها، لا تستزاد من صالح عملها، ولا تستعتب من سيئ زللها! أولستم أبناء القوم والآباء، وإخوانهم والأقرباء، تحتذون أمثلتهم، وتركبون قدتهم(65) وتطؤون جادتهم؟!. فالقلوب قاسية عن حظها، لاهية عن رشدها، سالكة في غير مضمارها، كأن المعني سواها، وكأن الرشد في إحراز دنياها! واعلموا أن مجازكم على الصراط ومزالق دحضه (66) وأهاويل زلله، وتارات أهواله. فاتقوا الله عباد الله تقية ذي لب شغل التفكر قلبه، وأنصب الخوف بدنه، وأسهر التهجد غرار (67) نومه، وأظمأ الرجاء هواجر (68) يومه، وظلف الزهد شهواته (69)، وأوجف الذكر بلسانه(70)، وقدم الخوف لأمانه، وتنكب المخالج (71) عن وضح السبيل، وسلك أقصد المسالك إلى النهج المطلوب، ولم تفتله فاتلات الغرور، ولم تعم عليه مشتبهات الامور. ظافرا بفرحة البشرى، وراحة النعمى في أنعم نومه وآمن يومه. وبادر من وجل، وأكمش (72) في مهل. ورغب في طلب، وذهب عن هرب، وراقب في يومه غده، ونظر قدما أمامه. فكفى بالجنة ثوابا ونوالا، وكفى بالنار عقابا ووبالا! وكفى بالله منتقما ونصيرا! وكفى بالكتاب حجيجا وخصيما! أوصيكم بتقوى الله الذي أعذر بما أنذر، واحتج بما نهج، وحذركم عدوا نفذ في الصدور خفيا، ونفث في الآذان نجيا (73)؛ فأضل وأردى، ووعد فمنى، وزين سيئات الجرائم، وهون موبقات العظائم. حتى إذا استدرج قرينته (74)، واستغلق رهينته، أنكر ما زين، واستعظم ما هون، وحذر ما أمن. أم هذا الذي أنشأه في ظلمات الأرحام، وشغف (75) الأستار، نطفة دهاقا (76)، وعلقة محاقا، وجنينا وراضعا، ووليدا ويافعا. ثم منحه قلبا حافظا، ولسانا لافظا، وبصرا لاحظا؛ ليفهم معتبرا، ويقصر مزدجرا. حتى إذا قام اعتداله، واستوى مثاله؛ نفر مستكبرا، وخبط سادرا (77)، ماتحا في غرب (78) هواه، كادحا سعيا لدنياه، في لذات طربه، وبدوات أربه (79)، ثم لا يحتسب رزية، ولا يخشع تقية. فمات في فتنته غريرا (80)، وعاش في هفوته يسيرا. لم يفد عوضا، ولم يقض مفترضا. دهمته فجعات المنية في غبر (81) جماحه، وسنن مراحه، فظل سادرا، وبات ساهرا، في غمرات الآلام، وطوارق الأوجاع والأسقام، بين أخ شقيق، ووالد شفيق، وداعية بالويل جزعا، ولادمة (82) للصدر قلقا. والمرء في سكرة ملهثة، وغمرة (83) كارثة، وأنة موجعة، وجذبة مكربة، وسوقة متعبة. ثم أدرج في أكفانه مبلسا (84)، وجذب منقادا سلسا. ثم القي على الأعواد رجيع وصب (85)، ونضو(86) سقم، تحمله حفدة الولدان، وحشدة الإخوان، إلى دار غربته، ومنقطع زورته، ومفرد وحشته. حتى إذا انصرف المشيع، ورجع المتفجع؛ اقعد في حفرته، نجيا لبهتة السؤال، وعثرة الامتحان. وأعظم ما هنالك بلية نزول الحميم، وتصلية الجحيم، وفورات السعير، وسورات (87) الزفير. لا فترة مريحة، ولا دعة مزيحة، ولا قوة حاجزة، ولا موتة ناجزة، ولا سنة مسلية بين أطوار الموتات وعذاب الساعات، إنا بالله عائذون! عباد الله! أين الذين عمروا فنعموا، وعلموا ففهموا، وانظروا فلهوا وسلموا فنسوا!. أمهلوا طويلا، ومنحوا جميلا، وحذروا أليما، ووعدوا جسيما. احذروا الذنوب المورطة، والعيوب المسخطة. اولي الأبصار والأسماع، والعافية والمتاع! هل من مناص أو خلاص، أو معاذ أو ملاذ، أو فرار أو محار (88) أم لا؟ ﴿فأنى تؤفكون﴾(89)! أم أين تصرفون! أم بماذا تغترون! وإنما حظ أحدكم من الأرض ذات الطول والعرض قيد (90) قده، متعفرا على خده! الآن عباد الله والخناق مهمل، والروح مرسل، في فينة(91) الإرشاد، وراحة الأجساد، وباحة الاحتشاد، ومهل البقية، وانف المشية، وإنظار التوبة، وانفساح الحوبة (92) قبل الضنك والمضيق، والروع والزهوق، وقبل قدوم الغائب المنتظر، وأخذة العزيز المقتدر (93). المبحث الثاني الخطبة الجهادية دراسة موضوعية: تعتبر الخطبة التي يلقيها الخطيب للمجاهدين الذين يتوجهون لساحة القتال شيء مهم وضروري لحثهم على الجهاد ورفع الروح المعنوية عندهم وتثبيتهم عند احتدام المعركة وتذكيرهم انهم يقاتلون في سبيل الله وانهم اذا استشهدوا فهم فائزون بالجنة وانهم اذ انتصروا فهم سيرفعون راية الاسلام ويعلون كلمته وتكون على عاتقهم مهمة عزه الاسلام ونصره (94) ومن اجل دراسة الخطة الجهادية دراسية موضوعية سنتناول الخطبة الجهادية لأمير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام) انموذجاً. الخطبة الجهادية لأمير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام) انموذجاً الخطبة السابعة والعشرين من نهج البلاغة وتعد من مشاهير خطب الامام امير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع)، تحمل الطابع السياسي والاجتماعي والعقائدي، حيث يذكر فيها الامام علي (ع) فضل الجهاد في سبيل اللّه والدعوة اليه، وتخاذل اصحابه عن نصرة الدين... علما ان الجهاد ركن من اركان الدين حيث يقول الباري سبحانه: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ) (95). فنبدأ الان بشرحها ثم الوقوف على مقوماتها من الافكار والعواطف والاسلوب ونختم الحديث بمقارنة مع ابن نباتة. أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ الجِهَادَ(96) بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الجَنَّةِ، فَتَحَهُ اللهُ لِخَاصَّةِ أَوْلِيَائِهِ، وَهُوَ لِباسُ التَّقْوَى، وَدِرْعُ اللهِ الحَصِينَةُ، وَجُنَّتُهُ (97)الوَثِيقَةُ، فَمَنْ تَرَكَهُ رَغْبَةً عَنْهُ(98) أَلبَسَهُ اللهُ ثَوْبَ الذُّلِّ، وَشَمِلَهُ البَلاَءُ، وَدُيِّثَ (99) بِالصَّغَارِ وَالقَمَاءَةِ (100)، وَضُرِبَ عَلَى قَلْبِهِ بِالْأَسْهَابِ(101)، وَأُدِيلَ الحَقُّ مِنْهُ (102) بِتَضْيِيعِ الجِهَادِ، وَسِيمَ الخَسْفَ(103)، وَمُنِعَ النَّصَفَ(104). أَلاَ وَإِنِّي قَدْ دَعَوْتُكُمْ إِلَى قِتَالِ هؤُلاَءِ القَوْمِ لَيْلاً وَنَهَاراً، وَسِرّاً وَإِعْلاَناً، وَقُلْتُ لَكُمُ: اغْزُوهُمْ قَبْلَ أَنْ يَغْزُوكُمْ، فَوَاللهِ مَا غُزِيَ قَوْمٌ قَطُّ في عُقْرِ دَارِهِمْ(105) إِلاَّ ذَلُّوا، فَتَوَاكَلْتُمْ (106) وَتَخَاذَلتُمْ حَتَّى شُنَّتْ عَلَيْكُمُ الغَارَاتُ (107)، وَمُلِكَتْ عَلَيْكُمُ الْأُوْطَانُ. وَهذَا أَخُو غَامِد قَدْ وَرَدَتْ خَيْلُهُ الْأَنْبَارَ(108)، وَقَدْ قَتَلَ حَسَّانَ بْنَ حَسَّانَ البَكْرِيَّ، وَأَزَالَ خَيْلَكُمْ عَنْ مَسَالِحِهَا(109). وَلَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ الرَّجُلَ مِنْهُمْ كَانَ يَدْخُلُ عَلَى المَرْأَةِ المُسْلِمَةِ، وَالْأُخْرَى المُعَاهَدَةِ (110)، فيَنْتَزِعُ حِجْلَهَا(111) وَقُلْبَهَا(112) وَقَلاَئِدَهَا، وَرِعَاثَهَا (113)، ما تَمْتَنِعُ مِنْهُ إِلاَّ بِالْإِسْتِرْجَاعِ وَالْإِسْتِرْحَامِ(114)، ثُمَّ انْصَرَفُوا وَافِرِينَ(115)، مَا نَالَ رَجُلاً مِنْهُمْ كَلْمٌ (116)، وَلاَ أُرِيقَ لَهُمْ دَمٌ، فَلَوْ أَنَّ امْرَأً مُسْلِماً مَاتَ مِن بَعْدِ هَذا أَسَفاً مَا كَانَ بِهِ مَلُوماً، بَلْ كَانَ بِهِ عِنْدِي جَدِيراً. فَيَا عَجَباً! عَجَباًـ وَاللهِ ـ يُمِيتُ القَلْبَ وَيَجْلِبُ الهَمَّ مِن اجْتِماعِ هؤُلاَءِ القَوْمِ عَلَى بَاطِلِهمْ، وَتَفَرُّقِكُمْ عَنْ حَقِّكُمْ! فَقُبْحاً لَكُمْ وَتَرَحاً(117)، حِينَ صِرْتُمْ غَرَضاً (118) يُرمَى: يُغَارُ عَلَيْكُمْ وَلاَ تُغِيرُونَ، وَتُغْزَوْنَ وَلاَ تَغْرُونَ، وَيُعْصَى اللهُ وَتَرْضَوْن! فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِالسَّيْرِ إِلَيْهِم فِي أَيَّامِ الحَرِّ قُلْتُمْ: هذِهِ حَمَارَّةُ القَيْظِ(119) أَمْهِلْنَا يُسَبَّخُ عَنَّا الحَرُّ(120)، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِالسَّيْرِ إِلَيْهِمْ فِي الشِّتَاءِ قُلْتُمْ: هذِهِ صَبَارَّةُ القُرِّ(121)، أَمْهِلْنَا يَنْسَلِخْ عَنَّا البَرْدُ، كُلُّ هذا فِرَاراً مِنَ الحَرِّ وَالقُرِّ; فَإِذَا كُنْتُمْ مِنَ الحَرِّ وَالقُرِّ تَفِرُّونَ فَأَنْتُمْ وَاللهِ مِنَ السَّيْفِ أَفَرُّ! يَا أَشْبَاهَ الرِّجَالِ وَلَارِجَالَ. حُلُومُ الْأَطْفَالِ. وَعُقُولُ ربَّاتِ الْحِجَالِ. لَوَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَعْرِفْكُمْ. مَعْرِفَةٌ وَاللّهِ جَرَّتْ نَدَما وَاعْقَبَتْ سَدَما. قَاتَلَكُمُ اللّهُ لَقَدْ مَلاُتُمْ قَلْبِي قَيْحا. وَشَحَنْتُمْ صَدْرِي غَيْظا. وَجَرَّعْتُمُونِي نُغَبَ التَّهْمَامِ أَنْفَاسا. وَأفَسَدْتُمْ عَلَيِّ رَأيِي بِالْعِصْيَانِ وَالْخِذْلَانِ حَتَّى لَقَدْ قَالَتْ قُرَيْشٌ إنَّ ابْنَ أَبِي طَالِبٍ رَجُلٌ وَلكِنْ لَاعِلْمَ لَهُ بِالْحَرْبِ. للّهِ أَبُوهُمْ! وَهَلْ أَحَدٌ مَنْهُمْ أَشَدُّ لَهَا مِرَاسا وَأَقْدَمُ فِيهَا مَقَاما مِنِّي؟ لَقَدْ نَهَضْتُ فِيهَا وَمَا بَلَغْتُ الْعِشْرِينَ، وَهَا أَنَا ذَا قَدْ ذَرِّفْتُ عَلَي السِّتِّينَ. وَلكِنْ لَا رَأيَ لَمِنْ لَا يُطَاعُ. وعلة ذلك كما ذكرها صاحب الكامل (انه انتهى الى علي بن ابي طالب (عليه السلام) ان خيلاً لمعاوية وردت الانبار فقتلوا عاملا له يقال له حسان بن حسان، فخرج مغضبا يجر ثوبه حتى اتى النخلية، واتبعه الناس، فرقى رباوة من الارض فحمد اللّه واثنى عليه، وصلى على نبيه (ص) ثم قال اما بعد فان الجهاد....)(122). هذا وان الحملة كانت عنيفة جدا كما اشار اليها ابن ابي الحديد نقلا عن كتاب الغارات (انه قال (الغامدي)، دعاني معاوية فقال: اني باعثك في جيش كثيف ذي اداة وجلاد، فالزم لي جانب الفرات حتى تمر بهيت فتقطعها، فان وجدت بها جندا فاغر عليهم، والا فامض حتى تغير على الانبار، فان لم تجد بها جندا فأمض حتى توغل المدائن، ثم اقبل الي، واتق ان تقرب الكوفة، واعلم انك ان اغرت على اهل الانبار واهل المدائن فكأنك اغرت على الكوفة ان هذه الغارات يا سفيان على اهل العراق ترعب قلوبهم، وتفرح كل من له فينا هوى منهم، وتدعو الينا كل من خاف الدوائر (المصائب والشدائد)، فاقتل من لقيته ممن لس هو على مثل رايك، واخرب كل ما مررت به من القرى واحرب الاموار (اسلب) فان حرب الاموال شبيه بالقتل وهو اوجع للقلب...) (123). شرح الخطبة: قيل ان كلام الملوك ملوك الكلام، وبناء على هذا فان كلام المعصوم ما هو الا عصمة للكلام، فانك تجد في هذه الخطبة ان الحديث جاء مناسبا للمخاطبين، بلا لغو ولا ابهام، يصب في الضمائر الحية حميم الغضب ضد اعداء الدين، يذكر هم اولا بفضل الجهاد في سبيل اللّه والتمسك بسنة رسوله(صلى الله عليه وآبه وسلم)، والترغيب في الدخول الى الجنان، والجلوس عند الحور الحسان، ومن جانب آخر يحذهم نار جهنم وغضب الجبار، ثمَّ يحذرهم من الذال والاحتقار عند ترك الجهاد، وكان هذا العمل منه دؤوبا، يدعو هم ليلا ونهارا، سرا واعلانا، ثم بدا باستنهاض الهمم العالية للرجال، وترغيبهم للقتال، واثارة الحماسة في قلوب الجماهير، من قبل ان يستفحل الامر، وينقادوا لسيطرة الاجنبي، ولكن لا امر لمن لا يطاع، حينئذ استصرخ ضمائرهم، وحاول ان يحرك الوجدان لديهم، وذلك لما ذكر المرأة التي تعد ناموساً وعرضا للإنسان العربي المسلم، وبين كيف تجاوز عليها الاعداء، وسلبوا منها الذهب من خلخال وسوار وقلادة وقرط وفي النهاية يبدي الامام علي (عليه السلام) اسفه الشديد بالموت لسماع هذه الاخبار الموحشة، وبهذه الجمل عساه ان يكتسب الاعوان وينفروا معه الى سوح القتال، ولكن للأسف الشديد، لقد ماتت الضمائر الحية، وخرست الالسن الناطقة، وكان الموت يرفرف على رؤوسهم، فرارا من الزحف، واخيرا دعى عليهم بقوله: قبحا لكم وترحا، وان ينحيهم اللّه عن الخير، ذاما لهم بقوله: قاتلكم اللّه لقد ملئتم قلبي قيحا (صديدا) وشحنتم (ملاتم) صدري غيظا(غضبا) وجرعتموني نغب (جرع) التهمام (الهم) انفاسا... فهو (ع) يذكر في خطابه هذا بعض المحن التي لاقاها من الكوفيين(124). احتوت الخطبة على البحوث التالية: فضل الجهاد، الدعوة اليه، تخاذل الكوفيين عن نصرته، الرؤية المستقبلية، اظهار التحسر والتلف عليهم، التنفر منهم، واخيرا ذمهم. العاطفة: نشير قليلا الى تجلي عنصر العاطفة في هذه الخطبة فنقول، اولاً: انه (ع) خاطب الوجدان، حيث خاطب الامام (ع) نفسه الكريمة والمستمعين قائلا: اني قد دعوتكم الي قتال هؤلاء القوم ليلا ونهار او...و...، فانك ترى من خلال الكلام، نفسه (ع) مطمئنة ارتياحاً، لأنه ادى الواجب الملقى على عاتقه بقوله: دعوتكم ليلا ونهارا... ولكن المستمعين اتخذوا التواكل والخذلان طريقا لهم كي لا يفلحوا ابدا، والحال هم المسؤولون امام هذا الخراب والدمار لانهم هم المستهدفون والمقصرون في اداء واجباتهم، ورضوا بالغزو وتمسكوا بالمعاذير الواهية. ثانيا: تحريك المشاعر، فانه (ع) اثار الاحاسيس لدى المخاطبين عن طريق حب الوطن، حيث قال: وملكت عليكم الاوطان، فاحتلال الوطن من قبل الاعداء يثير الغضب عند الجمهور حتى يصل بهم الحال الى الاخذ بالثأر من المعتدين، وكما يقول الرسول العظيم (ص): حب الوطن من الايمان، وكذلك آثار المشاعر عن طريق العرض، فانظر الى تدرجه في اثارة العاطفة لدى الجماهير الحاشدة، فانه (ع) ابتدأ بذكر المرأة المسلمة ثم المعاهدة، ثم تدرج في كلامه من سلب الحجل (الخلخال) في الاقدام وصعوده الى السوار في المعاصم (الايدي) والى القلادة في الجيد، واخيرا الى القرط في الاذان، فمع هذا التصاعد يتصاعد لهيب الحماسة والغيرة وتثار الحمية في النفوس وتشحنها حقدا وحنقا على العدو علما انه (ع) كان يعلم ما للمسلم من بذل نفسه وماله للحفاظ على سمعة المرأة وعلى شرف الفتاة، فاذا هو يعنف هؤلاء القوم على القعود دون نصرة المرأة التي استباح العدو حماها ثم انصرفوا امنين من دون مقاومة وكذلك اثار مشاعر الجمهور عن طريق اثارة الشعور الديني، حيث يقول (عليه السلام) فيا عجبا عجبا، واللّه يميت القلب ويجلب الهم (125) من اجتماع هؤلاء القوم على باطلهم وتفرقكم عن حقكم... صرتم غرضا (هدفا) يرمى، يغار عليكم ولا تغيرون، تغزون ولا تغزون، ويعصى اللّه وترضون، فكل من التفرق عند الدين الحق، وعصيان الرب. الخيال والبلاغة: في قوله (عليه السلام): لباس التقوى، وثوب الذل، استعارتان، ففي لباس التقوى، استعارة مكنية، شبه التقوى بإنسان وحذف المشبه به وابقى بعض صفاته لتدل عليه، وهو لباس، على سبيل الاستعارة المكنية، وهكذا القول بالنسبة لقوله (عليه السلام) ثوب الذل. وفي قوله (عليه السلام): ليلا ونهارا، سرا واعلانا، مقابلة، وكذا في قوله (عليه السلام): يغار عليكم ولا تغيرون وتغزون ولا تغزون، طباق سلب، وبين الحر والقر جناس ناقص، وفي عبارة: عجبا واللّه يميت القلب ويجلب الهم من اجتماع هؤلاء....صناعة بديعية تؤكد على القسم(126) الذي فيه هجاء. الاسلوب: اولاً: متأثر بالقران الكريم كما يلوح للناظر، وذلك اما عن طريق الاقتباس مباشرة كما في العبارات التالية: ١- قوله (ع): وهو لباس التقوى، مقتبس من قوله تعالى: قد انزلنا عليكم لباسا يواري سؤاتكم وريشا ولباس التقوى (127). ٢- قوله (ع): دعوتكم ليلا ونهارا وسرا واعلانا، مقتبس من قوله تعالى: رب اني دعوت قومي ليلا ونهارا...ثم دعوتهم جهارا... واسررت لهم اسرارا(128). ٣- قوله (ع) وهذا اخو خامد، مقتبس من قوله تعالى: (والى مدين اخاهم شعيبا) (129). واما الاقتباس غير المباشر فتصوره الامثلة التالية: ١- قوله (ع): وديث بالصغار، مشابه لقوله تعالى: زين للذين كفروا الحياة الدنيا(130). 2- قوله (ع): وضرب على قلبه بالاسهاب، مشابه لقوله تعالى: طبع على قلوبهم فهم لا يفقهون(131). ٣- قوله (ع): واديل الحق منه، نظير قوله تعالى: قال قد اجيبت دعوتكما (132). 4- قوله (ع): وسيم الخسف، يشابه قوله تعالى: وقيل يا ارض ابلعي ماءك ويا سماء اقلعي وغيض الماء(133). الفصاحة: وهي من ابرز الصفات عند الامام علي (ع)، حيث قيل في شان نهج البلاغة انّه دون كلام الخالق وفوق كلام المخلوق. فأولاً: الكلمات الفصيحة والبليغة جاءت مناسبة لمواقعها من هذه الخطبة، فأدنى تغير في المحل او استخدام المرادف لاختلف المعنى ؛ فعلى سبيل المثال نأخذ كلمة (تواكلتم) في هذه الجملة (فتواكلتم وتخاذلتم...)، لو عوضت بكلمة (تعاجزتم)، لما ادت ذلك المعنى الملقاة على عاتق (تواكلتم)، فالكلمة الاولى فيها معنى الفرار من المسؤولية وهو غير معذور، والحال الكملة الثانية ترى العجز عذرا. ثانياً: اتخاذ الجمل الإنشائية والخبرية منطلقا في الكلام، فتارة يميل الى الانشائية كقوله (ع): قلت لكم اغزوهم (امرية) قبل ان يغزوكم؛ فواللّه (قسم) ما غزى قوم... واخرى يستعين بالخبرية كقوله (ع): فتواكلتم وتخاذلتم حتى شنت عليكم الغارات وملكت عليكم الاوطان... فالتنوع هذا جاء حسب ما يقتضيه المعنى حيث يجعل القارئ يتمتع بالكلام ولا يمل الخطاب، وهذه الصبغة الحاكمة على ارجاء الخطبة. موازنة: من اجل الوقوف على الصياغة الادبية، ومن اجل بيان محاسن الخطبة الجهادية لمولانا امير المؤمنين (ع)، نشير هنا الى مقايستين قام بهما ابن ابي الحديد في شرحه. فالأولى: القران الكريم والامام علي (ع)، يقول ابن ابي الحديد: (فان شئت ان تزداد استبصارا، فانظر القران العزيز، واعلم ان الناس قد اتفقوا على انه في اعلى طبقات الفصاحة، وتامله تاملا شافيا، وانظر الى ما خص به من مزية الفصاحة والبعد عن التعقر(134) والتعقيد والكلام الوحشي الغريب، وانظر الى كلام امير المؤمنين(عليه السلام) فانك تجده مشتقا من الفاظه، ومقتضبا من معانيه ومذاهبه ومحذوا به حذوه، ومسلوكا به في منهاجه، فهو وان لم يكن نظيرا ولا ندا، يصلح ان يقال انه ليس بعده كلام افصح منه ولا اجزل ولا اعلى ولا افخم ولا انبل الا ان يكون كلام ابن عمه عليه السلام، وهذا امر لا يعلمه الا من ثبت له قدم راسخة في علم هذه الصناعة، وليس كل الناس (العلماء) يصلح لانتقاد الجوهر، بل ولا لانتقاد الذهب، ولكل صناعة آلة ولكل عمل رجال) (135). واما الثانية: الامام علي (عليه السلام) وابن نباتة: يقول ابن ابي الحديد (واعلم ان التحريض على الجهاد، والحض عليه قد قال فيه الناس فاكثروا، وكلهم أخذوا من كلام امير المؤمنين (عليه السلام)، فمن جيد ذلك ما قاله ابن نباتة الخطيب: ايها الناس الى كم تسمعون الذكر فلا تعون، والى كم تقرعون بالزجر فلا تقلعون، كأن اسماعكم تمج ودائع الوعظ، وكأن قلوبكم بها استكبار عن الحفظ، وعدوكم يعمل في دياركم عمله، ويبلغ بتخلفكم عن جهاده امله، وصرخ بهم الشيطان الى باطله فأجابوه... فالجهاد الجهاد ايها الموقنون، والظفر الظفر ايها الصابرون، والجنة الجنة ايها الراغبون، والنار النار ايها الراهبون، فان الجهاد اثبت قواعد الايمان، واوسع ابواب الرضوان، وارفع درجات الايمان. السبب الداعي لإلقاء الخطبة الغراء: نُقل في سبب هذه الخطبة أنّ أهل الكوفة كانوا في آخر خلافته عليه السّلام قد فسدوا وكانوا قبائل متعدّدة فكان الرجل يخرج من منازل قبيلته فيمرّ بمنازل قبيلة أخرى فيقع به أدنى مكروه فيستعدي قبيلته، وينادى باسمها مثلا يا للنخع أو يا لكنده نداء عاليا يقصد به الفتنه وإثارة الشرّ فيتّألب عليه فتيان القبيلة الّتي قد مرّ بها وينادون يا لتميم يا لربيعة فيضربونه فيمرّ إلى قبيلته ويستصرخ بها وتسّل بينهم السيوف وتثور الفتنة، ولا يكون لها أصل في الحقيقة ولا سبب يعرف إلّا تعرّض الفتيان بعضهم ببعض، وكثر ذلك منهم فخرج عليه السّلام إليهم على ناقة فخطبهم هذه الخطبة (136). مضامين الخطبة الغراء تتوفر الخطبة الغراء على كثير من المضامين الاجتماعية والأخلاقية والتربوية والكلامية نشير الى نماذج منها. رفض العصبية: كان لخطب الإمام علي بن ابي طالب (عليه السلام) ومنها الخطبة الغراء الأثر البارز في ذم العصبية السلبية وتعزيز الروح الإنسانية في المجتمع وبيان قبح التفاخر بأمور لا ينبغي للإنسان جعلها المعيار في التفاضل والتفاخر، وأن العصبية والتعصب انتهاج للمنهج الشيطاني وسير على الجادة التي اختطها إبليس "ولو رخَّصَ اللهُ في الكبرِ لأحَد من عباده لرخَّصَ فيه لخاصَّةِ أَنبِيَائِهِ وأَوليائه"(137). الحث على التواضع: يحث أمير المؤمنين (عليه السلام)على التواضع والتذلل للمؤمنين والصالحين ويؤكد أن التواضع من الصفات التي ارتضاها سبحانه للأنبياء والصالحين "ورضِيَ لهم التَّوَاضُعَ، فأَلْصَقُوا بِالاَرْضِ خُدُودَهُمْ، وعفَّرُوا فِي التُّرَابِ وُجُوهَهُمْ، وَخَفَضُوا أَجْنِحَتَهُمْ لِلْمُؤمِنِينَ. قَدِ اخْتَبَرَهُمُ اللَّهُ بِالْمَخْمَصَةِ وابْتَلَاهُمْ بِالْمَجْهَدَةِ- وامْتَحَنَهُمْ بِالْمَخَاوِفِ ومَخَضَهُمْ بِالْمَكَارِهِ- فَلَا تَعْتَبِرُوا الرِّضَى والسُّخْطَ بِالْمَالِ والْوَلَدِ- جَهْلًا بِمَوَاقِعِ الْفِتْنَةِ- والِاخْتِبَارِ فِي مَوْضِعِ الْغِنَى والِاقْتِدَار، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ يَخْتَبِرُ عِبَادَهُ الْمُسْتَكْبِرِينَ فِي أَنْفُسِهِمْ- بِأَوْلِيَائِهِ الْمُسْتَضْعَفِينَ فِي أَعْيُنِهِم‏(138). الحث على التعصب المحمود: قال عليه السلام مشيراً الى بعض انواع العصبية المحمودة: فَإِنْ كان لا بُدَّ من العصبِيَّةِ- فليكنْ تعصُّبُكُمْ لمكارمِ الخصالِ- ومَحَامدِ الأَفعالِ ومحاسنِ الأُمُور- الَّتِي تَفَاضَلَتْ فِيهَا الْمُجَدَاءُ والنُّجَدَاءُ- مِنْ بُيُوتَاتِ الْعَرَبِ ويَعَاسِيبِ القَبَائِلِ- بِالأَخْلاقِ الرَّغِيبَةِ والأَحْلامِ الْعَظِيمَةِ- والأَخْطَارِ الجَلِيلَةِ والآثَار المحْمُودَةِ- فَتَعَصَّبُوا لخلالِ الحمدِ من الحفظِ لِلْجِوَارِ- والْوَفَاءِ بِالذِّمَامِ والطَّاعَةِ لِلْبِرِّ- والْمَعْصِيَةِ لِلْكِبْرِ والأَخْذِ بِالْفَضْلِ- والْكَفِّ عن الْبَغْيِ والإِعْظَامِ لِلْقَتْلِ- والإِنصَافِ لِلْخَلْقِ والكَظْمِ لِلْغَيْظِ- واجْتِنَابِ الْفَسَادِ فِي الأَرْض(139)‏. ثانياً: الاشارات إلاجتماعية التأكيد على الإتحاد والإلفة: لا شك أن الرسالة المحمدية التي مثلها أمير المؤمنين (عليه السلام) أفضل تمثيل تولي مفهوم الاتحاد أهمية كبيرة في أكثر من موضع، منها ما جاء في الخطبة الغراء: فَالْزَمُوا كُلَّ أَمْرٍ لَزِمَتِ الْعِزَّةُ بِهِ شَأْنَهُمْ (يعني الأنبياء والصالحين)- وزَاحَتِ الأَعْدَاءُ لَهُ عَنْهُمْ- ومُدَّتِ الْعَافِيَةُ بِهِ عَلَيْهِمْ- وانْقَادَتِ النِّعْمَةُ لَهُ مَعَهُمْ ووَصَلَتِ الْكَرَامَةُ عَلَيْهِ حَبْلَهُمْ- من الاجْتِنَابِ لِلْفُرْقَةِ واللُّزُومِ لِلْأُلْفَةِ- والتَّحَاضِّ عَلَيْهَا والتَّوَاصِي بِهَا- واجْتَنِبُوا كُلَّ أَمْرٍ كَسَرَ فِقْرَتَهُمْ وأَوْهَنَ مُنَّتَهُم‏.(140) التحذير من الفرقة والتشتت: حيث حذر عليه السلام من هذه الآفة التي تؤدي الى تفكك المجتمعات والشعوب وسقوط الدول، قائلا: فانظُرُوا إِلى ما صَارُوا إِليه في آخرِ أُمورهمْ (الأمم السابقة) حينَ وقعت الفرقةُ وتَشَتَّتَتِ الأُلْفَةُ- واختلفتِ الكلمةُ والأَفئدةُ- وتشعَّبُوا مُخْتَلِفِينَ وتفرَّقُوا مُتحاربِينَ- وقد خلعَ اللَّهُ عنهُمْ لباسَ كرامته- وسلبهُمْ غَضَارَةَ نِعْمَتِهِ- وبقي قصصُ أَخبارهمْ فيكم- عبراً للمُعْتَبِرِين. فَاعْتَبِرُوا بحال ولَدِ إِسماعِيلَ- وبني إِسحاقَ وبني إِسْرَائِيلَ (ع)- فما أَشدَّ اعتِدَالَ الأَحْوَالِ وأَقْرَبَ اشْتِبَاهَ الْأَمْثَالِ- تَأَمَّلُوا أَمْرَهُمْ في حالِ تَشَتُّتِهِمْ وَ تَفَرُّقِهِمْ- ليالِيَ كَانَتِ الْأَكَاسِرَةُ والْقَيَاصِرَةُ أَرْبَاباً لَهُمْ- يَحْتَازُونَهُمْ عن رِيفِ الْآفَاقِ وبَحْرِ الْعِرَاقِ- وخُضْرَةِ الدُّنْيَا إِلَى مَنَابِتِ الشِّيحِ- ومَهَافِي الرِّيحِ ونَكَدِ الْمَعَاشِ- فَتَرَكُوهُمْ عَالَةً مَسَاكِينَ إِخْوَانَ دَبَرٍ ووَبَرٍ- أَذَلَّ الأُمَمِ دَاراً وأَجْدَبَهُمْ قَرَاراً. (141) الحث على الثبات في طريق الله: قال عليه السلام في وصف المؤمنين الذين صبروا على الأذى في حبّ الله وما ترتب عليه من ثمار عظيمة: حتَّى إِذا رَأَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ- جِدَّ الصَّبْرِ مِنْهُمْ عَلَى الأَذَى فِي مَحَبَّتِهِ- والاحْتِمَالَ لِلْمَكْرُوهِ مِنْ خَوْفِهِ- جَعَلَ لَهُمْ مِنْ مَضَايِقِ البلاءِ فَرَجاً- فَأَبْدَلَهُمُ الْعِزَّ مَكَانَ الذُّلِّ و الأَمْنَ مَكَانَ الْخَوْفِ- فَصَارُوا مُلُوكاً حُكَّاماً و أَئِمَّةً أَعْلاماً- و قَدْ بَلَغَتِ الْكَرَامَةُ مِنَ اللَّهِ لَهُمْ - ما لم تَذْهَبِ الآمَالُ إِلَيْهِ بِهِم(142). ثالثاً: اشارات كلاميٌة: أشار سلام الله عليه في الخطبة الغراء الى مجموعة من النكات الكلامية والعقائدية، منها: الحكمة من وراء الاختبار والابتلاء: ولكنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ يَبْتَلِي خَلْقَهُ بِبَعْضِ ما يَجْهَلُونَ أَصْلَهُ تَمْيِيزاً بِالاخْتِبَارِ لَهُمْ ونَفْياً لِلِاسْتِكْبَارِ عَنْهُمْ وإِبْعَاداً لِلْخُيَلاءِ مِنْهُمْ. (143). الحكمة في فقر الأنبياء: قال عليه السلام: ولو أَرَادَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لأَنْبِيَائِهِ- حَيْثُ بَعَثَهُمْ أَنْ يَفْتَحَ لَهُمْ كُنُوزَ الذِّهْبَانِ- ومَعَادِنَ الْعِقْيَانِ ومَغَارِسَ الْجِنَانِ- وأَنْ يَحْشُرَ مَعَهُمْ طُيُورَ السَّمَاءِ ووُحُوشَ الأَرَضِينَ- لَفَعَلَ- ولَوْ فَعَلَ لَسَقَطَ الْبَلَاءُ وبَطَلَ الْجَزَاء- واضْمَحَلَّتِ الأَنْبَاءُ ولَمَا وَجَبَ لِلْقَابِلِينَ أُجُورُ الْمُبْتَلَيْنَ- ولا اسْتَحَقَّ الْمُؤْمِنُونَ ثَوَابَ الْمُحْسِنِينَ-. (144) ولَكِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ جَعَلَ رُسُلَهُ أُولِي قُوَّةٍ فِي عَزَائِمِهِمْ -وضَعَفَةً فِيمَا تَرَى الأَعْيُنُ مِنْ حَالَاتِهِمْ- مَعَ قَنَاعَةٍ تَمْلأُ الْقُلُوبَ والْعُيُونَ غِنًى- وخَصَاصَةٍ تَمْلأُ الأَبْصَارَ والأَسْمَاعَ أَذًى ولَوْ كَانَتِ الأَنْبِيَاءُ أَهْلَ قُوَّةٍ لا تُرَامُ وعِزَّةٍ لا تُضَامُ- ومُلْكٍ تُمَدُّ نَحْوَهُ أَعْنَاقُ الرِّجَالِ وتُشَدُّ إِلَيْهِ عُقَدُ الرِّحَالِ- لَكَانَ ذَلِكَ أَهْوَنَ على الخلقِ في الاعْتِبَارِ- وأَبْعَدَ لَهُمْ فِي الِاسْتِكْبَارِ- ولآمَنُوا عَنْ رَهْبَةٍ قَاهِرَةٍ لَهُمْ أَوْ رَغْبَةٍ مَائِلَةٍ بِهِم‏.(145). الحكمة في تشييد الكعبة في أرض قفراء: فَجَعَلَهَا – الكعبة- بَيْتَهُ الحرَامَ الَّذِي جعلهُ لِلنَّاسِ قِيَاماً- ثُمَ وَضَعَهُ بِأَوْعَرِ بِقَاعِ الأَرْضِ حَجَراً وأَضْيَقِ بُطُونِ الأَوْدِيَةِ قُطْراً- بَيْنَ جِبَالٍ خَشِنَةٍ ورِمَالٍ دَمِثَةٍ وعُيُونٍ وَشِلَةٍ و قُرًى مُنْقَطِعَةٍ لا يَزْكُو بِهَا خُفٌّ ولا حَافِرٌ ولا ظِلْفٌ... ابْتِلاءً عَظِيماً وامْتِحَاناً شَدِيداً واخْتِبَاراً مُبِيناً وتَمْحِيصاً بَلِيغاً، وَلوْ أَرَادَ سُبْحَانَهُ- أَنْ يَضَعَ بَيْتَهُ الْحَرَامَ ومَشَاعِرَهُ الْعِظَامَ بَيْنَ جَنَّاتٍ وأَنْهَارٍ وسَهْلٍ و قَرَارٍ جَمَّ الأَشْجَارِ دَانِيَ الثِّمَارِ بَيْنَ بُرَّةٍ سَمْرَاءَ ورَوْضَةٍ خَضْرَاءَ وأَرْيَافٍ مُحْدِقَةٍ وعِرَاصٍ مُغْدِقَةٍ ورِيَاضٍ نَاضِرَةٍ و طُرُقٍ عَامِرَةٍ، لكانَ قَدْ صَغُرَ قَدْرُ الْجَزَاءِ عَلَى حَسَبِ ضَعْفِ البَلاءِ. (146). الحكمة في التشريعات وعللها: قال عليه السلام: (ما حَرَسَ اللَّهُ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ بِالصَّلَوَاتِ والزَّكَوَاتِ ومُجَاهَدَةِ الصِّيَامِ في الأَيَّامِ المَفْرُوضَاتِ تَسْكِيناً لأَطْرَافِهِمْ وتَخْشِيعاً لأَبْصَارِهِمْ وتَذْلِيلًا لِنُفُوسِهِمْ وتَخْفِيضاً لِقُلُوبِهِمْ وإِذْهَاباً لِلْخُيَلَاءِ عَنْهُمْ ولِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ تَعْفِيرِ عِتَاقِ الْوُجُوهِ بِالتُّرَابِ تَوَاضُعاً والْتِصَاقِ كَرَائِمِ الْجَوَارِحِ بِالأَرْضِ تَصَاغُراً ولُحُوقِ الْبُطُونِ بِالْمُتُونِ مِنَ الصِّيَامِ تَذَلُّلًا مَعَ مَا فِي الزَّكَاةِ مِنْ صَرْفِ ثَمَرَاتِ الأَرْضِ و غَيْرِ ذَلِكَ إِلَى أَهْلِ الْمَسْكَنَةِ والْفَقْر). (147). التذكير بحال المؤمنين وتعرضهم للبلاء: وتَدَبَّرُوا أَحْوَالَ الْمَاضِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ قَبْلَكُمْ كَيْفَ كَانُوا فِي حَالِ التَّمْحِيصِ والبَلاءِ أَ لَمْ يَكُونُوا أَثْقَلَ الخَلائِقِ أَعْبَاءً وأَجْهَدَ الْعِبَادِ بَلاءً وأَضْيَقَ أَهْلِ الدُّنْيَا حَالا اتَّخَذَتْهُمُ الْفَرَاعِنَةُ عَبِيداً فَسَامُوهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ و جَرَّعُوهُمُ الْمُرَار. (148). النبي والتربية الإلهية يشير عليه السلام الى الرعاية الإلهية والتربية الربانية للنبي الأكرم (ص) قائلا: ولَقَدْ قَرَنَ اللَّهُ بِهِ (صلى الله عليه وآله) مِنْ لَدُنْ أَنْ كَانَ فَطِيماً أَعْظَمَ مَلَكٍ مِنْ مَلَائِكَتِهِ يَسْلُكُ بِهِ طَرِيقَ الْمَكَارِمِ ومَحَاسِنَ أَخْلاقِ الْعَالَمِ لَيْلَهُ ونَهَارَه. (149). ومن معالم التربية النبوية إليه(عليه السلام): تتلمّذه على يد الرسول الأكرم (ص) بين عليه السلام علاقته بالرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) ومدى التصاقه به وتلمّذه عليه بقوله: وقدْ عَلِمْتُمْ مَوْضِعِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله)- بِالْقَرَابَةِ الْقَرِيبَةِ والْمَنْزِلَةِ الْخَصِيصَةِ- وَضَعَنِي فِي حِجْرِهِ وأَنَا وَلَدٌ يَضُمُّنِي إِلَى صَدْرِهِ- ويَكْنُفُنِي فِي فِرَاشِهِ ويُمِسُّنِي جَسَدَهُ- ويُشِمُّنِي عَرْفَهُ- وكانَ يَمْضَغُ الشَّيْ‏ءَ ثُمَّ يُلْقِمُنِيهِ- ومَا وَجَدَ لِي كَذْبَةً فِي قَوْلٍ ولا خَطْلَةً فِي فِعْلٍ- ولَقَدْ كُنْتُ أَتَّبِعُهُ اتِّبَاعَ الْفَصِيلِ أَثَرَ أُمِّهِ- يَرْفَعُ لِي فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَخْلَاقِهِ عَلَماً- ويَأْمُرُنِي بِالاقْتِدَاءِ بِهِ- ولَقَدْ كَانَ يُجَاوِرُ فِي كُلِّ سَنَةٍ بِحِرَاءَ- فَأَرَاهُ وَ لا يَرَاهُ غَيْرِي- وَ لَمْ يَجْمَعْ بَيْتٌ وَاحِدٌ يَوْمَئِذٍ فِي الإِسْلامِ- غَيْرَ رَسُولِ اللَّهِ (ص) وخَدِيجَةَ وأَنَا ثَالِثُهُمَا. (150). رؤية الوحي وسماع صوته يشير عليه السلام الى قضية مهمة في الخطبة تكشف عن المرتبة الإيمانية العالية التي وصل إليها والمكانة السامية التي حظي بها الى جنب النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله)، وهي أنّه (عليه السلام) بلغ مرتبة من الرقي الإيماني يصفها بقوله: أَرَى نُورَ الْوَحْيِ والرِّسَالَةِ وَ أَشُمُّ رِيحَ النبوة- ولَقَدْ سَمِعْتُ رَنَّةَ الشَّيْطَانِ حِينَ نَزَلَ الْوَحْيُ عَلَيْهِ (صلى الله عليه وآله)- فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَذِهِ الرَّنَّةُ؟- فَقَالَ: هَذَا الشَّيْطَانُ قَدْ أَيِسَ مِنْ عِبَادَتِهِ- إِنَّكَ تَسْمَعُ مَا أَسْمَعُ وتَرَى مَا أَرَى- إِلَّا أَنَّكَ لَسْتَ بِنَبِيٍّ ولَكِنَّكَ لَوَزِيرٌ- وإِنَّكَ لَعَلَى خَيْر. (151). وفي ختام الخطبة بيّن عليه السلام معجزة عظيمة وقعت على يدي الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) بعد أن طلب منه كبار القرشيين ذلك، حيث قال عليه السلام: ولَقَدْ كُنْتُ مَعَهُ (صلى الله عليه وآله) لَمَّا أَتَاهُ الْمَلأُ مِنْ قُرَيْشٍ- فَقَالُوا لَهُ: يا مُحَمَّدُ إِنَّكَ قَدِ ادَّعَيْتَ عَظِيماً- لَمْ يَدَّعِهِ آبَاؤُكَ و لا أَحَدٌ مِنْ بَيْتِكَ- ونَحْنُ نَسْأَلُكَ أَمْراً إِنْ أَنْتَ أَجَبْتَنَا إِلَيْهِ وأَرَيْتَنَاهُ- عَلِمْنَا أَنَّكَ نَبِيٌّ ورَسُولٌ- وإِنْ لَمْ تَفْعَلْ عَلِمْنَا أَنَّكَ سَاحِرٌ كَذَّابٌ. فَقَال (صلى الله عليه وآله): ومَا تَسْأَلُونَ؟ قَالُوا: تَدْعُو لَنَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ حَتَّى تَنْقَلِعَ بِعُرُوقِهَا- وتَقِفَ بَيْنَ يَدَيْكَ. فَقَالَ (صلى الله عليه وآله): "إِنَّ اللَّهَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ"- فَإِنْ فَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ ذَلِكَ أَ تُؤْمِنُونَ وَتَشْهَدُونَ بِالْحَقِّ؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: فَإِنِّي سَأُرِيكُمْ مَا تَطْلُبُونَ-وَإِنِّي لأَعْلَمُ أَنَّكُمْ لا تَفِيئُونَ إِلَى خَيْر- وإِنَّ فِيكُمْ مَنْ يُطْرَحُ فِي الْقَلِيبِ ومَنْ يُحَزِّبُ الْأَحْزَابَ. (152) ثُمَّ قَالَ (ص): يَا أَيَّتُهَا الشَّجَرَةُ- إِنْ كُنْتِ تُؤْمِنِينَ بِاللَّهِ والْيَوْمِ الآخِرِ- وتَعْلَمِينَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ فَانْقَلِعِي بِعُرُوقِكِ- حَتَّى تَقِفِي بَيْنَ يَدَيَّ بِإِذْنِ اللَّهِ- فَوَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ لانْقَلَعَتْ بِعُرُوقِهَا- وجَاءَتْ ولَهَا دَوِيٌّ شَدِيدٌ- وقَصْفٌ كَقَصْفِ أَجْنِحَةِ الطَّيْرِ- حَتَّى وَقَفَتْ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ (ص) مُرَفْرِفَةً- وأَلْقَتْ بِغُصْنِهَا الأَعْلَى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (ص)- وبِبَعْضِ أَغْصَانِهَا عَلَى مَنْكِبِي وكُنْتُ عَنْ يَمِينِهِ (ص). فَلَمَّا نَظَرَ الْقَوْمُ إِلَى ذَلِكَ قَالُوا عُلُوّاً وَاسْتِكْبَاراً: فَمُرْهَا فَلْيَأْتِكَ نِصْفُهَا ويَبْقَى نِصْفُهَا- فَأَمَرَهَا بِذَلِكَ فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ نِصْفُهَا- كَأَعْجَبِ إِقْبَالٍ وَأَشَدِّهِ دَوِيّاً- فَكَادَتْ تَلْتَفُّ بِرَسُولِ اللَّهِ (ص)- فَقَالُوا كُفْراً وعُتُوّاً فَمُرْ هَذَا النِّصْفَ- فَلْيَرْجِعْ إِلَى نِصْفِهِ كَمَا كان- فَأَمَرَهُ (ص) فَرَجَعَ. فَقُلْتُ أَنَا: لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ إِنِّي أَوَّلُ مُؤْمِنٍ بِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ- وأَوَّلُ مَنْ أَقَرَّ بِأَنَّ الشَّجَرَةَ فَعَلَتْ مَا فَعَلَتْ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى- تَصْدِيقاً بِنُبُوَّتِكَ وإِجْلَالًا لِكَلِمَتِكَ. فَقَالَ الْقَوْمُ: كُلُّهُمْ بَلْ ساحِرٌ كَذَّابٌ- عَجِيبُ السِّحْرِ خَفِيفٌ فِيهِ- وَهَلْ يُصَدِّقُكَ فِي أَمْرِكَ إِلَّا مِثْلُ هَذَا يَعْنُونَنِي(153). الخاتمة: 1-لا يختلف اثنان في أن الإمام علي بن ابي طالب (عليه السلام) يمثل مشعلاً وهاجاً في سماء الخطباء على مر عصور تاريخ الامة الاسلامية عبر خطبه التي احتوت على مضامين الإصلاح الفكري للإنسان. 2- احتل موضوع الإصلاح الفكري مكانة بارزة في الخطب الدينية لما يمثله من أثر في سعادة المجتمع ورقيه وديمومته. 3- إنَّ الخطبة الناجحة لها جملة من المقومات ومن أبرزها: مراعاة الكلام لمقتضى الحال والتفاعل الصادق المخلص أثناء الخطابة والوضوح واستخدام الأساليب البلاغية، مثل التوافق في تقسيم الجمل وغيرها من الخصائص التي تجعل الخطب مؤثرة في الاخرين. 4- نتلمس براعة الصياغة ودقة المعنى ورصانة الاسلوب وبلاغة المفردات في خطب الامام علي (عليه السلام) وعلى وجه الخصوص الخطبة الغراء مما جعلها خطبة مؤثرة في الاخرين ومجال اهتمام الباحثين. 5- برزت أهمية الإصلاح الفكري في مضامين الخطبة الغراء كما توضَّح ذلك في أثناء البحث وكيف عالج الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) الأخطاء والتخلف في المجتمع. 6- احتوت الخطبة الغراء على الإصلاح العقدي والإصلاح الفكري والإصلاح الاجتماعي والتربية والأخلاق. * باحث في مركز الامام الشيرازي للدراسات والبحوث/2002–Ⓒ2025 ......................................................... المصادر: القران الكريم. 1. ابن ابي الحديد، شرح نهج البلاغة، دار احياء التراث العربي بيروت، بلا سنة نشر. 2. ابن منظور، لسان العرب،، دار الكتاب المصري، القاهرة، بلا سنة طبع. 3. ابن ميثم البحراني، كمال الدين ميثم بن علي بن ميثم البحراني، شرح ‏نهج‏ البلاغة، دار الثقلين – بيروت لبنان،ج4، بلا سنة نشر. 4. أبو العباس محمد بن جرير المبرد، الكامل في اللغة والادب، مكتبة المعارف، بيروت، ج 1، بلا سنة نشر. 5. أبو بكر بن مسعود بن أحمد الكاساني الحنفي علاء الدين، بدائع الصنائع، الناشر: المطبعة الجمالية، دار الكتب العلمية - الطبعة: الثانية،ج1، 1406هـ - 1986م. 6. أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي، النهاية في مجرد الفقه والفتاوى، النهاية انتشارات قدس محمدي – قم، ايران، ج3، بلا سنة نشر. 7. أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي، تحرير ألفاظ التنبيه، أو المسمى بـ " لغة الفقهاء "، تحقيق: عبد الغني الدقر، دار القلم – دمشق، ط1،، 1408 هـ. 8. أحمد أحمد غلوش، الدعوة الإسلامية، أصولها ووسائلها، دار الكتاب اللبناني للطباعة والنشر والتوزيع، ط1، بلا سنة. 9. أحمد بن عبد الوهاب النويري، نهاية الإرب في فنون الأدب الناشر: دار الكتب العلمية، ط1، ج7، 2004. 10. أحمد بن محمد بن علي الفيومي، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير، المكتبة العلمية – بيروت، 2010. 11. أحمد محمد الحوفي، فن الخَطابة،، نهضة مصر، القاهرة، بلا سنة. 12. حسن جاد، البلاغة والنبوية وأثرها في النفوس، بحث منشور في مجلة البحوث الإسلامية، المجلد الثاني، العدد الأول 1400ه. 13. خالد القريشي: الإلقاء الخطابي، دار العاصمة، 2001. 14. الراغب الأصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن. تحقيق صفوان عدنان داوودي، دار القلم، دمشق، ط الأولى 1412هـ 1992م. 15. سيد جعفر شهيدي، ترجمة نهج البلاغة ط ٢،، انتشارات معهد الانقلاب الاسلامي، ١٣٧٠ هـ. 16. السيد علي نقي فيض الإسلام، ترجمة و شرح نهج البلاغة،، الخطبة 232، ج4، بلا سنة. 17. شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي (المتوفى: 748هـ)، سير أعلام النبلاء، الناشر: مؤسسة الرسالة، الطبعة: الثالثةج3، 1405 هـ / 1985 م. 18. عبد الجليل شلبي: الخطابة وإعداد الخطيب، طبعة دار الشروق، 1977. 19. علي بن محمد بن علي الزين الشريف الجرجاني، التعريفات، الطبعة الاولى، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، 1983م. 20. علي عبد العظيم، الدعوة والخطابة، دار الاعتصام القاهرة، ط1، 1399 هـ - 1979م. 21. علي محفوظ: فن الخطابة وإعداد الخطيب، دار الاعتصام، القاهرة، 1984. 22. الغروي محمد، الامثال والحكم، مؤسسة النشر الاسلامي، قم ٠٧٤١ ه.، ص ٣٨٨. 23. فخر الدين الطريحي النجفي، مجمع البحرين، تحقيق: السيد أحمد الحسيني، الطبعة: الثانية، سنة الطبع: ١٤٠٨ - ١٣٦٧ ش. 24. مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروز آبادي، القاموس المحيط، الطبعة الثالثة، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1407هـ 1987م. 25. مجمع اللغة العربية، المعجم الوسيط القاهرة. ط الثالثة، ج1، 1405هـ 1985م. 26. محمد أبو زهرة: الخطابة، دار الفكر العربي، القاهرة، 1980. 27. محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي، مختار الصحاح،، الناشر: مكتبة لبنان، 1986. 28. محمد بن أحمد بن الأزهري، تهذيب اللغة، المحقق: محمد عوض مرعب، دار إحياء التراث العربي – بيروت، الطبعة الاولى، 2001 29. محمد عبده، نهج البلاغة - خطب الإمام علي (ع)، تحقيق: شرح: الشيخ محمد عبده، ج 1، الطبعة الأولى، سنة الطبع: ١٤١٢ - ١٣٧٠ ش. 30. محمد مرتضى الحسيني الزبيدي المتوفى 1205هـ، تاج العروس من جواهر القاموس،، تحقيق عبد الكريم الغرباوي. 31. مصلح سيد بيومي، الخطابة في الإسلام، لخطابة في الإسلام، دار الطباعة المحمدية، ط1، القاهرة، 1404ه/ ۱۹۸۹م. 32. هشام يوسف محمد بنان، المنهج الدعوي في أصول المحاضرة الدعوية، بحث تأصيلي بين التجربة الميدانية والدراسة النظرية، دار المجتمع للنشر والتوزيع، جدة ط: 1، 1413هـ 1992م. 33. هشام يوسف محمد بنان، المنهج الدعوي في أصول المحاضرة الدعوية، ط1، تاريخ النشر: 1413هـ، 1992م. شبكة المعلومات العالمية الانترنيت: -هند بنت مصطفى شريفي، مقومات وخصائص الخطبة الناجحة، مقالة منشورة شبكة المعلومات العالمية (الانترنيت)، تاريخ الزيارة 22 / 1 / 2018 على الموقع: https: // - يقين ضمور، خطبة الجهاد للمنفلوطي، مقالة منشورة على شبكة المعلومات العالمية الانترنيت بتاريخ ١٢ مايو ٢٠١٤ على الموقع: com https: //mawdoo3. ............................................ الهوامش (1) ينظر: تهذيب اللغة، محمد بن أحمد بن الأزهري،، المحقق: محمد عوض مرعب، دار إحياء التراث العربي – بيروت، الطبعة الاولى، 2001، مادة " خطب " 7 /246. (2) ينظر: القاموس المحيط، محمد بن يعقوب الفيروز آبادي، المحقق: محمد نعيم العرقسوسي، الناشر: مؤسسة الرسالة، الطبعة الثامنة، 2005، مادة "خطب" 1 /65. (3) ينظر: مختار الصحاح، محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي، الناشر: مكتبة لبنان، 1986، مادة "خطب"، ص 76. (4)أحمد بن محمد بن علي الفيومي، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير، المكتبة العلمية – بيروت، 2010، مادة " خطب " 1 /173. (5) مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروز آبادي، القاموس المحيط، الطبعة الثالثة، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1407هـ 1987م، ص 103 - 104 ؛ مجمع اللغة العربية، المعجم الوسيط القاهرة. ط الثالثة 1405هـ 1985م، 1 / 251 – 252. ؛ الراغب الأصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن. تحقيق صفوان عدنان داوودي، دار القلم، دمشق، ط الأولى 1412هـ 1992م، ص 286. (6) النووي، تحرير ألفاظ التنبيه، أو المسمى بـ " لغة الفقهاء "، ص (84 - 85). (7)علي بن محمد بن علي الزين الشريف الجرجاني، التعريفات، الطبعة الاولى، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، 1983م، ص 99. (8) د. مصلح سيد بيومي، الخطابة في الإسلام، لخطابة في الإسلام، دار الطباعة المحمدية، ط1، القاهرة، 1404ه/ ۱۹۸۹م، ص (11). (9)أبو بكر بن مسعود بن أحمد الكاساني الحنفي علاء الدين، بدائع الصنائع، الناشر: المطبعة الجمالية، دار الكتب العلمية - الطبعة: الثانية، 1406هـ - 1986م، 1/262. (10) ينظر: فن الخَطابة، أحمد محمد الحوفي، نهضة مصر، القاهرة، بلا سنة، ص 5. (11) عبد الجليل شلبي: الخطابة وإعداد الخطيب، طبعة دار الشروق، 1977م، ص 13. محمد أبو زهرة: الخطابة، دار الفكر العربي، (القاهرة: 1980م)، ص 19. (12) انظر: خالد القريشي: الإلقاء الخطابي، دار العاصمة، 2001م، ص 15. (13)علي محفوظ: فن الخطابة وإعداد الخطيب، دار الاعتصام، (القاهرة: 1984م)، ص 70 -71. (14)علي محفوظ: فن الخطابة وإعداد الخطيب، دار الاعتصام، (القاهرة: 1984م)، ص 70 -71. (15) يقين ضمور، خطبة الجهاد للمنفلوطي، مقالة منشورة على شبكة المعلومات العالمية الانترنيت بتاريخ ١٢ مايو ٢٠١٤ على الموقع: ttps: // (16) علي عبد العظيم، الدعوة والخطابة، دار الاعتصام القاهرة، ط1، 1399 هـ - 1979م، ص 42 – 52. (17) هو جابر بن سَمُرة بن جُنادة بن جُندب العامري السُّوائي، حليف بني زهرة، أمه خالدة بنت أبي وقاص أخت سعد بن أبي، شهد فتح المدائن ونزل الكوفة، توفي رضي الله عنه في ولاية بشر على العراق سنة 74.، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي (المتوفى: 748هـ)، سير أعلام النبلاء، الناشر: مؤسسة الرسالة، الطبعة: الثالثة، 1405 هـ / 1985 م، 3/ 186. (18) صحيح مسلم كتاب الجمعة باب تخفيف الصلاة والخطبة 2/ 591 ح 866، وسنن النسائي في صلاة العيدين باب القصد في الخطبة 3/ 191 ح 1582. (19) صحيح مسلم كتاب الجمعة باب تخفيف الصلاة والخطبة 2/ 594 ح 869. (20) أحمد أحمد غلوش، الدعوة الإسلامية، أصولها ووسائلها، دار الكتاب اللبناني للطباعة والنشر والتوزيع، ط1، بلا سنة، ص 420 - 421. (21) هشام يوسف محمد بنان، المنهج الدعوي في أصول المحاضرة الدعوية، بحث تأصيلي بين التجربة الميدانية والدراسة النظرية، دار المجتمع للنشر والتوزيع، جدة ط: 1، 1413هـ 1992م، ص 261، (22) كتاب الجمعة باب تخفيف الصلاة والخطبة 2/ 592 ح 867، رواه النسائي في سننه كتاب صلاة العيدين باب كيف الخطبة للعيدين 3/ 188 ح 1578 وقال: (كان إذا ذكر الساعة) وكذلك رواه الإمام احمد في مسنده عن ابن الزبير 1/ 167. (23) علي عبد العظيم، الدعوة والخطابة، ص 45. (24)هشام يوسف محمد بنان، المنهج الدعوي في أصول المحاضرة الدعوية ص 251 - 255. (25) د. هند بنت مصطفى شريفي، مقومات وخصائص الخطبة الناجحة، مقالة منشورة شبكة المعلومات العالمية (الانترنيت)، تاريخ الزيارة 22 / 1 / 2018 على الموقع: https: // (26) هند بنت مصطفى شريفي، مقومات وخصائص الخطبة الناجحة. (27) هند بنت مصطفى شريفي، المصدر نفسه، ص 17. (28) حسن جاد، البلاغة النبوية وأثرها في النفوس، بحث منشور في مجلة البحوث الإسلامية، المجلد الثاني، العدد الأول 1400ه، ص 157. (29) مقومات وخصائص الخطبة الناجحة، ص 25. (30) المصدر نفسه، ص 27. (31) المصدر نفسه، ص28. (32) الطول: الفضل.النهاية في مجرد الفقه والفتاوى لشيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي(385 – 460هـ) (الشيخ الطوسي)، النهاية انتشارات قدس محمدي – قم، ايران، بلا سنة نشر، (3/ 145). (33) أي أوسع عليكم. وعيش رافغ: أي واسع (النهاية: ٢ / ٢٤٤). (34) قال ابن أبي الحديد: تقول: حاط فلان كرمه: أي جعل عليه حائطا، فكأنه جعل الإحصاء والعد كالحائط المدار عليهم؛ لأنهم لا يبعدون منه ولا يخرجون عنه (شرح نهج البلاغة: ٦ / ٢٤٥). (35) النهاية: ٢ / ٢٢٦. (36) تاج العروس: ١٣ / ١٧٧. (37) تاج العروس: ١٢ / ٢٠. (38) النهاية: ٤ / ١٠٨. (39) النهاية: ٥ / ٢٣٣. (40) يقال: اخترمهم وتخرمهم: أي اقتطعهم واستأصلهم (النهاية: ٢ / ٢٧). (41) أرسالا: أي أفواجا وفرقا متقطعة، يتبع بعضهم بعضا (النهاية: ٢ / 222). (42) أزف: أي دنا وقرب (النهاية: ١ / ٤٥). (43) أوجرة السباع: جمع وجار؛ وهو جحرها الذي تأوي إليه (النهاية: ٥ / ١٥٦). (44) الإهطاع: الإسراع في العدو. وأهطع: إذا مد عنقه، وصوب رأسه (النهاية: ٥ / ٢٦٦). (45) الهينمة: الكلام الخفي لا يفهم (النهاية: ٥ / ٢٩٠). (46) الجم العرق: أي وصل إلى أفواههم، فيصير لهم بمنزلة اللجام يمنعهم عن الكلام (النهاية: ٤ / ٢٣٤). (47) الرفات: الحطام من كل شيء تكسر (لسان العرب: ٢ / ٣٤). (48) سدف الريب: ظلمها (النهاية: ٢ / 355). (49) التنجز: طلب شيء قد وعدته (لسان العرب: ٥ / ٤١٤). (50) الأشلاء: جمع شلو؛ وهو العضو، وأراد (عليه السلام) بالأشلاء هاهنا الأعضاء الظاهرة، وبالأعضاء: الجوارح الباطنة (شرح نهج البلاغة: ٦ / ٢٥٨). (51) أحناؤها: أي معاطفها (النهاية: ١ / ٤٥٥). (52) أرفاقها: منافعها، يقال: هذا الأمر رفيق بك أي نافع (تاج العروس: ١٣ / ١٦٩). (53) جلل الشيء: عم (تاج العروس: ١٤ / ١١٨). (54) الخلاق: الحظ والنصيب (النهاية: ٢ / ٧٠). (55) الخناق: الحبل الذي يخنق به (لسان العرب: ١٠ / ٩٣). (56) أرهقه: أغشاه وأعجله (النهاية: ٢ / ٢٨٣). (57) شذبهم عنها: قطعهم وفرقهم، من تشذيب الشجرة؛ وهو تقشيرها. وتخرمت زيدا المنية استأصلته واقتطعته (شرح نهج البلاغة: ٦ / 260). (58) أنف: أي مستأنف استئنافا، وأنفة الشيء: ابتداؤه (النهاية: ١ / ٧٥). (59) البضاضة: رقة اللون وصفاؤه الذي يؤثر فيه أدنى شيء (النهاية: ١ / ١٣٢). (60) الغضارة: النعمة والخير والسعة في العيش والخصب والبهجة (تاج العروس: ٧ / ٣١١). (61) العلز: خفة وهلع يصيب الإنسان (النهاية: ٣ / ٢٨٧). (62) الجرض: أن تبلغ الروح الحلق (النهاية: ١ / ٢٦١). (63) عفا الأثر: بمعنى درس وامحى (النهاية: ٣ / ٢٦٦). (64) حدثان الدهر: نوبه وما يحدث منه (لسان العرب: ٢ / ١٣٢). (65) القدة: الطريقة (لسان العرب: ٣ / 344). (66) دحض: زلق (النهاية: ٢ / ١٠٤). (67) الغرار: النوم القليل (لسان العرب: ٥ / ١٧). (68) الهواجر: جمع هاجرة؛ وهي نصف النهار عند اشتداد الحر (الصحاح: ٢ / ٨٥١). (69) أي: كفها ومنعها (النهاية: ٣ / ١٥٩). (70) أي: حركه مسرعا (النهاية: ٥ / ١٥٧). (71) تنكب عن الطريق: إذا عدل عنه. والمخالج: أي الطرق المتشعبة عن الطريق الأعظم الواضح (النهاية: ٥/١١٢). (72) أي تشمر وجد (النهاية: ٤ / ٢٠٠). (73) من النجوى؛ وهو السر ما بين الاثنين والجماعة (مجمع البحرين: ٣ / ١٧٥٦). (74) القرينة - هاهنا -: الإنسان الذي قارنه الشيطان، ولفظه لفظ التأنيث، وهو مذكر. ويجوز أن يكون أراد بالقرينة النفس (شرح نهج البلاغة: ٦ / 268). (75) الشغف: جمع شغاف القلب، وهو حجابه، فاستعاره لموضع الولد (النهاية: ٢ / ٤٨٣). (76) نطفة دهاقا: أي نطفة قد أفرغت إفراغا شديدا؛ فهو إذا من الأضداد (النهاية: ٢ / ١٤٥). (77) سادرا: أي لاهيا (النهاية: ٢ / ٣٥٤). (78) الماتح: المستقي من البئر بالدلو من أعلى البئر. والغرب: الدلو العظيمة (النهاية: ٤ / ٢٩١ وج ٣ / ٣٤٩). (79) دوات: آراء تظهر للرجل فيختار بعضا ويسقط بعض (تاج العروس: ١٩ / ١٩٠). (80) الغرير: المغرور (لسان العرب: ٥ / ١٣). (81) الغبر: جمع الغابر؛ أي الباقي (النهاية: ٣ / ٣٣٨). (82) أي ضاربات. والالتدام: ضرب النساء وجوههن في النياحة (النهاية: ٤ / ٢٤٥). (83) غمرة كل شيء: منهمكه وشدته، كغمرة الهم والموت ونحوهما (لسان العرب: ٥ / 29). (84) المبلس: الساكت من الحزن أو الخوف. والإبلاس: الحيرة (النهاية: ١ / ١٥٢). (85) الرجيع من الدواب: ما رجعته من سفر إلى سفر؛ وهو الكال. والوصب: دوام الوجع ولزومه، وقد يطلق على التعب والفتور في البدن (لسان العرب: ٨ / ١١٦ وج ١ / ٧٩٧). (86) النضو: الدابة التي أهزلتها الأسفار، وأذهبت لحمها (النهاية: ٥ / ٧٢). (87) سورات: جمع سورة؛ أي شدة. وزفرت النار: سمع لتوقدها صوت (تاج العروس: ٦ / ٥٥٢ وص ٤٦٥). (88) من حار يحور: إذا رجع (النهاية: ١ / ٤٥٩). (89) سورة الأنعام: الاية ٩٥ وغيرها. وأفكه: أي صرفة عن الشيء وقلبه (النهاية: ١ / ٥٦). (90) قيد: أي قدر (النهاية: ٤ / 131). (91) الفينة: الحين والساعة (النهاية: ٣ / ٤٨٦). (92) الحوبة: الحاجة (النهاية: ١ / ٤٥٥). (93) نهج البلاغة: الخطبة ٨٣. وقال الشريف الرضي في ذيل الخطبة: وفي الخبر: أنه (عليه السلام) لما خطب بهذه الخطبة اقشعرت لها الجلود، وبكت العيون، ورجفت القلوب. ومن الناس من يسمي هذه الخطبة: " الغراء ". ((94] يقين ضمور، خطبة الجهاد للمنفلوطي، مقالة منشورة على شبكة المعلومات العالمية الانترنيت بتاريخ ١٢ مايو ٢٠١٤ على الموقع: https: // (95) سورة ال عمران: الآية 1٤2. (96) نهج البلاغة، خطب الامام علي (ع)، ج1، ص67، نقلاً عن شبكة المعلومات العالمية الانترنيت: موقع المكتبة الشيعية. (97) جُنّتهُ ـ بالضم ـ: وقايته، والجُنّة: كل ما استترت به. (98) رغبةً عنه: زُهداً فيه. (99) دُيّثَ ـ مبني للمجهول من دَيّثَهُ ـ أي: ذلّلَهُ. (100) القَماءة: الصّغار والذل، والفعل منه قَمُؤَ من باب كَرُمَ. (101) الاسهاب: ذهاب العقل أوكثرة الكلام، أي حيل بينه وبين الخير بكثرة الكلام بلا فائدة. وروي: (ضُرب على قلبه بالاسْداد) جمع سد أي الحجب. (102) أُدِيل الحقّ منه، أي: صارت الدولة للحق بَدَلهُ. (103) سيم الخسف أي: أُولي الخسف، وكلّفه، والخسف: الذّل والمشقّة أيضاً. (104) النَّصَف: العدل، ومُنع مجهول، أي حُرِمَ العدلَ: بأن يسلط الله عليه من يغلبه على أمره فيظلمه. (105) عُقْر الدار ـ بالضم ـ: وسطها وأصلها. (106) تواكلتم: وكَلَ كل منكم الامر إلى صاحبه، أي لم يتولّهُ أحد منكم، بل أحاله كلٌّ على الاخر. (107) شُنّت عليكم الغارات: مُزِّقَت عليكم من كل جانب كما يشن الماء متفرقاً دفعةً بعد دفعة. (108) الانبار: بلدة على شاطىء الفرات الشرقي، ويقابلها على الجانب الاخر «هِيت». (109) المسالِحُ: جمع مَسْلَحَة ـ بالفتح ـ: وهي الثغر والمَرْقب حيث يُخشى طروقُ الاعداء. (110) المعاهَدَة: الذميّة. (111) الحِجْل ـ بالكسر و بالفتح و بكسرين ـ: الخلخال. (112) القُلُب ـ بضمتين ـ: جمع قُلْب ـ بالضم فسكون ـ: السوار المُصْمَت. (113) الرعاث ـ جمع رَعثة ـ وهو: ضرب من الخرز. (114) الاسترجاع: ترديد الصوت بالبكاء مع القول: إنّا لله وإنا اليه راجعون، والاسترحام: أن تناشده الرحمة. (115) وافرين: تامين على كثرتهم لم ينقص عددهم، ويروى (موفورين). (116) الكَلْم ـ بالفتح ـ: الجرح. (117) تَرَحاً ـ بالتحريك ـ أي: همّاً وحُزْناً. (118) الغرض: ما ينصب ليرمى بالسهام ونحوها، فقد صاروا بمنزلة الهدف يرميهم الرامون. (119) حَمَارّة القيظ ـ بتشديد الراء وربما خففت في ضرورة الشعر ـ: شدة الحر. (120) التسبيخ ـ بالخاء المعجمة ـ: التخفيف والتسكين.. (121) صَبَارّة الشتاء ـ بتشديد الراء ـ: شدة برده، والقُر ـ بالضم ـ: البرد، وقيل هو برد الشتاء خاصة. (122) نهج البلاغة - خطب الإمام علي (ع)، تحقيق: شرح: الشيخ محمد عبده، سنة الطبع: ١٤١٢ - ١٣٧٠ ش، الطبعة: الأولى، ج 1، ص 67. (123) شهيدي سيد جعفر، ترجمة نهج البلاغة ط ٢، ١٣٧٠ هـ، انتشارات معهد الانقلاب الاسلامي، ص 34. نقلاً عن مجلة آفاق الحضارة الاسلامية العدد / ١٥ (124) شهيدي سيد جعفر، المصدر السابق، ص 67--69. (125) المبرد محمد بن جرير، الكامل في اللغة والادب، مكتبة المعارف، بيروت، ج ١/١٣. (126) ابن ابي الحديد، شرح نهج البلاغة، دار احياء التراث العربي بيروت، ١/٤٤١. (127) سورة (الاعراف/ ٦٢) (128) سورة(نوح/ ٤-٩) (129) سورة(الاعراف/ ٨٥) (130) سورة(البقرة/ ٢١٢). (131) سورة(التوبة / ٨٧). (132) سورة(يونس/ ٨٩). (133) سورة(هود/ ٤٤). (134) ينظر: الغروي محمد، الامثال والحكم، مؤسسة النشر الاسلامي، قم ٠٧٤١ ه.، ص ٣٨٨. (135) ينظر: أحمد بن عبد الوهاب النويري، نهاية الإرب في فنون الأدب الناشر: دار الكتب العلمية، ط1، 2004، ج ٧/١٥٠. (136) كمال الدين ميثم بن علي بن ميثم البحراني المعروف بـ(ابن ‏ ميثم)، شرح ‏نهج‏ البلاغة، دار الثقلين – بيروت لبنان،ج4، ص ص۲۳2-۲۳3. (137) ينظر: نهج البلاغة، سيد جعفر الشهيدي، طهران: علمي و فرهنگي، 1377 ش، ص۲۱۲. (138) نهج البلاغة، للسيد جعفر الشهيدي، ص 214. (139) ترجمة و شرح نهج البلاغة، السيد علي نقي فيض الإسلام، الخطبة 232، ج4، ص۸۰۱. (140) نهج البلاغة، السيد جعفر الشهيدي، ص۲۲۰-۲۲۱. (141) نهج البلاغة، السيد جعفر الشهيدي، ص۲۱۸. (142) نهج البلاغة، السيد جعفر الشهيدي، ص۲۱۹. (143) نهج البلاغة، السيد جعفر الشهيدي، ص۲۱۱. (144) نهج البلاغة، السيد جعفر الشهيدي، ص۲۱5. (145) نهج البلاغة، السيد جعفر الشهيدي، ص۲۱2. (146) نهج البلاغة، السيد جعفر الشهيدي، ص۲۱2 (147) نهج البلاغة، السيد جعفر الشهيدي، ص۲۱۷ (148) شرح نهج البلاغة، ابن ابي الحديد، ج 2،، ص151. (149) شرح نهج البلاغة، ابن ابي الحديد، ج 2،ص151. (150) شرح نهج البلاغة، ابن ابي الحديد، ج 13، ص213 (151) شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد، ج 13،، ص213 (152) نهج البلاغة، السيد جعفر الشهيدي، ص503. (153) نهج البلاغة، السيد جعفر الشهيدي، ص 503- 504.

اليمن تحتفل بعيد رجب الأصب
اليمن تحتفل بعيد رجب الأصب

شبكة النبأ

timeمنذ 6 أيام

  • شبكة النبأ

اليمن تحتفل بعيد رجب الأصب

يحتفل اليمنيون في الجمعة الأولى من شهر رجب بدخول أجدادهم في الإسلام طواعية، عكس بقية شعوب الجزيرة العربية وما جاورها. والاحتفال بالجمعة الأولى من شهر رجب ليس وليد اللحظة بل هو من الأعياد الدينية المقدسة لدى اليمنيين منذ قرون عديدة، ولهذا اليوم مكانة عظيمة لديهم لأنه من... يحتفل اليمنيون في الجمعة الأولى من شهر رجب بدخول أجدادهم في الإسلام طواعية، عكس بقية شعوب الجزيرة العربية وما جاورها. والاحتفال بالجمعة الأولى من شهر رجب ليس وليد اللحظة بل هو من الأعياد الدينية المقدسة لدى اليمنيين منذ قرون عديدة، ولهذا اليوم مكانة عظيمة لديهم لأنه من الأعياد الخاصة بهم دون سائر الأمم، عكس عيد الأضحى وعيد الفطر، يحيونه حمداً وشكراً لله على نعمة الإسلام. إنه يومٌ من أيام الله المباركة، اعتاد اليمنيين كابر عن كابر تعظيمه وإظهار كل مباهج الفرح والسرور فيه، وهو لا يقل أهمية ومكانة وقداسة في حياتهم عن أعياد الفطر والأضحى والغدير والهجرة والمولد النبوي الشريف والإسراء، يحيونه بالحمد والشكر لله على ما إمتنّ به على أجدادهم من نعمة اعتناق دين الرحمة المهداة، والإيمان برسالة خاتم الأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليه وعلى آل الطيبين الطاهرين، طواعية، بلا جدال ولا مماراة ولا خوف، بل حُباً وعِشقاً للحق وأربابه. تُرافق مباهج الاحتفال بجمعة رجب طقوس متوارثة منذ مئات السنين، ففي السنة التاسعة للهجرة دخل الإسلام إلى اليمن، وتحديدا في أول جمعة من شهر رجب حينما وصل الصحابي الجليل مُعاذ بن جبل إلى منطقة الجَنَد بمحافظة تعز، ليبني أول جامع حيث وقفت ناقته، ويدعو الناس إلى الدين الجديد، فدخل اليمنيون في دين الله أفواجاً، ولا زالت الصوفية تحتفل بهذه الذكرى العظيمة في ذات المكان والزمان الى يومنا، يخرج الناس رجالاً ونساءً وأطفالاً إلى جامع الجند، يستمعون الخطب والأناشيد والمدائح النبوية التي تقام على هامش الذكرى، ويمكثون أياماً يعيشون خلالها أجواء الإسلام وتاريخ الإسلام في اليمن. مشروعية الاحتفال بعيد رجب: تعمل الجماعات التكفيرية بكل ما أوتيت من قوة على محاربة كل ما يذكر الناس بدينهم ونبيهم، بدعاوى ما أنزل الله بها من سلطان، وتفسيق وتكفير وتبديع المحتفلين من المؤمنين والموحدين بميلاد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو هجرته أو ذكرى الإسراء أو عيد الغدير أو عيد الجمعة الأولى من شهر رجب،..، دون أن يكون لديهم أي دليل عقلي أو منطقي أو نصي مقنع، بل مجرد أهواء تُتبع، ونزوات تُبتدع، وعصبيات جاهلية تُخترع، خدمة لأولياء نعمتهم من الملوك والسلاطين. والسؤال هنا: ما هي المحرمات التي يقترفها المحتفلون بذكرى عيد رجب الأصب على سبيل المثال كي يستشيطوا غضباً؟، قد ربما هي مظاهر البهجة والشكر بما تكرّم الله به على أباء اليمنيين من نعمة الإسلام، وسجود خير الأنام شكراً لإسلامهم، وقد ربما يكون تذكر ما كان عليه جيل الفاتحين من الأنصار والمهاجرين من تفاني في خدمة ونشر الدين الخاتم، وقد ربما ما يرافق ابتهاج اليمنيين بدخول أجدادهم الاسلام وما يصاحب ذلك من فعاليات تُذَكِرُ الأحفاد بهويتهم الإيمانية، وقد ربما يكون ما سبق من الكبائر الموجبة لغضب وسخط الجبار. يقول الله سبحانه وتعالى "ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب" وأي شيء أعظم وأحق بالاحتفاء من دخول الأجداد في دين الله سلمياً، عن يقين واقتناع، لا خوفاً من حد السيف كما هو حال الطلقاء. ولهذا لا غرابة أن نجد اليمنيين في مقدمة الفاتحين، وعلى أكتافهم قامة دعائم الدين، بينما تحول الطلقاء الى معول هدم للإسلام، وسهم غائر في خاصرة المسلمين على مر العصور والأزمان. يقول العلامة "عدنان الجنيد": ان إحياء ليلة جمعة رجب والاحتفال بيومها داخلة في عموم قوله تعالى: "ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب"، وقوله تعالى: "قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون". الآية الأولى تشير إلى أن تعظيم شعائر الله تُعَدُ من التقوى، والشعائر هي معالم الدين - كما قال المفسرون - وإذا كانت مناسك الحج تُسمى بالشعائر، فإنما لكونها علامات للتوحيد والدين الحنيف، وكل ما هو شعيرة لدين الله فإن تعظيمه مما يُقرِّب إلى الله، ولاشك بأن مسجد الجند بتعز ومسجد الأشاعرة بزبيد والجامع الكبير بصنعاء، الذين أشرق نور الإسلام منهم، من أبرز علامات دين الله تعالى، وتخليد هذه المناسبة فيهم مما يقرب إلى الله تعالى. والآية الثانية تأمرنا بأن نفرح بفضل الله وبرحمته المهداة، فقد تفضل الله علينا بالإسلام ورحمنا بنبيه عليه وآله الصلاة والسلام، فأخرجنا من الجهالة الجهلاء إلى الأنوار واللألاء، فيحقُ لجميع اليمنيين أن يفرحوا بيوم جمعة رجب ويُقيموا في تلك المساجد الاحتفالات الدينية والمحاضرات المحمدية، ويربوا أجيالهم على ذلك حتى يعرفوا عظمة ما هنالك. ويؤكد العلامة "حسين أحمد السراجي" أن الاحتفاء بهذه المناسبة، وجعلها عيداً، فيه ذكرٌ وحمدٌ وثناءٌ وصلة أرحام وتفقد للفقراء والبائسين. والإكثار من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أمرٌ عظيم، وسنةٌ حسنة دعانا إليها العلي العظيم في محكم تنزيله ونبيه الهادي في صحيح مسنونه. يقول الله في محكم التنزيل: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ". ويقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: "من سَنّ في الإسلام سُنةً حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء". فهل هناك أعظم من الابتهاج بالهداية والتوحيد المتضمن حمد الله وشكره والثناء عليه وصلة الأرحام والتوسعة على المحتاجين والصلاة على الهادي وآله؟. بل إن كل واحدة من هذه الخصال تُعدُ مشروعاً خيرياً متكاملاً يُعتبر من صميم روح الإسلام وجوهر دعوته. إسلام أهل اليمن: أجمع المؤرخون على أن السواد الأعظم من اليمنيين أسلموا خلال الفترة 6-10 هـ، على دفعات، فُرادا وجماعات. فبعد انصراف رسول صلى الله عليه وآله وسلم من الحديبية في ذي الحجة 6 هـ، وجه رسله ورسائله الى مختلف ملوك وأمراء الدول والأقطار المعاصرة، وقبائل العرب في شمال وجنوب الجزيرة العربية، بما فيها قبائل اليمن، يدعوهم فيها الى الإسلام، ووصل أول مبعوثٍ له الى اليمن في محرم 7 هـ، وكان اليمنيون قد تعرفوا على الإسلام من خلال قوافل التجارة، ولذا سبق العديد منهم الى الإسلام، قبل بعث الرسول رسله الى الملوك ورؤساء العشائر. ووجه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أول رسالة الى رؤساء قبيلة حمير، وكانت لها اليد الضاربة في اليمن، فأرسل المهاجر بن أمية المخزومي الى أبناء "عبدكلال الحميري"، النعمان والحارث ونعيم ومروح وعريب، وهم أقيال رعين، ومعافر وهمدان. كما أرسل صلى الله عليه وآله وسلم الى أساقفة نجران، وبني معاوية من كندة في حضرموت، وبني ربيعة بن ذي المراحب، من حمير بحضرموت،..، ألخ. فتقاطرت القبائل من أنحاء الجزيرة العربية لمبايعة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، على الدخول في الإسلام والسمع والطاعة، وكلما أسلم فوجٌ أرسل معهم من يعلمهم أمور دينهم، وينظم شؤن دنياهم، وكانت وفود اليمن أكثرها عدداً، بتعدد قبائلها. وتُجمِع المصادر التاريخية أن أهل اليمن أسلموا كافةً في عهد رسول الله عكس الأقوام الأخرى، فمنهم من أسلم والرسول في مكة المكرمة كما هو حال عمار بن ياسر بن عامر العنسي المذحجي وأمه وأبيه، ومنهم من أسلم بعد هجرة الرسول الى المدينة وقبل فتح مكة المكرمة كما هو حال الأوس والخزرج والأزد، وغالبيتهم أعلن إسلامه في عام الوفود. وبالمجمل يمكن تقسيم اسلام اليمنيين من حيث المكان، الى نوعين: 1 – فئة ذهبت الى رسول الله وأعلنت إسلامها بحضرته الشريفة. 2 – فئة أسلمت في اليمن دون أن تهاجر الى رسول الله ودون أن تتشرف برؤيته. وكانت همدان ودوس أول القبائل اليمنية اسلاماً والرسول لا يزال في مكة المكرمة، تبعتهم بطون كثيرة من سعد العشيرة ومذحج والأشاعرة بتهامة،..، وبعد هجرة الرسول الى المدينة وتحديداً عقب عودته من غزوة تبوك قَدِمَ الى المدينة وفدٌ كبيرٌ من همدان، يتقدمهم أقيال ووجهاء وأعيان القوم من خارف ويام وشاكر وغيرها، وكان قدومهم بعد عودة رسول الله من غزوة تبوك. يروي البيهقي في الدلائل، وابن القيم في زاد المعاد وغيرهما عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعث خالد بن الوليد إلى اليمن يدعوهم إلى الإسلام فلم يجيبوه، فبعث علياً عليه السلام وكنا فيمن عقّب على علي، ثم صفنا صفاً واحداً، وتقدم بين أيدينا وقرأ عليهم كتاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأسلمت همدان جميعاً في يوم واحد، فكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بإسلامهم، فلما قرأ صلى الله عليه وآله وسلم الكتاب خرّ ساجداً، ثم رفع رأسه فقال: السلام على همدان - كررها ثلاثاً - ثم قال : "نعم الحي همدان.. ما أسرعها إلى النصر وأصبرها على الجهد، منهم أبدال – أولياء - وفيهم أوتاد – رؤساء – الإسلام". وكان بعث النبي للإمام علي عليه السلام الى همدان في رمضان من السنة العاشرة للهجرة. قال العلامة "محمد بن علي الاهدل": يكفي اليمن شرفاً أن يسجد الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم شكراً لله تعالى على إسلام أهله، دلّ مصدره ببرهان ساطع على سعة مداركهم وسلامة عقولهم ومعرفتهم الحق الواضح، وتمييزه عن الباطل، فكانوا أسرع الأمم انقياداً الى الدين الإسلامي، والإيمان به، بدون احتياج الى حرب أو مناقشات جدلية، وإنما عرفوا الحق فأذعنوا له، وسلموا اليه طائعين. وقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عن همدان يُعد دليلاً واضحاً على ما هو واقع ويجري في عصرنا الحاضر "وما اصبرها على الجهد"، إذ لا يوجد شعبٌ من شعوب الأرض قد صبر هذا الصبر الذي صبره الشعب اليمني، رغم الحصار الجوي والبحري والبري من قبل تحالف عدوان العاصفة من أحفاد الطلقاء، للعام السادس على التوالي. ومن لطيف ما يرويه إبن جرير في تفسيره لقوله تعالى: "ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا"، عن "عبدالله بن عباس" رضي الله عنه، قال: بينما رسول الله بالمدينة، إذ قال: "الله أكبر الله أكبر، جاء نصر الله والفتح وجاء أهل اليمن". قيل يا رسول الله: وما أهل اليمن. قال: "قوم رقيقة قلوبهم، لينة طباعهم، الإيمان يمان والحكمة يمانية". وأرسل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم العديد من الصحابة الى اليمن لإرشاد اليمنيين وتعليمهم أمور دينهم وبسط سيادة الدولة الإسلامية، أهمهم: الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، والصحابي الجليل معاذ بن جبل، وأبو موسى الأشعري. ومن طريف ما يرويه المؤرخ اليمني "محمد بن يحيى الحداد" في تاريخه، أن معاذاً عندما قدم الى اليمن، دخل من صعدة، وأمر أهلها ببناء مسجد لهم، ثم انصرف الى صنعاء، واجتمع بأهلها، وألقى عليهم كتاب رسول الله، وأمرهم ببناء جامع لهم في بستان "باذان" وهو ما يعرف اليوم بالجامع الكبير، وفي أواخر جمادى الآخرة وصل الى الجند بتعز، واجتمع له الناس في أول جمعة من رجب وخطبهم وبين لهم رسالة الإسلام التي جاء بها سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم. وأمر ببناء مسجده المعروف بمسجد الجند، وبعد اكتمال بنائه أٌقيمت فيه صلاة الجمعة، والتي صادفت أول جمعة من شهر رجب، وقد فرح الناس واستبشروا بأن أعزهم الله بالإسلام وحررهم من الكفر والشرك، لذا اتخذ اليمنيون الجمعة الأولى من كل رجب عيداً لهم، وألِف الناس إتيان جامع الجند في أول جمعة من شهر رجب للصلاة والذكر. بينما توجه أبو موسى الأشعري الى زبيد، وبها أقام مسجد الأشاعرة. وبعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام إلى اليمن عدة مرات الى همدان وزبيد ومذحج ونجران وغيرها، فزار اليمن في أواخر السنة الثامنة للهجرة، وهي أول بعثة له سلام الله عليه، وفي السنة التاسعة للهجرة قبل حجة الوداع، وفي رمضان سنة 10 للهجرة بعثه إلى مذحج، وفي أول جمعة من رجب اجتمع الإمام علي عليه السلام بمشائخ همدان، وبعد أن أعلنوا إسلامهم على يديه بأجمعهم، صلى بهم العصر في المكان المعروف حالياً بجامع علي، في سوق الحلقة بصنعاء القديمة، وبعد إسلام همدان، أسلمت جميع القبائل اليمنية. ومكث سلام الله عليه في صنعاء 40 يوماً حاكماً ومُفقِهاً، ودخل عدن أبين وعدن لاعة من بلاد حجة وقدر خربت من زمن طويل، ويقال أنه دخل اليمن في زمن أبو بكر، ودخل عدن أبين ثانية، وخطب على منبرها. ما سبب إسلام اليمنيين طواعية؟ أتى الإسلام واليمن بلدة ممزقة، وقبائلها متناحرة، بسبب الصراع بين اليهودية والمسيحية، وما خلفه من خراب ودمار، جعل اليمن مسرحاً للطامعين من الغزاة والمحتلين، بدءاً بالرومان وعبيدهم الأحباش، وانتهاءا بالفرس، وصراع ملوك اليمن، ومع بزوغ شمس الإسلام، رأى اليمنيون أن بوابة الخلاص الوحيدة مما يعانوه هو اعتناق دين سماوي جديد يدعو اليه نبي عربي من بني هاشم من قريش. وبإسلامهم تم إزالة كل أنواع الخلافات والحروب القبلية والانقسامات الداخلية المتراكمة بين أقيال اليمن منذ عهد سيف بن ذي يزن، لهذا تسابقت الوفود اليمنية الى المدينة المنورة تعلن إسلامها وطاعتها. قال العلامة محمد بن علي الأهدل: كانت اليمن قد انحطت عظمتها، وتقوضت صروحها، وإنهار مجدها الباذخ، وسلطانها الشامخ، وتقلص ظلها وطُوي بساط عزها ومجدها، حتى لم يتبق في يدها إلا بلادها، ومنبت أرومتها، بل لم تحتفظ بها، لتفرق كلمتها، وتصدع وحدتها، بانفجار براكين الفتن الداخلية بين أقيالها وأمرائها، واستقل كل قيلٍ ببلاده، وما قدر على الدفاع عنه. وتشعبت اليمن الى ثلاث طوائف فطائفة اعتنقت اليهودية وطائفة النصرانية والثالثة بقيت على عبادة الأوثان والنجوم، فتغلبت اليهودية على النصرانية، واستبدت بها، وخدّت لها اخدوداً في مخلاف نجران اشعلت فيه النيران،..، فألقت فيه كل من رفض الرجوع الى اليهودية،..، وهكذا أتى الإسلام واليمن في حروب وصراعات يشيب من هولها الطفل الرضيع، فلم تجتمع إلا لسيد الأنبياء والمرسلين بسبب صدق إيمان أهلها، وقربهم من النور المحمدي. ....................................... المراجع: 1 – عدنان الجنيد، ذكرى مناسبة دخول الإسلام إلى اليمن واحتفاء اليمنيين بها، يمني برس، 23 مارس 2018 2 - محمد يحيى الحداد، التاريخ العام لليمن، الجزء الثاني، شركة دار التنوير للطباعة والنشر – بيروت، الطبعة الأولى 1986 3 - الدكتور محمد أمين صالح، تاريخ اليمن الإسلامي، مكتبة الكيلاني – القاهرة، الطبعة الأولى 1975 4 - العلامة محمد بن علي الأهدل الحسيني، نثر الدر المكنون في فضائل اليمن الميمون، مطبعة زهران – القاهرة، الطبعة الأولى. 5 - زيد المحبشي، اليمنيون يحتفلون بإسلام أجدادهم في الجمعة الأولى من رجب، مركز البحوث والمعلومات، 27 فبراير 2020 6 - إسراء الفاس، جمعة رجب: يوم دخل اليمنيون إلى الإسلام، موقع قناة المنار اللبنانية، 31 مارس 2017

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store