
أنا... «أمٌّ مثالية»... لابنٍ مثالي .. بقلم فاطمة ناعوت
بقلم فاطمة ناعوت
غمرنى الفرحُ حين اختارنى مجلسُ الشباب المصرى، ومنتدى القيادات النسائية أمًّا مثالية لعام 2025، ضمن جميلاتٍ استحققن هذا اللقب الرفيع. الأمومةُ فى ذاتها لقبٌ عظيم، وحين تُكرَمُ
الأمُّ وتُكرَّمُ بأن تُهديها السماءُ طفلاً من أبناء طيف التوّحد، يزدادُ اللقبُ ثِقلاً وقيمةً وإشراقًا. الأمومةُ تجربةٌ مدهشة، لكن أمومةَ المتوحِّد رحلةٌ ثريةٌ حاشدةٌ
بالاكتشافات المدهشة التى تفاجئُك فى كل دقيقة من كل ساعة من كل يوم. أن تكون أمًّا لطفلٍ على طيف التوحد، يعنى أن تعيش حياةً غير عادية، تعيدُ فيها اكتشافَ الأشياء البسيطة وكأنك
تراها لأول مرة. أن تحتفل بكلمة، وتبتهج لابتسامة تجعلُ الشمسَ تشرقُ فى قلبك. يعنى أن تصبح مترجمًا لعالمٍ مختلف، تفهم لغتَه التى لا يفهمها الآخرون، وتحفظ خريطة مشاعره التى لا يراها سواك.
لم أخترِ ابنى، لكن لو قِيدَ لى الاختيارُ ما اخترتُ إلا هذا المدهش عمر. لو خُيّرتُ بين أمومتك وبين كنوز الأرض، لاخترتُك أنت يا عمر. لم أختركَ، بل أنتَ مَن اختارنى من عالم الغيب، كما قال أحدُ العارفين: إن
أطفال طيف التوحد ينتقون أمهاتِهم ليكنَّ رفيقاتِ الرحلة الشاقّة الشيقة، ليضعوا أياديهم الصغيرة فى أيادى أمهات جسورات قادرات على نسج الابتسامة من خيوط الدمع، واختراع الأمل من مادة القنوط، وانتزاع الفرح من
جسد الوجع. فكيف وقعَ اختيارُك عليَّ يا عمر؟ أىّ سرٍّ دفعك لاختيارى، وأى نورٍ أبصرتْه روحُك فى روحى لتضع يدك فى يدى، وتُسلّمنى مفاتيحَ عالمك المُدهش؟ ذاك العالمُ البعيدُ عن صخبِ البشر، القريبُ من موسيقى السّماء.
لو قِيدَ لى أن أعودَ إلى اللحظةِ الأولى، إلى حيثُ كنتُ روحًا تتجوّلُ فى المدى، وسُئلتُ: أىّ الأقدارِ تهوين؟ لقلتُ: أختارُ أن يكون قدرى مشبوكًا بقَدر هذا الصغير الجميل الذى علّمنى ما فاتنى أن
أتعلّمه على مقاعد الدرس. علّمنى أن الصمتَ لغةٌ، والعُزلةَ زحامٌ، وأن لمسةً من يد ذاك الصامتِ المنعزلِ على يدى حين أبكى، تُحوّل الحزَنَ إلى ابتسام، وتُذيبُ قساوةَ الحياة على باب الرجاء فى وجه الرحمن.
يا بُنى، عليك أن تعلم أنك هديةُ الله لى، اصطفانى بها لئلا يتوقف لسانى عن شكره. وإن كان التكريمُ شهادةً تُمنَح، فقد منحتَنى أعظمَها. وإن كان الفخرُ تاجًا يُرصّع الجبين، فقد توّجتَنى منذ أن نطقتَ
اسمى بعينيكَ قبل شفتيك. وإن كانت الأمومةُ رحلة، فأنا الرّاحلةُ فى بحركَ الهادئ، وواديك الصموت، أتعلمُ منك كلَّ يومٍ ألفَ درسٍ من دروس الجمال، غير مسطورة فى موسوعات الدنيا. فى كتابَيَّ اللذين
كتبتُهما عن تجربتى مع ابنى: عمر... من الشرنقة إلى الطيران، عمر... بيتٌ من المكعبات فى مدينة الملائكة، بابٌ عنوانه: ماذا تعلّمتُ من عمر، يزخرُ ببعض تلك الدروس التى لو أفردتُ لها صحافَ الأرض، ما وسعتها.
شكرًا للدكتور محمد ممدوح، وشكرًا للدكتورة أمانى البدرى على اختيارى ومنحى درع الأم المثالية. وشكرًا للسفيرة الراقية مشيرة خطّاب التى شرّفت الحفل مع الأمهات الجميلات من فلسطين وأفريقيا اللواتى أشرقن كالشموس فى مقر مجلس الشباب المصرى أمس الأول فى احتفالية الأم المثالية لعام 2025. وشكرًا لابنى الجميل عمر الذى منحنى شرفَ أمومته. والشكر كله لله على هذه النعمة الغالية.
***
(إلى عُمر)
أتوبيسُ المدرسة الذى لم تستقلّه، يهمسُ لى بأنه حزينٌ، يفتقدُ صخبَك ونداءاتِك على الصحاب لحظةَ العودة إلى البيت. مقعدُك فى المدرسة الذى لم تشغله أبدًا، أخبرنى بأنه ظلَّ يخترعُ الحيلةَ تلو الأخرى حتى يظلَّ شاغرًا
فى انتظارك عامًا بعد عام، يأبى أن يُجلسَ عليه تلميذًا غيرَك. الكراساتُ والكتبُ المدرسيةُ والأقلامُ والبرجلُ والمنقلةُ والمسطرةُ والمثلثُ والممحاةُ التى لم تعرف طريقَها إلى حقيبتِك، وحقيبتُك التى لم نشترها لك
من محل الحقائب المدرسية، والزىُّ المدرسىُّ الذى لم يلامس جسدَك إلا عامًا وبعضَ عام، والفصولُ التى لم تدخلها إلا قليلًا، وروبُ الجامعة والقبّعة التى لم ترفعها فى نشوة لتلقيَها فى الهواء مع قبعاتِ الصحاب يومَ التخرج.
ابنةُ الجيران التى لم تقف فى شرفتها تختلسُ النظرَ إليكَ، ولم تلقِ لها قصائدَ وورودًا فى مشابك الغسيل، جميعُها حزينةٌ، تفتقدُ حضورك وتبكى خساراتِها وضيعتَها؛ كحزن أمٍّ ظلَّ الدمعُ
يطفرُ من عينيها كلَّ مساء، وتمزقت أوتارُ أصابعها وهى تعدُّ المساءاتِ الطويلةَ التى ما أشرقت فيها شمسٌ، ولا طلَّ قمرٌ، وما جرى ماءٌ فى نهر، ولا زادَ البناءُ عُلوًّا، وما ازداد المعجمُ
حروفًا ولا كلماتٍ إلا بقدر ما تقطرُ غيمةٌ بخيلةٌ على صخرةٍ جافة؛ قطرةً نحيلةً كلَّ عام. لكن ابتسامتَك الرائقةَ وأنت تقولُ: بحبك يا ماما، تعادلُ الكونَ وما فيه، وتُطلق ملايين العصافير من أعشاشها.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجمهورية
منذ 37 دقائق
- الجمهورية
أول تعليق من حلمي عبد الباقي بعد خضوعه لعملية جراحية
وأضاف: أوجه الشكر لنقيب الموسيقيين الفنان مصطفى كامل وجميع أعضاء مجلس الإدارة على تواصلهم معى طول الوقت والاطمئنان عليا، بالإضافة إلى أصدقائى من داخل الوسط الفني وخارجه، مشيرا أنه يعود للمارسة عمله في النقابة خلال الأسبوع المقبل . وطرح مؤخرا حلمى عبد الباقى أغنيته الجديدة " كفاية جراح" من كلمات زياد حسن وألحان محمد الفخراني وتوزيع رامي المصرى. وتقول كلمات الأغنية: أنا قلبي يا دنيا فاض بيه إنتى بتعملي فيه كده ليه، بتجرحى من غير أسباب، رخيلي ياعمر حبالك سيب ولا مليش في الدنيا نصيب، يعني أنا مش معمولى حساب، الله يخليكي كفاية جراح ولا أنا مش مكتوبلي أرتاح".


الجمهورية
منذ ساعة واحدة
- الجمهورية
حقيقة زواج أحمد السقا بعد انفصاله عن مها الصغير
وقال أحمد السقا خلال الندوة: 'تزوجت وأنا في عمر 23 سنة، واليوم أعيش لأولادي، فهم الأولوية المطلقة في حياتي'، موضحًا أن فكرة الزواج مرة أخرى ليست ضمن خططه الحالية، حيث بات تركيزه منصبًا على تربية ورعاية أبنائه: ياسين، نادية، وحمزة. وتناول أحمد السقا علاقته بطليقته مها الصغير ، مؤكدًا أن الاحترام المتبادل لا يزال قائمًا بينهما رغم انتهاء العلاقة الزوجية. وأضاف: 'أحترم أم أولادي، وهي عشرة وسيدة فاضلة، ربت أولادي أحسن تربية. قدر الله وما شاء فعل'. وشدد على أن العلاقة بينهما تجاوزت إطار الزواج ، واصفًا إياها بأنها شراكة طويلة الأمد أساسها المودة والاحترام والتفاهم، مع استمرار التواصل بينهما لما فيه مصلحة أبنائهما. حديث جاء ليرد بوضوح على الشائعات التي تم تداولها مؤخرًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي بشأن حياته الشخصية، وليؤكد أن العائلة ما زالت على رأس أولوياته، حتى بعد الطلاق.


الدستور
منذ 2 ساعات
- الدستور
مينا أبوالدهب عن ترشيحه لشخصية "عبيد" بـ"ولاد الشمس": محطة فارقة فى حياتى
قال الفنان مينا أبوالدهب، إن ترشيحه لدور "عبيد" في مسلسل "ولاد الشمس"، الذي عرض في السباق الرمضاني الماضي، جاء بترتيب رباني قوي، مؤكدًا أن الأمر، رغم ما قد يبدو عليه من صدفة، إلا أنه كان موضوعًا مرتبًا ومجهزًا من الله بشكل كبير. وأضاف "أبوالدهب"، خلال تصريحاته لبرنامج "أون سيت"، والمذاع عبر فضائية ON، أن هناك اختبار أداء تم على الدور لمعظم الممثلين، مشيرًا إلى أنه تقدم للترشيح، وكان ذلك من خلال ترشيح المخرج شادي عبدالسلام نفسه، والذي كانت لديه رؤية خاصة لدور "عبيد" تحديدًا، رغم أن الدور لم يكن مكتوبًا بما يتوافق مع المواصفات الشكلية والسمات الخاصة به، إلا أن المخرج كان لديه تصور في توظيف الشخصية بشكل مميز ومختلف تمامًا. وأوضح أنه أدى اختبار الأداء مع مجموعة من الممثلين الآخرين على نفس الدور، وأنه حفظ مشاهده ثم دخل مرة ثانية، وبعد ثلاثة أسابيع بدأ يتلقى اتصالات تبلغه بالاختيار، ولم يصدق في البداية ولكن فرحته كانت كبيرة باختياره، مؤكدًا أن الدور كان بمثابة محطة فارقة في مسيرته.