
"الأوبرا" تقدم الباليه الكلاسيكي الشهير "الجمال النائم" في 4 أمسيات
تعرض دار الأوبرا المصرية برئاسة الدكتورة لمياء زايد، رائعة المؤلف الموسيقي العالمي تشايكوفسكي، الباليه الكلاسيكي الشهير "الجمال النائم" لفرقة باليه أوبرا القاهرة، بمصاحبة أوركسترا أوبرا القاهرة بقيادة المايسترو أحمد فرج ومن إخراج مديرها الفني أرمينيا كامل.
وذلك في الثامنة مساء من أيام الاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس المقبلين على المسرح الكبير بالأوبرا.
وذكرت دار الأوبرا - في بيان اليوم الخميس- أن تقديم الباليه الكلاسيكي الشهير "الجمال النائم" يأتي ضمن استراتيجية وزارة الثقافة لنشر أبرز الإبداعات العالمية في مختلف مجالات الفنون الجادة، وتدور أحداثه حول الأميرة الصغيرة التي تدبر ساحرة شريرة حيلة لقتلها بجرح من إبرة مغزل، ورغم احتياطات والدها الملك، تنجح الحيلة فتموت الفتاة على الفور، إلا أن بعض الجنيات الطيبات يتعاطفن معها ويحولن موتها إلى نوم طويل ويربطن استيقاظها بظهور أمير شاب ينقذ "الجمال النائم".
العرض من تصميم ماريوس بيتيبا، وديكور محمد الغرباوي، وتصميم إضاءة ياسر شعلان، ويتضمن مقدمة وثلاثة فصول.
وأشارت الأوبرا إلى أن عرض "الجمال النائم" يعد أحد أشهر الأعمال الكلاسيكية العالمية، وتم تقديمه للمرة الأولى عام 1890 على مسرح "مارينسكي" بسان بطرسبرج، وتم تناول قصته بعدة أشكال ومعالجات فنية متنوعة.
يذكر أن فرقة باليه أوبرا القاهرة تأسست عام 1966، وكانت تابعة للمعهد العالي للباليه، وقدمت أولى عروضها في نفس العام، كما قدمت عروضها في العديد من دول العالم ومنها (روسيا، بلغاريا، ألمانيا، فرنسا وتونس)، وأصبحت أحد الفرق التابعة لدار الأوبرا عام 1991، ويضم ريبورتوارها مجموعة من أشهر العروض الكلاسيكية العالمية منها "روميو وجولييت، بحيرة البجع، كسارة البندق، جيزيل، دون كيشوت، طقوس الربيع، هاملت، لوركيانا، كارمينا بورانا، بوليرو، سندريلا ، رقصات نلتقي بها".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


سيدر نيوز
منذ 2 أيام
- سيدر نيوز
نساء أكثر تعليماً… هل تتبدّل قواعد الزواج؟
من القصص الخيالية الكلاسيكية مثل سندريلا والأمير، إلى الأزواج البارزين في الأدب، كإليزابيث بينيت والسيد دارسي في رواية جين أوستن كبرياء وتحامل، لطالما كرّست الثقافة الشعبية فكرة زواج النساء من رجال ينتمون إلى طبقة اجتماعية أعلى. لكن مع تزايد أعداد النساء الحاصلات على تعليم جامعي واستقلال مالي، بدأت هذه الديناميكيات التقليدية في التبدّل. وتقول نادية شتيبر، أستاذة علم الاجتماع في جامعة فيينا: 'نشهد اليوم فجوة متزايدة بين النساء والرجال في الفئة العمرية الشابة، إذ بات عدد النساء المتعلمات تعليماً عالياً يفوق بكثير عدد الرجال'. وتضيف أن كثيرات من هؤلاء النساء يسعين، من حيث المبدأ، إلى شركاء يتمتعون بمستوى تعليمي أو اجتماعي واقتصادي مماثل. غير أنهن، في كثير من الحالات، يجدن أنفسهن مضطرات للقبول بخيارات أقل من حيث المكانة الاجتماعية، وهي ظاهرة تُعرف في الأوساط الأكاديمية باسم 'الزواج من طبقة أدنى' أو 'الزواج التنازلي' hypogamy. هل النسوية 'فكرة غربية صُنعت لتدمير مجتمعاتنا'؟ زواج أبناء العمومة: ماذا تخبرنا الأدلة الجديدة عن صحة الأبناء؟ ما هو الارتباط من طبقة أدنى؟ يشير مصطلح 'الزواج من طبقة أدنى' إلى الارتباط بشريك ينتمي إلى مستوى اجتماعي أو اقتصادي أو تعليمي أدنى. وعلى عكس ذلك، كان الزواج من طبقة أعلى hypergamy، تقليدياً، أكثر شيوعاً ومقبولاً لدى النساء، في ظل تشجيع الأعراف الثقافية على البحث عن شريك يتمتع باستقرار مالي أكبر، أو موقع مهني أرفع، أو مستوى تعليمي أعلى، أو حتى فارق في السن. وتوضح كاثرين حكيم، عالمة الاجتماع والباحثة في مركز 'سيفيتاس' للأبحاث في لندن: 'تاريخياً، كان الفتيان – بحكم تأخر دخولهم سوق العمل – يحصلون على فرص تعليمية أكبر من الفتيات، اللواتي كن يتعلمن المهام المنزلية على يد أمهاتهن'. وتضيف: 'الفجوة الكبيرة في السن والتعليم بين الزوجين، آنذاك، هي ما أتاح للنظام الأبوي أن يزدهر. أما اليوم، فقد بات تكافؤ الفرص التعليمية بين الذكور والإناث من سمات المجتمعات الغنية الحديثة'. تحوّل في الأرقام تعكس البيانات الحديثة ملامح هذا التحوّل المتسارع. فقد أظهرت دراسة أجراها مركز بيو للأبحاث عام 2023، أن 24 في المئة من النساء في الزيجات المغايرة في الولايات المتحدة يتمتعن بمستوى تعليمي أعلى من أزواجهن، مقارنة بـ19 في المئة عام 1972. وأشارت الدراسة ذاتها إلى أن 29 في المئة من الأزواج يتقاضون رواتب متقاربة. ورغم بقاء النموذج التقليدي هو السائد – إذ لا يزال أكثر من نصف الرجال يعدّون المعيلين الأساسيين أو الوحيدين في أسرهم – إلا أن النساء أصبحن المعيلات الرئيسيات في 16 في المئة من الزيجات. ومن اللافت أن نسبة النساء اللواتي يكسبن ما يساوي أو يفوق دخل أزواجهن تضاعفت قرابة ثلاث مرات خلال العقود الخمسة الماضية. وينظر إلى هذه التحوّلات بوصفها تحدياً للمعايير الجنسانية الراسخة، وإعادة صياغة للتوقعات المرتبطة بفكرة الشراكة. وتقول ميشيل بيغي، خبيرة العلاقات في منصة Ignite Dating، إن بعض النساء ما زلن يفضّلن شركاء من مكانة اجتماعية واقتصادية أعلى، إلا أن كثيرات منهنّ أصبحن يمنحن الأولوية اليوم للتوافق العاطفي والقيم المشتركة والاحترام المتبادل، بدلًا من مؤشرات المكانة الاجتماعية التقليدية. وتضيف: 'يعكس هذا التحوّل توجّهاً أوسع نحو علاقات أكثر مساواة، تركّز على الشراكة الشخصية لا على البنى الاجتماعية الهرمية'. من جهتها، تشير كاثرين حكيم إلى أن التكافؤ في التعليم بات النمط الأكثر شيوعًا في العلاقات العاطفية في أوروبا وأميركا الشمالية. وتوضح: 'حوالي نصف الأزواج – وفي بعض الأحيان ثلاثة أرباعهم – يبلغون عن تساوٍ في المستوى التعليمي. فيما تتزوّج نحو ثلث النساء من رجال أكثر تعليمًا، ويقوم بذلك نحو خُمس الرجال. لقد أصبحت المساواة التعليمية هي القاعدة'. المعايير العالمية رغم تزايد حالات الزواج من شركاء ينتمون إلى طبقات اجتماعية أدنى في المجتمعات الغربية، لا يزال الزواج من شريك ذي مكانة اجتماعية أعلى هو النمط السائد في العديد من أنحاء العالم. وتوضح سونالد ديساي، أستاذة علم الاجتماع في جامعة ميريلاند الأميركية، أن الكتب الهندوسية تشجّع على الزواج ضمن الطبقة الاجتماعية نفسها، لكنّ زواج 'أنولوما' – حيث يتزوج الرجل امرأة من طبقة أدنى – يعدّ مقبولًا، بينما يحظر زواج 'براتيلوما' الذي تتزوج فيه المرأة رجلاً من طبقة أدنى منها. وتضيف أن الزواج المرتّب لا يزال الشكل الأوسع انتشاراً في الهند، حيث تتم نحو 95 في المئة من الزيجات ضمن الطبقة الاجتماعية ذاتها. ووفقًا للأعراف التقليدية، التي تنعكس حتى اليوم في إعلانات الزواج في الصحف، يتوقَّع من العريس أن يكون أكبر سناً، وأطول قامة، وعلى الأقل مساوياً للعروس في المستوى التعليمي. ومع ذلك، تظهر الأبحاث أن نسبة النساء المتزوجات من رجال أقل تعليماً تشهد ارتفاعاً ملحوظاً، بحسب ديساي. وتُعد إيران مثالاً آخر على هذا التحوّل المتدرّج؛ فهي من بين أعلى الدول في الشرق الأوسط من حيث نسبة خريجات الجامعات من النساء. ومع ذلك، لا تزال الأعراف الأبوية تُلقي بظلالها على المجتمع الإيراني، إذ تتوقع كثير من العائلات أن يكون الرجل هو المعيل الأساسي، ما يخلق فجوة بين التوقعات التقليدية وواقع النساء المتعلمات. وتشير تقارير صحفية إلى أنّ هذه الفجوة تسهم في ارتفاع أعداد النساء العازبات، رغم مؤهلاتهنّ التعليمية. في المقابل، يبرز جيل جديد من النساء اللواتي يتحدين هذه المعايير، ويمنحن الأولوية للاستقلال المهني والشخصي، في محاولة لإعادة تعريف مفهوم الشراكة في المجتمع الإيراني المعاصر. في الصين، يستخدم مصطلح 'شينغ نو' – ويترجم إلى 'النساء المتبقيات' – للإشارة إلى النساء المتعلّمات تعليماً عالياً اللواتي لم يتزوّجن بعد رغم تجاوزهنّ أواخر العشرينات أو دخولهنّ الثلاثينات، في توصيفٍ يحمل دلالاتٍ مهينة. وفي اليابان، تؤجّل كثير من النساء الزواج أو يخترن عدم الزواج نهائياً، مدفوعاتٍ باستقلالهنّ الاقتصادي، ورفضهنّ للأدوار التقليدية التي لا تزال تفرضها الأعراف الاجتماعية على الزوجات. في المقابل، تعكس بلدان مثل النرويج والسويد نموذجاً مختلفاً. فبفضل السياسات الداعمة للمساواة بين الجنسين، وإجازات الأمومة السخيّة، والمشاركة الواسعة للنساء في سوق العمل، تُعدّ الشراكات المتساوية – من حيث الدور والمكانة – هي النمط السائد في هذا الجزء من العالم. وتعلّق نادية شتيبر، أستاذة علم الاجتماع في جامعة فيينا، بالقول: 'الضغوط المعيارية تختلف من مجتمعٍ إلى آخر، ولكلٍ منها ثقله الخاص'. وتضيف: 'في المجتمعات الغربية، تحظى النساء المتعلّمات – حتى وإن لم يكنّ الأعلى دخلاً – بمكانةٍ جيدة داخل العلاقة. فهنّ يتمتّعن بقوةٍ تفاوضية، ويُشاركن في صنع القرارات، في حين قد تكون هذه القدرة محدودة في مجتمعاتٍ أخرى تُقيّد أدوار النساء ضمن أطرٍ أكثر تقليدية'. تأثير وسائل التواصل الاجتماعي وعلى الرغم من تراجع انتشاره، لا يزال زواج النساء من شركاء من مستوى اجتماعي أعلى مفهوماً رائجاً على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يتكرّر ظهوره في نصائح تسويقية حول كيفية جذب شريكٍ ثري أو ذي مكانةٍ مرموقة. ومن أبرز الاتجاهات المنتشرة على الإنترنت ترند 'أصحاب جوازات السفر'، الذي يشير إلى رجالٍ غربيين يبحثون عن شريكاتٍ في الخارج لا يتحفّظن على الأدوار الجندرية التقليدية. ويوازيه صعود حركة 'الزوجة التقليدية'، التي يروّج لها بعض المؤثرين بوصفها خياراً مفضلاً، داعين النساء إلى التفرّغ لدور الزوجة في المنزل والسعي للارتباط برجالٍ من ذوي الدخل المرتفع. وتقول ميشيل بيغي: 'تعكس هذه الحركات، في كثيرٍ من الأحيان، تفضيلاً للديناميكيات التقليدية، وتعمل أحياناً على تجميل الهياكل التي يقوم فيها الزواج على تفاوتٍ في المكانة الاجتماعية لصالح الرجل'. وتضيف: 'إنّها تسلّط الضوء على تعقيدات المواعدة في العصر الحديث، حيث يجد الأفراد صعوبةً في الموازنة بين الاستقلال الشخصي والتوقعات المجتمعية، وتُبرز الطرق المختلفة التي يبحث بها الناس عن الرضا في العلاقات'. لكن نادية شتيبر تُشكّك في جدوى الحديث عن عودة حقيقية للأدوار الجنسانية المستوحاة من خمسينيات القرن الماضي، والتي تُقدَّم فيها فكرة الزواج من رجلٍ أعلى مكانةً بوصفها الخيار الأمثل. وتقول: 'قد يكون هذا الاتجاه موجوداً في دوائر ضيّقة بين بعض المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي، لكنه لا يعكس الاتجاهات الديموغرافية الفعلية على أرض الواقع'. 'الزوجات ذوات الدخل المرتفع: حالات نادرة' تشير نادية شتيبر أيضاً إلى أنّ دخول النساء في 'شراكة من مستوى أدنى' قد يخلق توتراً إضافياً لدى الرجال، معتبرةً أنّ هذا النوع من العلاقات يمكن أن يُنظر إليه على أنه 'تحدٍّ للتصورات التقليدية للرجولة'. وتوضح قائلة: 'المسألة لا تتعلّق بقدرة النساء على القبول بالقليل، بل بقدرة الرجال على التأقلم مع شريكةٍ أكثر تعليماً أو نجاحاً'. ويذهب بعض علماء الاجتماع إلى أنّ ارتفاع مستويات التعليم لدى النساء لا يُقابله بالضرورة تغيير في بنية الأدوار التقليدية، إذ تعمل المجتمعات – بشكلٍ غير مباشر – على تكريس تلك الأدوار من خلال آلياتٍ مثل فجوة الأجور، والترويج للعمل الجزئي، ومعايير سوق العمل التي تُصعّب التوفيق بين المهنة والأمومة، ما يرسّخ الهيمنة الاقتصادية للرجال. وتقول كاثرين حكيم: 'في كل مكان، يكسب الرجال عادةً أكثر من زميلاتهم النساء أو زوجاتهم، لأن الزوجات والأمهات يعملن غالباً بوظائفٍ متقطّعة أو بدوامٍ جزئي'. حتى في الدول الإسكندنافية، المعروفة بسياساتها المتقدمة في المساواة، لا يزال الرجال يجنون ما يعادل نحو ثلاثة أرباع دخل الأسرة، في المتوسط. أما النساء ذوات الدخل المرتفع، فتظلّ حالاتٍ استثنائية، لا قاعدة عامة، كما تشير حكيم.


LBCI
٠٩-٠٥-٢٠٢٥
- LBCI
"أصداء من روسيا" في بيروت إحياءً لذكرى الانتصار... أمسية تاريخية تحت قيادة سلادكوفسكي
شهدت كنيسة القديس يوسف للآباء اليسوعيين- مونو، أمسية موسيقية استثنائية وفريدة من نوعها تقام لأول مرة في لبنان، حملت عنوان "أصداء من روسيا". هذا الحدث الثقافي الرفيع، الذي جاء إحياءً للذكرى الثمانين للانتصار في الحرب العالمية الثانية، قدّم للجمهور اللبناني والعربي تجربة فريدة مع روائع الموسيقي الروسي الخالد بيوتر إليتش تشايكوفسكي، مع الأوركسترا الفلهارمونية اللبنانية الوطنية بقيادة أهم قادة الأوركسترا في عصرنا المايسترو ألكسندر سلادكوفسكي ومشاركة عازف التشيلو العالمي سيرغي سلوفاتشيفسكي، بدعوة من رئيسة المعهد الوطني العالي للموسيقى في لبنان، المؤلفة الموسيقية هبة القواس، وسعادة سفير روسيا الاتحادية في بيروت، ألكسندر روداكوف. وافتتاحًا كانت كلمة للقواس جاء فيها: "في زمنٍ تُغلق فيه الحدود، وتضيع فيه اللغات بين جدران التنافر، نأتي اليوم لنفتح بابًا واحدًا، لا يُغلق: باب الموسيقى. من قلب بيروت، مدينة النار والندى، مدينة الموت المُعافى بالحلم، ننطق لا بصوت السياسة، بل بنبض الإنسان، ونقدّم للعالم لحنًا لا يعرف الانقسام، صوتًا يتجاوز الأصوات، وصلاةً تُرفع من أوتارنا إلى السماء. من بيروت، مدينة الصمود والقصيدة، من أرض الأرز والنغم، نلتقي اليوم لا في احتفالٍ موسيقيٍّ عابر، بل في لحظة تتجاوز حدود الزمن والجغرافيا، وتلامس جوهر الإنسان. نجتمع اليوم لنُطلق من قلب لبنان رسالةً تتخطّى السياسة والانتماءات، رسالةً لغتها الموسيقى، وروحها الإنسان". وأضافت: "موسيقيون من روسيا ولبنان، جاؤوا لا ليعزفوا فقط، بل ليبْنوا جسورًا من النغم، تعبر فوق الجراح، وتفتح الأبواب المغلقة، وتُعيد للروح الإنسانية نبضها الأصيل. إنّ انتصار الموسيقى اليوم، هو انتصارٌ للإنسان على القهر، وللجمال على الحرب، وللنور على كل ظلمة. وها نحن نحتفل، من خلال سمفونياتٍ وقطعٍ خالدة، بانتصارٍ ليس روسيًّا فحسب، بل هو انتصار البشرية بأسرها، انتصار العالم بعد الحرب العالمية الثانية، ذاك النصر الذي لم يكن احتفالًا عسكريًّا بقدر ما كان ولادةً جديدة للروح الإنسانية، احتفلت به روسيا كما احتفلت به أوروبا، وامتد صداه إلى كل أمة عانت وتعلّمت. لنعلن من هنا أنّ ما يبقى بعد الدماء هو الفنّ، وأنّ ما يُعيد تشكيل الوعي الجمعي هو الجَمال .في حضرة هذا الحدث، نرفع رؤوسنا لا فقط بفخرٍ وطني، بل بإيمانٍ كونيّ بأنّ الموسيقى هي لغة الخلاص، ومفتاح الوحدة، ونشيد الإنسانية السرمدي". وتابعت بالإنكليزية: "في قلب أرض عرفت صمت المعاناة وهمس الأغنية على حد سواء، لبنان يرحب بكم الليلة، ليس مجرد حفل موسيقي، بل قربان روحي. هذه الأمسية ليست مجرد اجتماع نغمات وإيقاعات، إنها تجلٍّ للوحدة، وحوار بين الأرواح، واحتفاء بما يربطنا عبر الحدود والمعتقدات والزمن. من سهول روسيا الشاسعة، حيث يتحدث الثلج بهمس خافت وتزمجر الموسيقى بنار، عبر الموسيقيون أراضي وذكريات لينضموا إلى إخوانهم وأخواتهم اللبنانيين في الصوت. معًا، يشكلون نفَس الأوركسترا الفيلهارمونية اللبنانية الوطنية، رمزًا حيًا على أنه في عالم ممزق، ليس الانسجام ممكنًا فحسب، بل ضروري. نتشرف الليلة بحضور المايسترو ألكسندر سلاكوفسكي، الذي لا يقود عصاه فحسب، بل يستدعي. فمع كل إيماءة، يكشف الحقيقة الميتافيزيقية بأن الموسيقى لا تولد من الآلة، بل من اللامرئي، من النفَس الداخلي للكون. ومعه، العازف المنفرد الذي لا يضاهى سيرغي سلوفاتشيفسكي، الذي يغني تشيلو بصوت الزمن نفسه، حزنًا، ومقاومة، وولادة جديدة." ثم اعتلى السفير الروسي المنصة معبّراً عن امتنانه للكونسرفتوار ورئيسته لإقامة هذا الحدث العظيم، والاحتفال يبوم النصر من بيروت. وقال: "أعجز عن التعبير عن شكري وفرحي بهذه المناسبة، وخصوصاً بعد كلمة الرئيسة القواس التي اختصرت كل الكلام". ورحّب بالمايسترو سلادكوفسكي في بيروت مثمناً مسيرته الموسيقية الكبيرة، وقال: "هذا فخر لنا ولروسيا أن نحتفل بيوم النصر مع قائد أوركسترا كبير هو مصدر اعتزاز لنا ولروسيا". ومنذ اللحظة التي اعتلى فيها المايسترو ألكسندر سلادكوفسكي منصة القيادة، شعر الجمهور بهالة من الاحتراف والشغف، وانتقل سحر حضوره العاصف والجارف، وعمق تماهيه المذهل مع الموسيقى إلى الجمهور اللبناني المتلقّي لهذا الحضور بانجذاب كبير. ويُعدّ سلادكوفسكي أحد أبرز قادة الأوركسترا في روسيا والعالم، فهو يشغل منصب المدير الفني والقائد الرئيسي لأوركسترا تتارستان الوطنية السيمفونية. مسيرته الفنية حافلة بالإنجازات والتقدير، وقد قاد العديد من الأوركسترات المرموقة في مختلف أنحاء العالم، تاركًا بصمة مميزة في كل أداء. يتميز سلادكوفسكي بقدرته الفريدة على فهم أعماق المؤلفات الموسيقية وإيصالها إلى العازفين والجمهور على حد سواء، وهو ما تجلى بوضوح في قيادته للأوركسترا الفلهارمونية اللبنانية الوطنية في هذه الأمسية. والمايسترو ألكسندر سلادكوفسكي لم يكن قائدًا للأوركسترا وحسب، بل مؤلفًا زمنيًا للمكان. تحت حركات يده، تحوّل الصوت إلى جملة فكرية، بناء موسيقي متين تُصاغ فيه الانفعالات داخل هيكلٍ منضبط، دون أن تفقد حريتها. توازن بين الدقة الروسية الكلاسيكية والانسياب الشعوري المفتوح، فكانت كل مقطوعة بمثابة ميثاق جمالي بين الجمهور والنوتة. كأنّه امتلك مفاتيح التفعيل الخفيّة لكل موسيقي، فأطلق طاقاتهم إلى فضاءٍ آخر. كلّ حركة من يديه كانت أشبه بشيفرةٍ سمعيّة تُفعّل الجسد والخيال معًا، حتى انصهر الكلّ في قبة صوتية واحدة، تحوّلت إلى حيّزٍ محسوسٍ عاشت فيه القاعة بأكملها . وفي تلك اللحظات، لم يكن الجمهور مستمعًا خارجيًا، بل كائنًا داخليًا في تجربةٍ سمعيّة – وجودية، خُلق فيها الزمن على مقاييس سلادكوفسكي نفسه. يصفه النقّاد بأنه "أكثر قادة الأوركسترا إثارةً في عصرنا"، لكنه في بيروت لم يكن مجرد مُحرّك للنوتة، بل كان الروح الرابطة بين تيارات تشايكوفسكي المتفجّرة والأجساد التي تتلقّى. وفي تقديمه لبرنامج كامل من مؤلفات تشايكوفسكي، بدا كما لو أن هذا الريبرتوار كُتب له شخصيًا، وكأن الألحان وُلدت من داخله ثم وُضعت على الورق لاحقًا. مزج بين عنفوان الألحان ورقّتها، بين القهر الكامن في النغم الروسي والانعتاق الممكن في الختام، فخلق طيفًا صوتيًّا هو الأشدّ اكتمالًا وصدقية. وقاده حضوره الكاريزمي إلى أن يمدّ ذراعيه ليس فقط نحو الأوركسترا، بل نحو أرواح العازفين أنفسهم، فاندفعوا لا كمنفّذين للّحن، بل ككائنات تخلق النغمة من عمق كينونتها. كان حضوره حسّيًا حتى في الصمت، إذ لا يسمح لنغمةٍ واحدة أن تسقط دون صدى، ولا لوقفةٍ أن تمرّ دون معنى. ولم تكن قيادة المايسترو ألكسندر سلادكوفسكي للأوركسترا الفلهارمونية اللبنانية الوطنية في أمسية "أصداء من روسيا" مجرد توجيه فني، بل كانت تجسيدًا لاحتراف رفيع وعظمة قيادية قلّ نظيرها. لقد بدا وكأنه يمتلك عصا سحرية لا تحرك العازفين فحسب، بل تستنطق أرواحهم، وتطلق العنان لإمكاناتهم الفنية الكامنة. تجلى احترافه في أدق التفاصيل، من دقة الإيقاع إلى التعبير عن الفروق الدقيقة في الديناميكية والتلوين الصوتي. كانت عظمة قيادته تكمن في قدرته على تحويل مجموعة من العازفين المتمكنين إلى كيان موسيقي واحد متناغم، ينبض بروح مؤلفات تشايكوفسكي. لقد استطاع سلادكوفسكي، بخبرته العميقة وشغفه الجارف، أن يرتقي بأداء الأوركسترا إلى مستويات استثنائية، حيث بدا كل عزف وكأنه قطعة من لوحة فنية متكاملة الألوان والظلال، فكان بمثابة حوار روحي مع الموسيقى، حيث استطاع أن يستنبط من كل آلة النغمات والأحاسيس التي أراد تشايكوفسكي لها أن تُسمع. كانت عيناه تخاطب القلوب قبل الآلات، وبدت تعابيره الناطقة المتفاعلة والمنفعلة كأنها تقود الأوركسترا وليس عصاه الساحرة. أما سيرغي سلوفاتشيفسكي، عازف التشيلو الرائع، فقد أضاف إلى الأمسية بعدًا آخر من التألق والجمال. يُعد سلوفاتشيفسكي من أبرز عازفي التشيلو في جيله، وقد حظي بتقدير واسع على أدائه المتميز وإحساسه المرهف. تخرج من معهد سانت بطرسبرغ الحكومي للموسيقى، وتتلمذ على يد أساتذة كبار، مما أكسبه تقنية عالية وفهمًا عميقًا للموسيقى. ظهوره كضيف مع الأوركسترا الفلهارمونية اللبنانية الوطنية كان إضافة قيّمة للحفل، وهي ليست المرة الأولى التي يشارك فيها، إذ له مشاركات عديدة سابقة بالإضافة إلى إعطائه ماستر كلاسز لطلاب المعهد. وقدم سلوفاتشيفسكي أداءً استثنائيًا في مقطوعتي "Pezzo Capriccioso" و "Variations on a Rococo Theme". ، واستطاع ببراعة أن يحوّل آلة التشيلو إلى صوت إنساني ينطق بالشجن والعذوبة، وأن يتفاعل بانسجام تام مع الأوركسترا، مما أثرى التجربة الموسيقية للحضور. فوقفت القاعة على أعتاب لحظة نادرة من الصمت الذكي، ليفتح سلوفاتشيفسكي بوابة حوار داخلي عميق بين الإنسان والوتر. أداؤه لتشايكوفسكي لم يكن استعراضاً لمهارة أو براعة تقنيّة (رغم حضورهما الطاغي)، بل كان غوصًا في بُعد فلسفي، حيث كل نغمة بدت وكأنها تنتزع من ذاكرة دفينة، وكل صمت بين جملتين موسيقيتين بدا أكثر بلاغة من النغمة ذاتها. وبكثافة نبرة متقنة، وعاطفة تنساب على حدود الكتمان، رسمت أنامله خريطة شعورية تلامس التجريد. استخدم الديناميك واللون الصوتي كأدوات تلوين روحي، وانتقل بخفة من لحن إلى نقيضه، كما لو أنه يعبر طبقات الوعي الإنساني لا فقط المفاتيح الموسيقية. البرنامج الموسيقي للأمسية كان بمثابة تكريم حقيقي لعبقرية تشايكوفسكي. فقد تنوع بين الأعمال الأوركسترالية الخالصة والمقطوعات التي تبرز آلة التشيلو كبطلة. افتُتح الحفل بـ "March Slave"، وهي قطعة تجسد الروح القومية السلافية بعنفوانها وإيقاعها القوي، مما أضفى جوًا حماسيًا على بداية الأمسية. تبعتها "Waltz of the Flowers" من باليه "كسارة البندق"، وهي قطعة أيقونية تتميز بألحانها الرقيقة وتوزيعها الأوركسترالي البديع، وقد قدمتها الأوركسترا بأسلوب سلس ورشيق. وفي الجزء الثاني من البرنامج، استمتع الجمهور بجماليات آلة التشيلو من خلال مقطوعتي "Pezzo Capriccioso" و "Variations on a Rococo Theme". في الأولى، أظهر سلوفاتشيفسكي قدرة فائقة على التعبير عن المشاعر المتنوعة ببراعة تقنية عالية، بينما في الثانية، قدم تفسيرًا عميقًا للتنوع اللحني والتعبيري الذي يميز هذه السلسلة من التنويعات. ثم جاءت مقطوعة "Adagio" من باليه "كسارة البندق"، وهي لحن حالم ورومانسي أسر قلوب الحاضرين برقتها وعذوبتها. واختُتمت الأمسية بتحفة تشايكوفسكي "Overture 1812"، وهي قطعة تحتفي بالانتصار الروسي في حرب عام 1812. هذه "الأوفرتورا" المليئة بالتأثيرات الصوتية القوية، بما في ذلك استخدام المؤثرات الجرسية التي تحاكي دوي المدافع، قُدمت بأداء مذهل من الأوركسترا تحت القيادة الفذة لسلادكوفسكي، حيث تجسدت المشاعر الوطنية والفخر في كل نوتة. وأظهرت الأوركسترا الفلهارمونية اللبنانية الوطنية، في هذه الأمسية مستوى فنيًا رفيعًا والتزامًا مذهلاً تحت تأثير عصا المايسترو سلادكوفسكي . لقد كان الانسجام بين العازفين واضحًا، والتفاعل مع قيادة المايسترو سلسًا ودقيقًا. استطاعت الأوركسترا أن تنقل ببراعة التنوع العاطفي واللحني في مؤلفات تشايكوفسكي، وأن تخلق تجربة استماع غنية ومؤثرة للجمهور. هذه الأمسية تؤكد على الدور الحيوي الذي تلعبه الأوركسترا في إثراء المشهد الثقافي في لبنان وتقديم أعمال كلاسيكية عالمية بمستوى يليق بتاريخ الموسيقى العريق. وكانت أمسية"أصداء روسيا" استثنائية على كل المستويات والمعايير، جمعت بين عبقرية مؤلف موسيقي عظيم، وقيادة مايسترو عالمي ساحر ومذهل وقف الحضور إجلالاً له وصفقوا لأدائه دقائق طويلة. وبين أداء عازف تشيلو مدهش، وتناغم أوركسترا وطنية تسعى دائمًا نحو التميز. وفي تلك الليلة، لم تعش بيروت حفلًا، بل خَبِرت ما يشبه احتفالًا كونيًا بالموسيقى، بلغ مستوىً لا يقلّ عن أعظم ما يُقدَّم في قاعات فيينا أو أمستردام أو برلين. لقد سُجِّل هذا الحفل في ذاكرة المدينة، لا كعرضٍ عابر، بل كحقيقةٍ فنيةٍ تنتمي إلى الصفوف الأولى من مشهد الموسيقى الكلاسيكية العالمي. كانت ليلة احتفت بالموسيقى الكلاسيكية الروسية وجمالها، وتركت في نفوس الحاضرين أثرًا فنيًا عميقًا حملوه في وجدانهم وأسماعهم، محمّلين بعبق هذا الفضاء المحلّق في أقاصي المتعة، شاكرين الكونسرفتوار الوطني ورئيسته على الرقيّ والمستوى العالمي الذي يقدمانه في لبنان... وبحضور مجاني إلى كل محبي الموسيقى حفاظاً على الدور الثقافي المتميز الذي يضطلعان به.


الديار
٠٥-٠٥-٢٠٢٥
- الديار
الموت غيّبه.. وفاة المخرج المسرحي اللبناني
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب غيب الموت المخرج المسرحي الفرنسي - اللبناني بيار عودة، مدير مهرجان أوبرا "إيكس آن بروفانس" في جنوب فرنسا والمدير الفني السابق لأوبرا هولندا الوطنية، عن 67 عاما، على ما أعلنت المؤسسة ووزارة الثقافة الفرنسية اليوم السبت وأوردت وكالة "فرانس برس". وقال المهرجان في بيان للوكالة: "ببالغ الحزن والأسى، تلقى فريق مهرجان إيكس آن بروفانس نبأ الوفاة المفاجئة لبيار عودة ليلة الجمعة 2 أيار إلى السبت 3 أيار في بكين. لقد فقد عالم الإبداع الفني فنانا عظيما ومديرا لمؤسسة فنية". وكتبت وزيرة الثقافة الفرنسية رشيدة داتي في رسالة عبر منصة "إكس" أن "بيار عودة كرس حياته للإبداع الفني" و"جدد لغة الأوبرا بشكل عميق". في عام 2019، تولى عودة المولود في العاصمة اللبنانية بيروت منصب المدير العام لمهرجان "إيكس آن بروفانس"، أحد أكبر الأحداث الدولية الخاصة بفن الأوبرا، وأعيد تعيينه في نهاية 2021 لولاية جديدة كان من المقرر أن تستمر حتى 2027. في أوائل ثمانينات القرن العشرين، صنع عودة المعروف بشغفه بأعمال الأوبرا في الهواء الطلق، اسما لنفسه من خلال تأسيس مسرح ألميدا في مبنى مهجور في لندن، والذي حوله إلى مساحة للابتكار الفني. وأوضح عودة في مقابلة نشرها موقع مهرجان "إيكس آن بروفانس" سنة 2022 "عندما فكرتُ في مسرح ألميدا الذي افتُتح في عام 1980، كان ذلك بمثابة رد فعل ضد نوع معين من المسرح الإنكليزي". وإثر ذلك، أصبح عودة المدير الفني لدار الأوبرا الوطنية في أمستردام، حيث أنتج معظم إنتاجاته، وعمل مع فنانين تشكيليين مثل جورج باسيلتز وأنيش كابور. وظل في هذا المنصب لثلاثين عاماً تقريباً. وفي عام 2015، توجه إلى نيويورك ليصبح المدير الفني لـ"بارك أفينيو أرموري" Park Avenue Armory، وهي مساحة متعددة التخصصات تمتد على حوالى 5000 متر مربع وتستضيف منشآت وإنتاجات ضخمة تحمل توقيع إيفو فان هوفه وأريان منوشكين. وأخرج بيار عودة عملا بعنوان "نهاية العالم العربي" لسمير عودة تميمي في مهرجان إيكس في عام 2021، وكان من المقرر أن يُخرج "توسكا" لبوتشيني في أوبرا باريس في نهاية عام 2025. وقال مهرجان "إيكس إن": "بيار عودة كان يؤمن إيمانا عميقا بمستقبل الفن الغنائي (والمسرح الموسيقي)، وهو شكل فني أكثر قدرة من أي شكل آخر، وفقا له، على التغلب على كل الأزمات".