
الاحتفال بافتتاح دورة الألعاب الشاطئية الخليجية الثالثة
الشبيبة - العمانية
احتفل مساء أمس على مسرح البحيرة بمتنزه القرم الطبيعي بافتتاح النسخة الثالثة لدورة الألعاب الشاطئية لمجلس التعاون لدول الخليج العربية "مسقط 2025"، التي تستضيفها سلطنة عُمان خلال الفترة من 5 إلى 11 أبريل الجاري، وذلك تحت رعاية صاحب السمو السيد ملك بن شهاب آل سعيد.
تضمن حفل افتتاح الدورة فقرات استعراضية وفنية أبرزت الهوية الثقافية العُمانية والخليجية، وجسدت روح الدورة وقيمها الرياضية، كما شهد الحفل عرضًا غنائيًّا بعنوان "حكاية الخليج"، وهو عبارة عن ملحمة غنائية سلطت الضوء على تفرد سكان دول الخليج العربي وتعلقهم بالبحار والشواطئ بين الحاضر والماضي، تأكيدًا لمبدأ التعاون والتآخي وترحيبًا لجميع المشاركين في دورة الألعاب الشاطئية الخليجية.
وقال خالد بن محمد الزبير رئيس مجلس إدارة اللجنة الأولمبية العُمانية في كلمة له: بكل فخر وبأصدق معاني الأخوة الخليجية، تُرحب سلطنة عُمان بكم في رحابها، مجددين روح التعاون بين أبناء الخليج العربي، لإكمال هذا المشوار الرياضي المشرف نحو محطات جديدة في عواصم خليجنا العربي، لترسخ في سجل الرياضة الخليجية تاريخًا مشرفًا من التحدي والإنجاز.
وأضاف: "نلتقي في هذا الحدث الرياضي الخليجي، لنؤكد ما يبذله قادتنا أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس -حفظهم الله ورعاهم- من دعمٍ سخيٍّ للشباب والرياضة باعتبارهما ركيزتين أساسيتين في بناء مستقبل أكثر إشراقًا واستدامة لدولنا، فالشباب هم عماد الأمة ووقود نهضتها، والرياضة تُعد إحدى أهم الأدوات الفاعلة لصناعة الأبطال، وتعزيز حضورهم في المنافسات العالمية لتحقيق الإنجاز والتفوق".
وأكد على أن دورة الألعاب الشاطئية لمجلس التعاون لدول الخليج العربية "مسقط 2025" تُجسد نموذجًا حيًّا لقوة الروابط الأخوية التي تجمع دول الخليج، حيث تمثّل الرياضة أحد أهم الجسور التي تُعزّز التقارب والتعاون بين شعوب المنطقة، مؤكدًا أن هذا الحدث منصة لتعزيز العمل الخليجي المشترك، وترسيخ قيم الوحدة والتكاتف، وأواصر التآخي والتعاون، بما يعكس رؤية الخليج المشتركة نحو مستقبل رياضي مزدهر يُواكب تطلعات الأجيال القادمة، ويدفع عجلة التنمية الرياضية إلى آفاق أرحب.
وبيّن أن سلطنة عُمان تتطلع لأن تكون هذه النسخة محطة جديدة في تطوير الألعاب الشاطئية على مستوى الخليج، وأن تكون تجربة ملهمة تترك أثرًا إيجابيًّا على الرياضة الخليجية، وأن تكون قبل كل شيء منافسة رياضية مكسوّة بالصداقة، ومملوءة بالتآخي بين الرياضيين الخليجيين، قائلًا: "إننا إذ نجتمع في هذه النسخة الجديدة لدورة الألعاب الخليجية الشاطئية، فإننا نستذكر قيم الوحدة والعمل المُشترك التي كانت دائمًا ركيزة أساسية للمسيرة الرياضة الخليجية، ونطمح أن تسهم هذه الدورة في تعزيز زخم النجاحات السابقة، وأن تشكل إضافة نوعية تدعم تطوّر الرياضات الشاطئية، مع إتاحة الفرصة لشبابنا لتحقيق تطلعاتهم باعتلاء منصات التتويج بروح المنافسة النزيهة التي تجمعنا دائمًا، وندعو جميع الرياضيين إلى استثمار هذه الفرصة، ليس فقط لتحقيق الألقاب، بل لتعزيز الروابط الأخوية وتبادل الخبرات بما يسهم في دعم مسيرة الرياضة الخليجية، وترسيخ مبادئ التنافس الشريف والعمل الجماعي".
واختتم خالد بن محمد الزبير رئيس اللجنة الأولمبية العُمانية كلمته برفع خالص الشكر والتقدير إلى صاحب السمو السيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب على دعمه المستمر، واهتمامه الدائم بقطاعي الرياضة والشباب، والشكر للأمانة العامة بمجلس التعاون، واللجنة المنظمة، واللجان الأولمبية الوطنية الخليجية، والاتحادات الرياضية المشاركة، والفرق التنظيمية والمتطوعين بهذا الحدث الرياضي الكبير، على كافة الجهود المخلصة لإنجاح هذا التجمع الخليجي الرياضي.
بعد ذلك أعلن صاحب السمو السيد ملك بن شهاب راعي المناسبة الافتتاح الرسمي لمنافسات الدورة، وأدى لاعب منتخبنا الوطني لكرة القدم الشاطئية منذر العريمي قسم اللاعبين، وألقى الحكم الدولي بدر الصارمي قسم الحكام، ليتم بعد ذلك رفع علم الدورة.
حضر حفل الافتتاح عدد من أصحاب السمو والمعالي والسعادة رؤساء اللجان الأولمبية الخليجية، وكبار مسؤولي الهيئات الرياضية بدول مجلس التعاون على المستويين الإقليمي والدولي.
وقد أقيمت اليوم عدة منافسات اليوم حيث حقق منتخبنا الوطني لكرة اليد الشاطئية الفوز في افتتاح منافسات النسخة الثالثة للدورة، وذلك بعدما تمكن من التغلب على نظيره الإماراتي 2 / صفر، بينما تمكن المنتخب البحريني من الفوز على المنتخب السعودي بنتيجة 2 / 1، وذلك في المباراتين اللتين أقيمتا على الملعب الرملي لكرة اليد بمجمع السُّلطان قابوس الرياضي ببوشر، ضمن منافسات كرة اليد لدورة الألعاب الشاطئية الثالثة بمجلس التعاون لدول الخليج العربية - مسقط 2025.
وتقام منافسات الدورة في مواقع مختلفة من محافظة مسقط على مجموعة من الرياضات الشاطئية التي تجمع بين المهارات والمنافسة، والمتمثلة في: كرة القدم الشاطئية، وكرة اليد الشاطئية، والكرة الطائرة الشاطئية، وألعاب القوى الشاطئية، والرياضات البحرية، والسباحة في المياه المفتوحة، والرياضات الجوية، والفروسية (التقاط الأوتاد)، ويمثل هذا الاختيار مزيجًا متوازنًا بين الألعاب الجماعية والفردية.
وتقام منافسات الدورة في مواقع مختلفة من محافظة مسقط، حيث تقام منافسات كرة القدم على الملاعب الرملية بمجمع السُّلطان قابوس الرياضي ببوشر، خلال الفترة من 7 إلى 11 أبريل، وتبدأ المنافسات بلقاء منتخبي الإمارات والسعودية بعد غدٍ الاثنين، يعقبه مباشرة لقاء منتخبنا الوطني مع البحرين، ويوم الثلاثاء، يلعب منتخبنا الوطني أمام نظيره الكويتي، وفي اليوم نفسه يلتقي المنتخب السعودي نظيره البحريني.
وتستأنف لقاءات المسابقة يوم الأربعاء بمواجهة البحرين والإمارات، يعقبها مباشرة لقاء السعودية والكويت، وفي يوم الخميس، يلعب منتخبنا الوطني أمام الإمارات، وفي اليوم نفسه يلتقي منتخبا البحرين والكويت، بينما يشهد اليوم الختامي للمسابقة، الجمعة المقبل، إقامة مباراتين؛ تجمع الأولى الإمارات والكويت، بينما يواجه منتخبنا الوطني نظيره السعودي.
وتقام منافسات الكرة الطائرة على شاطئ الحيل الشمالية خلال الفترة من 7 إلى 10 أبريل، بمشاركة جميع الدول الخليجية، حيث تم تقسيم الفرق إلى أربع مجموعات، ضمت المجموعة الأولى منتخبات قطر 1، الكويت 2، ومنتخبنا الوطني 3، فيما تضم المجموعة الثانية منتخبات عُمان 1، الكويت 1، والإمارات 1، أما المجموعة الثالثة فتتكون من منتخبنا الوطني 2، والمنتخب السعودي 2، والمنتخب البحريني 1، بينما جاءت منتخبات قطر 2، والسعودية 1، والبحرين 2، ومنتخبنا الوطني 4 ضمن المجموعة الرابعة.
وتنطلق منافسات المسابقة بعد غدٍ الاثنين بإقامة 10 لقاءات، حيث يستهل الفريق الثالث لمنتخبنا الوطني مشواره في المسابقة بمواجهة المنتخب الكويتي 2، ويلتقي منتخب الكويت 1 مع المنتخب الإماراتي 1، كما يواجه المنتخب السعودي 2 نظيره البحريني 1، فيما يلتقي المنتخب القطري 2 مع الفريق الرابع لمنتخبنا الوطني، وتختتم لقاءات هذا اليوم بمواجهة المنتخب السعودي 1 مع المنتخب البحريني 2، بالإضافة إلى لقاء المنتخب القطري 1 مع منتخبنا الوطني 3، ولقاء الفريق الأول لمنتخبنا الوطني مع المنتخب الإماراتي 1كما يلتقي منتخبنا الوطني 2 مع المنتخب البحريني 1، ويواجه المنتخب القطري 2 المنتخب البحريني 2، بينما يواجه الفريق الرابع لمنتخبنا الوطني الفريق الأول للمنتخب السعودي.
وتتواصل اللقاءات يوم الثلاثاء بإقامة 5 مباريات، حيث يلتقي المنتخب القطري 1 مع المنتخب الكويتي 2، ويواجه الفريق الأول لمنتخبنا الوطني نظيره الكويتي 1، كما يلتقي منتخبنا الوطني 2 مع المنتخب السعودي 2، ويواجه المنتخب القطري 2 نظيره السعودي 1، فيما يواجه منتخب البحرين 2 منتخبنا الوطني 4 في لقاءات حاسمة لتحديد المتأهلين للدور التالي.
وفي يوم الأربعاء، تنطلق منافسات الأدوار الإقصائية بإقامة مباريات تحديد المراكز من التاسع إلى الثاني عشر، إلى جانب مواجهات الدور ربع النهائي التي تجمع بين أول وثاني كل مجموعة، وتختتم البطولة يوم الخميس المقبل بإقامة مباريات تحديد المراكز النهائية، على أن يشهد اليوم الختامي إقامة المباراة النهائية لتحديد بطل الدورة.
أما منافسات كرة اليد فتقام على الملاعب الرملية بمجمع السُّلطان قابوس الرياضي ببوشر خلال الفترة من 5 إلى 11 أبريل، ويواجه منتخبنا الوطني بعد غدٍ الاثنين المنتخب السعودي، ويلتقي منتخب الإمارات مع منتخب البحرين، وستخضع جميع المنتخبات المشاركة للراحة يوم الثلاثاء، على أن تستأنف المنافسات يوم الأربعاء بلقاء منتخبنا الوطني أمام نظيره الإماراتي، تليه مباراة البحرين والسعودية، بينما يوم الخميس سيلتقي منتخبا السعودية والإمارات، يعقبه لقاء منتخبنا الوطني أمام البحرين، على أن تسدل منافسات كرة اليد يوم الجمعة المقبل بإقامة لقاءين، يجمع الأول الإمارات والبحرين، يعقبه مباشرة لقاء منتخبنا الوطني والسعودية.
فيما ستقام منافسات السباحة الطويلة على شاطئ القرم خلال الفترة من 9 إلى 11 أبريل، كما ستقام منافسات الإبحار الشراعي على مرسى الموج بالحيل الشمالية خلال الفترة من 6 إلى 10 أبريل، أما منافسات التقاط الأوتاد فستقام على مزرعة الرحبة خلال الفترة من 8 إلى 10 أبريل، وتقام منافسات ألعاب القوى على شاطئ الحيل الشمالية خلال الفترة من 8 إلى 10 أبريل، أما منافسات الطيران الشراعي فتقام على شاطئ الحيل الشمالية خلال الفترة من 5 إلى 7 أبريل.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


جريدة الرؤية
منذ 2 ساعات
- جريدة الرؤية
في داخلي مقعد شاغر لا يُملأ
سلطان بن محمد القاسمي في داخل كل إنسان، مهما بدا مكتملًا، هناك مقعد شاغر لا يُملأ؛ ذلك المقعد ليس محجوزًا لحبيب راحل، ولا لصديقٍ غائب؛ بل لنسخة لم تُولد بعد. نسخة لم يلتقِ بها صاحبها، ولم يمنحها فرصة أن تتنفس بصدق، أو تحيا كما خُلقت أن تكون. إنها النسخة التي لم تُنجز، ولم تفشل، ولم تُحب، ولم تكره. لم تُكسر، ولم تنتصر. كانت دائمًا هناك، في الزاوية الهادئة من الروح، تراقب من بعيد، تكتفي بالصمت، وتنتظر أن يُصغي إليها أحد. ليست نسخة مثالية، ولا خارقة، ولا مصنوعة من نور؛ بل هي ببساطة الإنسان كما يستحق أن يكون، لو أنه لم ينشغل طويلًا بما يجب، ولو أنه لم يُساوم على ما يحب، ولو أنه لم يُطِل البقاء في الأماكن التي لا تُشبهه. فكم من البشر أمضوا حياتهم وهم يملؤون مقاعد الخارج، متناسين المقعد الأهم، ذاك الذي ينتظرهم في دواخلهم، وكم من الأرواح انشغلت بالبحث عن هوية خارجية، ونسيت أن جلّ ما تفتقده… يقبع في الداخل، بانتظار لحظة وعي نادرة. "الذي يبحث عن ذاته في عيون الآخرين، لن يجدها أبدًا"، كما كتب المفكر الإيطالي نيكولو ماكيافيلي؛ فالهوية الحقيقية لا تُبنى من الخارج، ولا تُمنح كوسام؛ بل تُستخرج من باطن الإنسان، حين يختار أن يُنصت لصوته الداخلي دون رتوش أو مجاملات. ذلك المقعد لا يُفرَغ لأن أحدهم رحل؛ بل لأن الإنسان لم يقترب من ذاته بعد. لم يسأل: "من أنا حين لا أُمثّل أحدًا؟ من أنا إذا نزعتُ عني كل ما اعتدتُه، وتجرّدت من الأدوار، والتوقعات، والامتثال الدائم؟". في تلك الزاوية الهادئة من النفس، حيث لا صوت إلا صوت الصدق، تجلس النسخة الصبورة من كل إنسان، تلك التي لم تطرق بابًا، ولم تُطالب، فقط انتظرت أن تأتيها يدٌ صادقة تقول: "آن أوانك." ويا للغرابة، فبينما ينشغل الناس بالمظهر، والمكانة، والقبول الاجتماعي، تظل النسخة الأصدق فيهم حبيسة التأجيل. حبيسة الخوف. حبيسة تلك العبارات التي تُقال مرارًا: "ليس الآن"، "حين أرتاح"، "حين أفهم نفسي أكثر"… وهي لا تدري أن الفهم لا يسبق اللقاء؛ بل يبدأ منه. وقد لا يأتي هذا الوعي دفعة واحدة، لكنه ينمو في اللحظة التي يتوقف فيها الإنسان عن الجري، ويتأمل. وقد لا يُولد من فراغ؛ بل من مراجعة صادقة، من جرأة في الاعتراف بأن ما كُنا عليه قد لا يكون ما نحن مدعوون أن نكونه. تمامًا كما حدث مع الإمام الشافعي، رحمه الله، الذي لم يكن مجرد فقيه مجتهد؛ بل كان إنسانًا يدرك أن للروح مراحل، وللفكر طبقات، وأن ما يراه المرء اليوم يقينًا قد يراه غدًا اجتهادًا قاصرًا، حين انتقل من العراق إلى مصر، تغيّر السياق، وتغيّر الناس، فتغيّر هو أيضًا. لا لأنه تقلّب؛ بل لأنه جلس إلى نفسه، وأعاد الإنصات إلى النسخة الأعمق منه. كتب يقول: "قلبتُ رأيي في المسائل ليلًا… فأصبح رأيي غير ما كنت أقول." لم يكن ذلك تراجعًا؛ بل نضجًا. ولم يكن تحوّلًا خارجيًا؛ بل ولادة داخلية. الشافعي في مصر لم يكن نُسخة أضعف من الشافعي في العراق؛ بل نسخة التقت بذاتها بعد سفر طويل. جلس على المقعد الذي طالما أرجأ الجلوس فيه، فتجلّت له رؤى لم يكن ليبصرها وهو يركض بين المسائل والردود والمناظرات. وهكذا كلّ منّا، لا يكتمل بصوتٍ عالٍ أو بانتصارٍ علني؛ بل حين يجلس مع ذاته في صمت، ويقول لها بهدوء: "ماذا بقي منّي لم أعرفه بعد؟" إن ذلك المقعد في الداخل ليس نهاية؛ بل بوابة. لا يُراد منه الاعتزال عن الحياة؛ بل العودة إليها بنسخة أصلية. نسخة لا تسعى للإعجاب، ولا تركض خلف رضا الآخرين؛ بل تنمو بهدوء، وتُثمر برفق، وتعيش في انسجام نادر بين ما تعتقده وما تفعله. ولأن المعرفة الحقيقية تبدأ من الداخل، فإن أصعب المصالحات هي تلك التي تتم بين الإنسان ونفسه. حين يعترف لنفسه: "نعم، خذلتك كثيرًا، أجلتُك كثيرًا، استبدلتك مرارًا، لكنني اليوم… أعود إليك." وليس في الأمر رومانسية مفرطة؛ بل نضج هادئ. فأن يعيش الإنسان صادقًا مع نفسه، هو أقرب ما يكون إلى النجاة. أن يجلس على المقعد الذي خُلِق له، دون أن ينتظر إذنًا، أو تصفيقًا، أو موافقة من أحد… هو القرار الذي يحرره من كل ما كبّله يومًا. وقد قال الله تعالى: ﴿ وفي أنفسكم أفلا تبصرون ﴾؛ فربّما البصيرة لا تُكتسب من كثرة التجارب؛ بل من لحظة صدق واحدة، يجلس فيها الإنسان إلى ذاته كما لو أنه يراها لأول مرة، ويُسلّم لها زمام الرحلة، لا خوفًا؛ بل احترامًا. وفي نهاية المطاف، لن يُجيد العبور سوى من عرف وجهته، ولا طريق أصدق من ذاك الذي يبدأ من الداخل… إلى الداخل.


جريدة الرؤية
منذ 16 ساعات
- جريدة الرؤية
"سيمفونية أحمد بن ماجد" تروي حكاية "أسطورة البحر" بألحانٍ آثرة من تأليف الدكتور ناصر الطائي
◄ الطائي: المزج بين الموسيقى والتاريخ أحيا أسطورة بحرية فذّة الرؤية- مدرين المكتومية أحيت الأوركسترا السلطانية العُمانية، العرض الفني الملحمي "سيمفونية أحمد بن ماجد.. أسطورة البحر"، في أمسيتين موسيقيتين مساء يومي الأحد والإثنين ضمن الفعاليات الثقافية المصاحبة للمؤتمر..... والتي احتضنها متحف عُمان عبر الزمان بولاية منح في مُحافظة الداخلية. وأبدع الدكتور ناصر بن حمد الطائي في تأليف هذا العمل الموسيقي الملحمي، الذي يُعد أول سيمفونية عُمانية تُبرز التراث البحري العُماني؛ إذ تستحضر هذه السيمفونية شخصية البحّار العُماني الشهير، أحد أبرز أعلام الملاحة البحرية في التاريخ الإسلامي، كما تُجسد رحلاته ومآثره بأسلوب موسيقي يدمج بين الأصالة والمعاصرة. لحظات إنسانية وأكد الدكتور ناصر بن حمد الطائي، أنَّ هذا العمل الفني يعد تخليدًا لسيرة أحمد بن ماجد، حيث تُجسّد اللوحات السيمفونية لحظات إنسانية وتاريخية من حياة بن ماجد وبطولته، ووداعه المؤثر لعائلته، وتحدياته في وجه العواصف، وعزلته في مكتبه داخل السفينة، وتأمله في النجوم بحثًا عن الطريق، مضيفا: "في قلب هذا العمل، تتجلّى السيمفونية التي تُمثّل شخصية أحمد بن ماجد عبر نغمة آلة الترومبيت، رمزا للبطولة والثبات، وتعلو النغمة وسط حركة الآلات الوترية التي تمثّل موج البحر، وتصاعد الإيقاع يعكس صراعه مع العواصف وانتصاره عليها، ثم تهدأ الأنغام كما يهدأ البحر، ليتردد صدى الحكمة والمعرفة التي تركها للأجيال". وأشار إلى أنَّ هذا المزج بين الفن والموسيقى والتاريخ، لا ينعكس على إحياء ذكرى ملاح عظيم، بل يعيد رسم معالم الموسيقى العُمانية لتعانق عنان المجد والسماء، إلى جانب إحياء روح بحرية وأدبية فذة لا تزال تهمس بأمجادها من بين طيات الأمواج. وبدأ الحفل الموسيقي بافتتاحية عُمان 2020، وهي تحتفل بالتقدم المستمر لعمان وخطواتها الثابتة نحو مستقبل واعد ومشرق، وتبع الافتتاحية سلسلة من الأعمال الأوركسترالية للملحن، والمصممة لرسم خارطة طريق موسيقية أوركسترالية عمانية بلغة سيمفونية عالمية، إذ تسرد المقطوعة السيمفونية الأحداث التاريخية التي مر بها الوطن في ٢٠٢٠م بداية بالمصاب الجلل بوفاة أعز الرجال وأنقاهم المغفور له- بإذن الله- السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- ثم جائحة كورونا والتي كانت لها عواقب نفسية واقتصادية عالمية، لكن في النصف الثاني تشير المقدمة أيضًا إلى نهضة عُمان المتجددة وعزيمة شعبها الأبي تحت القيادة الرشيدة الملهمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المُعظم أيده الله. كابريتشيو المكان وشهد الحدث تقديم "كابريتشيو الكمان"، وهو عمل موسيقي ينبض بالحيوية والتحدي، يستلهم روحه من التقاليد الإيطالية حيث يُقصد بـ"كارتيتشو" المقطوعة المتقلبة ذات الطابع الحر والمزاج المتغير، ويتخذ هذا العمل شكلاً تقنياً متقدماً يحاكي إبداعات الملحن الإيطالي الشهير نيكولو باغانيني، لكنه لا يقتصر على البراعة فقط، بل يمزج بين التقنية الرفيعة والتعبير الموسيقي الحي، ليمنح العازف ساحة تتألق فيها المهارة والروح في آنٍ معاً. سيمفونية أحمد بن ماجد تلا ذلك سيمفونية أحمد بن ماجد، حيث تعد سيمفونية أحمد بن ماجد أو القصيد السيمفوني لأحمد بن ماجد، عملا موسيقيا ملهما يستلهم شخصية الملاح والشاعر العُماني التاريخي أحمد بن ماجد، الذي عُرف بلقب "أسد البحر" لمهارته الفائقة في فنون الملاحة، لكنه أيضًا ترك بصمة إنسانية وأدبية خالدة في تراث البحر والمعرفة. وكان أحمد بن ماجد رائدًا في زمن كانت فيه معارف الأوروبيين والعثمانيين بالمحيط الهندي لا تزال محدودة، وخلّف إرثًا علميًا وأدبيًا ثمينًا، من أبرز مؤلفاته كتاب "الفوائد في أصول علم البحار والقواعد"، إلى جانب عدد كبير من القصائد والمخطوطات المهمة. وتُجسّد السيمفونية هذا الإرث في قالب أوركسترالي عالمي، يحكي رحلة أحمد بن ماجد البحرية والعلمية والأدبية، ويصوّر عبر الموسيقى تحديات البحر العاتية التي واجهها، وانتصاراته في قيادته الحكيمة إلى بر الأمان، ثم تنتقل الموسيقى بانسيابية حالمة بين مشاعر التأمل وهدوء البحر، إلى لحظات العاصفة والتوتر، ومن الحنين العميق إلى نغمات البطولة والانتصار، وفي قلب العمل تبرز الثيمة الرئيسية التي تمثل شخصية بن ماجد، وتقدمها آلة الترومبيت بنبرة بطولية شامخة، بينما تتداخل معها ثيمات أخرى تعبّر عن مناخات البحر والتأملات الأدبية ومعاناة البيّارة والعاصفة، وتتصاعد هذه الأخيرة لتبلغ ذروتها قبل أن تعود ثيمة الملاح لتختتم السيمفونية بنهاية قوية ومؤثرة. ويزخر العمل بتنوعات هارمونية وإيقاعية تترجم التفاعل الدرامي بين شخصية بن ماجد وعالم البحر المتقلّب، ليخرج في هيئة ملحمة موسيقية تنبض بالحيوية والعاطفة. وقال الطائي: "سيمفونية أحمد بن ماجد لا تكتفي بتكريم شخصية عُمانية فذّة، بل تفتح أيضا نوافذ الفن العُماني على آفاق التعبير العالمي، وتقدّم للعالم نموذجاً إنسانياً ملهماً تنصهر فيه البطولة بالحكمة، والعلم بالشعر، والموسيقى بالهوية، وهذه السيمفونية هي تخليد لإرث إنساني خالد وملحمة عُمانية بلغة عالمية". ويهدف هذا العمل إلى تسليط الضوء على الإرث البحري العُماني، وتعزيز الوعي بدور الشخصيات التاريخية في تشكيل الهوية الثقافية للمنطقة، كما يُعد هذا العرض إضافة نوعية تعكس التلاقي بين الفنون والثقافة والتراث ضمن محاور المُؤتمر.


جريدة الرؤية
منذ يوم واحد
- جريدة الرؤية
الكوكب الذي غاب عن السماء.. زاهر البوسعيدي في ذمة الله
حمود بن علي الطوقي لم يكن رحيل الأخ والصديق زاهر بن سالم البوسعيدي مجرد غياب جسد، بل كان لحظة فارقة، حملت معها الكثير من المعاني، وأيقظت فينا الحنين إلى زمن الطفولة وصفاء البدايات. كان رحيله في يوم غير عادي، يوم جمعة مُبارك، اجتمعت فيه الأسرة كما اعتادت، على مائدة الغداء، في مشهد يفيض بأريج المحبة ودفء الأخوة. تبادلوا أطراف الحديث، تدارسوا القرآن الكريم، كما كانوا يفعلون في عهد والدهم، الشيخ الجليل سالم بن خليفة البوسعيدي، رحمه الله. كأن الرحيل أراد أن يكون تذكرة بما كانت عليه الأسرة، وأن يختم حياة زاهر بجلسة عامرة بالألفة، بين اثني عشر كوكبًا، كان هو كوكبهم الأوسط. ولعل من أعمق ما يربطني بزاهر، رحمه الله، أن علاقتنا لم تكن وليدة يوم أو صدفة، بل جذورها تمتد إلى جيل الآباء. فقد كان والدي، الشيخ الجليل علي بن محمد الطوقي الحارثي، يرتبط بصداقة متينة بوالد زاهر، الشيخ الجليل سالم بن خليفة البوسعيدي، رحمهما الله جميعًا. ومن تلك العلاقة الأبوية المُباركة نبتت علاقة الصداقة بيني وبين زاهر، فترسخت، واتسعت لتشمل إخوانه الكرام، أحبّتي أحمد وسعيد ومحمد وبقية الإخوة، علي وسليمان وحافظ وخلفان وخليفة حتى صرنا نعد أنفسنا أسرة واحدة، تربطنا محبة صادقة ووئام دائم، قَلَّ أن نجد له نظيرًا. أكتب هذه الكلمات لا لأرثي زاهر فحسب، بل لأحيي ذكراه، وأخلّد أثره. فهو لم يكن صديق الطفولة فقط، بل رفيق الدراسة في المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية، وزميل حلقات تحفيظ القرآن الكريم في جامع السلطان قابوس بروي. عرفته رفيق درب ذكيًا، وشابًا طموحًا، ورجلًا لا يعرف الكلل ولا الملل. تميّز زاهر منذ صغره بحب الرياضة وروح القيادة، فأسس فريق كرة اليد في نادي فنجا، وبذل فيه من الجهد ما جعله فريقًا منافسًا على الساحة الرياضية، فكانت النتيجة أن أُسندت إليه مهمة تدريب المنتخب الوطني لكرة اليد، وهو إنجاز لم يأتِ من فراغ، بل من عزيمة صادقة وإيمان راسخ بقدراته. لكن زاهر، رحمه الله، لم يكن رياضيًا فقط، بل كان إنسانًا واسع القلب، له قاعدة عريضة من الأصدقاء الذين ظلوا أوفياء له حتى اللحظة الأخيرة، وقد لمسنا ذلك في مجلس العزاء، حيث توافد الأحبة من كل حدب وصوب لتقديم التعازي، واستحضار ذكراه الطيبة. رغم أن لقاءاتنا تباعدت في السنوات الأخيرة، بسبب مشاغل الدنيا التي لا تنتهي. إلا أن زاهر ظل حاضرًا في القلب. والوجدان، أذكر أنني التقيته ذات مرة، فقلت له ممازحًا: "مختفي يا كابتن زاهر!" فكنت أحب أناديه بالكابتن فضحك وقال: "بعد التقاعد من مستشفى السلطاني، اشتريت مزرعة صغيرة في مدينة المصنعة.. فبعد التقاعد وجدت ضالتي في الزراعة أحب الزراعة، وأدعوك لتناول الخضروات الطازجة من مزرعتي." وما زال صدى تلك الدعوة يتردد في أذني، وقد حالت مشاغل الدنيا بيني وبين تلبيتها. رحل زاهر، ولكنه ترك خلفه سيرة عطرة، وعلاقات طيبة، وإنجازات باقية. رحل بعد حياة حافلة بالعطاء، والطاعة، والعمل، تاركًا قلوبًا مُحبة، وذكريات لا تُنسى. نسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته، وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يجزيه عنّا وعن وطنه وأسرته خير الجزاء. وداعًا يا أبا سالم.. إلى جنات الخلد بإذن الله.