logo
كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بلد المهجر؟

كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بلد المهجر؟

الأنباء١٨-١٢-٢٠٢٤

ربما يعاني بعض المغتربين العرب في الدول الناطقة بلغة غير عربية من بعض التحديات أبرزها ذلك التحدّي الذي يبدو جليّا لدى كثيرين وهو "التخوّف من عدم قدرة أبنائهم على التحدّث باللغة العربية" جرّاء اندماجهم في بيئات غربية تُجبرهم إلى حد ما على الابتعاد عن تعلّم العربية.
ويكاد السؤال الذي يطرحه العديد من المغتربين العرب: كيف يمكنني تعليم أبنائي اللغة العربية في بلاد المهجر؟
وقبل الإجابة عن هذا السؤال، لا بد أن نذكر أن هناك يوماً عالمياً للغة العربية يحتفل بها العالم والذي يصادف 18 ديسمبر من كل عام، وفق ما أعلنته الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1973 والذي يوصف بالقرار التاريخي بأن تكون اللغة العربية اللغة الرسمية السادسة التي تعمل بها المنظمة إلى جانب اللغات الإنجليزية والفرنسية والصينية والروسية والإسبانية.
ويأتي الهدف من تخصيص يوم عالمي لزيادة الوعي بتاريخ اللغة العربية وثقافاتها وتطورها بإعداد برنامج أنشطة وفعاليات خاصة بها، وفقا لمنظمة الأمم المتحدة.
"اللغة الحقيقية هي التي تتعلمها في البيوت والتي تُكتسب بالسماع"
عندما تقرر بعض العائلات العربية الهجرة إلى دول غربية وتحاول الاندماج في المجتمعات الجديدة، فإن أول من يتأثر في ذلك القرار هم الأطفال، إذ سرعان ما يتقن كثيرون منهم لغة البلد الذي هاجروا إليه أسرع من ذويهم، إلا أن "تخوفاً" قد يتغلغل إلى قلوب ذويهم نتيجة خشيتهم من "فقدان أبنائهم للغة العربية".
وفي هذا الصدد، يُجيب المتخصص في علوم اللغة، الدكتور رشيد الجراح، خلال حديثه لبي بي سي عن سؤال: كيف يمكن للمغتربين تعليم أبنائهم اللغة العربية والمحافظة عليها، قائلاً: "إن الأصل في تعلم اللغة العربية يتمثل بوجود المجتمع، إذ يكتسبها الفرد اكتساباً بالسماع وضمن مجتمع يتخاطب بهذه اللغة ويمارسها بشكل يومي، فاللغة الحقيقية هي التي تتعلمها في البيوت".
وأضاف الجرّاح: "إن المحظور الأكثر خطورة الموجود في المجتمعات الغربية يتمثل في تعليم اللغة العربية الفصيحة الرسمية ثم الانتقال إلى المحكيّة والتي تعد من أصعب المهام وتُحدث انعكاسات سلبية إذ إن الخلط بين الفصيحة والمحكيّة أو العامية تتسبب في حال تطبيقها في المجتمع العربي لدى عودته بردة فعل مغايرة تدفع المجتمع للشخص الذي يتحدث باللغة الفصيحة التي تعلّمها بنظرة استغراب وتندّر نتيجة حديثه بالفصحى، لذلك على المغتربين تعليم أبنائهم اللغة المحكية لا الفصيحة ولا يكون هذا همّهم الوحيد".
وللمحافظة على اللغة العربية ولحمايتها من الاندثار بين أبناء المغتربين، يوضح الجرّاح بقوله: "على الأب والأم الحديث بالعامية مع أبنائهم داخل المنزل وبشكل مستمر ودائم، ومن الجدير ذكره أن الطفل يتعلم نغمة اللغة أي ذلك الصوت عندما يتحدث إليه والدّيه ويبدأ بتخزينه تدريجياً حتى يصل إلى عمر يتمكن من خلاله تمييز الكلمات عن بعضها البعض".
في محاولة لمعرفة فيما إذا كان بعض الأهالي المغتربين يرغبون بتعليم أبنائهم اللغة العربية من عدمها، وأسباب ذلك، والتحديات التي يواجهونها، تواصلت بي بي سي مع عدد من العرب المغتربين في عدة دول حول العالم.
تقول أم سارة وهي فلسطينية مقيمة في الولايات المتحدة الأمريكية لبي بي سي: "إنني أواجه كأُم صعوبة في تعليم أبنائي اللغة العربية والمحافظة عليها ليس فقط على سبيل المحادثة، بل أيضاً في تطبيقها لقراءة القرآن الكريم والقصص العربية. إن الموضوع ليس سهلاً، إذ مهما حاولتُ تنويع أساليب التعليم يبقى الملل سيد الموقف لديهم، خاصة وأنني أحاول متابعتهم باستمرار بعد انتهائهم من تعلّم اللغة في إحدى المدارس المتخصصة باللغة العربية لمدة يوم واحد أسبوعياً".
وتضيف: "نلجأ إلى طرق متنوعة ما بين الألعاب التفاعلية وبين البطاقات الملونة، إلى جانب حرصنا على متابعة بعض البرامج والأفلام العربية التي تُسهم في الاستمرار بتعليم أبنائنا العربية وتذكيرهم بها".
وتتفق أم حسن وهي أردنية مقيمة في أمريكا كذلك مع ما ذهبت إليه أم سارة، قائلة خلال حديثها لبي بي سي: "بالفعل، قد نواجه صعوبة في تعليم أطفالنا اللغة العربية لأننا نعيش في بلد لا يتحدث سكانه العربية، وغالباً ما يتعرض أطفالنا أكثر للغة البلد الذي نعيش فيه، مما يجعل من الصعب عليهم استخدام العربية بشكل مستمر. وعليه نلجأ إلى عدة طرق لتعليمهم اللغة كالتحدث معهم بالعربية داخل المنزل قدر الإمكان سواء في الحياة اليومية أو أثناء اللعب، ونلجأ أيضاً إلى تطبيقات إلكترونية مخصصة لتعليم اللغة العربية للأطفال، وبالطبع نستمع مع أطفالنا إلى أشعار وأغانٍ تساعدهم على تحسين لغتهم".
هل هناك خصوصية في الاغتراب؟
"لا شك أن هناك خصوصية في الاغتراب لأن دوافع تعلم اللغة العربية مختلفة"، هكذا قال المتخصص في علوم اللغة، الدكتور رشيد الجراح، لبي بي سي موضحاً عوامل تعلم العربية في دول المهجر: "إن دوافع تعلم اللغة العربية يختلف تبعاً لعدة أمور منها: المجتمع الذي يعيش فيه الفرد، والرغبة لديه في تعلم اللغة، وكذلك البيئة المحيطة بالفرد، وأيضاً تكوين العائلة فيما إذا كان كلا الزوجين عربيين أو أحدهما فيصبح التحدّي أكبر، إلى جانب خصوصية الموقع الجغرافي والذي يُقصد به مكان تركّز التجمعات العربية عامة والإسلامية خاصة، فنجد في بريطانيا مثلاً التجمعات العربية متقاربة بشكل واضح مما يسهم بتعلم العربية بصورة أكبر إذا ما قارنها في أمريكا إذ نجد في بعض المناطق تجمعات كبيرة وبكثافة وتركز واضحين وفي أماكن أخرى تكاد تكون قليلة ومتناثرة ويصبح الوصول إليها صعباً".
ويضيف: "نوع عمل الأب أو الأم يشكل تحدياً بتعليم أبنائهم اللغة العربية والوقت المتاح لقضائه مع الأبناء، والتحدي يتضاعف عندما تعمل الأم كذلك إذ لا تكون متفرغة لتعليم أبنائها العربية رغم رغبتها ورغبة الأب بذلك حيث لا تتاح لهم الفرصة ولا الوسائل لتحقيق هدفهم".
وهو ما أشارت إليه أم شريف المقيمة في بريطانيا منذ نحو 10 أعوام خلال حديثها لبي بي سي: "نواجه صعوبة كبيرة في تعليم أبنائنا اللغة العربية وخاصة إذا كان كلا الوالدين يعملان لساعات طويلة فأغلب وقت الأطفال يكون في المدرسة، وهو ما واجهناه بالفعل إذ ألحقنا طفلنا بعمر الثلاثة أشهر في الحضانة حيث كان الجميع يتحدثون لغة غير العربية".
وقالت أيضاً: "حاولنا أن نتحدث فقط باللغة العربية في البيت، إلا أن ذلك كان يؤثر على التحصيل العلمي للطفل مع تقدّمه في العمر بسبب عدم فهم اللغة لذلك اقتصرنا على الحديث باللغة الإنجليزية. وحتى عند إرسال الطفل إلى المسجد كان يُشكّل تحدياً كبيراً حيث إنه ليس كل المسلمين في المسجد يتحدثون العربية بل هناك مسلمون من الأكراد والباكستان والهند وفي نهاية المطاف طريقة التواصل معهم هي اللغة الإنجليزية. وبناء على ذلك قررنا اللجوء إلى التطبيقات الموجودة عبر الهواتف الذكية فهي مفيدة إذ يتعلم منها الطفل بعض الكلمات ولكن تبقى فاعليتها محدودة".
"أولويتي تعليم أبنائي العربية فهي لغتهم الأم وجزء من ثقافتهم العربية"
لقد اشتكت عدد من العائلات المغتربة التي أجريتُ معها مقابلات من عدم إجادة أبنائهم لقراءة نص عربي قصير ولا حتى القدرة على الكتابة، مما يبعث القلق إلى نفوس هذه العائلات، وهو ما أكدّته لمى وهي لبنانية تقيم في ألمانيا خلال حديثها لبي بي سي: "لديّ ابنة تبلغ ست سنوات وابن يبلغ ثلاث سنوات، وأواجه تحدياً كبيراً في عدم قدرة أبنائي على قراءة حروف اللغة العربية والكتابة أيضاً رغم أنني أتحدث إليهم بالعربية في المنزل طوال الوقت، إلا أنني بحثت وزوجي على مدرسة متخصصة بتعليم العربية وبالفعل بدأ أبنائي يذهبون إليها مرة واحدة أسبوعياً..وأنا كأم أخصص نحو 30 دقيقة يومياً لمتابعتهم في القراءة والكتابة، إذ إن يوماً واحداً في الاسبوع في المدرسة غير كافٍ دون متابعة".
وتضيف: "أولويتي تعليم أبنائي العربية فهي لغتهم الأم وجزء من ثقافتهم العربية، وأيضاً أرغب أن يتعلموها بشكل جيد يُمكّنهم من التواصل بطريقة واضحة ومفهومة مع عائلتنا في بلدنا لبنان".
وبالنسبة لأبو كريم وهو لبناني مقيم أيضاً في ألمانيا الذي تحدث عن تجربته مع ابنه البالغ عاماً واحداً لبي بي سي: "لدينا ابن صغير جداً يبلغ عاماً واحداً فقط، ورغم ذلك نحن نتحدث إليه بالعربية داخل المنزل ليتمكن في المستقبل من الحديث بها، وكذلك ستساعده في أداء عباداته من الصلاة وقراءة القرآن بسهولة".
ويوضح: "نفكر أنا ووالدته عندما يكبر كريم قليلاً أن نلجأ بالطبع إلى الكتب العربية وإلى قنوات اليوتيوب عبر الإنترنت التي توفر تعلم اللغة العربية، كما يمكن أن نلجأ إلى المدارس المتخصصة بتعليم العربية، إذ إن التحدي في الغربة يتعاظم لتكثيف جهودنا وأن تكون هناك رغبة حقيقية من الأهل في تعليم طفلهم اللغة العربية خاصة في مجتمع لا يتحدث بها".
أكثر من (400) مليون شخص يتحدث العربية من سكان العالم
وتعد العربية لغة عالمية، إذ يبلغ عدد الناطقين بها أكثر من (400) مليون شخص وهي تتمتع بصفة لغة رسمية في نحو (25) دولة. ومع ذلك، فإن المحتوى المتاح عبر شبكة الإنترنت باللغة العربية لا يتجاوز نسبة 3 في المئة مما يحدّ من إمكانية انتفاع ملايين الأشخاص به، وفق منظمة الأمم المتحدة.
وتبعاً للمنظمة فإن "اللغة العربية تعد ركناً من أركان التنوع الثقافي للبشرية، وهي إحدى اللغات الأكثر انتشاراً واستخداماً في العالم، إذ يتوزع متحدثوها بين المنطقة العربية وعدد من الدول الأخرى مثل: تركيا وتشاد ومالي السنغال وإرتيريا، حيث إن للعربية أهمية قصوى لدى المسلمين، فهي لغة مقدسة (لغة القرآن)، ولا تتم الصلاة (وعبادات أخرى) في الإسلام إلا بإتقان بعض من كلماتها. كما أن العربية هي كذلك لغة شعائرية رئيسية لدى عدد من الكنائس المسيحية في المنطقة العربية حيث كُتب بها كثير من أهم الأعمال الدينية والفكرية اليهودية في العصور الوسطى".
وتطلق منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) شعارها للاحتفال باللغة العربية هذا العام بعنوان: "العربية والذكاء الاصطناعي: تعزيز الابتكار مع الحفاظ على التراث الثقافي".
ويأتي شعار هذا العام بغرض استكشاف سُبل سد الفجوة الرقمية عن طريق الذكاء الاصطناعي، وتعزيز حضور اللغة العربية على شبكة الإنترنت، ودعم الابتكار وتشجيع الحفاظ على التراث.
"بيئة الطفل مهمة جداً في تأسيس لغته"
وهناك ربما "أزمة" تواجه العائلات المغتربة حينما تصبح اللغة الإنجليزية أو غيرها من اللغات غير العربية هي لغة الطفل الأولى، وهو ما قالته أم نايا التي تعيش في كندا منذ أكثر من سبع سنوات لبي بي سي: "أنا أم لابنتين ولدوا في الغربة وبحكم ظروف عملي اضطررتُ لأن ألجأ إلى إلحاقهما بالحضانة وهما بعمر أشهر فقط، وبطبيعة الحال اللغة الأولى التي تعلماها هي الإنجليزية. كانت ابنتي الكبيرة تعاني من (التأتأة) في بداية حديثها بعمر السنة ونصف السنة، وعندما رأتها أخصائية النطق شخّصت حالتها بالمتوسطة وطلبت منا أن نستمر بالتحدث إليها بلغة واحدة فقط حتى لا يتشوش مركز النطق لديها وهذا صعّب التحدث معها بلغتها الأم (اللغة العربية)، وبعد مرور عامين زالت (التأتأة) لديها وبدأت رحلة البحث عن مدرسة عربية في الغربة تستطيع ابنتي أن ترتادها، إلا أن فيروس كورونا قد انتشر في ذلك الوقت وانتقلنا إلى التعليم عن بُعد".
وتضيف: "نتيجة أن ابنتي لا تتحدث العربية أصلا، فكان من الصعب جداً إقناعها وهي بعمر نحو (4) سنوات على الجلوس أمام جهاز الكمبيوتر والتحدث مع معلمة لا يوجد بينها وبين المعلمة تواصل مباشر أمامها، لذلك انتظرنا حتى انتهى تفشي الفيروس وبحثنا مجدداً عن مدرسة لتلقي التعليم وجاهياً وواجهنا حينها معوقات عدة كبُعد المسافة أو عدم وجود مدرسة تدرس بنفس النهج الذي تلقيناه في بلادنا وتعودنا عليه حتى وجدنا في النهاية مدرسة تدرس اللغة العربية والتربية الإسلامية خلال عطلة نهاية الأسبوع إذ كان التواصل داخل غرفة صفية مع أقرانها مما ساهم في تعلمها للغة العربية وحبها لها، وفي ذات الوقت كنت حريصة على متابعتها في المنزل، وقد اتبعنا ذات الطريقة مع أختها الصغرى حتى تتمكن من البدء بالحديث باللغة العربية وفهمها".
وتعد بيئة الطفل مهمة جدا في تأسيس لغته، وهو ما أوضحته آلاء التي تقيم في تركيا خلال حديثها لبي بي سي: " لدي ابنة عمرها خمس سنوات وكان لدي هدف ألا تنسى ابنتي اللغة العربية وليس فقط التحدث بها وإنما قراءة وكتابة إذ لدي الكثير من الصديقات قد عانينّ مع أبنائهن خاصة بعد التحاقهم بالمدارس التركية التي هي مجانية ومتاحة للجميع الأتراك وغير الأتراك، بينما المدارس العربية فهي مدارس خاصة وبحاجة إلى مبالغ مرتفعة للالتحاق بها فالبعض وجد أن أبنائه لم يعد لديهم القدرة حتى على الحديث بالعربية وإنما بات يتحدث اللغة التركية وبالتالي قرروا تسجيل أبنائهم في هذه المدارس الخاصة التي تُعلم اللغة العربية والبعض الآخر قرر العودة إلى بلده".
وتضيف "لذك قررت أنا وزوجي أن أسجل ابنتي في روضة عربية عندما كانت تبلغ ثلاث سنوات، وأيضا نتحدث معها العربية في المنزل طوال الوقت ضمن بيئتها العربية التي تعد مهمة جداً في تأسيس لغتها، وأيضا حرصنا على إلحاقها بحلقات تعليمية للغة خصصتها عدد من النساء في أحد المساجد التركية لمساعدة الأطفال على تعلم العربية".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

وجه الأرض.. بقلم د. يعقوب يوسف الغنيم
وجه الأرض.. بقلم د. يعقوب يوسف الغنيم

الأنباء

timeمنذ 6 أيام

  • الأنباء

وجه الأرض.. بقلم د. يعقوب يوسف الغنيم

في أكتوبر 1993 أصدر المجلس الوطني للثقافة كتاب «الكون» ضمن سلسلة «عالم المعرفة» بعد أن لفت أنظار الملايين بسبب ما جاء فيه من معلومات العالم الفرنسي د.موريس بوكاي أكد أن بالقرآن تأملات عامة يستطيع الجمهور الأكثر ثقافة في كل مكان وزمان أن يستخرج منها تعاليم إذا ما كبّد نفسه عناء التأمل بدت أهمية الأرض في أنها ذكرت بلفظها في القرآن الكريم 313 مرة في آيات مختلفة ضمن سور متعددة يبين الله العلي العظيم فيها أهميتها للناس صدر في مصر خلال سنة 1932 كتاب له أهمية عالية، ألّفه باللغة الإنجليزية اللورد جون أفيري، وعرّبه الأديب والشاعر اللبناني وديع البستاني الذي ولد في سنة 1886 وتوفي سنة 1954، وكان كثير الترحال بين الدول، وله عدة مؤلفات وترجمات ذات أهمية. هذا الكتاب هو «محاسن الطبيعة». وقد أحسن مترجمه الصنع حين قدمه إلى قراء اللغة العربية بأسلوب جميل واضح، يحفز المرء على متابعة قراءته والاستفادة منه حتى نهايته. أذكر أن شيخنا الأستاذ السيد أحمد صقر قد نصحنا - أنا وزملائي - بقراءة هذا الكتاب، وقال لنا عنه إنه كتاب ممتع، ممتلئ بالمعلومات التي لا بد لكل امرئ أن يحيط بها، إضافة إلى أن مترجمه قدمه بلغة عربية سليمة وفصيحة ذات تعبير أخاذ. ومن ذلك الوقت والكتاب بين يدي، أعود إليه بين الفينة والأخرى، لكي أقرأ شيئا مما ورد فيه، وأستعيد ما كنت قد قرأته فيما مضى، وعندما خطرت في بالي فكرة هذا الموضوع، وجدت أن العودة إليه قد تفيد، وقد رأيتها - كذلك - مفيدة إلى حد كبير. يتكون الكتاب من عشرة فصول، يذكر كل فصل منها محاسن الطبيعة في جهة معينة من جهات الكون الواسع، ويدعو إلى التأمل فيه. وفي أول فصل من هذه الفصول يقول المؤلف: «ما الأرض إلا جنة أنزلت فيها آيات الجمال، ومجرد وجودنا فيها هو بينة البينات». نعيش وحولنا من محاسن الطبيعة ما يسحر الألباب، ومن عجائب الكون ما يحير الأذهان، وقل منا من يتمتع ما استطاع. وأينا عرف قيمة ما لديه، وأدرك كنه ما هو فيه وإليه». وإضافة إلى الأوصاف التي ساقها لبعض جوانب الكون، فإنه أورد كثيرا من المقتطفات التي اقتطفها من أقوال عدد من الكتاب والفلاسفة من سابقيه ومعاصريه، ولقد كان من رجال الفكر الذين اختار من أقوالهم رجل قال عنه: «وهاك كيف كان كنسلي يحب البوادي وقيعان الخلجان المكتنفة» ويقول: كثيرا ما كنت أتجول في تلك البراري متمتعا بمشاهد الطبيعة وعجائبها. والحق يقال إنني ما كنت أخرج وحدي - فالنحل والزهر والحصى كانت تؤنسني وتحدثني، ولا كنت أذهب الوقت سدى، بل أمرّ بالغيضة والأجمة فأقف متأملا متفكرا، كأنني أحاول حل الرموز وتفسير الطلاسم في سفر الكون وأقول بحق «إن من البيان لسحرا». إذن، فإن الأرض جديرة بالاهتمام، وأولى بنا أن نتحدث عنها، ونبحث عن محاسنها، ونبين ما تفيض به علينا من خيرات، فنذكر رحمة الله، عز وجل، بنا أن رزقنا العيش فيها. * * * في شهر أكتوبر لسنة 1993 أصدر المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في الكويت كتابا مهماً جاء ضمن سلسلة «عالم المعرفة». يتكون عنوان هذا الكتاب من كلمة واحدة هي: الكون، ألفه د.كارل ساغان، وهو عالم فلكي له مكانة في مجال هذا التخصص، وقد لفت أنظار الملايين إلى كتابه هذا وإلى البرنامج التلفزيوني الذي تم عرضه مستمدا منه محتواه، وكان كل هذا الاهتمام البشري الكبير بالكتاب والبرنامج المذكور بسبب ما جاء فيهما من معلومات تخص الكون في كافة أرجائه. وقد بلغ الأمر بما ناله هذا الكتاب من اهتمام أن كتب أحد المختصين عنه قائلا: «إنه أشبه ما يكون بمنهج دراسي جامعي في كلية ما، كان بودك أن تدرسه، ولكنك لم تعثر على الأستاذ الذي يمكنه أن يعلمك إياه». ووصف الكون بقوله: «إن الكون لا يتسم بالعظمة المذهلة فحسب، بل إن الكتاب يقربه من إدراك الناس الذين ولدوا فيه وارتبط مصيرهم به». يتحدث المؤلف كارل ساغان في كتابه هذا عن كثير من الأمور ذات الصلة بالكون، ابتداء من ذكره للمحيط الكوني الهائل، وانتهاء بذكر النجوم والمجرات. ثم يختم كتابه هذا بفصل عنوانه: «من يتكلم عن الأرض؟ وكأنه يريد أن يقول من يدافع عن الأرض؟ وهي تواجه الحروب التي باتت تتخذ اتجاها مدمرا منذ أطلقت أولى القنابل الذرية في اليومين السادس والتاسع من شهر أغسطس لسنة 1945 على اليابان. ويورد المؤلف هنا بيان ما يحس به من تخوف شديد على كوكبنا ناقلا أقوال العلماء في هذا المجال، قائلا: إننا - كل شعوب الأرض - قد صرنا رهنا للأسلحة النووية نهدد بها بين وقت وآخر. ومن أجل ذلك فلابد من أن نبذل كل جهد ممكن في سبيل أن ننشر بين زملائنا من البشر في أنحاء الأرض وهم الذين يماثلوننا في البشرية - ما ينبههم إلى الأخطار التي تواجه كوكبنا: الأرض، جراء السباق المحموم إلى إنتاج أسلحة الدمار الشامل التي تعم خطورتها كل مكان، وهذا حديث مهم له علاقة بالحفاظ على الأرض، وحمايتها من الجور الذي تسببه الحروب، والأسلحة ذات الخطر المفجع، وهذان الأمران من أهم ما ينبغي للبشر الالتفات إليه حماية لأنفسهم حاضرا ومستقبلا. *** كان هذا مدخلا أردنا به أن يكون سبيلنا إلى ما يتعلق بموضوع يتسع حوله الحديث، فهو عن أمنا الأرض التي نعيش عليها بما هيأه الله - عز وجل - لنا فيها من وسائل تجعلها مقرا لبني آدم منذ زمن أبيهم عليه السلام، ولقد جرت بحوث كثيرة حول الأرض من عدة نواح كان منها ما ورد في كتاب ألفه الفرنسي د.موريس بوكاي، المولود في سنة 1920، والذي توفي سنة 1998. وقد تناول هذا الرجل في كتابه كل ما يحتاج إليه القارئ من حديث يتعلق بالأرض، وما يتصل بها من مظاهر تبدو لنا في أشكالها ومياهها، وما هيأه الله سبحانه وتعالى فيها من أسباب تجعلها صالحة لسكن ملائم لبني آدم. وقد بين بوكاي في كتابه: «القرآن والتوراة والإنجيل، دراسة في ضوء العلم الحديث» ما يتعلق بذلك من وحي ما قرأه في كتاب الله عز وجل: القرآن الكريم، وقارنه بما توصل إليه العلم وكتب حول ذلك فقرة جعلها ضمن كتابه المشار إليه آنفا، كانت تحت عنوان: «آيات ذات مغزى عام» جاء فيها: ‎«وتعبر هذه الآيات من جهة عن أفكار بسيطة يسهل إدراكها على فهم هؤلاء الذين كان القرآن موجها إليهم لأسباب جغرافية، أي سكان مكة والمدينة وبدو شبه الجزيرة العربية، ومن جهة أخرى فهي تعبر عن تأملات عامة يستطيع الجمهور الأكثر ثقافة في كل مكان وزمان أن يستخرج منها تعاليم، إذا ما كبد نفسه عناء التأمل، تلك هي السمة الكونية الشاملة للقرآن». ونضيف إلى ذلك - امتدادا لهذا الحديث - أن الله، عز وجل، قد خلق الأرض وجعلها مهيأة للبشر، يعيشون فيها، وينعمون بخيراتها. وهذا هو ما تدل عليه الآية الكريمة رقم 33 من سورة البقرة: (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة)، وقد تمت إرادة الله النافذة، فمكّن آدم عليه السلام ونسله من سكنى الأرض، والتمتع بما فيها من خيرات، وقد بدأوا منذ ذلك الوقت العيش فوق ما مهد لهم منها، ولم يتركهم، بل أمدهم بكل ما يساعد على العيش من حيث ملاءمة الأجواء العامة، والنبات والمياه والجبال والوديان والحيوان. وكان من ضمن الآيات التي استشهد بها بوكاي قوله تعالى في الآية رقم 22 من سورة البقرة: (الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون). لقد استفاض المؤلف في حديثه عن الأرض حتى تناول كل ما فيها من صحراوات وأنهار وعيون تفيض بالماء مستندا في ذلك إلى آيات من القرآن الكريم. إذن، فإن الأرض التي نعيش عليها من أهم ما يسره الله سبحانه وتعالى لخلقه، ففيها معيشتهم، وفيها أرزاقهم، وقد بدت أهمية الأرض في أنها ذكرت بلفظها في القرآن الكريم ثلاثمائة وثلاث عشرة مرة. في آيات مختلفة ضمن سور قرآنية متعددة: وفي كل هذه الآيات يبين الله العلي العظيم أهميتها للناس. ويذكر ما أودع لهم فيها من أمور تنفعهم في حياتهم، وتتيح لهم الحصول على كافة احتياجاتهم التي تمكنهم من الحياة المطمئنة الآمنة، ومن ذلك قوله تعالى في سورة البقرة، الآية رقم 164: (إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون). وقوله الكريم في الآية رقم 19 من سورة الحجر: (والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل شيء موزون). (الرواسي: هي الجبال). وفي الآية رقم 50 من سورة الروم حيث يقول عز وجل: (فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحيي الأرض بعد موتها إن ذلك لمحيي الموتى وهو على كل شيء قدير). وفي الآية رقم 53 من سورة طه: (الذي جعل لكم الأرض مهدا وسلك لكم فيها سبلا وأنزل من السماء ماء فأخرجنا به أزواجا من نبات شتى). لقد جعل الله سبحانه وتعالى فيما خلق آيات تدل على عظيم قدرته، وجليل فضله، وتفتح ذهن من أراد أن يتدبر في ملكوته، فيدرك نعمة ربه عليه حين يراها في خلق السموات والأرض، وفي اختلاف الليل والنهار، وفي السفن التي تجري في البحر حاملة المنافع للناس من مكان إلى آخر، وما أنزله الله من السماء من ماء ممطر على الأرض حتى تحيا به بعد أن جفت في أيام الصيف الحارة حين ينقطع المطر، وما على الأرض من دواب مختلفة الأصناف، والرياح التي تنقل السحاب من أفق إلى آخر، وتنفع حركتها الناس بمنافع أخرى يستطيع الإنسان أن يعرفها مما يمر عليه في حياته. ولقد مد الله سبحانه وتعالى الأرض، وسخرها لخلقه أجمعين، وجعل فيها الجبال الراسية الثابتة. وأنبت فيها من كل شيء بحسب نظام متوازن لا يختل. وهو - جل شأنه - ينبه خلقه من البشر، ويلفت أنظارهم إلى آثار رحمته التي تتمثل في أمور كثيرة منها ما سبقت الإشارة إليه من إحياء الأرض بعد جفافها، ويبين لهم أنه وهو القادر على إحياء موات الأرض قادر على إحياء الموتى من البشر، بل هو قادر على كل شيء. ويخبر خلقه بأنه هو الذي مهّد لهم الأرض، وجعل لهم فيها سبلا يسيرون من خلالها إلى غاياتهم. ومع هذه النماذج المضيئة التي تبين مكانة الأرض من بين كل ما خلقه الله سبحانه وتعالى من مخلوقات، فقد مر في الكتاب الكريم ما يدل على ما هو أكثر لفتا للأنظار، إذ وردت في كتاب الله آيتان يحتاج المرء إلى التوقف أمامهما متأملا، وباحثا عن مغزاها العميق وهما: قوله تعالى في سورة الرعد، الآية رقم 41: (أولم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها والله يحكم لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب). وقوله تعالى في سورة الأنبياء، الآية رقم 44: (بل متعنا هؤلاء وآباءهم حتى طال عليهم العمر أفلا يرون أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها أفهم الغالبون). ومن الملاحظ أن هاتين الآيتين الكريمتين تشيران إلى قدرة الله سبحانه وتعالى على التحكم في الأرض، فهو القادر على خلقها بتمامها، وبما جعله فيها من خيرات تحدثنا عنها فيما سبق، وهو القادر - كذلك - على إنقاصها، وقد وردت الإشارة إلى الإنقاص بصيغة تدل على أن هذا الأمر غير مجهول، بل هو معروف للبشر جميعا، وبخاصة منهم أولئك الذين نزل القرآن الكريم وهم حضور بمجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولذلك جاء التنزيل الكريم بلفظ: «أفلا يرون». وليس في هذه العبارة القرآنية ما يدل على انتظار إجابتهم عن هذا التساؤل، لأن الله، عز وجل، قد تحدث إليهم بعلمه، ولم يخاطبهم على قدر علمهم، وسوف نرى - فيما بعد - ما يمكن أن يقال في تأويل ما يتعلق بنقصان الأرض. ومن أجل ذلك، فإننا نواصل القول فنذكر ما يلي: من الملاحظ أن المفسرين للقرآن الكريم قد تحدثوا كثيرا عن هاتين الآيتين عندما وصلوا إلى موقعهما في المصحف الشريف، وقالوا أقوالا كثيرة، ونلتمس لهم العذر في كل ما قالوه، ونقدر لهم قيمتهم العلمية، وأقدميتهم في الإسلام، وحرصهم على حفظ كتاب الله وتفسيره. ولكن ما ورد عنهم لا ينفي الالتفات إلى ما ورد في بحوث العلم الحديث التي لم يأت فيها ما ينافي ما ورد في القرآن الكريم، بل إن النتائج العلمية هي التي أدت ببعض الباحثين من غير المسلمين إلى الدخول إلى الإسلام عندما وجدوه لا يتنافى مع حقائق العلم. ونحن حين نتلو هاتين الآيتين، فإننا لا بد أن نشير إلى أنهما قد وردتا في مقام التذكير بقدرة الله، عز وجل، والتنبيه إلى أن جحدهم لما جاء لهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم من عند ربه، عز وجل، أمر لا يرضي الله ولا رسوله، وفيه مخالفة لما ينبغي أن يمتثل به المخلوق تجاه خالقه الذي أنعم عليه بالحياة ويسر له أسبابها. ولقد وعد الله المصدقين برسالة محمد صلى الله عليه وسلم بالجنة ونعيمها. ووعد المكذبين بأشد العذاب وقال له ما معناه: إن رأيت ما يحل بهم مما وعدناهم به من عذاب، أو إنك توفيت وغادرتهم، فإنك لا تلام بسبب تكذيبهم لك، فإن مهمتك في تبليغهم بما أرسلت به، والله يتولى حسابهم. ذلك أن الله هو الذي خلق هذه الأرض التي يعيشون على ثراها ويتمتعون بما فيها من متاع. وهو الذي ينقصها من أطرافها زمنا بعد زمن بما يعني زوال ما هم فيه من نعيم الأرض ولو كان ذلك بعد حين. وفي موضع الآية الثانية ما يسبقها في طلب التساؤل الموجه إلى من يكفر بالرحمن سبحانه وتعالى، ففي ذلك قوله الكريم: (قل من يكلؤكم بالليل والنهار من الرحمن بل هم عن ذكر ربهم معرضون). (يكلؤكم: يحفظكم، من الرحمن: معناها غير الرحمن)، أم لهم آلهة تمنعهم مما سوف يحل بهم من عذاب الله فلا يستطيعون الانتصار لأنفسهم، ولا يجيرهم أحد من غضب الله. ثم تأتي الآية التي تذكرهم بدايتها بما أنعم الله عليهم وعلى الأمم من قبلهم، حتى طال عليهم الأمر فظنوا أنهم على حق، وأنه لن يلحق بهم أي عذاب، ولم يلتفتوا إلى ما يحل بالأرض حولهم من نقص سيكون في يوم قدره الله، عز وجل، سببا في زوالها وزوال من عليها. ٭٭٭تحدثت الموسوعة العربية الميسرة عن الأرض، فقالت: «الأرض، خامس كوكب من المجموعة الشمسية من حيث الحجم، والكوكب الوحيد فيها الذي يعرف بأنه يحمل الحياة». وتمضي الموسوعة في تقديم وصفها الدقيق للأرض من عدة جوانب إلى أن تقول أخيرا: «ومركز الأرض يتكون من قشرة خارجية يعتقد أنها سائلة، واللب الداخلي مادة صلبة، وقد قدر عمر الأرض بطرق مختلفة ويعتقد أنه ما بين 400 و500 مليون سنة». وأما ما يتصل بمعنى الآيتين الكريمتين اللتين ذكرناهما فيما مضى، فقد ورد في البحوث العلمية الحديثة ما يدل عليه، بما لا يتنافى مع التفسير العام لكتاب الله، عز وجل، بل إنه ليكاد أن يكون تأكيدا لهذا التفسير، ودليل إعجاز له. وفي إيجاز شديد نورد بعض ما قيل في هذا الشأن: أ‌ - كانت الأرض - ولا تزال - تنقص من أطرافها، فهي مستمرة في هذا النقصان، فهناك نقص عند طرفي الأرض حول القطبين المتجمدين الشمالي والجنوبي. ونرى الكرة الأرضية تنفث من جوانبها خلال فوهات البراكين ملايين الأطنان ما يتسرب إلى الغلاف الجوي، فينقص من الأرض. وإضافة إلى النقص المشار إليه في القطبين، وما يخرج من فوهات البراكين، فإن هناك نقصا يلحظ في قمم الجبال التي تتعرض إلى شيء من النحت بمرور الزمن، ويلحظ في نحت أمواج البحار، فهي تنحت من اليابسة، وتغطي جزءا منها. وكل هذه أطراف من أطراف الأرض التي تخضع للنقصان المستمر. هذا ولا تزال الأرض تواجه التغييرات في ذاتها، وتخضع لتحولات متعددة، ومن ذلك ما جاء في عدد «الأنباء» ليوم الجمعة 4 أبريل 2025، من خبر غريب من الأخبار المتعلقة بالأرض ونصه: «اكتشف علماء الجيولوجيا أن الجانب السفلي من قشرة الأرض يتسرب إلى باطن الكوكب، وتحدث هذه الظاهرة خاصة تحت الغرب الأوسط الأميركي. ووفقا للدراسة التي نشرتها مجلة «ساينس أليرت» العلمية، فإنه على الرغم من أن نقطة التركيز تقع تحت الغرب الأوسط الأميركي، إلا أن تأثيراتها منتشرة على نطاق واسع في جميع أنحاء الأرض، لكنها عملية تمتد على مدى زمني يتراوح بين ملايين ومليارات السنين ومن غير المرجح أن تؤثر على أي شخص يعيش في قارة أميركا الشمالية لأجيال عديدة قادمة. وأشارت الدراسة إلى أن كتلاً من الصخور المنصهرة تتجمع في الوشاح العلوي للكوكب، لتكتسب في النهاية كتلة كافية لترسبها على عمق أكبر، وهي آلية بطيئة وتدريجية كشفت عنها عمليات الرصد الزلزالي التي تظهر ترقق الغلاف الصخري تحت المنطقة». وهذا الذي يشير إليه الخبر يوحى بمدلولات مهمة لا بد من الإشارة إليها، وهي: - إنه صادر عن مصادر علمية موثوق بها، وقد نشر في مجلة علمية ذات أهمية. - إن الأثر الناتج عن هذا الحادث يمتد من الغرب الأوسط الأميركي إلا أنه ينتشر في كل أرجاء الأرض دون تحديد. - إنه امتداد لعملية جرت ما بين ملايين ومليارات السنين. - إن الحادث لا يؤثر على أي شخص يعيش على وجه الأرض في الوقت الحاضر في أميركا. - إن هذا الأمر ليس له تأثير يمتد إلى الأجيال القادمة. وهذا فيه نظر، لأن الإرادة الإلهية هي التي تحكم الكون، وتدبر أمور أهله. ولم يجد الباحثون سببا ولا تفسيرا يؤديان إلى ما حدث، خاصة ما ورد وصفه في الفقرة الثانية، إلا أننا نجد إشارة مهمة فيما بعد ذلك عند ذكر كتلة ترسبت في عمق أكبر، وفي آلية ذكروا أنها بطيئة وتدريجية، تظهر - بموجب ما كشفت عنه عمليات رصد الزلازل - ترقق الغلاف الجوي حول المنطقة. ألا يمكن أن يسمى هذا الترقق نقصا في هذا الطرف من أطراف الأرض؟ أو تمهيدا لنقص؟ ثم ألا يمكن القول إن هذا النقص أمر قائم ودائم يكفينا أننا نرى أثره قائما إلى يومنا هذا؟ لا نقول هنا إلا «صدق الله العظيم».

ماذا يحدث عندما لا تضع هاتفك على وضع الطيران؟
ماذا يحدث عندما لا تضع هاتفك على وضع الطيران؟

الأنباء

timeمنذ 7 أيام

  • الأنباء

ماذا يحدث عندما لا تضع هاتفك على وضع الطيران؟

لطالما طلب موظفو شركات الطيران من المسافرين إغلاق هواتفهم، قائلين إن عدم القيام بذلك قد يُسبب مشكلات أثناء الإقلاع. لكن ماذا يحدث إذا رفضتَ أو ببساطة نسيتَ القيام بذلك؟ الجواب ببساطة، "لا شيء على الإطلاق"، هذا ما أوضحه غاري كوكس، وهو طيار ومدرب طيران لديه 7000 ساعة طيران، وفق ما نقل موقع "نيويورك بوست". ومع ذلك، يعترف معظم الخبراء بأنه حتى لو لم تكن النتيجة قاتمة إلى هذه الدرجة، فمن المستحسن بشدة تشغيل وضع الطيران من باب الحذر. بدوره، أوضح طيار ومحارب قديم في الجيش الأميركي على "تيك توك"، حيث يُعرف باسم بيرش بوينت أنه إذا لم تغلق هاتفك أو تضعه على خاصية الطيران "لن تسقط الطائرة، ولن تعبث حتى بالأنظمة الموجودة على متنها. ومع ذلك، قد يؤثر ذلك أو يعبث لك بسماعات الرأس". وأوضح في الفيديو، الذي حصد 1.2 مليون مشاهدة، أنه إذا حاول ثلاثة أو أربعة أشخاص على متن طائرة بوينغ 737 الاتصال بهواتفهم ببرج لاسلكي لإجراء مكالمة واردة، فسيُرسل البرج موجات لاسلكية قد تتداخل مع موجات سماعات الرأس الخاصة بالطيارين. واختتم حديثه قائلاً: "ليست نهاية العالم، لكنها بالتأكيد مزعجة للغاية". في موازاة ذلك يعتمد الطيارون على المعلومات التي يتلقونها من برج المراقبة عبر سماعات الرأس نظراً لمحدودية رؤيتهم، خاصةً أثناء الإقلاع والهبوط، حيث تقع معظم حوادث الطيران. كما أوضحت شركة PerchPoint، فبينما يمكنهم سماع التعليمات عبر سماعات الرأس في حال تداخل أبراج الراديو، سيصدر صوت طنين قد يُضعف وضوح الصوت. وتقول إدارة الطيران الفيدرالية إن استخدام الهواتف المحمولة والأجهزة الإلكترونية الشخصية مسموح به فقط إذا لم يؤثر على أنظمة السلامة أو الاتصالات. مع ذلك، رفض المتحدث الرسمي الإفصاح عما إذا كانوا على علم بأي حالات كان فيها الهاتف غير مضبوط على وضع الطيران سبباً لحادث. وتستند قواعد إدارة الطيران الفيدرالية إلى معلومات من لجنة الاتصالات الفيدرالية، التي حظرت استخدام الهواتف المحمولة على متن الطائرة عام 1991 بعد التأكد من أن إشارات الهواتف المحمولة قد تتداخل مع "أجهزة الطائرة الحيوية".

مطعم بريطاني يسعّر البيتزا بالأناناس بـ 100 جنيه ويصف آكليها بـ «الوحوش»
مطعم بريطاني يسعّر البيتزا بالأناناس بـ 100 جنيه ويصف آكليها بـ «الوحوش»

الأنباء

time١٦-٠١-٢٠٢٥

  • الأنباء

مطعم بريطاني يسعّر البيتزا بالأناناس بـ 100 جنيه ويصف آكليها بـ «الوحوش»

شنّ مطعم بريطاني حملة جديدة ضد البيتزا بالأناناس، إذ رغم إدراجه إياها في قائمة طعامه، حدد سعرا باهظا لها هو 100 جنيه إسترليني (أكثر من 123.5 دولارا) يدفعه «الوحوش» الذين يرغبون في تناولها. فالسعر العادي لطبق في مطعم «لوبا بيتزا» في نورويتش بشرق إنجلترا أرخص بـ 10 مرات، لكن أحد مالكي المطعم وهو فرنسيس وولف، قال لصحيفة «نورويتش إيفيننغ نيوز» المحلية إنه يكره «أكثر من أي شيء آخر الأناناس على البيتزا». لهذا السبب، ورد طبق البيتزا المزينة بقطع الأناناس هذا المأخوذ من هاواي، في قائمة المطعم على منصة «ديليفيرو» لتوصيل الوجبات، لكنه أرفق بالتعليق الآتي «نعم، في مقابل 100 جنيه إسترليني يمكنك الحصول عليه، هيا أيها الوحش!». وأدرجت اليونيسكو عام 2017 فن إعداد بيتزا نابولي في قائمة التراث غير المادي للبشرية، وهو تصنيف رمزي لكنه يكافئ جهود المدافعين عن هذا الطبق الإيطالي الذين يعتبرون إضافة الأناناس إليه بدعة. وحتى الآن، لا يزال الخلاف بين أنصار البيتزا بالأناناس ومعارضيها كلاميا ليس إلا، لكن المطعم حض الطرفين عبر «فيسبوك» على «التدفق للتصويت بأقدامهم ومحافظهم!»، ولم يستبعد.. «بعض الاشتباكات في الشارع».

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store