
قصة الحضارة (195): أصلح صولون النظام الاقتصادي في أثينة
خاص: قراءة- سماح عادل
حكي الكتاب عن الثورة الصولونية في أثينة التي تنتمي للحضارة اليونانية. وكيف صالحت ما بين الفقراء والأغنياء..وذلك في الحلقة الخامسة والتسعين بعد المائة من قراءة 'قصة الحضارة' الكتاب الموسوعي الضخم وهو من تأليف المؤرخ الأمريكي 'ويل ديورانت' وزوجته 'أريل ديورانت'، ويتكون من أحد عشر جزء.
الثورة الصولونية..
انتقل الكتاب إلي الحديث عن الثورة الصولونية: 'قد يبدو عجيبا أن يقوم في هذا الدرك الذي تدهورت إليه شؤون أثينة والذي يتكرر كثيرا في تاريخ الأمم، أن يقوم رجل يستطيع بغير عنف أو خطب قاسية مريرة أن يقنع الأغنياء والفقراء على السواء بأن يسووا أمورهم فيما بينهم تسوية لم تحل دون الفوضى الاجتماعية فحسب بل إقامة نظاما سياسيا واقتصاديا جديدا خيرا من النظام السابق، بقي ما بقيت أثينة مدينة مستقلة ألا إن ثورة صولون السلمية لمن المعجزات التاريخية التي تبعث الشجاعة والأمل في النفوس!
كان والد صولون من الأشراف الكرام المحتد، ومن أرفعهم بيتا، وأنقاهم دما، ينتهي نسبه إلى الملك كدروس، بل إنه كان يتبع نسبه إلى بوسيدن نفسه. وكانت أمه ابنة عم بيسستراتس الطاغية الذي خرق دستور صولون في أول الأمر ثم عاد بعدئذ فثبت دعائمه. وقد انغمس صولون في شبابه فيما كان ينغمس فيه أهل زمانه: فكان يقرض الشعر ويتغنى بملاذ 'الصداقة اليونانية'، وفعل ما فعله ترتاروس فأثار حماسة الناس بشعره ودفعهم إلى فتح سلاميس.
ثم صلحت أخلاقه في سن الكهولة صلاحا يتناسب تناسبا عكسيا مع شعره، فأصبحت أشعاره فاترة ونصائحه جيدة. مثل قوله في أشعاره: 'إن الكثيرين من الناس أغنياء، ولكنهم لا يستحقون هذا الغنى، على حين أن من هم خير منهم يقاسون آلام الفاقة. ولكنا لن نستبدل حال هؤلاء الأغنياء بحالنا، لأن ميزتنا باقية دائمة، أما ميزتهم فإنها تنتقل من إنسان إلى إنسان'، وثروة الغني 'ليست أعظم من ثروة من لا يملك إلا معدته ورئتيه وقدميه، وهي الأعضاء التي تأتيه بالسرور ولا تأتيه بالألم؛ وليست خيرا من محاسن الفتى أو الفتاة أو نضرة شبابه أو شبابها، أو من وجود ينسجم مع صروف الأيام'.
انقسام..
يواصل الكتاب: 'ولما حدث في أثينة شقاق وانقسام بقي هو على الحياد، وكان ذلك لحسن الحظ قبل أن تقرر الشرائع المعزوة له أن هذهِ الحيطة جريمة، ولكنه لم يتردد قط في التشهير بالوسائل التي سلكها الأغنياء لإذلال الفقراء، ودفعِهم إلى أحضان الفاقة. وإذا كان لنا أن نأخذ بأقوال أفلوطرخس فإن والد صولون قد 'بدد ثروته في التصدق على الناس والإحسان إليهم'. واشتغل صولون بالتجارة وأصبح من التجار الناجحين ذا مصالح كثيرة في أقطار بعيدة، أكسبته خبرة واسعة وأمكنته من الأسفار والتنقل في بلاد بعيدة، وكان يسير في عمله على المبادئ التي يدعو إليها في قوله، واشتهر بين جميع طبقات الناس بالاستقامة. وكان ما يزال صغير السن نسبيا، في الرابعة والأربعين أو الخامسة والأربعين، حين أقبل عليه في عام 594 ممثلو الطبقات الوسطى يدعونه إلى قبول ترشيحهم إياه ليكون أركوناً بالاسم، على أن يُمنح سلطة مطلقة لإخماد نار حرب الطبقات، ووضع دستور جديد للبلاد، وإعادة الاستقرار إلى الدولة. ووافقت الطبقات العليا على هذا الاختيار وهي كارهة، وكان الباعث لها على الموافقة ثقتها بأن رجلا مثله من أصحاب المال لا بد أن يكون رجلا محافظا'.
وعن حدوث إصلاحات يضيف الكتاب: 'وكانت أعماله الأولى أعمالا بسيطة ولكنها كانت من قبيل الإصلاحات الاقتصادية الشاملة؛ وقد خيب آمال المتطرفين بإحجامه عن إعادة تقسيم الأراضي. ولو أنه فعل هذا لأدى ذلك إلى الحرب الأهلية وإلى الفوضى التي تدوم جيلا كاملا، وإلى عودة الفوارق مسرعة، ولكن صولون استطاع بفضل قانونه الشهير قانون السيسكثيا أو 'رفع الأعباء' أن يلغي كما يقول أرسطاطاليس 'جميع الديون القائمة سواء أكانت للأفراد أم للدولة'، وهكذا حرر أراضي أتكا من جميع الرهون بجرة قلم؛ هذا إلى أنه أطلق سراح جميع مَن استرقوا أو التصقوا بالأرض، وكل مَن بيعوا رقيقا في خارج البلاد وطلب إليهم أن يعودوا إلى مواطنهم، وحرم مثل هذا الاسترقاق في المستقبل.
وخليق بنا أن نذكر من خصائص الخلق في هذا المقام أن بعض أصدقاء صولون قد عرفوا ما يعتزمه من إلغاء الديون فاشتروا أراضي واسعة مرتهنة ثم احتفظوا بها فيما بعد من غير أن يؤدوا ما عليها من رهون. ويحدثنا أرسطاطاليس بأسلوب تهكمي بأن هذا كان منشأ ثروات طائلة كثيرة العدد 'ظن الناس' فيما بعد 'أنها ترجع إلى أزمنة لا يذكرها الناس لقدم عهدها'. وقال بعض الناس إن صولون قد تغاضى عن هذا العمل وإنه استفاد منه حتى تبين بعدئذ أنه وهو الدائن الكبير قد خسر بقانونه الشيء الكثير.
واحتج الأغنياء بأن هذا التشريع كان في حقيقة الأمر مصادرة لأموالهم، ولكنه أصم أذنيه عن سماع احتجاجهم؛ ولم تمضِ عشرة أعوام على صدوره حتى أجمع الناس؛ أو كادوا يجمعون، على أنه أنجى أتكا من الثورة.
وثمة إصلاح آخر من إصلاحات صولون لا نستطيع أن نتحدث عنه حديثاً يقينياً واضحاً. وفيه يقول أرسطاطاليس إن صولون قد 'استبدل بالنقود الفيدونية أي النقود الأجنبية التي كانت مستعملة في أتكا حتى ذلك الوقت 'نظام عوبية النقدي على نطاق واسع وجعل قيمة المينا مائة درخمة بعد أن كانت من قبل سبعين'. ويقول أفلوطرخس في بيانه عن هذا الإصلاح، وهو أوفى من بيان أرسطاطاليس، 'إن صولون جعل المينا تصرف بمائة درخمة بعد أن كانت ثلاثا وسبعين، وبهذا أصبحت قيمة القطع التي تدفع أقل مما كانت قبل وإن كان عددها واحدا، وكان في هذا نفع كبير للذين يريدون أن يوفوا بديونهم، ولم يكن فيه خسارة على الدائنين'.
إن أفلوطرخس الظريف الكريم وحده هو الذي استطاع أن يجد طريقة لتضخم العملة ينقذ بها المدينين دون أن يلحق الضرر بالدائنين إلا هذا الضرر الوحيد وهو أن نصف العمى في بعض الحالات خير بلا ريب من العمى كله' .
عفو عام..
كما يحكي الكتاب عن العفو العام: 'وكان أبقى من هذهِ الإصلاحات الاقتصادية تلك القرارات التاريخية التي أنشئ بمقتضاها دستور صولون. وقد قدم لها صولون بعفو عام أطلق به سراح كل من سجن، وأعاد إلى البلاد كل من نفي منها لجرائم سياسية إذا لم تكن هذهِ الجرائم هي محاولة اغتصاب مقاليد الحكم في البلاد. ثم واصل عمله بأن ألغى إلغاء صريحا أو ضمنيا معظم شرائع دراكون؛ إلا أنه أبقى منها على القانون الخاص بعقاب القتلة وقد طبقت قوانين صولون على جميع السكان الأحرار بلا تمييز بينهم. فأصبح الأغنياء والفقراء على السواء مقيدين بقيود واحدة تفرض عليهم عقوبات واحدة.
الطبقات..
وعن إعادة التقسيم الطبقي يتابع الكتاب: 'وإذ كان صولون قد عرف أنه لم يستطع تنفيذ إصلاحاته إلا بمعونة طبقتي التجار والصناع، ورغبة منه في أن يجعل لهم حظا في حكومة البلاد، فقد قسم سكان أتكا أربع مجموعات على أساس ثروتهم: الأولى أصحاب الخمسمائة بشل وهو الذين يصل دخلهم السنوي إلى خمسمائة مكيال من الحاصلات أو ما يعادلها، والثانية هم الهبي الذين يتراوح دخلهم بين ثلاثمائة وخمسمائة بشل. والثالثة جماعة الزوجتاي الذين يتراوح دخلهم بين مائتين وثلاثمائة، والرابعة جماعة الثيتي وتشمل غير هؤلاء كلهم من الأحرار.
وكانت مظاهر الشرف والتكريم تتناسب مع ما يؤدى من الضرائب فلا يستمتع إنسان بالأولى دون أن يتحمل عبء الثانية؛ يضاف إلى هذا أن الضرائب التي تؤديها الطبقة الأولى كانت تفرض على ما يعادل دخلها السنوي اثني عشر مرة؛ والطبقة الثانية على ما يعادل دخلها عشر مرات، والثالثة على ما يعادل دخلها خمس مرات فقط؛ أي أن ضريبة الأملاك كانت في واقع الأمر ضريبة دخل تصاعدية. أما الطبقة الرابعة فكانت معفاة من الضرائب المقررة المباشرة.
وكانت الطبقة الأولى وحدها هي التي يمكن اختيار رجالها إلى الأركونية وإلى قيادة الجيش؛ أما الطبقة الثانية فكان من حقها أن يختار أفرادها إلى المناصب وإلى فرق الفرسان في الجيش، وكانت الطبقة الثالثة تختص بالعمل في فرق المشاة الثقيلة؛ وأما الرابعة فكان يطلب إليها أن تمد الدولة بالجنود العاديين. وقد أضعف هذا التقسيم الفذ نظام القرابة الذي كانت تعتمد عليهِ قوة الألجركية؛ وأحل محله مبدأ جديدا هو مبدأ 'التمقراسيه'، أي حكم ذوي الشرف أو المنزلة، ويحدد صراحة ما لهم من ثروة تُفرض عليها الضرائب. وكان حكم 'بلوتوقراطي يتولاه المثرون' شبيه بهذا الحكم منتشراً خلال القرن السادس كله وبعض القرن الخامس في معظم المستعمرات اليونانية'.
مجلس الشيوخ..
وعن أهمية مجلس الشيوخ يكمل الكتاب: 'وقد أبقى دستور صولون على رأس الدولة مجلس الشيوخ القديم مجلس الأريوبجوس، بعد أن جرده من بعض ما كان له من سلطان وما كان يمتاز به من عزلة، وبعد أن أصبح مفتوح الأبواب لجميع أفراد الطبقة الأولى، ولكنه ظل مع ذلك صاحب السلطة العليا المهيمن على سلوك الناس وعلى موظفي الدولة. ثم أنشأ بولا أو مجلسا جديدا مؤلفا من أربعمائة عضو يلي مجلس الشيوخ في السلطة تختار له كل طبقة من الطبقات الأربع مائة عضو.
وكان هذا المجلس يختار جميع الأعمال التي تعرض على الجمعية ويبحثها ويعدها. ووضع صولون في منزلة أدنى من هذا النظام الألجركي الأعلى الذي استرضى به الأقوياء، أنظمة ديمقراطية في أساسها، ولعله كان مدفوعا إلى ذلك بحسن النية ورغبة العمل على خير الطبقات الدنيا. فقد أعاد إلى الحياة الإكليزيا الجمعية القديمة التي كانت قائمة في أيام هومر ودعا كل المواطنين إلى الاشتراك في مناقشاتها.
وكانت هذه الجمعية تختار كل عام من بين ذوي الخمسمائة بشل الأركونين الذين كانوا حتى ذلك الوقت يعينون من قبل مجلس الأريوبجوس؛ وكان من حقها أن تستجوب هؤلاء الموظفين في أي وقت، وتتهمهم، وتعاقبهم؛ وإذا ما انقضت مدة توليهم مناصبهم، كانت تبحث في مسلكهم في السنة التي تولوا العمل فيها، وكان لها إذا شاءت أن تحرمهم حقهم في أن يكونوا أعضاء في مجلس الشيوخ.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


موقع كتابات
منذ 4 أيام
- موقع كتابات
'ناتاشا سعد'.. مغنية موهوبة تغنت ببلادها السودان
خاص: إعداد- سماح عادل 'ناتاشا سعد' مغنية راب وريغي دنماركية من أب سوداني، ولدت في 31 أكتوبر 1974، وتوفيت في حادث سيارة في 24 يونيو 2007 بجامايكا، بدأت شهرتها العالمية بترديدها لأغاني الريغي الشعبية الدنماركية، حازت على المركز الأول وفقاًلتصنيف مجلة بيلبورد الموسيقية الأمريكية بعد سته شهور من وفاتها. ولدت في 31 أُكتوبر 1974 في كوبنهاجن في الدانمارك لأُم دنماركية تدعى كريستسن سعد كانت تعمل في مهنة التصوير الفوتغرافي، ووالدها من السودان يدعى أحمد سعد، الذي كان من أكبر الداعمين لها في مشروعها الفني، والدها قدم إلى الدنمارك بغرض الدراسة، سريعا ما تعلم اللغة الدنماركية وأصبح مواطنا دنماركيا. والد 'ناتاشا' أحمد سعد يعتبر الداعم الأول لمسيرة ناتاشا الفنية، وعاش في ألمانيا في بداية الستينات ثم إنتقل إلى الدنمارك وهو من سكان مدينة مدني ويرتبط إرتباطاً عميقاً بكل ما يخص مدني والجزيرة ، والأسرة من قندتو في الشمالية. والدة ناتاشا مصورة مشهورة في الدنمارك وتعتبر من أهم الداعمين لمسيرة ناتاشا سعد كمغنية. والداها تطلقا. وعادَ والدها إلى السودان. لها ثلاث أشقاء (سارا، نادر وسعد). نشأت مع أشقائها في جزر برايج وهي منطقة من مناطق كوبنهاجن، أحبت الطبيعة والخيول منذ إن كانت طفلة، واحترفت رياضة ركوب الخيل. في عمر السابعة سافرت مع والدها إلى السودان، لتتعرف على أهلها من جانب والدها، وكانت أول أنثى تفوز بجائزة سباق الخيل في السودان. أثناء تدربها على ركوب الخيل، سقطت من ظهر حصانها، الأمر الذي أخّر مشروعها الفني. في عمر الثالثة عشر بدأت مسيرتها الغنائية في كوبنهاجن، بدأت الغناء مع صديقها المغني الدنماركي (كارين موكوبا) و (ماك مازي)، كونوا فرقة غنائية باسم توقف نشاط الفرقة في العام 1996. تأثرت ناتاشا بالثقافة والفن الجامايكي، خلال تلك الفترة شاركت الغناء مع المغنية الأمريكية 'كوين لطيفة'. اشتهرت في جامايكا في العام 1998 عندما وكان عملاها 24 عاماً. فازت بجائزة أف أم بريك الدنماركية، وتعتبر أول مغنية غير دنماركية تفوز بالجائزة، منحتها الجائزة دفعة في تقدم مشروعها الفني. في يوم 29 يونيو 2018 احتفلت مؤسسة ال بي بوكس في ميدانٍ عام بالذكرى العاشرة على وفاتها، قدمت عدد من أغانيها في الاحتفال. توفيت ناتاشا في 24 يونيو 2007 بحادث سيارة في المدينة الإسبانية بجامايكا، أُصيب راكبان آخران كانا معها بإصابات بالغة، فيما أصيب إصابات طفيفة صديقها المغني الدانماركي كارين موكوبا، تم إسعافها والجرحى إلى مستشفى المدينة الإسبانية، ولكن سرعان ما أُعلنت وفاتها. وفاتها كانت فقد للفن الدانماركي لأنها كانت في قمة عطائها الفني،ودفن جثمانها في مقبرة الفنانين في مدينة كوبنهاجن. بعض من أسماء أغنياتها.. لون عقلي. الدّاعم الحقيقي. صيف جميل. صديقي. صُعداً بالرأس. أفضل من ماركة. البقال. زمن طويب. أمنحني العودة إلى الدنمارك. وُلدت في الدنمارك. النارٌ في المدينةِ. أنت وأنا. وسام.. كرمت ملكة الدنمارك 'ناتاشا أحمد سعد'، بإصدار طابع بريدي باسمها. بعد وفاتها في العام 2007 ، حيث منحتها ملكة الدنمارك وسام احد أعظم (10) شخصيات مؤثرة في الخمسين عاما الماضية. وعلى الرغم من اتجاهها إلى أن تكون فارسة محترفة (جوكية)، إلا أن اصطدامها في إحدى تدريباتها بحصان سباق في العام 1998 أدى إلى تعطيلها من مواصلة مسيرتها الفنية المتقدمة والغنية بالإبداع. ولكنها عادت بعد فترة غير قصيرة لتصدر في العام 2004 اسطوانة اسمها 'Cover Me' وبعدها بفترة قصيرة أصدرت 'Summercute' وثم بعدها بعام أصدرت اسطوانتها المتوقعة 'Release'. وقد شاركت في أعمال كثيرة خلال هذه الفترة من ضمنها تسجيلات للمعهد الألمانى للريغى والبوم وحدة إفريقيا Africa Unite . يقول شوقي بدري أحد المتابعين لمسيرتها والذي كان شاهداً علي تأبينها بالدنمارك: 'شاهدت رسما كبيرا علي أحد الحيطان في كوبنهاجن. الرسم كان يمثل المغنية ناتاشا سعد . ولها أجنحة . وتحت الرسم عبارة لن ننساك.حضر والدها أحمد قسم الله سعد من السودان، وحضر الرجل الجنتلمان عمها جعفر قسم الله مع زوجنه الألمانية من برلين. تلك كانت أول مرة في كوبنهاجن أشاهد مدينة تقيم مأتما شعبيا) في العام 2006 شاركت نتاشا في احتفالات: *Red Stripe Reggae Sumfest in Jamaica *وايضاً فى مهرجان برلين للريقى المسماة Popkomm *وفى مهرجان اوبسالا للريقى بالسويد *ومهرحان Roskilde فى الدنمارك *والمهرجان المشهور فى جامايكا بأسم Sting 45 سؤال.. في صيف عام 2006كان النجاح الأكبر عندما اقتحمت عالم الريغى بأكمله بفوزها بالجائزة الأولى في مسابقة أغاني الريغى ذات النفوذ الأكبر (Irie FM ) من بين 700 متسابق و12 نهائي بأغنيتها (45 سؤال) لتكون المغنية والموسيقية الوحيدة التي تفوز بهذه الجائزة والشخصية الوحيدة التي تفوز من أصل غير جامايكى بهذه الجائزة منذ قيامها . عادت بعدها نتاشا إلى الدنمارك لتشارك في الفلم الكوميدي الدنماركي فيديبوس الذي أخرجته المخرجة الدنماركية الشهيرة هيلا جووف بأغنيتها (أرفع رأسك) .في الوقت الذي كانت فيه أغنيتها (كالبريا) تشق طريقها بسرعة نحو العالمية بعد أن أصبحت على قائمة أعلى أغنيات الصيف في الدنمارك. وقد كانت الأغنية مرشحة لتكون الأولى في قائمة البلبورد الأمريكية في الهوت دانس كما أنها كانت رقم 24 في التوب 100 العالمية .


موقع كتابات
منذ 5 أيام
- موقع كتابات
'محمد القبانجي'.. أول قارئ مقام عراقي تسجل له أسطوانة
خاص: إعداد- سماح عادل 'محمد القبانجي' فنان ومطرب عراقي، أحد الرواد المبدعين في مجال المقام العراقي، ومن أشهر قارئي المقام في العراق. إبداع.. في مقالة بعنوان (محمد القبانجي.. سيرة مختصرة وإبداع) كتبت 'د. إيمان نوري الجنابي': 'مطرب المقام الأول في العراق في القرن الماضي، عاش ما بين 1904 و1989. اسمه محمد عبد الرزاق الطائي، لقب بالقبانجي وهو لقب يطلق على من يمتهن وزن المحاصيل الزراعية بالقبان أي الميزان، والتي كانت مهنة والده ومهنته في صباه، أجاد غناء الموشحات والمقامات والبستات، نوع من الغناء البغدادي، وهو بعمر 12 سنة، وجدد حسب ما ذكره بعض العارفين في المقامات العراقية ذلك اللحن من الموسيقى العراقية التراثية. لقب بمطرب العراق الأول في المؤتمر الثاني للموسيقى الشرقية في القاهرة سنة 1932م بحضور الملك فؤاد ملك مصر. وقد تنافس مع الفنانة أم كلثوم والفنان محمد عبد الوهاب. مارس محمد القبانجي في أيام شبابه التمثيل المسرحي في فرقة حقي الشبلي عام 1927. أصر أن يكون فيما بعد تاجراً في الحبوب لئلا يعتمد في معيشته على الغناء ولأجل أن يحافظ على موقعه الاجتماعي والاكتفاء المادي. ولد محمد القبانجي في الثامن والعشرين من شهر كانون الثاني سنة 1907 في جانب الرصافة من بغداد وقد اختلفت الآراء في تاريخ ميلاده، ما بين 1897 إلى تاريخ 1907 ولكن الاعتقاد الأرجح أن الميلاد الدقيق هو 1901. تزوج بابنة عمه عبد الجبار الذي شمله برعايته وتوجيهاته الحكيمة وقد رزقه الله منها ولدين هما (قاسم وصبحي) وعدداً من البنات»، أما عن كنيته وملامحه فقال: «كنيته (أبو قاسم) نسبة إلى ابنه الكبير، أما لقبه فهو (القبانجي- الكبنجي) وهو لقب عائلته إذ كان معظم رجالها يزاولون التجارة وحرفة كيل الطعام بالقبان (الكبان ويلفظ بالكاف الأعجمية المضخمة)، وهو طويل القامة ولونه أبيض مصحوب باحمرار، ذو محيا بشوش وثغر لا تفارقه الابتسامة وله مظهر وقور يبعث في نفوس الناظرين إليه الغبطة والانشراح والمهابة والاحترام، وله صوت موسيقي النبرات وبوسعه أن يرفعه فيصدح صداح البلبل، أو أن يخفضه فيبدو غليظاً رصيناً، وقد أحرز بصوته الفريد قصب السبق في جميع مجالات الغناء في العراق وانتشر له صيت بعيد، وهذه الصفات الحميدة والمواهب الفريدة جعلته يعيش سعيداً مرفهاً، وكان فضل الله عليه عظيماً، ولم تكن له إقامة في مكان واحد ففي بادئ الأمر كان مقيماً مع عائلته في محلة شعبية تدعى (سوق الغزل) بجانب الرصافة من بغداد، ثم انتقل منها إلى محلة (حمام المالح) وبعد فترة قصيرة عاد إلى محلته الأولى ومنها إلى محلة (صبابيغ الآل) وهناك توفي والده وتوفيت شقيقته (صبيحة) فتألم كثيراً وباع هذه الدار بثمن زهيد وشد الرحال إلى محلة (السنك) ومنها إلى كرادة مريم، ولكنه ألقى عصا الترحال بداره الجديدة في حي (الحارثية) بجانب الكرخ من بغداد بالقرب من مسجده الذي شيده على نفقته الخاصة'. عصر ذهبي.. في مقالة بعنوان (سيرة حياة الأستاذ محمد القبانجي.. سيد العصر الذهبي في المقام والغناء العراقي) بحث وإعداد 'د. نجوى الكوتاني و فاطمة الظاهر' كتب: ' في اليوم الثالث من نيسان/ أبريل من كل عام يصادف الذكرى السنوية لرحيل مطرب العراق الأول الأستاذ محمد القبانجي (1901 – 1988)، هذا الاسم الكبير في عالم المقام العراقي والذي نال إعجابا منقطع النظير وشهرة عربية واسعة، وكان صاحب طريقة في هذا اللون تسمى (الطريقة القبنجية) صار لها أتباع ومريدون وعشاق، حتى صار يمثل جزء من ذاكرة العراق التراثية والشعبية، ويعد أشهر مغني للمقام في العراق وفق آراء الكثيرين ممن عاصروه. وحدثت في حياته وهو طالب في المدرسة العسكرية قصة غريبة هزت كيانه بعنف. فقد كان والده يدفعه إلى مواصلة التعليم حتى وصل إلى مدرسة كانت معدة لتخرج الضباط والعسكريين وفجأة أخرجه والده من المدرسة قبل أن يكمل دراسته. وظن أن الأسرة قد لحقت بها خسارة فادحة في التجارة، ولكنه وجد الأسرة تعيش في نفس المستوى المادي المعقول كما كانت تعيش من قبل ولم يلاحظ تغييراً في حالة التجارة والقبانة التي يمارسها والده، إلا أن الجيش العثماني اخذوا اثنين من أخوته للخدمة العسكرية في الحرب العالمية الأولي (السفر بر) ولم يعودا، وأفاق الشاب محمد القبانجي من الصدمة المزدوجة صدمة فقده اثنين من إخوته، وصدمة إخراجه من المدرسة العسكرية التي كانت ستجعل منه ضابطا، ورويدا رويدا أحس بالهدوء وبالسرور حيث أدرك أن المدرسة والخدمة العسكرية كانت ستحول بينه وبين ممارسة هوايته للغناء والموسيقى، وبدأ يعمل مع عمه في مهنة القبانة بسوق الجملة للفواكه في (علوة جبر) الواقعة في منطقة الشورجة، وبعد أن أصبح (قبانجيا) في خان الشابندر في الشورجة أخذ يتردد على المقاهى فأستهوته مقهى كان صاحبها اسمه قدوري العيشة المولود سنه (1861) وكان أغلب روادها هم من المغنين والموسيقيين من بينهم قدوري العيشة نفسه وسيد ولي ورشيد القندرجي ومحمود الخياط . حيث بدأ القبنجي يجالسهم ويستمع إليهم بشغف وينصت لأدائهم، وقد توثقت صداقته مع الأستاذ قدوري العيشة الذي كان في حينها الوحيد الذي يجيد القراءة والكتابة من بين بقية قراء المقام من جيله، وذلك ما جعل حفظه للشعر يزداد وتتسع دائرة معلوماته قياسا بزملائه، كان القبانجي يقول عنه: (كان العيشة يدندن ويلحن ويغني وأنا اقرأ له الشعر من نظمي وكان العيشة يستفيد مني في هذا المجال فيما حفظته من الشعر مما جعلني استزيد من حفظ الشعر قبل الغناء وصولا لتحقيق حلمي في أن أكون مغنيا وقارئا للمقام على أساس جديد). لقد أعجب قدوري العيشة بالشاب محمد القبانجي لسببين وهما (جمال صوته وحفظه مئات الأبيات من قصائد الشعر النفيس) فقدمه قدوري العيشة لمشاهير المطربين والمغنين من قراء المقام الذين لم يبخلوا عليه بالتدريب وشرح أصول الغناء والموسيقى في مقابل أن يقرأ عليهم القصائد التي يحفظها لكبار الشعراء '. شخصيات عراقية.. يروي الأستاذ (ثامر العامري في صفحة 16 – 21 ) في كتابه 'شخصيات عراقية' محمد القبانجي، الذي صدر عن دائرة الشؤون الثقافية العامة في وزارة الثقافة والإعلام سنة 1987 بغداد. يقول: 'وفي مقهى قدوري العيشة طُلبَ ذات يوم من الشاب محمد القبانجي أن يغني شيئا مما حفظه من المقامات وكان السائل هو المطرب سيد ولي وقال بالحرف الواحد: 'يا محمد أنت لك خمس سنوات متابعة في هذه المقهى ماذا تعرف عن المقام نريد أن نسمعك' . فلبى الطلب وغنى، و بعد الانتهاء قيل له أنك احتفظت بالجوهر ولكن لماذا لم تتبع طريقتنا في الأداء؟، فرد عليهم قدوري العيشة 'أنه أحسن منا، دعوه يغني حسب طريقته الجديدة، وجميل أن يحتفظ بجوهر الغناء'. وعن هذه التساؤلات يعقب الأستاذ محمد القبانجي بقوله :' الحقيقة أنا لم أرفض طريقتهم في الغناء لكنني لم أتقيد بهم وكنت ولم أزل مقيماً للمطربين الذين ساروا على الطريقة القديمة للمقام البغدادي أمثال رشيد القندرجي والحاج نجم الشيخلي والحاج عباس طمبير والسيد جميل البغدادي'. ومن هنا تتوضح لنا أكثر فأكثر أخلاقية القبانجي وأدبه الرفيع الذي حببه إلى قلوب رواد المقهى وجلاسها من القراء و عشاق المقام على حد سواء'. ثم يضيف 'العامري في صفحة 28' من كتابه 'شخصيات عراقية' – مسيرة القبانجي، يقول فيها: 'للأستاذ القبانجي طريقته الخاصة المتميزة حتى في أدائه للمقامات الثابتة والمتعارف عليها وهي حالة تكمن في قراءته التي تحفزه على التجديد الهادئ بشئ من الثقة و الحذر، حتى استطاع أن يتجاوز الكثير من العقبات ويتخطاها بخطوات واثقة، وأستطيع القول أن القبانجي كان يعطي لكل مقام إضافات في الانعطافات الصوتية العذبة لدرجة أن الموسيقى كانت تلهث أحيانا وراء نبراته وتحويلاته الذكية التي لا يخرج بها لا على النغم ولا على أصول المقام الثابتة. وتشعر وأنت تصغي إليه بأنه يريد أن ينقلك إلى عوالم جديدة دون عقبات وهذا هو التجديد بحد ذاته، وانطلاقا من هذه الحقيقة بدأ البعض وبدافع من عدم الاستيعاب أو بدافع التزمت للمألوف بدأ هذا البعض يروج المقولات التي لا تملك الإثباتات أو الشواهد والأدلة التاريخية على صحتها، وحين نقول أن مرحلة القبانجي كانت بداية للانطلاق بالمقام إلى حالة صحيحة معاصرة بدليل أن الأستاذ القبانجي، استطاع بحكم حبه للمقام إلى درجة العشق و بذكاء مفرط أن يبحث عن القوالب الجديدة التي تحافظ على أصالة المقام وتضخه بدماء جديدة كانت السبب الأساس في تعلق الشباب بهذا اللون من الغناء الخالد الذي كاد أن ينقرض وتصدأ قوالبه القديمة التي يعتبر الخروج عليها خروجا على الموروث كله'. كنوز الموسيقي.. تحدث 'حمودي الوردي' عنه: 'بدأ القبنجي يدرس الفن الشعبي العراقي، عرف البستة ودرس القصائد وأجاد المواويل، ولم يكتف بالدراسة في بغداد والتتلمذ على أيدي كبار مطربيها بل قام بمغامرات أشبه بمغامرات الرواد والمكتشفين مخترقاً جبال الشمال والمناطق الشمالية ليستمع الى مطربيهم وباحثاً عن أصل كل أغنية شعبية مفتشاً عن كنوز الموسيقى العربية والعراقية ومع الدرس والتنقيب كان يغني فازدادت حلاوة صوته، ثم عادت ضغوط الأسرة تلعب دورها في حياته، فقد تقدمت السن بوالده واعتزل العمل ثم لحق به عمه أيضا، وكان والده وكما ذكرنا قد ضغط عليه وأجبره على الزواج من ابنة عمه قبل أن يتجاوز السابعة عشرة من عمره، وهكذا فجأة وهو الفنان الرقيق أصبح ملتزم ومسئول عن معيشة عائله ضخمة العدد (والده ووالدته وزوجته وأربعة من الأخوة الصبيان والبنات ثم عمه وأسرته).. ومن محاسن الصدف ففي سنة 1925 وصلت الى بغداد بعثة من شركة (هزماستر فويس) البريطانية، كان هدفها تسجيل بعض أغاني مشاهير الفنانين في العراق، واستمع خبراء الشركة إلى الكثيرين الذين كانوا يكبرون محمد القبانجي سنا ومقاما وشهرة، ولكنهم توقفوا مبهورين وهم يسمعون صوت الشاب محمد القبانجي. وكان في أواسط العشرينات من عمره، فسجلت له الشركة مجموعة من الاسطوانات تفوق عدد ما سجلته للمطربين الآخرين ويبدو أن هذه الاسطوانات لاقت رواجا كثيرا خلال السنوات الثلاث التالية فقد فوجئ محمد القبانجي بدعوة من شركة بيضافون في عام 1928 لتسجيل جميع المقامات العراقية والأغاني التي تسمى بستات في أكثر من سبعين اسطوانة بصوته فقط دونا عن غيره من المطربين كان في السابعة والعشرين من عمره . وكانت هذه الفرصة التي أعدها له القدر مكافأة له على إخلاصه لأسرته ووفائه لأهله فقد انتهت مشاكله المادية وعادت الأسرة لتعيش في مستوى كريم، ونجح نجاحا كبيرا برغم أنه لم يكن قد درس الموسيقى والغناء في معهد متخصص أو في أي مدرسة وكان هذا الحدث حدثا مهما ليس في تاريخ محمد القبانجي وإنما في تاريخ الموسيقى العربية والعراقية بشكل عام'. قارئ مقام.. كان أول قارئ مقام عراقي تسجل له أسطوانة وهو أول من أدخل النهاوند في البيات، اشتهر له في البلدان العربية مقامان تأثر بهما الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب وهما: مقام اللامي الذي تاثر به في تلحين أغنيته المعروفة (ياللي زرعتو البرتقال)، وتأثره أيضاً بمقام حجاز غريب الذي لحن منه رائعته (جبل التوباد) . في مقالة ل'سمير الخالدي' كتب: 'كان كريما بصمته كريما بيده حتى أن الشاعر معروف الرصافي قال له 'يا كريم اللسان يا كريم اليد فما أشد إعجابي بك'، وقيل للمؤرخ الأستاذ عبد الرزاق الحسني كيف تؤرخ فنان من جيلك فرد على السائل 'الأستاذ محمد القبنجي ربيب نفسه عصير دماغه أبدع في قراءة المقام العراقي إبداعا كبير واعتمد على نبوغه في تكييف ما ينشده اعتمادا مشهودا، هو لم يقلد أحدا ولم يأخذ عمن سبقه في هذا الضرب كثيرا ما اطرب سامعيه بصوته الرخيم وهيج المشاعر بفنه العظيم، فإن المقام العراقي يدين للاستاذ القبنجي بما حفظه من فن المقام'. أما الأديب المصري الدكتور 'زكي مبارك' فيقول في كتابه الموسوم (ليلى المريضه في العراق): 'حضرت سهرة أقامها السيد عبد الأمير فوق سطح فندق العالم العربي على نهر دجله غنى فيها القبنجي مقامات عراقيه حتى أهاج ما في دجله من سمكات'. وذكر الأستاذ صافي الياسري عن المرحوم الأستاذ محمد القبانجي في مقالته: (محمد القبانجي – سيد المقامات العراقية)، قائلا: 'في تطوره اللاحق لم يعد القبانجي يكرر القوالب التي تعلمها والقصائد التي حفظها عن أساتذته، كما يفعل معاصروه من القراء، بل صار يرتجل الأداء ويتنقل بين الأنغام ومقاماتها بحرية، ويختار شعرا لم يقرأه من قبل أحد، بل أنه نظم الشعر بالفصحى مثلما نظمه بالعامية الدارجة، وتلك في الحقيقة ثورة لم يسبقه إليه أحد ولم يأت بعده أحد وهي التي قادته إلى جعل عدد من الوصلات القصيرة ذات الأنغام المميزة والداخلة في مقامات أصلية في أن تكون مقامات أصلية بحد ذاتها وهي 13 مقاما أشهرها مقام اللامي'.


موقع كتابات
٠٤-٠٥-٢٠٢٥
- موقع كتابات
رواية 'قلب حاف'.. تجد المرأة ذاتها بالمعاناة والتحدي
خاص: إعداد. سماح عادل رواية 'قلب حاف' للكاتبة اليمنية 'فكرية شحرة' تحكي عن قصة حب لم تكتمل، لكن كانت لها تأثيرها القوي علي نضوج الفتاة التي وقعت في تلك العلاقة. .. عفاف: فتاة يمنية، تنتمي للطبقة المتوسطة، استطاعت أن تكون مختلفة رغم تنشئتها في مجتمع مغلق محافظ، كان لها شخصيتها المستقلة وقدرتها علي التميز، رغم أنها أحبت حبا لم يتحقق إلا أنها حولت طاقة الحب التي لم تتحقق لطاقة قوة دفعتها إلي مزيد من التطور والنضج وبناء شخصية مستقلة معتمدة علي نفسها بل ومساعدة وداعمة لكثير من النساء. حازم: البطل، لم تتضح ملامحه تماما، لكننا رأيناه من خلال عيون 'عفاف' التي كانت دوما ما تحكي عنه من زاوية شعورها به كرجل وحبيب، لكن نفهم أنه يتصف بكثير من صفات الرجال في مجتمع شرقي ، الغرور، الأنانية، لشعور بالفخر لكونه موضوعا للحب والتعلق، ولكونه يجذب الشابات الأصغر منه، والي لا يتورع أن يتلاعب بمشاعر فتاة بريئة. باقي الشخصيات في الرواية ثانوية. الراوي.. الراوي يحكي من خلال وجهة نظر 'عفاف'، ومن خلال رؤيتها للحياة وللمجتمع وللشخصيات من حولها، ويحكي عنها بضمير الغائب. فنجد أن باقي الشخصيات المحيطة تتفاعل معها وتتقاثع مع 'عفاف' سواء بشكل ايجابي مثل الجمعية التي أنشأتها، أو بشكل سلبي مثل البيت الذي كانت تعيش فيه. الرواية تقع في حوالي 116صفحة من القطع المتوسط، تتناول نشأة 'عفاف' ثم وقوعها في الحب، ثم محاولتها تطوير نفسها وتقدمها في العمر، وفي تجربة النضج وتنتهي نهاية ايجابية حيث تشعر 'عفاف' بالقوة حينما تقابل 'حازم' بعد مرور الزمن. الحب في مجتمع محافظ.. صورت الرواية حال الفتاة التي تنتمي لطبقة وسطي في مجتمع مغلق ومحافظ، وكيف أنها تعاني منذ طفولتها، وتشعر بالقيود تحيطها من كل جانب، إما تستسلم لها أو تحاول التحرر منها. وقد كانت 'عفاف' من النوع الثاني حيث تحايلت علي القيود لكي تتعلم ويصبح لديها شهادة جامعية. ثم رغم معارضه أخيها المتسلط استطاعت أن تلتحق بمجال العمل وليس أي عمل، وإنما العمل الأهلي معتمدة علي تسامح الأخ الأكبر والأم، وعلي قوتها الداخلية التي صمدت أمام التحديات من المجتمع حولها ومن محاولات المحيطين رجالا ونساء في اضطهادها وإشعارها باختلافها عنهم بشكل سلبي. كما صورت كيف يكون الحب في ذلك المجتمع المحافظ، حينما يكون الرجل غير متورط في ذلك الحب بل يستغله ليشعر بذاته أكثر وبكونه رجل جذاب، هنا تصبح المرأة فريسة لذلك الرجل المستغل، وفريسة للمجتمع الذي لا يسمح بالحب من الأساس وإنما يدير أمر الزواج وفق قواعد أخري، وهنا كانت الفتاة صامدة متحدية ومتمردة لم تقف عند حد الإخفاق في الحب والشعور بعدم التحقق والفشل، وإنما واصلت طريقها وحدها لتبني ذاتها وعقلها وحياتها دون حاجة لرجل أو زواج أو علاقة اجتماعية مقبولة. فقررت أن تواجه النظرة المجتمعية للمرأة التي تختار ألا تتزوج وألا تعيش تحت ظل رجل بل وأن تعمل وتكون فاعلة في مجتمعها . دعم النساء.. قدمت الرواية رؤية إيجابية أخري بخلاف استمرار المرأة في حياتها بعد علاقة حب فاشلة، وهي سعيها لدعم غيرها من النساء حين قررت 'عفاف' أن تنشئ جمعية بأموالها الخاصة لكي تدعم فيها الفتيات والنساء اللاتي وضعتهن ظروفهم الاجتماعية في موضع سيء. فعالجت وقدمت الدعم النفسي وساهمت في تعليم الفتيات وتأهيلهن حتي أنها ساعدت السيدات الكبار اللاتي جار عليهن الزمن . وقدمت الرواية بعض الحكايات عن تلك النساء، وهذا موقف ايجابي يحتسب للرواية التي سعت إلي وضع أمل وأفق تخرج منه 'عفاف' للنور وتكون يد تساعد الأخريات. التحرر.. وفي النهاية قدمت الرواية التحرر ل'عفاف' حين جعلتها تتقابل مع 'حازم' لتعرف أين وصل به الحال، لتكتشف أنه أحب أخرى، وضحي بأسرته لأجلها لكنه كان ضحية هذه المرة، ضحية علاقة حب غير محبوب فيها، وأن حبه لتلك المرأة لم يمنعه من التضحية بالأسرة وبالأطفال، في حين أنهم كانوا العائق في علاقته ب'عفاف' وتحجج بهم لكي يتهرب منها. حينها فقط عرفت 'عفاف' أن 'حازم' لم يكن يبادلها نفس الشعور، وأنه كان يستغل حبها له، وفهمت أنها قضت عمرا في علاقة حب زائفة، والأهم أنها استطاعت أن تتحرر منه ومن وهم حبها له وتضعه في حجمه الصحيح، وتراه علي حقيقته. 'فكرية شحرة'، كاتبة ومؤلفة يمنية. ولدت عام 1978 في اليمن. تخرجت من جامعة إب عام 2001 تخصص دراسات عربية، وبدأت في كتابة القصص من عمر مبكر. انتقلت عائلتها في عمر الرابعة من العمر إلى حاضرة المدينة وهناك التحقت بالتعليم النظامي، وفي عمر الخامسة عشرة في المرحلة المتوسطة تزوجت وأكملت تعليمها الثانوي والجامعي وهي زوجة وأم. تخرجت من جامعة إب عام 2001 تخصص دراسات عربية. أثرت البيئة المحافظة على ميولها فكانت القراءة رفيقتها، وبدأت في كتابة القصص من عمر مبكر إلا أن الكتابة الصحفية غلبت على أعمالها لفترة حتى أصدرت أول مجموعة قصصية بعنوان 'غيبوبة' عام 2014 ثم تلتها رواية 'عبير أنثى' عام 2015. أعمالها..