logo
حكاية جامع.. جولة في رحاب أشهر مساجد المغرب الجامع الأعظم بصفرو (الحلقة 26)

حكاية جامع.. جولة في رحاب أشهر مساجد المغرب الجامع الأعظم بصفرو (الحلقة 26)

LE12٢٧-٠٣-٢٠٢٥

يحظى المسجد الأعظم (أو الجامع الكبير) في صفرو بمكانة خاصة لدى ساكنة المدينة، فبجنباته كان يتحلق أهل صفرو منتظرين الإعلان عن ثبوت رؤية هلال شهر رمضان من منارته المشيّدة في العهد الإسماعيلي.
أعدها للنشر- عبد المراكشي
le12
اشتهر المغرب بكونه يتوفر على عدد كبير جدا من المساجد، حتى لَتجد من ينتقذون هذه الوفرة 'الملحوظة' لـ'بيوت الله' على حساب مرافق حيوية أخرى ضرورية لحياة المواطن البسيط، مثل المدارس والمستشفيات والمصانع
.
بناء على هذه المعطيات لا تكاد تخلو أية قرية نائية أو مدشر موغل في أعماق 'المغرب غير النافع' من مساجدَ يُذكر فيها اسم الله، فما بالك بمُدن المركز وباقي الحواضر الكبرى في بلاد الـ مسجد
.
سنأخذكم، من خلال هذه الفسحة الرمضانية 'حكاية مسجد' في جولات عللا بساط من كلمات خطّتها أقلام مغربية مختلفة عن أشهر مساجد المغرب وجوامعه
.
يحظى المسجد الأعظم (أو الجامع الكبير) في صفرو بمكانة خاصة لدى ساكنة المدينة، فبجنباته كان يتحلق أهل صفرو منتظرين الإعلان عن ثبوت رؤية هلال شهر رمضان من منارته المشيّدة في العهد الإسماعيلي.
فقد كان من الممكن أن نقرأ على باب الصّومعة أن هذا المنار بُني في 1073 هـ (1662 م) بإشراف أبي عبد الله محمد بن العربي حماموش، ناظر الأوقاف
.
وقد تعدّ واجهات منارة الجامع الكبير لصفرو (أو 'المسجد الأعظم' حسب وثائق نظارة أوقاف صفرو منذ القدم) مفتاحا لمعرفة برانية بالمسجد، فكل واجهات الصومعة تشتمل على ثلاث نوافذ وكوة. وإذا كانت للكوة وظيفة عملية تتمثل في تأمين الإنارة والتهوية لداخل المنارة، فإن للنوافد الثلاث المنقوشة وظيفة 'إعلامية'، فهي إخبار للناظر إليها بكون هذا المسجد تقام فيه صلاة الجمعة والصلوات الخمس وفيه كرسي علمي
.
تشير الحوالة الحبسية المحررة ابتداء من أواسط شهر ذي الحجة 1096 هـ (1684 م) أنه كانت في المسجد الأعظم كراسٍ علمية عديدة يدرس فيها الفقه من خلال 'مختصر الشيخ خليل' و'رسالة ابن أبي زيد القيرواني' و'التوحيد والعقائد'، عن طريق 'العقيدة الصغرى' و'العقيدة الكبرى' للشيخ السنوسي. كما يدرس كتاب الترغيب والترهيب للحافظ المنذري في الحديث النبوي. وتدرس الأخلاق والتصوف من خلال كتاب 'حلية الأولياء وطبقة الأصفياء' للحافظ أبي النعيم الأصفهاني. وكان يدرس في المسجد الأعظم أيضا كتاب 'الوعظ والرقائق' للعلامة الحريشفي، وكذا كتاب 'فتوح الشام' للواقدي
.
ويذكر في هذا الصدد أن أجور القيّمين على الكراسي العلمية في الجامع الكبير لصفرو كانت تؤدى من أوقاف حبّسها القائد محمد بن الشيخ بن يشو اليازغي حسب رسم حبسي عام 1111 هـ (1699 م) أي قبل ميلاد السلطان سليمان بن محمد بن عبد الله بن إسماعيل بن الشريف بـ69 سنة، وهو السلطان الذي ينسب إليه البعض بناء الجامع الكبير. وقد تمّت في عهد السلطان سليمان توسعة المسحد الأعظم جنوبا، وهي المناسبة التي أهدى السلطان المذكور المسجد منبرا سلطانيا آية في الجمال وبديع الصنعة لا يزال يذكره بعض من ارتادوا المسجد الأعظم منذ بضعة عقود
وصحن المسجد الأعظم صحن مكشوف، في أقصاه محراب كان يؤمّ به الإمام متقي مدينة صفرو. في الليلي القائظة كانت تعلو المحرابَ مزولة (ساعة شمسية) 'نُقلت' من موقعها أثناء ترميم المسجد ولا يدري أحد أين 'اختفت'. وكانت تتوسط الصحنَ نافورة مرمرية بيضاء، 'احتفت' بدورها من مكانها. وليست المزولة والنافورة الرخامية وحدهما اللتان فُقدتا من المسجد الأعظم في ظروف ملتسة. فحتى الثريا التي كانت تزين الصحن الرئيسي للجامع الكبير لصفرو تم تغييرها بثريا لا تغادل الأصلية في جمالها وقيمتها التاريخية
.
ولم تكن المشتملات التاريخية وحدها التي طالها 'التغيير'، فقد كان -حتى وقت قريب- يؤذن مرتين لصلاتي الظهر والعصر، وفي 'غفلة' تم الاقتصار على آذان واحد بالنسبة إلى صلاة الظهر. ومعلوم أن تثنية الأذانين هو تقليد في عدد من المدن العتيقة كان يُمارَس في جوامعها الكبيرة لإتاحة الفرصة للصنّاع التقليديين المنهمكين في أشغالهم لصلاة الجماعة
.
وهناك تقليد آخر 'اندثر' من هذا الجامع، فقد كان يرفع على صومعة الجامع الكبير يوم الجمعة علمان بالتوالي: علم أزرق -من فجر الجمعة إلى ما يعرف بالضحى، ثم علم أبيض -من الضحى وبداية القراءة الجماعية للقرآن إلى آذان صلاة الجمعة
.
هكذا، لم تشفع تاريخية وقداسة المسجد الأعظم له من 'الاحتضار' تحت أعين ساكنة صفرو، إذ لا حديث بين ساكنة مدينة 'المنزل' إلا عن المسجد الأعظم وسط المدينة والوضعية التي أصبح عليها منذ سنوات، إذ تزداد حالة بنيته التحتية سوءا بمرور الوقت، بينما تتضاعف سرعة التدهور
.
وفي هذا الإطار صرّ قال أحد مرتادي هذا المسجد التاريخي بأن أرضية المسجد أصبحت متدهورة جدا، خاصة الجناح المخصص للوضوء والنظافة، فأصبح مثيرا للاشمئزاز، 'ويحز في النفس أن يرى المرء بيتا يحظى بالقدسية في ديننا الحنيف يئنّ تحت الأوساخ والأدران والتدهور، وتصدمك الروائح الكريهة النتنة، التي تزكم الأنوف، من المراحيض
'.
وتساءل مواطن آخر 'ألا يستحق هذا المسجد، الذي يحمل لقب 'الأعظم'، ولو نزرا من العناية من قبَل ممثل الإدارة الوصية في صفرو؟! فهذا المسجد، حسب المصادر، بُني في عهد السلطان مولاي سلميان.. ألا يستحق عناية خاصة تليق برمزيته التاريخية وقيمته المعمارية، ضمن مخطط العناية ببيوت الله، وتوفير الظروف الملائمة لإقامة الشعائر الدينية فيها، في جو من الطمأنينة والسكينة، بعيدا عن كل ما من شأنه التشويش أو المساس بوقارها وقدسيتها
'..
يشار إلى أن الجامع الأعظم، الذي يعدّ مفخرة لمدينة المنزل والمنطقة وللمغرب بصفة عامة، يعدّ من المساجد التاريخية ومن المآثر الفنية التي تمثل الثقافة والمعمار المغربي الأصيل، كما يمثل إبداعات حية تبلور الفنّ الإسلامي بمعناه الواسع، وتشتمل على كنز فني وثقافي ذي قيمة نادرة نجده غالبا في النحت على الخشب والجبس والحجر والأعمدة والأقواس، إذ يعود تاريخه إلى أزيد من 300 سنة
.
ويحكي هذا المسجد التاريخي قصة حضارة الأمة المغربية، خاصة حقبة الدولة العلوية الشريفة، ما يعكس القيمة المتميزة والعناية الخاصة لهذه الصروح الدينية والحضارية وإبداع الفن المعماري، الذي يجمع بين ثقافات وحضارات مختلفة، حتى أصبحت لهذه الصروح رمزية عمرانية مهمة في شمال إفريقيا
.
بقيت الإشارة إلى أنه سيرا على نهج أسلافه الميامين، أولى الملك محمد السادس عناية خاصة وموصولة لـ'بيوت الله'، إذ أولى عناية خاصة للمساجد بصفة عامة وللمساجد التاريخية بصفة خاصة
.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

المجلس العلمي المحلي للناظور يحتفي بختم الطالبة آية أصغر للقرآن الكريم عن سن لا تتجاوز 14 سنة..
المجلس العلمي المحلي للناظور يحتفي بختم الطالبة آية أصغر للقرآن الكريم عن سن لا تتجاوز 14 سنة..

أريفينو.نت

timeمنذ 2 ساعات

  • أريفينو.نت

المجلس العلمي المحلي للناظور يحتفي بختم الطالبة آية أصغر للقرآن الكريم عن سن لا تتجاوز 14 سنة..

أريفينو : 24 مايو 2025. في أجواء إيمانية مفعمة بالخشوع والتقدير لكتاب الله تعالى، نظّم المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور، يوم الجمعة 25 ذوالقعدة 1446 الموافق 23 ماي 2025م، حفلاً دينياً بهيجاً بمناسبة ختم الطالبة آية أصغر، البالغة من العمر أربعة عشر سنة، للقرآن الكريم كاملاً، وذلك بفضاء كتاب ابن عاشر التابع لمعهد الإمام مالك للتعليم العتيق. وشهد الحفل حضور عدد كبير من النساء ، إلى جانب أسرة الطالبة وطالبات المعهد، حيث تخللت المناسبة تلاوات عطرة من الذكر الحكيم، وكلمة توجيهية لعضو المجلس العلمي الأستاذة حليمة الغازي، ركّزت فيها على فضل حفظ القرآن، ودور الأسرة والكتاتيب ومعاهد تحفيظ القرآن وتعليم العلوم الشرعية في تنمية هذا المسار المبارك لدى الناشئة. كما نوهت بمجهودات كل من المشرفة على طالبات المعهد حبيبة قيشوح والفقيه محمد أبركان والدعاء لهما بدوام الصحة والعافية والاستمرار في تخريج أجيال من الحافظات والخاتمات. إقرأ ايضاً وتُعد الطالبة آية أصغر نموذجاً مشرفاً للجيل الصاعد، حيث تمكنت من إتمام حفظ المصحف الشريف في سن مبكرة، وهو إنجاز يُحسب لها ولمعهد الإمام مالك للتعليم العتيق، ويُجسد ثمار المثابرة والإخلاص في طلب العلم الشرعي. وفي ختام الحفل، تم تكريم الطالبة بشهادة ختم القرآن وهدايا رمزية، عربون وفاء وتحفيز لمزيد من التألق في مسيرتها القرآنية والعلمية. كما عبّر الحاضرون عن سعادتهم بهذا الحدث، مؤكدين أن مثل هذه المبادرات تُسهم في ترسيخ القيم الدينية والوطنية لدى الشباب. ويأتي هذا النشاط ضمن البرامج التي دأب المجلس العلمي المحلي للناظور على تنظيمها، دعماً لطلبة التعليم العتيق، وتشجيعاً على حفظ القرآن الكريم والتخلق بأخلاقه.

انطلاق فوج الحجاج لاداء فريضة الحج بعمالة المضيق الفنيدق.
انطلاق فوج الحجاج لاداء فريضة الحج بعمالة المضيق الفنيدق.

صوت العدالة

timeمنذ 12 ساعات

  • صوت العدالة

انطلاق فوج الحجاج لاداء فريضة الحج بعمالة المضيق الفنيدق.

صوت العدالة : عبدالقادر خولاني. كانت مدينة المضيق محطة لانطلاق فوج الحجاج لهذه السنة من أمام مجلس عمالة المضيق الفنيدق ،العملية التي اعدها و اشرف على مختلف مراحلها رئيس مجلس العمالة السيد احمد حلحول لفائدة الحجاج بهدف تيسير السفر الى مطار طنجة ابن بطوطة حيث سيسافرون جوا الى الديار المقدسة بالمملكة العربية السعودية لاداء فريضة الحج. اللهم اجعله حجاً مبروراً واجعل سعيهم مشكوراً وذنبهم مغفوراً وعملهم مقبولاً وتجارة لن تبور يا عزيز يا غفور وارجعهم الى اهلهم ان شاء الله سالمين. والشكر موصول للسيد رئيس مجلس العمالة على هذه البادرة التي اصبحت عرفا طيبا بعمالة المضيق الفنيدق.

باحثون يؤكدون في الرباط: لا مستقبل للتعليم دون قيم
باحثون يؤكدون في الرباط: لا مستقبل للتعليم دون قيم

بالواضح

timeمنذ 17 ساعات

  • بالواضح

باحثون يؤكدون في الرباط: لا مستقبل للتعليم دون قيم

في الجلسة العلمية الأولى ، قدّم الدكتور سعيد هلاوي مداخلة وازنة حول الجامعة بوصفها مؤسسة نموذجية في ترسيخ القيم ، مؤكداً أن دور الجامعة يتجاوز التعليم نحو التكوين القيمي للمواطن ، مشيرًا إلى الحاجة الماسة إلى تجديد العلاقة بين الجامعة والزوايا في إطار من التعاون والتكامل . كما تناول الدكتور عبد المغيث بصير بالدراسة والتحليل الدور التاريخي للزاوية البصيرية في نشر القيم والأخلاق ، مستعرضاً مساهماتها في بناء الإنسان المغربي المؤمن بوطنه ، والمتمسك بثوابته الدينية . أما الدكتور محمد نصيحي فقد قدم مداخلة متميزة بعنوان ' مظاهر التكامل بين الجامعة والزوايا '، دعا فيها إلى بناء شراكات علمية وروحية تحفظ الهوية وتعزز الانتماء . وفي سياق الجلسة العلمية ذاتها، قدّم الأستاذ حسن الطويل ، الباحث في سلك الدكتوراه، مداخلته الموسومة بـ' المؤسسات العلمية التربوية ودورها في بناء القيم'، تناول من خلالها إشكالية تراجع المنظومة القيمية في المجتمع المعاصر، محذرًا من انعكاساتها السلبية على التماسك الاجتماعي والسلوك العام. واعتبر أن أزمة القيم الراهنة هي في عمقها أزمة تربية، تستدعي إعادة الاعتبار للمؤسسات التعليمية والتربوية بصفتها الحاضنة الطبيعية لبناء الوعي الأخلاقي والوطني. كما شدّد على أهمية التكامل بين المؤسسات الحديثة والتقليدية، ولا سيما الزوايا، لما لها من رصيد روحي وتربوي أصيل، داعيًا إلى مراجعة السياسات التربوية بما يجعل من سؤال القيم مدخلًا لكل إصلاح تنموي ومجتمعي . وتواصلت أشغال الندوة بجلسة علمية ثانية خُصصت لقراءة تربوية صوفية في أطروحة ' معالم التربية السلوكية في تجربة العلامة الشيخ محمد المصطفى ماء العينين قدّمها الدكتور عبد الهادي السبيوي ، حيث بسط معالم التصوف السني كمدرسة للقيم السلوكية والروحية المؤسسة على التزكية والتدرج ، مبرزًا كيف أن هذه التربية تسهم في بناء الإنسان القيمي الواعي . كما شهدت الجلسة ذاتها مداخلتين نوعيتين لكل من الدكتورة النجاة ماء العينين ، التي تناولت مفاهيم الأخوة والسمو الروحي في التجربة التربوية الصوفية ، والدكتور سعيد هلاوي الذي قارن بين هذا النموذج الصوفي ومدارس التصوف الكبرى في التراث الإسلامي . الجلسة الختامية كانت بامتياز لحظة تأمل في مسار رجل من رجال القيم والوطن ، المقاوم محمد بصير ، من خلال عرض وثائقي توثيقي شيق بعنوان ' محمد بصير … القصة الحقيقية ' ، سلط الضوء على شخصيته النضالية وتكوينه العلمي وانخراطه في مشروع وطني قيمي مقاوم . وقد تخللت الندوة لحظات تكريم وعرفان ، تم خلالها توزيع الشهادات والدروع ، بعدها تمت قراءة برقية ولاء وإخلاص مرفوعة إلى السدة العالية بالله ، صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله ، واختمت أشغال اللقاء العلمي بالدعاء الصالح لأمير المؤمنين ، في أجواء امتزج فيها العلم بالوفاء ، والتاريخ ب الروح ، والوطنية بالإيمان .

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store