
أخبار العالم : مذبح غامض وجثث مدفونة.. من يقف خلف هذا الهيكل المدفون في قلب حضارة المايا؟
الثلاثاء 15 أبريل 2025 02:55 مساءً
نافذة على العالم - دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- اكتشف علماء آثار خلال أعمال تنقيب في مدينة قديمة تابعة لحضارة المايا مذبحًا غامضًا عمره 1،700 عام. وقد تساهم زخارفه الزاهية ومحتوياته القاتمة في كشف المشهد الجيوسياسي المعقد آنذاك.
رُغم العثور على المذبح في تيكال، وهي مدينة مُدمرة تنتمي لحضارة المايا، وتقع في غواتيمالا الحديثة، يعتقد علماء الآثار أنّه لم يُزيَّن من قِبَل شعب المايا.
بدلاً من ذلك، قال الباحثون إنّه من عمل فنانين تدربوا على بُعد أكثر من ألف كيلومتر تقريبًا في تيوتيهواكان، وهي مدينة قوية قريبة من مدينة مكسيكو سيتي الحديثة في المكسيك، وكان لها تأثير قوي على المنطقة.
قبل هذا الاكتشاف، الذي نُشر الثلاثاء في مجلة "Antiquity"، كان علماء الآثار على دراية بتفاعل الثقافتين، ولكن كانت طبيعة العلاقة بينهما محل خلاف.
رسمة تتخيل شكل الهيكل الذي عُثِر عليه في مدينة تابعة لحضارة المايا في غواتيمالا الحديثة.
Credit: Heather Hurst
يرمز المذبح المزخرف، الذي دُفنت تحته جثتين أنّ "قادة أثرياء من تيوتيهواكان جاؤوا إلى تيكال، وأنشأوا نسخًا طبق الأصل من مرافق مخصصة للطقوس كانت موجودة في مدينتهم"، وفقًا لما قاله ستيفن هيوستن وهو المؤلف المشارك للدراسة، والأستاذ في جامعة "براون" الأمريكية المتخصص في ثقافة المايا.
وأوضح هيوستن: "هذه قصة إمبراطورية، وكيفية سعي الممالك المهمة للسيطرة على الآخرين".، لافتًا إلى أن "هذا الاكتشاف الجديد يعزز الرأي القائل إنّ هذا لم يكن اتصالاً خفيفًا، أو مجرد تجارة. بل تضمن قيام قوات متحاربة ببناء قاعدة بالقرب من القصر الملكي المحلي".
يحمل المذبح حتى اليوم بقايا الطلاء الذي كان يزينه.
تصوير: Edwin Román Ramírez
بدأ هيوستن وزملاؤه من الولايات المتحدة وغواتيمالا التنقيب بالموقع في عام 2019 بعد أن كشفت عمليات مسح في المنطقة عن وجود هياكل أسفل ما اعتقدوا سابقًا أنّه تل طبيعي.
كَتَب هيوستن لـ CNN في رسالة عبر البريد الإلكتروني: "لا يَظهر سوى جزء صغير من هذا القصر على السطح. أمّا الباقي، وخاصة الطبقات العميقة، فلا يمكن الوصول إليها سوى من خلال الأنفاق التي حفرها علماء الآثار".
اكتشف الباحثون هذا المذبح أثناء التحقيق في المكان، ولا يزال الهيكل يحمل رسومات باهتة لشخصٍ يرتدي غطاء رأس من الريش في كل جانب، بالإضافة إلى آثار لألوان حمراء، وسوداء، وصفراء زاهية.
يُشبه هذا التصميم رسوماتٍ أخرى لإله يُعرف باسم "إله العاصفة"، وهو أكثر شيوعًا في تيوتيهواكان مقارنةً بفن حضارة المايا.
دُفنت جثتين أسفل المذبح، إحداهما لرجل بالغ على الأرجح، والأخرى لطفل صغير يتراوح عمره بين سنتين وأربع سنوات، دُفن في وضعية جلوس، وهي وضعية أكثر شيوعًا في تيوتيهواكان مقارنةً بتيكال.
كما عُثر على جثث ثلاثة رضع آخرين دُفنوا حول المذبح، بطريقة تشبه إلى حد كبير أنماط دفن الرضع في تيوتيهواكان.
ولم يُحدِّد الباحثون سبب وفاتهم.
صورة تُظهر ستيفن هيوستن (في اليسار) في موقع الحفريات الأثرية برفقة إدوين رومان راميريز، الذي شارك في تأليف الدراسة.
تصوير: Edwin Román Ramírez
أوضح هيوستن أن المذبح يُظهر أن طقوس تيوتيهواكان أُجريَت في قلب تيكال، بواسطة أشخاص استخدموا أساليب رسم دخيلة تمامًا من تيوتيهواكان، لتصوير آلهة غير مألوفة.
وأضاف أنّ بعض البقايا قد تعود لأفراد من شعب المايا، لكن محتويات المقابر أظهرت برأيه وجود صلة قوية بتيوتيهواكان، بل وربما أصول متجذّرة فيها، بالإضافة إلى توافق تضحيات الأطفال الرضع مع الممارسات المكسيكية.
وأشار الباحثون في ورقتهم البحثية إلى أنّ هذه الممارسات الثقافية ترمز لتزايد نفوذ تيوتيهواكان في تيكال.
قال المؤلف المشارك، وأستاذ الأنثروبولوجيا والآثار في جامعة "براون"، أندرو شيرير، إنّ حقيقة دفن هذه المباني لاحقًا وعدم القيام ببنائها مجددًا ربما تعكس المشاعر المعقدة التي حملها شعب المايا تجاه تيوتيهواكان.
وأوضح شيرير في بيان: "كان شعب المايا يدفنون المباني ويعيدون البناء فوقها بانتظام. ولكنهم قاموا هنا بدفن المذبح والمباني المحيطة به وتركها، رُغم أنّه كان سيُعتبر موقعًا قيمًا لاحقًا. لقد تعاملوا معه كما لو كان نصبًا تذكاريًا أو منطقة ملوثة بالإشعاع".
يُظهر هذا الاكتشاف الأخير عن جانب آخر من العلاقة المعقدة بين الثقافتين أبرزتها الأبحاث الحديثة.
قد يهمك أيضاً
في ستينيات القرن الماضي، عثر باحثون على حجر يحمل نقشًا يصف صراعًا بين المايا وتيوتيهواكان، وتبيّن أنّه في عام 378 ميلادي تقريبًا، كانت تيوتيهواكان تُدمر مملكة بأكملها.
وأشار هيوستن إلى أنه: "تمّت إزاحة الملك وتنصيب حاكم مُوالٍ كان بمثابة دمية سياسية وأداة محلية لتيوتيهواكان".
يَعتقد شيرير أنّ المذبح بُني ربّما في الفترة ذاتها التي شهدت الانقلاب، والذي دفع مملكة المايا في النهاية إلى أوج قوتها، قبل تراجعها في عام 900 ميلادي تقريبًا.
من جهته، أكدّ هيوستن أنّ نتائج هذه الحفريات تُظهر "قصة قديمة قِدَم الزمن"، في إشارة إلى صراع الإمبراطوريات وتنافسها على النفوذ الثقافي.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


نافذة على العالم
منذ 20 ساعات
- نافذة على العالم
أخبار العالم : هل تصبح الفطريات والبكتيريا بديلاً عن الإسمنت في بناء منازل المستقبل؟ العلماء يجيبون
الثلاثاء 20 مايو 2025 12:30 مساءً نافذة على العالم - دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- قد يبدو العيش في منزل مصنوع من الفطريات والبكتيريا من وحي الخيال العلمي، ولكن أصبح الباحثون أقرب إلى تحقيق ذلك. قام فريق بحثي في ولاية مونتانا الأمريكية بزراعة تشابكات كثيفة وإسفنجية من خيوط الـ"ميسيليوم"، وهي بنية شبيهة بالجذور تربط شبكات الفطريات تحت الأرض، كإطار لإنشاء مادة بناء حية ذاتية الإصلاح. لا تزال القدرة على إنشاء هياكل متينة وقادرة على تحمل الأوزان الثقيلة باستخدام مواد حية بعيدة المنال لسنوات عديدة. مع ذلك، وجدت المؤلفة الرئيسية للدراسة المنشورة بتاريخ 16 أبريل/نيسان في مجلة "Cell Reports Physical Science"، تشيلسي هيفيران، أنّ هذا الاكتشاف يمثل خطوة مهمة نحو العثور على بديل مستدام للإسمنت، أي المادة الرابطة في الخرسانة. يقارن الباحثون السقالة الفطرية المُتَمَعدِنة حيويًا (أسفل الصورة من اليمين) بمواد حية أخرى مصنوعة من الهُلاميات المائية والسليلوز. Credit: Maren Stubenvoll يُصنع أكثر من 4 مليارات طن متري (4.4 مليار طن) من الإسمنت سنويًا، ما يساهم بنحو 8% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية، وفقًا لمؤسسة " Chatham House" البحثية في مدينة لندن البريطانية. قالت هيفيران، وهي أستاذة مُساعِدة في الهندسة الميكانيكية والصناعية بجامعة ولاية مونتانا-بوزمان: "تساءلنا: ماذا لو استطعنا القيام بذلك بطريقة مختلفة باستخدام عِلم الأحياء"؟ أدخل مؤلفو الدراسة بكتيريا قادرة على إنتاج كربونات الكالسيوم، وهو المركب الكيميائي ذاته الموجود في المرجان، وقشور البيض، والحجر الجيري، إلى الخيوط الفطرية، التي عملت كدعامات هيكلية. المؤلفة الرئيسية، تشيلسي هيفيران، (في الوسط) أثناء العمل مع زملائها لتحضير المادة المُتمعدِنة حيويًا. Credit: Maren Stubenvoll من خلال عملية تُسمى التمعدن الحيوي، حوّلت كربونات الكالسيوم الخيوط اللزجة والمرنة إلى بنية صلبة تشبه العظام. جرّب الفريق ترك الفطر، الذي يُدعى "Neurospora crassa"، يتمعدن حيويًا من تلقاء نفسه، ولكنهم وجدوا أن قتله، ومن ثمّ إضافة الميكروبات ساهم في الحصول على مادة أكثر صلابة في وقتٍ أقل. أنشأت البكتيريا، التي تُدعى "Sporosarcina pasteurii"، شبكات بلورية من كربونات الكالسيوم حول الخيوط الفطرية بعد استقلابها لمادة الـ"يوريا"، وهي بمثابة غذاء للبكتيريا. وبينما تُعتبر مواد البناء الأخرى المُتمعدِنة حيويًا "حية" لبضعة أيام فحسب، أكّدت هيفيران أن فريقها تمكن من إبقاء الميكروبات نشطة لمدة أربعة أسابيع على الأقل، وقد تمتد هذه الفترة إلى أشهر أو حتى سنوات. مجال للتحسّن رأى أفيناش مانجولا-باسافانا، وهو مهندس بيولوجي لم يشارك في الدراسة، أنّ هناك حاجة إلى القيام بالمزيد من الاختبارات للعثور على مادة بناء حية قادرة على استبدال الإسمنت، قبل استخدام هذه المادة في صناعة المنازل، أو الأسوار، أو غيرها من أغراض البناء. وشرح مانجولا-باسافانا، وهو كبير الباحثين العلميين في جامعة "نورث إيسترن" بأمريكا: "يُجرى هذا النوع من التجارب على نطاقٍ ضيق.. وهو لا يعكس بالضرورة خصائص المادة عند استخدامها بكميات كبيرة". كما أضاف: "ليست الصلابة هي ما يهم الأشخاص عندما يتعلق الأمر بمواد البناء، بل القوة، والقدرة على تحمل الأثقال". بينما لا تضاهي قوة ومتانة مواد البناء الحية مميزات الخرسانة بعد، لا تزال هيفيران تعتقد أنّ الـ"ميسيليوم" يشكل قاعدة واعدة. بفضل مرونة هذه المادة، يُمكن تشكيل المادة اللزجة لتشمل قنواتٍ تشبه الأوعية الدموية داخل العوارض، أو الطوب، أو الجدران. كما هو الحال مع الأوعية الدموية في جسم الإنسان، تحتاج خلايا مواد البناء الحية إلى هياكل قادرة على توصيل العناصر الغذائية للبقاء على قيد الحياة. وأشار مانجولا-باسافانا إلى أنّ إضافة هذه الهياكل إلى تصميم مواد البناء قد يُضعفها، ما يُمثل تحديًا للدراسات المستقبلية.، مضيفًا: "أعتقد أنّها قد تكون مفيدةً في المستقبل للمباني المكونة من طابق واحد، والهياكل الأصغر حجمًا. إنّه أمرٌ ممكن للغاية. قد نشهد ذلك خلال فترة تترواح بين 5 و10 سنوات". وأضافت هيفيران أنّ الفطريات تُشكل أيضًا خطرًا تنفسيًا محتملاً. رُغم أن قتل الـ"ميسيليوم" يُقلل من قدرتها على إنتاج مسببات الحساسية، إلا أنّه ينبغي إجراء المزيد من الأبحاث قبل اعتبار الهياكل التي تُصنع منها هذه المادة آمنةً للسكن. التطلع إلى المستقبل قد يهمك أيضاً يُعتبر فريق هيفيران واحد من فِرَق عديدة في أمريكا لاستكشاف إمكانيات مادة الـ"ميسيليوم"، التي استُخدمت بالفعل لصنع مواد أخرى أكثر ليونة في مجال التغليف والعزل. أكدت هيفيران أنّ العديد من الجهات الحكومية أبدت اهتمامًا بالفعل بحالات الاستخدام المحتملة لمواد البناء الحية، إذ قالت: "هناك العديد من الشروط التي يجب وضعها في الاعتبار حتى يستفيد المنزل العادي من هذا المشروع من حيث التكلفة". وأوضحت: "لكن بالنسبة للمجتمع، قد يكون الأمر أرخص بكثير عند بناء بنية تحتية لأفراد يحتاجون إليها بشدة، أو إذا كنت تحاول تشييد بنية تحتية في الفضاء، فقد يكون هذا أسهل بكثير من نقل الإسمنت والخرسانة إلى هناك. الاحتمالات مثيرة حقًا بالنسبة لي".


نافذة على العالم
١٠-٠٥-٢٠٢٥
- نافذة على العالم
أخبار العالم : السخونة تتصاعد قبالة الساحل الغربي الأمريكي.. بركان تحت الماء سينفجر
السبت 10 مايو 2025 04:45 مساءً نافذة على العالم - دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- الأمور تزداد سخونة في عرض المحيط على بُعد مئات الأميال من ساحل ولاية أوريغون، حيث يتوقّع ثوران بركان ضخم وشيك تحت سطح الماء، وفق العلماء. البركان، المعروف باسم Axial Seamount، يقع على عمق نحو 1.6 كيلومتر تحت الماء في منطقة ساخنة جيولوجيًا، حيث تتصاعد دفعات شديدة الحرارة من الصخور المنصهرة من وشاح الأرض إلى القشرة. وتُعد البراكين الناتجة عن هذه البقع الساخنة شائعة في قاع المحيط. لكن Axial Seamount يقع أيضًا على حيد خوان دي فوكا، حيث تلتقي صفيحتان تكتونيتان هائلتان (صفيحة المحيط الهادئ وصفيحة خوان دي فوكا)، اللتان تبتعدان باستمرار عن بعضهما، ما يؤدي إلى تراكم ضغط مستمر تحت سطح الأرض. وقد لاحظ الباحثون في مبادرة المراصد البحرية التابعة لمؤسسة العلوم الوطنية الأميركية (NSF)، وتحديدًا في شبكة الكابلات الإقليمية التي تديرها جامعة واشنطن لمراقبة نشاط البركان، أنّ وتيرة الزلازل قد ارتفعت بشكل كبير في الآونة الأخيرة مع تضخم البركان بسبب امتلائه بكميات متزايدة من الصهارة، ما يشير إلى أن ثورانه قد يكون وشيكًا. قد يهمك أيضاً قال ويليام ويلكوك، عالم الجيوفيزياء البحرية والأستاذ بكلية علوم المحيطات في جامعة واشنطن، الذي يدرس هذا البركان: "في الوقت الحالي، هناك بضع مئات من الزلازل يوميًا، لكن هذا لا يزال أقل بكثير ممّا رأيناه في الثوران السابق". وأضاف: "أود القول إنه يحتمل أن يثور في وقت لاحق من هذا العام أو في مطلع العام 2026، أو غدًا، لأن لا يمكن التنبؤ بذلك بدقة". ماذا يحدث أثناء الثوران؟ خلال آخر ثوران للبركان في أبريل/ نيسان 2015، لاحظ الفريق حدوث حوالي 10,000 زلزال صغير خلال فترة 24 ساعة، ويتوقع ويلكوك أن يحدث الشيء عينه في الثوران المرتقب. قال ويلكوك إنّ الصهارة، أي الصخور المنصهرة تحت سطح الأرض، تسربت من بركان Axial Seamount لمدة شهر، وامتدت لنحو 40 كيلومترًا عبر قاع المحيط. كما انهارت غرفة الصهارة في قلب البركان مرات عدة في الماضي، ما أدى إلى تشكُّل فُوَّهة كبيرة تُعرف باسم كالدييرا. وفي هذا المكان، تزدهر الحياة البحرية بفضل الغازات الغنية بالمعادن التي تخرج من الفتحات الحرارية المائية، وهي تشبه الينابيع الساخنة تحت الماء. ومن الشقوق في سطح كالدييرا، تتصاعد تيارات من السوائل الساخنة التي تحتوي على مليارات الميكروبات وتكتلات من النفايات، مُشكِّلة سُحبًا بيضاء تُعرف باسم "النافخات الثلجية" (snowblowers). وخلال الثورات البركانية السابقة، احترقت النباتات والحيوانات الصغيرة التي تعيش على الفتحات الحرارية بفعل تدفقات الحمم، لكن بعد ثلاثة أشهر فقط، عاد النظام البيئي للحياة وازدهر من جديد، بحسب ديبي كيلي، مديرة شبكة الكابلات الإقليمية. وأفادت كيلي، أستاذة الجيولوجيا البحرية والجيوفيزياء في جامعة واشنطن، ببيان: "أعتقد أن هذه واحدة من أعظم الاكتشافات التي توصلنا إليها. فالحياة تزدهر في بيئات قاسية، والبراكين على الأرجح تُعد من المصادر الرئيسية للحياة في محيطاتنا". قد يهمك أيضاً في حين أنّ الحياة البحرية المجاورة مثل الأسماك والحيتان والأخطبوطات قد تشعر بحرارة وتحركات الزلازل، إلا أنه من غير المرجح أن تتعرض للضرر. ويحتمل أيضًا ألا يلاحظ الناس على اليابسة الثوران على الإطلاق، بحسب كيلي في حديثها مع CNN. وأضافت: "ليس حدثًا انفجاريًا بشكل كبير. لن ترى سحب الرماد فوق الماء أو شيئًا من هذا القبيل. إنه كما لو أنك وضعت ميلاً من ماء البحر فوق بركان كيلاويا.. قد ترى بعض تدفقات الحمم، وهذا كل شيء". وأشارت كيلي إلى أن معظم النشاط البركاني على كوكب الأرض يحدث في مراكز التمدد تحت الماء مثل حيد خوان دي فوكا، الذي يشهد ثورات بركانية صغيرة عدة يوميًا، لافتة إلى أنّ "الصهارة قريبة جدًا من السطح، حوالي 1.4 كيلومتر تحت القاع، وهو عمق ضحل جدًا مقارنةً بالبراكين الأرضية التي قد تكون على عمق 12.9 كيلومتر". وأضافت أن لزوجة الصهارة (أي سماكتها) تؤثر على مقدار الضغط الذي يتراكم داخل غرفة الصهارة؛ فكما أن فقاعات الهواء في صلصة الطماطم الكثيفة على الموقد تنفجر بعنف أكثر من الصلصة السائلة، فإن الصهارة السميكة تؤدي إلى ثورات أكثر عنفًا من الصهارة السائلة مثل تلك الموجودة في Axial Seamount. تنمو دودة الأنبوب (Tubeworms) على التشكيلات الصخرية الفريدة في بركان Axial Seamount. Credit: UW/NSF-OOI كيفية المشاهدة لحسن الحظ، فإنّ الطبيعة الهادئة نسبيًا لبركان Axial Seamount تجعله مثاليًا للمراقبة البشرية عن قرب. فبحسب كيلي، تخّطط المحطة العلمية التي ترصد البركان لبث حي مباشر للثوران التالي، وهو أمر لم يُنفذ من قبل على الإطلاق. تحديات مراقبة ثوران بركاني تحت الماء رؤية ثوران بركاني تحت سطح البحر ليست مهمة سهلة. فالعلماء لم يشاهدوا واحدًا بشكل مباشر أثناء حدوثه إلا لأول مرة في 29 أبريل/ نيسان. في المحيط الهادئ، على بُعد حوالي 2,092 كيلومترًا غرب كوستاريكا، كان الباحثون من مؤسسة وودز هول لعلوم المحيطات (WHOI) في غوص روتيني باستخدام مركبة غاطسة لجمع بيانات من حيد شرق المحيط الهادئ، عندما لاحظوا أن الفتحات الحرارية النشطة المعروفة باسم "تيكا" لم تعد تعج بالحياة البحرية. وعوض ذلك، عثر الفريق على ما وصفه دان فورناري، الباحث الفخري في WHOI، بـ"حفلة شواء لأنبوبات البحر المحترقة". كانت وميض من الحمم البركانية البرتقالية يتسرّب من خلال قاع المحيط ويتصلّب مباشرة في الماء المتجمد، في إشارة إلى أن ثورانًا كان يحدث في تلك اللحظة. وقال فورناري: "إنه تطور مهم للغاية. فهذه بيئة نادرًا ما ندرسها بسبب صعوبة الوصول إليها، لكوننا بحاجة إلى تقنيات ذكية لفهمها.. وفي جوهر الأمر، نحن نراقب الكيفية التي يُبنى بها هذا الكوكب، كيف يتكوّن بفعل البراكين في قاع البحر". قد يهمك أيضاً بشكل غير متوقع، كشفت المراقبة الدقيقة لبركان Axial Seamount أن توقيت ثورانه ليس مرتبطًا فقط بما يحدث تحت سطحه، بل أيضًا بما يحدث فوقه. فكل من الثورات البركانية الثلاث الأخيرة، في العام 1998 و2011 و2015، قد حدثت بين شهري يناير/ كانون الثاني وأبريل/ نيسان، وهي الفترة التي يكون فيها كوكب الأرض بعيدًا عن الشمس. قال ويلكوك: "لا أعتقد أننا نفهم تمامًا سبب حدوث ذلك، لكن قد يكون مرتبطًا بقوى (الجاذبية) من القمر التي تؤثر على البركان". يدور القمر حول الأرض كل شهر، وجذب القمر الجاذبي يتسبب في ارتفاع وانخفاض المد والجزر في المحيطات، ما يؤدي إلى تغيرات في الضغط على قاع البحر. عندما تصل غرفة الصهارة في البركان إلى الكتلة الحرجة، تؤدي هذه التغيرات في الضغط إلى زيادة الضغط على الكالديرا، الفوهة التي تكونت نتيجة للثورانات البركانية السابقة. كما أنّ ضغط المد العالي يسبّب المزيد من الزلازل المتكرّرة، ما يؤدّي تدريجيًا إلى إجهاد الغرفة حتى تصل إلى نقطة الانهيار، وفق كيلي.


نافذة على العالم
١٠-٠٥-٢٠٢٥
- نافذة على العالم
أخبار العالم : البندقية تغرق.. مهندس يكشف خطة جذرية قد تنقذ المدينة لبضعة عقود
السبت 10 مايو 2025 01:45 مساءً نافذة على العالم - دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- تعرف البندقية بـ"المدينة العائمة"، لكنها قد تصبح قريبًا المدينة الغارقة. فخلال القرن الماضي، انخفضت المدينة الإيطالية حوالي 25 سنتيمترًا. وفي الوقت ذاته، ارتفع متوسط مستوى سطح البحر في البندقية نحو 30 سنتيمترا منذ العام 1900. هذا لا يعني مجرد فيضانات معتادة، بل غرقًا حتميًا لهذه المدينة المحبوبة، في أعماق بحيرتها الشهيرة. وبالنسبة للزوار، فإن وضعها المتأرجح يعد جزءًا من جاذبية البندقية، أي الحاجة الملحة إلى زيارتها الآن قبل فوات الأوان، ورمزًا لعجز البشرية أمام قوة الطبيعة. أما بالنسبة لسكان البندقية، وفّرت لهم المدينة عبر القرون ملجأ من الغزوات، لكنها جلبت معها أيضًا التحديات. فالمد والجزر أصبحا أعلى وأكثر تكرارًا مع تفاقم أزمة المناخ. وتغوص المدينة حوالي مليمترين سنويًا نتيجة الانخساف المنتظم. قد يهمك أيضاً لكن، ماذا لو كان بالإمكان رفع المدينة؟ قد تبدو فكرة لفيلم خيال علمي، لكنها في الواقع فكرة لمهندس مرموق يعتقد أنها قد تكون الحل لإنقاذ البندقية. وفيما تنفق الحكومة الإيطالية حالياً ملايين اليوروهات سنوياً على رفع الحواجز المائية لمنع المد العالي الاستثنائي من دخول البحيرة، يرى بيترو تياتيني، أستاذ مساعد بعلم المياه والهندسة الهيدروليكية في جامعة بادوفا، أن ضخ المياه إلى أعماق الأرض تحت المدينة يمكن أن يرفع قاع البحر الذي تقوم عليه، ما يدفع بمدينة البندقية إلى الأعلى. فهل يمكن أن يرفع ذلك المدينة فوق مستوى المياه؟ أم أن الأمور قد تسوء بشدة، وتؤدي إلى انهيار المباني في مشاهد أشبه بأفلام هوليوود؟ يوضح تياتيني أن خطته يمكن أن تمنح البندقية فترة سماح تقارب 50 عاماً، بالتوازي مع عمل الحواجز الحالية، ما يتيح للسلطات التوصّل إلى حل دائم و"جذري". ويعتقد أن نظامه يمكن أن يرفع المدينة 30 سنتيمتراً. تمنع حواجز الفيضانات MOSE، التي تم تركيبها في العام 2020، المد والجزر المرتفع بشكل استثنائي من دخول البحيرة. Credit: Andrea Merola/EPA-EFE/Shutterstock لكن المشاريع الهندسية للحفاظ على مدينة البندقية ليست بالأمر الجديد. فخلال تاريخها الممتد لألف عام كجمهورية، كان مسؤولو "لا سيرينيسيما"، الدولة "الأكثر هدوءاً" كما كانت تُعرف، يقومون باستمرار بإعادة توجيه الأنهار، وحفر قنوات جديدة، وإعادة توجيه مياه البحيرة لتخدم المدينة بأفضل شكل ممكن. لكن خلال القرن العشرين، بدأت الأمور تتدهور. ففي الستينيات والسبعينيات، تم ضخ المياه الجوفية من منطقة "مارغيرا" الصناعية الواقعة على اليابسة المقابلة للبحيرة. وكان ذلك بمثابة خطأ كبير، إذ تسبب في هبوط المنطقة بأكملها. وبين العامين 1950 و1970، هبط مركز المدينة الثمين في البندقية بنحو خمس بوصات تقريباً. أما اليوم، فتعتمد المدينة في حمايتها الرئيسية من المد العالي على نظام "MOSE" من الحواجز المائية، الذي يرتفع من قاع البحر ليقطع البحيرة عن البحر الأدرياتيكي خلال حالات المد الاستثنائي العالي. قد يهمك أيضاً وقد خضع النظام للاختبار لأول مرة في العام 2020، لكنه كان قد خُطط له في الثمانينيات، حين كان من المتوقع أن تُرفع الحواجز حوالي خمس مرات في السنة. لكن مع مساهمة تغير المناخ في ارتفاع المد والجزر، أصبحت الصورة الآن مختلفة تماما. ففي السنوات العشرين الماضية، تجاوز منسوب المد في البحيرة 110 سنتيمترات، وهو المستوى الذي يمكن أن يُسبب فيضانات كارثية للمدينة، وليس مجرد فيضانات "اعتيادية". وعوض رفع الحواجز خمس مرات في السنة، تم تشغيل نظام "MOSE" بالفعل حوالي 100 مرة منذ تدشينه في أكتوبر/ تشرين الأول العام 2020. ومع ذلك، لا تزال الحواجز في مرحلة الاختبار ولم تُعلن بعد كمنشآت تشغيلية رسمية. ويقدّر أن المشروع قد كلف حتى الآن حوالي 6 مليارات يورو. في هذه الأثناء، في كل مرة تُرفع فيها الحواجز، يتم فعليًا إغلاق البحيرة، وهو أمر لا يؤثر فقط على حركة المرور الآتية إلى البندقية (ثاني أكثر موانئ إيطاليا ازدحامًا، والخامس في البحر الأبيض المتوسط)، بل يمنع أيضًا العملية الطبيعية للبحيرة في تطهير نفسها من خلال حركة المد والجزر. وكلما زادت مرات رفع الحواجز، زاد خطر تغير النظام البيئي. رغم ذلك، تستمر البندقية بالهبوط في معدل يقارب مليمترين سنويًا، بينما ترتفع مستويات المد بمعدل يقارب 5 مليمترات سنويًا. وهنا يأتي دور مشروع تياتيني لمنح البندقية بعض الوقت. يستمتع السياح بالتجول في الشوارع ولكن المد العالي مدمر للمدينة. Credit: Miguel Medina/AFP/Getty Images فعبر رفع مستوى المدينة بمقدار 30 سنتيمترًا، يعتقد أنه يمنح البندقية بين عقدين وثلاثة عقود، ويمكن للمدينة خلالها إيجاد حل دائم لمواجهة ارتفاع منسوب المياه. ويقول تياتيني : "يمكننا القول إن أمامنا 50 عامًا (ضمنًا العمر الافتراضي لمشروع MOSE) لتطوير استراتيجية جديدة. علينا تطوير مشروع أكثر جذرية بكثير". ويقترح المشروع حفر حوالي 12 بئراً في دائرة قطرها 10 كيلومترات حول مدينة البندقية، مع التأكد من إبقائها جميعاً داخل البحيرة، من دون التمدد إلى البحر الأدرياتيكي أو التوغل تحت اليابسة. وتوجد طبقة سميكة من الطين تحت سطح البحيرة، ما يعني أنه لا توجد فرصة لتسرب المياه إلى الأعلى. يؤكد أن المشروع لن يلوث مصادر المياه العذبة، ولن يتطلب جلب المياه من مناطق بعيدة. يتمثل المقترح بحفر "آبار" عميقة في حلقة يبلغ قطرها 10 كيلومترات حول المدينة. Credit: Federico Meneghetti/REDA/Universalبيد أنّ تنفيذ المشروع يتطلب إجراء تجربة مشروع تمهيدي، يتمثل في حفر بئر بقطر 20 سنتيمترًا وعمق ألف متر، وتركيب أنبوب مزوّد بمرشح في القاع. إلا أنّ رفع مدينة البندقية على وسادة تشبه سرير الماء بينما تبقى الأراضي المحيطة بها على المستوى ذاته قد يبدو وصفة لكارثة. لكن تياتيني يُصرّ على أن هذه هي الطريقة الآمنة للقيام بذلك. وهو حريص على توضيح أن هذه العملية لا تُشبه التكسير الهيدروليكي الذي يقوم على حقن سوائل في باطن الأرض تحت ضغط عالٍ لتكسير الطبقات الصخرية تحت السطح من أجل الوصول إلى احتياطيات النفط والغاز. فحقن السوائل بضغط مرتفع يمكن أن يسبب هزات أرضية. ويقول: "لدينا ارتفاع أقصى بمقدار 20 إلى 30 سنتيمترًا لأننا لا نريد أن نُحدث تشققات. إذا بدأنا بإحداث تشققات، فستكون كارثة. نحن نريد الحفاظ على ضغط منخفض عند مستوى منخفض، لذا سنُضيف مادة تساعد على الحفاظ على التمدد في التكوين الجيولوجي، لكن من دون حدوث تشققات". ويضيف أنه رغم إمكانية حدوث مشاكل إذا تم ضخ المياه في طبقات المياه الجوفية الضحلة، فإن ضخ المياه على أعماق تتراوح بين 600 و1000 متر يسمح لها بالدخول في نظام ثلاثي البعد في أعماق الأرض. ويقول: "حتى وإن لم يكن التمدد في العمق منتظمًا، إلا أنه عندما يصل إلى سطح الأرض يصبح أكثر سلاسة". لقرون عدة، قامت جمهورية البندقية بحفر قنوات جديدة وإعادة توجيه مياه البحيرة. Credit: Uygar Ozel/Shutterstock وبغض النظر عن المسار الذي سيتم اتباعه، فستكلّف العملية ملايين، إن لم تكن مليارات من اليوروهات. ومع ذلك، يؤكد تياتيني أن هذا لا يزال يعد استثمارًا صغيرًا نسبيًا على مستوى الحكومة. ويرى تياتيني إن ترك المدينة لمصيرها هو "الخيار الأكثر تطرفًا الذي يمكن أن نتخيله". ويضيف: "ستبقى على حالها لبضع عقود، ثم شيئًا فشيئًا ستبدأ في الغرق". وعلى النقيض من ذلك، أعرب بعض الخبراء عن مخاوفهم بشأن فكرته. وقال ديفيد دوبسون، وهو أستاذ المواد الأرضية في كلية لندن الجامعية، إنه شعر بـ"تفاؤل مشوب بالشك" عندما سمع بالفكرة عبر CNN. وأضاف: "أعتقد أنه إذا تمكن من إجراء تجربة على مدى سنوات عدة تُظهر أنهم يتحكمون بمعدل ضخ المياه بشكل صحيح، وأظهر التمدد القابل للقياس لسطح الأرض، فقد يكون من المنطقي حينها تجربة تنفيذها". وحذّر دوبسون من أن هذا النوع من النشاط ليس بسيطًا على الإطلاق. فإذا كانت طبقة المياه الجوفية قد فقدت بالفعل جزءًا من سائلها، فإن الصخور تنهار على بعضها البعض، ما يخلق ما يعرف باسم "أحزمة الانضغاط" وهي غير قابلة للعكس. .