
جيل التيك توك.. صدمة الواقع وسحر الترند
إن كان بعض هذا الجيل قد إنزلق إلى مساحاتٍ من التفاهة، فذلك لا يعني غياب الوعي عند الآخرين، والمطلوب اليوم ليس محاكمة المنصات، بل فهم دوافع مستخدميها، وصناعةُ بيئةٍ حاضنةٍ تميز بين المحتوى الهابط والصوت الصادق، فهؤلاء ليسوا مجرد صانعي فيديوهات، بل شهودُ عصرٍ يبحثون عن معنى لحياتهم...
في الأزقة الشعبية، والمقاهي العصرية، وعلى أرصفة الجامعات والأسواق، يبرز جيلٌ جديدٌ في العراق لا يشبه الأجيال السابقة، لا في أدواته، ولا في تطلعاته، ولا حتى في لغته، جيلٌ لا يحمل منشوراته في دفاتر، بل في مقاطع فيديو لا تتجاوز الدقيقة، يختصر فيها معاناته، أفكاره، وربما أحلامه، تيك توك، التطبيق الصيني الأشهر، صار مرآةً لهذا الجيل، يعكس اضطراباته بقدر ما يعكس إبداعاته.
لكن، ما الذي يدفع آلاف الشباب العراقيين إلى ركوب موجة "الترند" كل يوم؟ هل هو فضول التجربة؟ أم عطش الشهرة؟ أم ضيق الواقع؟
في بلدٍ تتكسر فيه طموحات الشباب على جدار البطالة والعوز، يبدو تيك توك أشبه بمهربٍ جماعي، أو مساحةٍ بديلةٍ لقول ما لا يُقال، حين لا تستجيب الدولة لأحلامهم، يلجأ الشباب إلى الشاشات ليصنعوا عالماً موازياً، قد يكون هزلياً أو عشوائياً، لكنه على الأقل يمنحهم حضوراً وصوتاً.
يقول زيد، خريجٌ وصانع محتوى:
"نشرت أول فيديو لي من غرفتي، لم أكن أتصور أنه سيصل إلى آلاف الناس، لكنني وجدت أن الناس يريدون من يتحدث بلسانهم، عن غلاء المعيشة، عن القهر، عن غياب الأمل".
ورغم بساطة الأدوات، فإن التأثير عميق، محتوىً يتراوح بين الضحك العفوي والنقد اللاذع، يخلط السياسة بالحياة اليومية، ويفتح الباب أمام جمهورٍ لا يقرأ الصحف، بل يستهلك المحتوى سريعاً، وبلا وسطاء.
شهرةٌ لكن بثمن..
الوجه الآخر للمنصة أكثر قتامةً، فبين صانعي المحتوى الهادف، برزت فئةٌ تلهث خلف الشهرة دون خطوطٍ حمراء، إيماءاتٌ مبتذلة، ألفاظٌ نابية، تحدياتٌ لا أخلاقية، كل ذلك أصبح مادةً "تجارية" لمن يود حصد آلاف المتابعين بسهولة، ولو على حساب الذوق العام.
وهنا يُطرح سؤالٌ جوهري، من المسؤول؟ هل هو الشاب الذي يبحث عن فرصةٍ بأية طريقة؟ أم المجتمع الذي يشاهد هكذا محتوى؟ أم الدولة التي غابت عن المشهد الرقمي وتركت الساحة بلا ضوابطَ واضحةٍ أو دعمٍ حقيقيٍ للمحتوى الجاد الهادف؟
الدولة تراقب... لكن ليس بالمستوى المطلوب
مؤخراً، تحركت الأجهزة الأمنية تجاه ما وصفته بـ"المحتوى الهابط"، فاعتقلت بعض الوجوه المعروفة على تيك توك، في خطوةٍ أثارت تبايناً في الرأي العام، فبين من رأى فيها ضرورةً لإنقاذ المجتمع من الانحدار، وبين من اعتبرها قمعاً غير مبررٍ لحرية التعبير، بقي سؤال القانون معلقاً، ما هو تعريف "الهابط"؟ ومن يضع معاييره؟ ولماذا تم إعتقال اشخاصٍ بهذه التهمة وتم ترك آخرين رغم تشابههم في المحتوى الذي يقدموه؟
يقول أحد المختصين بالإعلام الرقمي:
"ما يحدث ليس مواجهةً بين الدولة والتيك توك، بل بين منظومةٍ تقليديةٍ عاجزة، وجيلٍ رقميٍ لا يعرف الخطوط الحمراء"
ما يجب أن يُفهم اليوم، أن "جيل التيك توك" ليس نتاج تكنولوجيا فقط، بل نتاج خيبات ممتدة، وتعليم متدهور، وسوق عمل مغلق، هو جيلٌ نشأ في ظل الأزمات، لكنه لا يزال ينبض بالحياة، هو نفسه الذي نجح في تحشيد الآلاف في تظاهرات تشرين، وملأ الساحات بشعاراته "نريد وطن"، وهو نفسه من يقف اليوم خلف الكاميرا، يصنع محتوى، يفرغ ألمه، ويسخر من العبث.
إن جيل التيك توك في العراق ليس حالةً طارئة، بل مرآةٌ تعكس حجم الفجوة بين المؤسسات التقليدية وتطلعات الشباب، بين واقعٍ يزداد ضيقاً ومجالٍ رقمي بات المتنفس الوحيد، إن كان بعض هذا الجيل قد إنزلق إلى مساحاتٍ من التفاهة، فذلك لا يعني غياب الوعي عند الآخرين، والمطلوب اليوم ليس محاكمة المنصات، بل فهم دوافع مستخدميها، وصناعةُ بيئةٍ حاضنةٍ تميز بين المحتوى الهابط والصوت الصادق، فهؤلاء ليسوا مجرد صانعي فيديوهات، بل شهودُ عصرٍ يبحثون عن معنى لحياتهم في زمنٍ فقد الكثير من معانيه.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


ليبانون 24
منذ يوم واحد
- ليبانون 24
تعليق بيع دمى "لابوبو" في بريطانيا.. إليكم السبب
أصيب عشاق "لابوبو" في بريطانيا بخيبة أمل وإحباط، إذ أن الحشود التي أحدثتها ظاهرة الإقبال الكثيف على شراء هذه الدمية المحشوة الصغيرة والتي تمثل وحشا يشبه أرنبا، أدت إلى تعليق بيعها في المتاجر حيث تتوافر في المملكة المتحدة. فبفضل ألوانها الجذابة، أصبحت هذه الألعاب المحشوة أكسسوارا للأزياء انتشر على نطاق واسع في غضون أسابيع قليلة، واستخدمته نجمات مثل ليسا من فرقة "بلاك بينك" وريهانا ودوا ليبا. لكن الظاهرة لا تقتصر على المشاهير. فعلى تطبيق "تيك توك"، شاعت بكثافة مقاطع "فتح الصناديق" unboxing التي تُظهر أشخاصا عاديين من مختلف الأعمار يفتحون صناديق تحتوي على "لابوبو". وأوضحت الشركة الصينية عبر حسابها على إنستغرام أمس الجمعة أنها تعمل "على نهج جديد (...) من شأنه أن يتيح للجميع الحصول على فرصة أكثر إنصافا" لشراء هذه الدمى. وأعرب محبو "لابوبو" عن استيائهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وقالت إحدى المستخدمات إنها لم تتمكن من إنجاز طلبيتها بسبب خلل معلوماتي، وأرفقت منشورها بوجه "سمايلي" يجهش في البكاء. وطلب أحد المستخدمين من الشركة "تنظيم سحب قرعة" لإتاحة فرصة الحصول على إحدى هذه الدمى.(سكاي نيوز)


سيدر نيوز
منذ يوم واحد
- سيدر نيوز
ما هي دمية 'لابوبو' التي تغزو العالم، وكيف تفاعلت معها مواقع التواصل الاجتماعي؟
Jaydee انتشرت دمية 'لابوبو' بشكل واسع في جميع أنحاء العالم، وأصبحت حديث وسائل التواصل الاجتماعي بعد الجنون الدائر حول الرغبة في امتلاكها من قبل المشاهير والكبار قبل الصغار. لابوبو هي شخصية وحش غريب الأطوار ابتكرها الفنان كاسينغ لونغ المولود في هونغ كونغ، واشتهرت من خلال التعاون مع متجر الألعاب 'بوب مارت' البائع الرئيسي لها. وأصبحت هذه الدمية رائجة على 'تيك توك' بعد أن امتلكتها نجمات مثل ريهانا ودوا ليبا، وجعلتها جزءاً من الموضة الخاصة بهن. وفي العالم العربي، اقتحمت الدمية عالم الموضة من أوسع أبوابه، وتحول في وقتٍ قياسي إلى إكسسوار أساسي وهوس عالمي، وتفاعل معها رواد مواقع التواصل الاجتماعي بشكل واسع. ووثق الفنان المصري أحمد سعد ردة فعله بعد الحصول على الدمية عبر مقطع فيديو طريف نشره على منصاته الرسمية، ظهر فيه وهو يحمل 'لابوبو'، مُعلناً مشاركته في الترند الذي اجتاح منصات التواصل، خلال الآونة الأخيرة. وأضاف أحمد سعد ضاحكاً: 'الحمد لله لاقيته'، في إشارة ساخرة إلى صعوبة العثور على هذه الدمية. بدأت دمية 'لابوبو' كإكسسوار عصري، ثم تحولت إلى رمز فني وأيقونة موضة عالمية، وهو ما جعل البعض على مواقع التواصل الاجتماعي ينتقد مظهرها ويصفه بالـ 'مخيف' ولا يرغب في الحصول على الدمية. ظهرت 'لابوبو' لأول مرة في عام 2015، ضمن سلسلة 'The Monsters' المستلهمة من الأساطير الإسكندنافية، لكنها اكتسبت شهرتها العالمية في عام 2024 بعد ظهورها مع عضوة فرقة 'بلاكبينك' ليزا، وهو ما جعلها جزءاً من أسلوب حياة المشاهير في جميع أنحاء العالم. 'لابوبو هي طفلي'، قالتها ليزا في مقابلة مع مجلة (Teen Vogue)، لتشعل موجة شغف عالمية. وأبدى عدد كبير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي رغبتهم في الحصول على الدمية، مطالبين بتوفيرها بشكل أكبر وأسهل. تتميز دمية 'لابوبو' بعيونها الواسعة، وآذنيها المدببتين، وأسنانها البارزة، مما يمنحها مظهراً فريداً يجمع بين 'اللطف والغرابة'، بحسب ما يصفها محبوها. تُباع دمى 'لابوبو' في عبوات تُعرف بـ'الصناديق العمياء أو العشوائية'، حيث يظل محتوى العلبة مجهولاً للمشتري حتى لحظة فتحها. وتتراوح أسعار هذه الدمى في المتاجر الآسيوية بين 13 و16 دولاراً. ومع ذلك، فإنها تُعرض حالياً على منصات مثل 'StockX' و'eBay' بأسعار مرتفعة بشكل لافت، تتجاوز التوقعات. تُعرض بعض النماذج الشهيرة للدمية بسعر يصل لنحو 300 دولار، في حين قد تصل قيمة الإصدارات النادرة إلى 1580 دولاراً على موقع 'بوب مارت'. أما نموذج 'سيكريت' النادر جداً، والذي تبلغ فرصة الحصول عليه 1.4 في المئة فقط، فيُباع في المزادات الإلكترونية بسعر يصل إلى 1920 دولاراً. ومن ناحية أخرى، تباع نسخة 'بيغ انتو إنيرجي' على متجر أمازون بسعر 167 دولاراً للعلبة التي تحتوي على عدة دمى، أو 101 دولاراً للدمية الفردية. وعلى أمل الحصول على دمية نادرة أو حصرية، يصطف العديد من الأشخاص في طوابير طويلة تمتد لساعات أو حتى أيام. وبحسب صحف عالمية، اعتمدت شركة 'بوب مارت' استراتيجية تسويقية ذكية تقوم على مبدأ الإصدارات المحدودة وخلق شعور بالندرة، على غرار ما حدث مع دمى 'بيني بيبيز' في تسعينيات القرن الماضي. إذ تطلق كل مجموعة جديدة بعد حملة تشويقية، ثم تُسحب بسرعة من الأسواق، مما يعزز الطلب ويجعل من سوق المقتنيات جزءاً محورياً في خطط الشركة التسويقية. وما يميز 'لابوبو' هو أنها لا تستهدف الأطفال، بل تلقى رواجاً كبيراً بين البالغين. وتتصدر صورها حسابات مشاهير الموضة، وعلى منصات مثل تيك توك وإنستغرام، تحصد مقاطع 'فتح الصناديق' ملايين المشاهدات، بينما تنتشر وسوم مثل #Labubu لتوثيق تلك المقاطع، وغالباً ما تكون مزودة بأحذية بلاستيكية تُباع بسعر 22 دولاراً، وملابس مصممة خصيصاً. في بريطانيا، أبدى محبو دمى 'لابوبو' المنتشرة على نطاق واسع غضبهم عبر الإنترنت بعد أن سحبت الشركة المصنعة لها الألعاب من جميع المتاجر عقب تقارير عن تشاجر العملاء عليها. وقالت شركة بوب مارت لبي بي سي إنها أوقفت بيعها في جميع متاجرها الستة عشر حتى يونيو/حزيران 'لمنع أي مشاكل محتملة تتعلق بالسلامة'. قالت فيكتوريا كالفرت، إحدى الراغبات بشراء الدمية، إنها شهدت فوضى في متجر ستراتفورد بلندن. وأضافت: 'من المثير للسخرية أن تجد نفسك في موقف يتشاجر فيه الناس ويصرخون، وتشعر بالخوف'. 🛈 تنويه: موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً أو مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.


ليبانون 24
منذ 2 أيام
- ليبانون 24
بعد يوم واحد من الزفاف.. الفنان الشهير انفصل عن زوجته! (صورة)
تمّ خلال الساعات الماضية تداول أخبار على مواقع التواصل الاجتماعي عن انفصال مغني المهرجانات الشهير "مسلم" عن زوجته يارا تامر ، وذلك بعد من زفافهما. وانتشرت صورة منسوبة لحساب يارا عبر "إنستغرام"، تُوحي بانفصالهما حيث احتوى المنشور على صورة ليارا ومسلم، وكتب عليها: "تم الانفصال بيني وبين مسلم.. اشبعي بيه يا أروى"، ما أثار جدلًا واسعًا وتساؤلات بين المتابعين حول حقيقة الأمر. لكن بعض نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي أثبتوا بعد فحص الحساب الرسمي ليارا، أن الصورة غير موجودة، وأنها تمت فبركتها ولا تمت للحقيقة بصلة، وأن ذلك تم لإشعال موجة الجدل المستمرة، خصوصًا مع غياب أي تعليق رسمي من الطرفين بشأن الأنباء المتداولة. اللافت أن الجدل لم يتوقف عند الصورة، بل تصاعد أكثر بعدما ظهرت يارا في بث مباشر عبر "تيك توك"، تحدثت خلاله عن كواليس الزفاف، وأبدت انزعاجها من تصرفات إحدى البلوغر الحاضرات، التي اقتربت كثيرًا من زوجها أثناء الحفل، ما اعتبرته تصرفًا غير لائق، وأثار موجة جديدة من التكهنات حول وجود توتر مبكر بين العروسين.(لها)