logo
هل تجاوز العلم حدود الطبيعة؟ الألماس الصناعي بات الأكثر صلابة

هل تجاوز العلم حدود الطبيعة؟ الألماس الصناعي بات الأكثر صلابة

الجزيرة٠٦-٠٣-٢٠٢٥

يعزى أصل الألماس إلى عنصر الكربون النقي، كما يعد أكثر المواد الطبيعية صلابة على وجه الأرض، ذلك لأنه يتشكل في ظروف استثنائية تحت ضغط وحرارة هائلين، على عمق يتراوح بين 140 و190 كيلومترا حيث تصل درجات الحرارة إلى 1300-2000 درجة مئوية، وضغط هائل.
بيد أن العلماء لا يزالون يدفعون بحدود الممكن في مجال علم المواد للوصول إلى ما هو أقسى من ذلك، وقد تمكن مجموعة من الباحثين مؤخرا من تحقيق طفرة في تكوين الألماس الصناعي، مما أسفر عن إنتاج مادة فائقة الصلابة ذات بنية بلورية سداسية، تختلف عن البنية المكعبة التقليدية التي تميز الألماس الطبيعي.
وجاء تحقيق ذلك من خلال تعريض مادة الغرافيت لضغط هائل، ثمّ تسخينه إلى 1527 درجة مئوية، والنتيجة كانت ألماسا يفوق الألماس الطبيعي في الصلابة، وهو ما قد يحدث ثورة في التطبيقات الصناعية والتكنولوجية.
ويُعرف هذا النوع من الألماس السداسي أيضا باسم الـ"لونسداليت"، وقد تعرف عليه العلماء لأول مرة قبل أكثر من 50 عاما في مواقع اصطدام النيازك القديمة.
ومع ذلك، ظلت إمكانية استخدامه ضمن النطاق النظري إلى حد كبير، نظرا لصعوبة إنتاج عينات نقية منه، لكن الدراسة الحديثة المنشورة في دورية "نيتشر ماتريالز"، قدمت دليلا قاطعا على تفوق صلابته، كما أنها تمثل خطوة مهمة نحو فهم كيفية تصنيعه في البيئة الملائمة.
وقد أظهرت النتائج أن الألماس الصناعي الجديد يتمتع بصلابة تصل إلى 155 غيغا باسكال، وهو ما يتجاوز بكثير الحد الأقصى لصلابة الألماس الطبيعي، البالغ 110 غيغات باسكال.
الآفاق الصناعية المستقبلية
إلى جانب تحطيمه للأرقام القياسية في الصلابة، يتميز هذا الألماس السداسي بثبات حراري استثنائي، إذ يبقى متماسكا حتى درجة حرارة تصل إلى 1100 درجة مئوية، وهو تحسن ملحوظ مقارنة بما يُعرف بـ"الألماس النانوي"، الذي يتحلل عند 900 درجة مئوية.
وعلى الرغم من أن الألماس الطبيعي يمكنه تحمل درجات حرارة أعلى، فإنه يتطلب بيئة مفرغة من الهواء لتحقيق ذلك، مما يجعل الشكل الصناعي الجديد واعدا بشكل خاص للتطبيقات العملية.
ولطالما شكل نقاء العينات الصغيرة عقبة رئيسة أمام استخدام الألماس السداسي، فإن الباحثين نجحوا الآن في اكتشاف طريقة أكثر فعالية لإنتاجه، وذلك عبر زيادة الضغط أثناء تحويل الغرافيت إلى ألماس. ويفتح هذا النهج آفاقا جديدة لإنتاجه على نطاق واسع، مما قد يجعله عنصرا أساسيا في صناعات مثل الحفر والتنقيب، وصناعة الآلات، وتخزين البيانات.
وهذه ليست المرة الأولى التي يحاول فيها العلماء إنتاج الألماس ذي البنية السداسية في المختبر، ففي عام 2016، نجح فريق بحثي في تصنيعه باستخدام الكربون غير المتبلور، وهو مادة لا تمتلك بنية محددة. لكن الطريقة الجديدة تقدم فهما أعمق لكيفية ضبط وتطوير تكوين هذا الألماس فائق الصلابة، مما يجعله أكثر قابلية للتطبيقات المستقبلية.
ورغم الحاجة إلى مزيد من الأبحاث قبل أن يصبح الإنتاج على نطاق واسع ممكنا، فإن هذا الاكتشاف يمثل قفزة نوعية في علم المواد. ومع استمرار العلماء في تحسين عمليات التصنيع، قد يصبح الألماس السداسي عنصرا أساسيا في الجيل القادم من الأدوات الصناعية عالية الأداء والتقنيات المتقدمة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

أعشاب البحر.. مخازن الكربون التي تتعرض للتآكل
أعشاب البحر.. مخازن الكربون التي تتعرض للتآكل

الجزيرة

time١٤-٠٥-٢٠٢٥

  • الجزيرة

أعشاب البحر.. مخازن الكربون التي تتعرض للتآكل

الأعشاب البحرية هي نباتات بحرية مزهرة تنمو في المياه الضحلة في أجزاء شتى من العالم، من المناطق المدارية إلى الدائرة القطبية الشمالية، وتؤدي هذه النباتات البحرية البسيطة دورا بالغ الأهمية باعتبارها أحواضا كبيرة للغازات الدفيئة، لكن مساهمتها المهمة في التخفيف من تغير المناخ معرضة للخطر. ومن خلال تحليلات قاعدة بيانات عالمية شاملة تضم أكثر من 2700 عينة من تربة الأعشاب البحرية وجد الباحثون في دراسة نشرت بمجلة "نيتشر" أنها تحتجز كميات كبيرة ولكن متفاوتة من المواد العضوية تحت شفراتها الرقيقة، وتعمل كحواجز طبيعية ضد ارتفاع مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي. تزدهر أعشاب البحر بالقرب من السواحل، وغالبا ما تواجه التلوث، وجريانا مفرطا للمغذيات وزيادة في الرواسب. ورغم هذه التحديات، تواصل هذه الأعشاب امتصاص الكربون وتخزينه في جذورها والتربة المحيطة بها. كما توفر موائل رئيسية للأسماك، وتسهم في حماية السواحل من التآكل. وتعتمد العديد من الكائنات البحرية عليها للتكاثر والتغذية، مما يجعل الحفاظ عليها أمرا ضروريا للحفاظ على التنوع البيولوجي. ورغم أنها تشغل جزءا صغيرا من قاع البحر، فإنها تحتفظ بنسبة كبيرة من الكربون في تربتها وكتلتها الحيوية، وقد تخزن كربونا عضويا أكثر مما تخزنه بعض الغابات على اليابسة. وتشير الدراسة إلى أن مساهمة الأعشاب البحرية المهمة في التخفيف من تغير المناخ معرضة للخطر لأنها آخذة في الانخفاض عالميا، وقد يؤدي فقدانها إلى تفاقم تغير المناخ من خلال تقليل قدرة عزل الكربون، مما يؤدي إلى تقليص الحاجز الطبيعي المحدود بالفعل ضد انبعاثات غازات الاحتباس الحراري المتزايدة. وأظهرت الدراسة أن الطبقة العليا من تربة الأعشاب البحرية بعمق 4 سنتيمترات تحتوي في المتوسط على نحو 24.2 طنا متريا من الكربون العضوي لكل 9 كيلومترات تقريبا. وكان يُعتقد سابقا أن هذه الأعشاب تكون مخزونا كبيرا من الكربون فقط في مناطق أو أنواع محددة. لكن البيانات الجديدة تُظهر أن حتى الأنواع الصغيرة أو قصيرة العمر قد تخزن كميات كبيرة من الكربون تحت سطح التربة في بعض المواقع، مما يعني أن التدابير الوقائية يجب أن تشمل حتى المناطق ذات الأعشاب القليلة أو الأقل كثافة. وأشار مؤلفو الدراسة إلى أن النباتات الدائمة ذات الأنظمة الجذرية المتينة غالبا ما تُراكم كميات أكبر من الكربون المدفون. ومع ذلك، فإن الأنواع سريعة النمو في البيئات الغنية بالرواسب يمكن أن تجمع أيضا كميات كبيرة من الكربون إذا توفرت الظروف المناسبة. نظام بيئي يتآكل تشهد مواطن الأعشاب البحرية تراجعا عالميا نتيجة التنمية الساحلية وتلوث المياه والصيد باستخدام شباك الجر القاعية، مما يُؤثر سلبًا على قدرتها على تخزين الكربون. ويشير برنامج الأمم المتحدة للبيئة إلى أن الأعشاب البحرية هي من أقل النظم البيئية حماية، وهي تتناقص على مستوى العالم منذ عقود. وتشير التقديرات الأخيرة إلى أن 7% من هذه الموائل البحرية الرئيسية يتم فقدانها في جميع أنحاء العالم سنويا، وهو ما يعادل فقدان مساحة ملعب كرة قدم من الأعشاب البحرية المفقودة كل 30 دقيقة. وعندما تموت النباتات، تصبح طبقاتها المدفونة عرضة للأمواج والتيارات، مما يؤدي إلى تأكسد المادة العضوية وإطلاق كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون، مما يُشكل تحديا حقيقيا أمام جهود الحد من الانبعاثات. وقد تترتب على فقدان هذه الموائل تكلفة اقتصادية عالية، إذ تشير التقديرات إلى أن انبعاثات الكربون الناتجة عنها قد تكلّف نحو 213 مليار دولار عند احتساب 'التكلفة الاجتماعية' للانبعاثات. وتشير الدراسة إلى أن فقدان وتدهور الأعشاب البحرية وغيرها من المركبات العضوية المتطايرة يعرض أيضا منظمة الكربون المخزنة في التربة الأساسية للخطر، حيث قد يتآكل بعضها ويعاد تعليقها وتمعدنها، مما يحول مخزونات منظمة الكربون المتراكمة على مدى قرون إلى مصدر جديد لانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري. ويتفق العلماء على أن رسم خرائط دقيقة لتوزيع الأعشاب البحرية أمر حيوي، خاصة أن العديد من المروج تظل غير مكتشفة في المناطق النائية، ولا توثّق بعض الأنواع إلا بشكل محدود. ويساعد توفر صورة أوضح على توجيه جهود الحماية بفعالية أكبر.

علماء يقترحون محاصيل معدلة وراثيا لخفض انبعاثات الكربون
علماء يقترحون محاصيل معدلة وراثيا لخفض انبعاثات الكربون

الجزيرة

time٠٦-٠٥-٢٠٢٥

  • الجزيرة

علماء يقترحون محاصيل معدلة وراثيا لخفض انبعاثات الكربون

توصل باحثون من جامعة كاليفورنيا إلى أن المحاصيل النباتية المحسنة وراثيا التي تتميز بجذور مكبرة تمثل حلا مثاليا لتحقيق الامتصاص المطلوب من ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي. وحسب دراسة جديدة، يمكن لما تسمى "المحاصيل المُعززة بالكربون" -خلال 13 عاما من اعتمادها لأول مرة- إزالة ما بين 0.9 غيغا طن و1.2 غيغا طن سنويا، وهي كمية أكبر بنحو 7 أضعاف من إجمالي تعويضات ثاني أكسيد الكربون المُقدمة حاليا للسوق العالمية. وركز الباحثون من معهد سكريبس لعلوم المحيطات وكلية السياسات والإستراتيجية العالمية بجامعة كاليفورنيا في سان دييغو على فئة من المحاصيل المعدلة ذات القدرة العالية على التوسع السريع، التي يمكنها امتصاص وترسيب كربون أكثر ديمومة في أنظمتها الجذرية وتخزينه في التربة المحيطة، والتي أطلقوا عليها اسم "المحاصيل المُعزّزة بالكربون". وتُقارن الدراسة الجديدة بين هذا الحل الزراعي بأساليب أخرى مقترحة لإزالة ثاني أكسيد الكربون، وذلك كوسيلة لتوضيح ما يجب فعله لمعالجة أزمة المناخ على نطاق عالمي. وقد استخدم فريق البحث تاريخ التعديل الوراثي لتكوين فكرة عن المدة التي قد تستغرقها "المحاصيل المحسّنة" بالكربون للانتشار على نطاق واسع. وحسب الدراسة، يمكن للمحاصيل المحسنة أن تتكاثر بسهولة أكبر داخل صناعة زراعية ناضجة ذات سجل حافل من الابتكار والقدرة على توسيع نطاق الممارسات والتقنيات الجديدة، على الرغم من التركيز عادة على العائد بدلا من كميات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي. ولفهم كيفية توسيع نطاق استخدام المحاصيل المعززة بالكربون، نظر الباحثون إلى ابتكارات أخرى من الماضي أدت إلى تحسين المحاصيل، مثل إنشاء الهجائن، واستخدام المبيدات الحشرية، وتحسين الأسمدة، وتناوب المحاصيل. حلول قيد الدرس وقال المؤلفون إن الإستراتيجيات الأخرى تستغرق وقتا حتى تنضج، لأنها تعتمد على إنشاء صناعات جديدة من الصفر، كما أنها تتطلب سنوات من الاختبار لضمان نجاحها على النحو المتوقع دون المخاطرة بعواقب غير مقصودة. ووجدوا أن الابتكار الجديد قد حقق تقدما أسرع بكثير من الابتكارات الأخرى بفضل بنية تحتية راسخة للمعرفة والتسويق داخل قطاع الزراعة. وقد قدر العلماء الذين ساهموا في الدراسة إذا كان للمجتمع أن يحظى بفرصة مواجهة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية، فإنه يتعين عليه أن يجد طريقة لإزالة ما بين 5 إلى 16 مليار طن من الغازات المسببة للاحتباس الحراري كل عام. ووجد العلماء الذين أجروا الدراسة أنه في الدول التي تسمح بالمحاصيل المُعدلة وراثيا، استغرق الأمر 11 عاما في المتوسط للانتقال من التبني المبكر إلى الاستخدام الواسع النطاق. وقالت الباحثة الرئيسية في الدراسة فاجياني دياس، وهي خبيرة المناخ في معهد سكريبس لعلوم المحيطات، إن "هناك إجماعا في المجتمع العلمي على أنه سيتعين علينا توسيع نطاق إزالة ثاني أكسيد الكربون بشكل كبير للوصول إلى صافي الصفر، بالإضافة إلى الحد بشكل كبير من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري". وتقدم الدراسة تحليلا لتحديات توسيع نطاق إزالة ثاني أكسيد الكربون، وتقترح إطار عمل لتقدير مدى سرعة ومدى إمكانية توسيع نطاق التقنيات الناشئة، التي تتسم بقدر كبير من عدم اليقين، مشيرة إلى أن عدم القيام بذلك في الوقت المناسب يُعرّض الكوكب لخطر تغيرات مناخية كارثية، وفشل المحاصيل، وانتشار الأمراض. ولا تسمح جميع الدول بزراعة المحاصيل المعدلة وراثيا، وخاصة المحاصيل الغذائية، ولم ينتشر هذا التعديل إلا في حوالي 13% من إجمالي الأراضي الزراعية في العالم. وقد يواجه استخدام المحاصيل المُعززة بالكربون سقفا مماثلا ما لم تُقدَّم حوافز، مثل أرصدة الكربون، للدول التي تتبنى هذه الممارسة. وتشير الدراسة إلى أن فوائد المحاصيل المُحسنة بالكربون كبيرة، لكنها لن تكون كافية بمفردها، وترى دياس أن جميع هذه الجهود يجب أن تكون جزءا فقط من جهد عالمي لإزالة الكربون. ووصلت كمية الانبعاثات العالمية من ثاني أكسيد الكربون إلى مستوى قياسي بلغ 36.8 مليار طن متري عام 2023، وتشير دراسات جديدة إلى أن الغابات المطيرة والنظم البيئية الأرضية الأخرى تعاني من ضغوط شديدة بسبب ارتفاع درجات الحرارة والجفاف، مما أثر على قدرتها على امتصاص الكربون.

نشأت قبل الأهرامات.. تعرّف على أقدم شجرة بالعالم
نشأت قبل الأهرامات.. تعرّف على أقدم شجرة بالعالم

الجزيرة

time٠٣-٠٥-٢٠٢٥

  • الجزيرة

نشأت قبل الأهرامات.. تعرّف على أقدم شجرة بالعالم

تُعد شجرة صنوبر بريستلكون بمنطقة الحوض العظيم في شرق كاليفورنيا بالولايات المتحدة، والمعروفة باسم "ميثوسيلا" (Methuselah)، أقدم كائن حي على وجه الأرض. ووفقا لبيانات حلقات الأشجار، فقد نشأت عمليا قبل بناء الأهرامات في مصر ولا تزال تقاوم متغيرات المناخ والزمن. وحسب تقرير لمجلة فوربس، يبلغ عمر "ميثوسيلا" 4853 عاما، وذلك يعني أنها كانت راسخة منذ زمن بناء المصريين القدماء لأهرامات الجيزة، وعاصرت إمبراطوريات ظهرت ثم اندثرت، وهي تحمل حتى الآن الرقم القياسي لأقدم شجرة غير استنساخية في العالم (شجرة تنمو ككيان واحد) مع عمر مؤكد. وطوال عقود من الزمن، احتفظت دائرة الغابات الأميركية بالموقع الدقيق لشجرة "ميثوسيلا" سرا لحمايتها من التخريب، واستمر ذلك حتى عام 2021، عندما تسربت صورة شجرة الصنوبر المعمرة للجمهور. ولتحديد عمر الشجرة، استخدم عالم تحديد عمر الأشجار إدموند شولمان أداة لاستخراج قلب رفيع من شجرة حية من دون قتله. وبتحليل الحلقات المتحدة المركز في القلب، تمكن من حساب ما لا يقل عن 4853 عاما من النمو، وكان هذا عمرا قياسيا مقارنة بالحدود المعروفة لطول العمر الشجري. ومثلت شجرة الصنوبر العتيقة مفارقة نباتية؛ من خلال النمو ببطء في البيئات المعادية التي تراوح بين البرودة والحرارة، وقدرتها على الازدهار في هذه البيئة القاسية من درجات الحرارة المتجمدة والتربة القاحلة والرياح الدائمة تقريبا. فهي كغيرها من أشجار الصنوبر، تستمد قوتها من أكثر طبقات الحجر الجيري والصخور الكربونية هشاشة، مما يعتبر تربة خصبة في المرتفعات العالية. كما أن فروعها الملتوية والمعقدة، التي تشكلها تيارات هواء الجبل السريعة الحركة، توفر الاستقرار وتقلل من خطر الكسر أثناء العواصف. وتوفر جذور هذه الأشجار الغذاء فقط للجزء المحدد من الفروع التي تعلو مباشرة بشكل فريد، وهذا يضمن أنه عند موت جذر بسبب التعرض، فإن الجزء المقابل من الشجرة فقط يتأثر، فيسمح ذلك لبقية الأشجار بمواصلة النمو. وثيقة مناخية قد تحمل "ميثوسيلا" اللقب الرسمي لأقدم شجرة في العالم اليوم، إلا أنها تجد منافسة في حديقة أليرس كوستيرو الوطنية في تشيلي، إذ قد تكون شجرة السرو "فيتزرويا كوبريسويد" المعروفة أيضا باسم "غران أبويلو"، أو "الجد العظيم"، وريثا محتملا للقب أقدم شجرة معروفة على وجه الأرض. وقدر عالم المناخ جوناثان باريشيفيتش استنادا إلى العينات الأساسية الجزئية والنمذجة الإحصائية أن الشجرة يبلغ عمرها 5484 عاما، أي إنها أقدم بنحو أكثر من 6 قرون من "ميثوسيلا"، ومع ذلك لا يزال الادعاء غير مثبت علميا. وحتى الآن، تعد "ميثوسيلا" أقدم شجرة حية غير مستنسخة تم التحقق منها اليوم، وهي تسرد قصة مرونة الطبيعة، وكيف يتكيف العالم الطبيعي ضد كل الصعاب عبر آلاف السنين. فمهما كانت أعمارها الدقيقة، فإن هذه الأشجار العتيقة تُخبرنا بالكثير عن مناخنا المتغير، إذ تحمل كل حلقة من حلقاتها بيانات مناخية من سنة نموها، مما يُمكّن الباحثين من إنشاء نماذج مناخية دقيقة تعود لآلاف السنين، بما في ذلك الأدلة على تقلبات درجات الحرارة، وتغير هطول الأمطار، وحتى الانفجارات البركانية الكبيرة. ولأن الأشجار القديمة مثل "ميثوسيلا" تنمو على ارتفاعات عالية، فإنها قد تكون عرضة لتقلبات طفيفة في درجات الحرارة، مما يجعلها وثيقة تأريخية دقيقة لأنماط الطقس في العالم. ولا تُقدم الأشجار أدلة على المناخ في الماضي فحسب، بل تلعب دورا حاسما في مكافحة تغير المناخ اليوم. وتساعد الغابات بأشجارها المعمرة على استقرار درجات الحرارة العالمية من خلال احتجاز الكربون المُسبب لاحتباس الحرارة في جذورها وتربتها.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store