
رحلة إلى محضة.. عبق الذكريات وعِبر الزمن
محمد بن أنور البلوشي
"لنخطط للذهاب إلى محضة هذا الخميس"، قالت زوجتي بحماس في صوتها.
"إنها بالفعل فكرة جيدة أن نذهب إلى محضة"، أجبتها، وأنا أشعر بموجة من الحنين تجتاحني. محضة ليست مجرد مكان؛ إنها حيث تكمن كنوز ذكرياتي. كل زاوية في تلك البلدة تحمل ارتباطًا خاصًا بالنسبة لي، لمسة شخصية تجعلها عزيزة على قلبي.
بدأت الرحلة في الصباح الباكر، بعد صلاة الفجر مباشرة، من المعبيلة. امتدت الطرق أمامنا، تدعونا إلى المغامرة. قررنا أن نأخذ وقتنا، ونستمتع بمشاهدة مختلف الأماكن في منطقة الباطنة على طول الطريق.
مررنا ببركاء، والسويق، وصحم، وصحار، وفلج القبائل، حيث مرت هذه الأماكن أمامنا وكأنها صفحات من كتاب، لكل منها قصته الخاصة.
"القيادة لمسافات طويلة دون موسيقى ستكون مملة"، قلت وأنا أشغل نظام الموسيقى.
هزّت زوجتي رأسها موافقة، واخترنا الاستماع إلى الأغاني البلوشية للفنان نورال. أول أغنية تم تشغيلها كانت "جمبر، جمبر ساج شراب"، وهي قصيدة جميلة للشاعر الراحل
جل محمد وفا
. كان الشاعر يناجي الغيوم، طالبًا منها أن تمطر خمرًا بدل الماء. كانت الكلمات شاعرية، مليئة بالشوق والمشاعر العميقة، مما جعل الرحلة أكثر متعة.
وأثناء مواصلة القيادة، نظرت إلى نظام الملاحة وقلت: "بعد خمس دقائق سننعطف يمينًا باتجاه محضة."
"إذًا نحن قريبون الآن؟" سألت زوجتي، وهي تنظر من النافذة محاولة التقاط أول لمحة للبلدة.
"نعم، سيستغرق الأمر حوالي عشرين دقيقة أخرى للوصول إلى وجهتنا"، قلت، وأنا أشعر بزيادة في الترقب.
وبالفعل، وصلنا بعد قليل. كان أول مشهد استقبلنا هو الحصن الذي يقف شامخًا على يميننا. كان هيكلًا رائعًا، يذكرني بتاريخ المكان وتراثه.
"هل يمكنك التقاط صورة؟" طلبت من زوجتي.
ابتسمت وأخرجت هاتفها بسرعة. "تم! يبدو رائعًا."
أثناء القيادة، أشرت إلى تلة في المسافة. "تلك هي التلة التي كنت أذهب إليها وأجلس عليها عندما كنت في المدرسة. كانت ملاذي، مكاني الهادئ."
"هل تود الذهاب إليها مجددًا؟" سألتني.
فكرت في الأمر للحظة ثم هززت رأسي. "لا، أعتقد أنني أفضل الاحتفاظ بالذكرى كما هي. لكن دعينا نلتقط صورة لمنزلنا القديم."
وافقت، وأخذنا بعض الصور. كان المنزل لا يزال قائمًا، يحمل في جدرانه دفء الأيام التي قضيناها فيه. وبينما تجولنا في المنطقة، لاحظت بعض التغييرات. تم بناء المزيد من المساجد، وهناك دلائل على التطوير الجديد. ومع ذلك، فإن جوهر محضة ظل كما هو.
مررنا بالمركز الصحي الذي كان يقع مقابل مدرستي القديمة، يزيد بن المهلب، حيث درست في الصفوف الخامس والسادس والسابع والثامن. أعاد لي المشهد سيلًا من الذكريات.
"لن أنسى أبدًا ذلك الملعب"، قلت مشيرًا إليه. "لا يزال هناك، بجوار منزلنا. كان ذلك المكان الذي لعبت فيه مع أصدقائي، حيث كنا نهتف ونحتفل بانتصاراتنا الصغيرة."
ابتسمت زوجتي وهي تستمع. "لا بد أنه من الجميل أن ترى أن بعض الأشياء لا تتغير."
أومأت برأسي، وأنا أشعر بالامتنان للذكريات التي لا تزال حية في تربة هذه البلدة.
كانت محطتنا التالية البريمي، والتي كانت تبعد فقط عشرين دقيقة عن محضة. عند دخولنا المدينة، كانت الشوارع تعج بالحركة. كان السوق ينبض بالحياة، حيث ينادي البائعون على الزبائن ويتحرك الناس في روتينهم اليومي.
"هذا المكان كان دائمًا مزدحمًا"، علقت بينما كنت أتنقل بين الشوارع.
"هل نبقى الليلة أم نعود إلى المنزل؟" سألت زوجتي، متأملة خياراتنا.
ناقشنا الأمر لفترة، ووزنا خياراتنا. كان من المغري قضاء الليلة في البريمي، لكن نداء المنزل كان أقوى.
"لنتناول الغداء أولًا، ثم نقرر"، اقترحت.
وجدنا مطعمًا دافئًا واستمتعنا بوجبة شهية. وبينما كنا نجلس هناك، يملأ الهواء عبير الطعام الطازج المطهو، اتخذنا قرارنا النهائي.
"لنعد إلى المنزل"، قالت زوجتي، ووافقتها الرأي. "كانت هذه الرحلة أكثر عن إعادة زيارة الذكريات من تمديد إقامتنا."
وأثناء العودة، بدأ غروب الشمس يرسم سماء المساء بوهج ذهبي. كانت الرحلة ذات معنى، فقد أعادت لي ذكريات غالية وعززت من علاقتنا. لقد رحبت بي محضة مرة أخرى كصديق قديم، وعرفت أنني سأعود إليها مرة بعد مرة، لأستعيد الماضي وأحتضن الحاضر.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صوت الأمة
منذ 25 دقائق
- صوت الأمة
نهضة بركان يتوج بلقب الكونفدرالية الأفريقية 2025 على حساب سيمبا التنزاني
توج فريق نهضة بركان المغربي بلقب كأس الكونفدرالية الأفريقية لموسم 2024-25، بعد تعادله خارج الأرض أمام سيمبا التنزاني بهدف لمثله، في اللقاء الذي جمع الفريقين مساء اليوم الأحد، ضمن إياب نهائي البطولة، مستفيدًا من فوزه ذهابًا بهدفين دون رد. نادي سيمبا ضد نهضة بركان افتتح الفريق التنزاني التسجيل مبكرًا في الدقيقة 17 عبر اللاعب جوشوا موتالي، مستغلًا ارتباكًا دفاعيًا في صفوف ممثل الكرة المغربية، الذي وجد صعوبة في خلق فرص حقيقية خلال مجريات الشوط الأول. مع انطلاقة الشوط الثاني، حاولت كتيبة المدرب التونسي معين الشعباني العودة في النتيجة، وازدادت حظوظها بعد طرد لاعب سيمبا يوسف كاغوما في الدقيقة 50، ما منح الفريق المغربي أفضلية عددية. ورغم محاولات نهضة بركان المتكررة للعودة، فإن دفاع سيمبا ظل متماسكًا، بل إن الفريق التنزاني تمكن من هز الشباك مجددًا في الدقيقة 73 عن طريق ستيفن موكوالا، إلا أن الحكم ألغى الهدف بداعي التسلل. وبهذه النتيجة، يستفيد نهضة بركان من فوزه في مباراة الذهاب بنتيجة 2-0 على ملعبه، ليتوّج باللقب القاري الثالث في تاريخه بعد نسختي 2020 و2022، ويؤكد مكانته كواحد من أبرز أندية القارة في السنوات الأخيرة. كما سيخوض نهضة بركان مواجهة كأس السوبر الإفريقي المقبلة ضد بطل دوري أبطال إفريقيا، في لقاء مرتقب يجمع بطلي المسابقتين القاريتين. بينما جاء تشكيل نهضة بركان كالتالي: حراسة المرمى: منير المحمدي الدفاع: مامادو كامارا – إيسوفو دايو – عادل طاهف الوسط: أيوب خيري – أسامة المليوي – ياسين لبحيري – عماد رياحي – يوسف ميهري الهجوم: حمزة الموساوي وجاء تشكيل سيمبا التنزاني كالتالي: حراسة المرمى: موسى كامارا الدفاع: محمد حسيني – جوديبور – كارابويه – كابومبي الوسط: تشارلز أهوا – فابريس نجوما – يوسف كاجوما الهجوم: جوشوا موتالي – ستيفن موكوالا – نبانزو كيبيساوالا


تونسكوب
منذ 25 دقائق
- تونسكوب
وزير الداخلية يعاين معبر ذهيبة – وازن وعودة الأشغال بنسبة إنجاز بلغت 80%
أدّى وزير الداخلية خالد النوري زيارة ميدانية إلى ولاية تطاوين، شملت تفقد معبر ذهيبة – وازن الحدودي ، حيث عاين نسق الحركة التجارية وحركة المسافرين وظروف العمل بالمعبر، بالإضافة إلى متابعة مدى تقدم أشغال إعادة التهيئة التي انطلقت منذ سنة 2016. وخلال زيارته، استمع الوزير إلى مشاغل عدد من أهالي ذهيبة، خاصة في ما يتعلّق بتأخّر استكمال أشغال المعبر، الذي يُعدّ شريانًا حيويًا للتنقل والتبادل التجاري بين تونس وليبيا. وفي تصريح لموزاييك، أكّد مصدر رسمي أن المعبر يشهد نشاطًا تجاريًا كثيفًا، حيث تعبره يوميًا حوالي 300 شاحنة تجارية، وأكثر من 1200 مسافر و500 سيارة سياحية ، مما يعكس أهميته الاستراتيجية. من جهته، كشف المدير الجهوي للتجهيز بتطاوين رضوان حسين أن صفقة الأشغال أُسندت مؤخرًا إلى مقاول جديد، بعد فسخ العقد مع المقاول السابق في 7 سبتمبر 2023. وأضاف أن المقاول الجديد سينطلق في استكمال الأشغال فور توفير الاعتمادات، مشيرًا إلى أن نسبة التقدّم الحالية تبلغ 80 %. ويُذكر أن مشروع إعادة تهيئة المعبر انطلق منذ 2016 ، إلا أنه شهد تأخرًا تجاوز الست سنوات ، ما أثار استياء السكان والفاعلين الاقتصاديين في الجهة. وتُعوّل المنطقة على استكمال المشروع لدفع عجلة التنمية وتسهيل حركة التبادل الحدودي.


Sport360
منذ 26 دقائق
- Sport360
أتلتيكو مدريد ينهي موسمه مفترساً جيرونا برعاية سورلوث
سبورت 360 – أنهى فريق أتلتيكو مدريد موسمه في الدوري الإسباني بافتراس مضيفه، جيرونا، برباعية دون رد، في اللقاء الذي جمع بينهما مساء الأحد، ضمن منافسات الجولة 38 من المسابقة. ويدين رجال الأرجنتيني دييجو سيميوني للنجم النرويجي الدولي أليكسندر سورلوث في هذا الانتصار العريض، حيث دون بمفرده ثلاثة أهداف 'هاتريك' من رباعية فريقه. الشوط الأول انتهى كما بدأ، بدون أهداف، رغم تعدد المحاولات من كلا الفريقين، إلا أنها لم تكن بالجدية والدقة اللازمتين لهز الشباك. وعقب الاستراحة، تمكن سورلوث من فض عذرية الشباك بهدف في الدقيقة 68، من صناعة زميله رودريجو دي بول، قبل أن يحسم الفرنسي كليمو لونجليه الأمور بهدف ثان في الدقيقة 87. وكرر سورلوث زيارته للشباك الكتالونية موقعاً على الهدف الثالث لفريقه بالدقيقة 90 بأسيست من كونور جالاجر، قبل أن يبصم على الهاتريك الشخصي بهدف رابع، في الدقيقة 93، وهذه المرة كانت الصناعة باسم خوليان ألفاريز. فوز يرفع به أتلتيكو رصيده للنقطة 76 في المركز الثالث بالجدول، بينما ينهي جيرونا موسمه في المرتبة 16 برصيد 41 نقطة.