
طفولة تُزف إلى المجهول.. قاصر تتزوج عُرفيًا من شاب مصاب بـ "متلازمة داون" بالشرقية .. التفاصيل الكاملة
الزواج ميثاقٌ غليظ، لا يقوم على الورق وحده، بل يُبنى على دعائم من التفاهم، والمودّة، والرحمة، فهو شراكة عُمر ومسؤولية تُلقى على عاتق رجل وامرأة بلغا من النضج ما يؤهلهما لتحمّل صعابه، وتدبير شؤونه، وإقامة أسرة مستقرة تُرفرف عليها سكينة النفس وطمأنينة الروح، وقد قال الله تعالى في كتابه العزيز{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا، وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً}[الروم: 21]، فهل تُبنى هذه السكينة على جهل، أو على قهر، أو على تجريد أحد طرفي العلاقة من أهليته الفطرية أو العقلية؟
ولعل ما شهدته محافظة الشرقية في مصر من واقعة تزويج فتاة لم تبلغ الخامسة عشرة من عمرها بشاب مصاب بمتلازمة داون، في مشهدٍ صادم تم توثيقه بالصوت والصورة، يثير في النفس حزناً عميقاً وتساؤلاً مشروعاً، أية مودة تلك؟ وأية رحمة؟ وأين التفاهم والعقل والإدراك في علاقة طرفاها عاجزان – أحدهما بحكم السن، والآخر بحكم الإعاقة – عن إدارة ذواتهم، فكيف بإدارة بيت وأسرة وتحمل مسئولية أطفال؟
إن العروس الطفلة، نعم هي طفلة بحكم القانون والعرف والشرع، لم تتشكل شخصيتها بعد، ولم تدرك جوهر الزواج ومسؤولياته، بل وربما لم تعرف بعد كيف تفرّق بين الحب واللعب، بين الحلم والحقيقة، أما العريس، وإن كان بالغاً من حيث العمر، إلا أنّ متلازمة داون التي وُلد بها قد أثرت في كثير من الحالات على قدراته الإدراكية، ومستوى فهمه الاجتماعي، ومهارات تواصله، ما يطرح تساؤلاً مؤلماً، هل كان واعياً بما أُقدم عليه؟ وهل هو قادر على الحياة الزوجية أصلاً؟ أم أن ما جرى لم يكن زواجاً بل مشهداً تمثيلياً فُرض عليهما قسرًا، ودفع ثمنه كلاهما، وأولهما تلك الطفلة البريئة؟
لا يمكن النظر إلى ما جرى من باب الشفقة، ولا من باب التقاليد، بل هو انتهاك صارخ لحقوق الطفولة والإنسانية، واستهانة مروّعة بالعقل والدين والقانون، فكيف ارتضى الوالدان أن يضحّيا بابنتهما في صفقة لا تُفهم دوافعها، ولا تُقبل مبرراتها؟ وكيف غاب عنهم أن الزواج ليس فستاناً أبيضاً وزفّةً وتهليلًا، بل مسؤولية وجدية وشراكة متكافئة تقوم على وعي متبادل ورضا حقيقي؟
لقد آن الأوان أن نُعيد ترتيب أولوياتنا كمجتمع، وأن نُفهم الناس أن الزواج ليس هدفاً في ذاته، بل وسيلة لبناء إنسان سويّ، وأسرة مستقرة، ومجتمع سليم، فلا تُبنى هذه الغايات الكبرى على أشلاء الطفولة، ولا على حساب ذوي الإعاقة، فالرحمة الحقة لا تكون في تزويج من لا يُدرك الزواج، بل في حمايتهم من الأذى، وصونهم من الاستغلال، وهذا نداء عقلٍ وضمير، قبل أن يكون نداء قانون.
العروس الباكية وعريس متلازمة داون
فرح أم مأساة.. حين يختلط العجز بالإجبار.. من يحمي الضعفاء من الضعفاء؟
تباشر نيابة الصالحية الجديدة بمحافظة الشرقية، التحقيقات في البلاغ المقدم من المجلس القومي للطفولة، بشأن زواج فتاة من شاب مصاب بمتلازمة داون، حيث حضر العروسان وأسرتيهما، وجاري التحقيقات بالواقعة بحضور مسئول حماية الطفل.
وأكد صبري عثمان مدير عام الإدارة العامة لنجدة الطفل بالمجلس القومي للطفولة والأمومة، أن قصة زواج الأشخاص ذوي الهمم من عدمه ليست من اختصاصات المجلس، ولكن وفقًا للشرع فيحق للمجنون الزواج، ويحق لذوي الهمم الزواج، ولكن المجلس مسؤول عن الأطفال، وأن العروسة في واقعة عريس متلازمة داون طفلة.
وأضاف "عثمان" أن الطفلة "العروسة" تبلغ من العمر 15 عامًا، وسن العريس 25 عامًا، وأنها من مركز الحسينية بمحافظة الشرقية، موضحا أن النيابة العامة بحثت في الأمر وكشفت أن العروسة طفلة، ولفت إلى أن الزواج للأطفال يكون زواج عرفي، لأنه لا يتم التوثيق، إلا في السن القانوني لتوثيق عقد الزواج يكون لمن بلغت 18 عامًا، معتبرا أن الواقعة الأخيرة مخالفة وتضرر بصحة الطفلة.
ومن جانبه، كشف مسئول خط حماية الطفل بالشرقية، انه فور رصد الواقعة المنتشرة علي مواقع التواصل الاجتماعي، تم ابلاغ النيابة العامة، لاتخاذ الإجراءات القانونية، حيث تبين أن العروس ماجدة دون السن القانوني، حيث تبلغ من العمر 15 عاما، وأن الزواج تم بطريقة عرفية، وأضاف ان ذلك العروس تعتبر قاصر، هو ما يترتب عليه عدد من الإجراءات القانونية التي ستصدر بمعرفة النيابة العامة، لحماية الطفل.
وكان مقطع فيديو مدته 27 ثانية قد انتشر على نطاق واسع خلال الساعات الماضية، يظهر شاباً من ذوي متلازمة داون يحتفل بزفافه على فتاة ظهرت وهي تبكي أثناء مراسم الفرح، مما أثار حالة من الجدل بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي الذين انقسمت آراؤهم بين التعاطف والرفض، فيما شكك البعض في مدى أهلية العريس العقلية لإبرام عقد الزواج.
وأظهر الفيديو الشاب وهو يحتفل بزفافه في أجواء بدت مليئة بالفرح، فيما ظهرت العروس متأثرة وهي تبكي أثناء المراسم، الذين أعربوا عن رفضهم للزواج، مشككين في أهلية العريس العقلية، ومعتبرين أن حالته قد تؤثر على صحة العقد من الناحيتين الشرعية والقانونية.
وفي المقابل، دافع عدد آخر من المتابعين عن الزواج، مؤكدين أن الأشخاص من ذوي متلازمة داون لهم الحق في الحب والزواج وتكوين أسرة، مطالبين باحترام خصوصية العروسين.
العروس الباكية وعريس متلازمة داون
أنا ومحمد بنحب بعض.. تصريحات الأهل والعروس تدعونا لتكذيب العيون وتغييب صوت العقل
في مشهد صادم، تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو من حفل زفاف بمحافظة الشرقية، ظهرت فيه العروس بملامح حزينة إلى جانب عريسها محمد، الشاب المصاب بمتلازمة داون، ما أثار جدلاً واسعًا وتعليقات تفترض أن العروس تم إجبارها على الزواجكن الحقيقة كانت مختلفة تمامًا، فقد خرجت العروس «ماجدة» عن صمتها لتوضح الصورة، مؤكدة أنها سعيدة بزواجها من محمد، وأن خطوبتهما استمرت نحو 8 أشهر عاشا فيها لحظات جميلة ومليئة بالمودة.
وقالت ماجدة: «محمد إنسان طبيعي، رومانسي وحنون جدًا، وكان بيجيبلي هدايا طول فترة الخطوبة، ولو مكنتش اتجوزته كنت هموت نفسي»، وأضافت أن سبب الحزن الذي ظهر على وجهها لم يكن بسبب الزواج، وإنما بسبب تأخرها في "الكوافير" منذ الساعة الثالثة عصرًا حتى العاشرة مساءً، مما أدى إلى ضياع فرصة التصوير وعدم وجود زفة، وهو ما أحزنها في هذا اليوم الخاص، ومن جهته، أثنى أحد الجيران على محمد، قائلاً: «محمد راجل طبيعي 100%، وبيشتغل، وعنده أرض مزروعة بالأرز، وعايز يعيش حياته زي أي شاب»، كما أكدت شقيقته أن محمد تأثر بشدة من التعليقات السلبية على الفيديو، وبكى لأنه شخص حساس ويدرك كل شيء.
أما والدته، فقد تحدثت بفخر عن ابنها، قائلة: «محمد طيب وحنين، بيشتريلي حلويات وبيحب أهله، وذاكرته قوية جدًا»، وأكدت أنه يعتمد على نفسه، ويذهب إلى المنصورة وحده، ويعمل بجد في الزراعة، وفي ختام حديثها، جددت العروس ماجدة تأكيدها على حبها لمحمد، وقالت: «وافقت عليه من أول لحظة، وهو مفيهوش عيب، وبدعي إن ربنا يوفقنا في حياتنا».
وفي تصريحات أدلى بها والد العريس قال، أقسم بالله، سألتها بنفسي، وقلت لها: هل أنتِ موافقة يا ابنتي؟ فأجابتني: نعم. شرحتُ لها ظروفه، ووافقت بكل رضا وقناعة"،مؤكدًا أن الزواج تم بطريقة شرعية، قائلاً:الرسالة التي أودّ إيصالها هي أن العريس والعروس متزوجان زواجًا شرعيًا، ولا يوجد في الأمر ما يخالف الدين أو القانون".
وأضاف محذرًا:أقول لكل من لديه أبناء في ظروف مماثلة: اتقوا الله، فالكلمات الجارحة تعود على أصحابها، وقد تسبّب الأذى لأبنائهم في المستقبل"، كما روى موقفًا مؤثرًا مع نجله قائلاً:جاءني في إحدى الليالي، عند منتصف الليل، وقال لي: يا أبي، أخطب لي. فاستغربتُ وقلت له: هل جُننت يا محمد؟ أخطب لك من أين؟ هل وجدتَ عروسًا؟ فقال لي: لا شأن لك، أريد أن أتزوج".
وتابع:كان كلامه مفاجئًا، وبدأتُ بالفعل أبحث له عن عروس في كل مكان، إلى أن أراد الله له هذه الفتاة، وهي من أصرّت عليه، وهناك شهود على ذلك".
وأشار إلى عمق العلاقة التي كانت تربطه بابنه قائلاً:والله، لم يكن ينام إلا في حضني، والآن تركني. سألت العروس: إن تزوجتيه، هل ستتركينه لاحقًا؟ فأجابت: لا، أنا راضية به. وقد رأته أكثر من مرة عند شقيقته في مكان عملها".
وعن مظهر العروس الحزين في حفل الزفاف، أوضح الأب"كانت حزينة لأنها لم تتمكن من الذهاب إلى الاستوديو لالتقاط الصور مثل باقي العرائس. وقالت لي: كنت أريد أن أُصوَّر حتى إذا رزقني الله بولد، أُريه صور الفرح".
وكشف الأب عن استعداده التام لزواج ابنه قائلاً:يسكنان الآن بمفردهما في مدينة الصالحية. وقد أقام هناك ستة أشهر بعد الزواج ولم يرغب في العودة إليّ. وعندما قررت تزويجه، اشتريت له قطعة أرض وبنيت له بيتًا عليها. قلت له: إن شئت البقاء معي فمرحبًا، وإن رغبت في الاستقلال هناك، فلا مانع".
وأكد احترامه التام للعروس، قائلًا:"والداها قالا لها: إن تركتِه، نحن من سنغضب عليكِ. وأنا كذلك، أخشى أن أظلمها. لدي أربع بنات متزوجات، ولكل واحدة منهن أبناء، ولا أقبل أن أظلم أحدًا".
واختتم حديثه بتأثر قائلاً:"ابني بحاجة لمن يرعاه بعد رحيلي، وأنا رجل تجاوزت السبعين من عمري، ولم يتبقَ لي في الدنيا الكثير. الناس تتحدث دون أن تفهم شيئًا، والعروس لم تكن حزينة إلا لأنها تأخرت عن موعد التصوير، ليس أكثر من ذلك".
فيما قررت النيابة العامة بالصالحية الجديدة بشمال الشرقية صرف "محمد" عريس الشرقية المصاب بمتلازمة داون، وذلك من قسم شرطة الصالحية الجديدة، وطلبت تحريات المباحث حول ملابسات عقد قران العروسين بـ معرفة المأذون الشرعي القائم على تحرير العقد، وقررت النيابة تسليم "ماجدة" عروس الشرقية القاصر لوالدها ووالدتها، وأخذ التعهد اللازم بعدم زواجها قبل بلوغ السن القانوني، وذلك بعد حجز والدي العروسين على ذمة تحريات المباحث الجنائية حول الواقعة.
وكانت النيابة قد استدعت عروس الشرقية الباكية وزوجها المصاب بمتلازمة داون ووالديهما؛ للاستماع إلى أقوالهما؛ وذلك بعد بلاغا من المجلس القومى للطفولة والأمومة للنيابة العامة، بالتحقيق فى الفيديو المتداول، شأن حالة الجدل بين مستخدمى التواصل الاجتماعى وأن العروسة قد تكون قاصرا ومجبرة على الزواج بعد ظهورها باكية فى حالة حزن أثناء تواجده بجوار عريسها فى حفل الزفاف.
د. جمال فرويز
بين قصور الإدراك وزواج القاصرات.. طبيب نفسي يُحذّر من تبعات زواج غير متكافئ
في قضية أثارت الرأي العام، تَفجّرت تساؤلات عديدة حول مدى أهلية زواج تم بين فتاة تبلغ من العمر 15 عامًا وشاب مصاب بمتلازمة داون، خاصة بعد تداول مقاطع فيديو تظهر العروس بحالة من الحزن، وتفاعل الجمهور ما بين التعاطف والرفض، وفي هذا السياق، أدلى الدكتور
جمال فرويز
، استشاري الطب النفسي، بتصريحات مهمة تسلط الضوء على الجانب الطبي والنفسي لمثل هذه الزيجات، وما تحمله من تبعات إنسانية واجتماعية معقّدة.
أوضح الدكتور فرويز أن الشخص الطبيعي يمتلك 46 كروموسومًا، بينما يحمل المصاب بمتلازمة داون 47 كروموسومًا، وهذا الخلل الجيني ينعكس على وظائف الجسم والإدراك العقلي، حيث يعاني المصابون عادة من مشكلات في القلب، وضعف بوظائف الرئة، إضافة إلى تدنٍّ في مستوى الفهم والإدراك، ويشير إلى أن معدل الذكاء لدى المصاب بمتلازمة داون غالبًا لا يتجاوز 60 درجة، وهو ما يصنّفهم ضمن فئة القصور العقلي البسيط.
وأضاف أن هؤلاء الأشخاص، رغم التحديات الصحية والعقلية التي يواجهونها، يمتلكون رغبة جنسية طبيعية تمامًا مثل أي إنسان، لكن استجابتهم لها تكون أحيانًا مصحوبة بحالة من الانفعال أو العصبية، خصوصًا إذا لم يُلبَّ لهم الاحتياج بالشكل المناسب، كما أشار إلى أن المصابين بمتلازمة داون يتميّزون بدرجة عالية من الاعتمادية، إذ يصعب عليهم تدبير شؤون حياتهم دون دعم دائم من الطرف الآخر، وهنا تبرز أهمية وعي الشريك وقدرته على تحمّل تلك المسؤولية.
وتساءل الدكتور فرويز بقلق: "هل الطرف الآخر في العلاقة، وتحديدًا فتاة في الخامسة عشرة من عمرها، تدرك حجم هذه المسؤولية الثقيلة؟ وهل هي قادرة على التكيّف مع متطلبات زوج يعاني قصورًا إدراكيًا وسلوكيًا؟، وأكد أن زواج فتاة بهذا العمر – وهي لا تزال في مرحلة التكوين العقلي والنفسي – من شخص ذي احتياجات خاصة هو أمر بالغ الخطورة، ليس فقط على المستوى الاجتماعي، بل على الصعيد الصحي والنفسي أيضًا.
ومن ناحية طبية، أشار إلى أن متوسط عمر المصابين بمتلازمة داون قد لا يتجاوز 45 عامًا، وقد يتوفون في الثلاثينيات نتيجة المشاكل المزمنة بالقلب والرئة، أما عن الإنجاب، فأوضح أنهم قادرون من الناحية البيولوجية على الإنجاب، لكن نسبة إنجاب أطفال مصابين بنفس المتلازمة تكون مرتفعة، ما يضاعف من تعقيد الحياة الأسرية.
وشدّد على أن هناك مصابين بمتلازمة داون يتحلّون بقدر كبير من الطيبة والهدوء والحنان، إلا أن هذا يتوقف بدرجة كبيرة على بيئة التربية وطريقة تعامل المجتمع معهم، ومع ذلك، تبقى الحقيقة الثابتة أنهم يواجهون صعوبات في الفهم والتقدير، ما يضع عبئًا مضاعفًا على الطرف الآخر في الزواج.
وفي ختام حديثه، أشار الدكتور جمال فرويز إلى أن تزويج فتاة قاصر عرفيًا – فقط لأن القانون لا يسمح بتوثيق الزواج في هذا السن – هو انتهاك صارخ لحقوق الطفولة، ووصف هذا النوع من الزواج بأنه "بيعة وشروة"، حيث يُباع مستقبل الفتاة لأجل مصلحة مادية مؤقتة، في إشارة إلى ما قيل حول طمع والد الفتاة في بيت وأرض، دفعاه إلى تزويج ابنته لمن لا تدرك معنى الزواج ولا أعباءه.
د. سامية خضر
أستاذة علم اجتماع.. زواج صادم يثير تساؤلات وقد يكون نابعًا من رحمة زرعها الله في قلبها
في خضم الجدل الواسع الذي أثارته واقعة زواج فتاة تبلغ من العمر 15 عامًا من شاب مصاب بمتلازمة داون، خرجت الدكتورة سامية خضر، أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس، بتصريحات توضح من خلالها الجوانب الاجتماعية والنفسية التي قد تفسّر هذه الزيجة المثيرة للجدل، وتحدد مسؤوليات الأطراف المختلفة، وفي مقدمتهم الأسرة والمجتمع.
وأكدت د. سامية أن الأسرة تتحمل الدور الأكبر في هذا الزواج، لا سيما إذا تم بالتراضي بين جميع الأطراف، مشيرة إلى أن التراضي لا يعني دائمًا الوعي الكامل بحجم المسؤولية، خاصة في حالة فتاة صغيرة لم تتجاوز الخامسة عشرة من عمرها، موضحة: "قد تكون الفتاة فرحت بالشبكة، والشقة، وفستان الزفاف، والاحتفال ذاته، دون أن تدرك أبعاد الحياة الزوجية الحقيقية التي تنتظرها".
ولفتت إلى أن البيئة الريفية تختلف في تكوين الفتاة ومسؤولياتها، حيث تعتاد بعض الفتيات من صغرهن على المشاركة في الأعمال المنزلية ورعاية الإخوة، ما قد يمنحهن مظهر النضج المبكر، بينما قد تكون أخريات في الثلاثين من أعمارهن ولا يستطعن تحمّل مسؤولية بيت وأسرة، وقالت: "المهم في كل ذلك ألا تكون الفتاة قد أُجبرت على الزواج، وألا تكون قد دخلت هذه العلاقة دون رضاها الكامل".
وأشارت د. سامية إلى أن السبب وراء حالة الجدل المجتمعي كان ظهور العروس وهي تبكي في مقطع فيديو من حفل الزفاف، وهو ما دفع كثيرين للاعتقاد بأنها أُجبرت على الزواج، إلا أنها شددت على أهمية الاستماع إلى تصريح العروس نفسها، التي أكدت أنها تحب عريسها، وأنها لم تتعرض لأي ضغط من أسرتها، وأوضحت أن دموع العروس قد تكون نتيجة لحزنها على تفاصيل لم تكتمل في يومها المنتظر، كغياب الزفة أو التصوير، وليس بالضرورة نتيجة رفض للعريس أو حالته الصحية.
وأكدت د. سامية أن من حق المصابين بمتلازمة داون أن يعيشوا حياة طبيعية، ويتزوجوا، ويُسعدوا بحب ورفقة شريكة حياة، لكن مع ضرورة أن يكون الشريك مدركًا لحجم المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقه، وقادرًا على التعامل مع طبيعة الشريك النفسية والصحية.
وفي ختام تصريحاتها، شددت على أن هذه الحالة وغيرها تكشف عن ضرورة تفعيل دور الدولة والمجتمع في التوعية قبل الزواج، خاصة في ما يخص الزواج المبكر أو زواج ذوي الاحتياجات الخاصة، مؤكدة أن الزواج يجب ألا يُترك للمشاعر وحدها؛ بل يجب أن يسبقه فحص صحي ونفسي، وتقييم دقيق للأهلية، وتحضير حقيقي لتحمّل أعباء الحياة الزوجية وتربية الأطفال.
وختمت بقولها: "ربما زرع الله في قلب هذه الفتاة حبًا صادقًا لهذا الشاب، وربما كانت رحمة أرسلها له، لكن المسؤولية تبقى جماعية، ويجب ألا يُترك هذا النوع من الزيجات دون رقابة وضمانات نفسية واجتماعية تحمي الجميع".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الاتحاد
منذ 6 ساعات
- الاتحاد
خبيرات يشدن بدليل «لنحمي كبارنا بحب» لتعزيز الرعاية الواعية
أبوظبي (وام) أجمع عدد من الخبيرات والمسؤولات، على أن دليل «لنحمي كبارنا بحب» الذي أطلقته مؤسسة التنمية الأسرية، بالتزامن مع اليوم العالمي للتوعية بشأن معاملة المسنين، يمثل نقلة نوعية في مفهوم الرعاية، وأكدوا أن الحب الحقيقي لكبار المواطنين لا يكتمل إلا بالوعي باحتياجاتهم النفسية والعاطفية، وصون كرامتهم بأسلوب واعٍ ومحترم. وقالت وفاء آل علي، مدير دائرة تنمية الأسرة في المؤسسة، إن المبادرة تنسجم مع توجهات القيادة الرشيدة لدولة الإمارات برئاسة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وتجسد رؤية سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك «أم الإمارات»، رئيسة الاتحاد النسائي العام، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، في صون كرامة كبار المواطنينن، مؤكدة أن الدليل يعتبر رسالة وفاء لمن خدموا الوطن، ويركز على تسليط الضوء على السلوكيات العاطفية غير المقصودة التي قد تؤثر عليهم، مع تقديم بدائل إيجابية وعملية لتعزيز التواصل الإنساني الحقيقي. وأوضحت فاطمة المرزوقي، اختصاصي الرعاية النفسية في مؤسسة التنمية الأسرية، أن الدليل موجه لكل فرد في الأسرة يؤمن بأن الحب الحقيقي لكبار المواطنين لا يكتمل إلا بالوعي العميق باحتياجاتهم النفسية. وقالت إن الهدف هو تمكين أفراد الأسرة من التعرف على العبارات والسلوكيات البسيطة التي قد تمس كرامة كبار السن أو استقلاليتهم من دون قصد، وذلك عبر استخدام شخصيات واقعية ومواقف حياتية تساعد على فهم التحديات اليومية وتقدم حلولاً عملية. وأشارت عائشة محمد السلامي، اختصاصي العلاقات الأسرية في المؤسسة، إلى أن ما يميز الدليل هو طابعه الشمولي الذي يتجاوز الجوانب القانونية، ليركز على التجربة الشعورية والمعنوية لكبار المواطنين، لافتة إلى أنه يحلل الأثر النفسي والاجتماعي للسلوكيات اليومية، ويقترح ممارسات بنّاءة، كما أنه متاح باللغتين العربية والإنجليزية، كنص مقروء ومادة مسموعة، لضمان وصوله إلى أوسع شريحة مجتمعية. وأعربت مريم عبدالرحمن الضنحاني، من كبار المواطنين، عن فخرها وتقديرها لجهود المؤسسة، مؤكدة أن دليل «لنحمي كبارنا بحب» يمثل «رسالة قوية تعكس حرص القيادة على رفاهيتنا»، مشيدة بالورش التدريبية التي وفرت لهم فرصة للتفاعل وتعلم كيفية التعبير عن احتياجاتهم بأسلوب يضمن احترامهم وكرامتهم، مما يجعلهم يشعرون بالتقدير الحقيقي.


الاتحاد
منذ 6 ساعات
- الاتحاد
«التربية الإسلامية».. ارتياح بين طلاب مدارس الظفرة والعين
إيهاب الرفاعي (منطقة الظفرة) أعرب طلاب مدارس ولجان الظفرة والعين، عن سعادتهم بمستوى امتحان التربية الإسلامية، الذي جاء برد وسلام على الطلاب وكانت فيه الأسئلة مرنة وسهلة ومناسبة لمختلف مستويات الطلبة، وجاءت أغلب الأسئلة مباشرة من المنهج مما أعطى دفعة معنوية كبيرة للطلاب قبل امتحان الكيمياء الذي يؤديه الطلاب اليوم. وأكد الطالب خليل صديق، أن امتحان التربية الإسلامية جاء في 25 سؤالاً متنوعاً، شملت فيه الأسئلة مختلف المنهج، الذي تمت دراسته خلال الفصل الدراسي الثالث، وكانت الأسئلة سهلة وبسيطة وواضحة باستثناء بعض الكلمات التي كانت غير متداولة للبعض ومنها تعريف كلمة الركبان. وقالت الطالبة مرح فايز العياش، من مدرسة قطر الندى الثانوية للبنات في مدينة زايد، أن الامتحان تضمن مقاطع عديدة من المنهج ليشمل تقريباً أغلب المنهج الدراسي، حيث تضمن الامتحان أسئلة عن سورة النور والاقتصاد الإسلامي ومواقف المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، الخالدة، وكذلك أحكام النون وغيرها من الأسئلة الأخرى لتشمل المنهج بشكل كبير. وبيّنت الطالبة فرح ماجد، أن امتحانات التربية الإسلامية عادة تكون سهلة ومباشرة، ولا تحتوي على أي غموض دون باقي المواد العلمية التي كثيراً ما يفاجأ الطالب بوجود أسئلة غامضة وغير مباشرة، معربة عن سعادتها بالامتحان الذي أعطى لها دفعة معنوية كبيرة. وأوضحت ميسرة خالد، من لجنة العين الثانوية بنات، أن الوقت المخصّص للإجابة كان مناسباً ولا توجد أي صعوبة في اغلب الاسئلة، وأنها تتمنى أن يكون باقي الامتحانات بنفس المستوى.


البوابة
منذ 8 ساعات
- البوابة
بعثة حج الجمعيات الأهلية تنظم زيارات الروضة الشريفة
نظمت بعثة حج الجمعيات الأهلية زيارات لحجاجها إلى الروضة الشريفة بالمسجد النبوي، حيث تم اصطحاب الحجاج من فنادقهم إلى منطقة التجمع المخصصة داخل الحرم، تمهيدًا للدخول إلى الروضة وفق جدول منظم. وحرص المشرفون والمشرفات على مرافقة الحجاج خطوة بخطوة، في مشهد يعكس اهتمامًا بالغًا من البعثة بتيسير رحلة الزيارة، وضمان دخول هادئ ومنظم إلى هذا المكان المبارك. الروضة الشريفة وتولّت المشرفات مرافقة السيدات حتى داخل الروضة الشريفة، فيما اصطحب المشرفون الرجال الحجاج من الرجال، وظلوا إلى جوارهم طوال فترة الزيارة. ولم تغفل البعثة عن الاهتمام بكبار السن وذوي الإعاقة، حيث حرص المشرفون والمشرفات على الاستفادة من التيسرات الحديثة التي وفّرتها السلطات السعودية لخدمة زوار المسجد النبوي، وذلك عبر تيسير استقلال عربات (الجولف كار) المخصصة لنقل كبار السن داخل الحرم النبوي، وصولًا إلى أقرب نقطة لدخول الروضة الشريفة، في راحة وأمان كاملين. روضة من رياض الجنة وشهدت الروضة لحظات إنسانية مؤثرة، إذ لم يتمالك كثير من الحجاج دموعهم حين وطأت أقدامهم هذا المكان الطاهر، الذي وصفه النبي ﷺ بأنه "روضة من رياض الجنة"، البعض دخل وهو يردد الدعاء في صمت، والبعض الآخر سجد شكرًا لله، فيما انطلقت من شفاه الجميع صلوات وسلام على الحبيب المصطفى ﷺ. وعند الوقوف في الروضة، استودع الحجاج الله دعاءهم وأسرارهم، وهم يتضرعون بقلوب ملؤها الخشوع، راجين أن يتقبل الله منهم حجهم وأن يحقق لهم الخير والسلام في دنياهم وآخرتهم. ودعوا الله ألا تكون هذه الزيارة آخر عهدهم بالمسجد النبوي، وأن يرزقهم العودة إليه مرات ومرات، بقلوب مؤمنة وأرواح مطمئنة. وحرص عدد كبير من الحجاج على أداء ركعتين شكرًا لله فور وصولهم إلى الروضة، تعبيرًا عن امتنانهم العميق بأن مَنَّ الله عليهم بهذه الزيارة المباركة، التي طالما تمنوها وتضرعوا لتحقيقها. وأشارت البعثة إلى أن هذه الزيارات تم تنفيذها بالتنسيق الكامل مع الجهات السعودية المسئولة عن تنظيم دخول الزوار للروضة الشريفة، بما يضمن الراحة والانسيابية وسهولة الحركة داخل المسجد النبوي. وتؤكد بعثة حج الجمعيات أن هذه اللحظات الخاشعة تبقى من أسمى محطات الرحلة الإيمانية، حيث يجد الحجاج فيها سلامًا داخليًا لا يُوصف، وذكرى ستظل محفورة في قلوبهم ما داموا أحياء.