
تلاميذ العراق... مشاعر دونية وعجز بسبب التنمر
يؤكد العديد من الأهالي أن أبناءهم يتعرضون إلى سلوكيات مؤذية من زملائهم في
المدارس العراقية
، تراوح بين السخرية والتهميش، وتمتد أحياناً إلى أشكال أكثر قسوة ترتبط بالهوية أو المظهر الجسدي. وداخل الفصول الدراسية يقف المعلمون في الصف الأول من المواجهة اليومية مع التنمر فهم الأكثر معرفة بتفاصيل الحياة اليومية للطلاب، ويرون بأعينهم ما قد يغيب عن الأهل أو الإدارات التربوية.
تقول فاطمة مزهر، وهي معلمة بمدرسة ابتدائية في
العاصمة بغداد
لـ"العربي الجديد": "مضى على وجودي في سلك التعليم أكثر من عشر سنوات، والتنمر ليس ظاهرة نادرة كما يظن البعض، بل يزداد انتشارها. يشتكي الطلاب والطالبات كثيراً من تعرضهم
لعنف لفظي
يصل أحياناً إلى
عنف جسدي
، ويتلقى بعض الطلاب إساءات لفظية بسبب أشكالهم أو أسمائهم أو ملابسهم، أو بسبب ضعف مستواهم العلمي، وبعض من يتعرضون للتنمر يفقدون أعصابهم ويردون على المتنمرين بالضرب أو بتحطيم الأشياء، ما يجعل الحالة تصل إلى عنف متبادل".
لكن فاطمة تجد أن الأخطر هو انعكاس المواضيع السلبية التي يتناولها المجتمع أو المشاكل التي مرّ بها العراق خلال سنوات ماضية وتركت ترسبات بين التلاميذ الذين يصوغون منها عبارات تنمر، وتقول: "المقلق أن عبارات التنمر التي يستخدمها بعض الطلاب تحمل ألفاظاً فيها كلمات طائفية انتشرت داخل المجتمع جراء الخلافات السياسية".
وفيما لا يواجه المعلمون هذه الظاهرة وحدهم، تملك مرشدات تربويات يعملن في كواليس المدارس رؤية أعمق لحالات التنمر من خلال تواصلهن المباشر مع التلاميذ في جلسات الدعم والإرشاد النفسي. هذا ما تؤكده المرشدة التربوية هدى علي التي تعمل منذ تسع سنوات في مجال الإشراف التربوي. وتقول لـ"العربي الجديد": "واجهت خلال عملي حالات عدة من التنمر بين التلاميذ كان بعضها صادماً. رأيت تلاميذ يتعرضون لسخرية بسبب لهجتهم أو ملابسهم، وآخرين يواجهون التنمر الديني أو الطائفي، حتى إنه جرت مضايقة طالبة محجبة بسبب التزامها الديني. ويعكس هذا التنوع في أشكال التنمر هشاشة في الفهم المجتمعي للتعدد والاختلاف".
وتشير هدى إلى أن "العديد من المدارس تحتاج إلى فرق نفسية مدربة تستطيع التعامل مع الحالات مبكراً، علماً أن بعض التلاميذ لا يعرفون أنهم يتعرضون لتنمر، ويشعرون فقط بحزن وقلق من دون أن يفهموا السبب، لذا من واجبنا بصفتنا خبراء في الصحة النفسية أن نعلمهم كيف يعبرون عن مشاعرهم، ويطلبون مساعدة".
يؤكد معلمون أن التنمر يزداد في المدارس، 22 سبتمبر 2024 (مرتضى السوداني/الأناضول)
وبالانتقال إلى المنازل التي تعكس غالباً ما يحدث داخل أسوار المدارس، يشهد الآباء والأمهات أحياناً كثيرة التغيّرات المفاجئة في سلوك أبنائهم. تقول حسناء جمال الدين، وهي والدة طفل عمره 11 سنة، لـ"العربي الجديد": "تعرّض ابني لتنمر جسدي ولفظي في مدرسته الابتدائية، وكان يعود من المدرسة وهو صامت، ثم أصبح يصرخ لأبسط الأسباب، ويرفض أن يذهب إلى المدرسة. ظننت في البداية أنه مدلل ثم اكتشفت لاحقاً أن مجموعة من الطلاب يسخرون منه لأنه سمين، ويضربونه أحياناً. اضطررت إلى نقله إلى مدرسة خاصة، وتحسنّت حالته تدريجاً".
ولأن الطفولة هي المرحلة الأهم في بناء الشخصية، يرى خبراء أن ترك هذه الظاهرة من دون مواجهة قد يخلّف أثراً مزمناً على الصحة النفسية للأجيال القادمة، وتساهم في إنتاج مجتمع مثقل بالعقد تسوده الانطوائية أو العدوانية.
ويقول اختصاصي الطب النفسي، فارس موفق، لـ"العربي الجديد": "يؤثر التنمر في صحة الأطفال النفسية ومستقبلهم في حال لم يستطيعوا تجاوز الحالة التي يمرون بها. التنمر بحد ذاته أكان داخل المدرسة أو خارجها يعدّ من أبرز أسباب التوتر النفسي لدى الصغار في العراق، والتنمر المدرسي، بأشكاله المتعددة، لم يعد مجرد مشادات عابرة بين التلاميذ، بل معولاً ينخر في تماسك النسيج التربوي ويهدد بنشوء جيل يفتقد الثقة في نفسه والشعور بالأمان، وهذا ما نتحدث عنه باستمرار مع أولياء الأمور".
لايف ستايل
التحديثات الحية
التنمر في المراهقة... مخاوف من اضطرابات عقلية لاحقة
يضيف: "ألاحظ كثيراً ازدياد حالات الاكتئاب والقلق بين الأطفال العراقيين، ويرتبط كثير منها ببيئة المدرسة. الطفل الذي يتعرض لتنمر يشعر بالعجز، وقد يطور شعوراً بالكراهية تجاه المجتمع أو المدرسة، وربما يتحوّل لاحقاً إلى متنمر إذا لم يتلقَ العلاج والدعم".
ويشير موفق إلى أن "التنمر لا يؤثر فقط في اللحظة، بل يترك بصمة طويلة الأمد في شخصية الفرد. الأطفال الذين يتعرضون لتنمر يعانون غالباً من ضعف في المهارات الاجتماعية، وانخفاض ثقتهم بنفسهم، وقد يصبحون في المستقبل أقل قدرة على تحمل الضغوط أو التفاعل السليم مع الآخرين، وهذا يؤثر بالتالي على مجتمعنا الذي يعاني أساساً من مشاكل مختلفة برزت منذ أكثر من عقدين جراء الظروف المعيشية والاقتصادية".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


BBC عربية
منذ يوم واحد
- BBC عربية
فضيحة بيع شهادات ماجستير تهز المغرب وتورط أستاذا جامعيا
يشهد المغرب جدلا واسعا بعد الكشف عن شبكة لبيع شهادات الماجستير في قضية المتهم الأول فيها أستاذ جامعي.. ما التفاصيل؟ يمكنكم مشاهدة الحلقات اليومية من البرنامج الساعة الثالثة بتوقيت غرينيتش، من الإثنين إلى الجمعة، وبإمكانكم أيضا الاطلاع على قصص ترندينغ بالضغط هنا.


BBC عربية
منذ 5 أيام
- BBC عربية
"الاكتئاب المبتسم كان سبباً في انتحار ابنتي"، فهل يعاني أبناؤنا بصمت؟
وراء الضحكات التي كانت تملأ وجه "شهد" إشراقاً، كان يكمن ألم عميق وصراع مع الاكتئاب، انتهى بقرار مفاجئ أنهت به حياتها. "شهد كانت طبيعية جداً، اجتماعية، نشيطة، وحين أناديها دائماً كانت تلتفت إليّ مبتسمة. لم يظهر عليها أي شيء يدعو للقلق، بل على العكس، كانت تضحك الليلة السابقة للحادثة على أمور بسيطة، وكان ضحكها مبالغاً فيه، وهذا كان المؤشر الوحيد، لكنني لم أفهمه وقتها." في الثامن عشر من سبتمبر/ أيلول عام 2024، أنهت الطالبة شهد، البالغة من العمر 17 عاماً، حياتها داخل دورة المياه في مدرستها في سلطنة عُمان. وتروي والدتها، السيدة عذراء، لبي بي سي تفاصيل الحادثة المؤلمة. "ابتسامة المراهق قد تُخفي سراً" صرحت والدة شهد لبي بي سي أن ابنتها "توفيت اختناقاً"، لكنها لم تكشف عن الوسيلة أو الطريقة. في الأشهر الأخيرة، لاحظت الأم أن سلوك شهد أصبح أكثر لطفاً داخل المنزل، وكانت تتحدث بإيجابية عن علاقاتها في المدرسة، وقد أكدت لها شهد أن بعض الفتيات اللاتي كن يتنمرن عليها قد تحسن تعاملهن معها وأصبحن أكثر وداً. وأضافت: "من الساعة العاشرة حتى الواحدة والنصف، غابت شهد عن الغرفة الصفية بينما كانت حقيبتها موجودة داخلها. ورغم ذلك، لم يقم أحد من المعلمات أو الطالبات بالبحث عنها، وعندما تم العثور عليها، كانت في دورة المياه". بعد الحادثة، تم تشخيص حالة شهد بما يعرف بالـ "الاكتئاب المبتسم" بعد الاضطلاع على دفتر مذكراتها، التي بدأت في اللجوء إليه للتعبير عما بداخلها منذ شهر أكتوبر/ تشرين الأول عام 2023، وهو ذات التوقيت الذي بدأت فيه تواجه التنمر من بعض زميلاتها. كان الدفتر يحتوي على مذكرتين مؤرختين في نفس يوم وفاتها. في الأولى كتبت: "حاولت أمس أن أقتل نفسي لكن فشلت، ربما لأنني أحب الحياة." وفي الثانية قالت: "أشعر أنني فقدت السيطرة على نفسي، أشعر أنني سأجن أو ربما أصبت بالجنون ولا أعلم ماهي النهاية". تقول والدة شهد: "عرفت عن هذا الدفتر لأول مرة في المستشفى، لم أكن أعلم شيئاً عما تمر به. كنت أخاف على ابنتي أكثر من أي شيء، لكنني لم أبحث في دفاترها أو كتاباتها". وتضيف: لو كنت أعرف عن "الاكتئاب المبتسم"، ربما لكان لدي فكرة أنه رغم ابتسامة المراهق وضحكاته، قد يكون وراءها سر خفي. هل يشعر المراهقون بالإرهاق ؟ تُعرّف أخصائية الإرشاد الإكلينيكي في مجال الصحة النفسية، بسمة آل سعيد، الصحة النفسية بأنها حالة من التوازن العاطفي والنفسي والعقلي، يتمتع فيها الفرد بالقدرة على مواجهة ضغوط الحياة والتأقلم معها، إلى جانب قدرته على بناء علاقات صحية مع الآخرين. وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، يعاني 1 من كل 7 أشخاص تتراوح أعمارهم بين 10 و19 عاماً على مستوى العالم من اضطراب نفسي، ما يمثل 15 بالمئة من العبء العالمي للأمراض في هذه الفئة العمرية. ورغم ذلك، "تظل هذه الحالات في الغالب غير معترف بها وغير معالجة". تشير المنظمة إلى أن الاضطرابات النفسية قد تؤثر تأثيراً عميقاً على الذهاب إلى المدرسة وأداء الواجبات المدرسية. ويمكن للانسحاب الاجتماعي أن يؤدي إلى زيادة العزلة والوحدة. ويمكن أن يفضي الاكتئاب إلى الانتحار. إذ تشير أرقام المنظمة إلى أن الانتحار يعد ثالث سبب رئيسي للوفاة بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عاماً. وتلفت آل سعيد إلى أنه في بعض الأحيان، تكون محاولات الانتحار وسيلة لطلب الانتباه أو توجيه رسالة، لكنها قد تنتهي بشكل مأساوي. اضطرابات نفسية تهدد المراهقين: كيف نحميهم؟ تتعدد الاضطرابات النفسية التي يعاني منها المراهقون، كما تشير آل سعيد، ومنها: الاكتئاب، القلق، اضطرابات الأكل، الاضطرابات الحركية، تشتت الانتباه، اضطرابات السلوك، بالإضافة إلى إدمان الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، التي تؤثر بشكل كبير في صحتهم النفسية. من أبرز الاضطرابات التي يعاني منها المراهقون، تبرز اضطرابات القلق كأكثرها شيوعاً. وتشير الأرقام الصادرة عن منظمة الصحة العالمية إلى أن 5.5 بالمئة من الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و19 عاماً يعانون من اضطرابات القلق. كما تعتبر الاضطرابات السلوكية، مثل اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط، من المشكلات الشائعة بين المراهقين ويؤثر على 2.9 بالمئة منهم، بحسب المنظمة. وتوضح آل سعيد أن من الاضطرابات النفسية الشائعة التي يعاني منها المراهقون هو الاكتئاب، منها "الاكتئاب المبتسم". و تكمن خطورة هذا النوع من الاكتئاب في صعوبة ملاحظته من الآخرين، مما يعقد عملية تقديم الدعم والمساعدة. تشير آل سعيد إلى أن المكتئب المبتسم هو الشخص الذي يخفي آلامه خلف ابتسامة، ويظهر أمام الآخرين وكأنه طبيعي. "قد يكون ناجحاً، نشيطاً، واجتماعياً، لكنه في الواقع يعاني في صمت". يساهم التدخل المبكر في تقديم الدعم النفسي المناسب ويحول دون تفاقم المشكلة أو تطورها مستقبلاً. فالإصغاء ضروري، فالمراهقون في كثير من الأحيان "يتكلمون بصمت". تشير آل سعيد إلى أهمية انتباه الأهل للتغيرات السلوكية والنفسية التي تظهر على أبنائهم، إذ إن التدخل المبكر قد يساهم في تقديم الدعم النفسي المناسب ويحول دون تفاقم المشكلة أو تطورها مستقبلاً. فالإصغاء أمر ضروري، فالمراهقون في كثير من الأحيان "يتكلمون بصمت". من أبرز هذه العلامات التغيير المفاجئ في السلوك أو المزاج: إذا لاحظ الأهل تصرفات غير معتادة أو تغييرات مفاجئة في مزاج الطفل، قد يكون ذلك مؤشراً على وجود مشكلة. ورغم أن البعض يعتقد أن هذه التغيرات جزء من مرحلة المراهقة، إلا أن هناك فرق بين التغيرات الطبيعية والمشكلات النفسية التي تتطلب تدخلاً. الانعزال قد يكون أمراً طبيعياً لفترة قصيرة، لكنه يصبح مقلقاً إذا تحول إلى انعزال كلي عن العائلة والأصدقاء لفترات طويلة، مما يستدعي انتباه الأهل لمراجعة حالته النفسية. يُعتبر إيذاء النفس من العلامات الخطيرة التي تحدث غالباً في الخفاء، حيث يسعى المراهق لإخفاء الجروح أو الآثار الناتجة عنها. ومع ذلك، قد تظهر بعض الإشارات الجسدية، مثل ارتداء ملابس طويلة بشكل غير معتاد لإخفاء آثار الإيذاء، أو تغيّرات في لغة الجسد تدل على محاولة إخفاء الألم. تروي هاجر، البالغة من العمر 23 عاماً، لبي بي سي: "تعرضت للتحرش وأنا في العاشرة من عمري، مما دفعني إلى الدخول في حالة نفسية سيئة وازداد شعوري بكراهية جسدي". في سن الخامسة عشرة، حاولت هاجر الانتحار، ولم يكن ذلك بسبب التحرش فقط، بل أيضاً بسبب انتقالها من دولة إلى أخرى، مما سبب لها صدمة نفسية. "أصبحت أنعزل عن العالم وأبتعد عن الاختلاط بالآخرين." " كنت أشعر بسعادة عند رؤية الدم، وكأنني تخلصت من مشاعري السلبية لهذا قمت بإيذاء نفسي بجرح يدي". بدأت هاجر بارتداء ملابس طويلة حتى في فصل الصيف لإخفاء أي آثار للإيذاء جسدي. وتصف هاجر ما مرّت به قائلة: "لا أعتبرها تجربة انتحار، بل هي محاولة لتفريغ مشاعري، إلا أنني في بعض اللحظات أردت الموت". لجأت هاجر إلى جلسات العلاج النفسي عبر الإنترنت مع الأخصائية نور وليد، بسبب "صعوبة الوصول إلى العلاج النفسي في اليمن". وتصف هاجر تجربتها العلاجية بأنها كان لها تأثير عميق في حياتها، إذ أصبحت أكثر قدرة على التعبير عن مشاعرها وحققت نضجاً أكبر. وتؤكد قائلة: "أنا اليوم بخير". ومن العلامات المهمة التي يجب الانتباه لها تغيرات في نمط الأكل مثل فقدان الشهية الشديد أو الإفراط في الأكل، وتقول آل سعيد "إذا تمكن أبناؤنا من عبور جسر المراهقة بسلام، ستكون حياتهم المستقبلية أفضل. أما إذا واجهوا اضطرابات في هذه المرحلة، فقد تستمر التحديات معهم في المستقبل". لذلك، نولي اهتماماً كبيراً لهذه الفترة الحساسة. تقول مها ذات 39 عاماً "منذ السابعة عشرة، بدأت أعاني من اضطراب الطعام وزيادة الوزن، مما أدى لشعوري بالإحباط. لجأت لأدوية تقليل الشهية، ورغم فقداني الوزن، أصبحت أخاف من الميزان وأشعر بتأنيب الضمير إذا تناولت الطعام، وهو ما استمر معي حتى الآن." "لا أريد أن أخسر أبنائي" كشفت دراسة أجريت في جامعة مولود معمري "تيزي وزو" في الجزائر لعام 2023-2024 على 50 طالباً، أن القلق الاجتماعي، الذي يعد من أبرز الاضطرابات النفسية، يتأثر بشكل كبير بالمعاملة السلبية والتسلطية التي يتعرض لها الأبناء من الوالدين، خاصة خلال مرحلة المراهقة. وبذلك، يعاني المراهق من ضغوط داخلية وخارجية ناتجة عن تنشئته الأسرية، مما يبرز الحاجة الملحة للعناية والدعم من قبل الوالدين ليشعر بالاستقرار النفسي ويساهم في بناء علاقات اجتماعية صحية. وقد توصلت نتائج الدراسة إلى وجود علاقة بين أساليب المعاملة الوالدية ومستوى القلق الاجتماعي لدى المراهقين. تؤكد الدكتورة نهاية الريماوي، وهي معالجة نفسية واختصاصية تربوية، أن الصحة النفسية للمراهق تتأثر بتداخل عدة عوامل، أبرزها تقدير المراهق لذاته، حيث تؤثر "صورة الذات" في توازنه النفسي. ضعف الثقة بالنفس قد يؤثر سلباً على مشاعره وحياته اليومية. تروي والدة آدم، البالغ من العمر 14 عاماً، أنها لاحظت تراجع تحصيله الدراسي، وبدأت في مقارنته بزملائه. تقول: "ابني كان يشعر بالفشل ويقول "أنا غبي". المجتمع يركز فقط على التحصيل الأكاديمي، في حين أن ابني اجتماعي ولديه حس فكاهي، لكن تم تهميش هذه الصفات." وتضيف: "لا أريد أن أخسر أبنائي، ولن أسمح لأي معايير مجتمعية أن تقصر تقييمهم على تحصيلهم الأكاديمي. إنجازاتهم هي التي تحددهم." تشير الأخصائية بسمة آل سعيد إلى أن بعض العبارات التي يقولها المراهقون قد تكون مؤشراً على مشاعر العجز والاكتئاب. كثيراً ما يتجاهل الأهل هذه الكلمات على أنها مجرد تعبيرات عابرة، لكنها قد تكون علامات تحذيرية لمشاعر أعمق. وبدورها تؤكد الريماوي،وهي مستشارة أسرية أيضاً، أنه إذا شعر الأهل أن الصعوبات التي يواجهها أبناؤهم المراهقون أكبر من قدرتهم على التعامل معها، فإن اللجوء إلى مختص يصبح خطوة ضرورية. لكن قبل ذلك، يجب التأكد من عدم وجود أنماط تربية خاطئة مثل الحماية الزائدة أو المقارنة المستمرة بالأقران، لأنها قد تؤدي إلى تمرد المراهقين. وتشدد على أهمية "تقبل أبنائنا كما هم"، مع مراعاة أن قدراتهم تختلف عن قدرات الآخرين. من المهم أن نركز على تعزيز الجوانب الإيجابية في شخصياتهم، ليشعروا بأنهم مميزون بصفاتهم الفريدة، بدلاً من فرض الصفات التي يرغب الأهل في أن يمتلكوها. يرى المختصون أن العديد من الأسر تفتقر إلى الحوار المفتوح مع الأبناء، مما يمنعهم من فهم أفكارهم ومشاعرهم. تؤكد آل سعيد أنه من الضروري أن يتجنب الأهل ردود الفعل الحادة، حتى يشعر الأبناء بالراحة والقدرة على التعبير بحرية. كما يُفضَّل أن يكون الحوار مشابهاً لتواصل الأصدقاء، بلا أي حواجز. فالتواصل الفعّال يعد من الأسس المهمة في بناء علاقة أسرية صحية. وتشدد الريماوي على أن مرحلة المراهقة لا يُفترض أن تكون مليئة بالصراعات أو الاضطرابات النفسية، بل يمكن أن تمر بسلاسة إذا توفر للمراهق بيئة داعمة وقدرة على التعامل مع التحديات. وتوضح أن دور الأهل يبدأ منذ الطفولة، فالنشأة في بيئة مستقرة وسليمة تهيئ الطفل لدخول المراهقة بثقة وأمان. "التفهم، والحوار، والدعم النفسي، إلى جانب الحب والتقدير، تشكل أسساً قوية لمساندة المراهق، وتعزيز نقاط قوته ومعالجة جوانب الضعف لديه".


BBC عربية
منذ 6 أيام
- BBC عربية
تبادل الزوجات في العراق .. اعتقال 27 زوجًا وزوجة في محافظة البصرة
شهد الشارع العراقي جدلاً واسعًا حول ظاهرة تبادل الزوجات التي باتت تتصدر النقاشات الاجتماعية والقضائية، خاصة بعد اعتقال 27 زوجًا وزوجة في محافظة البصرة بتهمة ممارسة هذا السلوك الذي يعتبره الكثيرون قنبلة أخلاقية تهدد القيم الأسرية والمجتمعية. ورغم أن القانون العراقي يجرم بعض جوانب هذه الظاهرة تحت مظلة مكافحة البغاء، إلا أن غياب نصوص واضحة يفاقم الجدل، وسط مطالبات بتدخل أكثر فعالية من السلطات. يمكنكم مشاهدة الحلقات اليومية من البرنامج الساعة الثالثة بتوقيت غرينيتش، من الإثنين إلى الجمعة، وبإمكانكم أيضا الاطلاع على قصص ترندينغ بالضغط هنا.