
جدتي أم كلثوم
فصل الشتاء فصل الجِدّات بامتياز. فأغلبنا يذكرون جداتهم في الشتاء على وجه الخصوص، حين كانوا يبحثون عن الدفء فلا يجدونه إلا في حضن الجدة التي تضم أحفادها، يمنحونها الحب فتعطيهم الدفء والأمان، وتطرب آذانهم بحواديتها وأغانيها البديعة: «يا حمام البر صقف».. و«يا حلو تحت التوتة بحري البلد بشوية» و«بتغني لمين يا حمام».
كانت الأغاني البديعة جزءاً من ذلك العصر الذى عشناه مع جداتنا أواخر الستينات وأوائل السبعينات من القرن الماضي، ومنهم الجدة «أم كلثوم».
تقبع «أم كلثوم» في ذاكرتنا في مربع «الجدات»، فهي جدتنا العظيمة، التي عاشت وماتت قريباً من السياقات الزمنية التي عاشت وماتت فيها جدات جيلنا، لم تترك أم كلثوم ولداً أو حفيداً بيولوجياً يمد حبل ذكراها في الحياة، لكنها تمثل بالنسبة لجيلنا الجدة التي تختزن ذكريات طفولتنا الكثير من الحنين لها «لما الشتا يدق البيبان».
وللشتاء في حياة جدتي أم كلثوم وضعية خاصة جداً فقد ولدت في 31 ديسمبر 1898، أي بعد 10 أيام من حلول الشتاء، وتوفيت في 3 فبراير 1975، في عز «طوبة»، في تلك الأيام التي كانت جداتنا يصفنها بأيام «البرد النشير»، حين يقرر «أمشير» أن يقرض أخته «طوبة» 10 أيام من أخيها «أمشير» يجعلونها على «الحيط نشير». كل الأجيال عانت من منشار البرد الذى يشق العظام خلال هذه الأيام.
الشتاء في حياة أم كلثوم له وضعية خاصة، فهو فصل فيه ولدت وفيه ماتت، أظلتها سحائب الرحمة والمغفرة.
ولو أنّك استعرضت سيرة أم كلثوم، كما كتب عنها الراحل «محمود عوض» في كتابه «أم كلثوم التي لا يعرفها أحد»، أو في كتاب الراحلة «نعمات أحمد فؤاد» عن «أم كلثوم» فستجد «الست» تحكى أكثر ما تحكى عن فصل الشتاء، وكيف كان يلفها منذ أن كانت طفلة صغيرة تسعى مع أبيها وأخيها خالد على رزق العائلة بالإنشاد، فتنتقل من قرية إلى قرية ومن نجع إلى نجع، ومن ليلة إلى ليلة، ومن فرح إلى فرح، ومن مولد إلى مولد، لتشنف آذان الأجيال المحظوظة التي استمعت إلى أم كلثوم الطفلة، ثم الشابة.
ما أكثر ما تجد «الست» تشكو مما كانت تعانيه من البرد وهى تسير مع أبيها وأخيها ذاهبة إلى قرية أو عائدة إلى بيتها في «طماي الزهايرة».
تحملت الطفلة «أم كلثوم» كثيراً حتى تكسب قوتها، لم يصدها عن ذلك برد شتاء أو حر صيف، مثلما تحملت وهي طفلة ثم شابة ثم سيدة جليلة عظيمة، حتى أصبحت رمزاً لكفاح السيدات في جيلها، الجيل الذي عاش في مصر خلال ثلاثة أرباع القرن العشرين.
هذا الجيل من السيدات الذي يمثل فصل الشتاء بالنسبة لهن فصلاً مهماً من تاريخ معاناتهن في الحياة، وفي رحلة عطائهن ومنحهن السعادة للأبناء والأحفاد، وقد كانت وستبقى أم كلثوم -رحمها الله- رمزاً كبيراً عليه.

Try Our AI Features
Explore what Daily8 AI can do for you:
Comments
No comments yet...
Related Articles

Saraya News
an hour ago
- Saraya News
بالفيديو .. العضايلة يكرّم كورال هارموني الذي غنّى للملك والأردنيين بعيد الاستقلال
سرايا - استقبل السفير الأردني في القاهرة أمجد العضايلة، في لقاءٍ تكريمي اليوم الثلاثاء، أعضاء كورال هارموني عربي، والذي غنّى لجلالة الملك عبدالله الثاني والأردنيين بعيد استقلال المملكة. وشارك الكورال كادر السفارة والملحقية العسكرية احتفالهم بعيد الاستقلال ال ٧٩، مؤكدين اعتزازهم بهذه المناسبة الوطنية، التي شكلت الفرصة الأهم للتعبير عن محبتهم للأردن عبر اختيارهم تقديم أغنية أردنية بهذه المناسبة اهداءً لجلالة الملك عبدالله الثاني والأردنيين من مصر وشعبها. وقدّم السفير العضايلة تكريماً لمؤسس ومايسترو الكورال محمود وحيد ولجميع الاعضاء الذين قدموا للسفارة للتعبير عن حبهم للأردن. ومن مقر السفارة أعاد كورال هارموني عربي غناء "حيا الله الأردنية" بمشاركة أعضاء السفارة. بالفيديو.. العضايلة يتوسط كورال هارموني الذي غنّى للملك والأردنيين بعيد الاستقلال #سرايا #الاردن #مصر — وكالة أنباء سرايا الإخبارية (@sarayanews) May 27, 2025

Al Dustour
an hour ago
- Al Dustour
امين عام وزارة الثقافة العياصرة يزور الفنان فؤاد حجازي
عمان - حسام عطية زار امين عام وزارة الثقافة الدكتور نضال العياصرة اليوم الثلاثاء الفنان فؤاد حجازي في مدينة الحسين الطبية اثر تعرضه لوعكة صحية. وأطرب الفنان فؤاد حجازي الأردنيين بأغنياتٍ خالدة، غنّى للأردن و للمغفور له الملك الحسين بن طلال، طيّب الله ثراه، فكان صوته يُحاكي هيبة الملك وحنانه. ثم استمر في عطائه الفني، فغنّى لجلالة الملك عبدالله الثاني، حفظه الله ورعاه، بصوتٍ يملؤه الفخر والانتماء، مُجسدًا الولاء العميق للقيادة التي أحبها وأحبته. وفؤاد حجازي هو مطرب أردني أدى العديد من الأغاني الجميلة. بدأ حياته الفنية مع الإذاعة الأردنية عام 1965 في قسم الموسيقى ولمدة أربع سنوات، انتقل بعدها للتمثيل في سوريا من عام 1969 إلى عام 1975. قام بالبطولة المطلقة في فلم بنات للحب وفلم رحلة عذاب مع ناهد شريف وتوفيق الدقن، وقام بالبطولة المطلقة في فيلم بنات للحب وفلم رحلة عذاب مع ناهد شريف وتوفيق الدقن. ومن أغانيه يا بنية ماني فرنجي، أنا المتيم، طارق، شالك يا حلوة، هلا ياحبيبي باسمك مع جاكلين، غنى العديد من اغنيات الأطفال، غنى ابتهالات دينية مع الأطفال، وله من التمثيل، بنات للحب، رحلة عذاب.

Saraya News
2 hours ago
- Saraya News
الزميلة لورينا القبطي تتألق بعرافة حفل الاستقلال الـ79 في الديوان الملكي العامر
سرايا - في مناسبة وطنية من الطراز الرفيع، تألقت الإعلامية لورينا القبطي في تقديم حفل عيد الاستقلال الـ79 الذي أقيم في الديوان الملكي الهاشمي العامر، والذي تخلله تقليد الأوسمة الملكية من قبل حضرة صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم، حفظه الله ورعاه، لكوكبة من أبناء وبنات الوطن الذين أسهموا في مسيرة العطاء والتميز. وقد نجحت القبطي، بصوتها الواثق وحضورها الآسر، في إدارة فقرات الحفل بكل احتراف واقتدار، حيث جمعت بين الرسمية الرفيعة والإحساس الوطني العميق، مما منح المناسبة أجواء مفعمة بالفخر والهيبة. و نالت الزميلة القبطي إشادة واسعة من الحضور والمشاهدين على حد سواء، لما أظهرته من رُقي في الأداء ودقة في التقديم، جعلتها محط أنظار كل من تابع الحفل. لورينا القبطي ليست غريبة عن التميّز؛ فهي مقدمة برامج بارزة على قناة " Amman TV "، حيث بدأت مسيرتها الإعلامية عام 2018 عبر برنامجها "لك"، وتمكنت خلال فترة قصيرة من ترسيخ اسمها كواحدة من الوجوه الإعلامية المتمكنة على الساحة الأردنية. ويمتد سجل القبطي المهني إلى مجالات الإعلان والعلاقات العامة، إذ شغلت مناصب مؤثرة، و تحمل الزميلة القبطي شهادة البكالوريوس في التسويق والتصميم الجرافيكي من الجامعة اللبنانية الأميركية، ما يمنحها خلفية متكاملة تجمع بين الفكر الإبداعي والمهارات الاتصالية. وفي أمسية الاستقلال، برهنت لورينا القبطي أن الإعلام ليس مجرد مهنة، بل رسالة تُصاغ بالكلمة والوقار، وتُقدّم بروح الانتماء، و مثّلت الإعلام الأردني خير تمثيل في حضرة جلالة الملك، وفي يوم من أعز أيام الوطن.