
روسيا تنتظر صافرة السلام: هل تفتح كرة القدم "أبواب الغفران"؟
في عالم يبدو فيه أن السياسة قد سيطرت على كل تفاصيل الحياة، بقيت الرياضة لوهلة، الأمل الأخير في جمع ما فرّقته الحروب ، وخلق مساحة للتلاقي الإنساني بعيدًا عن البنادق والحدود. لكن حتى هذه المساحة، لم تكن بمنأى عن نيران الحرب الروسية الأوكرانية.
منذ شباط 2022، دخلت روسيا في عزلة رياضية غير مسبوقة، طالت كل المستويات، من الأندية المحلية إلى المنتخبات الوطنية، ومن كرة القدم إلى الأولمبياد. كان القرار سريعًا وصارمًا: فيفا ويويفا يعلّقان مشاركة روسيا في كل المسابقات الدولية، بينما أُلغيت استضافة مدينة سانت بطرسبرغ لنهائي دوري أبطال أوروبا، وكأن العالم أراد أن يقول: "الرياضة ليست بمنأى عن العقاب".
عزلة كروية بلا جمهور
تم إقصاء المنتخب الروسي من تصفيات كأس العالم 2022، رغم استعداده لمواجهة بولندا في الملحق الأوروبي. أندية مثل زينيت وسسكا موسكو، اعتادت المشاركة في دوري الأبطال والدوري الأوروبي، وجدت نفسها فجأة خارج الأضواء. توقفت موسيقى التشامبيونز ليغ في موسكو، وخلت الملاعب الروسية من التحدي القاري.
العقوبات لم تقتصر على منتخب الرجال فقط، بل شملت أيضًا منتخب السيدات، الذي حُرم من المشاركة في كأس أوروبا للسيدات 2022، وتم استبداله بالبرتغال. الأمر لم يتوقف عند كرة القدم، بل تعداها إلى تجميد مشاركة الرياضيين الروس في أغلب البطولات الدولية، بعضهم اضطر للمشاركة تحت رايات محايدة، وآخرون انسحبوا بصمت.
ووفق بيانات اللجنة الأولمبية الدولية، تم تجميد أو إنهاء التعاون مع روسيا في أكثر من 13 اتحادًا رياضيًا دوليًا. أما في كرة القدم تحديدًا، فقد تراجعت القيمة السوقية للدوري الروسي بنسبة 30% وفقًا لمنصة Transfermarkt، وتضررت سمعة اللعبة في البلاد بشكل واسع، بعدما بات اللاعبون الأجانب يغادرون الأندية الروسية واحدًا تلو الآخر.
أرقام تعكس حجم الخسائر
تراجع التصنيف العالمي لمنتخب روسيا إلى المركز 34 (تصنيف فيفا – نيسان 2025) رغم عدم مشاركته في مباريات رسمية منذ 2022. وأُلغيت أو نُقلت أكثر من 10 بطولات دولية كان من المفترض أن تُقام في روسيا، منها نهائي دوري الأبطال، وبعض فعاليات اليونيفرسياد، خلال عامي 2022 و2023. كما خسرت الأندية الروسية ما يُقدّر بـ40 مليون يورو من العوائد التجارية والتلفزيونية بسبب الإقصاء الأوروبي.
كرة القدم قد تفتح باب العودة
لكن، وسط هذا الظلام الرياضي، أطلّ ضوء خافت من بلغراد، حيث كان رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، السويسري جياني إنفانتينو، يتحدث إلى الجمعية العمومية للاتحاد الأوروبي لكرة القدم، فقال: "مع استمرار محادثات السلام في أوكرانيا، آمل أن ننتقل قريبًا إلى المرحلة التالية ونعيد روسيا للمشهد الكروي، لأن هذا يعني حل كل المشكلات، وهذا ما يجب أن نشجعه وندعو له".
لم تكن كلماته مجرّد دبلوماسية رياضية، بل بدت أشبه بنداء إنساني، محاولًا استعادة جوهر الرياضة كجسر بين الشعوب، لا كضحية للحروب. واستحضر إنفانتينو قصة صربيا في يورو 1992، حين تم منع منتخبها من المشاركة بسبب السياسة، رغم امتلاكه أحد أقوى الأجيال الكروية حينها، وقال بنبرة حاسمة: "نحن لا نريد تكرار نفس الخطأ. كرة القدم يجب أن توحّد لا أن تفرّق".
تصريحات إنفانتينو جاءت في وقت يُتداول فيه أن الولايات المتحدة ودولًا أوروبية تحاول إعادة إطلاق مفاوضات سلام بين موسكو وكييف، وقد يشكّل أي اتفاق سياسي الأرضية لعودة روسيا إلى المشهد الكروي الدولي، وهو ما أكده أيضًا رئيس اليويفا، ألكسندر تشيفرين، حين قال: "بمجرد أن ينتهي النزاع، ستعود روسيا لعائلة كرة القدم. هذا موقف واضح".
وما بين تجميد المشاركة والبحث عن منفذ للعودة، تعيش الكرة الروسية مرحلة من "الانتظار القلق". الاتحاد الروسي بدأ يعيد ترتيب أوراقه الداخلية ، وبعض المؤشرات توحي بأن العودة وإن حصلت، ستكون تدريجية ومشروطة، وقد تبدأ بمشاركة منتخبات الشباب أو الأندية في بطولات ودية وتدريجية تحت إشراف دولي.
لكن، لا يمكن الحديث عن عودة دون أن تُطوى صفحة الحرب، ولو جزئيًا. فالفيفا واليويفا رغم كل الضغوط، لا يمكن أن يتحركا ضد إرادة المجتمع الدولي، لا سيما بعد أن باتت العقوبات الرياضية جزءًا لا يتجزأ من أدوات الضغط السياسي والدبلوماسي.
كرة القدم... آخر صوت للسلام
قد تبدو كرة القدم مجرّد لعبة، لكن التاريخ أثبت مرارًا أنها أكثر من ذلك. هي لغة عالمية، وقوة ناعمة قادرة على جمع الخصوم، وبناء جسور حتى بين من فرقّتهم الدبابات. ربما لن تنهي كرة القدم الحروب ، لكنها تملك القدرة على أن تكون أول من يرحب بالسلام.
وإذا عادت روسيا من بوابة اتفاق سياسي مع أوكرانيا، فسيكون من الطبيعي أن تعود أيضًا إلى المستطيل الأخضر. لكن الأهم من ذلك، أن تبقى كرة القدم دومًا، كما أرادها إنفانتينو، لعبة توحد ولا تفرّق.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الميادين
منذ 9 ساعات
- الميادين
"فيفا" يفتح باب الانتقالات قبل كأس العالم للأندية 2025
أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) عن فتح فترة انتقالات استثنائية تمتد من 1 إلى 10 حزيران/يونيو 2025، وذلك قبل انطلاق بطولة كأس العالم للأندية بنسختها الموسّعة، والتي تستضيفها الولايات المتحدة لأول مرة بصيغتها الجديدة بمشاركة 32 ناديًا من مختلف القارات. وتنطلق البطولة المرتقبة في 14 حزيران/يونيو وتستمر حتى 13 تموز/يوليو 2025، بمشاركة نخبة من أبطال القارات، ويتقدّمها لقاء الافتتاح الذي يجمع الأهلي المصري وإنتر ميامي الأميركي في ملعب "هارد روك" في مدينة ميامي. وأوضح "فيفا" في بيانه الرسمي أن "الاتحادات العشرون الأعضاء، التي تنتمي إليها الأندية المشاركة، أكدت أنها ستفتح نافذة قيد استثنائية في الأيام العشر الأولى من حزيران/يونيو"، ما يتيح للأندية فرصة تسجيل لاعبين جدد للمشاركة في البطولة. إلى جانب ذلك، حدّد "الفيفا" فترة ثانية بين 27 حزيران و3 تموز 2025، تتيح للأندية إجراء تعديلات محدودة على قوائمها، تشمل: - استبدال لاعبين تنتهي عقودهم خلال البطولة. - إضافة لاعبين جدد (حتى لاعبين اثنين) من دون التأثير على الحد الأقصى المسموح به للقائمة، والذي يبلغ 35 لاعبًا. ويهدف هذا القرار إلى منح الأندية مرونة إضافية في التعامل مع ظروف العقود والإصابات، خاصة في ظل امتداد البطولة على مدار شهر كامل، وفي فترة مزدحمة كرويًا على مستوى الانتقالات والاستعداد للموسم الجديد. وتحظى النسخة الموسعة من البطولة بترقّب عالمي، كونها تجمع أبرز أندية العالم، في مقدمتها ريال مدريد، مانشستر سيتي، الأهلي المصري، الهلال السعودي، وفلامينغو البرازيلي، ضمن نظام جديد يشبه كأس العالم للمنتخبات من حيث الشكل والمجموعات وعدد المباريات.


النهار
منذ يوم واحد
- النهار
ريان شرقي يُقفل الباب أمام الجزائر وإيطاليا
استُدعيَ مهاجم ليون الشاب ريان شرقي إلى تشكيلة المنتخب الفرنسي للمرة الأولى، وذلك من أجل خوض المربع الأخير لدوري الأمم الأوروبية في كرة القدم، وفق ما أعلن مدرب "الديوك" ديدييه ديشان. وضم ديشان المهاجم البالغ 21 عاماً لخوض مباراة نصف نهائي المسابقة القارية ضد إسبانيا في الخامس من الشهر المقبل في شتوتغارت، ومن ثم لقاء المركز الثالث على الملعب ذاته أو المباراة النهائية في ميونيخ في الثامن منه. وباستدعائه إلى التشكيلة مع اقتراب رحيله المتوقع عن ليون، وضع ديشان حداً للتخمينات بشأن المستقبل الدولي لشرقي الذي كان بإمكانه تمثيل منتخبي الجزائر وإيطاليا بسبب جذور كل من والده الإيطالي-الجزائري ووالدته الجزائرية. لكن مشاركته مع الفريق الأول في المربع الأخير لدوري الأمم الأوروبية الذي يشهد في اللقاء الثاني مواجهة مثيرة أيضاً بين ألمانيا المضيفة وبرتغال كريستيانو رونالدو، سيحرمه من خوض كأس أوروبا للشباب المقررة بين 11 و28 حزيران / يونيو في سلوفاكيا. وشهدت تشكيلة ديشان غياب ثلاثي الدفاع وليام صليبا (أرسنال الإنكليزي) ودايو أوباميكانو (بايرن ميونيخ الألماني) وجول كوندي (برشلونة الإسباني) بسبب الإصابة التي تحرم "الديوك" أيضاً من خدمات لاعب الوسط إدواردو كامافينغا (ريال مدريد الإسباني). وعوض ديشان النقص الدفاعي بضم لويك باديه (إشبيلية الإسباني) وبيار كالولو (جوفنتوس الإيطالي) للمرة الأولى، ومالو غوستو (تشيلسي الإنكليزي) وكليمان لانغليه (أتلتيكو مدريد الإسباني). وضم الخط الأمامي في تشكيلة الـ25 لاعباً الأسلحة التقليدية بقيادة كيليان مبابي (ريال مدريد) وبرادلي باركولا وعثمان ديمبيلي وديزيريه دويه (باريس سان جيرمان)، إضافة إلى شرقي وراندال كولو مواني (جوفنتوس) ومايكل أوليسي (بايرن ميونيخ) وماركوس تورام (إنتر الإيطالي).


النهار
منذ يوم واحد
- النهار
بعمر 42 عاماً رينا سينهي مسيرته أمام إنتر
يعلّق الحارس الإسباني المخضرم بيبي رينا قفازيه عندما يخوض الجمعة مباراته الاعتزالية مع كومو أمام إنتر، في افتتاح المرحلة 38 الأخيرة من الدوري الإيطالي لكرة القدم وذلك عن 42 عاما. وكتب رينا عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي مساء الثلاثاء "لقد كانت رحلة أطول بكثير مما كنت أحلم به، ومع ذلك أشعر بأنها كانت قصيرة إلى درجة أنني أرغب في عيشها مجدداً". وأضاف حارس مرمى ليفربول الإنكليزي السابق (2005-2014) "أنا فخور ومتصالح مع كل لحظة عشتها، اللحظات الصعبة لأنها علمتني الكثير، واللحظات السعيدة لأنها جعلتني في غاية السعادة". وتابع "إلى اللقاء قريباً. مشاريع جديدة مقبلة، إذ أن دمّ كرة القدم يجري في عروقي... لا أستطيع أن أتخيل حياتي من دونها". وتدرج رينا في أكاديمية برشلونة ولعب خلال مسيرته في أربعة من الدوريات الخمسة الكبرى (إسبانيا، إنكلترا، ألمانيا وإيطاليا). كانت له محطة بارزة في ليفربول حيث توّج بلقب كأس إنكلترا عام 2006، كما وصل مع الفريق إلى نهائي دوري أبطال أوروبا عام 2007 حين خسره أمام ميلان الإيطالي. مرّ لفترة قصيرة على بايرن ميونيخ الألماني (2014-2015)، ولعب لأندية إيطالية عدة: نابولي لفترتين من 2013 إلى 2014 ثم من 2015 إلى 2018، ميلان من 2018 إلى 2020، لاتسيو من 2020 إلى 2022، وكومو منذ عام 2024. وكان رينا الحارس الثاني خلف إيكر كاسياس في المنتخب الإسباني، وشارك في التتويج بلقب كأس أوروبا 2008 و2012 وكأس العالم 2010، وخاض 37 مباراة دولية.