
روبوتات إيلون ماسك وصلت.. هل نقول أهلًا بالمستقبل؟!
مؤيد الزعبي
تحدثنا من قبل عن أن الروبوتات المنزلية قادمة لا محال، وبأننا على أعتاب مرحلة نجد فيها الروبوتات تساعدنا في أعمالنا المنزلية؛ تنظف وتطبخ وترتب وترعى أطفالنا وتهتم بحيواناتنا الأليفة وحتى مزروعاتنا البيتية، وبعد سنوات سنجدها تطبطب وتدلل وترعى مشاعرنا ونفسيتنا، وتهتم بشؤوننا الأسرية والعائلية.
وقبل أن نخوض في هذه المغامرة، دعني أحدثك- عزيزي القارئ- إلى أين وصلنا من تطور في هذا المجال خصوصًا بعد أن طرح إيلون ماسك قبل أيام الجيل الجديد من الروبوت المنزلي "أوبتيموس"، وهنا دعني أتساءل معك- عزيزي القارئ- هل فعلًا روبوتات ماسك تستطيع القيام بكل شيء كما أعلن؟، أم أنها ما زالت تحتاج للتطوير لتلبي احتياجاتنا؟ قد أقول لك بكل بساطة أهلًا بالمستقبل، وبأن الروبوتات المنزلية على أعتاب باب بيتك، ولكن قبل أن أقولها بهذه البساطة دعني أخوض من خلال هذا الطرح في مواضيع أكثر تعقيدًا لنصل لفهم أعمق لما نحن مقبلون عليه.
عندما أتحدث عن الروبوتات المنزلية فأنا لا أقتصر الحديث عن روبوتات إيلون ماسك؛ بل أقصد الكثير من الروبوتات المشابهة فهناك روبوت Roomba الذي تطوره شركة iRobot والذي هو عبارة عن مكنسة روبوتية، والروبوت Astro الذي تطوره شركة أمازون، والروبوت Nadine من جامعة نانيانغ التكنولوجية، وهناك روبوتات أجد بأن لها حظ وفير في أن تدخل سوق الروبوتات المنزلية مثل روبوت Figure 02 من شركة Figure AI، والروبوت البشري Atlas الذي تطوره شركة "بوسطن دينامكس"، وهناك الكثير من الروبوتات المنزلية التي تطورها سامسونج وتشاومي، ولهذا نحن نتحدث هنا عن الروبوتات المنزلية بشكل كامل ولا أخصص الحديث عن روبوت بعينه.
صحيحٌ أن الروبوت "أوبتيموس" قد ظهر على المسرح قبل أيام في فعالية We Robot "واثق الخطى يمشي ملكًا" أقصد يمشي بصورة متزنة ويتحرك بطريقة سلسلة، وصحيح أنه قام بتقديم المشروبات والهدايا وتفاعل مع الحضور لكن هذا كله غير كافٍ لنختبر مدى قدرته على التعامل مع بيئات أكثر صعوبة وتعقيدًا وأتحدث هنا عن البيئة المنزلية، والتي رغم بساطتها وبساطة أعمالها بالنسبة لنا نحن البشر إلا أنها معقدة وصعبة للروبوتات خصوصًا ونحن نتحدث عن متغيرات كثيرة يجب أن نأخذها بالحسبان عند تقييم أي روبوت منزلي واعتماد مدى كفاءته، فالبيئة المنزلية المليئة بالأثاث والأجهزة المنزلية وتصميم البيت نفسه من غرف وحمامات؛ كل هذه تُعتبر ظروفاً فيها الكثير من التحديات بالنسبة للروبوت، فلا يقتصر عمل الروبوت على قدرته على التجول في المنزل أو حمل الأشياء بل أيضًا يتطلب معرفته بكيفية التعامل مع كل هذا، والأهم كيفية تصرفه في الحالات الطارئة أو في الظروف الاستثنائية.
من حقنا أن نتساءل أنا وأنت عزيزي القارئ، كيف سيتعامل الروبوت مع مخاطر محتملة في البيئة المنزلية مثل الحرائق أو مشاكل تسرب الماء أو حتى الفيضانات وحتى كيف سيتعامل مع مشاكل بسيطة قد تحدث في أي بيت من انقطاع الكهرباء أو الانترنت، وكيف سيتعامل مع المخاطر البشرية مثل السرقة أو الاعتداء على المنازل، والأهم كيف سيتعامل مع الأطفال ويرعاهم في حالات معقدة وخطرة مثل ابتلاع الأطفال لقطع الألعاب، أو حتى رعايتهم وقت المرض أو التعب أو الإصابة، وبالحديث عن رعاية المسنين فكيف سيتعامل الروبوت مع أمراض المسنين والتعامل مع أدويتهم والرعاية اليومية الخاصة التي يحتاجونها، ولهذا عندما يُعلن إيلون ماسك أن روبوته "أصبح قادرًا على إنجاز أي مهمة" علينا أن نوجه له كل هذه الأسئلة وغيرها العشرات وبناءً على إجابته سنحكم فعلًا فيما إذا كان الروبوت أوبتيموس قادرًا فعلًا على القيام بجميع المهام أم لا!، وحتى وإن كان قادرًا فعلًا فمن حقنا أن نتساءل عن الخصوصية والأمان الإلكتروني الذي ينتظرنا عندما تدخل هذه الروبوتات منازلنا وتقتحم حياتنا.
في النهاية دعني أقول لك إنني من أشد المتفائلين والمنتظرين للروبوتات المنزلية التي تطبخ وتنظف وتتواصل مع البقالة وتحمل وترتب الأشياء، وحتى تلك التي ترعانا كبشر في مختلف الظروف والحاجيات، ولكن من وجهة نظري أننا مازلنا نحتاج للوقت لتطوير كل هذه الروبوتات، وحتى نطورها يجب أن نستخدمها ونستعملها وأن نسمح بأن تدخل بيوتنا لنجربها ونختبر مشاكلها، وهذا ليس دوري ودورك بل على هذه الشركات أن تقوم باختبار روبوتاتها في مكانها المستقبلي "المنازل" وليس فقط الاكتفاء بتطورها هناك في شركاتهم أو في بيئاتهم الافتراضية، فالبيئات الحقيقية لمنازلنا تحفها المخاطر ويتخللها المفاجآت، ولن نستطيع تقييم أي روبوت طالما مازال عرضه وتقديمه يقتصر على المنصات والمسارح أو عبر الشاشات.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


جريدة الرؤية
١٤-٠٥-٢٠٢٥
- جريدة الرؤية
عندما يحكم الذكاء الاصطناعي ثرواتنا!
هل سيقودنا لـ"يوتوبيا الوفرة" أم "ديستوبيا الفقر"؟! مؤيد الزعبي "كثيرًا ما نُراهن على الذكاء الاصطناعي كمُخلّص اقتصادي قادر على إدارة ثرواتنا بذكاء وكفاءة. لكن السؤال الأهم: هل سيُحسن توزيعها؟"، وقد أتفق عزيزي القارئ في أن الذكاء الاصطناعي قادر على إدارة ثرواتنا بطريقة منهجية مفيدة ولكن أشك في قدرته على توزيعها بطريقة عادلة، فللأسف الذكاء الاصطناعي قد يكون أكثر المتحيزين أو العنصريين وسيعمل على تركيز الثروات في أيدي صناعه وخدامه؛ نعم صناعه وخدامه عزيزي فمن يسعى للثروات مستغلًا الذكاء الاصطناعي غير العادل، سيصبح يومًا ما خادمًا له لتحقيق مكاسبه. في هذا الطرح نحن أمام سيناريوهين اثنين: سيناريو يوتوبيا الوفرة (المدينة الفاضلة)، وسيناريو ديستوبيا الفقر (المدينة الفاسدة)، أما عن سيناريو يوتوبيا الوفرة؛ فالذكاء الاصطناعي سيساعدنا كثيرًا في زيادة الإنتاجية وخفض التكاليف والنمو الاقتصادي، والحديث هنا عن نمو شامل في جميع المجالات والقطاعات، فمن خلال التحليلات الذكية سيكون قادرًا على تحقيق إدارة شاملة لجميع المكونات في وقت واحد مما يمكنه من قراءة المشهد بصورة شمولية وبذلك يصل للإنتاجية الأفضل وبأقل التكاليف، مما سيحقق وفرة في السلع والخدمات، وصحيح أننا نعيش اليوم في وفرة غير مسبوقة على البشرية إلا أنه مازال لدينا ضعف في إدارة الهدر سواء للطاقات أو للمقدرات البشرية. في هذا السيناريو سيحقق الذكاء الاصطناعي المعادلة الأصعب؛ إدارة الموارد والقدرات وتحقيق الوفرة بانسجام مع بعضهما البعض خصوصًا فيما يخص إعادة توزيع القدرات البشرية مع متغيرات سوق العمل ومتطلباته، وحينها سيكون الشخص الصحيح في المكان الصحيح، وستكون المقدرات والثروات في أيدي أمينة بين يدي الذكاء الاصطناعي وقدراته على إدارتها بالطريقة المثلى، ومع قدرة الذكاء الاصطناعي على تحليل البيانات واستكشاف الفرص المستقبلية فسيقدم لنا فرص استثمارية جديدة تخلق قيمة اقتصادية لم نعهدها من قبل. أما السيناريو الثاني، ديستوبيا الفقر، فيستند إلى الصورة القاتمة التي نواجهها اليوم من الحمائية الاقتصادية، حيث من المتوقع أن نشهد تركزًا للثروة بشكل غير مسبوق في المستقبل، فمن يملك الذكاء الاصطناعي يملك مفاتيح الاقتصاد، فهناك دول ستكون متطورة ومتفوقة في الذكاء الاصطناعي وستمارس أشد أنواع الاستغلال للدول الأخرى وتستنزف ثرواتها وتجعلها أكثر فقرًا، وسنواجه شركات التكنولوجيا الكبرى التي ستتحول إلى إمبراطوريات لا يمكن كبحها ولا كبح جماح غريزتها في الكسب والربح بصرف النظر عن المستوى المعيشي للكثير من شعوب العالم. أيضًا من بين المشاكل التي ستواجهنا في هذا السيناريو، عندما تتفوق الخوارزميات على البشر في كل وظيفة فستزداد الفرصة للبطالة الجماعية، وحينها سنتساءل ماذا سيفعل الملايين حين لا يعود لديهم ما يمكن تقديمه لسوق العمل وما هو حالهم من الفقر وقلة الثروات؟ خصوصًا إذا لم يستطع الكثيرون التكيف من اكتساب المهارات اللازمة للتكيف مع سوق العمل المعتمد على الذكاء الاصطناعي، فحينها سيواجهون صعوبات في العثور على فرص عمل جديدة مما سيزيدهم فقر، وأيضًا تخيل معي عزيزي القارئ عندما تصبح الآلات فيمن تحدد كيف تدير ثرواتنا فحينها ستتأكل أصوات الديمقراطية البشرية وسنصبح أنا وأنت مجرد بيانات في قاعدة بيانات عملاقة. صحيحٌ أنه لا يمكننا التنبؤ بالمستقبل وأي السيناريوهين سوف يتحقق، ولكن ما أنا متأكد منه أن السيناريو الذي سيتحقق سيعتمد بشكل كبير على كيفية إدارة بناء الذكاء الاصطناعي وتنظيمه، فنحن بحاجة إلى سياسات جيدة تضمن الاستفادة القصوى من إمكانيات الذكاء الاصطناعي بطريقة عادلة للجميع، وأيضًا يجب علينا الاستثمار في التعليم والتدريب لمساعدة العمال والموظفين على اكتساب المهارات الجديدة المطلوبة في سوق العمل المستقبلي، وأيضًا علينا تطوير أنظمة شبكات الضمان الاجتماعي وجعلها معدة لجميع السيناريوهات المحتملة خصوصًا في مسألة الأفراد الذين قد يفقدون وظائفهم بسبب الأتمتة. في الختام.. لا يوجد جواب قاطع عزيزي القارئ، مستقبلنا يعتمد على القرارات والإجراءات التي نتخذها اليوم؛ فالذكاء الاصطناعي قد يكون أفضل من يدير الثروة- لكنه قد يتحوّل أيضًا إلى من لا يُسأل عمّا يفعل، فقد يبني أنظمة تُقرر من يستحق الفرص والثروة ومن يُقصى عنها، دون أن يكون هناك جهة واضحة تُحاسَب أو تُحاسِبه، فنحن أمام مفترق طرق: إما أن نبني به جنة العدالة والرخاء ونصل ليوتوبيا الوفرة، أو نسلّمه مفاتيح نظام يُقصينا منه ويصل بنا لديستوبيا الفقر، خصوصًا وأننا مقبلون على عالم يسوده نظام طبقي رقمي فمن يملك المعرفة والتحكم في البيانات سيعيش في قلاع ذكية، بينما يتكدس الباقون في أطراف الاقتصاد دون مستقبل. هذا ما سوف أحدث عنه في مقالي المُقبل!


جريدة الرؤية
١٣-٠٥-٢٠٢٥
- جريدة الرؤية
"سامسونج" تطلق أنحف هواتفها الذكية في سباق مع "أبل"
سوانو- رويترز كشفت سامسونج إلكترونيكس يوم الثلاثاء عن أنحف طراز من فئة الهواتف الذكية الرائدة لديها حتى الآن، والذي يضم ميزات الذكاء الاصطناعي المعززة، وذلك في الوقت الذي تسعى فيه إلى التقدم على منافستها أبل في سوق الهواتف الفاخرة. وجاء إطلاق الهاتف الجديد إس25 إيدج لملاحقة زيادة الطلب على الهواتف الذكية الأسهل حملا، خاصة من المستهلكين في العشرينات والثلاثينات من العمر. وقالت سامسونج "كانت ردود الفعل واضحة.. المستخدمون أرادوا شيئا أنحف وأسهل في الحمل دون التضحية بالأداء"، إذ أجرت تغييرات في بنية الهاتف لتقليل سمك المكونات الداخلية، بما في ذلك لوحة الدوائر المطبوعة والأنظمة الحرارية. وقال محللون إن الهدف من توقيت الإطلاق هو استباق أبل التي من المتوقع أن تطلق نسخة أنحف من هاتفها آيفون في النصف الثاني من العام. وأشارت سامسونج إلى أنها ستطرح إس25 إيدج للبيع بكوريا الجنوبية في 23 مايو أيار وبالولايات المتحدة في 30 مايو أيار، مضيفة أنها ستطرحه في نحو 30 دولة منها الصين وأوروبا. ويأتي الهاتف الذي يبدأ سعره من 1099 دولارا بشاشة مقاس 6.7 بوصة (170 مليمتر) وبسمك 5.8 مليمتر، مما يجعله أكبر من طراز إس25 الأساسي لكنه أثقل بشكل طفيف. ويحتوي الهاتف الجديد على أحدث وظائف الذكاء الاصطناعي المدمجة من سامسونج، بما في ذلك ميزات الذكاء الاصطناعي التي تتيح للمستخدمين التفاعل الفوري مع الجهاز بصورة مرئية أو مسموعة باستخدام الكاميرا لطرح الأسئلة. ولم تكشف سامسونج عن موقع إنتاج الطراز الجديد.


جريدة الرؤية
٣٠-٠٤-٢٠٢٥
- جريدة الرؤية
هل سنبقى نحن البشر سادة التقنية أم سنصبح أسرى لها؟
مؤيد الزعبي عندما أطرح عليك- عزيزي القارئ- هذا التساؤل: "هل سنبقى نحن البشر سادة التقنية أم سنصبح أسرى لها؟"، قد يخطر ببالك أننا نتحدث عن الهواتف الذكية أو شبكات التواصل، أو ربما تستحضر أفلام الخيال العلمي التي تنبأت بتمرد الآلات، لكنِّي هنا أتناول جانبًا أعمق: هل أفقدتنا التقنية– أو ستفقدنا– جوهرنا البشري ومهاراتنا التي أبقتنا أحياء منذ بدء الخليقة؟ إلا تجد بأن كثرة اعتمادنا على التكنولوجيا والتقنية جعلتنا نفقد وسنفقد الكثير من مهاراتنا كبشر، مهارات فكرية وتخطيطية وأخرى حرفية وصولاً لمهارات استكشافية أو تنبؤية أو حتى مهارات التعايش. ما حدث في إسبانيا مؤخرًا من انقطاع في التيار الكهربائي وما تبعه من فوضى وخوف، يوضح مدى اعتمادنا المطلق على التقنية، وكأننا لم نعد نتوقع يومًا أن تخذلنا أو تتوقف عن العمل. لقد باتت عقولنا رهينة لهذه الأدوات، وفقدنا القدرة على التكيف مع الطوارئ، وكأننا نعيش في وهم الاستقرار الرقمي الأبدي، والمُفزع في الأمر بالنسبة لي ليس التطور؛ بل فقداننا القدرة على العيش دونه، فنحن اليوم حتى أبسط التقنيات لا نتخيل أن نعيش بدونها يوم واحد، وندخل في حالة من الهلع والخوف وحتى الخروج عن المعايير الأخلاقية والإنسانية لتعرضنا لفقدان عنصر تقني واحد في حياتنا. الإنسان عبر التاريخ اخترع أدوات كثيرة من العجلة إلى الإنترنت لتخدمه وتسهل حياته، ولكن مع تقنيات الذكاء الاصطناعي بتنا لا نخترع أدوات تساندنا بالمعنى العملي أو الحركي، إنما نقوم باستبدال عقولنا بعقول اصطناعية نعتقد بأننا سادتها ومن يشغلها، وقد أتفق معك أنه حتى الذكاء الاصطناعي الأكثر تقدماً مثل ChatGPT أو DeepMind، يعمل ضمن إطار برمجة وضعها بشر، ولكن ما الذي سيحدث غداً ونحن نتخلى عن عقولنا، وماذا لو أدركت البرمجيات أنها تسيطر علينا وأننا من غيرها لا يمكننا البقاء. تأمل معي- عزيزي القارئ- السيناريو التالي: عندما نعتمد بالكامل على السيارات ذاتية القيادة، ثم تتعرض هذه الأنظمة لعطل أو اختراق، فحينها لن نكون قادرين على قيادة سياراتنا وستختفي وسائل تنقلنا، ولن نجد بدائل تقليدية؛ لا خيول ولا عربات، ولا حتى المعرفة بكيفية استخدامها، الأمر ذاته ينطبق على الروبوتات الطبية: إذا توقفت هذه الأنظمة، فقد لا نجد طبيبًا واحدًا يمتلك المهارة أو الحدس السريري لعلاج المرضى، وستتكرر المأساة في التعليم والهندسة والعدالة والفنون، فنحن من قررنا استبدال العقول البشرية بالبرمجيات، دون أن نحسب حساب يوم تتعطل فيه تلك الآلات ومرة أخرى لم نتوقع أن تخذلنا أو تتمرد علينا. في الحقيقة أنا لا أتحدث عن جيلنا الحالي، فما زال فينا من يمتلك المهارات؛ مهارات حرفية وأخرى عقلية، ومازال البشر على كوكبنا هم من لديهم السلطة الفعلية للقيام بكل شيء، ولكن ماذا عن أجيال المستقبل؛ الأجيال الذين نسلبهم مهاراتهم يوماً بعد يوم، نحن نربي أجيالًا قد لا تعرف كيف ترسم، كيف تصنع، كيف تكتب، كيف تفكر، أو حتى تتعامل مع أدوات بدائية، ونذهب في رسم مستقبلًا مليئًا بالروبوتات والأنظمة دون أن نسأل: ما الذي سيحدث لو أصبحت هذه الأنظمة سجنًا لنا؟ قد يتساءل البعض: هل علينا أن نوقف التقدم؟ وأنا أقول حتى وإن أردنا ذلك فلن نستطيع، وأنا هنا لست ضد التقنية أو كيف نطورها في قادم الأيام إنما ما أنادي به هو ضرورة أن تكون عصمة التكنولوجيا في أيدينا نحن البشر وهذا أولاً أما ثانياً أن يكون دائما لدينا بديل قوي وجاهز وحاضر في كافة المجالات وعلى كافة المستويات، فمصدر قوتنا كبشرية كان ومازال وسيظل في قدراتنا على تحويل كل شيء من حولنا ليخدم مصالحنا، وها نحن اليوم نفقد ما ساعدنا في ذلك أمام التقنيات والذكاء الاصطناعي. في النهاية.. يجب أن نعلم أن التاريخ يُكتب الآن، والخيار بين "السيادة" و"العبودية التقنية" بين أيدينا، والفرق بين أن نكون سادة أو أسرى التقنية يعتمد على وعينا وإصرارنا كبشر على الاحتفاظ بالسيطرة، وهنا يبرز تساؤل مهم جدًا: إذا كانت الآلات في طريقها للسيطرة، فهل سنسمح نحن لأنفسنا كبشر بأن نكون ضعفاء بما يكفي للاستسلام؟ هذا هو السؤال الجوهري، والذي سأتابع مناقشته معك في مقالي المقبل.