
فترة حرجة تمر على فلذة كبدي.. كيف أخلص إبني من عقدة الإختبارات
سيدتي بعد التّحية والسّلام، أحييك على تخصيص هذا الركن عبر موقع 'النهار أونلاين' الذي يسمح لنا كأمهات وربات بيوت. التمكّن من نصائحك العملية الفذة التي تيسّر لنا فنّ السيطرة والتحكم في أوضاع تعترينا وتعترضنا في حياتنا وخاصة مع أبنائنا.
ولعلّ ما سأطرحه اليوم عليك كمشكل سيكون على لسان حال كل أم خاصة وأن أبناءنا في فترة إمتحانات. هذه الفترة التي تشوبها العديد من الصعوبات والمشاكل بين الأم والابناء. خاصة فيما يتعلّق بالمراجعة، وهذا هو مربط الفرس.
سيدتي، أنا إمرأة مطلقة ولي إبن هو كل أملي في الحياة، مشكلتي أنني لا أجد الوقت ولا حتى الطريقة لأن أراجع مع إبني. الذي أفضل أن يكون عصاميا متكلا على نفسه. كما وأنني ارى أن الدروس الخصوصية التي يتلقاها من طرف المعلمة تكفيه ليكون على أهبة الإستعداد لأي إمتحان كان.
صدقيني سيدتي لست أحاول التملص من مسؤولياتي تجاه إبني لكن كثرة الإنشغالات وقلة صبري ومسؤولياتي تجاه والداي الكبيران في السن والذين أحيا بينهما حالت من دون أن يكون لي دور كبير في المراجعة مع إبني ، فما السبيل للخروج بحلّ يرضيني كأمّ تتوق لأن ينجح إبنها، وكإنسانة تود أن ينشأ فلذة كبدها مستقلا غير متكل على أحد.
أختكم أم أنس من الوسط الجزائري
الرد:
بوركت سيدتي على كبير الثّقة التي وضعتها في شخصي. وأتمنّى أن ترقى إجابتي إلى تطلّعاتك. كما لا يفوتني أن أدعو بالنّجاح والفلاح لكلّ أبنائنا ممن يجتازون هذه الفترة الامتحانات الفصلية التي تؤرق الأولياء أكثر من أنّها تصنع الحدث عند الأبناء.
أتفهّم مشكلتك سيّدتي، وأرى ان العديد من الأمهات تتقاسمن معك نفس الشّغف والرغبة. من خلال ما طرحته كمشكل أرى أنه عليك تحسيس إبنك بالمسؤولية المنوطة إليه في أن ينجح ويفلح بنقاط تمكّنه من أن يكون في المراتب الاولى. هذا الأمر لن يحدث جزافا، حيث أنه عليك بادئ ذي بدء أن تزرعي في قلب طفلك روح المسؤولية وكبير الثقة منك له.
عليك سيدتي أيضا أن تعقدي إتفاقا مع إبنك تؤكدين له من خلاله أنك تمنحينه كل الحرية ليراجع براحته بعيدا عن أي ضغط يمكن أن يكون منك خلال هذه الفترة. ومن انّك تعوّلين أن يتّخذ مما تلقنه له معلمة الدروس الخصوصية زادا في مراجعته. حتى لا تختلط عليه الأمور وحتى لا يجد نفسه أمام طرق وأنماط شرح مختلفة وأحيانا متضاربة.
كل هذا ولا يمكنك سيدتي أن تتهرّبي مما لك كدور كبير في حياة إبنك الذي يفتقد إلى وجود الأب في حياته. خاصة في هذه الفترة التي يتوجب فيها عليك أن تلعبي دور الأب والأم معا حتى تتمكن يمن بناء شخصية متماسكة لإبنك في سنه هذا. فالتشجيع والدعاء له وكذا تحسيسه بأهمية نجاحه بالنسبة لك مقابل التضحيات التي تقومين بها من أجله وله وحده.
ليس الأمر بالهين، لكنه ليس بذات الصعوبة حيث أنه من الجميل أن تجتازي مع إبنك هذه المرحلة بنجاح. ليكون بعد أن يقطف ثمرة إجتهاده وعطائك الامتناهي شخصا عصاميا متكلا على نفسه. وفقه الله وكان في عونك أختاه لتحصدي خير ما زرعته.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجمهورية
منذ 19 دقائق
- الجمهورية
من وادي ارهيو والي غليزان يشهد احتفالية توديع أولى أفواج حجاج بيت الله
في جو ايماني بهيج ، شهدت، مدينة وادي ارهيو ، ليلة الأربعاء إلى الخميس، احتفالية توديع أولى أفواج حجاج بيت الله الحرام لهذا العام 1446ه/2025 م المتوجهين في رحلة من مطار أحمد بن بلة الدولي بوهران إلى البقاع المقدسة بالمملكة العربية السعودية فجر هذا الخميس لأداء مناسك الحج، بحضور والي غليزان وسط سعادة عارمة عمّت كل الأهالي المودّعين لذويهم وفي مشهد امتزجت فيه مشاعر الدعاء بالدموع في توديع حجاج الولاية، حيث ضمّ أول فوج 250 حاجا وحاجة من مختلف البلديات بالإضافة إلى عدد من أعضاء البعثة . وفي كلمته أعرب كمال بركان، عن سعادته بمشاركته في حفل توديع أولى الحجاج المغادرين إلى الأراضي المقدسة داعيا الله أن يوفقهم في أداء المناسك ، وحثّهم على اتباع الإرشادات للحفاظ على سلامتهم وتأكيد راحة وسلامة الحجيج خلال رحلتهم المباركة ومتمنيا لهم العودة إلى أرض الوطن بسلام . كما نوّه القائمون على هذا الفوج ممثلين في وكالة المحسنون التي تضطلع بأدوار مهمة في تسيير رحلات الحج للموسم الرابع على التوالي، بما توليه السلطات الجزائرية من اهتمام لرعايتها الشاملة للحجاج الميامين و ضمان راحتهم والتكفل الأمثل بهم خلال فترة تواجدهم في البقاع المقدسة، مذكّرين بكل الإجراءات والتجهيزات ضمن الاستعدادات المكثّفة التي تبذلها الدولة لضمان موسم حج ميسّر .


الشروق
منذ 12 ساعات
- الشروق
الامتحان الذي نغفل عنه!
ربّما ينشغل العبد في هذه الدّنيا ببعض الامتحانات العارضة والمتكرّرة، عن أهمّ امتحان يخوضه في حياته؛ امتحان لا يشغل المؤمن عن الامتحانات الأخرى ما دامت لأجل ما أباح الله، لكنّ هذه الامتحانات يمكن أن تشغله عن هذا الامتحان الأهمّ، متى ما ضعف إيمانه وغفلت روحه. إنّه 'امتحان الحياة'، والحياة كلّها من البلوغ إلى الوفاة، امتحان لا مناص من خوضه، يجتازه كلّ عبد أدرك سنّ البلوغ؛ الشابّ والشيخ والرّجل والمرأة، والطّبيب والمعلّم والأستاذ والطالب والمدير، والفلاح والبطّال. هو امتحان إجباريّ، لكنّنا كثيرا ما نغفل عنه وننساه، وإن تذكّرناه فربّما لا نوليه من الاهتمام قدر اهتمامنا بامتحانات أخرى كثيرة.. ولعلّنا ندرك هذا التقصير من أنفسنا لو نظرنا كم منّا يجلس مع نفسه جلسة صدق في ساعة من ليل أو نهار ليسألها: يا ترى هل سأكون من النّاجحين في امتحان الحياة أم من الخاسرين؟ يا ترى ما هي علامتي في امتحان الحياة؟ هل هي فوق الصّفر أم تحته؟ هل حسناتي أكثر أم سيئاتي؟ أتراني أسير في طريق الجنّة أم في طريق النّار؟ أخي المؤمن.. بالله عليك، لو طُلب منك أن تدفع كلّ ما تملك لتعرف ماذا لك عند الله، أ كنت ستتأخّر عن ذلك؟ لا شكّ أنّك لن تتأخّر لحظة واحدة. فماذا لو قلتُ لك إنّك تملك ميزانا لا يكلّفك دينارا ولا درهما يُعرّفك بما لك عند الله. نعم إذا أردت أن تعرف ما لك عند الله، فانظر ما لله عندك؟ انظر ما حظّ الإسلام من حياتك؟ هل الإسلام هو ما يحكم قلبك في حبّك وبغضك ورضاك وسخطك؟ هل الإسلام هو ما يحكم معاملاتك؟ هل هو ما يحكمكِ في لباسكِ أيتها المؤمنة؟ هل الإسلام هو ما يحكم أسرتكَ أخي المؤمن؟ هل يهمّك أن يكون كلّ اختيار في بيتك ممّا يرضي الله جلّ وعلا؟ هل يهمّك أن يكون ما تشاهده زوجتك ويشاهده أبناؤك وبناتك على شاشة التلفاز وشاشات الهواتف ممّا يرضاه الله؟ هل يهمّك أن يرضى الله عن كلّ خروج تخرجه زوجتك؟ هل يهمّك أن يرضى الله عن سلوك وسمت أبنائك وبناتك؟ اجلس مع نفسك جلسة صدق وابحث عن الإسلام في قلبك ونفسك وروحك، هل يهمّك مستقبل هذا الدّين؟ هل يؤلمك ما يحدث لإخوانك المسلمين في فلسطين واليمن والسّودان وكشمير؟ ابحث عن الإسلام في جوارحك، وفي مالك الذي تطعم به عيالك. ابحث عن الإسلام بين جدران منزلك. ابحث عن الإسلام في تلفازك بيتك وفي هاتف جيبك. ابحث عن الإسلام في لباس بناتك وحال أبنائك. إياك أخي المؤمن أن تنسى أنّ الحياة امتحان؛ المراقِب فيه ملكان لا يغادران صغيرة ولا كبيرة إلا أحصياها ((إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ))، وفوقهما ربّ جليل لا تخفى عليه خافية. ((يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُور)). القلم في هذا الامتحان هو الجوارح والورقة هي الصّحيفة، فانظر ما عساك تكتب في صحيفتك، فإنّ الموعد أمام ميزان يزن الشعرة والذرّة. وأنت أيها الطّالب، يا من أنت مقبل على امتحان من الامتحانات المهمّة بعد أسابيع قليلة.. استعن بالله والجأ إليه -جلّ في علاه- لجوء صادق مخلص. حافظ على صلواتك في أوقاتها. حافظ على الأذكار وأكثر من الدّعاء والإلحاح فيه. ادع الله أن يثبّتك ويربط على قلبك، ويوفّقك، قل 'اللهمّ لا سهل إلا ما جعلته سهلا وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا'. ليس حراما ولا عيبا أن تلجأ إلى الله كلّما احتجت إليه وإلى توفيقه، ولكنّ الحرام والعيب أن تلجأ إليه وقت الحاجة وتنساه إذا قضيت حاجتك، كما قال سبحانه: ((وَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِداً أَوْ قَآئِماً فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَّسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُون)). العيب أن تستعين بمولاك في أمور دنياك وتنساه في أمور دينك وآخرتك: ((فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ * وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَاب)).. استعن بالدّعاء وقت الأسحار، والمذاكرة في وقت الفجر فإنّها من أنفع ساعات النّهار. تجنّب السّهر إلى ساعات اللّيل المتأخّرة، فإنّ العقل في تلك السّاعات يكون في مرحلة أشبه بالخمول، والاستيعاب في تلك السّاعات قليل ويكاد يكون معدوما. تجنّب الإكثار من المنبّهات كالقهوة والشّاي. لا تجهد نفسك فوق طاقتها، وأعطها حقّها من الرّاحة من حين لآخر، فإنّ الرّاحة للجدّ جدّ. اجتهد في النّجاح أوّل مرّة، ووطّن نفسك على ذلك، لكن لا تنس أنّ الامتحان الذي تخوضه ليس هو النّهاية، فهو امتحان يمكن تعويض خسارته في فرص أخرى إن أمدّ الله في عمرك، على عكس امتحان الحياة فهو فرصة وحيدة لا تتكرّر ولا تتاح مرّة أخرى.. اهتمّ بالامتحان الذي أنت مقبل عليه، لكن لا تعطه فوق ما يستحقّ فتضطرب وينتابك الخوف. أنت مطالب بتقديم الأسباب، والنتائج ليست بيدك، إنّما هي بيد من قسم بين عباده معايشهم وأرزاقهم وحظوظهم. والله الموفّق.


الشروق
منذ 2 أيام
- الشروق
كنوز صلاة الفجر
يُروى عن صحابيّ رسول الله -صلّى الله عليه وآله وسلّم- أنس بن مالك –رضيَ الله عنه- أنّه كان يبكي كلما تذكَّر فتح 'تُسْتر'، المدينة الفارسية الحصينة التي حاصرها المسلمون سنة ونصف السّنة، ثم تحقّق لهم فتحها؛ سبب بكائه ربّما يكون غريبا في موازين أهل زماننا، لكنّه ليس كذلك في موازين عبادٍ لله امتلأت قلوبهم بخشية الله وتعظيمه. لقد فُتح حصن المدينة قبيل ساعة الفجر، واندفع جيش المسلمين إلى الحصن مستغلّين تلك الفرصة، فدارت معركة في منتهى الضراوة، وفي النهاية كتب الله النصر. لقد تحقق النصر، لكن بعد شروق الشمس، وبعد خروج وقت صلاة الصّبح. فرح المسلمون بالنّصر، وحزنوا لفوات صلاة الفجر، على الرّغم من أنّهم كانوا معذورين، في حال التحامٍ كامل مع العدوّ، لم يكن ممكنا معه إقامة الصّلاة، ولكنّ القلوب الحيّة حزنت على فوات صلاةٍ هي أحبّ الصّلوات إلى الله جلّ وعلا، وإلى عباده الصّالحين الذين يدركون أثرها في تزكية الأنفس وإعلاء الهمم وصناعة الرّجال. هكذا انتصر الأوّلون وسادوا الدّنيا حينما كانت قلوبهم عامرة بخشية الله، وأنفسهم لوّامة لا ترضى بالتّقصير في حقّه جلّ في علاه.. وفي زماننا، ضيّع كثير من المسلمين الصّلوات واتّبعوا الشّهوات، فذلّت الأمّة وهانت وأصبحت غرضا للأمم من حولها. نعم أخي المؤمن.. ربّما تكون بتقصيرك في حقّ دينك، وإصرارك على إضاعة صلاة الفجر، سببا في زيادة جراح الأمّة، وإطالة محنتها.. وقبل هذا، ربّما تكون إضاعتك لصلاة الفجر سببا في ضيق نفْسك ووهن بدنك وتعسّر أمورك.. اسأل نفسك: كم سنة وأنت تنام عن صلاة الفجر؟ ماذا جنيت من نومك عن هذه الفريضة التي تشهدها ملائكة اللّيل والنّهار؟ وهَن وفتور وضجر وقلق وحيرة وسوادُ وجهٍ وقسوة قلب.. هذا هو حصادك في كلّ هذه السّنوات التي نمت فيها عن صلاة الفجر. وهذا ما جنيته على نفسك بإصرارك على هذه الكبيرة المنكرة. دعوة للتدبّر أخي المؤمن.. في كلّ ليلة تقبض روحك وتعاد إليك بعد طلوع الشمس سالمة مسلّمة، فتفتح عينيك على ضوء الصّباح وضيائه؛ أما خشيت أن تفتح عينيك في يوم من الأيام ولأوّل مرّة على ظلام حالك ليس ظلام الدّنيا ولكنّه ظلام حفرة القبر، فهل ترى ينفعك النّوم حينها؟ أخي المؤمن.. هل تأمّلت حالك، كم مرّة قمت باكرا لموعد بينك وبين بشر مثلك؟ أنسيت موعدك كلّ صباح مع ربّ الأرباب؟ كم مرّة قمت قبل الفجر لسفر من الأسفار؟ كلّما كان سفرك أطول كان زهدك في النّوم أكثر؛ فهلاّ قمت –أخي- لتتزوّد لسفر طويل لا رجوع بعده. هل سمعت أُخيّ قول نبيّ الهدى -عليه الصّلاة والسّلام-: 'أثقل الصّلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبْوا'؟ أترضى لنفسك أن تحشر يوم القيامة مع المنافقين؟ ربّما تصلّي الظّهر والعصر والمغرب والعشاء لوقتها، وتصوم وتتصدّق، وتحشر مع المنافقين لأنّك لا تصلّي الفجر لوقتها، وتتهاون في أحبّ صلاة إلى عباد الله المؤمنين وأبغضها إلى المنافقين. كنوز صلاة الفجر أخي المؤمن. لا شكّ أنّك سمعت وقرأت مرارا وتكرارا قول ربّك جلّ وعلا: ((أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآَنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآَنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا))، أ تدري ما المقصود بقرآن الفجر؟ إنّها صلاة الفجر، وهل تدري معنى قوله تعالى ((إِنَّ قُرْآَنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا))؟ معناه أنّ ملائكة الليل وملائكة النّهار تجتمع لصلاة الفجر. إنّه سرّ تلك الرّوحانيّة وذلك الأنس والانشراح والطّمأنينة التي تجدها تلك القلّة المؤمنة التي تصلّي الفجر في بيوت الله، إنّها أسعد ساعة في اليوم كلّه، كيف لا والنّبيّ عليه الصّلاة والسّلام يقول: 'ركعتا الفجر خير من الدّنيا وما فيها'، ومعنى هذا أنّ السّعادة التي يجدها من يصلّي الفجر لوقتها أعظم من سعادة من اجتمعت أمامه نعم الدّنيا بأسرها، ألا تحبّ أخي المؤمن أن تكون أسعد من الملوك؟ ألا تحبّ أن تكون أسعد من أثرياء هذا العالم؟ صلّ الفجر لوقتها تكن كذلك، وتحْظَ بمعية الله وحفظه ورعايته، يقول عليه الصّلاة والسّلام: (من صلّى الفجر فهو في ذمّة الله)، بمعنى أنّه في حفظ الله ورعايته سبحانه، ومَن حفظه الله فمن ذا الذي يضرّه؟ ((فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِين)). هذا في الدّنيا، أمّا في الآخرة، فتأمّل معي قول النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام-: 'لن يلج النّار أحد صلّى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها'، معنى هذا أنّك إذا صلّيت الفجر والعصر لوقتهما كُتبت لك براءة ونجاة من النّار. فيا لها من غنيمة ثمنها يسير ويسير جدّا. ليس هذا فقط وإنّما هناك المزيد، اقرأ معي هذا الحديث الذي يقول فيه نبيّنا -عليه الصّلاة والسّلام-: 'من صلّى الصّبح في جماعة فكأنّما قام الليل كلّه'، إذا صلّيت الصّبح في جماعة كُتب لك أجر قيام ليلة بأكملها. فياله من ثواب جزيل لقاء عمل يسير لمن استعان بالله وطلب هداه، ربّما لا زلت تريد المزيد، وفعلا هناك المزيد، يقول عليه الصّلاة والسّلام: 'بشّر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنّور التّامّ يوم القيامة'؛ في عرصات يوم القيامة، يوم يحشر العصاة والمذنبون والكفرة والمنافقون سود الوجوه، تكون أنت ممّن يحظى ويسعد بذلك النّور التّامّ في وجهك وعلى الصّراط مع عباد الله المشّائين في ظلمات اللّيالي إلى بيوت الله عزّ وجلّ.. ثمّ في النّهاية يكون مستقرّك في الجنّة التي وعد الله عباده المحافظين على صلاة الفجر، يقول عليه الصّلاة والسّلام: 'من صلّى البردين دخل الجنّة'، والبردان هما الصّبح والعصر، فإذا داومت على صلاة الفجر وصلاة العصر لوقتهما ولقيت الله على ذلك كنت من أهل الجنّة، نعم من أهل الجنّة. وماذا بعد؟ وبعدُ أخي المسلم، يا من عدت إلى النّوم عن صلاة الفجر بعد رمضان. يا من تصلّي الفجر في بيتك. أرأيت كم ضيّعت على نفسك من الخيرات والبركات والحسنات؟ سعادة ما بعدها سعادة، حِفظ من الله من كلّ مكروه، حسنات تصبّ عليك صبّا، نور يوم القيامة، نجاة من النّار وفوز بدار الأبرار. ألا فتب إلى الله من النّوم عن صلاة الصّبح، واعقد العزم أن تبدأ من الغد بحول الله، وتسعى جاهدا لتكون من أهل الفجر الذين يحبّهم الله ويحبّونه؛ إنّك لن تفشل أبدا إذا توكّلت على الله وسألته بإلحاح أن يعينك على نفسك.. ربّما تنام حين تنام وأنت لم تفكّر في القيام للصّلاة، ربّما تنام وأنت تتمنّى ألاّ تستيقظ حتّى تجد لنفسك الأعذار والمبرّرات، ربّما تنام وأنت جازم وموقن أنّك ستفتح عينيك من الغد على الدّنيا، ربّما تنام على غير طهارة، ربّما تنام وأنت تفكّر في هموم الدّنيا بل ربّما تغمض عينيك على مشاهد وصورٍ لا يرضاها الله على شاشة الهاتف، تزرع شوكا وتريد أن تجني عنبا. محال أخا الإسلام.. إذا أردت طاعة الله في أوّل النّهار فلا تعصه في أوّل اللّيل، إذا أردت الاستيقاظ باكرا فنم باكرا ودع عنك السّهر في القيل والقال.. نَمْ أخي باكرا.. لا تنم إلاّ على طهارة.. اقرأ أذكار النّوم، اقرأ آية الكرسيّ والمعوّذتين، ادع الله أن يبعثك إذا نادى مناديه للصّلاة، استعن بمنبّه واجعله بعيدا عنك حتّى لا توقف رنينه وأنت لا تشعر، أوص من يوقظك ولو عن طريق الهاتف، حاول أن تستحضر أنّ نومتك ربّما تكون آخر نومة لك في هذه الحياة.