حكايات البحر الغامضة: ليلة مع مارد الأعماق

من سلسلة 'حكايات البحر'
الحلقة: 3
"هو بحر، فإذا كان ساكنًا فاغص فيه، واستخرج منه الدر، وإذا كان هائجًا مزبدًا فاحذره ولا تقربه، فتغرق فيه"." – أبو الطيب المتنبي
بين السكون والعاصفة، بين الوعد بالخيرات والتهديد بالفناء، يظل البحر لغزًا لم يفكك البشر شفراته كاملة. منذ الأزل، وهو مهد الأساطير، حيث يختبئ المجهول خلف أمواجه المتكسرة، وحيث يتحول الأفق إلى بوابةٍ لعوالم لا تراها إلا القلوب التي ألفت المغامرة.
ليس البحر مجرد امتدادٍ للماء، بل ذاكرةٌ ممتلئةٌ بالحكايات، بصيحات البحّارة، وخطوات العابرين، وظلال الذين مروا ولم يعودوا. هو صديقٌ لمن فهمه، وعدوٌّ لمن جهل حدوده، إذ يمنح درره لمن يغوص فيه بعقلٍ مدرك، لكنه لا يتوانى عن ابتلاع من يستهين بقوته.
وفي أعماقه، حيث لا تصل الشمس، تختبئ أسرار لم تُروَ، وأصواتٌ لم تخرج إلى السطح قط. فهل كان البحر دومًا مجرد ماء؟ أم أن فيه ما يتجاوز الإدراك، شيئًا ينتظر من يجرؤ على الإنصات؟
بين دفتي الزمان، روت الألسنة عن وقائع لا يفسرها العقل، عن لحظات تجمد فيها الزمن فوق سطح الماء، وعن ظلالٍ خرجت من رحم البحر لتترك بصمتها على العالم. قصصٌ توارثها البحّارة، فمن ذا الذي يجرؤ على إنكار ما رأته الأعين وسمعته القلوب؟
مارد السيخ
"كنا ثمانية رجال، سارحين في البحر، نصطاد الأخطبوط، في منطقة تُسمّى السيخ، أمام بوابة الإسكندرية. كنا على متن لانش كبير، وكان الليل قد أسدل ستاره علينا، نقضي ليلتنا في عرض البحر نرمي الشباك وننتظر الرزق الذي يجود به علينا الموج. كانت الأمور تسير كالمعتاد حتى سمعنا فجأة صوت صفعة قوية على القفا!"
التفتنا جميعًا، وإذا بزميلنا مصطفى كريم يضع يده على رقبته من أثر الضربة، بينما انفجرنا في الضحك، متعجبين مما حدث. لكن الضحك لم يدم طويلًا، لأن التالي في الصف تلقّى صفعتين متتاليتين على قفاه! بدأ الأمر يثير التوتر، ولم تمضِ لحظات حتى جاء دوري...
يقول عم إبراهيم، وهو بحار مخضرم تجاوز الخامسة والستين من عمره:
"شعرت بحرارة شديدة في رأسي، كأن شرارًا يتطاير من عينيّ، وقبل أن أستوعب ما يحدث، رأيت يدًا طويلة... طويلة جدًا! لم أفهم كيف امتدت بهذا الشكل، لكني لم أملك وقتًا للتفكير، لأن الشخص الذي بجواري انفجر ضاحكًا، ثم كان دوره ليأخذ الصفعة التالية!"
لم يستثنِ هذا الشيء أحدًا، حتى وصلنا إلى السابع، الذي قرر الهرب. نزل مسرعًا إلى العنبر، باطن اللانش، محاولًا الاحتماء من الضربات الغامضة. لكنه ما إن اختبأ حتى فوجئنا جميعًا بالقفة (غطاء اللانش الفاصل بين سطحه وباطنه) تُنزع بعنف وكأن يدًا خارقة أطاحت بها، ثم تلقّى زميلنا المختبئ الضربات هو الآخر، وكأن شيئًا ما يطارده، غير عابئ بالحواجز أو الأماكن المغلقة.
في هذه اللحظة، اجتاحنا الرعب. قررنا مغادرة المكان فورًا. حاولت تشغيل المكنة (المحرك)، لكنها لم تستجب. جربت مرارًا، لكن المركب ظل ثابتًا في مكانه، وكأنه مشدود إلى قاع البحر بقوة لا تُرى. كنا ثمانية رجالًا، أمضينا حياتنا في البحر، لكننا شعرنا بالعجز التام أمام هذا المشهد.
اجتمعنا فوق سطح اللانش، التففنا في دائرة، وأمسكنا بالمصحف، نقرأ القرآن، نحاول طرد هذا الرعب الذي أحاط بنا. كان معنا كاسيت مسجل، فقررت تشغيل شريط قرآن. وما إن بدأ الصوت يصدح حتى حدث ما لم يكن في الحسبان... الكاسيت ارتفع في الهواء! لم يلبث أن تحطّم وسقط على أرضية المركب أشلاءً متناثرة، وكأن قوة خفية مزقته إلى عشرات القطع الصغيرة.
عندها، لم يعد أمامنا إلا أن نرفع أيدينا إلى السماء، نتضرع إلى الله، ندعوه أن ينجّينا مما نحن فيه. كانت ليلة طويلة، باردة، موحشة، لم نملك فيها سوى الدعاء، وانتظار رحمة الله وسط بحر بدا وكأنه يريد ابتلاعنا.
وأخيرًا، مع أول خيط للشمس ينسج نوره على صفحة الماء، تجرأ زميلنا عرفة أشرف على محاولة تشغيل المركب من جديد... ويا للمفاجأة! دارت الماكينة فورًا، كأنها لم تتعطل أبدًا، فانطلقنا مبتعدين عن المكان بأقصى سرعة، لا نلتفت خلفنا.
حين وصلنا إلى الميناء، كان أول ما فعلناه أن ذهبنا إلى شيخ الصيادين، قصصنا عليه ما حدث، علّه يفسّر لنا هذا اللغز المرعب. استمع إلينا في هدوء، ثم سألني مباشرة:
"إنت كنت فين يا إبراهيم؟"
فأجبته: "في السيخ."
فنظر إليّ نظرة عميقة وقال:
"أنتم كنتم فوق أوضته... وضايقتوه."
ارتجفت لسماع هذه الكلمات. أي أوضة؟ من هو الذي أزعجناه؟ تابع الشيخ كلامه:
"إحنا، الصيادين الكبار، ما بندخلش المنطقة دي. فيها غرفة مارد البحر، وما ينفعش نزعجه!"
ورغم كل ما حدث، عدتُ في اليوم التالي إلى نفس المكان! سألني أحدهم مستغربًا:
"إنت مش خايف؟!"
فأجبته بضحكة خافتة:
"السمك هناك ياما! البحر ربنا هيكرمني برزق ما بيخلصش."
وقد كان !
وهنا تدخل زميله عمر، وقال بابتسامة واثقة:
"هو مارد البحر ما كانش ناوي يؤذي إلا الوحش اللي بينكوا يا عم ابراهيم... ما كانش عاوزه يقرب من المكان."
سألته بفضول:
"يعني لو كلهم طيبين، ما كانش هيظهر؟"
فأجابني بثقة:
"أيوه... أو ده اللي إحنا نعتقده!"
ثم أضاف عمر بحكمة:
"يا أستاذة، المارد ده متابع الوحش اللي فيهم... مش عاوزه يقرب من أوضته. مش النبي قال:
المُستريح هو العبد المؤمن، يستريح من نصب الدنيا، والمُستراح منه العبد الفاجر، يستريح منه العباد والدواب والشجر.
طيب، الإنسان الفاجر بيؤذي العباد... سواء كانوا إنسًا أو جنًا!"
هنا، ساد الصمت، ولم يسعني إلا أن أتساءل: هل حقًا البحر يحرسه من لا نراهم؟ وهل هناك أماكن محرمة، حتى على من اعتادوا الإبحار منذ سنين؟
لكن السؤال الأهم... هل كانت هذه الليلة كابوسًا، أم تحذيرًا؟
(ترقبوا القصة القادمة... حيث يرفع مارد البحر رفّاس السفينة!)
حكايات البحر الغامضة
حكايات البحر الغامضة
حكايات البحر الغامضة
حكايات البحر الغامضة
حكايات البحر الغامضة
حكايات البحر الغامضة
حكايات البحر الغامضة
حكايات البحر الغامضة

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعلم مع الذكاء الاصطناعيالتحقق من الحقائقتحويل النص إلى كلامملخص الذكاء الاصطناعي

أخبار ذات صلة

مصرس

منذ 2 ساعات

• مصرس

خالد يوسف يرد عمليا على شائعة اعتزاله الإخراج ويعلن تفاصيل فيلمه القادم (فيديو)

بعد غياب عامين وشائعة اعتزاله الإخراج، خرج المخرج خالد يوسف، لينفي عمليا هذه الشائعة، مؤكدا أنه اقترب من الانتهاء من كتابة أحدث أفلامه السينمائية. وقال خالد يوسف في تصريحات لبرنامج "سبوت لايت" المذاع عبر قناة صدى البلد: "بعمل فيلم اسمه خطوات الخوف وبنتهي من كتابته، وبإذن الله قريبا أبدأ اختيار الممثلين".وعن فكرة الفيلم، قال خالد يوسف: "الفيلم بيتكلم عن تيمة الخوف في حياتنا كأهم وازع للبشر، أجدع واحد في العالم خايف، اللي خايف من المرض أو الفقر أو خايف على ولاده أو من المستقبل. كل واحد في حاجة تمس ظاهرة الخوف جواه تحركه".يذكر أن خالد يوسف نفى مؤخرا شائعات اعتزاله الإخراج التي انتشرت في شهر مارس الماضي.وكتب خالد يوسف عبر حسابه على "فيس بوك": "خبر اعتزالي السينما غير صحيح وليس له أي أصل والذين يروجونه يبحثون عن تريند وترافيك، وأقوم الآن بإجراء التحضيرات لفيلم جديد بعنوان خطوات الخوف وقد تعاقدت مع شركة روتانا على إخراج أربعة أعمال خلال العامين القادمين إن شاء الله".آخر أعمال خالد يوسف كان فيلم "الإسكندراني"، المستوحى من رواية تحمل الاسم نفسه للكاتب الراحل أسامة أنور عكاشة، ويضم فريقا مميزا من النجوم وهم أحمد العوضي، زينة، عصام السقا، بيومي فؤاد، حسين فهمي، صلاح عبد الله، محمود حافظ، محمد رضوان، ورحاب الجمل.والخميس، كشف المخرج خالد يوسف أنه تعرض لهجوم شديد وصل إلى التهديد بالقتل من قبل أنصار النظام السوري الجديد برئاسة أحمد الشرع.وقال خالد يوسف في بث مباشر عبر صفحته على فيس بوك أنه كتب "بوست" عن الجولاني وعن تسليمه لوثائق المخابرات السورية إلى العدو الصهيوني، وحذفت البوست على الفور إدارة فيس بوك.وأكد أن فيس بوك منصة تناصر العدوان على الشعوب، وأن هذا الفيديو قد يكون الأخير له بسبب تحذير إدارة فيس بوك بغلق صفحته، مشيرا إلى أنه تلقى في الوقت نفسه تهديدات من أنصار النظام السوري الجديد وصلت إلى التهديد بالقتل، ولم يكلف أحد نفسه بالرد على ما كتبه. ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار ال 24 ساعة ل أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري ل أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية. تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هنا

الأموال

منذ 2 ساعات

• الأموال

بعد غياب موسمين.. محمد رمضان يعود بمسلسل جديد في دراما رمضان 2026

يستعد النجم محمد رمضان للعودة بقوة إلى دراما رمضان بعد غياب دام موسمين، حيث أعلن رسميًا عن مشاركته في موسم رمضان 2026 بمسلسل جديد ينتظره الجمهور بشغف. إعلان العودة لدراما رمضان شارك محمد رمضان جمهوره عبر صفحته الرسمية على "فيسبوك" بصورة مرفقة برسالة تفاعلية قال فيها:"عايزين بمشيئة الله مسلسل رمضان 2026 على قناة إيه؟"، مما أثار حماس محبيه وتفاعلهم الكبير مع خبر عودته إلى الشاشة الرمضانية بعد فترة غياب. إغلاق ملف قضائي مع MBC وفي تطور مهم خارج إطار الأعمال الفنية، أعلن محمد رمضان تنفيذ حكم قضائي لصالح قناة MBC بسداد 26 مليون جنيه بالإضافة إلى 9 ملايين رسوم قضائية، مؤكدًا التزامه الكامل بالحكم. وكتب في منشور على حسابه:"تم تنفيذ حكم القضاء المصري النهاردة بسدادي 26 مليون إلى إم بي سي، و9 مليون جنيه رسوم قضائية. السؤال هنا يا سادة ليه مفيش خبر واحد نزل في المواقع العامة والخاصة والحكومية؟!"، مشيرًا إلى أنه بالرغم من الصعوبات، حافظ على موقفه القانوني وأتم السداد. نشاط فني متواصل بين الغناء والسينما لم يتوقف محمد رمضان عن النشاط الفني رغم التحديات، حيث أصدر مؤخرًا أغنيته الجديدة "لسه بدري عليه"، التي لاقت انتشارًا واسعًا بين محبيه. في الوقت نفسه، يواصل تصوير فيلمه التاريخي المرتقب "أسد"، الذي يعيد الجمهور إلى عصر المماليك، ويحكي قصة ثورة العبيد ضد الجيش العباسي في عام 1280. الفيلم من إخراج محمد دياب، ويشارك في بطولته عدد من النجوم مثل ماجد الكدواني ورزان جمال، ويعد من أبرز أعمال رمضان القادمة في السينما.

فيتو

منذ 2 ساعات

• فيتو

خالد يوسف يرد عمليا على شائعة اعتزاله الإخراج ويعلن تفاصيل فيلمه القادم (فيديو)

بعد غياب عامين وشائعة اعتزاله الإخراج، خرج المخرج خالد يوسف، لينفي عمليا هذه الشائعة، مؤكدا أنه اقترب من الانتهاء من كتابة أحدث أفلامه السينمائية. وقال خالد يوسف في تصريحات لبرنامج 'سبوت لايت' المذاع عبر قناة صدى البلد: 'بعمل فيلم اسمه خطوات الخوف وبنتهي من كتابته، وبإذن الله قريبا أبدأ اختيار الممثلين'. وعن فكرة الفيلم، قال خالد يوسف: 'الفيلم بيتكلم عن تيمة الخوف في حياتنا كأهم وازع للبشر، أجدع واحد في العالم خايف، اللي خايف من المرض أو الفقر أو خايف على ولاده أو من المستقبل. كل واحد في حاجة تمس ظاهرة الخوف جواه تحركه'. يذكر أن خالد يوسف نفى مؤخرا شائعات اعتزاله الإخراج التي انتشرت في شهر مارس الماضي. وكتب خالد يوسف عبر حسابه على 'فيس بوك': 'خبر اعتزالي السينما غير صحيح وليس له أي أصل والذين يروجونه يبحثون عن تريند وترافيك، وأقوم الآن بإجراء التحضيرات لفيلم جديد بعنوان خطوات الخوف وقد تعاقدت مع شركة روتانا على إخراج أربعة أعمال خلال العامين القادمين إن شاء الله'. آخر أعمال خالد يوسف كان فيلم "الإسكندراني"، المستوحى من رواية تحمل الاسم نفسه للكاتب الراحل أسامة أنور عكاشة، ويضم فريقا مميزا من النجوم وهم أحمد العوضي، زينة، عصام السقا، بيومي فؤاد، حسين فهمي، صلاح عبد الله، محمود حافظ، محمد رضوان، ورحاب الجمل. والخميس، كشف المخرج خالد يوسف أنه تعرض لهجوم شديد وصل إلى التهديد بالقتل من قبل أنصار النظام السوري الجديد برئاسة أحمد الشرع. وقال خالد يوسف في بث مباشر عبر صفحته على فيس بوك أنه كتب 'بوست' عن الجولاني وعن تسليمه لوثائق المخابرات السورية إلى العدو الصهيوني، وحذفت البوست على الفور إدارة فيس بوك. وأكد أن فيس بوك منصة تناصر العدوان على الشعوب، وأن هذا الفيديو قد يكون الأخير له بسبب تحذير إدارة فيس بوك بغلق صفحته، مشيرا إلى أنه تلقى في الوقت نفسه تهديدات من أنصار النظام السوري الجديد وصلت إلى التهديد بالقتل، ولم يكلف أحد نفسه بالرد على ما كتبه. ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.