
ينقصنا الجرأة.. هل يستطيع لبنان تصنيع "الدرون العسكرية"؟
في العقد الأخير، لم تَعد الطائرات المسيّرة (الدرون) مجرّد تكنولوجيا داعمة للحرب، بل أصبحت الحرب نفسها. لم يعد الانتصار يُقاس بعدد الدبابات ولا عدد الجنود على الجبهة، بل بحجم الشرائح الإلكترونية المصغّرة، ودقة البرمجة، وسرعة التحكّم عن بعد. العالم تغيّر — والسلاح تغيّر — ومن لم يُدرك ذلك، فقد خرج من المعادلة.
لكن لبنان، ذلك البلد الصغير الذي يصدّر مهندسي البرمجة والروبوتيك إلى كبرى شركات التكنولوجيا في العالم، يقف بعيدًا عن هذا التحوّل. ليس لأنه لا يملك العقول، بل لأنه لا يُسمح لها بالتحليق.
الدرون: اللعبة التي غيّرت قواعد الحرب
الدرون لم تعد أداة تجسس أو مراقبة فقط، بل باتت رأس حربة هجومية واستراتيجية في النزاعات. حرب أوكرانيا مثلًا، أثبتت أن الطائرة المسيّرة الرخيصة، التي قد تُشترى من الإنترنت وتُعدّل برمجيًا، يمكنها أن تُدمّر دبابة بأربعة ملايين دولار.
في المقابل، كشفت إسرائيل خلال حرب غزة الأخيرة عن أسطول مسيّرات انتحارية صغيرة تعمل بالذكاء الاصطناعي، تهاجم أهدافًا محددة بدقة.
أما في
جنوب لبنان، فظهرت الدرونات كسلاح فعّال للمراقبة والردع، واستُخدمت أيضًا من قبل قوى غير تقليدية. في كل هذه الساحات، تغير شكل الحرب: من الصراخ والقصف إلى الهدير الصامت. ومن المعركة الجماعية إلى قرار يُتخذ من خلف شاشة.
لبنان: العقول موجودة، والسماء مغلقة
هنا يأتي السؤال المؤلم: لماذا لا نرى هذه الطائرات تُصنّع محليًا؟هل ينقص لبنان العقول؟
الجواب: إطلاقًا.
في جامعات بيروت وجونية وصيدا وزحلة، مشاريع تخرّج عديدة تُظهر براعة طلاب لبنانيين في تصميم نماذج أولية لطائرات مسيّرة، بعضها مزوّد بكاميرات حرارية، وبعضها ببرمجيّات تحكّم ذاتي، وهي مؤهّلة تمامًا لتطوير استخدامها في الأمن والدفاع.
لكن هذه المشاريع غالبًا ما تنتهي على طاولة العرض، قبل أن تتحوّل إلى أي مشروع عملي. والسبب؟ ليس فقط نقص التمويل، بل غياب الإذن السياسي والأمني، أو بالأحرى، وجود "منع غير مكتوب" لتطوير صناعة عسكرية محلية حديثة.
الجيش: بين الحظر الخارجي والإهمال الداخلي
الجيش، رغم ما يتمتع به من احترافية وصدقية شعبية، محكوم بقيود دولية تمنعه من التسلّح النوعي.
منذ سنوات، تُقدّم له مساعدات غذائية، آليات خفيفة، بعض الأسلحة الخفيفة، لكن لا طائرات مسيّرة، لا صواريخ دقيقة، لا أنظمة تحكّم ذكية.
وفي الداخل، لا خطة واضحة لخلق شراكات مع الجامعات، أو للاستثمار في الشباب المبدع.
لا "مركز تكنولوجي عسكري"، لا حاضنة أفكار دفاعية، لا أي جهد رسمي للاستفادة من هذا الجيل الذي يعمل ليلًا على البرمجة من غرفته، وينافس مبرمجي وادي السيليكون.
يقول أحد طلاب الهندسة لـ"لبنان24": "أنا عملت مشروع درون قادر على التحليق والتحكّم به عن بعد لمسافة 15 كلم مع كاميرا حرارية. لكن بعد التخرّج، لم أعرف حتى أين أقدّم هذا المشروع. هل أتركه على الطاولة؟ أم أهاجر به؟"
ما لا يُقال عادةً هو أن الطائرات المسيّرة ليست فقط "سلاح حرب"، بل أيضًا فرصة اقتصادية. دول مثل
تركيا والفيليبين وإيران بنت صناعات بمليارات الدولارات حول الدرونات.
لماذا لا يستطيع لبنان أن يدخل هذه السوق، حتى لو من باب الاستخدام المدني أولًا، أو للأمن الداخلي، أو الزراعة الذكية؟
الجواب يكمن في غياب الرؤية:
- لا سياسات دفاعية.
- لا تمويل البحث العلمي.
- لا تشريعات لتنظيم الاستخدام.
- لا إرادة لبناء منظومة دفاعية وطنية مستقلة.
الشباب اللبناني.. جيش محتمل خارج الخدمة
بين أزمة الهوية الدفاعية، والأزمات الاقتصادية، يبقى الجيل اللبناني الجديد هو الضحية والمستبعَد.
في الوقت الذي تصنع فيه بلدان الجوار أدواتها الدفاعية بيد أبنائها، يتخرّج المهندس اللبناني ويُسأل: "كيف تسافر؟"، بدلًا من "كيف نستفيد من خدماتك؟".
ومع تسارع
الثورة التكنولوجية، قد لا يكون الجندي اللبناني على الجبهة في المستقبل، بل في مختبر برمجي، أو خلف جهاز تحكم بالدرون، أو ضمن شبكة ذكاء اصطناعي.
لكن إن لم يُمنح هذا الجندي الأدوات، أو لم تُفتح له الأبواب، فسيُحلق عقله في السماء، لكن لبلد آخر.
الدرون ليست مستقبل الحرب فقط، بل مرآة لمستقبل الدول: من يصنعها، يتحكّم في المعادلة.
أما في لبنان، فالمعادلة واضحة: العقل موجود، لكنه مكبّل.
الشباب جاهز، لكن الأبواب مغلقة.
والجيش محترف، لكن ممنوع من التقدّم.
فمتى يصبح حقّنا في صناعة السلاح، دفاعًا عن النفس، حقًا سياديًا لا ملفًا خاضعًا للوصاية؟
ومتى يصبح المختبر اللبناني، لا الأجنبي، مصنعًا للحماية لا للهجرة؟
حينها فقط… نكون قد بدأنا الحرب الحقيقية: حرب التخلّص من التبعية.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


التحري
منذ 12 ساعات
- التحري
هل يكون عام 2025 هو عام زوال غوغل؟
لأكثر من عقدين، كان تعبير 'ابحث عنه في غوغل' مرادفًا للعثور على أي معلومة عبر الإنترنت، ما أتاح لغوغل، التي تأسست عام 1998، بناء إمبراطورية رقمية تبلغ قيمتها نحو تريليوني دولار، قائمة على الروابط الزرقاء، لكن إطلاق 'تشات جي بي تي' في تشرين الثاني 2022 شكّل نقطة تحوّل مفصلية لا تزال تداعياتها مستمرة. فأدوات الدردشة المطورة من 'أوبن إيه آي' ومنصة 'بيربليكستي' الناشئة بدأت تقدم إجابات مباشرة بدلًا من قوائم مواقع الويب، ما يدفع المستخدمين وبعض شركات التكنولوجيا الكبرى إلى إعادة النظر في شكل الشاشة الرئيسية للأجهزة الذكية، ومعنى البحث نفسه. وفي ظل الاهتمام المتزايد بـ'بيربليكستي' من جانب عمالقة التكنولوجيا، يُتوقع أن تحجز لنفسها موقعًا متقدمًا على شاشات الهواتف، ما قد يؤهلها لتكون 'غوغل' الجديدة، وربما تهدد مكانة غوغل نفسها. غوغل، من جانبها، تتحرك بسرعة خلف الكواليس لإدماج الذكاء الاصطناعي التوليدي في خدماتها، بعدما دفعتها خطوة 'تشات جي بي تي' إلى إطلاق أدواتها الخاصة. وتدرك الشركة أن صفقات التوزيع التي يبرمها منافسوها قد تُحدث تغييرًا جذريًا في سلوك المستخدمين خلال وقت قصير. المؤشرات الأولية تُظهر بالفعل تحولًا في المشهد؛ إذ أفاد تحليل لبنك أوف أميركا بأن زيارات غوغل العالمية تتراجع سنويًا، في حين قفزت زيارات 'تشات جي بي تي' بنسبة 160% خلال العام الماضي.


IM Lebanon
منذ 15 ساعات
- IM Lebanon
هل يكون عام 2025 هو عام زوال غوغل؟
لأكثر من عقدين، كان تعبير 'ابحث عنه في غوغل' مرادفًا للعثور على أي معلومة عبر الإنترنت، ما أتاح لغوغل، التي تأسست عام 1998، بناء إمبراطورية رقمية تبلغ قيمتها نحو تريليوني دولار، قائمة على الروابط الزرقاء، لكن إطلاق 'تشات جي بي تي' في تشرين الثاني 2022 شكّل نقطة تحوّل مفصلية لا تزال تداعياتها مستمرة. فأدوات الدردشة المطورة من 'أوبن إيه آي' ومنصة 'بيربليكستي' الناشئة بدأت تقدم إجابات مباشرة بدلًا من قوائم مواقع الويب، ما يدفع المستخدمين وبعض شركات التكنولوجيا الكبرى إلى إعادة النظر في شكل الشاشة الرئيسية للأجهزة الذكية، ومعنى البحث نفسه. وفي ظل الاهتمام المتزايد بـ'بيربليكستي' من جانب عمالقة التكنولوجيا، يُتوقع أن تحجز لنفسها موقعًا متقدمًا على شاشات الهواتف، ما قد يؤهلها لتكون 'غوغل' الجديدة، وربما تهدد مكانة غوغل نفسها. غوغل، من جانبها، تتحرك بسرعة خلف الكواليس لإدماج الذكاء الاصطناعي التوليدي في خدماتها، بعدما دفعتها خطوة 'تشات جي بي تي' إلى إطلاق أدواتها الخاصة. وتدرك الشركة أن صفقات التوزيع التي يبرمها منافسوها قد تُحدث تغييرًا جذريًا في سلوك المستخدمين خلال وقت قصير. المؤشرات الأولية تُظهر بالفعل تحولًا في المشهد؛ إذ أفاد تحليل لبنك أوف أميركا بأن زيارات غوغل العالمية تتراجع سنويًا، في حين قفزت زيارات 'تشات جي بي تي' بنسبة 160% خلال العام الماضي.


ليبانون ديبايت
منذ 17 ساعات
- ليبانون ديبايت
بين "غوغل" و"تشات جي بي تي"... هل يقترب عصر جديد لمحركات البحث؟
لأكثر من عقدين، كان "ابحث عنه في غوغل" اختصارًا للعثور على أي شيء عبر الإنترنت، مما سمح لغوغل، الشركة التقنية التي تأسست عام 1998، ببناء إمبراطورية بقيمة 2 تريليون دولار مبنية على الروابط الزرقاء. لكن إصدار "تشات جي بي تي" في تشرين الثاني 2022 أحدث تحولًا جذريًا، ولا تزال آثاره ملموسة. وتُقدم أدوات الدردشة من "أوبن إيه آي" وشركة ناشئة تُدعى "بيربلكسيتي" Perplexity إجابات جاهزة بدلًا من قائمة مواقع الويب، مما يشجع المستخدمين وبعض شركات التكنولوجيا الكبرى على إعادة التفكير في أي رمز يظهر الآن على الشاشة الرئيسية. في الواقع، اجتذبت بيربلكسيتي اهتمامًا كبيرًا من بعض أكبر شركات التكنولوجيا العملاقة، وقد تظهر قريبًا، في حال نجاح هذه الصفقات، على الشاشة الرئيسية لهواتفكم الذكية على نطاق قد يدفعها لتصبح غوغل التالية، بل وحتى إلى انهيارها. غوغل تسابق الزمن خلف الكواليس، تُسابق غوغل الزمن لدمج ذكاءها الاصطناعي التوليدي في محركات البحث، وهو سباق أُجبرت عليه منذ أن دفعها إصدار "تشات جي بي تي" إلى إصدار منتجات ذكاء اصطناعي خاصة بها، لأنها تُدرك أن صفقات التوزيع مع منافسيها قد تُغير عادات المستخدمين بين عشية وضحاها. تُشير الأرقام الأولية بالفعل إلى تغيّر في مسار الأمور. فقد أشار تحليل لبنك أوف أميركا إلى أن الزيارات العالمية لغوغل تتراجع بسرعة على أساس سنوي، بينما ارتفعت زيارات "تشات جي بي تي" بنسبة 160% في الأشهر الـ 12 الماضية. ويُشير بحث منفصل أجرته مورغان ستانلي إلى أن "تشات جي بي تي" لا يزال الخيار الأمثل لجيل "زد" Z، وأن الكثير من هذا الجيل لا يُفكر في البحث على غوغل إطلاقًا. في حين أن غوغل تخسر مكانتها تدريجيًا أمام محركات البحث الأخرى، فإن فقدانها لزخمها أمام منافسيها الأكثر سرعةً الذين يُدمجون الذكاء الاصطناعي في أنظمتهم أسرع بكثير. في حين أن "تشات جي بي تي" هو استخدام واسع النطاق للذكاء الاصطناعي في السوق، فإن المُنافس الحقيقي على العرش هو بيربلكسيتي، الذي يُسوّق نفسه على أنه "محرك الإجابات" الأمثل. تجمع نتائج الاستعلامات المدعومة بالذكاء الاصطناعي بين أفضل ما في روبوتات الدردشة التوليدية والدقة المتوقعة من منصات البحث. تشير بيانات بنك أوف أميركا إلى أن حركة المرور إلى "أوبن إيه آي" قد ارتفعت بنسبة 233% على أساس سنوي - وإن كانت انطلاقًا من قاعدة صغيرة. وتشير التوقعات إلى أن هذا سيتوسع بسرعة الآن. تأسست بيربلكسيتي في آب 2022 على يد الرئيس التنفيذي أرافيند سرينيفاس و3 مؤسسين مشاركين. وسرينيفاس هو مهندس سابق في "أوبن إيه آي" وDeepMind، وقد ساعد في إطلاق محرك الإجابات الخاص بها في كانون الأول 2022. بحلول شباط 2023، اكتسبت الشركة مليوني مستخدم؛ وبحلول كانون الثاني 2024، كان لديها 10 ملايين مستخدم نشط شهريًا، وكانت تعالج ما يقرب من 170 مليون استعلام شهريًا. وهي تجمع حاليًا تمويلًا بقيمة تقدر بحوالي 14 مليار دولار، وفقًا للتقارير. وبينما يتفوق حجم غوغل حاليًا على بيربلكسيتي - حيث حصد عملاق البحث 2.7 مليار زيارة يوميًا في آذار، مقارنةً بأربعة ملايين زيارة فقط لبيربلكسيتي - فمن المتوقع أن يبدأ الوضع في التغير، وبسرعة. تقول ليلي راي، خبيرة تحسين محركات البحث في نيويورك، إنه بمجرد أن يترسخ نمط سلوكي يتمثل في استخدام أدوات مدعومة بالذكاء الاصطناعي بشكل أكثر وضوحًا بدلاً من محركات البحث التقليدية، فسيكون من الصعب التراجع عنه. وتضيف: "أسمع باستمرار أشخاصًا يقولون إنهم توقفوا عن استخدام غوغل.. بدأ الناس باستخدام تشات جي بي تي وبيربلكسيتي في كل شيء". يلاحظ قطاع التكنولوجيا هذا الأمر، فقد نجح بيربلكسيتي في إبهار بعض أكبر شركات التكنولوجيا، بما في ذلك تلك التي اعتمدت سابقًا على غوغل لتقديم خدمات البحث لعملائها. في محاكمتها الأخيرة لمكافحة الاحتكار في الولايات المتحدة، صرّح إيدي كيو، المدير التنفيذي لشركة آبل، بأن الشركة المصنعة لأجهزة آيفون بدأت محادثات مع شركة بيربلكسيتي لاستكشاف إمكانية دمج أدوات محرك البحث في أجهزتها - وهو اعتراف علني نادر بوجود شراكة محتملة من شركة تُلزم شركائها بالسرية التامة حتى تُعلن عن شراكات جديدة بشروطها الخاصة. وقال كيو: "لقد أُعجبنا للغاية بما قدمته بيربلكسيتي، لذلك بدأنا بعض المناقشات معهم حول ما يفعلونه". وآبل ليست الشركة الوحيدة المهتمة بالشراكة مع بيربلكسيتي. كما تُجري سامسونغ محادثات معها، حيث تبيع حوالي 224 مليون هاتف ذكي سنويًا، وهي واحدة من أكبر مُصنّعي أجهزة أندرويد، والتي تفوق منتجات آبل عددًا بثلاثة أضعاف. ويقول راي: "إذا كانت لدى آبل وسامسونغ شراكة مع بيربلكسيتي، والتي قد تُؤدي إلى إقصاء غوغل من قائمة محركات البحث الافتراضية، فسيكون ذلك نقاشًا كبيرًا للغاية، لأنه مصدر كبير لحركة الزيارات لغوغل". وتبيع آبل وسامسونغ معًا حوالي نصف مليار هاتف ذكي سنويًا. تقول راي إن أيًا من الاتفاقين - مع آبل أو سامسونغ - سيكون "ضخمًا". وتضيف: "إذا تم دمج بيربلكسيتي بالفعل ولم يعد غوغل محرك البحث الافتراضي، فسيكون ذلك مدمرًا لغوغل". ولم ترد آبل ولا غوغل فورًا على طلب التعليق على هذه القصة. لكن على نطاق أوسع، لا يمكن أن تكون المخاطر أعلى. يقول راي: "يبدو هذا أكثر وضوحًا لأن هذه المنتجات هي في الواقع محركات بحث". "يمكن للناس التحول عمليًا إلى بيربلكسيتي وتشات جي بي تي للبحث عن كل شيء". ليس الجميع مقتنعين تمامًا باحتمالية وصول غوغل إلى مرحلة التراجع النهائي. تقول ألكسندرا أورمان، الباحثة في جامعة زيورخ والمتخصصة في محركات البحث: "لست متأكدة من أن [بيربلكسيتي] سيحل محل غوغل". والسبب هو الشكل الذي تقدم به بيربلكسيتي ومنافسوها من الذكاء الاصطناعي نتائجهم. وتضيف: "يقول الناس: حسنًا، في الواقع، عندما نريد إجابات سريعة، ما زلنا نفضل استخدام محركات البحث، لأن جميع برامج الدردشة الآلية دائمًا ما تثرثر وتقدم لنا نتائج مطولة". لا يزال الأمر كذلك: اسأل بيربلكسيتي سؤالًا بسيطًا وسيقدم لك إجابة تعطيك الإجابة الصحيحة في جملة من 6 كلمات "عاصمة اليونان هي أثينا"، ثم يستمر لـ 160 كلمة أخرى دون داعٍ. أدخل نفس السؤال في غوغل، وستحصل على كلمة واحدة، مكتوبة بخط كبير أعلى نتائج البحث. ولكن مع تطور الذكاء الاصطناعي ونماذج اللغة، من المرجح أن يتطور ذلك أيضًا. ومع ذلك، فإلى جانب التعقيد غير الضروري الذي يصاحب إجابات الذكاء الاصطناعي المطولة حاليًا، تتوقع أورمان مشكلة أخرى تتعلق بـ بيربلكسيتي، وهي اعتماد المستخدمين لها بشكل عشوائي. وتقول: "سيكون من المثير للاهتمام معرفة ما سيحدث مع بيربلكسيتي، لأنهم حتى الآن يواجهون بعض الصعوبات في هذا السوق.. إنهم غير موجودين في أي مكان افتراضيًا. عليك أن تجدهم كمستخدم". بالطبع، قد يتغير هذا مع أي شراكة مع كبرى شركات تصنيع الهواتف الذكية أو شركات أخرى تعمل على تسويق بيربلكسيتي أمام مئات الملايين من المستخدمين. أضف إلى ذلك أن أقرب المهتمين بتحولات محركات البحث يشعرون بأن جودة المنتج الذي تقدمه غوغل، الشركة الرائدة في السوق، آخذة في التدهور بسرعة. يقول راي: "أشعر أنهم في حالة ذعر ويحاولون اللحاق بالركب، ويتحركون بأسرع ما يمكن مع منتجات الذكاء الاصطناعي". غالبًا ما يُطلقون منتجات ذكاء اصطناعي غير جاهزة تمامًا، ثم يبنون عليها ببساطة.