
أكبر حقل غاز في العراق: 15 تريليون قدم مكعبة بمرمى النيران
يمثل أكبر حقل غاز في العراق نقطة ارتكاز أساسية في خريطة الطاقة بالبلاد، ليس فقط بسبب احتياطياته الضخمة، بل أيضًا بفضل دوره المتنامي في تعزيز الاكتفاء الذاتي من هذا الوقود، ودعم محطات توليد الكهرباء، ويُعد حقل خور مور للغاز، الواقع في إقليم كردستان العراق، هو القلب النابض لهذا القطاع المتجدد...
يمثل أكبر حقل غاز في العراق نقطة ارتكاز أساسية في خريطة الطاقة بالبلاد، ليس فقط بسبب احتياطياته الضخمة، بل أيضًا بفضل دوره المتنامي في تعزيز الاكتفاء الذاتي من هذا الوقود، ودعم محطات توليد الكهرباء، ويُعد حقل خور مور للغاز، الواقع في إقليم كردستان العراق، هو القلب النابض لهذا القطاع المتجدد، إلا أنه كان محورًا لسلسة من الهجمات وعمليات الاستهداف طوال السنوات الـ3 الماضية.
ووفقًا لبيانات حقول النفط والغاز العربية لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، يستند أكبر حقل غاز في العراق إلى احتياطيات ضخمة تتراوح بين 8.2 تريليونًا و15 تريليون قدم مكعبة من الغاز القابل للاستخراج؛ ما يجعله أحد أبرز الحقول الغازية في الشرق الأوسط.
ويُنظر إلى الحقل العملاق، الذي يقع شمالي العراق في محافظة السليمانية، بوصفه مشروعًا إستراتيجيًا متعدد الأبعاد، يجمع بين الأهمية الاقتصادية والإنتاجية والبعد الاجتماعي؛ إذ يوفّر الغاز لأكثر من 6 ملايين مواطن ويغذّي أكثر من 75% من محطات الكهرباء في إقليم كردستان العراق.
ولم يكن الوصول إلى هذا الإنجاز وليد الصدفة، بل جاء نتيجة خطة تطوير طويلة المدى، ترافقت مع استثمارات ضخمة تخطّت حاجز 3.5 مليار دولار، بالإضافة إلى جهود متواصلة من قبل حكومة إقليم كردستان بالتعاون مع شركات عالمية؛ على رأسها "دانة غاز" و"نفط الهلال".
حقل خور مور
يُعدّ حقل خور مور أكبر حقول الغاز في العراق من ناحية الإنتاج الفعلي للغاز الطبيعي؛ إذ يقع في ناحية قادر كرم بقضاء جمجمال بمحافظة السليمانية، على بُعد 300 كيلومتر شمال بغداد، وهو موقع إستراتيجي يربطه بالأسواق المحلية والإقليمية.
واكتُشف أكبر حقل غاز في العراق للمرة الأولى في سبعينيات القرن الماضي، إلا أن تطويره تأخر حتى عام 2007، حين أطلقت حكومة إقليم كردستان بالشراكة مع شركات عالمية مشروع تطويره، ليبدأ الإنتاج الفعلي في أواخر عام 2008.
ويغطي الحقل حاليًا معظم احتياجات الإقليم من الغاز الطبيعي، إذ يُنتج نحو 525 مليون قدم مكعبة قياسية يوميًا من الغاز، بالإضافة إلى 15 ألفًا و200 برميل يوميًا من المكثفات، وأكثر من 1070 طنًا يوميًا من غاز النفط المسال.
وعززت الكميات المتنوعة من إنتاج الحقل قدرته على تلبية الطلب المحلي المتزايد على الطاقة، فضلًا عن مساهمته في توليد الكهرباء بباقي محافظات العراق.
تطورات متلاحقة في الحقل
شهد حقل خور مور مراحل تطوير متعددة خلال العقدين الماضيين؛ إذ بدأت شركة دانة غاز الإماراتية وشركة نفط الهلال بإبرام اتفاقية مع حكومة إقليم كردستان عام 2007، بموجبها تأسس مشروع غاز كردستان، الذي منح الشركتين حقوق تطوير الغاز وإنتاجه من الحقل.
وفي عام 2009، تأسس ائتلاف "بيرل بتروليوم" الذي ضم الشركتين بنسبة 50% لكل منهما، قبل أن تنضم شركات عالمية أخرى مثل "أو إم في" النمساوية، و"إم أو إل" المجرية، و"آر دبليو إي" الألمانية، لتصبح حصص الشركاء أكثر تنوعًا.
ومع تواصل أعمال التطوير، تمكّن الحقل من زيادة إنتاجه من 305 ملايين قدم مكعبة يوميًا عام 2018 إلى 500 مليون قدم مكعبة عام 2022، مع خطط طموحة لرفع الطاقة الإنتاجية إلى 700 مليون قدم مكعبة يوميًا بحلول 2027، ويهدف مشروع "خور مور 250" إلى تسريع هذا التطور، بجانب إدخال تحسينات بيئية لخفض الانبعاثات الناتجة عن عمليات الإنتاج، في إطار التزام الحقل بالتنمية المستدامة.
التحديات والإنجازات في مسيرة الحقل
رغم أهمية الحقل؛ فقد واجه عدة تحديات؛ أبرزها سلسلة الهجمات التي تعرّض لها بين عامي 2022 و2024؛ ما أدى إلى تعطيل الإنتاج وتوقف إمدادات الغاز عبر خط الأنابيب الممتد بطول 180 كيلومترًا إلى محطات الكهرباء في جمجمال وبازيان وأربيل، وفقدان ما يقارب 2000 ميغاواط من الطاقة الكهربائية.
ورغم التحديات؛ فقد تمكّن الحقل من استعادة نشاطه وإعادة تأهيل بنيته التحتية بجهود كبيرة من شركة دانة غاز و"بيرل بتروليوم"، وهو ما ساعد في تخطي إنتاجه التراكمي حاجز 500 مليون برميل نفط مكافئ بحلول أبريل/نيسان 2025، ليؤكد مكانته بوصفه أكبر حقل غاز في العراق والأكثر تأثيرًا بالاقتصاد المحلي.
مستقبل أكبر حقل غاز في العراق
تسير خطط التطوير في حقل خور مور بوتيرة متسارعة؛ إذ تتجه حكومة إقليم كردستان بالتعاون مع الشركات المستثمرة إلى تنفيذ مشروعات توسعية ضخمة تهدف إلى زيادة الإنتاج، وتعزيز البنية التحتية، وتوسيع نطاق تصدير الغاز الطبيعي إلى الأسواق الإقليمية والدولية.
ويظل الحقل نموذجًا متكاملًا لمستقبل الطاقة في العراق؛ إذ يُجسِّد التكامل بين الاستثمارات المحلية والعالمية، والتوجه نحو الاستدامة البيئية، وتعزيز أمن الطاقة الوطني، ليبقى أكبر حقل غاز في العراق أحد أهم مشروعات الطاقة بالمنطقة وأكثرها تأثيرًا خلال السنوات المقبلة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

المدن
منذ 3 ساعات
- المدن
القطاع المالي السوري وفرص المصارف اللبنانيّة
كان البديهي أن تتجه الأنظار إلى القطاع المصرفي السوري، فور بدء الحديث عن الفرص التي سيفتحها مستقبلًا رفع العقوبات عن سوريا. فحجم القطاع ومستوى الشمول المالي، ظلّ طوال السنوات الماضية محصورًا إلى حدود ضيّقة جدًا مقارنة بنطاق الفرص الموجودة في السوق السوريّة، وذلك بفعل الواقع الأمني والسياسي الذي عانت منه البلاد، وكذلك بسبب العقوبات التي عزلت سوريا عن النظام المالي العالمي. وعند الحديث عن الفرص الموجودة في هذا القطاع، لا يمكن التغاضي عن الدور الذي يمكن أن يلعبه المصرفيون اللبنانيون، الذين راكموا في حقبات سابقة خبرة وعلاقات ومعرفة بأوضاع السوق السوري، كما احتفظوا بموطئ قدم هناك من خلال حصصهم بكيانات مصرفيّة ما زالت تعمل حتّى اللحظة. المصارف اللبنانيّة في سوريا قائمة المصارف اللبنانيّة الموجودة في سوريا تشمل أولًا فرنسبنك، الذي ما زال حتّى تاريخه يملك 48% من مصرف فرنسبنك سوريا. كما يحتفظ بنك لبنان والمهجر اللبناني بحصّة نسبتها 49%، من مصرف سوريا والمهجر، الكيان الشقيق التابع للمصرف اللبناني الأم. بيمو البنك اللبناني يملك بدوره حصّة شبيهة قوامها 49%، في مصرفه الشقيق بنك بيمو السعودي الفرنسي. وأخيرًا، يملك فرست ناشيونال بنك اللبناني حصّة أكثر ضآلة، لا تتجاوز الـ 7%، في مصرف سوريا والخليج. وجميع هذه الشركات والحصص، تعود لما قبل اندلاع الثورة السوريّة، أي إلى الفترة التي شهدت توسّع المصارف اللبنانيّة في سوريا، بالاستفادة من القرب الجغرافي والروابط التجاريّة والثقافيّة بين البلدين، ما سمح بنقل جزء من الرأسمال البشري اللبناني للعمل هناك. ومن المهم الإشارة هنا إلى أنّ مصرفي عودة وبيبلوس أعلنا خلال فترات سابقة عن انسحابهما من السوق السوريّة، وبيع حصصهما في الكيانات الشقيقة التابعة لهما هناك. غير أنّ الكثير من المصادر تؤكّد أنّ هذا الانسحاب ظلّ شكليًا، إذ ظلّ المساهمون في المصرفين يمتلكون –بالشراكة من جهات محليّة- حصصًا في القطاع المالي السوري، إنما بأشكال غير المباشرة. أمّا المصارف اللبنانيّة التي ظلّت تعمل في سوريا، كحال فرنسبنك ولبنان والمهجر وبيمو وفرست ناشيونال بنك، فقرّر فصل ميزانيّاتها عن ميزانيّات الكيانات السوريّة الشقيقة، كما فصلت أنظمتها الماليّة عنها، لتفادي المخاطر الناتجة عن العقوبات المفروضة على سوريا. ورغم هذا الفصل الشكل بين ميزانيّات المصارف اللبنانيّة وكياناتها الشقيقة في سوريا، من المهم التنويه أن الكيانات السوريّة الشقيقة ظلّت تحقق طوال السنوات الماضية أرباحًا لمصلحة المساهمين اللبنانيين. فالدراسة الأخيرة التي نسبة الملاءة المرتفعة هذه، فرضها خلال السنوات الماضية المخاطر المرتفعة، وضعف الفرص المتاحة في السوق. إذ تشير الأرقام نفسها إلى أنّ حجم القروض الممنوحة من جانب بنك سوريا والمهجر لا تتجاوز الـ 5.6 مليون دولار حاليًا، وهو ما يشكّل نسبة ضئيلة للغاية قياسًا بحجم الودائع التي يستوعبها المصرف. غير أنّ هذا الواقع يعني أنّ المصرف يمتلك فرصًا كبيرة للتوسّع، بالاستفادة من الرساميل والودائع الموجودة، بمجرّد توفّر الظروف السياسيّة والأمنيّة الملائمة لذلك، فما في ذلك رفع العقوبات وانتعاش الحركة الاقتصاديّة في سوريا. هذا بالتحديد ما يدفع كثيرين للتفاؤل بالمرحلة المقبلة، لجهة الدور الذي يمكن أن يلعبه القطاع المصرفي اللبناني في سوريا. إلا أنّ استعادة هذا الدور، سيبقى مشروطًا بعاملين: استكمال مسار التعافي المالي في لبنان لتستعيد المصارف اللبنانيّة الملاءة والثقة والسيولة التي تسمح لها بالتوسّع في سوريا، وهذا المسار مرتبط بالقوانين الإصلاحيّة التي يتم العمل عليها في الحكومة والمجلس النيابي. واستقرار الظروف الأمنيّة والاقتصاديّة في سوريا، بما يؤمّن البيئة الاستثماريّة الكفيلة برفع الطلب على الخدمات المصرفيّة في المستقبل. واقع القطاع المصرفي السوري ثمّة 15 مصرفًا سوريًا مدرجًا في البورصة، بأصول إجماليّة تقارب قيمتها الـ 3.9 مليار دولار، وودائع بقيمة 1.45 مليار دولار، في مقابل نحو 941 مليون دولار من حقوق المساهمين. ومجددًا، تّظهر هذه الأرقام حجم الرسملة الكبير في القطاع المصرفي السوري، إذ توازي قيمة الأموال الخاصّة وحقوق المساهمين نحو 65% من قيمة الودائع الموجودة، ما يدل على محدوديّة نشاط المصارف السوريّة قياسًا بحجم رساميلها. أمّا القروض، فلا يتخطّى حجمها الـ 426.6 مليون دولار أميركي، ما يمثّل –مجددًا- نسبة منخفضة قياسًا بقيمة الودائع الموجودة. ومن البديهي القول هنا أنّ محدوديّة نشاط القطاع المصرفي، قياسًا بالملاءة والرساميل المتوفّرة، يعود للظروف التي لم تكن مناسبة للقيام بأي توسّع في النشاط المصرفي. من الناحية العمليّة، ثمّة آفاق واعدة لهذا القطاع، في حال استعادة اتصاله بالنظام المالي العالمي، ومن ثم استعادة القدرة على اجتذاب تدفّقات العملة الصعبة من الخارج. فالرساميل الموفّرة كافية لتغطية التوسّع في اجتذاب الودائع، وحجم الودائع الموجود أساسًا يسمح بالمزيد من التوسّع في تمويل التجارة الدوليّة والقروض التجاريّة. أمّا القطاع المصرفي اللبناني، فموجود –بحصص وازنة- في أربع مصارف من أصل 15، في القطاع المصرفي السوري، وهو ما يشكّل نقطة انطلاق جيّدة للتوسّع في السوق السوري مستقبلًا. والرأسمال البشري اللبناني أثبت في حقبات سابقة قدرته على التكيّف سريعًا، لتوظيف خبرته المصرفيّة في السوق السوري.

المدن
منذ 3 ساعات
- المدن
مصرف لبنان: زيادة في الاحتياطات وخسائر في الذهب
نشر مصرف لبنان مؤخرًا ميزانيّته النصف الشهريّة، التي عكست وضعيّته الماليّة لغاية منتصف شهر أيار الحالي. وحتّى اللحظة، لا تزال مؤشّرات السيولة والملاءة العامّة تتأثّر بقيمة أهم عناصر موجودات المصرف المتبقية: بند الذهب واحتياطات العملات الأجنبيّة. إذ تشكّل هذه الموجودات بالتحديد آخر ما تبقّى من أصول سائلة أو قابلة للتسييل، كما تشكّل التغيّرات في مستوياتها أهم ما يمكن مراقبته في ميزانيّة مصرف لبنان. أمّا تغيّر قيمة المطلوبات، وخصوصًا حجم السيولة المتداولة بالليرة في السوق وودائع القطاع العام، فتستمرّ في تقديم إيضاحات بخصوص نوعيّة السياسة النقديّة المعتمدة، التي تسمح لمصرف لبنان بشراء الدولارات من السوق. الذهب والاحتياطي بمراجعة الميزانيّة، يتضّح أنّ قيمة مخزون الذهب في مصرف لبنان تراجعت خلال النصف الأوّل من الشهر الحالي، من نحو 30.39 مليار دولار أميركي في بداية الشهر، إلى 29.46 مليار دولار أميركي في نهايته، ما يعني أن قيمة هذا المخزون انخفضت بنحو 926.95 مليون دولار خلال فترة لا تتجاوز 15 يوماً. ومن المعلوم أنّ هذا التحوّل يرتبط أولًا بالسياسة المحاسبيّة المعتمدة، التي تقوم على إعادة تقييم مخزون الذهب في ضوء تغيّرات أسعار الذهب العالميّة. وخلال الفترة الماضية، تراجعت أسعار الذهب مع تسارع المؤشرات الإيجابيّة المتصلة بالمفاوضات بين الولايات المتحدة والصين، بشأن خلافهما التجاري، بالإضافة إلى ترقّب نتائج المفاوضات المتصلة ببرنامج إيران النووي. في جميع الحالات، ورغم هذا الانخفاض الوازن في قيمة الذهب، تبقى قيمته الحاليّة أعلى بنسبة 41.59%، مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي، وذلك بفعل الزيادات الكبيرة التي طرأت على أسعار الذهب منذ ذلك الوقت. وهذه الزيادة أشعلت مؤخرًا النقاش حول إمكانيّة استخدام مخزون الذهب، مع تسرّب أنباء عن اهتمام شركات أميركيّة بهذه المسألة. وحتّى اللحظة، يبدو أن قيادة مصرف لبنان تميل إلى طروحات تقوم على تأجير أو استثمار الذهب، من دون الوصول إلى بيع أجزاء من هذا المخزون. لكن بمعزل عن رأي قيادة المصرف، يبقى من المؤكّد أنّ أي مشاريع من هذا النوع ستحتاج إلى موافقة المجلس النيابي، بالنظر إلى وجود تشريع يمنع استخدام احتياطات الذهب من دون قانون. أما في ما يخص احتياطات العملة الأجنبيّة، فشهد هذا البند تحوّلاً معاكسًا، مع ارتفاعه من قرابة الـ 11.12 مليار دولار أميركي في بداية شهر أيّار، إلى أكثر من 11.23 مليار دولار أميركي في نهايته، ما عكس زيادة قدرها 114.67 مليون دولار أميركي خلال فترة 15 يومًا. ومجددًا، بيّن مصرف لبنان استمرار قدرته على امتصاص العملة الصعبة من السوق، بالرغم من بدء اعتماد موازنة العام الحالي، التي تضمّنت زيادات في إنفاق القطاع العام. وعلى أي حال، من المفيد العودة إلى أرقام الأشهر الماضية، التي تبيّن أنّ حجم هذه الاحتياطات لم يكن يتجاوز الـ 8.57 مليار دولار أميركي في أواخر شهر تمّوز 2023، أي مع مغادرة الحاكم السابق رياض سلامة لمنصبه. وبذلك يكون المصرف المركزي قد زاد احتياطاته بنحو 2.66 مليار دولار أميركي، منذ خروج سلامة من المصرف، وتمكّن المصرف من بعدها من دخول مرحلة مراكمة الاحتياطات بدل استنزافها. أمّا حجم هذه الزيادة، فيوازي وحده حاليًا نحو 11% من حجم الناتج المحلّي الإجمالي، ما يؤشّر إلى أثر هذه التحوّلات. المطلوبات والكتلة النقديّة في الجانب الآخر من الميزانيّة، يظهر أنّ حجم الكتلة النقديّة المتداولة خارج مصرف لبنان، أي حجم السيولة بالليرة الموجودة في السوق، تراجعت من 79.93 ترليون ليرة لبنانيّة إلى نحو 77.78 مليار ليرة لبنانيّة، بين بداية الشهر الحالي ومنتصفه. وهذا ما يعني أنّ شراء مصرف لبنان للدولارات من السوق لم يتسبّب بضخ المزيد من الليرات، بل حصل العكس تماماً. وتبلغ قيمة الانخفاض في حجم السيولة، وفق سعر الصرف الحالي، نحو 24 مليون دولار أميركي. ويمكن تفسير هذه النتيجة بالنظر إلى حجم ودائع القطاع العام لدى مصرف لبنان. إذ ارتفعت قيمة هذه الودائع من 6.88 مليار دولار أميركي في بداية شهر أيّار، إلى 7.07 مليار دولار أميركي في منتصف الشهر، ما يعني أن أموال الدولة لدى مصرف لبنان زادت بنحو 187 مليون دولار خلال 15 يومًا فقط. وعلى هذا النحو، يكون المصرف المركزي قد استعمل مجددًا زيادة ودائع القطاع العام لديه، لامتصاص الليرات التي يتم استعمالها لشراء الدولار من السوق، أو لامتصاص الرسوم التي يجري يجنيها بالعملة الصعبة. وفي الحالتين، تكون الاحتياطات بالعملة الصعبة قد ارتفعت، من دون التسبب بارتفاع موازٍ في حجم السيولة المتداولة بالليرة في السوق. المسألة الأكثر أهميّة، تبقى أن الميزانيّة بأسرها لا تزال غارقة بكتلة من الخسائر التي لم يتم العمل على معالجتها بعد، وهي تحديداً ما يمثّل مركز زلزال الأزمة التي ضربت القطاع المصرفي. ومعالجة هذه الفجوة، تنتظر حاليًا القانون الذي تعمل الحكومة على صياغته، بالاتفاق مع مصرف لبنان، لتوزيع هذه الخسائر والتعامل معها. وبانتظار إقرار القانون ودخوله حيّز التنفيذ، ستبقى الميزانيّة ومؤشّراتها محكومة بالتحولات التي تطرأ على قيمة الذهب واحتياطات العملة الصعبة، بغياب أي تطوّرات أخرى مؤثّرة.


ليبانون ديبايت
منذ 5 ساعات
- ليبانون ديبايت
لا جديد حول قروض الدولار المسددة على سعر 1500 وإقتراح ضريبة الأرباح عليها لم "يفعّل" بعد
"ليبانون ديبايت" - باسمة عطوي يتناقل اللبنانيون تفسيرات عن معنى كلام حاكم مصرف لبنان كريم سعيد مؤخرا، لجهة تأييده فكرة إصدار قانون لإلزام من سدّد قرضاً بغير قيمته الحقيقية بدفع القيمة الحقيقية. وتتوسع الإفتراضات بأن هذا التصريح سيطال أفرادا وعائلات سبق لها أن سددت قروضها على سعر دولار 1500 ليرة بعد 2020، وتشمل قروضا شخصية وسكنية. ويعتبر الكثير منهم أن أي إجراء سيُتخذ، سيؤثر عليهم سلبا في ظل إستمرار الأزمة منذ 6 سنوات، وعدم حصول إي إنفراج مالي أو إقتصادي حقيقي في البلد، ولو أن المؤسسات الدستورية (إنتخاب رئيس وتشكيل حكومة) عادت إلى عملها كالمعتاد. قبل تفسير خلفية كلام حاكم المركزي، لا بد من التذكير أنه في 26 آب 2020 وبعد حصول إنفجار مرفأ بيروت، أصدر مصرف لبنان تعميما سمح فيه للمقترضين من المصارف بالدولار ولا يملكون حسابات مصرفية بالدولار، أن يسددوا قروضهم بالليرة اللبنانية على سعر دولار 1500 ليرة، شرط أن لا تزيد قيمة القرض 800 ألف دولار. ونتيجة لذلك إستفاد من هذا التعميم، المقترضون الذي سدّدوا قروضهم عمليا بربع قيمتها الحقيقية، وأيضا الشركات التي سددت قروضها (حتى 800 ألف دولار) على سعر دولار 1500 ليرة. وقد أطلق صندوق النقد الدولي في أحد تقاريره، على هذه الفئة المستفيدة إسم "الأثرياء الجدد" بحيث إنتقلت الأموال من صاحب المال ( المودع العالقة أمواله في المصارف) إلى المقترض. وقدّر صندوق النقد الدولي قيمة الأرباح (بالنسبة إلى المقترضين) أو الخسائر (بالنسبة إلى المودعين) في العام 2022، بحوالى 15 مليار دولار. وهذا المبلغ يُرجّح أنه إرتفع لأن عمليات تسديد القروض بغير قيمتها الحقيقية استمرّت بعد صدور التقرير. وهناك تقديرات بأن المبلغ وصل إلى حوالى 20 مليار دولار. بلغة الأرقام أيضا، بلغت القروض المصرفية للقطاع الخاص في لبنان بلغت في العام 2019، تاريخ إندلاع الأزمة، نحو 55.5 مليار دولار، منها نحو 37.5 مليار دولار بالعملات الأجنبية، و18 مليار دولار بالليرة اللبنانية. وفي نهاية العام 2024، إنخفضت هذه المحفظة إلى نحو 7 مليارات دولار، نتيجة لتسديد المقترضين قروضهم بالليرة اللبنانية على سعر صرف 1500 ليرة للدولار، أو عبر شيكات مصرفية بقيمة فعلية أقل من القروض الأصلية. منصوري أول من إقترح الحل محاولات مقاربة هذا الملف، كانت مع إقتراح حاكم مصرف لبنان بالإنابة السابق وسيم منصوري في العام 2024، إقرار قانون في مجلس النواب، بفرض ضريبة لمرة واحدة على أرباح المستثمرين الذين إستفادوا من فروقات تسديد القروض خلال الأزمة المالية. ويستهدف هذا الإقتراح المستثمرين الذين حصلوا على قروض كبيرة بالدولار قبل الأزمة، ثم سددوها بالليرة اللبنانية على سعر صرف 1500 ليرة، مما أدى إلى تحقيق أرباح كبيرة نتيجة الفروقات في سعر الصرف، وكان من المتوقع أن تتراوح نسبة الضريبة بين 15 و 17 بالمئة، وتُفرض فقط على الأرباح الناتجة عن هذه العمليات، مع إستثناء القروض السكنية أو الاستهلاكية، والتركيز على القروض الإستثمارية الكبيرة. غبريل: ليس عدلا تسديد الافراد والشركات قروضهم حتى 800 ألف دولار على سعر 1500 ليرة يشرح رئيس مركز الأبحاث في بنك بيبلوس الحبير الاقتصادي نسيب غبريل ل"ليبانون ديبايت" أن "لا جديد طرأ على هذا الإقتراح، بل تمّ حفظه حينها على إعتبار أن هناك فراغا رئاسيا وحكومة تصريف أعمال، ولا يزال محفوظا إلى الآن ويجب أن يتحوّل إلى مشروع قانون يُقر في مجلس النواب"، موضحا أنه "صدر تعميم عن مصرف لبنان في 26 آب 2020 وبعد إنفجار بيروت، وسمح للأفراد الذين لديهم قروض بالدولار(سيارات – سكن- إستهلاك) ولا يملكون حسابات بالدولار، أن يتم تسديدها على سعر دولار1500 ليرة، وهذا التعميم لا يشمل الشركات، لكن هذه الأخيرة إستفادت من الفوضى الموجودة ومن قرارات قضائية متناقضة، وسدّدت قروضها (جزء بالليرة وجزء بشيكات)، ما يعني عمليا أنهم سددت جزءا بسيطا منها وليس كلها. وهناك شركات سددت قروضها من ودائعها في المصارف التجارية وهذا أمر عادل، ولا يمكن أن نشملها بأنها إستفادت من التعميم على حساب أموال المودعين، لأنها جزء منهم". يضيف:"الظلم الذي حصل في هذا الموضوع، أن هناك شركات إشترت شيكات بقيمة 20 بالمئة من قيمة الشيك الحقيقي وسددت به قروضها أو وضعت شيكات عند كاتب العدل. ما حصل بعدها أن هناك إقتراح قانون في بداية 2024، يتعلق بفرض ضريبة دخل بقيمة 17 بالمئة على الأرباح على هذه الشركات التي سددت قروضها بهذه الطريقة، بعدها حصلت حملة كبيرة على هذا المشروع وتمّ وضعه جانبا"، مشددا على أنه "في ما يتعلق بقروض الاشخاص، التعميم الذي صدر في آخر آب 2020 سمح بتسديد القروض الشخصية لغاية 800 ألف دولار ممن لا يملك حسابات بالدولار، والأكيد أنه ليس عدلا أن يقوم الافراد والشركات بتسديد قروضهم حتى 800 ألف دولار على سعر 1500 ليرة للدولار لأنها خسارة للمودعين، قد صنّفهم صندوق النقد الدولي بأنهم الأثرياء الجدد في لبنان إذ تم إعادة توزيع الثروة من المودع إلى المقترض". ويختم:" لا شيء واضح حول كيف سيتم التعامل معهم. هناك إقتراح القانون الضريبة على الأرباح بقيمة 17 بالمئة، والذي من المفروض أن يدخل إيرادات للخزينة، ومن العدل تخصيصها لرد أموال المودعين".