
قبل الدروس الحسنية.. سلطان مغربي عقد مؤتمرات علمية في رمضان لدراسة صحيح البخاري
DR
عندما صعد أحمد المنصور إلى عرش المغرب بعد انتصاره العظيم في معركة وادي المخازن عام 1578، التي أسفرت عن هزيمة البرتغاليين، استخدم هذا النصر لتوطيد مكانته المحلية والدولية. كما شمل هذا التزامه الكبير بالمعرفة والأنشطة الفكرية. فقد كان حريصا على توسيع معارفه في مجالات متنوعة مثل الدراسات الإسلامية والأدب والتاريخ، حيث كان يلتقي بالعلماء والشعراء والأطباء من داخل المغرب وخارجه، ويشجع على التبادل الثقافي من خلال المراسلات والنقاشات، كما ذكرت مجلة "دعوة الحق" التابعة لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية.
في عدد خاص حول "احتفالات أحمد المنصور الذهبي بالمواسم والأعياد"، قالت المجلة إن السلطان كان ينظم ويشارك في اللقاءات العلمية في قصره، حيث كان يعرض خبراته ويشارك في مناقشات فكرية. وشملت هذه اللقاءات مسابقات ثقافية بين العلماء والشعراء والمثقفين، إضافة إلى محاضرات دينية وتلاوات شعرية وعروض موسيقية كانت تقام خلال الأعياد والمناسبات الخاصة.
وقد أشار المؤرخون والعلماء الذين وثقوا الاحتفالات والمناسبات خلال حكم السلطان إلى أن الأحداث الدينية مثل أعياد الفطر والأضحى كانت تتضمن طقوسا ثقافية خاصة. وكان من بين هذه المناسبات، عيد المولد النبوي، الذي يحتفل فيه بميلاد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، والذي حضره كتّاب مغاربة وسفراء وفقهاء، بالإضافة إلى أحد كبار المسؤولين في محكمة السعديين، وهو أَبُو الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد التامجروتي.
وفي دعوة من السلطان المنصور، حضر التامجروتي احتفالات المولد النبوي في قصر البديع، حيث وثّق الزخارف الفاخرة، والعروض المضيئة بالشمع، والبخور العطر الذي طغى على هذا الاحتفال الديني.
محاضرات رمضان لدراسة صحيح البخاري
كان رمضان أحد هذه المناسبات الدينية التي دعا إليها السلطان العلماء والفقهاء. خلال هذا الشهر الفضيل، كان السلطان ينظم ليالي رمضانية خاصة مع طقوس مميزة. في كتابه"الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى" وصف المؤرخ أحمد بن خالد الناصري في القرن التاسع عشر كيفية تنظيم السلطان السعدي لهذه الليالي. كانت هذه الليالي تتمحور حول قراءة ودراسة "صحيح البخاري"، الذي يعد من أهم وأوثق مجموعات الأحاديث النبوية التي جمعها الإمام البخاري.
وفقا للناصري، كان العلماء في هذه الليالي الرمضانية يكملون سرد صحيح البخاري. "كان القاضي الفقيه والفقهاء البارزون يقرؤون يوميا جزءا من نسخة البخاري التي كانت مجزأَة على خَمْسَة وَثَلَاثِينَ سفرا"، كما ورد في "الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى".
كانت الأجزاء الخمسة والثلاثون من هذا الكتاب تشمل كامل شهر رمضان، مع استثناء عيد الفطر واليوم الذي يليه، على أن تكمل الأجزاء المتبقية في اليوم السابع بعد العيد.
كما كانت هذه الجلسات أكثر من مجرد سرد، فقد كانت فرصة لدراسة الأحاديث النبوية والنقاش حول القضايا الدينية مع الحضور. " القَاضِي يتَوَلَّى السرد بِنَفسِهِ فيسرد نَحْو الورقتين من أول السّفر ويتفاوض مَعَ الْحَاضِرين فِي الْمسَائِل ويلقى من ظهر لَهُ بحث أَو تَوْجِيه مَا ظهر لَهُ، فَإِذا تَعَالَى النَّهَار ختم الْمجْلس وَذهب القَاضِي بِالسَّفرِ فيكمله سردا فِي بَيته وَمن الْغَد يَبْتَدِئ سفرا آخر وَهَكَذَا" كما ذكر الناصري.
وكان السلطان أحمد المنصور يحضر هذه الجلسات بنفسه. "كان يجلس بالقرب من حافة الحلقة، وله مكان مخصص للجلوس"، حسب المصدر نفسه.
من الصعب تجاهل التشابه بين هذه التقاليد السعدية والدروس الحسنية، التي أطلقها الملك الحسن الثاني في الستينيات. كانت محاضرات رمضان الملكية هذه تعتمد على نفس الهيكل، حيث كان يحضرها الملك الحسن الثاني، ثم خلفه الملك محمد السادس. وبنفس الروح التي بدأها السلطان أحمد المنصور، كانت الدروس الحسنية محاضرات رمضانية تهدف إلى تعزيز التعليم الإسلامي والتفكر الروحي.
تتضمن الدروس الحسنية مناقشات حول النصوص الدينية مثل القرآن والحديث، بالإضافة إلى الأدب الإسلامي. ويؤطر الدروس الحسنية علماء وأئمة وقادة دينيين، ويقدمون تفسيرات وتأملات حول تعاليم الإسلام.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


بالواضح
منذ 2 ساعات
- بالواضح
باحثون يؤكدون في الرباط: لا مستقبل للتعليم دون قيم
في الجلسة العلمية الأولى ، قدّم الدكتور سعيد هلاوي مداخلة وازنة حول الجامعة بوصفها مؤسسة نموذجية في ترسيخ القيم ، مؤكداً أن دور الجامعة يتجاوز التعليم نحو التكوين القيمي للمواطن ، مشيرًا إلى الحاجة الماسة إلى تجديد العلاقة بين الجامعة والزوايا في إطار من التعاون والتكامل . كما تناول الدكتور عبد المغيث بصير بالدراسة والتحليل الدور التاريخي للزاوية البصيرية في نشر القيم والأخلاق ، مستعرضاً مساهماتها في بناء الإنسان المغربي المؤمن بوطنه ، والمتمسك بثوابته الدينية . أما الدكتور محمد نصيحي فقد قدم مداخلة متميزة بعنوان ' مظاهر التكامل بين الجامعة والزوايا '، دعا فيها إلى بناء شراكات علمية وروحية تحفظ الهوية وتعزز الانتماء . وفي سياق الجلسة العلمية ذاتها، قدّم الأستاذ حسن الطويل ، الباحث في سلك الدكتوراه، مداخلته الموسومة بـ' المؤسسات العلمية التربوية ودورها في بناء القيم'، تناول من خلالها إشكالية تراجع المنظومة القيمية في المجتمع المعاصر، محذرًا من انعكاساتها السلبية على التماسك الاجتماعي والسلوك العام. واعتبر أن أزمة القيم الراهنة هي في عمقها أزمة تربية، تستدعي إعادة الاعتبار للمؤسسات التعليمية والتربوية بصفتها الحاضنة الطبيعية لبناء الوعي الأخلاقي والوطني. كما شدّد على أهمية التكامل بين المؤسسات الحديثة والتقليدية، ولا سيما الزوايا، لما لها من رصيد روحي وتربوي أصيل، داعيًا إلى مراجعة السياسات التربوية بما يجعل من سؤال القيم مدخلًا لكل إصلاح تنموي ومجتمعي . وتواصلت أشغال الندوة بجلسة علمية ثانية خُصصت لقراءة تربوية صوفية في أطروحة ' معالم التربية السلوكية في تجربة العلامة الشيخ محمد المصطفى ماء العينين قدّمها الدكتور عبد الهادي السبيوي ، حيث بسط معالم التصوف السني كمدرسة للقيم السلوكية والروحية المؤسسة على التزكية والتدرج ، مبرزًا كيف أن هذه التربية تسهم في بناء الإنسان القيمي الواعي . كما شهدت الجلسة ذاتها مداخلتين نوعيتين لكل من الدكتورة النجاة ماء العينين ، التي تناولت مفاهيم الأخوة والسمو الروحي في التجربة التربوية الصوفية ، والدكتور سعيد هلاوي الذي قارن بين هذا النموذج الصوفي ومدارس التصوف الكبرى في التراث الإسلامي . الجلسة الختامية كانت بامتياز لحظة تأمل في مسار رجل من رجال القيم والوطن ، المقاوم محمد بصير ، من خلال عرض وثائقي توثيقي شيق بعنوان ' محمد بصير … القصة الحقيقية ' ، سلط الضوء على شخصيته النضالية وتكوينه العلمي وانخراطه في مشروع وطني قيمي مقاوم . وقد تخللت الندوة لحظات تكريم وعرفان ، تم خلالها توزيع الشهادات والدروع ، بعدها تمت قراءة برقية ولاء وإخلاص مرفوعة إلى السدة العالية بالله ، صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله ، واختمت أشغال اللقاء العلمي بالدعاء الصالح لأمير المؤمنين ، في أجواء امتزج فيها العلم بالوفاء ، والتاريخ ب الروح ، والوطنية بالإيمان .


هبة بريس
منذ 21 ساعات
- هبة بريس
تفاصيل خطبة الجمعة بالمغرب هذا اليوم.. فضل التزام الجماعة والأخذ بثوابتها
هبة بريس ـ الدار البيضاء اختارت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية تخصيص موضوع التزام الجماعة كعنوان لخطب الجمعة بمختلف مساجد المملكة المغربية لهذا الأسبوع و ذلك سيرا على برنامج خطة تسديد التبيلغ. و حسب نص الخطبة، فمما لا يختلف عليه اثنان أن دين الإسلام دين الجماعة، ابتداءا من كلمة التوحيد التي توحد الناس، كما قال الحق سبحانه: ]إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمُ أُمَّةٗ وَٰاحِدَةٗ وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ[. فقد ربط البارئ جل وعلا بين الأمة الواحدة وبين توحيده بالعبادة، كما هو الشأن بالنسبة للصلاة، فهي جماعية بأذانها وإقامتها وإمامتها وصلاتها وجمعتها، وغير ذلك من مظاهر الجماعة فيها. و صيام رمضان عبادة جماعية كذلك، فلا يجوز لأحد أن يصوم قبل الجماعة أو بعدها، بل أمر النبي ﷺ الجماعة بالصيام عند رؤية الهلال والإفطار عند رؤيته، وسن ﷺ سننا جماعية في شهر الصيام من قبيل التراويح وزكاة الفطر والإكثار من نوافل الخير والإنفاق والعطاء وتذكر الفقراء عند الصيام، وأعطى النبي ﷺ أنموذجا وقدوة من نفسه، فــ'كان أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في رمضان'. أما الزكاة فهي اجتماعية محضة، تؤخذ من أغنياء المسلمين وترد على فقرائهم، فتزكي الجميع من الشح والحقد والحسد، وتحلي الجميع بالمحبة والإيثار وحب الغير. و قل مثل ذلك في الحج الذي يجمع أكبر عدد ممكن من المسلمين عبر ربوع العالم، ويصوغهم في قالب الإحرام موحدين بالتلبية وموحدين بالإحرام وسائر المناسك. كما كان الإسلام دين الجماعة في توصيته بحسن الجوار وحسن المعاملة واللين في أيدي الآخرين، والأخذ والعطاء بالحسنى، والسماحة والتيسير في المعاملة، وإصلاح ذات البين، ومراعاة المحتاجين من الفقراء والمساكين والأرامل والأيتام، مما ينفي عن ديننا الحنيف الكبر والأنانية والأثرة والشح والبخل الذي يعد من أسوء العيوب، ويقطع مودات القلوب، ومنع الجود سوء ظن بالمعبود -كما يقال- ويحصل البـر بما تيسر من فعل حسن، وقول حسن، وطلاقة وجه وإمساك شر، وحسن ظن، وذكر جميل. كل هذه من العطاء والسخاء المطلوب من المسلم باعتباره مسلما متعبدا لله تعالى بكل حركاته وسكناته، ساعيا في إسعاد نفسه وغيره، للوصول إلى الحياة الطيبة في الدنيا، والفوز بالنعيم المقيم في الآخرة. أما نص الخطبة الثانية،. فجاء فيها أنه قد ظهر جليا مما سبقت الإشارة إليه، أن الإسلام دين الجماعة، وأن الجماعة رحمة، وأن الفرقة عذاب كما روى النعمان بن بشير عن النبي ﷺ أنه قال: 'الجماعة رحمة والفُرقَة عذاب'. ومعنى كون الجماعة رحمة أنها تقوم على قضاء مصالح العباد، بتبادل المنافع وقضاء الحوائج بين الناس؛ إذ لا يستطيع أحد أن يعيش وحده، ويكتفي بنفسه عن الناس، بل جعل الحق سبحانه من سنن الحياة اختلاف الناس في عقولهم ومداركهم ومهنهم ومواهبهم حتى يتسنى لهم التكامل فيما بينهم وليقضي بعضهم حوائج بعض. فالناس للناس من بدو ومن حضر بعض لبعض وإن لم يشعروا خدم، ولهذا جاءت الأوامر من الشارع الحكيم بلزوم الجماعة وإمامها كما قال النبي ﷺ لحذيفة بن اليمان رضي الله عنه:'تلزم جماعة المسلمين وإمامهم'. فهذا الحديث يحث على وجوب لزوم الجماعة، وطاعة إمام المسلمين الذي هو أمير المؤمنين، وجاء في حديث آخر قوله ﷺ: 'فعليك بالجماعة، فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية'. والمراد بالقاصية في الحديث؛ المخالف المفارق للجماعة، والذئب متعدد الأوجه، قد يكون هوى في النفس، وقد يكون الشيطان الموسوس للنفس تجاه الآخرين، وقد يكون شخصا آخر يكن للجماعة عداوة، فيبحث عن أنصار له في الفساد والتخريب والتشويش وإيقاع الناس في الفتنة. وعلى هذا جاءت أحاديث أخرى تحذر من مغبة الاختلاف وشق عصا الطاعة، كقول النبي ﷺ: 'ولا تختلفوا فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا'، وقوله صلى الله عليه وسلم: 'وأنا آمركم بخمس، الله أمرني بهن: السمع والطاعة والجهاد والهجرة والجماعة، فإن من فارق الجماعة قيد شبر، فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه إلا أن يرجع، ومن ادعى دعوى الجاهلية، فإنه من جثا جهنم'، فقال رجل: يا رسول الله وإن صلى وصام؟ قال: وإن صلى وصام، فادعوا بدعوى الله الذي سماكم المسلمين المؤمنين عباد الله'. على أن هنالك أمرا يجدر بنا أن نختم به هذه النصيحة في لزوم الجماعة وهو أن ما ينبغي الحرص عليه هو الاجتماع على ثوابت الأمة وعلى كل ما في مصالحها العليا، الأمر الذي يجعل الاختلاف في الاجتهاد مع الوحدة في المقاصد أمرا مقبولا بل واجبا.


أكادير 24
منذ 2 أيام
- أكادير 24
ثورة ذكية في إدارة الحشود: المسجد الحرام يستقبل الحجاج بتقنيات المستقبل
agadir24 – أكادير24 تستعد الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي لتقديم تجربة حج غير مسبوقة هذا العام 1446هـ، وذلك من خلال إطلاق نظام تقني متطور يعتمد على أحدث الابتكارات في إدارة ورصد الحشود. هذه الخطوة الرائدة تهدف إلى تحقيق أعلى مستويات الكفاءة التشغيلية وضمان سلامة وسلاسة حركة ضيوف الرحمن داخل أروقة المسجد الحرام. كيف تعمل هذه التقنيات المتقدمة؟ يعمل هذا النظام الذكي من خلال حساسات أرضية متكاملة مع قارئات للمداخل الرئيسية والخارجية للمسجد الحرام. هذه الحساسات، المدعومة بكاميرات ذكية متطورة، تستشعر حركة الدخول والخروج بدقة متناهية. تتيح هذه التقنيات مراقبة فورية لتدفقات الحجاج، مما يمكن الهيئة من تحديد نقاط الازدحام بدقة غير مسبوقة. يسهم هذا التكامل بين الحساسات والكاميرات في: تحسين توزيع الحشود داخل المسجد الحرام، لا سيما في أدوار المطاف والمسعى، مما يضمن تنظيم الحركة. تعزيز سلامة الزوار، خاصة في أوقات الذروة، عبر تفادي التكدسات. تسهيل انسيابية الدخول والخروج، بناءً على بيانات دقيقة وتاريخية تساهم في اتخاذ قرارات مدروسة. تخطيط فعال وإدارة استباقية تؤكد الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي على الأهمية القصوى لتبني مثل هذه الأنظمة والتقنيات الذكية. فهي تدعم التخطيط الفعال وإدارة الحشود بأسلوب استباقي، مما يعزز من كفاءة الأنظمة القائمة ويطور وسائل مراقبة التدفقات البشرية. الهدف الأسمى هو تحقيق أعلى مستويات الانسيابية والتنظيم وفقًا لمعايير عالية الدقة. إن الاعتماد على بيانات دقيقة وتحليل شامل للحركة داخل المسجد الحرام يمكن الهيئة من اتخاذ قرارات مستنيرة تؤدي إلى نتائج وحلول متميزة. هذه المبادرة تأتي في إطار جهود الهيئة المتواصلة لاستثمار التقنيات الحديثة بهدف الارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة لحجاج بيت الله الحرام وضمان رحلة حج مريحة وآمنة للجميع.