
نافذة - في خطبة الجمعة.. إمام المسجد النبوي يستعرض دروسًا خالدة من حياة النبي الكريم
الجمعة 9 مايو 2025 01:15 مساءً
تحدّث إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالباري بن عواض الثبيتي عن سيرة النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - بوصفها منهجًا ودستورًا يصلُحُ بها حالُ البشرية جمعاء في كل زمان ومكان، وتمثّل رسالة تنبضُ بالحياة، تُحيي القلوب والضمائر، وترسّخ مبادئ العدل والرحمة والمساواة، وتُلغي كل تفاضُلٍ زائف بين البشر قائمٌ على العِرق أو المال أو اللون أو الجِنس، وتمنحُ البصيرة في زمن الفتن.
وأوضح الشيخ عبدالباري الثبيتي في خطبة الجمعة من المسجد النبوي اليوم، أن سيرة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - تُمثّل رحلة مفعمة بالدروس من المهد إلى اللّحد، من خلوته في غار حِراء حيث بدأ الوحي، إلى مِنبر المدينة، حيث أُعلنت الرسالة، من يُتمٍ وابتلاءٍ إلى ريادةٍ وتمكين، من أول نداءٍ بالعلم: "اقرأ" إلى آخر وصية خالدة،"الصلاة الصلاة، وما ملكت أيمانُكُم".
ويسرد إمام المسجد النبوي السيرة العظيمة لنبي الرحمة والهدى - صلى الله عليه وسلم - مبينًا أنه وُلِد يتيمًا، لكن اليُتم ليس ضعفًا، وإن بدا في ظاهره حرمانًا، فهو حافزٌ للنبوغ، ودافعٌ للتوكُّل على الله أولًا، ثم الاعتماد على النفس بثقة وثبات، فحطن يلتقي اليُتم بالإرادة، يتحوّل إلى شعلة تضيء الطريق، وهذا ما تجلّى في سيرة النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم -، وسِيَر العُظماء قبله وبعده، فكم من يتيم خطّ اسمه في سجلّ الخالدين، وارتقى بالإيمان، وتسلّح بالعلم، وسما بالعمل، حتى أصبح من روّاد النهضة، وصُنّاع الحضارة.
وبين أن النبي - عليه الصلاة والسلام - تزوّج خديجة بنت خويلد - رضي الله عنها-، فكان زواجًا أُسّس على حبٍّ صادقٍ، ووفاءٍ ثابت، ومودة ورحمة، وشراكة صادقة، وأي بيت تُبنى دعائمه على هذه القيم النبيلة، لا تهزّه العواصف، ولاتفته الخلافات، ولا ينهار أمام أتفه الأسباب.
وأضاف: وفي سن الأربعين، وبينما كان النبي يختلي بنفسه في غار حراء، متأملًا في ملكوت الله، نزل عليه جبريل عليه السلام، يحملُ أعظم نداءٍ سَمعتهُ البشرية: "اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ" نداءٌ لم يكن مجرد أمرٍ بالقراءة، بل إعلانٌ لميلادِ أمة، شعارها القراءة باسم الله، ومنهجُها العلم، وحِصنُها الإيمان، فبدأت الرسالة الخالدة بـ "اقرأ" لِتؤسّس إنسانًا يعي، وعقلًا يُفكّر، وقلبًا يؤمن، وأمة تنهضُ على نورٍ من الوحي.
وتابع بقوله، عاد النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى بيته، وقد ارتجف جسدُه من هول أول لقاء بالوحي، فلم يجِد مأوىً أحنُّ ولا أصدقَ من حضن خديجة - رضي الله عنها-، فاحتوته بسكينة المرأة الحكيمة، وثبات القلبِ المُحبّ، وقالت كلمتها الخالدة التي سكنت قلبه، وبدّدت خوفه: "كلا، أبشر، فوالله لا يُخزيك الله أبدًا، إنك لتصِلُ الرّحِم، وتصدُقُ في الحديث، وتحمل الكلَّ، وتُقريء الضيف، وتُعين على نوائب الحقّ"، وبناء على ذلك لن يُخزي الله أبدًا، من سار على هدي نبيّه، فجعل الإحسان طريقه، والرحمة خُلُقه، والنبوّة قدوته.
وأضاف الشيخ عبدالباري الثبيتي أن المنهج النبوي في الدعوة كان مؤسسًا على التوجيه الإلهي: "ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ" فانطلقت دعوته بكلمة طيبة تلامسُ القلوب، وصبرٌ جميلٌ يغلبُ الصُّدود، يردُّ على الجهل بالحِلم، ويقابل القسوة بالرفق، كانت دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم- رحمة تسري، لا سطوة تُفرض؛ قال تعالى: "وَمَآ أَرْسَلْنَٰكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَٰلَمِينَ"، رحمة بالحائر، ورفقٌ بالجافي، وحِلمٌ على من أساء، حتى في أشدّ المواقف، لم يُقابل الجهل بجهلٍ، ولا الغِلظة بغِلظة، بل قاد القلوب إلى الله باللين، وفتح المغاليق بالمحبة.
وذكر أن زمننا هذا كثُرت فيه الأصوات، وارتفع فيه الجدل، وقلّ فيه الأسلوبُ الحكيم، ونحن في أمسّ الحاجة للعودة إلى ذلك المنهج النبوي الراشد، منهجٌ يُخاطب العقول بالحكمة، والقلوب بالرحمة، ويدعو إلى الله برفقٍ يُحيي، لا بغلظةٍ تُنفّر.
وبيّن إمام وخطيب المسجد النبوي أنه إذا تحدثنا عن خُلُق النبي محمد - صلى الله عليه وسلم -، فلن توفيه الكلمات قدره؛ فهو خُلُق تجسّد، ورحمة تمشي، فكان الصفحُ عنده سجيّة، والكرم عادة، والتواضع طريقًا، وكان يعفو عمن ظلمه، ويصلُ من قطعه، ويُُكرم من أساء إليه، يُواسي الحزين، ويمسح على رأس اليتيم، ويَرحمُ الصغير، ويوقِّر الكبير، لا يُفرّق بين غنيٍ وفقير، يجلس بين أصحابه، يُصغي إليهم ويؤانسهم، كأنه واحدٌ منهم، ومع ذلك كانت له هيبة تملأ النفوس، ومحبةٌ تأسر القلوب.
وتابع قائلًا: كان عليه الصلاة والسلام قائدًا يُربّي الرجال على الإيمان والصِدق، وحاكمًا يُدير دُفة أمة، ويُقيم أركان حضارة، وزوجًا حنونًا يرعى شؤون بيتِه بمحبة ومسؤولية، وعبدًا شكورًا يقوم بين يدي ربه في جوفِ الليل حتى تتفطّر قدماه، ومُصلحًا حكيمًا يُداوي عِلل المجتمع بالرحمة والعقل والبصيرة، وفي كل جانب من هذه الجوانب، كان النبي - صلى الله عليه وسلم - نموذجًا فريدًا، ومُعلمًا للقدوة والاقتداء.
وذكر أنه في حجته الأخيرة، وقف النبي - صلى الله عليه وسلم - على صعيد عرفات، تُحيطُ به أمواج من القلوب المؤمنة، أكثر من مئة ألف نفسٍ، تُنصت بخشوعٍ، لِتشهد أعظم بيانٍ عرفه التاريخ.
وأورد الشيخ الدكتور عبدالباري الثبيتي ما تضمنته خطبة النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، مبينًا أنه رسم فيها للأمة خارطة الطريق، وحدّد فيها معالم البقاء وعوامل العزّ، وأعلن فيها المساواه بين البشر، وأبطل كل تفاضُلٍ زائفٍ قائمٌ على النَسَب أو المال أو اللون أو الجنس، وغَرَس في القلوب ميزانًا ربانيًا واحدًا هو التقوى، ثم أوصى بالنساء خيرًا، وحذّر من الظُلم، وذكّر بحرمة الدماء والأعراض، وأرسى مبادئ العدل والرحمة، وختم عليه الصلاة والسلام خطبته العظيمة، بوصيةٍ خالدة، هي حبل النجاة، ودستورُ الفلاح في الدنيا والآخرة، فقال: " تركتُ فيكم أمرين؛ لن تضلّوا ما إن تمسّكتم بهما: كتابُ الله، وسُنّتي".
وأضاف أنه بعد أن بلّغ النبي -صلى الله عليه وسلم- الرسالة، وأدى الأمانة، وربّى أمة، وأقام حضارةً، اشتد عليه المرض في أيامه الأخيرة، لكنه لم يغفل عن أمته، بل كانت آخر وصاياه: "الصَّلاة الصَّلاة وما ملكت أيمانكم"، لعِظمِ شأنها، وجلالة قدرها.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الزمان
منذ 18 دقائق
- الزمان
في 10 محافظات.. الأوقاف تفتتح 15 مسجدًا اليوم الجمعة
تفتتح وزارة الأوقاف، اليوم الجمعة، 15 مسجدًا ضمن خطتها لإعمار بيوت الله، حيث تم إنشاء وبناء مسجدين جديدين، وإحلال وتجديد 9 مساجد، وصيانة وتطوير 4 مساجد. وشهدت قائمة المساجد المقرر افتتاحها تنوعًا جغرافيًا، وجاء بيانها كالتالي: محافظة جنوب سيناء: - إحلال وتجديد مسجد شهداء المسلمين بالحي الأول – مدينة أبو زنيمة. - صيانة وتطوير مسجد الرحمن بقرية النقب – مدينة نوبيع. محافظة البحيرة: - إحلال وتجديد مسجد الهلالية الكبير – مركز إيتاي البارود. محافظة الفيوم: - إحلال وتجديد مسجد الرحمن بعزبة بريشة الغربية بقرية الشواشنة – مركز يوسف الصديق. محافظة الغربية: - إحلال وتجديد مسجد الشاذلية بقرية البنوان – مركز المحلة الكبرى. محافظة قنا: - إحلال وتجديد مسجد القوادر بقرية خوالد أبو شوشة – مركز أبو تشت. - صيانة وتطوير مسجد العتيق بقرية السليمات بكوم سلامة – مركز أبو تشت. محافظة بني سويف: - إحلال وتجديد مسجد أمين زيدان بعزبة أمين زيدان بقرية بني خليفة - مركز ناصر. محافظة المنيا: - إحلال وتجديد مسجد صلاح الدين بقرية أبو جرج – مركز بني مزار؛ ومسجد آل عقولة بقرية برمشا – مركز العدوة؛ ومسجد سليمان الزهدي بقرية البهنسا – مركز بني مزار. محافظة القليوبية: - إنشاء وبناء مسجد المدينة المنورة بالحي الخامس – مدينة العبور. محافظة البحر الأحمر: - إنشاء وبناء مسجد الصفا والمروة – مدينة سفاجا. محافظة الجيزة: - صيانة وتطوير مسجد الرحمة بجوار مزلقان السكة الحديد – الجيزة؛ ومسجد إبراهيم الدسوقي بقرية بمها – مركز العياط. وأعلنت الوزارة وصول إجمالي عدد المساجد المفتتحة منذ أول يوليو 2024 م وحتى الآن، إلى (1354) مسجدًا، من بينها (921) مسجدًا بين إنشاء وإحلال وتجديد، و (433) مسجدًا صيانةً وتطويرًا، وأكدت الوزارة أن إجمالي ما تم إحلاله وتجديده وصيانته وفرشه منذ يوليو 2014 م، بلغ (13435) مسجدًا، بتكلفة إجمالية تقدر بنحو 22 مليارًا و 828 مليون جنيه.


النهار المصرية
منذ 18 دقائق
- النهار المصرية
أدعية لتيسير الزواج يوم الجمعة
يوم الجمعة ليس كغيره من الأيام، فهو يوم البركة والرحمة، وفيه ساعة لا تُرد فيها الدعوات كما أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم. ويحرص كثيرون على اغتنام هذا اليوم في الدعاء بكل ما يتمنونه، ومن أكثر ما يلهج به لسان الشباب والفتيات هو دعاء تيسير الزواج، طلبًا للسكينة، والاستقرار، والرزق بالزوج أو الزوجة الصالحة التي تعين على الدين والدنيا. إليك مجموعة من الأدعية المستحبة التي يمكن الدعاء بها يوم الجمعة لتيسير الزواج: 1. "اللهم ارزقني الزوج الصالح الذي يعينني على طاعتك، ويكون قُرة عين لي في الدنيا والآخرة، واجعل فيه الخير لي أينما كان." 2. "اللهم إني أسألك باسمك الأعظم أن ترزقني الزواج بمن ترضاه لي، وتجعله نِعمة وسكناً وطمأنينة لقلبي." 3. "يا حي يا قيوم، برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله، وارزقني من واسع فضلك زوجاً صالحاً يُرضيك عني." 4. "اللهم اجعل لي من لدنك زوجًا صالحًا يحبني فيك، ويخافك فيا، ويسعدني ويكرمني، واجعلني له كما يحب ويتمنى." 5. "اللهم يا جامع الناس ليوم لا ريب فيه اجمع بيني وبين من تحب وترضى، وارزقني به زوجًا هينًا لينًا، تقيًا نقيًا، واجعل بيننا مودة ورحمة." ويُستحب الدعاء بهذه الأدعية بعد صلاة الجمعة، وبين الأذان والإقامة، وفي الساعة الأخيرة قبل المغرب، مع يقين القلب أن ما عند الله لا يُنال إلا بطاعته والثقة برحمته. اللهم عجل لكل من يتمنى الزواج بالخير، وارزقهم سعادة لا تنتهي.


الزمان
منذ 18 دقائق
- الزمان
رئيس بعثة الحج الرسمية: وصول 9360 حاجا من بعثة القرعة إلى مكة المكرمة وسط استعدادات مكثفة
تتزايد أعداد حجاج بعثة القرعة الوافدين الى مكة المكرمة من مصر او عقب تفويجهم من المدينة المنورة بعد انتهاء إقامتهم فيها وزيارتهم للرسول الكريم. أعلن اللواء مساعد وزير الداخلية لقطاع الشئون الإدارية الرئيس التنفيذي لبعثة الحج المصرية ، وصول 9360 حاجا من بعثة القرعة إلى مكة المكرمة حتى الآن. وأوضح رئيس البعثة أنه وصل إلى مكة المكرمة 1810 حجاج قادمين من مصر و2000 حاج تم تفويجهم من المدينة المنورة، بالإضافة إلى 5550 حاجا سبق وصولهم إلى مكة المكرمة. وقال إن مسؤولي بعثة القرعة كانوا في استقبال الحجاج بمطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة فور وصولهم؛ لمتابعة اجراءات الوصول والتفويج إلى مكة المكرمة، استعدادا لتسكينهم في فنادقهم الكائنة بالمنطقة المركزية المحيطة بالحرم المكي الشريف. وأشار إلى قيام مسئولي بعثة حج القرعة يوميا، بمراجعة إجراءات تسكين الحجاج بمقار اقامتهم، قبل وصولهم؛ للتأكد من جاهزيتها وتزويدها بكافة سبل الراحة لضيوف الرحمن، وكذلك سرعة انهاء اجراءات تسكينهم فور وصولهم . وقد نظم مسؤولو البعثة المصرية احتفاليات في فنادق الإقامة في مكة المكرمة لاستقبال أفواج الحجاج حيث تم استقبالهم فيها بالورود وتوزيع هدايا عليهم وتخصيص عدد من أعضاء البعثة لمساعدة كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة منذ وصولهم إلى المطار وحتى تسكينهم في غرفهم. وأعرب الحجاج عن سعادتهم بحفاوة الاستقبال والتنظيم الممتاز واهتمام مسؤولي البعثة بتنظيم رحلة الحج على أعلى مستوى. كما تم تفويج حجاج المدينة المنورة إلى مكة المكرمة بحافلات حديثة وهم يرتدون ملابس الإحرام حيث توقفوا في مسجد أبيار علي للإحرام قبل أن يدخلوا مكة المكرمة مرددين " لبيك اللهم لبيك" لأداء عمرة القدوم، فيما تم شحن حقائبهم بسيارات خاصة وصلت قبل وصولهم لفنادق الإقامة حيث وجد كل حاج حقائبه أمام غرفته. واشاد الحجاج بقرب الفنادق من الحرم المكي ومستواها المتميز ووجهوا الشكر لمسؤولي البعثة على جهودهم. وشدد رئيس البعثة على أن جميع أفراد بعثة حج القرعة يعملون على مدار ال24 ساعة؛ لتقديم كافة التيسيرات لحجاج القرعة، ابتداء من سفرهم إلى الأراضي المقدسة وحتى عودتهم بسلامة الله إلى أرض الوطن