logo
كيف يسهل الذكاء الاصطناعي تزوير الأبحاث العلمية؟

كيف يسهل الذكاء الاصطناعي تزوير الأبحاث العلمية؟

خبرني٢٥-٠٣-٢٠٢٥

خبرني - يشهد العالم اليوم ثورة علمية مدفوعة بتقنيات الذكاء الاصطناعي، إذ تتسارع وتيرة الاكتشافات العلمية بنحو غير مسبوق، وفي خطوة تنبئ بمستقبل واعدٍ للبحث العلمي أطلقت جوجل خلال شهر فبراير الماضي، أداة ذكاء اصطناعي جديدة تُسمى (AI co-scientist)، مصممة خصوصًا لدعم العلماء في مساعيهم البحثية، إذ تسهل عليهم صياغة الفرضيات وتصميم خطط البحث، مما يُبشر بتسريع وتيرة الاكتشافات العلمية.
ومع أن تقييم فعالية هذه الأداة لا يزال مبكرًا، لكن تأثير الذكاء الاصطناعي في مسار البحث العلمي أصبح حقيقة ملموسة. ففي العام الماضي، شهدنا مثالًا بارزًا على ذلك حين فاز علماء الحاسوب بجائزة نوبل في الكيمياء لتطويرهم نموذج ذكاء اصطناعي قادرًا على التنبؤ بأشكال جميع البروتينات المعروفة للبشرية.
وقد وصف هاينر لينكه، رئيس لجنة نوبل، هذا الإنجاز بأنه تحقيق حلم دام 50 عامًا، إذ تمكن النظام من حل مشكلة ظلت عصية على العلماء منذ سبعينيات القرن الماضي. ويعكس هذا النجاح قدرة الذكاء الاصطناعي على دفع العلم نحو تحقيق إنجازات كانت تبدو بعيدة المنال لعقود، وحتى مستحيلة تمامًا.
الجانب المظلم.. الذكاء الاصطناعي يسهّل تزوير الأبحاث العلمية:
بينما يمكن للذكاء الاصطناعي أن يسرّع وتيرة الاكتشافات العلمية، ويحقق إنجازات كانت تُعدّ مستحيلة، يُلقي بظلال من الشك على نزاهة البحث العلمي، إذ يسهّل الذكاء الاصطناعي أيضًا عمليات تزوير الأبحاث، مما يؤدي إلى سحب الأوراق الأكاديمية التي تثبت عدم صحة بياناتها أو نتائجها.
وتُعدّ الأوراق الأكاديمية بمنزلة حجر الأساس في مجال البحث العلمي، ولكن عندما تتضح عدم صلاحية البيانات أو النتائج المنشورة فيها، يصبح سحبها أمرًا حتميًا، وتتعدد الأسباب التي تؤدي إلى هذا الإجراء، بدءًا من تزوير البيانات المتعمّد، والانتحال الذي يقوّض أصالة العمل، ووصولًا إلى الأخطاء البشرية غير المقصودة.
وقد شهدت السنوات الأخيرة ارتفاعًا ملحوظًا في عمليات سحب الأوراق البحثية، إذ تجاوز عددها 10,000 ورقة في عام 2023 وحده، والأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن هذه الأوراق المسحوبة قد اُستشهد بها أكثر من 35,000 مرة، مما يشير إلى تأثيرها السلبي المحتمل في الأبحاث اللاحقة.
كما تؤكد الإحصائيات أن هذه الظاهرة أصبحت توجهًا، إذ كشفت دراسة أن نسبة بلغت 8% من العلماء الهولنديين اعترفوا بارتكاب عمليات احتيال بحثي خطيرة، وهو ضعف المعدل الذي أُبلغ عنه سابقًا، وفي مجال الأبحاث الطبية الحيوية، تضاعف معدل سحب الأوراق البحثية أربع مرات خلال العشرين عامًا الماضية، ويعود السبب الرئيسي في معظم هذه الحالات إلى سوء السلوك العلمي المتعمَّد.
يشكل الذكاء الاصطناعي تهديدًا متزايدًا لتفاقم مشكلة سوء السلوك العلمي، إذ يمنح الباحثين أدوات قوية لتزوير الأبحاث وتلفيق البيانات بسهولة غير مسبوقة، فعلى سبيل المثال، يتيح توفر أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي، مثل (ChatGPT) وإمكانياتها المتطورة، إنشاء أبحاث وهمية كاملة في وقت قياسي.
وقد أُثبتت هذه الإمكانية بوضوح من خلال تجربة أجراها باحثان استخدما الذكاء الاصطناعي لتوليد 288 ورقة أكاديمية مالية مزيفة بالكامل، تتضمن تنبؤات وهمية بعوائد الأسهم. ومع أن هذه التجربة كانت تهدف إلى إبراز الإمكانات الكامنة في هذه التقنية، فإنها كشفت في الوقت نفسه عن مخاطر جمة.
ومن ثم، ليس من الصعب تخيل كيف يمكن استغلال هذه التقنية في أغراض خبيثة، مثل: إنشاء بيانات تجارب سريرية وهمية للتلاعب بنتائج الأدوية، أو تعديل بيانات تجارب تعديل الجينات لإخفاء آثار جانبية خطيرة، وحتى تلفيق نتائج أبحاث علمية كاملة بغرض تحقيق مكاسب شخصية أو مؤسسية.
أوراق بحثية مزيفة تمر بعملية مراجعة الأقران:
تتزايد المخاوف المتعلقة بنزاهة البحث العلمي مع ظهور حالات موثقة لأوراق بحثية مولدة بالذكاء الاصطناعي، وقد اجتازت بنجاح عملية مراجعة الأقران، لتصل إلى مرحلة النشر. ولكن سرعان ما سُحبت هذه الأوراق بعد اكتشاف الاستخدام غير المعلن للذكاء الاصطناعي، وغالبًا ما تحتوي على عيوب جوهرية مثل المراجع الوهمية والبيانات المفبركة عمدًا.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فبعض الباحثين يستخدمون الذكاء الاصطناعي في مراجعة عمل أقرانهم، مما يثير تساؤلات حول مدى دقة وموضوعية هذه المراجعات. فمراجعة الأقران، التي تُعدّ حجر الأساس في النزاهة العلمية، تستغرق وقتًا وجهدًا كبيرين، إذ يخصص العلماء مئات الساعات سنويًا لهذا العمل التطوعي.
وقد كشفت دراسة أجرتها جامعة ستانفورد أن ما يصل إلى 17% من مراجعات الأقران في مؤتمرات الذكاء الاصطناعي الكبرى كتبها جزئيًا الذكاء الاصطناعي.
وفي سيناريو متطرف، قد نجد أنفسنا أمام وضع يقوم فيه الذكاء الاصطناعي بكتابة الأوراق البحثية، ثم يتولى ذكاء اصطناعي آخر مراجعتها، مما يهدد بتقويض مصداقية البحث العلمي بنحو كامل.
ويفاقم هذا الخطر بالفعل مشكلة متنامية تتمثل في الزيادة الضخمة في حجم النشر العلمي، مع تناقص ملحوظ في جودة المحتوى وأصالته.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي الذكاء الاصطناعي إلى تزوير النتائج العلمية بنحو غير مقصود، وذلك بسبب ظاهرة الهلوسة التي تصيب أنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدي. فبدلًا من الاعتراف بالجهل، قد يقوم الذكاء الاصطناعي باختلاق إجابات وهمية، مما يؤدي إلى نتائج مضللة.
وحتى الآن، لا تزال أبعاد تأثير هلوسة الذكاء الاصطناعي في دقة الأوراق العلمية غير واضحة، ولكن دراسة حديثة في مجال تطوير البرمجيات كشفت أن نسبة تبلغ 52% من الإجابات التي يولدها الذكاء الاصطناعي عن أسئلة البرمجة تحتوي على أخطاء، وأن الإشراف البشري يفشل في تصحيح هذه الأخطاء بنسبة تبلغ 39% من الحالات.
تعظيم الفوائد ومواجهة التحديات:
لا شك أن استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال البحث العلمي يطرح العديد من التحديات الأخلاقية، ومع ذلك لا ينبغي لنا أن نتجاهل الإمكانات الضخمة التي يوفرها هذا المجال، فالذكاء الاصطناعي يقدم للعلماء أدوات قوية يمكن أن تحدث ثورة في كيفية إجراء البحوث العلمية، وتسريع وتيرة الاكتشافات العلمية.
ولقد شهدت السنوات الأخيرة استخدام نماذج ذكاء اصطناعي متخصصة لحل مشكلات علمية معقدة، مما أثبت فعالية هذه التقنية في تسريع وتيرة الاكتشافات العلمية. ومع ظهور نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل ChatGPT، أصبح لدينا أدوات قادرة على أداء مجموعة متنوعة من المهام، والعمل بتعاون وثيق مع العلماء، إذ يمكن لهذه النماذج أن تعمل كمساعدين فعالين في المختبرات، قادرين على أداء مجموعة متنوعة من المهام، بدءًا من تحليل البيانات المعقدة ووصولًا إلى صياغة الفرضيات وتصميم التجارب، مما يوفر وقت وجهد الباحثين.
وتتجسد إحدى التطبيقات الواعدة للذكاء الاصطناعي في تطوير روبوتات مختبرية متطورة، مثل تلك التي يطورها الباحثون في هيئة البحوث الأسترالية (CSIRO)، والتي يمكن للعلماء التفاعل معها بشكل طبيعي باستخدام اللغة المنطوقة، وتكليفها بأداء مهام متكررة بدقة وكفاءة.
ومع ذلك، يجب الاعتراف بأن أي تقنية جديدة تحمل في طياتها مخاطر محتملة، لذلك، يقع على عاتق المجتمع العلمي مسؤولية وضع سياسات وضوابط صارمة تضمن الاستخدام الأخلاقي والمسؤول للذكاء الاصطناعي في البحث العلمي.
فقد ثبتت بالفعل قدرة الذكاء الاصطناعي على تغيير عالم العلوم، المساهمة في جعل العالم مكانًا أفضل من خلال تحسين حياة البشر، ولكن لتحقيق هذا الهدف، يجب علينا أن نختار أحد مسارين: إما أن نتبنى الذكاء الاصطناعي بمسؤولية، من خلال تطوير مدونة سلوك شاملة تضمن استخدامه بطريقة أخلاقية ومسؤولة، أو أن نتقاعس ونترك المجال مفتوحًا أمام قلة من المارقين، الذين قد يستغلون هذه التقنية لأغراض غير مشروعة، مما يشوّه سمعة البحث العلمي ويحرمنا من فرص ثمينة لتحقيق التقدم.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

أهم تطبيقات أندرويد
أهم تطبيقات أندرويد

السوسنة

timeمنذ 16 ساعات

  • السوسنة

أهم تطبيقات أندرويد

السوسنة - توفر شركة جوجل العديد من التطبيقات المفيدة التي تسهّل حياة المُستخدمين، ومن هذه التطبيقات ما يأتي: تطبيقات جديدةمن تطبيقات أندرويد الجديدة التي يجدُر بالمُستخدمين تجربتها لعام 2019م ما يأتي: تطبيقات أخرى للأندرويد من التطبيقات الأخرى التي يُمكن لمستخدمي الهواتف التي تعمل بنظام أندرويد استخدامها ما يأتي: اقرأ أيضاً :

جوجل تطلق مزايا تسوّق ذكية في محرك بحثها
جوجل تطلق مزايا تسوّق ذكية في محرك بحثها

صراحة نيوز

timeمنذ 21 ساعات

  • صراحة نيوز

جوجل تطلق مزايا تسوّق ذكية في محرك بحثها

صراحة نيوز ـ أعلنت جوجل خلال مؤتمر Google I/O 2025 مجموعة من المزايا الجديدة الموجهة للمتسوقين عبر الإنترنت، وهي تستند إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي، ومنها لوحة عرض مرئية مدمجة في وضع الذكاء الاصطناعي الجديد 'AI Mode' في البحث، وإشعارات مخصصة لتتبع الأسعار مع خاصية الشراء الآلي، بالإضافة إلى إمكانية تجربة الملابس افتراضيًا بنحو متطور. وضمن وضع الذكاء الاصطناعي في بحث جوجل، بات بإمكان المستخدمين مشاهدة صور المنتجات، ونصائح موجهة تعتمد على تحليل دقيق لبيانات المنتجات وتفضيلات المستخدمين. فعلى سبيل المثال: عند البحث عن 'حقيبة سفر'، ستعرض نتائج البحث لوحة مرئية تضم منتجات تناسب ذوق المستخدم، مع إمكانية تصفحها بسهولة. وإذا قرر المستخدم تضييق نطاق البحث عبر استعلام أكثر تحديدًا، سوف يشغّل الذكاء الاصطناعي عدة استعلامات متوازية — وهي تقنية تطلق عليها جوجل 'الانتشار الاستعلامي' — لتحديد الخيارات المثالية. وكلما أضاف المستخدم عوامل تصفية جديدة، تتجدد اللوحة المرئية تلقائيًا لتعرض خيارات مناسبة، وستبدأ هذه المزايا بالوصول إلى المستخدمين في الولايات المتحدة أولًا خلال الأشهر المقبلة. تتبع الأسعار والشراء التلقائي وتستعد جوجل كذلك لإطلاق ميزة ذكية لتتبع الأسعار تتكامل مع خاصية 'الشراء بالوكالة Agentic Checkout'، إذ سيتمكن المستخدمون قريبًا من النقر على زر 'تتبع السعر' في أي منتج، وتحديد المواصفات والسعر المرغوب فيه. وعندما ينخفض السعر إلى الحد المطلوب، ترسل جوجل إشعارًا للمستخدم، ويمكنه حينها اختيار 'اشترِ نيابة عني'، ليتولى النظام إتمام عملية الشراء باستخدام بيانات Google Pay دون الحاجة إلى زيارة موقع التسوق. تجربة ارتداء افتراضية شخصية وفي خطوة متقدمة، طرحت جوجل نسخة جديدة من ميزة 'التجربة الافتراضية للملابس'، تتيح للمستخدمين تجربة الملابس على صورهم الشخصية، وليس فقط على نماذج جاهزة. وللقيام بذلك، يُطلب من المستخدم رفع صورة كاملة واضحة لنفسه في إضاءة جيدة، وهو يرتدي ملابس ضيقة لتحديد معالم الجسم. وتستخدم جوجل نموذجًا جديدًا قائمًا على تقنيات 'الانتشار diffusion' لتحليل شكل الجسم، وتفاعل الأقمشة المختلفة معه. وبدءًا من اليوم، ستظهر للمستخدمين في الولايات المتحدة أيقونة 'جرّبها افتراضيًا' بجانب قوائم الملابس، مثل القمصان والسراويل والفساتين، كما يمكن مشاركة المظهر مع الأصدقاء أو استكشاف منتجات مشابهة للشراء.

جوجل تضيف ميزة الدبلجة الصوتية الفورية إلى Meet
جوجل تضيف ميزة الدبلجة الصوتية الفورية إلى Meet

صراحة نيوز

timeمنذ يوم واحد

  • صراحة نيوز

جوجل تضيف ميزة الدبلجة الصوتية الفورية إلى Meet

صراحة نيوز ـ أعلنت جوجل خلال مؤتمرها السنوي I/O 2025 ميزة جديدة مدعومة بالذكاء الاصطناعي تتيح لمستخدمي خدمة الاجتماعات والمكالمات عبر الإنترنت Google Meet الحصول على ترجمة صوتية فورية، مما يسهل التواصل بين المستخدمين ذوي اللغات المختلفة في الاجتماعات والمكالمات. وتعتمد الميزة الجديدة على نموذج Gemini لتقديم ترجمة صوتية تحاكي صوت المتحدث الأصلي ونبرته وتعبيراته، لتبدو كأنها صادرة عنه مباشرة. وفي العرض التوضيحي الذي قدمته جوجل، ظهر مستخدم يتحدث الإنجليزية في أثناء مكالمة مع مستخدم آخر يتحدث الإسبانية، وبمجرد تفعيل ميزة الترجمة، بدأت خدمة Meet دبلجة الحديث تلقائيًا إلى الإنجليزية مع الحفاظ على تفاصيل الصوت الأصلية. وتُعد هذه الخطوة منافسة مباشرة لميزة مماثلة أعلنتها مايكروسوفت في وقت سابق من هذا العام لمنصة Teams، مما يعكس السباق المتزايد بين الشركتين في مجال تحسين أدوات العمل التعاوني. وفي المرحلة الحالية، تدعم الميزة الترجمة بين الإنجليزية والإسبانية فقط، لكن جوجل تخطط لإضافة دعم كلٍ من الإيطالية والألمانية والبرتغالية خلال الأسابيع المقبلة، وفقًا لما أعلنته خلال المؤتمر. وبدأ طرح الميزة تدريجيًا لمشتركي الخدمة، ومن المنتظر وصولها إلى المؤسسات والشركات في وقت لاحق من العام الجاري. ومن المتوقع أن تُحدث هذه الميزة الجديدة تأثيرًا كبيرًا في طريقة عمل الفرق المتعددة الجنسيات والشركات ذات الانتشار العالمي، إذ ستسهم في إزالة أحد أكبر العوائق أمام التواصل الفعّال، وهو اختلاف اللغة، كما ستسمح للجميع من مختلف الخلفيات اللغوية بالمشاركة بثقة أكبر في النقاشات واتخاذ القرارات

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store