
مشعر منى.. شاهد على سُنن الأنبياء وذاكرة الحج عبر العصور
نشر في: 3 يونيو، 2025 - بواسطة: خالد العلي
يُعدُّ مشعر منى أحد أبرز المشاعر المقدسة التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بمناسك الحج، وتكتسب مكانة عظيمة في قلوب المسلمين، لما تحمله من دلالات تاريخية وروحية، جعلت منها شاهدًا حيًا على تتابع الأزمان وامتداد الشعائر منذ عهد إبراهيم الخليل ..عليه السلام..، وحتى يومنا هذا.
ويقع مشعر منى بين مكة المكرمة ومشعر مزدلفة، ويبعد عن المسجد الحرام نحو (7) كلم، وهو وادٍ مبارك تحيط به الجبال من كل جانب، وتنبض أوديته بالإيمان في أيام الحج، حيث يقضي فيه الحجاج ليالي التشريق، ويؤدون فيه شعائر عظيمة كـرمي الجمرات، والنحر، والحلق أو التقصير. ويحمل مشعر منى هوية مكانية متميزة، تكتنزها طبيعته الجغرافية وتُجسدها الشعائر التي يؤديها ضيوف الرحمن، حيث الخيام البيضاء التي تمتد على جنباته أصبحت علامة فارقة لمنظومة الحج الحديثة، وقد صُممت وفق أعلى معايير السلامة والراحة، لتستوعب ملايين الحجاج في بيئة آمنة ومهيأة بكفاءة. وكانت خيام منى في العقود السابقة تُنصب من القماش والخشب أو اللباد، وتفتقر لمقومات السلامة والراحة، وتُفكك بعد نهاية الحج، فيما يضُم اليوم مشعر منى أكثر من (100) ألف خيمة ثابتة مصنوعة من الألياف الزجاجية المقاومة للحرارة والاشتعال، والمكيّفة بالكامل، وتخضع لنظام ترقيم دقيق يسهل الوصول إليها ويعزز السلامة والتنظيم، وتغطي مساحة الخيام ما يقارب (2.5) مليون متر مربع، في مشهد عمراني موحد يخدم منظومة متكاملة من الإيواء والخدمات الصحية والأمنية واللوجستية، مما يجعل من مشعر منى مدينة متكاملة مؤقتة تنبض بالحياة أيام الحج. ويبرز في المشعر جسر الجمرات، الذي يبلغ طوله (950) مترًا وعرضه (80) مترًا، على عدة طوابق، بطاقة استيعابية تتجاوز (300) ألف حاج في الساعة الواحدة، ما يُمكن من تفويج الحشود بكفاءة عالية ويُقلل من التزاحم والاختناق، خاصة في أوقات الذروة أثناء رمي الجمرات الثلاث (الصغرى والوسطى والكبرى). وتتوفر في الجسر وسائل متعددة لتنظيم حركة الحشود، تتضمن مداخل ومخارج متعددة من جميع الاتجاهات، وسلالم كهربائية وممرات مخصصة للطوارئ، إضافة إلى منظومة متقدمة من كاميرات المراقبة والذكاء الاصطناعي؛ لرصد الكثافات والتحكم في التدفقات البشرية لحظة بلحظة. ويضم جسر الجمرات كذلك مرافق خدمية متكاملة، تشمل نقاطًا للإسعاف والدفاع المدني، وأماكن للراحة، ومظلات لتقليل آثار الحرارة، إلى جانب نظام تبريد متطور يعتمد على الرذاذ المائي لتحسين جودة الهواء في محيط الجسر، إذ يوفّر انسيابية لحركة الحشود ويُجسّد جهود المملكة في خدمة ضيوف الرحمن، ويُسهّل عليهم أداء شعيرة رمي الجمرات، التي ترتبط بموقف سيدنا إبراهيم ..عليه السلام.. في التصدي للشيطان. وحظي مسجد الخيف في مشعر منى بعناية واهتمام كبيرين من وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، انطلاقًا من مكانته الدينية والتاريخية، حيث يُعدُّ أحد المواضع التي صلى فيها النبي محمد ..صلى الله عليه وسلم..، مما يجعله من أبرز المعالم الإسلامية في المشاعر المقدسة، وتبلغ مساحته (23,500م)، ويتسع لأكثر من (27.000) مصلٍ، ويحتوي المسجد على (4) مآذن، و(9) أبواب رئيسة، و(6) أبواب طوارئ. ويضم المسجد (1,440) دورة مياه للرجال و(300) للنساء، و(95) شاشة توعية، و(4) مكتبات رقمية، و(40) كاميرا مراقبة، و(166) طفاية حريق، و(373) وحدة تكييف سبليت، و(14) وحدة تهوية مركزية، كما تم تزويده بـ (1400) سجادة مفروشة حديثًا. ويشهد تاريخ مشعر منى على عناية متواصلة منذ بزوغ شمس الإسلام، حيث كان الخلفاء الراشدون ومن تبعهم من ولاة المسلمين يعتنون به ويُقيمون فيه المناسك، وظل المشعر حاضرًا في وجدان الأمة الإسلامية قرونًا متعاقبة، إلى أن جاءت رعاية المملكة العربية السعودية، فكان التحول الكبير في البنية التحتية والخدمات المقدمة، ضمن رؤية شاملة؛ تهدف إلى الارتقاء بجودة تجربة الحاج، وتحقيق أقصى درجات الراحة والأمن. وتولي حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء ..حفظهما الله..، المشاعر المقدسة عناية خاصة ضمن منظومة الحج والعمرة، عبر مشاريع تطويرية مستمرة تتضمن التوسع في الخدمات، وتحسين البنية التحتية، والتقنيات الذكية، ومشاريع إدارة الحشود، مما يسهم في تجسيد رؤية المملكة 2030 في تمكين ضيوف الرحمن من أداء نسكهم بيسر وطمأنينة. وتتجلّى في مشعر منى معاني التضحية، وتُسطّر فيه ملاحم الطاعة، ويبقى شامخًا في ذاكرة الأمة الإسلامية، حاضرًا في كل موسم حج، رمزًا للسكينة، وميدانًا للتقوى، وموقعًا تتعانق فيه الأرض بالسماء في أعظم أيام الله، حيث على أرضه يُمضي الحجاج أيامًا من أعظم أيام حياتهم، يلهجون فيها بالذكر والدعاء، ويستشعرون عظمة النسك، في جو إيماني يملؤه السكون والطمأنينة.
المصدر: عاجل

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


المدينة
منذ 17 دقائق
- المدينة
حجاج ضيوف برنامج خادم الحرمين يعبرون عن فرحتهم وألسنتهم تلهج بالدعاء للقيادة على المكرمة الملكية
عبّر عدد من ضيوف برنامج خادم الحرمين الشريفين للحج والعمرة والزيارة الذي تنفذه وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، أن فرحة الوصول إلى صعيد عرفات عظيمة لأن الوقوف فيه من أركان الحج ونعجز عن شكر قيادة المملكة على خدماتها الجبارة في خدمة الإسلام والمسلمين.وأشاد الضيوف بجهود وزارة الشؤون الإسلامية في تنظيم البرنامج بصورة متميزة وتوفيرها كل سبل الراحة للمستضافين، مؤكدين أن هذه التجربة الروحانية ستظل نقطة مضيئة في حياتهم، وذكرى لا تُنسى. وقال الحاج عبدالباقي عبدالله من جمهورية جزر القمر: "إن اللسان يعجز عن شكر خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - الذي يسر لنا بعد الله عز وجل زيارة هذه البقعة المقدسة لأداء فريضة الحج, ووجدنا خلال الاستضافة كل الاهتمام والرعاية والخدمات المتكاملة", مؤكدًا أن المشاعر عظيمة والفرحة كبيرة برؤية جموع الحجيج في مشعر عرفات وهم يلبّون ويهللون، وإنها لحظات تخلد ذكراها مدى الحياة, سائلًا الله أن يتقبل من ضيوف بيت الله الحرام حجهم وأن يجزي المملكة وقيادتها خير الجزاء على جهودها في خدمة الإسلام والمسلمين".من جانبه ثمن الحاج محمد من جمهورية موريشيوس جهود المملكة وقيادتها الحكيمة في خدمة ضيوف الرحمن وقاصدي الحرمين الشريفين لتوفير جميع سبل الراحة والخدمات المتميزة لتسهيل أداء الحج منذ وطأت أقدامهم مكة المكرمة ووصولًا للمشاعر المقدسة، داعيًا المولى عز وجل أن يجزيهم خير الجزاء على هذه الجهود المباركة.من جهته أشاد الحاج محمد من جمهورية سيراليون بالخدمات التي تقدمها المملكة للحجاج من حسن الرعاية والتنظيم, والتوسعات التي طالت بالحرمين الشريفين والتسهيلات التي يلمسها قاصدي الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة لأداء فريضة الحج, إلى جانب العديد من الخدمات حتى ينعم ضيف الرحمن براحة وأمان ويؤدي المناسك بيسر واطمئنان.فيما قال الحاج محمد مفتي محمد رزان من جمهورية سيرلانكا: "ما إن وطئت أقدامنا عرفات حتى امتلأت أعيننا بالدموع، هذه لحظة عمر لا تُقدّر بثمن، أن نقف في المكان الذي وقف فيه الأنبياء والصالحون، ونرفع أكفنا إلى السماء في يوم تتنزل فيه الرحمات والمغفرة.. إنها نعمة كبرى", مضيفًا أن حضور خطبة عرفة كان له وقع بالغ في نفوسنا، واستشعرنا عظمة الموقف، وعمق الرسالة التي قدّمها خطيب عرفة في دعوته للتقوى والوحدة والاعتدال. وأشار إلى أن المملكة قدّمت صورة مشرفة للعالم الإسلامي في تنظيم الحشود، وتوفير أفضل الخدمات في أدق التفاصيل. يذكر أن وزارة الشؤون الإسلامية تنفذ وتشرف على برنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين للحج والعمرة والزيارة, والبالغ عددهم (2443) حاجًا وحاجة من (100) دولة حول العالم.


المدينة
منذ 17 دقائق
- المدينة
اكتمال جاهزية مسجد "المشعر الحرام" بمزدلفة
أعلنت وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد اكتمال جاهزية مسجد المشعر الحرام بمزدلفة لاستقبال ضيوف الرحمن بعد إفاضتهم من مشعر عرفات، لأداء صلاتي المغرب والعشاء جمعًا وقصرًا، وذلك ضمن الاستعدادات الشاملة لموسم حج هذا العام 1446هـ.وأنهت الوزارة مؤخرًا جميع أعمال الصيانة والتأهيل للمسجد، التي شملت تطوير أنظمة الصوت، وتحسين أداء مكبرات الصوت، وتركيب كاميرات مراقبة حديثة، وتحديث اللوحات الإرشادية، وأبواب الطوارئ والمداخل، بما يضمن سلامة الحجاج وراحتهم.وفي إطار رفع كفاءة المسجد وتعزيز جاهزيته، تم مضاعفة الطاقة الاستيعابية لمصلى النساء بنسبة 100%، بما يلبي الحاجة المتزايدة ويعزز من جودة الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن.وفُرش المسجد بالكامل، بمساحة إجمالية تُقدّر بـ(3500) متر مربع، وجُهز بـ(9) بوابات رئيسية، و(4) بوابات فرعية، و(8) أبواب طوارئ, لضمان الانسيابية في الدخول والخروج.ويُعد مسجد المشعر الحرام من أبرز معالم المشاعر المقدسة، ويشكّل محطة مركزية ومشهدًا مهيبًا للحجاج خلال مبيتهم في مزدلفة، ويرتبط بشعيرة عظيمة من شعائر الحج التي يتقرّب بها المسلمون إلى الله عز وجل.


المناطق السعودية
منذ 17 دقائق
- المناطق السعودية
من صعيد عرفات.. حجاج ضيوف برنامج خادم الحرمين يعبرون عن فرحتهم وألسنتهم تلهج بالدعاء للقيادة على المكرمة الملكية
عبّر عدد من ضيوف برنامج خادم الحرمين الشريفين للحج والعمرة والزيارة الذي تنفذه وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، أن فرحة الوصول إلى صعيد عرفات عظيمة لأن الوقوف فيه من أركان الحج ونعجز عن شكر قيادة المملكة على خدماتها الجبارة في خدمة الإسلام والمسلمين. وأشاد الضيوف بجهود وزارة الشؤون الإسلامية في تنظيم البرنامج بصورة متميزة وتوفيرها كل سبل الراحة للمستضافين، مؤكدين أن هذه التجربة الروحانية ستظل نقطة مضيئة في حياتهم، وذكرى لا تُنسى. وقال الحاج عبدالباقي عبدالله من جمهورية جزر القمر: 'إن اللسان يعجز عن شكر خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله – الذي يسر لنا بعد الله عز وجل زيارة هذه البقعة المقدسة لأداء فريضة الحج, ووجدنا خلال الاستضافة كل الاهتمام والرعاية والخدمات المتكاملة', مؤكدًا أن المشاعر عظيمة والفرحة كبيرة برؤية جموع الحجيج في مشعر عرفات وهم يلبّون ويهللون، وإنها لحظات تخلد ذكراها مدى الحياة, سائلًا الله أن يتقبل من ضيوف بيت الله الحرام حجهم وأن يجزي المملكة وقيادتها خير الجزاء على جهودها في خدمة الإسلام والمسلمين'. من جانبه ثمن الحاج محمد من جمهورية موريشيوس جهود المملكة وقيادتها الحكيمة في خدمة ضيوف الرحمن وقاصدي الحرمين الشريفين لتوفير جميع سبل الراحة والخدمات المتميزة لتسهيل أداء الحج منذ وطأت أقدامهم مكة المكرمة ووصولًا للمشاعر المقدسة، داعيًا المولى عز وجل أن يجزيهم خير الجزاء على هذه الجهود المباركة. من جهته أشاد الحاج محمد من جمهورية سيراليون بالخدمات التي تقدمها المملكة للحجاج من حسن الرعاية والتنظيم, والتوسعات التي طالت بالحرمين الشريفين والتسهيلات التي يلمسها قاصدي الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة لأداء فريضة الحج, إلى جانب العديد من الخدمات حتى ينعم ضيف الرحمن براحة وأمان ويؤدي المناسك بيسر واطمئنان. فيما قال الحاج محمد مفتي محمد رزان من جمهورية سيرلانكا: 'ما إن وطئت أقدامنا عرفات حتى امتلأت أعيننا بالدموع، هذه لحظة عمر لا تُقدّر بثمن، أن نقف في المكان الذي وقف فيه الأنبياء والصالحون، ونرفع أكفنا إلى السماء في يوم تتنزل فيه الرحمات والمغفرة.. إنها نعمة كبرى', مضيفًا أن حضور خطبة عرفة كان له وقع بالغ في نفوسنا، واستشعرنا عظمة الموقف، وعمق الرسالة التي قدّمها خطيب عرفة في دعوته للتقوى والوحدة والاعتدال. وأشار إلى أن المملكة قدّمت صورة مشرفة للعالم الإسلامي في تنظيم الحشود، وتوفير أفضل الخدمات في أدق التفاصيل. يذكر أن وزارة الشؤون الإسلامية تنفذ وتشرف على برنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين للحج والعمرة والزيارة, والبالغ عددهم (2443) حاجًا وحاجة من (100) دولة حول العالم.