
الحرية التي لم تكتمل.. رداد بين قيد السجن وسرير الموت
طولكرم/ غزة – فاطمة حمدان
لم يفارق المشفى لحظة واحدة، ولم يخطُ خارجه ولو مترًا واحدًا، لم يرَ الفضاء الخارجي، فمنذ لحظة الإفراج عنه ضمن صفقة "طوفان الأحرار"، وهو على سرير الاستشفاء، بعد سنوات طوال من "الإهمال الطبي" الذي نهش جسده في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
لكنه ظل يقاوم المرض أملًا بلقاء يجمعه بذويه، لكنه استشهد دون أن يُطفئ ظمأ تسعة عشر عامًا من الشوق.
فالأسير المحرر الشهيد معتصم رداد (43 عامًا) من بلدة صيدا قضاء طولكرم في الضفة الغربية، كان من أصعب الحالات المرضية في سجون الاحتلال الإسرائيلي، التي قوبلت بإهمال طبي تجاوز حدود الإنسانية، ودفع بجسده إلى الموت البطيء في زنازين تفتقر إلى أدنى شروط الرعاية.
ولم يقتصر الأمر على الإهمال الطبي، بل تجاوزه إلى التعذيب النفسي، بحسب رسالة سرّبها رداد من سجنه العام الماضي، ذكر فيها أن الكلمة الوحيدة التي كان يسمعها من السجانين هي: "أنت ميت ميت هنا".
وقال في الرسالة ذاتها: "معاناتنا كمرضى في السجون لا يمكن تصورها بأي شكل من الأشكال، نحن نموت يوميًا. نحن محتجزون في زنازين، ومحاصرون بالجوع والعطش والقمع والتنكيل والتعذيب، ومحرومون من أدنى شروط الرعاية الصحيّة."
وختم قائلًا: "كلمتي الأخيرة – إن كتب الله لي الشهادة في السّجن – لا أريد من أحد أن يطالب بجثماني، فمن تركني أموت داخل السجون لا يحق له المطالبة بجثماني".
لكن المقاومة في غزة كان لها رأي آخر، فطالبت بالإفراج عن الأسير رداد على رأس دفعات صفقة "طوفان الأحرار"، فتحرر ضمن الدفعة الأخيرة منها في شباط/فبراير الماضي، فترعرع الأمل في قلب ذويه بأن يلتقوا به، لكن الاحتلال الإسرائيلي كان له رأي مختلف.
يقول شقيقه الأصغر، عمرو رداد لـ "فلسطين أون لاين": "كان أملنا كبيرًا أن ينتصر معتصم على المرض ونلتقي به، فهو نزيل في مستشفى مصري منذ لحظة الإفراج عنه".
ويشير إلى أن الاحتلال الإسرائيلي منع والدته وإخوته من السفر للقائه، فكان التواصل معه فقط عبر الهاتف، ولم يتمكن أحد من أفراد العائلة من الوصول إليه سوى أحد أعمامه، الذي كان متواجدًا في الخارج وقت الإفراج عن معتصم، فرافقه في المستشفى منذ لحظة خروجه وحتى استشهاده.
وكان الأمل يحدو قلوب ذويه بأن يتمكن معتصم من تجاوز الانتكاسة التي ألمّت بحالته الصحية خلال الأيام العشرة الماضية، كما اجتاز غيرها من الأزمات الصحية في سجون الاحتلال، لكنه استشهد أول من أمس.
فقد كان مرض السرطان – كما يوضح عمرو – قد استفحل في جسده، وأُصيب بجرثومة في الرئتين، لتنتهي بشهادته واحدة من أصعب القصص المرضية في سجون الاحتلال.
وكان معتصم قد اعتُقل عام 2006، وصدر بحقه حكم بالسجن عشرين عامًا، وهو مصاب بشظايا في أنحاء جسده. ثم أُصيب بالسرطان، ليقضي معظم سنوات سجنه في مستشفى سجن الرملة، دون أن يتلقى أي رعاية صحية.
وساء وضعه الصحي بشكل كبير، حيث أصبح يعاني من التهابات خطيرة في الأمعاء، ونزيف دائم تسبب له بهبوط حاد في الدم، وكان يتعرض لحالات إغماء متكررة، ويعاني من ارتفاع في ضغط الدم، وسواها من المضاعفات التي كانت تتفاقم بفعل تعمّد الاحتلال نقله عبر "البوسطة" إلى المشفى.
وبعد اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة عام 2023، نقله الاحتلال إلى سجن عوفر، ومنع عنه الدواء والطعام والملابس، ما زاد من تدهور وضعه الصحي.
المصدر / فلسطين أون لاين

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


فلسطين أون لاين
منذ 19 ساعات
- فلسطين أون لاين
تقرير عيَّن حنين... شهادة حيَّة على وجع غزَّة الَّذي لا يمحى
غزة/ هدى الدلو: في أحد أيام غزة الثقيلة، كانت حنين الدُرَّة، الفتاة العشرينية، تقف أمام مرآتها، تتأمل ملامحها، وتحلم بمستقبل مشرق.. لكن قصفًا إسرائيليًا مفاجئًا حوّل تلك اللحظة إلى كابوس دائم، حين أصيبت بشظية في وجهها، أدت إلى تشويه ملامحها وفقدان إحدى عينيها. تُعرّف نفسها لصحيفة "فلسطين" حنين موسى الدُرَّة، طالبة في الجامعة الإسلامية، تخصص شريعة وقانون، من مواليد عام 2004. تمنيت أن أعيش حياة بسيطة، سعيدة، هادئة، وأن أنهي دراستي الجامعية، وأحلف القسم العظيم، وأزاول مهنة المحاماة. تمنيت أن أفي بوعدي لأمي - رحمها الله - التي كانت تدعو الله أن يوفقني، وأن تراني في أعلى المراتب". كانت تلك الطموحات على وشك الاكتمال، لولا أن آلة الحرب الإسرائيلية حالت دون ذلك. لم تكن تعلم أن نيران الحرب ستصل إلى بيتها، بل إلى عينها تحديدًا، فذلك اليوم غيّر مجرى حياتها إلى الأبد. تسرد قائلة: "في يوم 20/5/2024، كتب هذا التاريخ بالدم، لا بدمع العين فقط. كنت جالسة في الطابق الأول من المنزل، بينما باقي أفراد عائلتي في الطابق الأرضي، وكانت الساعة الواحدة ظهرًا، وفجأة انهال البيت فوق رأسي؛ لقد تم استهدافنا بصواريخ الاحتلال الإسرائيلي.. كل شيء أصبح مظلمًا. كنت أتساقط تارة يمينًا وتارة يسارًا، تارة إلى الأعلى وتارة إلى الأسفل، أرتطم من جدار إلى آخر، أصرخ: 'أغثني يا الله!' كل شيء يتساقط علينا بقوة؛ الغبار خانق، الزجاج والشظايا القاتلة في كل مكان". "بعد وقت لا أعلم كم لبثته تحت ركام المنزل، أفقت ولا زلت تحت تأثير الصدمة: أين أنا؟ ماذا حدث؟ أين المنزل؟ وأين أفراد عائلتي؟ من أين هذه الدماء في وجهي؟" تتابع: "كانت عيني تؤلمني، وأنفي وساقي أيضًا. لم أكن أستوعب ما حدث. كنت خائفة، ولا أقوى على النظر أو الحركة. جمعت كل قوتي، وحاولت أن أرفع الحجارة والركام عن جسدي المصاب. خرجت بأعجوبة، وبعد بضع خطوات هزيلة فقدت الوعي." رحلة علاج مضنية استيقظت في المستشفى وكل شيء مظلم حولها. كان مستشفى كمال عدوان في شمال القطاع قد فقد أكثر من 90% من قدرته على تقديم الرعاية. وبصعوبة بالغة، تم نقلها إلى مستشفى العربي الأهلي (المعمداني) وسط غزة، الذي كان مزدحمًا بالشهداء والجرحى، حتى إنها لم تجد سريرًا أو مقعدًا فارغًا، وتم فحصها وهي ملقاة على الأرض. بعد قليل، قامت إحدى الطبيبات بإجراء الفحوصات والصور، وتبيّن أنها فقدت عينها اليسرى إلى الأبد، وأصيبت بكسر في الأنف والفك، إضافة إلى وجود العديد من الشظايا في سائر جسدها. تقول: "قامت الطبيبة بإجراء بعض العلاجات الأولية، كتنظيف العين وتقطيب وجهي بـ 35 غرزة، وقررت ضرورة إجراء عملية زراعة عين، وأخرى تجميلية للأنف والوجه، لكن ضعف الإمكانيات حال دون ذلك." "منذ بداية الحرب ونحن نعيش ظروفًا نفسية صعبة لا توصف؛ من خوف وقصف ونزوح وتشرد وفقد ووجع. أحداث وتفاصيل لا أرغب في الحديث عنها، وأتمنى لو تُمحى من ذاكرتي." فقدان السند صُدمت شقيقتها من حجم الإصابة، بينما حاول والدها التماسك ليربت على قلبها. وتقول: "لولا وجود والدي بجانبي لما تمكنت من تجاوز الإصابة... لكنه رحل في نوفمبر من العام نفسه، فشعرت بأنني فقدت روحي؛ كان الأم والأب بعد وفاة والدتي في 2012، وكان سندي وقوتي." تواجه حنين تحديات نفسية وجسدية كبيرة، وتقول: "أشعر بأنني فقدت جزءًا من هويتي، لم أعد أتعرف على نفسي في المرآة. وجهي مشوه، وأحتاج إلى عملية تجميلية بالليزر. هناك شظية في رأسي لا يمكن إزالتها، وتسبب صداعًا مزمنًا، وضغطًا على العين اليمنى، وكهرباء في وجهي." تُعاني كباقي جرحى القطاع من نقص حاد في المعدات الطبية. وتضيف: "المستشفيات تفتقر إلى الأدوية والمستلزمات. أحتاج إلى لاصقات طبية لمنع تلوث العين والأنف إلى حين إجراء العمليات." كلما وقفت أمام المرآة، لتضع لمساتها الأخيرة قبل الخروج، تعود ذاكرتها إلى صوت الانفجار، ويجتاحها ألم لا يُوصف. التمسك بالحلم رغم كل شيء، لا تزال حنين متمسكة بالأمل: "أحلم بأن أسافر لتلقي العلاج، وأركب عينًا صناعية، وأكمل دراستي في الشريعة والقانون. أريد أن أستعيد ثقتي بنفسي، وأكون صوتًا للجرحى والمصابين في غزة." وتختم حديثها بتصميم: "هل تذكرون حلمي بأن أصبح محامية؟ أنا أعدكم بأن أفي بوعدي لأمي، وأن أنجح، وسأكون عونًا للضعفاء والفقراء والمحتاجين." المصدر / فلسطين أون لاين


فلسطين أون لاين
منذ 2 أيام
- فلسطين أون لاين
بالفيديو القسام تنشر مشاهد لكمين محكم شرق جباليا نُفذ في ديسمبر الماضي
متابعة/ فلسطين أون لاين بثت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، مشاهد كمين محكم استهدف قوات وآليات الاحتلال الإسرائيلي شرق مخيم جباليا بتاريخ 3 ديسمبر 2024، في إطار معركة معسكر جباليا الثالثة. وأوضحت الكتائب في بيان لها أنها نشرت مشاهد مصوّرة للعملية اليوم بعد تأخير فرضته اعتبارات أمنية، مؤكدة أن مقاتليها نجحوا في التسلل خلف خطوط العدو والوصول إلى منطقة مهبط الطيران الإسرائيلي (نقطة إخلاء القتلى والمصابين). وأسفر الكمين عن استهداف جيبين عسكريين وعدد من الجنود بعبوتين ناسفتين من نوع "شواظ" و"تلفزيونية"، إلى جانب قذيفة مضادة للدروع من نوع "الياسين 105"، ما أدى إلى وقوع خسائر مباشرة في صفوف قوات الاحتلال. ويرى مراقبون أن توقيت نشر الفيديو بعد ستة أشهر كاملة من موعد تنفيذ العملية بمثابة رسالة للعدو الذي عاد لاجتياح جباليا مجدداً. ووفقا لمعطيات جيش الاحتلال، فقد قُتل 854 ضابطا وجنديا منذ بداية الحرب على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بمن فيهم 413 عسكريا في معارك برية. وتشير المعطيات الإسرائيلية إلى إصابة 5846 ضابطا وجنديا منذ بداية الحرب، منهم 2641 عسكريا في معارك برية، وتشمل هذه المعطيات الضباط والجنود القتلى والجرحى في غزة والضفة الغربية ولبنان وإسرائيل، لكنها لا تشمل عناصر الشرطة والمخابرات. وخلافا للأرقام المعلنة، يُتهم الجيش الإسرائيلي بإخفاء الأرقام الحقيقية لخسائره في الأرواح، خاصة مع تجاهل إعلانات عديدة للمقاومة الفلسطينية بتنفيذ عمليات وكمائن ضد عناصره، تؤكد أنها تسفر عن قتلى وجرحى.


فلسطين أون لاين
منذ 2 أيام
- فلسطين أون لاين
بالفيديو قتيلان من السفارة "الإسرائيلية" في عمليّة إطلاق نار بواشنطن.. من هو المنفّذ؟
قُتل موظفان في السفارة "الإسرائيلية"، صباح اليوم الخميس، في عملية إطلاق نار بالقرب من فعالية بالمتحف اليهودي في واشنطن. وتعرض الموظفان، وهما رجل وامرأة، لإطلاق النار ولقيا حتفهما في منطقة قريبة من المتحف الذي كان يستضيف في ذلك الوقت حفل استقبال للدبلوماسيين الشباب نظمته اللجنة الأميركية اليهودية. وقالت شرطة العاصمة واشنطن إن مطلق النار يدعى إلياس رودريغيز من مدينة شيكاغو في ولاية إلينوي، ويبلغ من العمر (30 عاما)، وأوضحت أن سجله يخلو من أي سوابق معروفة تجعله محل مراقبة من قبل أجهزة إنفاذ القانون. وذكرت وسائل إعلام أميركية أن منفذ الهجوم استهدف الضحايا من مسافة قريبة بنحو 10 طلقات، وأوضحت أنه تجول في المتحف اليهودي وأطلق النار ثم عاد وجلس قرب مدخله. وأشارت إلى أن منفذ الهجوم كرر عبارات مؤيدة لفلسطين وقال "فعلت ذلك لأجل غزة". وأعلنت وسائل إعلام أمريكية عن اعتقال منفذ إطلاق النار في واشنطن الذي أدى لمقتل موظفين في سفارة دولة الاحتلال الإسرائيلي. ونوهت "NBC News" إلى أن المشتبه به في إطلاق النار قرب المتحف اليهودي صرخ "الحرية لفلسطين" أثناء إلقاء القبض عليه. ونقلت صحيفة "نيويورك بوست" عن مصادر أمنية بأن الشخصين اللذين تعرضا لإطلاق نار قرب المتحف بواشنطن مرتبطان بالسفارة الإسرائيلية. من هو المنفّذ؟ إلياس رودريغيز (30 عاماً) هو باحث في التاريخ الشفوي لدى The HistoryMakers، حيث يُعدّ مخططات بحثية وسيرًا ذاتية مفصلة لقادة بارزين في المجتمع الأمريكي من أصول إفريقية. وُلد ونشأ في شيكاغو، إلينوي، ويحمل شهادة البكالوريوس في اللغة الإنجليزية من جامعة إلينوي في شيكاغو. قبل انضمامه إلى The HistoryMakers في عام 2023، عمل ككاتب محتوى لشركات تجارية وغير تجارية في مجال التكنولوجيا، على المستويين الوطني والإقليمي. المصدر / فلسطين أون لاين