logo
ريّ الحنطة يهدّد باستنزاف المياه الجوفية في صحراء العراق

ريّ الحنطة يهدّد باستنزاف المياه الجوفية في صحراء العراق

شبكة النبأ٢٧-٠٤-٢٠٢٥

في الماضي كان يمكننا الوصول إلى المياه الجوفية بحفر على عمق 50 مترا، أمّا الآن فيجب الحفر ربما حتى عمق 300 متر. الناس يحفرون الآبار ويعتقدون أن هذه الموارد أبدية، لكن هذا غير صحيح علميا. ويزداد الأمر خطورة في ظلّ غياب تقديرات رسمية حديثة لكمية المياه الجوفية المتوفرة...
فيما تهبّ عاصفة رملية بحقول الحنطة في صحراء النجف بجنوب العراق، يتفقّد هادي صاحب السنابل التي يرويها بالمياه الجوفية، فيما يُقلق تزايد حفر الآبار الخبراء من خطر استغلالها المفرط في بلد يعاني موجات جفاف متكررة.
ويعتمد الفلاحون في هذه الحقول البعيدة من نهرَي الفرات ودجلة، على أنظمة ريّ حديثة تعمل بالرشّ وتقلّل من هدر المياه بما يصل إلى 50% وباتت منتشرة في أوساط مزارعي العراق منذ بضع سنوات.
وفي بلد يشهد تراجعا بنسبة المتساقطات وبتدفق الأنهار التي لطالما كانت تحرّك طواحين المياه وقنواتها بهدف الريّ، باتت السلطات تعوّل على المياه الجوفية. وتعتبر الأمم المتحدة أن العراق حيث يقيم اليوم أكثر من 46 مليون شخص، هو من الدول الخمس الأكثر تأثرا ببعض أوجه التغير المناخي.
ويقول صاحب (46 عاما) مرتديا دشداشة بيضاء في حقله الواقع بجنوب غرب العراق 'في الماضي كنّا نستخدم مياه الأمطار في الزراعة'، وكانت أرضه الممتدة على عشرة دوانم تُنتج عشرة أطنان من القمح.
لكن 'ازدياد الجفاف سنة بعد سنة' و'التصحّر القوي' دفعاه إلى اللجوء إلى تقنيات ري حديثة تدعم الحكومة العراقية أسعارها بهدف ضمان الأمن الغذائي.
ووسّع كذلك مساحة الأرض التي يزرعها، لتصل إلى 200 دونم يستأجرها من الدولة بسعر رمزي يبلغ دولارا واحدا للدونم الواحد. وتُنتج هذه المساحة نحو 250 طنّا من الحنطة.
ويتابع هذا الأب لاثني عشر ولدا 'يستحيل أن نستمرّ من دون المياه الجوفية (…) ونضوبها سيعني رجوعنا إلى العصور القديمة والاتكال على السقي بمياه الأمطار'.
وعند رؤية الحقول من الجوّ، تظهر على شكل دوائر خضراء في وسط الصحراء تتحرك فيها هياكل حديدية ذات عجلات ومرشّات لريّ الزرع. ويحلّ موسم الحصاد في العادة مع تحوّلها إلى اللون الذهبي في أيار/مايو.
وبحسب وزارة الزراعة، زُرعت هذا الشتاء في العراق 3,1 ملايين دونم من الأراضي بالاعتماد 'على أنظمة الري الحديثة باستخدام المياه الجوفية'، مقابل 'مليونَي دونم تعتمد على الريّ السطحي'.
استراتيجي
وبدأت تُستخدم تقنيات الري الحديثة في صحراء النجف منذ أكثر من عقد. وتدعم الحكومة العراقية أسعار أنظمة الريّ بالرشّ، مع تقسيطها على عشرة أعوام، كما تؤجر الأراضي للمزارعين وتشتري محاصيلهم بأسعار تفضيلية.
وتحقّق زراعة الحنطة في الصحراء والتي نجحت بفضل أسمدة مخصصة وبذور أكثر مقاومة للظروف المناخية، 'غلّة أكبر من تلك التي تحققها الأراضي الطينية'، بحسب مدير زراعة محافظة النجف منعم شهيد.
ويقول شهيد لوكالة فرانس برس إن ذلك يوفر 'مردودا اقتصاديا كبيرا للفلّاح والدولة' التي أعلنت العام الماضي تحقيق اكتفائها الذاتي بإنتاج ستة ملايين و400 ألف طنّ من هذا المحصول 'الاستراتيجي'.
ويَتَوقع أن تنتج في هذا الموسم الحقول المرويّة بمياه الأنهار نحو 1,3 طنّ من القمح للدونم الواحد، مقابل '1,7 طنّ كحدّ أدنى' للدونم في الأراضي الصحراوية.
وعادت زراعة الحنطة في النجف في موسم 2023-2024 بأرباح أكبر بثماني مرّات مما حققه الموسم السابق، وفق قوله.
غير أن شهيد ينوّه إلى ضرورة 'أن نحافظ على كمية المياه الجوفية ونرشّد استخدامها'، مشيرا إلى أن السلطات 'ستشدّد الإجراءات لكي يكون حفر الآبار (…) مجازا ومسيطرا عليه بكمياته للاستخدامات الزراعية فقط'.
وفي آذار/مارس، أكّد المتحدث باسم وزارة الزراعة محمد الخزاعي لوكالة الأنباء العراقية أن السلطات تعمل على 'تحديد الآليات التي يتم بموجبها السماح بحفر الآبار في المناطق الصحراوية بحسب وفرة المياه الجوفية ضمانا لعدم هدرها'.
كارثة للمستقبل
وفي صحراء كربلاء، تدير مؤسسات دينية مثل العتبة الحسينية مشاريع زراعية ضخمة بينها حقول للحنطة منذ 2018.
وزرعت العتبة هذا العام أربعة آلاف دونم من الحنطة، فيما تسعى على المدى البعيد إلى زيادة الزراعة حتى 15 ألفا، بحسب رئيس قسم التنمية الزراعية التابع للأمانة العامة للعتبة الحسينية قحطان عوز.
وفي أعماق الصحراء الواقعة غرب العراق والممتدة حتى الحدود مع السعودية والكويت، خزّانا الدمام وأم الرضمة الجوفيان اللذان يُعدّان من منابع المياه الرئيسية في المنطقة ويتشاركهما العراق مع السعودية والكويت.
وتشير الأمم المتحدة منذ 2013 إلى أن مسنوب المياه الجوفية في هذين الخزانين بدأ ينضب.
وكانت السعودية في تسعينات القرن العشرين سادس أكبر مصدّر للقمح في العالم وذلك بفضل 'استخراج المياه الجوفية على نطاق واسع لأغراض الري'، وفقا لتقرير أممي نُشر في العام 2023.
غير أن 'الاستخراج المفرط استنزف أكثر من 80% من طبقة المياه الجوفية بحسب التقديرات'، ما جعل الحكومة السعودية تضع حدّا لزراعة القمح بهذا الشكل بعد موسم حصاد 2016.
ويقول الخبير العراقي في سياسات المياه والأمن المناخي سامح المقدادي لوكالة فرانس برس 'في الماضي كان يمكننا الوصول إلى المياه الجوفية بحفر على عمق 50 مترا، أمّا الآن فيجب الحفر ربما حتى عمق 300 متر'.
ويشير إلى أن 'الناس يحفرون الآبار ويعتقدون أن هذه الموارد أبدية، لكن هذا غير صحيح علميا'.
ويزداد الأمر خطورة في ظلّ غياب تقديرات رسمية حديثة لكمية المياه الجوفية المتوفرة في العراق الذي تغطّي الصحراء 40% من مساحته، إذ تعود التقديرات الأخيرة للسبعينات.
ويضيف المقدادي 'لا يمكننا إدارة مورد لا نستطيع قياسه'، عازيا غياب التقديرات إلى افتقار للتقنيات اللازمة 'لإجراء مسح جيولوجي دقيق' وغياب 'الإرادة السياسية' في ظلّ 'سوء تنسيق بين مختلف السلطات' يؤدي إلى 'غياب التوعية'.
ويشدّد على ضرورة 'استخدام المياه الجوفية فقط في الحالات الطارئة مثل مواسم الجفاف (…) وليس للتوسع التجاري للأراضي الزراعية'، محذرا من أن 'اعتبار المياه الجوفية بديلا للموارد المائية الأخرى' يعني 'كارثة للمستقبل'.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الأخبار المتداولة عن إلغاء السويد كل وسائل التكنولوجيا في مدارسها غير دقيقة FactCheck#
الأخبار المتداولة عن إلغاء السويد كل وسائل التكنولوجيا في مدارسها غير دقيقة FactCheck#

النهار

timeمنذ 3 أيام

  • النهار

الأخبار المتداولة عن إلغاء السويد كل وسائل التكنولوجيا في مدارسها غير دقيقة FactCheck#

تداولت صفحات وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي منشورات تحدّثت عن إلغاء السويد كلّ وسائل التكنولوجيا في مدارسها والعودة إلى الأوراق والأقلام والأساليب التقليديّة في التدريس. فما حقيقة هذا الادّعاء؟ جاء في المنشورات المتداولة على مواقع التواصل من فايسبوك و أكس أن "السويد ألغت الشاشات الذكيّة والتكنولوجيا في المدارس، وأعادت الأوراق والأقلام". وأضافت المنشورات أن السويد "أقرّت أن تكنولوجيا التعليم تجربة فاشلة". وحظيت هذه المنشورات بآلاف المشاركات وعشرات آلاف التفاعلات في الأشهر الماضية، وما زالت متداولة حتى تاريخ إعداد هذا التقرير. يُعد نظام التعليم في السويد من الأفضل على مستوى العالم. والمدرسة ليست إلزاميّة قبل سنّ السادسة. وعلى غرار الدول الاسكندينافية الأخرى، يمضي الأطفال مرحلة التعليم ما قبل المدرسيّ أوقاتاً طويلة في الهواء الطلق، حيث يكتسبون معلومات ومهارات بطريقة ممتعة. ويعرب كثير من أهالي التلاميذ الصغار عن سعادتهم بهذه الطريقة في التعليم ما قبل المدرسيّ، وبأنّ أبناءهم يتعلّمون كيفية فهم الطبيعة والتعامل معها. لكن هل ألغت السويد استخدام الأدوات التكنولوجية في التعليم؟ لا، ما عدا للأطفال دون السنتين. في شباط/فبراير من العام الجاري، صدرت تعديلات في المنهج الدراسي قبل المدرسيّ في السويد نصّت على أن تكون الأدوات التعليميّة للأطفال دون السنتين خالية من الأدوات التكنولوجيّة. أما للأطفال الأكبر سنّاً ضمن مرحلة التعليم قبل المدرسيّ، "فيجب أن يكون استخدام الأدوات الرقمية محدودًا للغاية". ولم يأت القانون على ذكر حظر الأدوات التكنولوجية بالكامل، مثلما ادّعت المنشورات، سوى لمن هم دون السنتين فقط. ماذا عن المراحل التعليميّة الأخرى؟ وفقاً لصحافيي مكتب وكالة فرانس برس في ستوكهولم، حدّثت وزارة التعليم قانون التعليم ، في الأول من تموز/يوليو 2024، القانون لينصّ على وجوب أن تتوفّر مع الطلاب "الكتب المدرسيّة وأدوات التعليم الأخرى". ووفقاً للبيان الصادر عن الوزارة، فإن هذا التوجيه يهدف إلى ضمان ألا يظنّ الطلاب "أن مجرّد تمكّنهم من استخدام الأدوات الرقميّة أو المعلومات على الإنترنت هو أمرٌ كافٍ". وينطبق هذا التوجيه على كلّ المستويات التعليميّة المدرسيّة وما قبل المدرسيّة.

عطل فني يشل مطار أورلي في باريس: إلغاء 40% من الرحلات وتذمّر واسع بين الركاب
عطل فني يشل مطار أورلي في باريس: إلغاء 40% من الرحلات وتذمّر واسع بين الركاب

سيدر نيوز

timeمنذ 3 أيام

  • سيدر نيوز

عطل فني يشل مطار أورلي في باريس: إلغاء 40% من الرحلات وتذمّر واسع بين الركاب

أعلن متحدث باسم 'مطارات باريس' المشغلة لمطار أورلي، ثاني أكثر المطارات ازدحامًا في العاصمة الفرنسية، إلغاء نحو 40% من الرحلات القادمة والمغادرة الأحد، بسبب عطل فني في أنظمة مراقبة الحركة الجوية. وأرجعت المديرية العامة للطيران المدني الفرنسية(DGAC) الاضطراب إلى 'عطل في أنظمة مراقبة الحركة الجوية ببرج أورلي ظهر اليوم'، مما أدى إلى 'انخفاض كبير' في عدد الرحلات، بينما أفاد مصدر طيران لوكالة فرانس برس بأن العطل ناجم عن خلل في أجهزة الرادار، بحسب وسائل إعلام فرنسية. وأوضح المتحدث أن نصف الرحلات الملغاة والبالغ عددها 130 كانت رحلات مغادرة، والنصف الآخر قادمة، مشيرًا إلى تأثر رحلات داخل فرنسا وإلى وجهات أوروبية وشمال أفريقية، ولم تؤكد المديرية عودة الحركة إلى طبيعتها الاثنين. وعبر الركاب عن استيائهم، منهم السيدة أجنيس زيلوري (46 عامًا) التي وجدت نفسها عالقة مع والدتها المسنة (86 عامًا) وابنها (6 أعوام) بعد إلغاء رحلتهم إلى وجدة بالمغرب لحضور جنازة. يذكر أن مطارات باريس كانت قد شهدت ارتفاعاً في عدد المسافرين خلال شهر سبتمبر/ أيلول الماضي بنسبة 3.1% مقارنة بالعام السابق، وفقًا لتقرير صادر عن مجموعة 'ADP' المسؤولة عن إدارة مطاري شارل ديغول وأورلي، حيث استقبل المطاران نحو 9.2 مليون مسافر، ما يعادل 97.5% من عدد المسافرين في نفس الشهر من عام 2019. وحقق مطار أورلي نموا كبيرا، حيث تجاوز حجم الرحلات بنسبة 114% مقارنة بما كان عليه قبل خمس سنوات، بفضل اعتماده المتزايد على الرحلات منخفضة التكلفة قصيرة ومتوسطة المدى، وفق وكالة أنباء البحرين 'بنا'.

الأخبار المتداولة عن العثور على منشآت تمتد لمئات الأمتار تحت أهرامات الجيزة غير صحيحة FactCheck#
الأخبار المتداولة عن العثور على منشآت تمتد لمئات الأمتار تحت أهرامات الجيزة غير صحيحة FactCheck#

النهار

timeمنذ 4 أيام

  • النهار

الأخبار المتداولة عن العثور على منشآت تمتد لمئات الأمتار تحت أهرامات الجيزة غير صحيحة FactCheck#

تشكّل الأهرامات في مصر مادّة خصبة لنظريات خيالية عدّة يزعم بعضها أنها من صنع كائنات فضائية، أو أنها مصادر طاقة قديمة، أو بوابات إلى عوالم أخرى. وآخر هذه النظريات المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي تدّعي أنّ باحثين عثروا على أسطوانات حلزونيّة ضخمة بعمق 600 مترٍ تحت الهرم الأكبر. إلا أنّ هذه الادعاءات غير صحيحة، بحسب ما أكد عدد من الخبراء لوكالة "فرانس برس". جاء في المنشورات المتداولة"في أعماق الهرم الأكبر بالجيزة، عُثر على ثماني أسطوانات ضخمة حلزونية الشكل تسقط مباشرة على الأرض من ارتفاع يزيد عن 600 متر. هذه ليست عمارة قديمة. هذه هندسة متقدمة. هذه تقنية… إنه يمتد إلى شيء أقدم وأذكى من أي شيء سُمح لنا بتصديقه". وانتشرت هذه المزاعم على مواقع التواصل الاجتماعي حول العالم بلغات عدة، بينها الانكليزية والألمانية واليابانية والتركية والعربية، ونقلتها صحيفة "ديلي ميل" البريطانية. دراسة أثريّة بدون علماء آثار تستند هذه المزاعم إلى مؤتمر صحافي عقده في إيطاليا ثلاثة باحثين إيطاليين، هم كورادو مالانغا، وأرماندو ماي، وفيليبو بيوندي. وهم لا يتمتعون بأي خلفية في علم الآثار أو علم المصريات. كذلك، فإن فرضيتهم المستندة إلى تفسيرات مثيرة للجدل لصور راداريّة، لا ترتكز على أي أساس علمي، بحسب ما أكده عدد من الخبراء الذين تحدثوا إلى وكالة "فرانس برس". عقد الباحثون الإيطاليون مؤتمرين صحافيين بثّا عبر يوتيوب في 22 آذار/مارس 2025 و23 منه، وقدّموا فرضيّة تقول بوجود هياكل حلزونية عملاقة تصل عمق يزيد على 600 متر، وتقود إلى مكعبات ضخمة تقع على عمق يتجاوز كيلومترين تحت سطح الأرض. وقد حظيت الفيديوهات بأكثر من 340 ألف مشاهدة. إلا أنّ نتائج هذا "البحث" لم تنشر في أي مجلة علمية محكّمة، ولم يشارك أي عالم آثار أو متخصص معروف في علم المصريات في هذا المشروع. ومن الباحثين، وحده كورادو مالانغا أستاذ في جامعة بيزا، لكن تخصصه هو الكيمياء العضوية، وله اهتمامات في ما يُعرف بـ"علم الأجسام الطائرة المجهولة". أما فيليبو بيوندي، المُقدّم كباحث في جامعة ستراكلايد في اسكتلندا، فلم يعد يعمل هناك، ويقود الآن شركة تصوير راداري خاصة باسم "Harmonicsar". ويقدّم أرماندو ماي نفسه كباحث مستقل في علم الآثار وصحافي، وقد ألّف كتباً عدة تروّج لنظريات غير علميّة. "تجاوز للقواعد" العلميّة يستغرب فنسان روندو، عالم المصريات الفرنسي ومدير قسم الآثار المصرية في متحف اللوفر، تجاوز الباحثين القواعد المتبعة في الأوساط العلمية، إذ أعلنوا "اكتشافهم" عبر منشور على فايسبوك، ثم في مؤتمر صحافي بسيط. ويقول لوكالة "فرانس برس": "كيف يمكن لكيميائي أن يبدي رأيًا حاسمًا في معلمٍ لم يسبق له درسه؟ عادةً لا تُعلن نتائج كهذه للعامة مباشرة، بل تُعرض أولاً على نخبة من المتخصصين لتقييمها". لا حفريات أو موافقات رسمية بعد انتشار هذه "الدراسة" نفى عالم الآثار المصري ووزير الآثار الأسبق زاهي حواس أن يكون المجلس الأعلى للآثار في مصر منح هؤلاء أي تصريح للعمل داخل هرم الملك خفرع. وأوضح حواس، في بيانٍ نشره في 22 آذار/مارس 2025 في صفحته على موقع فايسبوك، أن قاعدة هرم خفرع منحوتة من الصخر بارتفاع نحو ثمانية أمتار، و"لا توجد أسفل هذه القاعدة أي أعمدة، طبقاً للدراسات والأبحاث العلمية التي تمت حول الهرم". "دراسة" لا تقدّم أي معطيات علميّة صحيحة "لا وجود لأي دراسة أثرية أو جيولوجية تدعم فرضية وجود منشآت ضخمة تحت الأهرامات". هذا ما تتفق عليه غيوميت أندرو-لانو ، نائبة رئيس الجمعية الفرنسية لعلم المصريات مع جان-غيوم أوليت-بيلوتييه الحائز دكتوراه في علم المصريّات في جامعة السوربون في باريس. ويشرح جان-غيوم أوليت-بيليتييه لفرانس برس ان "الأهرامات بُنيت على هضبة صخرية، ونُحتت لاحقًا لإضافة غرف دفن. ولا أثر لشبكات عميقة تحت الأرض كما يُزعم". ويقول إنّ الباحثين يزعمون أنّهم كشفوا منشآت على عمق كيلومترات تحت الأرض، في حين أنّ الرادارات المستخدمة في الحفريات الأثرية لا تستطيع الكشف عن عمق يتجاوز 5 أمتار، بحسب طبيعتها. ويجزم بالقول إنّ هذه الدراسة المتداولة "لا تقدّم أي معطيات علميّة صحيحة". زعم أصحاب الدراسة انّهم استخدموا رادارات من نوع SAR، وهي عادة تستخدم في التصوير من الفضاء، لا في سبر أعماق الأرض. ويقول لورانس كونييرز ، وهو أستاذ متخصص بهذا النوع من الرادارات في جامعة دنفر الأميركية إن "الموجات الرادارية تتلاشى كلما توغلت في الأرض، ومن المستحيل أن تصل إلى أعماق كهذه". ويوضح أنّ وكالة الفضاء الأميركيّة ناسا نفسها تؤكد أن هذه التقنية تُستخدم لرسم خرائط تضاريس الأرض، وليس لاستكشاف طبقاتها الداخلية العميقة". نظريات مؤامرة متجددة لطالما كانت الأهرامات محورًا لأفكار غرائبيّة ونظريات مؤامرة، تبدأ بالزعم أن الكائنات الفضائية شيدتها، ولا تنتهي عند الادعاء أنها تخفي أسرارًا غامضة يعرفها فقط "نخبة العالم". وقد تعزّزت هذه النظريات مع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي. وفي هذا الإطار، يقول تريستان منديس فرانس ، المتخصص بالثقافات الرقمية "لقد أعطت هذه المنصات زخمًا كبيرًا لهذه المزاعم". ويضيف "في كثير من الأحيان، يبدأ تداول هذه النظريات في أوساط مغلقة، ثم تنتقل إلى وسائل إعلامية تسعى إلى تحقيق نسب مشاهدة عالية". ويرى أن "جزءاً كبيراً من المستخدمين بات أسيراً لنظام معلوماتي يكرّس قناعاتهم السابقة". ويحذر من أن هذا النمط قد يقود إلى تطرّف فكريّ، إذ إن "ما يبدو تسليةً في البداية قد يتحول اعتقادا جادا، يفتح الباب أمام تصور متطرّف للواقع".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store