
انت.. والامام الصادق عليه السلام!!
موقف محرج يصيب كل انسان بالذهول ويخرجه عن طوره الانساني، فهذا الرجل وجه للامام تهمة باطلة وكان على الامام الدفاع عن نفسه وابطال التهمة لكنه لم يفعل ذلك؛ لماذا؟ لو تعرض اي واحد منا لمثل هذا الموقف لأصيب بالهلع ولم يعرف سبيلا الى التصرف السليم، وربما قاده الموقف...
بعض الناس ممن لايعرفون الائمة صلوات الله عليهم ولم يطلعوا على حياتهم بكل تفاصيلها يصفوهم بأنهم افراد كبقية الناس لايختلفون عنهم في شيء سوى انهم اكثر ايمانا واشد تقوى، ولكني كلما تعمقت في شخصية امام معصوم لم اجد في شخصيته شيء يشبه الناس، ولا اقصد البناء الجسدي وانما البناء الفكري والاخلاقي والانساني، فمواقفهم هي بمستوى من العظمة والجلالة الى درجة لاتجد لها شبيها في الحياة ولهذا اصطفاهم الله سبحانه ليكونوا ائمة الخلق!
سنحاول ان نعقد مقارنة بين سلوكياتنا وبين المواقف التي كتبها التاريخ لائمة الهدى صلوات الله عليهم ونسأل هل نحن قادرون على تسجيل نفس المواقف التي خطها الامام المعصوم؟
في البداية لابد ان نعرف ان كل واحد من الائمة لديه ماينفرد به من المواقف العظيمة، مثل موقف الامام الحسين عليه السلام في كربلاء هو موقف متفرد في تاريخ البشرية وليس في تاريخ الاسلام فحسب، لكننا اليوم ولمناسبة استشهاد الامام الصادق عليه السلام سنذكر بعض تلك المواقف التي اشتهر بها الامام وتفرد بها دون سائر الناس، وفي هذا المجال روى المؤرخون أنّ رجلا من الحُجّاج توهّم أن هميانه قد ضاع منه (الهميان: كيس يوضع فيه المال ويُشدّ على الوسط) فخرج يُفتّش عنه، فرأى الإمام الصادق عليه السلام يصلّي في الجامع النبوي فتعلّق به، ولم يعرفه، وقال: "أنت أخذت همياني؟"، فقال له الإمام عليه السلام بعطف ورفق: ما كان فيه؟ فقال الرجل: ألف دينار. فأعطاه الإمام عليه السلام ألف دينار، ومضى الرجل إلى مكانه، فوجد هميانه، فعاد إلى الإمام معتذرا منه، ومعه المال، فأبى الإمام عليه السلام قبوله، وقال له: شيئ خرج من يدي فلا يعود إليَّ، فبُهر الرجل وسأل عنه، فقيل له: هذا جعفر الصادق، وراح الرجل يقول بإعجاب: "لا جرم هذا فعال أمثاله"(1).
موقف محرج يصيب كل انسان بالذهول ويخرجه عن طوره الانساني، فهذا الرجل وجه للامام تهمة باطلة وكان على الامام الدفاع عن نفسه وابطال التهمة لكنه لم يفعل ذلك؛ لماذا؟ لو تعرض اي واحد منا لمثل هذا الموقف لأصيب بالهلع ولم يعرف سبيلا الى التصرف السليم، وربما قاده الموقف الى الدخول في مشاجرة لفظية او يدوية آنية لم يتم التخطيط لها خاصة وان المبلغ كان كبيرا، وحاول بكل مايستطيع دفع التهمة عن نفسه بكل وسيلة!
بينما لاحظنا الهدوء العقلي والاتزان المنطقي يدفعان الامام المعصوم الى اتخاذ قرار هو بلا شك لايشبه اي واحد من قراراتنا انه تصرف كمن لايكترث لحال الدنيا وتقلباتها ويدفع اموالا هائلة هي بالتالي ستسجل له موقفا يكتبه التاريخ ويقرء عنه الملايين، واذا ولجنا اكثر في تفاصيل القصة سنجد ان الرجل عثر على امواله واتى الى الامام معتذرا، وهنا فرصة كبيرة سنحت للامام بان يوبخه من دون اعتراض من جانبه لكنه ليس فقط لم يوبخه بل زاد في احسانه اليه ووهبه تلك الاموال، والآن ضع نفسك مكان ذلك الرجل الذي تعرض لهذا الموقف المحرج باي نتيجة ستخرج؟ (الرجل ادرك عظمة الموقف ولهذا استعلم عمن يكون الامام ولم يستغرب منه كل هذه العظمة بعد ان عرفه بانه الامام الصادق عليه السلام وهذا الموقف سيبقى عالقا في ذهنه الى آخر يوم من حياته)!
هكذا يصنع الائمة مواقف الشهامة والمروءة بما يفوق تصورات البشر، ومن هنا نحاول تقريبها الى الاذهان بصيغة المقارنة مع اليقين بأنهم فرع من الشجرة المحمدية وانهم لايقارنون باي أحد من البشر، ومن اجل التأكيد على استحالة المقارنة كما قال الامام علي عليه السلام: (نحن أهل البيت لا يقاس بنا أحد، فينا نزل القرآن وفينا معدن الرسالة)، لكن غرضنا هو إدراك علو منزلتهم واستحالة الوصول الى رتبتهم.
لو اعطيت فقيرا عدة دراهم ستحسب نفسك؛ اصبحت من الكرماء اما لو اعطيت المحتاج اربع مائة درهم فماذا ستقول عن نفسك؟ سنجد المثال في قصة الامام الصادق عليه السلام مع ذلك الفقير الذي ذكره المؤرخون وقالوا: إنَّ فَقِيراً سَأَلَ الصَّادِقَ عليه السلام فَقَالَ لِعَبْدِهِ: (مَاعِنْدَكَ قَالَ أَرْبَعُمِائَةِ دِرْهَمٍ، قَالَ: أَعْطِهِ إِيَّاهَا فَأَعْطَاهُ، فَأَخَذَهَا وَوَلَّى شَاكِراً، فَقَالَ عليه السلام لِعَبْدِهِ: أَرْجِعْهُ. فَقَالَ: يَا سَيِّدِي سَأَلْتُ، فَأَعْطَيْتَ فَمَاذَا بَعْدَ الْعَطَاءِ؟ فَقَالَ عليه السلام لَهُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلی الله عليه وآله وسلم خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا أَبْقَتْ غِنًى، وَإِنَّا لَمْ نُغْنِكَ، فَخُذْ هَذَا الْخَاتَمَ، فَقَدْ أَعْطَيْتُ فِيهِ عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ، فَإِذَا احْتَجْتَ، فَبِعْهُ بِهَذِهِ الْقِيمَةِ)(2).
بالله عليكم من يفعل ذلك غير انسان ذو مرتبة عالية من الكرم والانسانية؟ والاسلام يحث على صلة الرحم مع الاقارب ليس فقط عن طريق زيارتهم والتودد اليهم، بل من خلال صلتهم بالمال خاصة في اوقات العسرة، وسترون الامام الصادق عليه السلام يقوم بعمل لايقدم عليه الا ندرة من الناس فقد كان يبعث الاموال والهدايا لأبناء عمومته واقربائه دون ان يخبرهم بانه هو الذي يقوم بذلك ويروي المؤرخون: (كان أبو عبد الله عليه السلام يبسط رداءه وفيه صرر الدنانير فيقول للرسول: اذهب بها إلى فلان وفلان، من أهل بيته، وقل لهم: هذه بعث بها إليكم من العراق، قال: فيذهب بها الرسول إليهم فيقول ما قال فيقولون: أما أنت فجزاك الله خيرا بصلتك قرابة رسول الله صلى الله عليه وآله، وأما جعفر فحكم الله بيننا وبينه، قال: فيخرُّ (يخر: يهوي) أبو عبد الله عليه السلام ساجدا ويقول: اللهم أذل رقبتي لولد أبي)(3).
ومن عاداته انه عليه السلام يأخذ جرابا فيه الخبز، واللحم، والدراهم، فيحمله على عاتقه في آخر الليل، ويذهب به إلى أهل الحاجة من فقراء المدينة، فيقسّمه فيهم وهم لا يعرفونه، وما عرفوه حتى مضى إلى الله، فافتقدوا تلك الصِلات، فعلموا أنها منه. والآن اسأل كل واحد فيكم انه لو علمت بان الحرب ستقع وان بلدك ستعاني من نقص في بعض المواد الغذائية الاساسية مثل القمح والشعير من جراء تلك الحرب ماذا ستفعل لو كان لديك مقدار كبير من تلك المواد؟ التصرف الطبيعي لاغلب الناس انهم سينتظرون حتى تقع الحرب وترتفع تلك الاسعار وثم يبيعها بأسعار مضاعفة في الاسواق، تعالوا لنشاهد ماذا فعل الامام الصادق عليه السلام؟
نقل المؤرخون: (عن معتب قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام وقد تزيد السعر بالمدينة: (سترتفع الاسعار في المدينة) كم عندنا من طعام؟ قلت: عندنا ما يكفينا أشهر كثيرة قال: أخرجه وبعه قلت له: وليس بالمدينة طعام!! قال: بعه، فلما بعته قال: اشتر مع الناس يوما بيوم وقال: يا معتب اجعل قوت عيالي نصفا شعيرا ونصفا حنطة، فإن الله يعلم أني واجد أن أطعمهم الحنطة على وجهها، ولكني أحب أن يراني الله قد أحسنت تقدير المعيشة).
ويعجز العقل من وصف يقين الامام الصادق بالله واليوم والآخر والحساب والكتاب وان الموت حق وهو جسر يصل الدنيا بالآخرة، وهنا حادثة عظيمة ومصيبة كبيرة تقع للإمام كيف سيكون موقفه اتجاهها؟ قال الرواة (نعي إلى الصادق جعفر بن محمد عليه السلام ابنه إسماعيل ابن جعفر، وهو أكبر أولاده، وهو يريد أن يأكل وقد اجتمع ندماؤه، فتبسم ثم دعا بطعامه، وقعد مع ندمائه، وجعل يأكل أحسن من أكله سائر الأيام، ويحث ندماءه، ويضع بين أيديهم، ويعجبون منه أن لا يروا للحزن أثرا، فلما فرغ قالوا: يا ابن رسول الله لقد رأينا عجبا أصبت بمثل هذا الابن، وأنت كما نرى؟! قال: وما لي لا أكون كما ترون، وقد جاءني خبر أصدق الصادقين أني ميت وإياكم إن قوما عرفوا الموت فجعلوه نصب أعينهم، ولم ينكروا من تخطفه الموت منهم وسلموا لأمر خالقهم عز وجل)(4)
نحن لانستطيع ان نحصي مآثر الامام الصادق عليه السلام ومناقبه لكننا نضرب امثلة بسيطة على ذلك ربما تقودنا الى إدراك جزء يسير من قدراته وامكاناتهم العلمية والايمانية والإنسانية، وهنا نعرض مثلا بسيطا على تفوقه العلمي فالكل يعرف ابو حنيفة النعمان وهو امام اهل السنة والجماعة فقد وقعت بينه وبين الامام الصادق مناظرة ننقل شطرا منها مع العلم من الممكن مشاهدة المناظرة كاملة على وسائل التواصل الاجتماعي مصورة على (يوتيوب).
كان أبوحنيفة يذهب إلى القياس، وأنه من مصادر التشريع في الإسلام، وكان الإمام الصادق عليه السلام ينكر ذلك أشد الإنكار، ويرد على أبي حنيفة في أكثر من مناسبة، ومنها: إلتقى أبو حنيفة بـالإمام الصادق عليه السلام، وسأله الإمام عن بعض المسائل، فلم يجبه عنها، ومن بين ما سأله الإمام: أيهما أعظم عند الله: القتل أو الزنا؟ قال: بل القتل. قال: فكيف رضى في القتل بشاهدين، ولم يرض في الزنا إلا بأربعة؟ ووجم أبو حنيفة، ولم يطق جوابا، وانهار قياسه أمام سليل النبوة، ثم وجّه الإمام عليه السلام السؤال التالي: الصلاة أفضل أم الصيام؟ قال: بل الصلاة أفضل. قال عليه السلام: فيجب على قياس قولك على الحائض قضاء ما فاتها من الصلاة في حال حيضها دون الصيام، وقد أوجب الله تعالى عليها قضاء الصوم دون الصلاة. قال له: البول أقذر أم المني؟ قال: البول أقذر. قال عليه السلام: يجب على قياسك أن يجب الغسل من البول دون المني، وقد أوجب الله تعالى الغسل من المني دون البول. قال: إنما أنا صاحب رأي. قال عليه السلام: فما ترى في رجل كان له عبد فتزوج وزوج عبده في ليلة واحدة، فدخلا بامرأتيهما في ليلة واحدة، ثم سافرا، وجعلا امرأتيهما في بيت واحد، وولدتا غلامين، فسقط البيت عليهم، فقتل المرأتين وبقي الغلامان أيهما في رأيك المالك وأيهما المملوك وأيهما الوارث وأيهما الموروث؟ وبعد ان عجز أبو حنيفة عن الإجابة على اسئلة الإمام عليه السلام قال للإمام: لا أتكلّم بالرأي والقياس في دين الله بعد هذا المجلس.(5)
وحول هذه المناظرة قال ابو حنيفة: ما رأيت أحدا أفقه من جعفر بن محمد، لمّا أقدمه المنصور الحيرة بعث إليَّ فقال: يا أبا حنيفة إنَّ الناس قد فُتنوا بجعفر بن محمد، فهيّأ له من مسائلك الصعاب. قال: فهيّأت له أربعين مسألة، ثم بعث إلي أبو جعفر فأتيته بالحيرة، فدخلت عليه، وجعفر جالس عن يمينه فلما بصرت بهما دخلني لجعفر من الهيبة ما لم يدخل لأبي جعفر، فسلّمت وأذن لي فجلست، ثم التفت إلى جعفر، فقال: يا أبا عبد الله تعرف هذا؟ قال: نعم هذا أبو حنيفة، ثم أتبعها قد أتانا، ثم قال: يا أبا حنيفة هات من مسائلك نسأل أبا عبد الله، وابتدأت أسأله، وكان يقول: في المسألة أنتم تقولون فيها كذا وكذا، وأهل المدينة يقولون كذا وكذا، ونحن نقول: كذا وكذا، فربما تابعنا وربما تابع أهل المدينة، وربما خالفنا جميعا حتى أتيت على أربعين مسألة ما أخرم منها مسألة، ثم قال أبو حنيفة: أليس قد روينا أنه أعلم الناس)(6).
نحن هنا لم نتحدث الا عن نقطة من بحر الامام الصادق عليه السلام ومن يريد اصطياد جواهره ولآلئه عليه ان يغوص في هذا البحر وسيجد العجب العجاب.
.......................................................
الهوامش (1) بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٤٧ - الصفحة ٢٣ (2) بحار الانوار، ج 47 ص 61. (3) تنبيه الخواطر ص 490. (4) عيون أخبار الرضا(ع)، ج 2 ص 2. (5) الطبرسي، الاحتجاج، ج 2، ص 116-117. (6) المزي، تهذيب الكمال، ج 5، ص 79.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


سيدر نيوز
منذ 4 ساعات
- سيدر نيوز
ما أول ما قالته طبيبة الأطفال عن مقتل تسعة من أبنائها في غارة إسرائيلية بغزة؟
Reuters أقول لها من هول الصدمة: 'الأولاد راحوا يا آلاء'. فتجيبني بإيمان وتسليم: 'هم أحياء عند ربهم يرزقون'. هكذا روت سحر النجار، صيدلانية من قطاع غزة، وشقيقة الطبيبة المكلومة آلاء النجار التي فقدت تسعة من أطفالها في قصف إسرائيلي استهدف منزلهم ليلة أمس في منطقة قيزان النجار، جنوبي محافظة خان يونس لبودكاست 'غزة اليوم'، اللحظات الأولى التي مرت عليهم بعد الحادث الأليم، ومضت تقول: 'أمهم حالياً في حالة صدمة، ولا أخشى عليها سوى من لحظة الانهيار التي ستلحق بلحظات الصمود التي تمر بها الآن، يحيى، ركان، رسلان، جبران، إيف، ريفان، سيدين، لقمان، سيدرا تسعة فراشات أكبرهم عمره 12 عاماً وأصغرهم ستة شهور جميعهم (الأطفال الكبار) حافظون لكتاب الله والفرق بين كل منهم والآخر سنة واحدة فقط لا غير، تسعة من أصل عشرة أطفال فقدتهم أمهم دفعة واحدة، الناجي الوحيد من هذه المذبحة كان طفلها آدم الذي يرقد حالياً في العناية المركزة وحالته مستقرة بعد إجرائه عمليتين جراحيتين عاجلتين'. وتضيف: 'شقيقتي تلقت نبأ مقتل أطفالها التسعة وهي تحاول إنقاذ حياة أطفال الناس بمجمع ناصر الطبي حيث تعمل طبيبة أطفال، ظلت تركض في الشارع باتجاه المنزل كي تتمكن من إلقاء نظرة وداع عليهم، لكننا لم نستطع تمييز الجثث كلهم أشلاء.. كلهم متفحمين'. وتنفي النجار أي علاقة لهم بحركة حماس، مشيرة إلى أن ما تعرضوا له لا يمكن وصفه إلا بأنه 'سيناريو بشع لم يخطر ببال أحد'. وتقول في شهادتها المؤلمة: 'نحن عائلة طبية، يعمل معظم أفرادها في مهن وتخصصات طبية مختلفة. لذلك لا يوجد أي مبرر لهذا الاستهداف'. وتضيف: 'كل ما كنا نبحث عنه هو الأمان، ولهذا تمسكنا بالبقاء في المنزل مجتمعين، ظناً منا أن البقاء معاً سيحمينا. كنا نعرف أن لا أحد يخلّد في هذه الدنيا، لكن أن تفقد تسعة أطفال دفعة واحدة، كانوا قبل لحظات فقط يركضون ويلعبون حولك، ويأكلون معك، فهذه فاجعة لا يمكن لعقل أن يستوعبها'. وتتابع: 'لحظة الاستهداف كانت قاسية بشكل لا يوصف. استهدفوا بدروم (الطابق السفلي) المنزل بانفجار هائل، رغم علمهم أن من فيه ليسوا سوى أطفال'. عائلة النجار وعن الساعات التي سبقت القصف تقول: 'كنا محاصرين في شارع أسامة النجار واتصلنا مع الصليب الأحمر لنستغيث به بعد ضربة إسرائيلية كانت قريبة جداً من منزلنا فشعرنا بالخطر خاصة مع استمرار تحليق الطائرات الإسرائيلية وتوالي الضربات الجوية التي تستهدف المنازل'. وتصف الحالة بالقول: 'مع كل قذيفة كانت قلوبنا ترج داخل ضلوعنا، إلى أن تم استهداف منزلنا بصاروخ لم ينفجر، فهرولت إلى والدي الذي كان يحاول تهدئتنا وطلب منا أن نرفع راية بيضاء كي يتركنا الجيش الإسرائيلي نمر بسلام لمنزل خالي لكنهم استهدفونا مرة أخرى وحدث ما حدث'. يقول الجيش الإسرائيلي إن طائراته قصفت 'عدداً من المشتبه بهم' في خان يونس يوم الجمعة، وإن 'الادعاء المتعلق بإلحاق الضرر بالمدنيين غير المشاركين قيد المراجعة'. ويؤكد المدير العام لوزارة الصحة بقطاع غزة منير البرش في منشور له عبر منصة إكس أن الدكتورة آلاء اختصاصية أطفال في مستشفى التحرير بمجمع ناصر الطبي، قائلاً: ' لديها عشرة أبناء، أكبرهم لم يتجاوز 12 عاماً. خرجت مع زوجها الدكتور حمدي النجار ليوصلها إلى عملها، وبعد دقائق فقط من عودته، سقط صاروخ على منزلهم. استُشهد تسعة من أطفالهما'. وبقي طفل وحيد مصاب وزوجها الدكتور حمدي الذي يرقد الآن في العناية المركزة. مضيفاً: 'هذا ما يعيشه كوادرنا الطبية في قطاع غزة؛ الكلمات لا تكفي لوصف الألم. في غزة، لا يُستهدف الكادر الطبي فحسب، بل يُمعن الاحتلال الإسرائيلي في الإجرام، ويستهدف عائلات بأكملها'. كما قدم مجمع ناصر الطبي العزاء للطبيبة النجار عبر منصة فيسبوك ونشر قائمة بأسماء أطفالها الذين فقدتهم. 'أدركنا أن الأمل قد انتهى' يروى علي، شقيق الدكتور حمدي محمد، تفاصيل استهداف منزل شقيقه الذي راح ضحيته تسعة من أطفاله، في حديثه لبودكاست 'غزة اليوم'، متسائلاً عن سبب استهداف شخص كرّس حياته لأسرته وخدمة مجتمعه. ويقول: 'تم استهداف منزلي بالتزامن مع منزل شقيقي، الذي لم يتمكن من النزوح بسبب عدد أفراد أسرته الكبير. كان يومياً يُقلّ زوجته إلى المستشفى لأداء واجبها الإنساني، ثم يعود لرعاية أطفاله، إلى جانب عمله في مستوصفه الطبي الخاص'. ويضيف مستنكراً: 'هل من المعقول أن يكون ملاحقاً أمنياً وهو يلتزم بهذا الروتين اليومي، ولم يغيّر محل سكنه منذ بداية الحرب؟ كان يدير أيضاً صيدلية يملكها، ويواصل حياته بشكل طبيعي. فلماذا يتم استهدافه ومحاولة قتله؟'. ويقول: 'فور علمي بما حدث لم أتمكن من انتظار الدفاع المدني هرولت لمنزل شقيقي ولم أخشَ الموت كل ما كنت أفكر فيه أنه بإمكاني أن انقذ ولو طفل من أطفاله، وبالفعل وجدته وابنه آدم ملطخان بدمائهما ملقيان على الأسفلت، وهنا كان رجال الدفاع المدني قد وصلوا فساعدوني على حمل شقيقي لسيارتي وهرولت به وبنجله للمستشفى في محاولة لإنقاذ حياتهما'. طبيبة فلسطينية تُفجع بوصول جثامين تسعة من أبنائها أثناء عملها في مجمع ناصر الطبي ويتابع: 'عدت بعدها إلى موقع الحادث لمساعدة فرق الدفاع المدني في انتشال باقي أفراد العائلة. كان المنزل قد تحول إلى ركام، والجميع بداخله. حينها أدركنا أن الأمل قد انتهى، وأن من في الداخل قد فارقوا الحياة'. ويروي اللحظة الأكثر تأثيراً عندما تفاجأ بزوجة أخيه تقف إلى جانبه 'تتابع بعينيها عمليات انتشال الجثامين لكنها لم تتعرف على أول ثلاث جثث، وفور انتشالنا للجثة الرابعة صرخت بنا: (هذه ريفان.. أعطيني إياها)، ثم حضنتها، وكأنها تحاول أن تودعها للمرة الأخيرة، لكن زوجة أخي كانت تتعشم أنها على قيد الحياة وتحاول إفاقتها'. ومضى قائلاً بحسرة:' لم نتمكن سوى من انتشال سبع جثث دفناهم جميعاً في قبرين، ولا يزال اثنان من الأطفال مفقودين، أتعهد بالبحث عنهما حتى أجدهما وأكرم مثواهما'.

القناة الثالثة والعشرون
منذ يوم واحد
- القناة الثالثة والعشرون
بالفيديو : مع صيحات "الله أكبر".. محتجون يمنعون حفلا غنائيا في إدلب ويحطمون معداته
شهدت مدينة سرمدا في ريف إدلب مشهدا غريبا لاقتحام صالة أفراح وتحطيم معداتها. وفي التفاصيل، أقدمت مجموعة أشخاص على اقتحام صالة أفراح كان سيحييها المطرب محمد الشيخ' وحطمت الأثاث وسط صرخات 'الله أكبر'، دون ورود معلومات عن خسائر بشرية أو احتكاك بين المواطنين. هذا المشهد أثار جدلا واسعا بين المتابعين، وتساءل البعض عن الدوافع وراء هذا التصرف، وتباينت ردود الأفعال بين من اعتبره تعبيرا عن الغضب، وبين من رأى فيه تصرفا غير مبرر، تكمن وراءه دوافع دينية. انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News


الميادين
منذ يوم واحد
- الميادين
تركيا تصدر أوامر اعتقال جديدة بحق عشرات العسكريين لضلوعهم في انقلاب 2016
أصدر الادعاء العام في تركيا، اليوم الجمعة، أوامر اعتقال بحق 63 عسكرياً في الخدمة الفعلية بسبب ارتباطهم بجماعة متهمة بمحاولة انقلاب في عام 2016. وقال مكتب مدعي عام إسطنبول إن من بين المشتبه بهم "4 ضباط برتبة كولونيل، ينتمون إلى الجيش والبحرية وسلاح الجو والدرك". 9 نيسان 2 تموز 2024 وأسفرت المداهمات التي تم تنفيذها في وقت مبكر من صباح اليوم الجمعة، في جميع أنحاء تركيا عن اعتقال 56 مشتبهاً بهم من أصل 63 جندياً في الخدمة الفعلية صدرت بحقهم أوامر توقيف. وتقول السلطات التركية إن "المعتقلين مرتبطون بفتح الله غولن المتهم بتدبير الانقلاب الفاشل عام 2016". الأحزاب التركية في مواجهة التحولات السياسية.. كيف تنعكس على مستقبل التوازنات؟مدير مكتب #الميادين في #تركيا، عمر كايد، في #المشهدية @kayed_omar وتتهم السلطات التركية غولن الذي توفي العام الماضي، في الولايات المتحدة، بالوقوف وراء محاولة الانقلاب الفاشلة ضد الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، وبأنه يترأس "منظمة إرهابية"، وتعهدت تركيا بملاحقة أتباع غولن.