
مُزيّنة بـ1220 كليو حرير وذهب وفضة.. الكعبة المشرفة ترتدي الكسوة الجديدة .. غداً
تغيير كسوة الكعبة المشرفة
تجرى غدًا الأربعاء مراسم تغيير كسوة الكعبة المشرفة، تنفيذاً للعادة السنوية مع بداية كل عام هجري جديد ترتدي الكعبة المشرفة كسوتها الجديدة في الأول من شهر المحرم، والتي تصنع من الذهب الخالص والفضة والحرير، و رداء الكعبة المشرفة من الحرير الطبيعي أسود اللون مطرز بخيوط من الذهب والفضة منقوش عليه آية من القرآن الكريم وبعض من التسبيحات، ويعكف عشرات من الرجال السعوديين أغلبهم من أربعينيات وخمسينيات العمر على صناعته في مصنع مخصص فقط لهذا الغرض بمكة المكرمة. أعمال الفك ومراحل تبديل ثوب الكعبة
ويشرف فريق مختص مدرب ومؤهل علمياً وعملياً على أعمال الفك ومراحل تبديل ثوب الكعبة الأساسية المتمثلة في رفع الثوب القديم، ونزع المذهبات، واستبدال الثوب القديم بالجديد، وأخيراً إسدال الكسوة، كما يبلغ عدد مذهبات كسوة الكعبة المشرفة 53 قطعة مذهبة منها ١٦ قطعة للحزام، و٧ قطع تحت الحزام، و٤ صمديات، و١٧ قنديلا، و٥ قطع لستارة الباب، وقطعة للركن اليماني، و٢ كينار، وحلية الميزاب.
تشهد الكعبة المشرفة تغيير كسوتها على يد 159 فنياً وصانعاً، وسيتم إنزال الكسوة القديمة للكعبة، وإلباسها الكسوة الجديدة، والمكونة من أربعة جوانب مفرقة وستارة الباب، حيث سيُرفع كل جنب من جوانب الكعبة الأربعة على حدة، إلى أعلى الكعبة المشرفة تمهيداً لفردها على الجنب القديم
ويتم تثبيت الجنب من أعلى بربطها وإنزال الطرف الآخر من الجنب بعد أن يتم حلّ حبال الجنب القديم، بتحريك الجنب الجديد إلى أعلى وأسفل في حركة دائمة، بعدها يتم إنزال الجنب القديم من أسفل ويبقي الجنب الجديد، وتتكرر العملية أربع مرات لكل جانب إلى أن يكتمل الثوب، وبعدها يتم وزن الحزام على خط مستقيم للجهات الأربع بخياطته.
وتبدأ هذه العملية أولاً من جهة الحطيم، لوجود الميزاب الذي له فتحة خاصة به بأعلى الثوب، وبعد أن يتم تثبيت كل الجوانب تثبت الأركان بحياكتها من أعلى الثوب إلى أسفله، وبعد الانتهاء من ذلك يتم وضع الستارة التي تحتاج إلى وقت وإتقان في العمل، بعمل فتحة تقدر بمساحة الستارة في القماش الأسود التي تقدر بنحو 3.30 أمتار عرض حتى نهاية الثوب، ومن ثم يتم عمل ثلاث فتحات في القماش الأسود لتثبيت الستارة من تحت القماش، وأخيراً يتم تثبيت الأطراف بحياكتها في القماش الأسود على الثوب. كم عدد صانعي كسوة الكعبة؟
ويعمل في مجمع الملك عبدالعزيز لكسوة الكعبة المشرفة أكثر من 200 صانع وإداري، في أقسام المجمع وهي: قسم المصبغة والنسيج الآلي، وقسم النسيج اليدوي، وقسم الطباعة، وقسم الحزام وقسم المذهبات، وقسم خياطة وتجميع الكسوة الذي يضم أكبر ماكينة خياطة في العالم من ناحية الطول، حيث يبلغ طولها 16 متراً وتعمل بنظام الحاسب الآلي، كما أن هناك بعض الأقسام المساندة مثل: المختبر، والخدمات الإدارية، والجودة، والعلاقات العامة، والصحة للعاملين والسلامة المهنية بالمجمع. 220 كليو ذهب وفضة وألف كيلو حرير
وتستهلك الكسوة نحو 1000 كيلو جرام من الحرير الخام الذي تتم صباغته داخل المجمع باللون الأسود و120 كيلو جراماً من أسلاك الذهب و100 من أسلاك الفضة، وتتوشح الكسوة من الخارج بنقوش منسوجة بخيوط النسيج السوداء (بطريقة الجاكارد) كتب عليها لفظ "يا الله يا الله"، "لا إله إلا الله محمد رسول الله" و"سبحان الله وبحمده" و"سبحان الله العظيم" و "يا ديان يا منان" وتتكرر هذه العبارات على قطع قماش الكسوة جميعها، كما يبلغ عدد قطع حزام كسوة الكعبة المشرفة 16 قطعة، و 6 قطع و 12 قنديلاً أسفل الحزام و 4 صمديات توضع في أركان الكعبة، و 5 قناديل "الله أكبر" أعلى الحجر الأسود، إضافة إلى الستارة الخارجية لباب الكعبة المشرفة. 9 ألوان زيّنت كسوة الكعبة كالآتي:
كسوة الكعبة في عهد سيدنا رسول الله
كسوة الكعبة في عهد سيدنا رسول الله، لم يُردِ النبيّ بعد فتح مكة أن ينزع عن الكعبة كسوةَ قريش حتى التقطت شرارةً من النار على إثر تبخير إحدى النساء لها، فاستبدل كسوة قريش بكسوة جديدة من البرود اليمانية وهي ثياب مخططة بيضاء وحمراء، فكانت أول كسوة في عهد الإسلام. كسوة الكعبة في عهد الخلفاء الراشدين
والكسوة في عهد الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم، حيث جاء عهد الخليفتين الراشدين أبي بكر وعمر رضوان الله عليهما فكسوها بالقباطي وهو ثوب دقيق الصنع مُحكم النسج رقيقٌ أبيض كان يصنع في مصر.
ثم جاء عثمان بن عفان رضي الله عنه فكساها كسوتين كسوة بالبرود اليمانية وكان هذا في يوم التروية، وكسوة فوقها بالقباطي المصرية في اليوم السابع والعشرين من رمضان، فهو أول من كسا الكعبة كسوتين.
ألوان ثوب كسوة الكعبة عبر التاريخ
1- البني الفاتح
كسا النبي إبراهيم الكعبة المشرفة باللون البني الفاتح، وهي كسوة من جلد الماعز، حيث كان البناء حينها صغيرا، وهو أول من جعل للكعبة باب.
2- الأبيض والأحمر
ألبس الرسول محمد صلي الله عليه وسلم الكعبة المشرفة بالثياب اليمانية المخططة بالأبيض والأحمر، بعد فتح مكة، وهو أول تغيير من بعد الكسوة التي وضعها آل قريش، بعد أن احترقت تلك الكسوة أثناء تبخير الكعبة.
3- الأبيض
غير الخلفاء الراشدون أبو بكر، والفاروق عمر رضي الله عنهما لون الكسوة، حتى ألبسوها ثياب القباطي ذات اللون البيض، فكانت تصنع في مصر، بينما كان عثمان بن عفان رضي الله عنه هو أول من وضع للكعبة كسوتين أحدهما فوق الأخرى، حتى يصعب حملها.
وكُسيت الكعبة المشرفة أيضا باللون الأبيض في أيام الخلافة العباسية، كما قال الفاكهي "رأيت كسوة لهارون الرشيد من قباطي مصر أبيض رقيق مكتوب عليها بسم الله بركة من الله للخليفة الرشيد عبدالله هارون أمير المؤمنين".
4- الأحمر
عام 64هـ كساها ابن الزبير بالديباج الأحمر.
5- الأبيض والأصفر
كساها ملك مكة في عام 200هـ، الكعبة المشرفة ثوبين رقيقين من حرير أحدهما أصفر، والآخر أبيض.
6- تغيير كسوة الكعبة 3 مرات في العام
أصبحت تتغير كسوة الكعبة 3 مرات في العام الواحد، وفي كل مرة كان لون الكسوة مختلف، وذلك في عهد المأمون عام 206هـ، كان لونها يوم التروية هو اللون الأحمر، بينما اللون الأبيض الرقيق في هلال رجب، والديباج الأبيض يوم 27 من رمضان.
7- الأصفر
تغير لون كسوة الكعبة المشرفة في زمن الدولة الفاطمية إلى اللون الأصفر عام 456هـ.
8- الأخضر
غير الخليفة الناصر العباسي لون الكسوة إلى اللون الأخضر، في 614هـ.
9- الأسود والذهبي
غير الخليفة الناصر العباسي أيضا لون كسوة الكعبة المشرفة إلى اللون الأسود مع الأشكال المصنوعة من الذهب لتزيينها في 622هـ، وهو شعار العباسيين، وهو اللون التي ثبتت عليه الكسوة حتى الآن، والتي تصنع من خام الحرير، ولكن الستارة الداخلية للكعبة المشرفة فهي باللون الأخضر. لماذا ثوب الكعبة أسود
وكشف كبير سدنة بيت الله الحرام، الدكتور صالح بن زين العابدين الشيبي، إنه منذ تسليم الرسول صل الله عليه وسلم، سدانة الكعبة لعثمان بن طلحة، جده الأكبر، عقب فتح مكة، ولن تخرج السدانة من العائلة، وتسلم للأكبر سنًا دون انتخاب وتقره المملكة العربية السعودية.
وأوضح «الشيبي»، خلال لقاء تليفزيوني، أن سدنة جمع كلمة سادن، والسادن هو ولي الكعبة والمسؤول عن غسلها وصيانتها وحامل مفتاحها، متابعًا «بعد فتح الرسول لمكة وهدم الأصنام أعطى المفتاح لجدنا الأكبر عثمان بن طلحة، وقال كل ما كان للجاهلية تحت قدمي، إلا أعمال السدانة والسقية فتبقى لأهلها خالدة مخلدة».
وأضاف أن «من وقتها وسدانة الكعبة المشرفة لم تخرج عن "بني طلحة"، الذين كانوا مسؤولون عنها قبل دخول الإسلام لمكة أيضا»، مشددًا على أن أعمال السدانة يتشرف بها بني طلحة والمملكة العربية السعودية ككل.
وكشف كبير سدنة بيت الله الحرام، عن احتفاظه بمفتاح الكعبة المشرفة في منزله، ولا يخرج إلا إذا طلبت الحكومة فتحها لأي غرض كان، مؤكدًا على أنه لا يتنقل بالمفتاح ويظل في منزله لا يخرج منه إلا لفتح الكعبة فقط، ويعود مكانه مرة أخرى.
وعن ثبات الاختيار على اللون الأسود لكسوة الكعبة بعدما كان الأخضر قبل ذلك، أوضح أن قوة اللون الأسود تتحمل التغيرات الجوية على مدار العام، مقارنة بباقي الألوان التي لا تتحمل، نظرًا لأن الكسوة يتم تغيريها مرة كل عام.
وعما يوجد بداخل بيت الله الحرام، قال كبير سدنة الكعبة، إن بيت الله الحرام لا يوجد به شيء في الداخل سوى دولابين مصنوعان من الخشب، يوضع فيهما أدوات غسل الكعبة والكسوة، متابعًا: «الكعبة مكسوة بالحرير من الداخل والخارج، ونستخدم اللون الأسود للكسوة الخارجية والأخضر للداخلية».
مراحل تصنيع كسوة الكعبة
يتم تصنيعها في مجمع الملك عبد العزيز لكسوة الكعبة المشرفة والذي تم إنشاؤه عام 1346 هجريا وهو يلقى كل العناية والرعاية من القيادة الرشيدة في المملكة العربية السعودية؛ ويمر تصنيع الكسوة بعدة مراحل أولها اختبار المواد المستخدمة في إنتاج الكسوة؛ ثم يتم صباغة الكسوة باللون الأسود ثم بعد ذلك يتم تحويله الى قسم النسيج الآلي ومرحله التطريز أهم مراحل تصنيع الكسوة.
وفي تقرير عرضته قناة تن الفضائية في البرنامج الإخباري أوضح أن ثوب الكعبة مطبوع على قماش أسود حرير ثم يدخل قسم التطريز بالمذهبات ثم يحول لقسم التجميع ثم يتم الحشو للحروف بالقطن وذلك لإعطاء البروز وجمال للحرف أثناء التطريز ثم بعد ذلك نقوم بعملية التطريز والتي تكون بالأسلاك الفضية المطلية بماء الذهب والأسلاك الفضية الخالصة ثم يكون الثوب جاهزا للاستبدال في يوم 10 ذي الحجة.
ثوب الكعبة يستغرق من الوقت من ستة أشهر إلى ثمانية شهور ويمر جميع مراحل التصنيع حتى يكون جاهزا لكسوة الكعبه ويعمل في مجمع الملك عبد العزيز لكسوة الكعبة المشرفة حوالي 190 صانعا على مدار السنة لإنتاج ثوب الكعبة المشرفة على أكمل وجه. من المحمل إلى أول دار لكسوة الكعبة بالسعودية
قبل أن تبدأ المملكة العربية السعودية في صناعة كسوة الكعبة المشرفة ، كانت الكسوة تحاك في مصر وتنطلق في محمل من القاهرة حتى مكة المكرمة، وسط احتفالات واسعة، حتى جاء الملك عبد العزيز، لتتفرد السعودية بصناعة كسوة الكعبة المشرفة والإشراف على تغييرها سنويا.
وحسب وكالة الأنباء السعودية ( واس ) أمر الملك عبد العزيز بإنشاء أول دار لكسوة الكعبة المشرفة بجوار المسجد الحرام في (أجياد) في العام (1346هـ-1927م).
وكانت الدار هي أول مؤسسة خصصت لحياكة كسوة الكعبة المشرفة في المملكة، قبل أن ينتقل مصنع كسوة الكعبة المشرفة إلى حي (جرول) في العام (1383هـ- 1963م).
وفي هذه السطور نرصد أبرز المعلومات عن صناعة كسوة الكعبة في المملكة العربية السعودية:
العام (1385هـ-1965م) تمت صناعة أول كسوة للكعبة المشرفة عبر آلالات التصنيع.
في العام (1392هـ-1972م) صدر أمر الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود بإنشاء مصنع كسوة الكعبة المشرفة في حي (أم الجود).
ثم بدأ العمل في المصنع الجديد في حي أم الجود في عام (1397هـ-1976م) بأقسام تصنيع متكاملة.
في عام 1995م انتقل الإشراف على مصنع كسوة الكعبة المشرفة في حي (أم الجود) من وزارة الحج والأوقاف إلى الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي. المحمل متى بدأ نقل كسوة الحج من مصر إلى الحجاز؟
بدأت قصة نقل كسوة الكعبة من مصر إلى بلاد الحجاز بالمحمل في عهد المماليك، حيث كان المحمل يطوف القاهرة قبل التوجه إلى الحجاز، وسط مظاهر احتفال عارمة من المصريين.
وكانت تصنع الكسوة الشريفة فى مصر بمنطقة الخرنفش حتى تم نقلها إلى ميدان محمد علي فسار أمامها بلوكان من أورطة المشاة التاسعة بموسيقاها وعلمها وتبعت الجماهير هذا الموكب الفخم حتى الميدان.
ويعد الملك اليمنى أسعد تبع أبى كرب ملك حمير، هو أول من كسا الكعبة المشرفة بشكل كامل فى العام 220 قبل هجرة النبى (صلى الله عليه وسلم).
ثم أخذت قريش فيما بعد تتولى هذه المهمة وكانت تقسم أموال كسوة الكعبة على بطونها الكبرى باعتبار أن الكعبة كانت رمزًا دينيًا يجلب لهم الحجيج من جميع أنحاء الجزيرة وينشط كذلك حركة التجارة ويحفظ لقريش مكانة دينية دونها أى مكانة أخرى، وكان ذلك يتم فى يوم عاشوراء. وبعد فتح مكة وفى أول عام يحج المسلمون فى العام التاسع من الهجرة، أصبحت كسوة الكعبة مهمة بيت المال فى المدينة المنورة.
وقد صف كثير من الرحالة الذين زاروا مصر خروج كسوة الكعبة من مصر كابن بطوطة وناصر خسرو وغيرهما ومن أهم المشاهد التى سجلتها نصوص الرحالة والمؤرخين أيضًا صورة المحمل أو قافلة الحج عبر عصورها المختلفة، إذ تعتبر تلك النصوص من أكثر المصادر التى حفظت لنا تفصيلات دقيقة عن المحمل وكسوة الكعبة فيذكر لنا الرحالة ابن بطوطة عن هذا المشهد المهيب وكيفية خروج المحمل المصرى من القاهرة فى حضور أرباب الدولة: يوم المحمل هو يوم دوران الجمل وهو يوم مشهود حيث يركب القضاة الأربعة ووكيل بيت المال والمحتسب ويركب معهم.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صدى البلد
منذ 3 ساعات
- صدى البلد
ذكرى الهجرة النبوية.. 4 معجزات حدثت في رحلة الرسول من مكة إلى المدينة
تحل قريبا ذكرى الهجرة النبوية حيث يبدأ العام الهجري الجديد 1447 خلال ساعات قليلة، ويحتفل المسلمون باستقبال شهر المحرم أول شهور السنة الهجرية الجديدة، وفي السطور التالية نتعرف على أبرز أحداث الهجرة النبوية و4 معجزات حدثت منذ خروج النبي صلى الله عليه وسلم قاطعا مسافة تقدر بـ 380 كيلومترا، من دار السيدة خديجة بنت خويلد في مكة المكرمة حتى وصوله إلى دار عمرو بن عوف في قباء بالمدينة المنورة في 12 ربيع الأول. أحداث الهجرة النبوية بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوته في مكة المكرمة منذ أن بُعث نبيًّا لمدة 13 عامًا ولاقى خلال هذه الفترة من المشركين أشد أنواع التنكيل به وبمن آمن معه من أهل مكة، وبقي المسلمون على هذه الحال حتى أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم للمسلمين بالهجرة إلى المدينة المنورة بعدما بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل يثرب على الإسلام. وعندما أذن الله تعالى لرسوله بالهجرة إلى المدينة المنورة، ذهب صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر ليخبره بذلك، ليتجهزا للرحيل، وقدّم أبوبكر راحلتين، كان قد أعدّهما لهذا السفر، واستأجر عبد الله بن أريقط، ليدلّهما على الطريق. خرج رسول الله وأبو بكر من مكة المكرمة في الخفاء، وأمر أبو بكر ابنه عبد الله بأن يتسمع أخبار أهل مكة، وأمر عامر بن فهيرة أن يرعى غنمه نهاراً ويريحها عليهما ليلاً، وكانت أسماء تأتيهما بالطعام، وعند وصولهما إلى الغار، دخل أبو بكر الغار قبل رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- وذلك ليتأكد أمان الغار لرسول الله. وما إن دخلا إلى الغار حتى أرسل الله تعالى عنكبوتًا، نسجت خيوطها على باب الغار، فسترت رسول الله وأبا بكر عن أعين الناس، وبالأخص قريش. جاء والد الصديق إلى بيته حينما علم بخروج ابنه مع رسول الله، سائلاً إياه عمّا تركه لهم، وكان قد كُفّ بصره، فوضعت حجارة في كيس، فوضعت الكيس في الكرة، فلما مسكها بيده، قال بأن ما تركه خير كثير. وكانت قريش قد أعدّت مكافأة لمن يأتي برسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وما إن علم سراقة بهذه المكافأة التي وضعتها قريش فجهز فرسه وانطلق نحو رسول الله، وكان كلما أراد الاقتراب من رسول الله غرزت قدما فرسه في التراب، حتى ناداه رسول الله، وأعطاه الأمان على أن يدعو الله أن يكشف عنه ما أصابه، وكتب له رسول الله كتاب أمان، على أن يكف سراقة عنهما الطلب، ويقول لقريش بألّا يبحثوا في الجهة التي هاجر منها رسول الله لأنّه قد بحث فيها جيدًا. معجزة نوم المشركين عند محاصرتهم لبيته روى قصة خروج النبي صلى الله عليه وسلم على المشركين ليلة الهجرة عندما تآمروا على قتله وحاصروا أهل السير والأخبار ومنهم ابن هشام بسنده، وذكرها ابن كثير في سيرته، حيث اجتمع نفر من قريش يتربصون للرسول، فخرج رسول الله عليهم فأخذ حفنة من البطحاء، فجعل يذره على رؤوسهم وهم لا يرونه. وقال عنها ابن القيم في زاد المعاد: "وأمر عليا أن يبيت في مضجعه تلك الليلة، واجتمع أولئك النفر من قريش يتطلعون من صير الباب ويرصدونه، ويريدون بياته ويأتمرون أيهم يكون أشقاها، فخرج رسول الله عليهم فأخذ حفنة من البطحاء، فجعل يذره على رؤوسهم وهم لا يرونه وهو يتلو قول الله تعالى: وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون". معجزة عدم رؤية المشركين للرسول في الغار دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه إلى الغار حتى أرسل الله تعالى عنكبوتًا، نسجت خيوطها على باب الغار، فسترت رسول الله وأبا بكر عن أعين الناس. وكان عدم رؤية المشركين للرسول صلى الله عليه وسلم وأبي بكر رضي الله عنه في غار ثور أثناء الهجرة معجزة وردت في العديد من الأحاديث النبوية الصحيحة، وأبرزها حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه حيث قال: "نظرت إلى أقدام المشركين على رؤوسنا ونحن في الغار، فقلت: يا رسول الله! لو أن أحدهم نظر إلى قدميه لأبصرنا. فقال صلى الله عليه وسلم: "يا أبا بكر! ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟". معجزة دعاء النبي على سراقة بن مالك دعا النبي عليه أفضل الصلاة والسلام على سراقة فكانت سيقان فرسه تغوص في الأرض وكان يمشي في أرض صلبة، حيث قال أبو بكر: 'مررنا براع وقد عطش رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو بكر رضي الله عنه فحلبت كثبة من لبن في قدح فشرب حتى رضيت وأتانا سراقة بن جعشم على فرس فدعا عليه فطلب إليه سراقة أن لا يدعو عليه وأن يرجع ففعل النبي صلى الله عليه وسلم'. معجزة شاة أم معبد معجزة شاة أم معبد وذكرتها كتب السير حيث إنها تتحدث عن معجزة حدثت للنبي محمد صلى الله عليه وسلم عندما مر بخيمة أم معبد أثناء هجرته من مكة إلى المدينة. وعندما نزول الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه بخيمة أم معبد بقديد طالبين القرى، فاعتذرت لهم لعدم وجود طعام عندها إلا شاة هزيلة لا تدرّ لبناً، فأخذ الشاة فمسح ضرعها بيده، ودعا الله وحلب في إناء حتى علت الرغوة وشرب الجميع.


صدى البلد
منذ 3 ساعات
- صدى البلد
د. عصام محمد عبد القادر يكتب: الأمنيات
الرغبة، والطموح، والتمني في بلوغ الأفضل، أو ما تتوق إليه النفس إذا ما كان مشروعًا، ولا ينفصل عن الواقع؛ فتلك أمور حميدة، تشحذ الهمم؛ كي تعلو الهمة، وتنشط الأذهان، وتترجم إرادتنا في صورة أفعال، تحاول أن تحقق أمانينا، التي نتطلع إليها، بل، تحفزنا على تكرار المحاولة في إطار من التخطيط، والتنظيم، والتنفيذ، والمثابرة، والمتابعة، وتقييم ما توصلنا إليه؛ لنزيل العثرات، ونستكمل المسيرة، ونؤكد أن عزيمتنا، وإيجابية النفس لدينا قادرة الدفع بنا دومًا إلى الأمام؛ لنسجل أهدافًا مستحقة. تعالوا بنا نتفق على أمر مهم؛ ألا وهو أن التمني المشروع، إذا ما أردنا ترجمته إلى واقع، وجعلناه هدفًا إجرائيًا؛ فإن ذلك يتطلب منا بصورة واضحة أن نتبنى سيناريوهات، تحمل خطة مرنة تقبل التعديل، والإضافة في مراحل؛ كي نستثمر ما قد يتواتر لدى أذهاننا من أفكار ملهمة بأن نترجمها إلى آليات، أو خطوات قابلة للتنفيذ على أرض الواقع، وهنا تبدأ الرحلة في إطار جهود مكثفة تجعلنا نستمتع بما نحققه من مراحل، أو خُطوات، ولو بسيطة. لكن ما نخشاه أن نترك ما نتمنى حدوثه أو تحقيقه لعالم الصدفة، الذي يدفع لنا من بنك الحظ ما تتوق إليه أنفسنا؛ فقد أرى أنه ضرب من وهم الخيال يؤدي بنا إلى منطقة ضبابية، قد تورث في نفوسنا سلبية تؤثر حتمًا على ما قد نتطلع إلى في مستقبلنا القريب، أو البعيد، بل، تضعف لدينا جموح النزال في ساحة المعركة، التي نثبت فيها الذات، ونستطيع أن نؤكد مقدرتنا على تحقيق ما نصبوا إليه؛ لذا يتوجب علينا أن ندرك ماهية التمني وفق الفلسفة، التي ينبثق منها، والتي ينبغي أن تقوم على الربط الوظيفي بين الواقع، وأمنياتنا وتطلعاتنا الإيجابية. رُبّ سائل يسأل، هل هناك ميزان، أو ضابط للأمنيات، التي تلوح في وجدانياتنا؟، نقول بلسان مبين نعم؛ فقد أوضحنا أن ما نضعه من خطط نسير على خطاها، يتوجب أن تتصف بالمرونة، التي تمنحنا حرية الاختيار، وتجعلنا نراعي مستجدات المتغيرات، التي تطرأ على ساحتنا الخاصة؛ ومن ثم تتنامى مقدرتنا على تجاوز التحديات، أو الصعوبات، التي قد تقف حجر عثرة أمام مسيرتنا نحو أمانينا المشروعة، وهنا نحاول أن نميز منذ البداية بين الطريق الصحيح، والأخر المعوّج؛ فنتجنب الغور في سكة الظلام؛ لنخرج في نهاية المطاف مجبوريّ الخاطر. الأمر لم ينته عند هذا الحد؛ فهناك حسابات خاصة ندرك من خلالها ما إذا كانت أمنياتنا في إطار الممكن، أم في طور غير الممكن، أو ما نسميه أحيانًا بالمستحيل، وهذا يؤكد الفلسفة، التي ننادي بها، وهي هدوء الخيال؛ كي لا يجنح بنا إلى آفاق بعيدة المنال؛ فكل ما علينا أن نربط بين الأمنية، ومقومات تحقيقها في ساحة الواقع؛ ومن ثم نستطيع أن ندشن سقفًا زمنيًا، يتسم بالمرونة، ونحاول بصدق العزيمة، وإخلاص النوايا، وبذل الجهود، وإتقان الممارسة أن نبدأ المسيرة، التي أزعم أنها ستكلل بالنجاح بمشيئة الله تعالى. نؤكد أن الأمنيات، التي تكبر في نفوسنا، وتنمو في خيالنا الخصب، وتأخذ مساحة في أذهاننا، تعد ضرورة في توجيه ميولنا، بل، ترتبط بها في كثير من الأحيان، وهذا ما يدفعنا نحو التجربة، ويجعلنا نكتسب مهارات نوعية تضيف إلى رصيد خبراتنا، ناهيك عن سبر غور احتياجاتنا، التي تتغير وفق تدفق الأحداث الجارية، التي تحيط بنا، سواءً داخل الإطار الاجتماعي البسيط، أو الكبير، وهذا ما يولد لدينا قوة الثبات، والصبر، والمثابرة، والمغامرة، التي نتحمل مسئولية نتاجها، وفي كثير من الأحيان تفتح لنا أبوابًا من الابتكار، لم تكن في واحة الحسبان. يصعب أن نتجادل حول ثمرة الأمنية، التي تذيب الفتور، وتحفز الرغبة، وتعلى من مقدار الجهد الصادق؛ لتدفعنا نحو استدامة العطاء؛ فتتبدل مسارات حب الذات، إلى تحقيق غايات نبيلة، يستفيد منها الجميع، فيعم الخير بفضل أفكار منتجة تتدفق من وجدان راقٍ، صافٍ، لا يسمح للأنانية أن تحوز جزءًا منه، وهذا ما يجعل أصحاب الأمنيات المشروعة يمتلكون المقدرة على التواصل، وتقوية الروابط في إطار ما تحث عليه الإنسانية، كما تزداد لديهم روح التفاؤل، والوفاء بما ينعكس إيجابًا على تعزيز الهوية الوطنية، ويجعلنا دومًا في رباط مواثيق المحبة.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.


بيروت نيوز
منذ 5 ساعات
- بيروت نيوز
كـونوا وُدَعاء رُحَـماء وصانِـعِـيّ سَلام
إحتَفَلَتِ المدارسُ التّابعَةُ لأبرشيَّةِ بيروت للرّوم الأرثوذكس بتخريجِ دُفعةِ العامِ الدِّراسيِّ 2024-2025، في احتفالٍ شاركَ فيه متعلّمو مدارس: 'الثَّلاثة الأقمار'، 'زهرة الإحسان'، 'مار الياس بطّينا الثانوية'، 'البِشارة الأرثوذكسيَّة'، و'ثانوية السَّيّدة الأرثوذكسيَّة' ممَّن أَتمّوا هذه المرحلةَ بكلِّ جَدارةٍ وتميّز. وأُقيمَ الحفلُ في باحَةِ مدرسة البِشارة الأرثوذكسيَّة – الرّميل، برعاية متروبوليت بيروت وتوابعها المتروبوليت الياس عوده الجزيل الاحترام، الَّذي أَضفى بحضوره بُعدًا روحيًّا ومعنويًّا مميّزًا على المناسبة، وَسْطَ حَشدٍ من الشخصيات الرَّسميّة والتّربويَّة والهيئاتِ الإداريَّة والتَّعليميَّة وذوي الخرّيجين. حَضَر الإحتفال، إلى المتروبوليت الياس، كهنة أبرشية بيروت، وزير الثقافة الدكتور طارق متري، النوّاب غسّان حاصباني، إلياس جراده وملحم خلف، سفيرة اليونان في لبنان ديسبينا كوكولوبولو، محافظ مدينة بيروت مروان عبود، رئيسة المركز التربوي للبحوث والانماء البروفيسور هيام اسحق، رئيس مجموعة 'غلوبال إديوكايشن' الدكتور ميلاد السبعلي، أعضاء مجلسِ إدارةِ جمعيةِ القديسِ بورفيريوس، عدد من أعضاء اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة، إِضافة إِلى مسؤولين إِداريّين وهيئات تربويَّة واداريَّة من كل المدارس وأَهالي المتعلّمين. نايلا ضعون بعد الصّلاة الافتتاحيّة والنّشيد الوطنيّ اللُّبنانيّ، أَلقَت مديرةُ مدرسة البِشارة الأرثوذكسيَّة السّيّدة نايلا خوري ضعون كلمة باسم مديرات المدارس. جاء فيها: '… نجتمِعُ اليومَ ببركةِ ورعايةِ سيادةِ متروبوليتَ بيروتَ وتوابِعِها المطران إلياس عوده الجزيلُ الاحترام، لنحتفل بتخريج طلاب مدارس بيروت الأرثوذكسية-دفعة العام 2024-2025، يشرّفني ويَسُرُّني أن أرحِّبَ بضيوفنا الكرام، باسم مديراتِ مدارسِ بيروتَ الأرثوذكسيةِ. في لحظةٍ مِثلَ هذه، حينَ تمتزجُ النِّهاياتُ بالبداياتِ، ويُفتَرضُ أَن نتكلَّمَ عنِ النَّجاح، أَجدُني مَدفوعةً للحديثِ عن شيءٍ أَعمقَ: عنِ السَّلام. السلامُ الذي ننتَظِرُهُ جَميعًا، ولكن نادرًا ما نَسعى إليه أو نبحثُ عنهُ حيثُ يجبُ أَن يكون. لقد أصبحنا، في عالم اليوم، أسرى وَهْمٍ جَماعِيّ بأَنَّ السَّلامَ قَرارٌ سياسيّ يُؤخَذُ في قاعةِ مؤتمرٍ لعظماء العالمِ الأرضيّين. لكن، وكما يقول القديس الشيخ باييسيوس الأثوسي: 'سلامُ العالَمِ يَأتي مِنَ السلامِ الداخِلِيِّ، مُؤتمراتُ السلامِ لا تُجدي!' والسلامُ الداخليُّ عَطِيَّةٌ مِنَ الله، لا يُفرَضُ مِنَ الخارج، بل يُبنى في النَّفس، ويتَرجَمُ في العلاقاتِ، وينعكِسُ في الخَياراتِ والمَواقِفِ اليوميَّة'. أضافت: 'لذلك، ورغم النجاحات الكثيرة التي نحققها في المجالات الأكاديمية، لا تَقتصِرُ رسالَةُ مدارسِنا على مُجرَّدِ تَعليمِ أبنائِنا الحِسابَ واللغاتِ والعلومَ وتمكينهم من الاستعمال الواعي للأدوات التكنولوجية، بل أساسُها أن نبنيَ شخصيتَهم وأَن نزرع فيهم بُذور السلامِ الداخليّ. هذا السلامُ الذي لا يُشتَرى، ولا يُفرَض، بل يُبنى، خطوةً بخطوة، بالتربية على الوعي، والحرية، والرحمة، والايمان ويَكمُلُ بنِعمةِ الله'… وتابعت: '… إننا نخرّج اليوم طلابًا عاشوا تجربةً تربوية، لكننا نَرجو أن يكونوا خرجوا منها وقد أحبَّوا الحقيقةَ، لا مجرَّدَ النجاحِ في عالمٍ مليءٍ بالأصوات العالية التي تصدح كالطبولِ الفارغة، إذ نحن بأَمَسِّ الحاجة إلى أشخاص قد يصمتون أحيانًا، لكنهم ثابتون، منصفون، حُكماءَ، وُدعاءَ، عامِلونَ ومعلِّمونَ، بناةُ سلامٍ حقّ'. وقالت: 'أيّها الخرّيجون الأعزّاء، أنتم الآن في بداية مرحلة جديدة، لكن قبل أن تفكّروا في الاختصاص والوظيفة، اسألوا أنفسكم عن الرسالة، قبل أن تسعوا إلى 'المكانة'، اسألوا عن 'القيمة'. وفي زمن تكثر فيه الحروب، ويُشوَّه فيه الحق، نحن نأمل منكم أن تكونوا بناة سلام. كونوا أشخاصًا لا تُشتَرى ضمائرُهم، ولا تَصدأ أفكارُهم. وإذا اضطررتم للاختيار بين الراحة والحق، فاختاروا الحق…لأن، كما قال القديس يوحنا الذهبي الفم: 'لا شيءَ أقوى من القلب النقي، لأنه يحمل الله في داخله'… المطران عودة ومن ثمَّ كانت كلمة للمطران عودة وجَّهها إِلى المُتخرّجين، قائلا: '… نَـقِـفُ الـيَـوْمَ فـي إِحـدى لَـحَـظـاتِ الـعُـمْـرِ الَّـتـي لا تُـنْـسَـى، تَـخْـتَـصِـرُ سِـنـيـنَ مِـنَ الـتَّـعَـبِ والـدِّراسَـةِ والـنُّـمُـوِّ والـتَّـجـارِبِ الـصَّـغـيـرَةِ والـكَـبِـيـرَةِ الَّـتـي صَـنَـعَــتْ مِـنْـكُـمْ مـا أَنْـتُـمْ عَـلَـيْـهِ الـيَـوْم. إِنَّـهـا لَـحْـظَـةُ امْـتِـنـانٍ وَانْـطِـلاق… أضاف: 'أنـتـم لَـسْـتُـمْ فَـقَـطْ أَبْـنـاءَ هَـذِهِ الـمَـدارِس، بَـلْ أَبْـنـاءُ هـذا الـبَـلَـدِ الـحَـبـيـبِ الـذي شاءكُـم الـرَبُّ فـيـهِ، ورِسـالَـتُـكُـمْ تَـتَجـاوَزُ حُـدودَ الـصَفِّ والـبَـيْـتِ لِــتَــبْــلُغَ الـوَطَـنَ والـمُـجْـتَـمَـعَ والإِنْـسـانَ. أَحِـبَّـائـي، يَـبْـدَأُ الـفَـسـادُ فـي الـمُـجْـتَـمَعِ حِـيـنَ يَـغِــيـبُ الـصِّـدْقُ. أَنْ تَـكُـونَ صـادِقًـا يَـعْــني أَنْ تَحْـتَـرِمَ نَـفْـسَـكَ، أَلَّا تَـتَـلَـوَّنَ بِـحَـسَـبِ الـظُّـروف، أَلَّا تَـتَـنـازَلَ عَـنْ قَـنـاعـاتِـكَ مِـنْ أَجْـلِ مَـصْلَحَـةٍ أَوْ مَـرْكَـزٍ أَوْ لَحْـظَـةِ راحَـةٍ. في سَـنَـواتِ الـدِّراسَـةِ تَـعَـلَّـمْـتُـمْ أَنَّ الـغِــشَّ في الإِمْـتِـحانِ خَطَـأٌ، لَـكِـنَّـكُـم سَـتُـواجِـهُـونَ إِمْـتِـحـانـاتٍ أَكْـبَـرَ في الجامِعَـةِ ثُـمَّ فـي العَــمَـلِ والـمِهْـنَةِ والـحَـياة: الحَسَـدَ والـفَـسادَ والمَـكائـدَ، أو الطائـفِـيَّةَ والإقْـصاءَ والـتَـطَـرُّفَ والـتَـكْـفـيـرَ والعُــنْـفَ والحُروبَ. حافِـظـوا عـلى أخلاقِـكُـم في كُـلِّ الـظُروف، إعْـتَـمِـدوا الـصِدْقَ والشَـفـافِـيَـةَ ولا تَـغِــشُّـوا أَنْـفُـسَـكُـم أوّلاً، لأَنَّـكُم قَـدْ تَخْـدَعُـونَ الـنَّاسَ لِـبَعْـضِ الـوَقْـتِ لَـكِـنَّـكُـم لا تَـسْـتَـطِـيعُـونَ خِـداعَ ضَـمائِـرِكُـم إلـى الأَبَـد'. وتابع: 'لا تَـنْـسَـوا أَنَّـنـا نَعـيـشُ فـي بَـلَـدٍ مُـتَـنَـوِّعٍ، تَـتَـعَــدَّدُ فِـيـهِ الـدِّيـانـاتُ والـطَّـوائِـفُ والـتَّـقـالـيـد. هـذا لَـيْـسَ ضُعْــفًـا بَـلْ غِــنًـى. إِلَّا أَنَّ الـغِــنَى يَـتَـحَـوَّلُ إلـى خَـطَـرٍ حِـيـنَ يَـغــيـبُ الإِحْـتِـرام. لا تَـسْـمَـحُـوا لِـلإِخْـتِـلافِ بِـأَنْ يُـبْـعِــدَكُـم عَـنِ الآخَـرِ بَـلِ اجْـعَـلُـوهُ جِـسْـرًا لِـلـحِـوار. إِسْـتَـمِعُــوا إلـى مَـنْ يُـخـالِـفُـكُـم الـرَّأْيَ ونـاقِـشُـوا بِـجُـرْأَةٍ، لَـكِـنْ دَوْمًـا بِـرُقِـيّ. تَـعَــلَّـمُـوا أَنْ تَـخْـتَـلِـفُـوا بِـمَـحَـبَّـةٍ، وأَنْ تَـحْـتَـرِمُـوا مَـنْ لا يُـشْـبِـهُـكُـمْ. بِهَـذا تَـبْـنُـونَ وَطَـنًـا لا يَـقُـومُ عـلى الـعَــزْلِ والإِلْـغـاءِ، بَـلْ عـلى الـتَّـلاقـي والإِنْـفِـتـاح. الـمَـحَـبَّـةُ لَـيْـسَـتْ كَـلِـمـاتٍ نَـكْـتُــبُـهـا فـي الخِـطـابـاتِ أو نَـتَـغَــنّـى بِهـا فـي الأحـاديـث، بَـلْ سُـلُـوكٌ نَـعــيـشُهُ كُـلَّ يَـوْم. أَحِـبُّـوا بِصِـدْقٍ، لا تَجْعَــلوا مَـنْـفَـذًا لِـلأَنـانِـيَّـةِ والـمَـصالِحِ والـكِـبْـرِيـاءِ إلى نُـفـوسِـكُـم كَـي لا تُـشَـوِّهَ عَـلاقَــتَـكُـمْ مَـعَ أَهْـلِـكُـمْ وأَصْـدِقـائِـكُـمْ وزُمَـلائِـكُـم فـي الجامِعَـةِ أو مَـنْ تُـصادِفـونَـهُ فـي الـشَّـارِع. لِـتَـكُـنْ قُـلـوبُـكُـمْ مَـفْـتُـوحَـةً للآخَـر. كـونوا وُدَعاء، رُحَـماء، صانِـعِـيّ سَلام. سـاعِــدُوا الـمُحْـتـاجَ، واسـوا الـوَحيـدَ والمَـريض، دافِـعــوا عَــنِ الـضَعـيـفِ والـمَـظـلـومِ ومَـنْ لا صَـوْتَ لَهُ. لِـتَـكُـنْ هَـذِهِ الأَهْـدافُ أَمامَـكُـم فـي حَـياتِـكُـم لأنَّ الـمَـحَـبَّـةَ لا تُـعْـلَـنُ قَـوْلًا بَـلْ فِـعْـلًا، ولا تَـحْـتـاجُ ضَـوْءًا وكـامـيـرات، بَـلْ تَـحْـتـاجُ إِنْـسـانًـا نَـقِــيًّـا يَـعْــرِفُ كَـيْـفَ يَـنْـقُــلُـهـا بِـخَـفَـرٍ وتَـواضُعٍ واحـتِـرامٍ، ويَكـونُ نـوراً لِـمَـنْ هُـم حَـولَـهُ كـما أوصانـا الربُّ يسوع عـندما قـال: «لِـيُـضِىء نـورُكُـم هـكَـذا قُـدّامَ الـناسِ لِـكَي يَـرَوا أعْـمالَـكُـم الـصالِـحَـةَ ويُـمَـجِّـدوا أبـاكُـم الـذي فـي السَـمَـوات» ( متى 5 : 16 ). وقال عودة: 'أيُّـهـا الخِـرّيجاتُ والـخِـرّيجـون، أَنْـتُـمْ تَـدْخُـلـونَ عـالَـمًـا لا يَـرْحَـمُ الـكَـسـالَـى، خُـصـوصًـا مَـعَ تَـحَـدِّي الـذَّكـاءِ الإِصْـطِـنـاعِـيِّ الَّـذي يُـشَـكِّـلُ خَـطَــرًا داهِـمًـا عـلـى الـكَـثـيـرِ مِـنَ الـمِهَــنِ والإِخْـتِـصاصات. أَصْـبَـحَـتِ الـكَـفـاءَةُ وَحْـدَهـا لا تَـكْـفِـي، ولا بُـدَّ مِـنَ الـمُـثـابَـرَةِ والإِجْـتِـهـادِ والإِلْـتِـزام، لـكـي تُـؤَكِّـدوا لِـلـعـالَـمِ أَنَّـهُ لا يَـسْـتَـطـيـعُ الـلُـجـوءَ إلـى مـا هُــوَ إصـطِــنـاعِـيٌّ والـتَّـخَـلِّـي عَــنْ بَـشَـرِيَّـتِـكُـم الـمَـخْـلـوقَـةِ عـلـى صُـورَةِ اللهِ ومِـثـالِـه، وأبْـرَزُ مَعـالِـمِهـا أنْ تَـكـونَ إنْسـانـاً، أيْ أنْ يَكـونَ قَــلْـبُــكَ لَحْـمِـيّـاً. يَـقـولُ الـقِـديس بـورفـيـريوس الـرائي: « جـابِـهْ كُـلَّ الأمـورِ بِـمَـحَـبَّـةٍ، بِـطـيـبَـةٍ، بِـوَداعَـةٍ، بِـصَـبْـرٍ وتَـواضُع. كُـنْ دَوْمـاً كـالـصَخْـرِ الـذي يَـمُـرُّ فَـوقَـهُ الـمَـوْجُ ثُـمَّ يَـعـودُ مِـنْ حَـيْـثُ أتى. كُــنْ ثـابِـتـاً غَـيْـرَ مُـتَـزَعْـزِع». سَـيُـواجِـهُـكُـمْ مَـنْ يَـسْـلُـكُ الـطُّـرُقَ الـسَّهْـلَـةَ أَوِ الـمِعْــوَجَّـةَ، مَـنْ يَـغِــشُّ أَوْ يُـساوِمُ أَوْ يَـتَخَلَّـى عَــنْ مَـبـادِئِـهُ… فَـلا تَـتَـأثَّـروا بَـلْ ثَـبِّـتـوا أَنْـفُـسَـكُـمْ عـلى صَخْـرَةِ الـقِــيَـمِ الَّـتـي تَـرَعْـرَعْــتُـم عَـلَـيْـهـا، وإِنْ تَـأَخَّـرَ نَجاحُـكُـمْ لا تَـيْـأَسُـوا، لأَنَّ الأَهَــمَّ أَنْ يَـأتِـي نَجاحُـكُـم حَـقِـيـقِـيًّـا لا مُـزَيَّـفًـا. أَنْ تَـصِـلَ مُـتَـأَخِّـرًا بِـشَـرَفٍ وصِـدْقٍ ونـزاهَـةٍ خَــيْــرٌ مِـنْ أَنْ تَـصِـلَ سَـرِيعًـا بـالـكَـذِبِ والـخِـداع والـرِيـاء. يَـقـولُ الـقِـديس يوحنا الذَهَـبيّ الفَـم: «إخْـجَـلْ عِـنْـدَما تُـخْـطِـئُ ولا تَخْـجَـلْ عِـنْـدَما تَـتـوبُ لأنَّ الخَـطـيـئَـةَ جُـرْحٌ وَالتَـوْبَـةَ هِـيَ العِـلاج». وأكد: 'لُـبْـنـانُ لَـيْـسَ بِخَـيْـرٍ بِـسَـبَـبِ ضَلالِ الـبَعْــضِ ومَـصالِحِ الـبَعْــضِ الآخَـرِ، وبِسَـبَـبِ الـحِـقْــدِ والـحَـسَـدِ والأنـانِـيَّـةِ وغَـيْـرِهـا مِـنَ الآفـات، وأَنْـتُـمْ تَعْـرِفُـونَ ذَلِـكَ وتَعـيـشُـونَهُ. لَـكِـنَّ لُـبْـنـانَ لَـيْـسَ مَـيْـتًـا، فَـفِـي داخِـلِـهِ نَـبْـضٌ، وهُـوَ أَنْـتُـم. لا تَـنْـتَـظِـرُوا الـدَّوْلَـةَ لِـتَــبْــنِـي لَـكُـمُ الـمُـسْـتَـقْـبَـل. أنـتـم الـمُـسْـتَـقْـبَـل. إبْحَـثُـوا عَــنْ سُـبُـلِ الـتَّـغْـيـيـرِ وعَــنْ طُـرُقِ الـبِـنـاء. إِبْـدَأُوا مِـنْ أَنْـفُـسِـكُـمْ، مِـنِ عـائلاتِـكُـمْ وعَــمَـلِـكُـم، ومِـنَ الـشَّـارِعِ حَـيْـثُ تَـقْـطُـنـون. كـونُـوا أُمَـنـاءَ لـهَـذِهِ الأَرْضِ، لـتُـرابِ أَجْـدادِكُـمْ ومَـرْتَـعِ طُـفـولَــتِـكُـمْ، ولأحْـلامِ الأَجْـيـالِ الـسَّـابِـقَـةِ الـتي ضاعَــتْ وأنـتـم سَـتُحْـيـونَهـا. لا تَـسْـمَحُـوا لِـلـيَـأْسِ بِـأَنْ يَـتَـغَــلْـغَـلَ إلـى قُـلـوبِـكُـم. بَـلَـدُكُـمْ الَّـذِي أَنْـجَـبَ رُوَّادَ الـعِـلْـمِ والـفَــنِّ والـثَّـقـافَـةِ والإِبـداعِ، قـادِرٌ أَنْ يَـنْـهَـضَ مُـجَـدَّدًا بِـسَـواعِــدِكُـمْ الـقَـوِيَّـةِ، وعُــقــولِـكُـمْ الـنَّـيِّـرَةِ، وأَخْلاقِـكُـمْ العـالِـيَـة، وَطُـمـوحِـكُـم الذي لا حَـدَّ لَـهُ'. وختم المطران عودة: 'الـحَـيـاةُ لَـنْ تَـكُـونَ دَوْمًـا سَـهْـلَـةً. سَـتُـواجِهُـونَ الـصُّعـوبـاتِ والـحَـيْـرَةَ والـخَـيْـبـاتِ، لَـكِـنَّـكُـمْ لَـسْـتُـمْ وَحِـيـديـن. كُـلُّ قِـيـمَـةٍ زَرَعَــتْهـا مَـدارِسُـكُـم فـي داخِـلِـكُـمْ هِـيَ كَـنْـزٌ. كُـلُّ صَـلاةٍ رُفِـعَــتْ مِـنْ أَجْـلِـكُـمْ هِـيَ زادٌ، كُـلُّ مَـوْقِـفٍ مُـشَـرِّفٍ عِـشْـتُـمُـوهُ، وكُـلُّ كَـلِـمَـةِ حَـقٍّ قِــيـلَـتْ فـي الـصَّـفِّ هِـيَ الـنُّـورُ الَّـذِي سَـيَـهْــدِيـكُـمْ حِـيـنَ تَـشْـتَــدُّ الـعَــتْـمَـة. تَـذَكَّـرُوا دَوْمًـا أَلاَّ قِـيـمَـةَ لِـلـعِـلْـمِ مِـنْ دُونِ أَخْـلاقٍ، ولا مَعْــنًـى لِـلـنَّجـاحِ مِـنْ دُونِ إِنْـسـانِـيَّـةٍ، ولا مُـسْـتَـقْـبَـلَ لِـلـوَطَـنِ إِنْ هَـجَـرَتْـهُ قُـلـوبُ شَـبـابِهِ قَـبْـلَ أَجْـسـادِهِـم. كُـونُـوا فَـخُـورِيـنَ بِـأَنَّـكُـمْ خِـرِّيجُـو هَـذِهِ الـمَـدارِسِ الأرثـوذكـسـيّةِ الـتي تَحْـمِـلُ تـاريخـاً مُـشَـرِّفـاً وتَـتَـطَـلَّعُ إلـى مُـسْـتَـقْـبَـلٍ واعِــد. إِجْـعَـلُـوهـا هِـيَ أَيْـضًـا تَـفْـخَـرُ بِـكُـمْ. بـارَكَـكُـم الـرَّبُّ وسَـدَّدَ خُـطـاكُـم نَـحْـوَ الـخَـيْـرِ'. جمعية القديس بورفيريوس تلا ذلك توزيع الشَّهادات وجوائز التّقدير، وقد قدّمت جمعية القديس بورفيريوس، الذّراع الاجتماعيّة لمطرانيّة بيروت للرّوم الأرثوذكس، مِنَحًا نقديّةً إلى بعض المتعلّمين تقديرًا لتميّزهم خلال العام الدّراسيّ. ومن ثمَّ توالى على إلقاء كلماتِ الخرّيجين، باللُّغات الثّلاث (العربيَّة، والفرنسيَّة، والإنكليزيَّة)، كلّ من إيليو درزي من 'مدرسة زهرة الإحسان'، وزهير محمد الصفّح من 'مدرسة مار الياس بطّينا'، بإدارة مجموعة 'غلوبال إديوكايشن'، وآية برهومي من 'ثانوية السيّدة الأرثوذكسيّة'، فجاءَت كلماتهم صادقة لامست قلوب الحاضرين الّذين استقبلوها بتأثّرٍ وتصفيقٍ حارّ.