
التخطيط لمواجهة التلوث الإشعاعي
في خضم تصعيد المواجهات العسكرية بين إسرائيل وإيران ومع استمرار الغارات والضربات الجوية المتبادلة من الطرفين تتأثر الدول المحيطة من أزمات عديدة بما في ذلك المشاكل الاقتصادية، وحماية البيئة، ومصادر الطاقة، والتعامل مع النزوح السكاني. استمرار الحرب يعني تصاعد المخاوف من وقوع تسرّب إشعاعي محتمل في حال تضررت المنشآت النووية في المنطقة، وهو ما يحتم على دول الجوار، اتخاذ التدابير العاجلة والاحتياطات الوقائية كافة. يمكن للمواد المشعة أن تتسبب في تلوث الهواء أو الماء أو التربة أو تسبب الضرر للكائنات الحية عموما. هذه الكوارث يصاحبها آثار لا تقتصر على الجانب البيئي؛ بل تشمل تدمير المنشآت والبنى التحتية وهجرة رؤوس الأموال والاضطرابات الاجتماعية بما في ذلك الوفيات والإصابات والنزوح والمعاناة النفسية. لذلك، التخطيط لرسم السناريوهات وتوقع الأحداث أمر في غاية الأهمية للتخفيف من الآثار السلبية للكوارث.
إن التخطيط لمواجهة الكوارث يتم قبل وقوع الكارثة وليس بعدها؛ فلا قيمة للتخطيط بعد وقوع الكارثة، وسوف يكون ذلك مجرد تخبط وعشوائية. ويعتمد التخطيط على رصد منهجي للمخاطر المحتملة على أساس تحليل المدخلات كافة وبناء تصور مستقبلي قابل للتنفيذ باستخدام الموارد المتاحة.
مبدأ التخطيط لمواجهة الكوارث يعتمد على فهم عوامل التعرض للمخاطر وقابلية التأثر بها بما في ذلك البيئة، والاقتصاد، والمجتمع؛ ثم رسم السيناريوهات للتعامل مع هذه المخاطر وتصنيفها من 1 - 10، حيث يشير الرقم 1 إلى السيناريو الأقل خطورة، ورقم 10 إلى السيناريو الأكثر خطورة. إن ضعف القدرة على التنبؤ بالمخاطر المستقبلية يعد من العوامل المهمة التي تُسهم في قابلية التأثر بها بشكل سلبي. وتبعا لذلك، فإن تقدير التكاليف والخسائر الناتجة عن الكارثة وتداعياتها يساعد في اتخاذ قرارات أكثر دقة. ويمكن تقدير المخاطر باستخدام أدوات النمذجة أو الذكاء الاصطناعي اعتمادا على خرائط مرتبطة ببيانات كمية حول السيناريوهات المتوقعة.
تُسهّل عملية تحليل هذه البيانات وتقديم التغذية الراجعة وتحديد نقاط الضعف على تطوير استراتيجيات مستقبلية للحد من هذه الخسائر المحتملة. يعتمد تحليل ضعف المخاطر (HVA) على متغيرات ديموغرافية، ومكانية، واجتماعية، فمن خلال تحليل المخاطر، يمكننا بناء خريطة متوقعة للكوارث تشمل المناطق الأكثر ضعفا وتلك المعرضة للمخاطر الإشعاعية بناء على تحليل بيانات التعرض المادي والاجتماعي والمخاطر. وتضع هذه السيناريوهات توجها لصانعي القرار باتخاذ التدابير المناسبة والتي يمكن أن تختلف تبعا لطبيعة الآثار. تركز معظم الدول على طرق التعافي والجهود الاجتماعية وتقليل المخاطر بعد الكوارث، ويشمل ذلك توعية المجتمع بإرشادات السلامة الوقائية، وطرق التعامل مع الكارثة، وتخصيص أماكن للإجلاء الآمن.
إن خطط مواجهة مخاطر الكوارث الإشعاعية يجب أن تعتمد على نظام متكامل يشمل تعاون جميع القطاعات الحكومية والمدنية والدولية، ويستند إلى مبدأ الاستدامة للحد من آثار الكوارث البيئية، والاجتماعية والاقتصادية. بعبارة أخرى، فالتخطيط لمواجهة خطر الإشعاعات النووية والكوارث عموما هو عمل يندرج ضمن التخطيط الدولي، فالكوارث البيئية لا تعترف بالحيز الجغرافي ولا يمكن التعامل معها من خلال دولة واحدة. تتطلب إدارة الكوارث التنسيق بين الجهود المحلية والعالمية، بما في ذلك منظمات البيئة والصحة العالمية.
وختاما، فإن تنسيق الجهود بين الدول التي تقع على مسافات قريبة من خطر الكوارث أمر في غاية الأهمية، ويقتضي ذلك أهمية إنشاء مركز إقليمي للرقابة والرصد البيئي لتوحيد جهود التقييم والرقابة البيئية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صراحة نيوز
منذ 4 دقائق
- صراحة نيوز
قوات الاحتلال تقتحم مسجد الأقصى وتعتقل حراسًا
صراحة نيوز- اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، في ساعة متأخرة من ليل أمس، المصلى القديم داخل المسجد الأقصى المبارك، حيث عبثت بمحتوياته بعد كسر الخزائن وتفتيش المكان بطريقة وحشية. وأفادت محافظة القدس بأن قوات الاحتلال أعادت صباح اليوم إغلاق أبواب المسجد، وسمحت فقط بدخول موظفي الأوقاف. كما اعتقلت قوات الاحتلال أربعة من حراس المسجد الأقصى: محمد عرباش، رمزي الزعانين، باسم أبو جمعة، وإياد عودة، وأجرت تحقيقات ميدانية مع عدد آخر من الحراس وأحد رجال الإطفاء داخل الحرم. ويأتي هذا الاعتداء في إطار سلسلة متصاعدة من الانتهاكات ضد المسجد الأقصى وموظفيه، ضمن مساعٍ واضحة لفرض السيطرة على إدارة المسجد وتقليص دور الأوقاف الإسلامية في القدس. في السياق ذاته، تستمر سلطات الاحتلال لليوم التاسع على التوالي في فرض قيود مشددة على دخول المصلين، بذريعة 'حالة الطوارئ' المرتبطة بالتصعيد العسكري مع إيران، وسط تحذيرات من أن هذه الإجراءات تمس الوضع القانوني والتاريخي القائم في المسجد الأقصى المبارك.


القناة الثالثة والعشرون
منذ 4 دقائق
- القناة الثالثة والعشرون
"سي بي إس" عن مسؤول استخباري أميركي: لسنا متأكدين من كيفية رد فعل النظام الإيراني
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن


بلبريس
منذ 4 دقائق
- بلبريس
مأساة ملعب 5 جويلية: وفاة ثلاثة مناصرين لمولودية الجزائر وسقوط عشرات الجرحى
تحولت فرحة مدرجات ملعب 5 جويلية إلى مأساة دامية، بعدما أعلنت وزارة الصحة الجزائرية عن وفاة ثلاثة مناصرين لفريق مولودية الجزائر، عقب سقوطهم من المدرج العلوي للملعب، مساء السبت، خلال مباراة حضرها الآلاف من عشاق 'العميد'. ووفق بيان رسمي نشرته الوزارة على صفحتها بموقع 'فايسبوك'، فقد استقبل المستشفى الجامعي بني مسوس وحده 38 مصاباً، بينما استقبل مستشفى بن عكنون 27 مصاباً، في حين استقبل مستشفى باب الواد 16 آخرين. وبذلك، بلغ عدد الإصابات المسجلة 81 شخصاً، بالإضافة إلى تسجيل ثلاث حالات وفاة مؤكدة حتى صباح الأحد. وقد تمكّن عدد من الجرحى من مغادرة المستشفيات بعد تلقيهم الإسعافات والعلاج اللازم، حيث غادر 32 مصابًا من مستشفى بني مسوس، و24 من مستشفى بن عكنون، و14 من مستشفى باب الواد، في وقت بقي فيه آخرون تحت المراقبة الطبية. وكانت مصالح الحماية المدنية قد أعلنت، في حصيلة أولية خلال ساعات الفجر، عن وفاة مناصر واحد فقط وإصابة 50 شخصًا، قبل أن يتم تحديث الحصيلة الرسمية لترتفع إلى ثلاث وفيات. الحادثة، التي هزّت الوسط الرياضي والشعبي في الجزائر، أعادت إلى الواجهة قضية الأمن داخل الملاعب، وظروف استقبال الجماهير، لاسيما في المباريات الكبرى التي تشهد توافدًا جماهيريًا كثيفًا. وتطالب عدة أصوات الآن بفتح تحقيق عاجل وشامل للكشف عن أسباب هذا السقوط المأساوي، وضمان عدم تكراره مستقبلاً.