
التلفزيون:قصة عشق
بقلم:- عاطف أبوحجر
قصتنا مع التلفزيون قصة عشق من أول نظرة، شيء غريب كيف أن هذا الصندوق الصغير غيّر شكل بيوتنا وحياتنا. كما يعلم الجميع، بدأ التلفزيون الأردني بثه عام 1968، ومع مرور سنوات قليلة، أصبح حلمًا جميلاً لكل مواطن. لم يكن امتلاكه سهلًا، البعض اشتراه من أول يوم، والبعض الآخر لم يكن يملك ثمنه، فاكتفى بزيارات الجيران والأصدقاء. أتحدث هنا عن مدينة السلط، في ذلك الزمن الجميل، كان من يملك التلفزيون يعدّون على الأصابع. أذكر بيت عمّي صالح العيسى العربيات، هناك حيث اشترى ابن العم المرحوم عبدالحليم عربيات في عام ١٩٦٨بنفس سنة افتتاح التلفزيون،تلك اللحظة كانت كالسحر. دخلت الشاشة البيت، ودخل معها العالم كله.
أتذكر في بداية السبعينيات أول مرة شاهدنا فيها مسلسل 'فارس ونجود'، من بطولة محمود سعيد وسميرة توفيق، كم كانت الأصوات تشدّنا، وكم كان لحن الناي مؤثرًا. يا هلا برجال البادية يا هلا يا هلا… لا زلت أحفظ الأغنية، وكأنها ما زالت تُبث بالأمس. شدّاد، الراعي سطوف، كلها أسماء عاشت في خيالنا. أذكر مشهد فارس في وادي المنايا، عندما نزل بالحبل عن صخرة ارتفاعها متر ونصف، كأنها جبل شاهق. كان يشد على أسنانه، والعرق يتصبب من جبينه، وكأن حياته كلها تتدلّى على ذلك الحبل.
لا أنسى مشهد المبارزة بين فارس وشدّاد، كأنه دون كيشوت عربي، يدخل ساحة القتال بكل بطولة، رغم هشاشة الديكور، رغم بساطة الملابس، رغم بيت الشعر الذي يتحرك من نسمة المراوح. كل ذلك لم يكن يهم، كنا نصدق كل شيء، نعيش كل شيء. أغاني سميرة توفيق الحزينة والسعيدة في كل حلقة، النظارة الشمسية السوداء لأم نجود ، تخبيص اللهجات المختلفة بالمسلسل ، فصحى، بدوي، لبناني، خلطات لم نكن نفهمها، لكننا أحببناها. كنا نضحك من بعض المشاهد، ونبكي من غيرها، وكأن الشاشة كانت قطعة من القلب.
كنا ننتظر موعد الحلقة بفارغ الصبر، كانت الشوارع تخلو من الناس، منع تجول غير معلن، لا أحد في الخارج، الكل أمام التلفاز. ومن الغريب أن المسلسل أصله لبناني، إنتاج أوائل السبعينات، تأليف نزار مؤيد العظم، وإخراج إيلي سعادة، لكنه اصبح جزءًا من ذاكرتنا الأردنية،
قبل أيام، شاهدت مسلسلًا بدويًا حديثًا على إحدى القنوات، إنتاج ضخم، تصوير بجودة عالية، كل شيء محسوب. ومع ذلك، لم أشعر بشيء. فرق كبير بين ما يُنتج الآن وبين ما كنا نراه. صحيح أن الصورة أجمل، والإخراج أقوى، لكن الروح؟ لا تُقاس بالدقة، ولا بحجم الكاميرا.
يمكننا أن نضحك اليوم، نقول 'كنا هبايل'، لكن الحقيقة أننا كنّا نعيش بصدق، نحب بصدق، ننتظر بصدق، وحتى أحلامنا كانت صادقة. التلفزيون لم يكن مجرد جهاز، كان نافذتنا إلى الخيال، إلى المغامرة، إلى الحنين. وما زال في قلبي حتى الآن… مسلسل 'فارس ونجود' وكل لحظة جلسنا فيها أمام تلك الشاشة الصغيرة.ومع مرور الوقت،في عام ١٩٧٥ اشترى إبن العم ابوطارق تلفزيون ٢٠بوصة توشيبا،وفي عام ١٩٧٧ تحقق الحلم…وأصبح في بيتنا تلفزيون 'شارب' ٢٤ بوصة، أبيض وأسود، بخزانة خشبية وأنتين داخلي.
اشتراه والدي من شركة في عمّان، عن طريق جارنا وصديقه المرحوم الإعلامي هاني الفرحان، رحمه الله.
منذ تلك اللحظة تغيّر كل شيء في البيت.
اصبحنا نتابع بشغف كل ما نحب، وبكل الأوقات، وبصراحة… كنا نتابع كل ما يُبث، من لحظة انطلاق الإرسال الساعة الخامسة مساءً، وحتى الحادية عشرة ليلاً، وقت انتهاء البث اليومي.
ننتقل بين برامج الأطفال،وعالم السيرك،والعلم والحياة،والنشرات الإخبارية، والمسلسلات العربية، وأحيانًا الأفلام الأجنبية المترجمة.
كان التلفزيون نافذتنا الصغيرة إلى العالم، ورفيق لحظاتنا العائلية، حين كان لكل شيء نكهة أبسط… وأجمل.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


جو 24
منذ ساعة واحدة
- جو 24
لطيفة تحسم الجدل حول سبب وفاة شقيقها
جو 24 : نفت الفنانة التونسية لطيفة بشكل قاطع ما تردد حول وجود شبهة جنائية في وفاة شقيقها نور الدين العرفاوي، مؤكدة أن الوفاة كانت طبيعية إثر أزمة قلبية مفاجئة في منزله بتونس. وفي مداخلة هاتفية مؤثرة مع إذاعة "موزاييك" التونسية، تحدثت لطيفة عن اللحظات الأخيرة في حياة شقيقها الراحل، واصفةً إياه بأنه كان ملاك العائلة، وأن وفاته جاءت هادئة ومفاجئة، دون أن يشعر بأي ألم. وعلقت: "كان أخي ملاك العائلة، قبل وفاته بساعتين فقط، كان يضحك ويتابع الأخبار، وكان قلبه حزيناً للغاية لما يحدث في فلسطين وغزة، رحل على سريره، دون أي ألم.. أسأل الله أن يكتب لنا ميتةً كهذه". وشددت لطيفة على أن ما يتم تداوله من روايات مغلوطة حول وجود غموض أو عنف في الوفاة، غير صحيح على الإطلاق، لافتة إلى أن بعض الأشخاص تعمّدوا ترويج معلومات غير دقيقة تسيء للعائلة. وفي السياق ذاته أصدرت عائلة الفقيد بياناً رسمياً من تونس، نفت فيه صحة الشائعات المتداولة، مؤكدة أن الوفاة ناتجة عن أزمة قلبية مفاجئة، وأن الراحل لم يكن يعاني من أي أمراض أو مشكلات صحية سابقة، ما زاد من وقع الصدمة لدى العائلة والمقربين. كما أوضح البيان أن النيابة التونسية فتحت تحقيقاً روتينياً نظراً لوفاة نور الدين داخل منزله، وهو إجراء قانوني متبع في مثل هذه الحالات، مشدداً على عدم وجود أي مؤشرات على عنف أو تدخل خارجي. تصريحات لطيفة جاءت لوقف سيل الشائعات التي تناولت رحيل شقيقها، وللتأكيد بأن الأسرة تمر بحالة حزن حقيقي، مطالبةً باحترام مشاعرهم، وعدم تداول معلومات مغلوطة حول الوفاة. تابعو الأردن 24 على


جو 24
منذ 5 ساعات
- جو 24
نجلاء الودعاني تعلن طلاقها رسمياً وترد على شائعات السوشيال ميديا
جو 24 : أعلنت صانعة المحتوى السعودية نجلاء الودعاني، خبر طلاقها رسمياً من زوجها عبد الرحمن الدخيل، بعد زواج استمر نحو عامين ونصف، وأثمر عن طفلتين. وكشفت نجلاء التفاصيل عبر منشور شاركته على حسابها الرسمي في تطبيق "سناب شات"، لتنهي بذلك سلسلة من التكهنات والشائعات التي لاحقتها خلال الأشهر القليلة الماضية. وردت نجلاء الودعاني على سؤال من متابعة حول صحة الأنباء المنتشرة عن طلاقها، وحسمت الجدل قائلة: "نعم، خبر طلاقي صحيح، وقد وقع قبل مدة ليست بالقصيرة ولا الطويلة". تابعت: "لم أرغب في الحديث عنه أو إعلانه في حينه، لأنني كنت بحاجة إلى أن أعيش هذه المرحلة مع نفسي، وأن أتجاوز جزءاً منها بطريقة صحية، بعيداً عن ضوضاء وسائل التواصل الاجتماعي التي لم تقصّر في تداول الأخبار، ومع أصحاب الذمم الواسعة". وأضافت: "أود أن أؤكد أن جميع ما قيل على مواقع التواصل لا يمت للحقيقة بصلة، لأن سبب الانفصال لن يُعرف، ولم يعرفه حتى الجني الأزرق!". وأوضحت: "هذه المرحلة صعبة جداً، وما زلت بحاجة إلى وقت أطول لتجاوزها، كما أنني كنت حريصة على إبعاد عائلتي عن ضغوط الناس، الذين لا يتوقفون عن الاتصال وطرح الأسئلة والتدخل فيما لا يعنيهم، لا أرغب في أن يتحمل والديّ أو إخوتي هذا العبء، ولن أقبل مطلقاً بأي تدخل في هذا الشأن، سواء من قريب أو بعيد". وأكدت نجلاء الودعاني على استمرار العلاقة الودية والاحترام بينها وبين طليقها موضحة: "ما حدث كان نتيجة ظروف أقوى مني ومن والد ابنتي (أبو لينا)، وهو رجل كريم، وأب رائع، أنا ممتنّة للعامين والنصف اللذين جمعانا، فقد تعلّمت خلالهما الكثير، ورزقني الله منه بابنتين جميلتين، أسأل الله أن يعوضنا جميعاً بما هو خير، وستظل ذكراه طيبة". تابعو الأردن 24 على


جو 24
منذ 5 ساعات
- جو 24
التلفزيون: قصة عشق
عاطف أبو حجر جو 24 : قصتنا مع التلفزيون قصة عشق من أول نظرة، شيء غريب كيف أن هذا الصندوق الصغير غيّر شكل بيوتنا وحياتنا. كما يعلم الجميع، بدأ التلفزيون الأردني بثه عام 1968، ومع مرور سنوات قليلة، أصبح حلمًا جميلاً لكل مواطن. لم يكن امتلاكه سهلًا، البعض اشتراه من أول يوم، والبعض الآخر لم يكن يملك ثمنه، فاكتفى بزيارات الجيران والأصدقاء. أتحدث هنا عن مدينة السلط، في ذلك الزمن الجميل، كان من يملك التلفزيون يعدّون على الأصابع. أذكر بيت عمّي صالح العيسى العربيات، هناك حيث اشترى ابن العم المرحوم عبدالحليم عربيات في عام ١٩٦٨بنفس سنة افتتاح التلفزيون،تلك اللحظة كانت كالسحر. دخلت الشاشة البيت، ودخل معها العالم كله. أتذكر في بداية السبعينيات أول مرة شاهدنا فيها مسلسل "فارس ونجود"، من بطولة محمود سعيد وسميرة توفيق، كم كانت الأصوات تشدّنا، وكم كان لحن الناي مؤثرًا. يا هلا برجال البادية يا هلا يا هلا... لا زلت أحفظ الأغنية، وكأنها ما زالت تُبث بالأمس. شدّاد، الراعي سطوف، كلها أسماء عاشت في خيالنا. أذكر مشهد فارس في وادي المنايا، عندما نزل بالحبل عن صخرة ارتفاعها متر ونصف، كأنها جبل شاهق. كان يشد على أسنانه، والعرق يتصبب من جبينه، وكأن حياته كلها تتدلّى على ذلك الحبل. لا أنسى مشهد المبارزة بين فارس وشدّاد، كأنه دون كيشوت عربي، يدخل ساحة القتال بكل بطولة، رغم هشاشة الديكور، رغم بساطة الملابس، رغم بيت الشعر الذي يتحرك من نسمة المراوح. كل ذلك لم يكن يهم، كنا نصدق كل شيء، نعيش كل شيء. أغاني سميرة توفيق الحزينة والسعيدة في كل حلقة، النظارة الشمسية السوداء لأم نجود ، تخبيص اللهجات المختلفة بالمسلسل ، فصحى، بدوي، لبناني، خلطات لم نكن نفهمها، لكننا أحببناها. كنا نضحك من بعض المشاهد، ونبكي من غيرها، وكأن الشاشة كانت قطعة من القلب. كنا ننتظر موعد الحلقة بفارغ الصبر، كانت الشوارع تخلو من الناس، منع تجول غير معلن، لا أحد في الخارج، الكل أمام التلفاز. ومن الغريب أن المسلسل أصله لبناني، إنتاج أوائل السبعينات، تأليف نزار مؤيد العظم، وإخراج إيلي سعادة، لكنه اصبح جزءًا من ذاكرتنا الأردنية، قبل أيام، شاهدت مسلسلًا بدويًا حديثًا على إحدى القنوات، إنتاج ضخم، تصوير بجودة عالية، كل شيء محسوب. ومع ذلك، لم أشعر بشيء. فرق كبير بين ما يُنتج الآن وبين ما كنا نراه. صحيح أن الصورة أجمل، والإخراج أقوى، لكن الروح؟ لا تُقاس بالدقة، ولا بحجم الكاميرا. يمكننا أن نضحك اليوم، نقول "كنا هبايل"، لكن الحقيقة أننا كنّا نعيش بصدق، نحب بصدق، ننتظر بصدق، وحتى أحلامنا كانت صادقة. التلفزيون لم يكن مجرد جهاز، كان نافذتنا إلى الخيال، إلى المغامرة، إلى الحنين. وما زال في قلبي حتى الآن... مسلسل "فارس ونجود" وكل لحظة جلسنا فيها أمام تلك الشاشة الصغيرة.ومع مرور الوقت،في عام ١٩٧٥ اشترى إبن العم ابوطارق تلفزيون ٢٠بوصة توشيبا،وفي عام ١٩٧٧ تحقق الحلم…وأصبح في بيتنا تلفزيون "شارب" ٢٤ بوصة، أبيض وأسود، بخزانة خشبية وأنتين داخلي. اشتراه والدي من شركة في عمّان، عن طريق جارنا وصديقه المرحوم الإعلامي هاني الفرحان، رحمه الله. منذ تلك اللحظة تغيّر كل شيء في البيت. اصبحنا نتابع بشغف كل ما نحب، وبكل الأوقات، وبصراحة… كنا نتابع كل ما يُبث، من لحظة انطلاق الإرسال الساعة الخامسة مساءً، وحتى الحادية عشرة ليلاً، وقت انتهاء البث اليومي. ننتقل بين برامج الأطفال،وعالم السيرك،والعلم والحياة،والنشرات الإخبارية، والمسلسلات العربية، وأحيانًا الأفلام الأجنبية المترجمة. كان التلفزيون نافذتنا الصغيرة إلى العالم، ورفيق لحظاتنا العائلية، حين كان لكل شيء نكهة أبسط… وأجمل. تابعو الأردن 24 على