
هل يحمل القمر مفتاح مستقبل الطاقة على الأرض؟
لطالما جذب القمر اهتمام العلماء وعشاق الفضاء منذ مدة طويلة، إلا أن التطورات الأخيرة تشير إلى احتمال أن يكون القمر أيضاً مفتاحاً لحاجات الأرض المستقبلية من الطاقة، وفقاً لما ذكرته صحيفة "إيكوتيسيا" ECOticias، تقدّر وكالة "ناسا" أن سطح القمر يحتوي على ما بين مليون وثلاثة ملايين طن من الهيليوم-3، أحد النظائر النادرة التي يمكن أن تُحدث ثورة في الاندماج النووي. وعلى عكس الوقود النووي التقليدي، ينتج من اندماج الهيليوم-3 الحد الأدنى من النفايات المشعة، ما يوفّر بديلاً أنظف لإنتاج الطاقة.
يُعدّ الهيليوم-3 نظيراً للهيليوم الذي ترسّب على سطح القمر مدى مليارات السنين بواسطة الرياح الشمسية. وخصائصه الفريدة من نوعها تجعله خياراً مثالياً مناسباً لتفاعلات الاندماج النووي. أما على الأرض، فإن الهيليوم-3 نادر جداً، ما يجعل القمر هدفاً رئيسياً لاستخراجه. ويستكشف الباحثون في معهد تكنولوجيا الاندماج النووي التابع لجامعة ويسكونسن ماديسون طرقاً لاستخراج الهيليوم-3 من التربة القمرية، إذ ينطوي عملهم على تطوير تقنيات لتضمين أيونات الهيليوم في محاكاة للريوليث القمري ومن ثم استخلاص الهيليوم-3. فتؤدي هذه الدراسات دوراً مهماً في تحديد إمكان استخلاص الهيليوم-3 من القمر لإنتاج الطاقة في المستقبل.
التحديات في استخراج الهيليوم-3
يطرح استخراج الهيليوم-3 من القمر العديد من التحديات التقنية واللوجستية. وتتمثل العقبة الرئيسية الأولى بتطوير تكنولوجيا فعّالة لاستخراج الهيليوم-3 من التربة القمرية، وهو جزء لا يتجزأ من الغلاف الجوي بكميات ضئيلة للغاية. ويعكف الباحثون على بناء نماذج أولية لاختبار طرق الاستخراج في بيئات محاكاة للقمر، بما في ذلك الظروف التي تحاكي جاذبية القمر ودرجات الحرارة القصوى عليه. وإضافة إلى ذلك، يمثّل نقل الهيليوم-3 المستخرج إلى الأرض تحدياً كبيراً آخر، ويتطلّب قدرات متقدمة للرحلات الفضائية.
كما أن هناك عامل حاسم آخر، وهو قدرة مفاعلات الاندماج على استخدام الهيليوم-3 مصدراً للوقود بفعالية. وتتقدم مشاريع مثل المفاعل التجريبي النووي الحراري الدولي (ITER)، لكن اندماج الهيليوم-3 لا يزال نظرياً إلى حد كبير، إذ يجب أن تصل المفاعلات اللازمة لمثل هذه العمليات إلى درجات حرارة عالية للغاية وأن تحافظ على تفاعلات اندماج مستقرة، ما يشكّل عائقاً تكنولوجياً كبيراً.
الاهتمام العالمي باستخراج الهيليوم-3 من القمر
جذبت قدرات الهيليوم-3 اهتمام البلدان والكيانات الخاصة في جميع أنحاء العالم، ومنها الهند التي أعربت عن اهتمامها بالتعدين على القمر، مع وجود خطط لإطلاق مهمة هبوط بين عامي 2028 و2029 لاستكشاف موارد القمر. كما تدرس الإمارات العربية المتحدة أيضاً المواد القمرية، ما قد يفتح الباب أمام التعاون المستقبلي. بالإضافة إلى ذلك، تستكشف الشركات الخاصة الفرص التجارية في التعدين القمري، بما في ذلك استخراج المياه من القمر لاستخدامه وقوداً للصواريخ.
وفي حين أن الهيليوم-3 موجود على كواكب أخرى مثل المشتري، إلا أن القمر يعتبر الموقع الأكثر قابلية للتعدين بسبب قربه من الأرض، وعدم وجود غلاف جوي يمنع الرياح الشمسية من ترسيب الهيليوم-3 على سطحه.
على رغم الإثارة التي تحوط إمكانات الهيليوم-3، لا يزال بعض الخبراء يشكّك في جدواه مصدر اً طاقة قابلاً للتطبيق. فقد انتقد الفيزيائي النظري فرانك كلوز الفكرة، مشيراً إلى أن اندماج الهيليوم-3 هو "حلم مستحيل" بسبب التحديات الهائلة التي ينطوي عليها الأمر. فاستخراج الهيليوم-3 ونقله إلى الأرض وتطوير مفاعلات الاندماج النووي اللازمة، كلها تشكّل معوقات كبيرة.
ومع ذلك، يرى المؤيّدون أن البحث المستمر والتقدم التكنولوجي يمكن أن يتغلّبا على هذه العقبات في نهاية المطاف. ففي حال نجاح تعدين الهيليوم-3 على سطح القمر، يمكن أن يوفّر مصدراً غير محدود تقريباً للطاقة النظيفة، الأمر الذي يخفّف بشكل كبير من الاعتماد على الوقود الأحفوري ويقلل من التأثير البيئي. ويشير اهتمام كل من الحكومات وشركات الفضاء الخاصة إلى أن استخراج الموارد القمرية قد يصبح حقيقة ملموسة خلال العقود المقبلة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

المدن
منذ 16 ساعات
- المدن
سوريّة-أميركية غزَت الشمس…العالِمة شادية حبال تثير حسرة السوريين
في خطوة لاقت تفاعلاً واسعاً بين السوريين، احتفت صفحات السفارة الأميركية لدى سوريا في الشبكات الاجتماعية، بالعالمة السورية-الأميركية شادية رفاعي حبّال، المولودة في مدينة حمص العام 1945، وباتت تُعد من أبرز الأسماء العالمية في مجال فيزياء الشمس. وجاء في منشور السفارة، باللغتين العربية والإنكليزية، أن حبّال "مثال حي على كيف يمكن للسعي وراء المعرفة، واقتناص الفرص، وخدمة المجتمع، بما يشكل جوهر التميز الأميركي"، مذكراً بتاريخها الأكاديمي، إذ بدأت العالمة السورية بدأت مسيرتها في سوريا، ودرست الفيزياء والرياضيات في جامعة دمشق في ستينيات القرن الماضي (قبل حكم "البعث")، ثم تابعت دراساتها العليا في جامعة سينسيناتي بولاية أوهايو الأميركية، لتنال فيها درجتي الماجستير والدكتوراه في الفيزياء. وسلطت السفارة الضوء على أبحاث حبال الرائدة في هالة الشمس والطقس الفضائي، مشيرة إلى أنها قادت بعثات علمية بدعم من وكالة "ناسا" و"مؤسسة العلوم الوطنية الأميركية" (NSF)، وأسهمت اكتشافاتها في تعزيز الفهم العلمي للنشاط الشمسي، وساعدت في حماية التكنولوجيا الحديثة من تأثيرات العواصف الشمسية. وقالت السفارة إن "قيادتها واكتشافاتها ساهمت في تعزيز مكانة الولايات المتحدة العلمية عالمياً"، مشيدة بإسهاماتها في "تشكيل صورة التميز الأميركي القائم على الابتكار والانفتاح على العقول المهاجرة". تفاعل واسع وأثار منشور السفارة موجة تفاعل بين السوريين الذين عبّروا عن فخرهم بابنة حمص التي وصلت إلى موقع علمي متقدم عالمياً. وكتب أحد المدوّنين: "في خضم هذه الأخبار السوداء، تذكّرنا السفارة الأميركية بأن الظروف وحدها من تقهر الإنسان. شادية حبّال هي ما يمكن أن يكون عليه الإنسان السوري حين تتوافر له بيئة عادلة، آمنة ومحفزة". وانتشرت تعليقات تدعو السفارات السورية في الخارج إلى الاقتداء بهذه المبادرة، عبر تسليط الضوء على قصص النجاح السورية في المهجر، بدلًا من ترك هذه المبادرات حكراً على بعثات دول أخرى. وعلقت صفحات محلية : "كم من سوري في العالم اليوم يحقق إنجازات علمية وفنية وإنسانية، ولا نسمع عنه في الإعلام السوري الرسمي، بينما يتصدر هؤلاء نشرات وكالات الفضاء، وجوائز الأكاديميات الكبرى". وليست هذه المرة الأولى التي يُحتفى بشادية حبّال من قبل مؤسسات أميركية، إذ سبق لوزارة الخارجية الأميركية أن أشادت بإنجازاتها في نيسان/أبريل 2023، بمناسبة شهر تراث الأميركيين العرب. ونشرت آنذاك مقطعاً من مقابلة أجرتها معها شبكة "الجزيرة"، تحدثت فيه عن بداياتها، وتأثرها في سن مبكرة بقصة العالمة البولندية ماري كوري، التي قرأت عنها للمرة الأولى حين كانت في الثانية عشرة من عمرها، وشكلت لها حافزاً كبيرًا لدخول عالم العلوم. مسيرة استثنائية وقادت البروفيسورة حبّال، بين العامين 1995 و2010، عدداً من بعثات رصد الكسوف الكلي للشمس، وحققت من خلالها سلسلة من الاكتشافات العلمية المتقدمة، من بينها دراسات تفصيلية حول الرياح الشمسية والانبعاثات الكونية التي تؤثر في كوكب الأرض. ونتيجة تميزها، تقلدت حبّال جوائز مرموقة من وكالة "ناسا" و"مؤسسة الفكر العربي"، كما تشغل منذ سنوات منصب رئيسة هيئة التدريس في معهد علم الفلك بجامعة هاواي، وتُعد من الأسماء المرموقة في الأوساط الأكاديمية الغربية، حيث تُلقّب أحياناً بـ"أول امرأة عربية تغزو الشمس".


المردة
منذ 19 ساعات
- المردة
ناسا تعرض حلقة أينشتاين المكونة من ثلاث مجرات
أعلنت وكالة الفضاء الأميركية 'ناسا' أن تلسكوب هابل الفضائي تمكن مؤخرا من التقاط صور لثلاث مجرات تشكل ظاهرة تعرف باسم حلقة أينشتاين. حلقة أينشتاين هي صورة لمصدر ضوء في الفضاء مُشوّهة إلى شكل حلقي بسبب انحناء الضوء حول جسم فائق الكتلة (مثل مجرة أو عنقود مجري) بتأثير عدسة الجاذبية. وتتكون هذه الحلقة عندما يقع مصدر الضوء، وجسم العدسة، والراصد (المراقب) على خط مستقيم واحد. في الصور التي التقطها التلسكوب الفضائي هابل، تقع المجرات المشار إليها على مسافات تبلغ 19.5 مليار سنة ضوئية، و5.5 مليار سنة ضوئية، و2.7 مليار سنة ضوئية من الأرض. ووفقا للباحثين، فإن أي تركيز للمادة – بغض النظر عن نوعها، حتى لو كانت مادة مظلمة – يمكنه أن يحرف الإشعاع الكهرومغناطيسي ويغير اتجاهه، مشابها لانكسار الضوء عبر العدسات البصرية. وفي بعض الأحيان، تُمكِّن هذه الظاهرة الفلكيين من رصد أجسام بعيدة جدا، كان من المستحيل رؤيتها دون مساعدة عدسات الجاذبية.

المدن
منذ يوم واحد
- المدن
سوريّة-أميركية غزت الشمس…احتفاء بالعالِمة شادية حبال
في خطوة لاقت تفاعلاً واسعاً بين السوريين، احتفت صفحات السفارة الأميركية لدى سوريا في الشبكات الاجتماعية، بالعالمة السورية-الأميركية شادية رفاعي حبّال، المولودة في مدينة حمص العام 1945، وباتت تُعد من أبرز الأسماء العالمية في مجال فيزياء الشمس. وجاء في منشور السفارة، باللغتين العربية والإنكليزية، أن حبّال "مثال حي على كيف يمكن للسعي وراء المعرفة، واقتناص الفرص، وخدمة المجتمع، بما يشكل جوهر التميز الأميركي"، مذكراً بتاريخها الأكاديمي، إذ بدأت العالمة السورية بدأت مسيرتها في سوريا، ودرست الفيزياء والرياضيات في جامعة دمشق في ستينيات القرن الماضي (قبل حكم "البعث")، ثم تابعت دراساتها العليا في جامعة سينسيناتي بولاية أوهايو الأميركية، لتنال فيها درجتي الماجستير والدكتوراه في الفيزياء. وسلطت السفارة الضوء على أبحاث حبال الرائدة في هالة الشمس والطقس الفضائي، مشيرة إلى أنها قادت بعثات علمية بدعم من وكالة "ناسا" و"مؤسسة العلوم الوطنية الأميركية" (NSF)، وأسهمت اكتشافاتها في تعزيز الفهم العلمي للنشاط الشمسي، وساعدت في حماية التكنولوجيا الحديثة من تأثيرات العواصف الشمسية. وقالت السفارة إن "قيادتها واكتشافاتها ساهمت في تعزيز مكانة الولايات المتحدة العلمية عالمياً"، مشيدة بإسهاماتها في "تشكيل صورة التميز الأميركي القائم على الابتكار والانفتاح على العقول المهاجرة". تفاعل واسع وأثار منشور السفارة موجة تفاعل بين السوريين الذين عبّروا عن فخرهم بابنة حمص التي وصلت إلى موقع علمي متقدم عالمياً. وكتب أحد المدوّنين: "في خضم هذه الأخبار السوداء، تذكّرنا السفارة الأميركية بأن الظروف وحدها من تقهر الإنسان. شادية حبّال هي ما يمكن أن يكون عليه الإنسان السوري حين تتوافر له بيئة عادلة، آمنة ومحفزة". وانتشرت تعليقات تدعو السفارات السورية في الخارج إلى الاقتداء بهذه المبادرة، عبر تسليط الضوء على قصص النجاح السورية في المهجر، بدلًا من ترك هذه المبادرات حكراً على بعثات دول أخرى. وعلقت صفحات محلية : "كم من سوري في العالم اليوم يحقق إنجازات علمية وفنية وإنسانية، ولا نسمع عنه في الإعلام السوري الرسمي، بينما يتصدر هؤلاء نشرات وكالات الفضاء، وجوائز الأكاديميات الكبرى". وليست هذه المرة الأولى التي يُحتفى بشادية حبّال من قبل مؤسسات أميركية، إذ سبق لوزارة الخارجية الأميركية أن أشادت بإنجازاتها في نيسان/أبريل 2023، بمناسبة شهر تراث الأميركيين العرب. ونشرت آنذاك مقطعاً من مقابلة أجرتها معها شبكة "الجزيرة"، تحدثت فيه عن بداياتها، وتأثرها في سن مبكرة بقصة العالمة البولندية ماري كوري، التي قرأت عنها للمرة الأولى حين كانت في الثانية عشرة من عمرها، وشكلت لها حافزاً كبيرًا لدخول عالم العلوم. مسيرة استثنائية وقادت البروفيسورة حبّال، بين العامين 1995 و2010، عدداً من بعثات رصد الكسوف الكلي للشمس، وحققت من خلالها سلسلة من الاكتشافات العلمية المتقدمة، من بينها دراسات تفصيلية حول الرياح الشمسية والانبعاثات الكونية التي تؤثر في كوكب الأرض. ونتيجة تميزها، تقلدت حبّال جوائز مرموقة من وكالة "ناسا" و"مؤسسة الفكر العربي"، كما تشغل منذ سنوات منصب رئيسة هيئة التدريس في معهد علم الفلك بجامعة هاواي، وتُعد من الأسماء المرموقة في الأوساط الأكاديمية الغربية، حيث تُلقّب أحياناً بـ"أول امرأة عربية تغزو الشمس".