logo
اكتشاف كنز معدني تحت أرض المغرب بالجنوب وبقيمة 60 مليار دولار يغيّر قواعد اللعبة في إفريقيا

اكتشاف كنز معدني تحت أرض المغرب بالجنوب وبقيمة 60 مليار دولار يغيّر قواعد اللعبة في إفريقيا

عبّر٠١-٠٥-٢٠٢٥

في تحول جيولوجي قد يعيد رسم خريطة الثروات المعدنية بشمال إفريقيا، أعلنت شركة Catalyst Metals Inc الكندية عن اكتشاف استثنائي لمعادن استراتيجية في منطقة سيروا التابعة لإقليم ورزازات جنوب المغرب، وذلك ضمن مشروعها الطموح المعروف باسم 'أماسّين' ووصف الاكتشاف بمثابة 'كنز معدني'.
كنز معدني تحت الأرض: كروم ونيكل وكوبالت بقيمة تتجاوز 60 مليار دولار
وفق بيان رسمي صادر عن الشركة، أظهرت نتائج الحفر السطحي وجود تركيزات غير مسبوقة من معدن الكروم وصلت إلى حدود 270 ألف جزء في المليون (ppm)، بينما بلغ المتوسط العام نحو 10 آلاف ppm، وهو ما يعتبر رقماً مذهلاً في المعايير الجيولوجية.
كما تم رصد وجود تركيزات معتبرة من النيكل بمتوسط 1481 ppm، والكوبالت بمعدل 102 ppm، وهما عنصران أساسيان في صناعة بطاريات السيارات الكهربائية والتقنيات الخضراء والدفاعية.
رئيس الشركة: 'أماسّين' قد يصبح لاعباً عالمياً في سوق المعادن الحيوية
وصف تايلر بوربي، الرئيس التنفيذي لـ Catalyst Metals، الاكتشاف بأنه 'اختراق نوعي' وكنز معدني، يمنح مشروع 'أماسّين' موقعاً تنافسياً عالمياً، خاصة في ظل السباق الدولي على المعادن النادرة التي تقود التحول نحو الاقتصاد الأخضر.
وأضاف أن المرحلة المقبلة ستشهد تنفيذ برنامج استكشافي متقدم يشمل حفر 20 بئرًا جديدة بعمق إجمالي يبلغ 4000 متر، استعدادًا لإعداد تقرير تقني بمعايير NI 43-101، المعتمدة دوليًا في قطاع التعدين.
المغرب يدخل نادي الكبار في سوق المعادن المستقبلية
تشير المعطيات الجيولوجية إلى أن الموقع يحتوي على كنز معدني بنحو 609 ملايين طن من الصخور الغنية بالمعادن الحيوية، ما يعزز إمكانية إنشاء مشروع تعدين متكامل قد يُسهم في تحفيز التنمية المحلية وخلق فرص شغل مباشرة وغير مباشرة في المنطقة.
ويأتي هذا الاكتشاف في سياق دولي يتّسم بارتفاع حاد في الطلب العالمي على الكروم والنيكل والكوبالت، إذ توقّعت تقارير البنك الدولي والمفوضية الأوروبية أن يتضاعف الطلب على هذه المعادن بحلول 2040، بفعل نمو سوق السيارات الكهربائية والطاقة النظيفة.
المغرب: من الفوسفات إلى المعادن النادرة
يعزز هذا الكشف المعدني مكانة المغرب كفاعل صاعد في سوق المعادن الاستراتيجية، خاصة وأن المملكة تمتلك بالفعل أكبر احتياطي للفوسفات في العالم، إلى جانب موقعها الجغرافي المتميز القريب من أوروبا.
كما يسهم الاكتشاف في تقوية سلاسل الإمداد العالمية، ويجعل من المغرب بديلاً واعدًا أمام الدول الأوروبية الساعية لفك ارتباطها التدريجي مع الصين في مجال توريد المعادن الحيوية.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

'ملف العمران وتنظيم المعارض بالخارج: قراءة في تحديات احترام قواعد التنافسية والشفافية في الصفقات العمومية'
'ملف العمران وتنظيم المعارض بالخارج: قراءة في تحديات احترام قواعد التنافسية والشفافية في الصفقات العمومية'

المغرب الآن

timeمنذ يوم واحد

  • المغرب الآن

'ملف العمران وتنظيم المعارض بالخارج: قراءة في تحديات احترام قواعد التنافسية والشفافية في الصفقات العمومية'

'منصة واحدة لثلاث ملفات: هل تخالف مجموعة العمران فلسفة التفريق بين المالي والتقني والإداري في الصفقات العمومية؟' تساؤلات حول الشفافية وتكافؤ الفرص في تدبير الصفقات المرتبطة بمغاربة العالم** في خضم النقاش المتزايد حول الشفافية والحكامة الجيدة في تدبير المال العام، تثار اليوم تساؤلات جدية حول مدى احترام مجموعة العمران ، باعتبارها مؤسسة شبه عمومية، لمقتضيات قانون الصفقات العمومية ، خاصة في ظل معلومات تشير إلى إدماج الملفات الإدارية والتقنية والمالية في جملة واحدة داخل إعلان صفقة تهم تنظيم معارض العمران بالخارج لفائدة مغاربة العالم (MDM). خلفيات الصفقة: ما الذي يحدث فعلاً؟ تشير المعلومات التي حصلنا عليها إلى أن لجنة مختصة تشتغل حالياً على دراسة ملف صفقة تنظيم المعارض بالخارج . المفترض، بحسب القانون، أن تتم معالجة كل ملف (الإداري، التقني، المالي) بشكل منفصل ، وفقاً لمبادئ الشفافية وتكافؤ الفرص المنصوص عليها في المرسوم المتعلق بالصفقات العمومية. غير أن صيغة الإعلان – حسب ما ورد – دمجت الملفات الثلاثة في جملة واحدة دون تمييز أو فصل، وهو ما قد يُفهم، حسب مراقبين، على أنه محاولة لتوجيه الصفقة إلى جهة محددة أو 'محظوظ معروف'، بما يتنافى مع روح التنافسية والنزاهة التي يفترض أن تسود مثل هذه العمليات. هل نحن أمام إخلال بالقانون؟ من حيث الشكل، فإن القانون المنظم للصفقات العمومية (مرسوم 20 مارس 2013) يفرض فصل الملفات الثلاثة بشكل واضح، ويمنع أي خلط قد يخل بمبدأ الحياد أو يفتح الباب أمام التأويلات التي تمس بمصداقية اللجنة المكلفة بالانتقاء. كما أن التوجيهات الحكومية الأخيرة، خاصة من وزارة الاقتصاد والمالية، شددت على تعزيز الرقابة البعدية والآنية للصفقات، وضمان الولوج العادل إليها عبر بوابة ' ما يجعل أي إخلال بهذه القواعد قضية تتجاوز الإدارة إلى الرأي العام. السياق الأوسع: لماذا صفقة مغاربة العالم مهمة استراتيجياً؟ الصفقة المرتبطة بـ تنظيم معارض العمران بالخارج لفائدة مغاربة العالم ليست مجرد نشاط تجاري أو ترويجي. بل ترتبط مباشرة بسياسة الدولة في تقوية روابط الجالية المغربية المقيمة بالخارج مع بلدها الأم ، ودعم الاستثمار العقاري وتحفيز تحويلات العملة الصعبة، التي تُعد اليوم أحد أهم موارد الاقتصاد الوطني، كما تؤكده تقارير البنك الدولي و مكتب الصرف . من هنا، فإن أي شبهات في تدبير هذه الصفقات قد تضر بصورة المغرب في عيون مواطنيه المقيمين بالخارج، وتؤثر سلباً على ثقتهم في المؤسسات، في وقت يتجه فيه المغرب إلى ترسيخ موقعه كقطب استثماري واستقرار في شمال أفريقيا. أسئلة جوهرية مفتوحة للنقاش: لماذا لم يتم احترام الشكل القانوني للفصل بين الملفات؟ هل توجد نية مبيتة لتوجيه الصفقة نحو جهة معينة؟ أين دور المفتشية العامة للمالية والهيئات الرقابية في مثل هذه الحالات؟ هل ستتحرك مؤسسات الحوكمة مثل الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة في هذا الملف؟ خلاصة: الشفافية ليست ترفاً إذا كان المغرب يتبنى خياراً استراتيجياً يقوم على دولة القانون وربط المسؤولية بالمحاسبة، فإن كل إخلال بقانون الصفقات العمومية يجب أن يُعتبر مساً مباشراً بثقة المواطن والمؤسسات . ملف العمران ليس معزولاً، بل يمثل اختباراً جديداً لقدرة الدولة على حماية المال العام، وتعزيز الثقة في مؤسساتها، خاصة لدى الجالية المغربية التي تراهن الدولة على تعبئتها في مشاريع التنمية.

العقار تحت المجهر: هل يتحوّل ضواحي الدار البيضاء إلى 'مغسلة أموال' جديدة؟
العقار تحت المجهر: هل يتحوّل ضواحي الدار البيضاء إلى 'مغسلة أموال' جديدة؟

المغرب الآن

timeمنذ يوم واحد

  • المغرب الآن

العقار تحت المجهر: هل يتحوّل ضواحي الدار البيضاء إلى 'مغسلة أموال' جديدة؟

شبكات تبييض، تورط منتخبين، ومضاربات صامتة تطرح أسئلة عن مستقبل النزاهة الترابية والمالية في المغرب في خضم التحولات الاقتصادية التي يشهدها المغرب، يعود العقار إلى واجهة الجدل، ليس كرافعة للاستثمار أو أداة للعدالة المجالية، بل كأداة محتملة لغسل الأموال وإعادة توزيع النفوذ في الهوامش المتحضّرة. ما كشفته مصادر مطلعة لـ المغرب الآن بشأن موجة الشراء النقدي المكثف لبقع أرضية في تجزئات عقارية جديدة بضواحي الدار البيضاء، خصوصًا في إقليمي برشيد و النواصر ، يطرح أسئلة حرجة تتجاوز المعطى المالي إلى الأبعاد السياسية والاجتماعية والدبلوماسية في زمن 'الحوكمة والمحاسبة'. من يشتري؟ ولماذا الآن؟ الظاهرة المسجلة – وفق مصادر وثيقة الاطلاع – تتعلّق بأفراد، بينهم مغاربة مقيمون في الخارج، ومنتخبون حاليون وسابقون، ومنعشون عقاريون، أقدموا على شراء عشرات البقع الأرضية بمبالغ نقدية تتجاوز في بعض الحالات مليون درهم للبقعة الواحدة ، دون أي تمويل بنكي. السؤال البديهي هنا: من يملك كل هذا 'الكاش'؟ ولماذا يُفضّل البعض اللجوء إلى الدفع النقدي رغم توفر البنوك وآليات التمويل العقاري؟ المعطى الأشد خطورة أن هؤلاء المشترين لا تربطهم بالمنطقة علاقة سكن أو نشاط اقتصادي، وغالبًا ما يُمثلون مدنًا أخرى، خصوصًا من شمال المملكة. فهل نحن أمام استثمار شرعي؟ أم أمام محاولة للتمويه والتموقع العقاري استعدادًا لتحولات قادمة؟ أم أن الأمر يُخفي ديناميكيات جديدة لتهريب الأموال في الاتجاه المعاكس: من الخارج إلى الداخل ؟ هل تحوّلت 'التسوية الجبائية' إلى مظلة لتبييض الأموال؟ تتقاطع هذه المعطيات مع سياق حساس: إطلاق الدولة المغربية، مؤخرًا، عملية تسوية طوعية للجبايات لفائدة الأشخاص الذاتيين. وهي خطوة محمودة في إطار تشجيع الامتثال الضريبي، لكنها تطرح مخاطر الاستغلال غير المشروع. هل استغلّت بعض الشبكات هذه الفرصة لتمرير مبالغ ضخمة تحت غطاء التسوية؟ تقارير دولية، منها تقارير البنك الدولي ومراكز أبحاث اقتصادية، تشير إلى أن المغرب يفقد سنويًا مليارات الدراهم بسبب تهريب الأموال وعدم الامتثال الضريبي. فهل يُعيد العقار تدوير هذه الأموال؟ وهل تكفي أجهزة الدولة المالية، مثل الهيئة الوطنية للمعلومات المالية والمديرية العامة للضرائب، لمواجهة هذا التحدي البنيوي؟ منتخبون وموثقون ومنعشون في قفص الشبهة التحقيقات الجارية – بحسب ذات المصادر – لا تستثني موثقين ولا مجزئين عقاريين ، بل تشمل حتى منتخبين حاليين وسابقين ، و'شركات عائلية' تستفيد من عقود بناء وتسويق، بعد حصولها على بقع استراتيجية في ظروف غامضة. هنا يُطرح سؤال أكثر عمقًا: ألم يحن الوقت لمساءلة العلاقة المشبوهة بين السياسة والعقار في المغرب؟ ولماذا لا يتم إخضاع كبار المنتخبين لفحص الإثراء غير المشروع ومراقبة الذمة العقارية كما يحدث في الدول الديمقراطية الصاعدة؟ تقارير أقسام 'الشؤون العامة' بالعمالات كانت صريحة في الإشارة إلى أن بعض رؤساء الجماعات يتصرفون في المجال العقاري وكأنه ملكية خاصة ، مما يؤدي إلى احتكار أراضٍ وإعادة بيعها عبر شبكات الوساطة العائلية والسياسية. البعد الإقليمي والدولي: استثمار مغاربة العالم… أم اختراق مالي؟ من اللافت في هذه العمليات حضور مكثف لـ مغاربة مقيمين بالخارج . وهو ما يفتح نقاشًا مزدوجًا: هل نحن بصدد استثمار وطني مشروع يجب تشجيعه وتحصينه؟ أم أن هناك أطرافًا دولية – حتى وإن كانت عبر مواطنين مزدوجي الجنسية – تسعى إلى إعادة تدوير أموال مشبوهة في السوق المغربية، مستغلة ضعف المراقبة أو ليونة الإطار التشريعي؟ الأمر لا يخلو من بُعد دبلوماسي أيضًا: فالمغرب، وهو يفاوض على تعزيز شراكاته مع أوروبا والخليج وأفريقيا، مطالب بضمان شفافية نظامه المالي والعقاري. و أيّ تهاون في ملف حساس كهذا قد يعصف بثقة الشركاء الدوليين والمؤسسات المالية الكبرى. بين الحوكمة والمحاسبة: هل تكفي الإجراءات الحالية؟ مما لا شك فيه أن رصد الظاهرة هو خطوة أولى مهمة، لكن الأهم هو المضي في المساءلة وربط المسؤولية بالمحاسبة. هل ننتظر حتى تترسخ شبكات تبييض الأموال كواقع جديد؟ أم نبادر بمنظور استباقي لردع المتورطين؟ وماذا عن دور القضاء؟ وهل يملك صلاحيات حقيقية لتفكيك هذه البنيات المتشابكة؟ أم أن 'جدار الحصانة الانتخابية والمالية' سيظل عائقًا أمام أي تغيير حقيقي؟ نحو استراتيجية وطنية لمحاربة تبييض الأموال في العقار؟ قد يكون الوقت مناسبًا لإطلاق إستراتيجية وطنية مندمجة لمحاربة تبييض الأموال في القطاع العقاري، بتعاون بين وزارة الداخلية، وزارة العدل، بنك المغرب، الهيئة الوطنية للمعلومات المالية، والمجتمع المدني. ويمكن دعم هذه المبادرة بإطار قانوني أكثر صرامة، مستوحى من توصيات مجموعة العمل المالي (GAFI) ، خصوصًا أن المغرب يخوض معركة حساسة للخروج من 'المنطقة الرمادية' للتصنيفات المالية الدولية. 'تجدر الإشارة إلى أن الهيئة الوطنية للمعلومات المالية والمديرية العامة للضرائب قد باشرتا تحقيقات معمقة في هذه العمليات، وذلك في إطار صلاحياتهما القانونية. وفي انتظار نتائج هذه التحقيقات، تبقى المعلومات المتاحة أولية وقيد التحقق، ولا يمكن اعتبارها دليلاً قاطعًا على وجود مخالفات قانونية أو مالية.' خلاصة واستشراف: ما العمل؟ ما يحدث في ضواحي الدار البيضاء ليس مجرد معاملات عقارية، بل مؤشر على تحولات في عمق بنية السلطة الاقتصادية والاجتماعية. والمطلوب ليس فقط تتبع الصفقات، بل تفكيك البنيات التي تُنتج الريع، وربط ذلك بإصلاحات كبرى تمس النموذج التنموي الجديد ، و الحكامة الترابية ، و العدالة الجبائية . إن هذه القضية، بما تنطوي عليه من مخاطر وفرص، تشكّل جرس إنذار . فهل يستمع إليه صناع القرار قبل أن تتحوّل بعض المناطق إلى 'جزر مالية معزولة' داخل التراب الوطني؟ وهل يتحقق التوازن بين تشجيع الاستثمار، ومكافحة التلاعب والفساد، وإرساء الثقة في الدولة والمؤسسات؟ الأسئلة مفتوحة… والإجابات مرهونة بإرادة سياسية جريئة، ومجتمع مدني يقظ، وصحافة تحليلية مسؤولة.

هجرة الأدمغة في المغرب: قلق متزايد بشأن مستقبل الوطن
هجرة الأدمغة في المغرب: قلق متزايد بشأن مستقبل الوطن

بلبريس

timeمنذ 4 أيام

  • بلبريس

هجرة الأدمغة في المغرب: قلق متزايد بشأن مستقبل الوطن

يواجه المغرب، البلد الواقع على مفترق الطرق بين أفريقيا وأوروبا، تحديًا كبيرًا يتمثل في ظاهرة هجرة الأدمغة. وتشير هجرة الأدمغة إلى هجرة الكفاءات المتعلمة والمؤهلة من وطنها بحثًا عن فرص أفضل في الخارج. ويشكل هذا التوجه، الذي تسارعت وتيرته في السنوات الأخيرة، تهديدًا مقلقا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في المغرب. وتؤثر هجرة الكفاءات الأكثر موهبة في البلاد على قطاعات حيوية مثل الصحة، والتعليم، والتكنولوجيا والابتكار. ولا يقتصر فقدان رأس المال الفكري على إضعاف الكفاءات الوطنية فحسب، بل يعيق أيضًا التقدم في المجالات الرئيسية اللازمة لدفع البلاد نحو مستقبل أكثر ازدهارًا. يعرف المغرب أعلى معدلات الهجرة في العالم النامي. ووفقًا للبنك الدولي، يعيش حوالي 2.5 مليون مغربي في الخارج، وهو ما يُشكل نسبة كبيرة من سكان البلاد. وقد لوحظ هذا التوجه بشكل خاص في العقود القليلة الماضية، حيث يسعى الأفراد المتعلمون تعليماً عالياً، وخاصةً في مجالات الطب والهندسة وتكنولوجيا المعلومات، إلى فرص عمل أفضل في أوروبا وأمريكا الشمالية والشرق الأوسط. وكشفت دراسة أجرتها الأمم المتحدة عام 2020 أن المغرب يُصنف من بين أكبر 10 دول في العالم من حيث معدلات الهجرة. ورغم أن هذه الظاهرة ليست فريدة من نوعها في المغرب، إلا أن حجم الهجرة، وخاصة بين المتعلمين تعليماً عالياً، قد دق ناقوس الخطر بشأن قدرة البلاد على الاحتفاظ بكفاءاتها. وقد كشف أحد التقارير المنجز من طرف Global Economy والمتخصّص في دراسة الآفاق الاقتصادية للبلدان، أنّ المغرب هو ثاني أكثر الدول العربية معاناةً من هجرة العقول بمؤشر يصل إلى 7.4. وحسب أرقام أخرى، يغادر البلاد سنويا نحو 3700 كفاءة متخصصة، من بينهم نحو 700 طبيب وما بين 2000 إلى 3000 مهندس، للعمل في الخارج. أما اقتصاديا، تؤدي هجرة الكفاءات الماهرة إلى خسارة كبيرة في الاستثمار في التعليم. على سبيل المثال، إذا هاجر 700 طبيب سنويًا، فإن البلاد تخسر حوالي 63 مليون دولار من الاستثمار التعليمي سنويًا. وفي نفس السياق ، يقدر البنك الدولي أن المغرب قد يخسر ما يصل إلى 1.5 مليار دولار سنويا من عائدات الضرائب بسبب هذه الهجرة (البنك الدولي، 2022). علاوة على ذلك، ووفقا لتقرير صادر عن الاتحاد العام لمقاولات المغرب (CGEM)، إن غياب المهندسين قد يكلف 8 مليارات دولار أمريكي من فقدان الإنتاجية بحلول عام 2025 (. ويؤدي هذا الوضع إلى الركود الاقتصادي، حيث إن نقص المتخصصين المؤهلين يعوق الابتكار والتطور التكنولوجي. ومن أهم دوافع هذا التدفق هو البحث عن فرص اقتصادية أفضل. فعلى الرغم من التقدم المحرز في بعض القطاعات، لا يزال العديد من الشباب المغاربة يواجهون محدودية فرص العمل، وانخفاض الأجور، وضعف التقدم الوظيفي. ونتيجة لذلك، يختار الكثيرون مغادرة المغرب بحثاً عن ظروف معيشية أفضل، ورواتب أعلى، ورضا وظيفي أفضل في الخارج. وقد كشف تقرير الموجة الثامنة للهجرة الصادر عن الباروميتر العربي لسنة 2024 أن 55% من الشباب المغاربة الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عامًا يُعربون عن رغبتهم في الهجرة. التأثير على قطاع الصحة: يُعتبر قطاع الصحة من أبرز آثار هجرة الأدمغة. فقد عانى المغرب منذ فترة طويلة من نقص في الكفاءات الطبية، وهو ما تفاقم بسبب هجرة المختصين في مجال الرعاية الصحية بحثاً عن فرص أفضل في الخارج. وفقًا لمنظمة الصحة العالمية (WHO)، تعاني البلاد من نقص حاد في الاطر الصحية، وخاصة الأطباء والممرضون. اعتبارًا من عام 2011، لم يكن هناك سوى 8 ممرض لكل 10000 شخص في المغرب، وهو تناقض صارخ مع النسبة التي أوصت بها منظمة الصحة العالمية وهي 25 ممرض لكل 10000 شخص. هذا النقص هو نتيجة مباشرة لهجرة الكفاءات الصحية إلى دول مثل فرنسا وكندا والولايات المتحدة، حيث تُعرض عليهم رواتب أكثر تنافسية وظروف عمل أفضل وأمان وظيفي أفضل. بالإضافة إلى هجرة الممرضين والأطباء، يواجه المغرب أيضًا تحديات في الاحتفاظ بالباحثين والمتخصصين في مجال الطب. غالبًا ما يجد هؤلاء المهنيون فرصًا أكثر جاذبية لتمويل الأبحاث والتطوير المهني في الخارج، مما يزيد من استنزاف قدرة البلاد على معالجة قضايا الرعاية الصحية الملحة. ونتيجة لذلك، تُترك البلاد مع فجوة في كل من كمية وجودة خدمات الرعاية الصحية، مما يؤثر بشكل غير متناسب على المناطق القروية والهشة بل وصلت الآثار السلبية إلى المدن والحواضر الكبرى. وقد كشفت التقارير وتصريحات مسؤولين حكوميين أن المملكة تخسر سنويا ما بين 500 إلى 700 طبيب، أي ما قد يمثل نحو 30 بالمئة من إجمالي الأطباء الذين يتخرجون سنويا، بسبب ظاهرة الهجرة. تحديات القطاع التعليمي يعاني قطاع التعليم في المغرب أيضًا من آثار هجرة الأدمغة. غالبًا ما يلتحق الأفراد ذوو التعليم العالي، لا سيما في مجالات كالهندسة والعلوم والتكنولوجيا، بدراسات عليا في الخارج، ويجدون صعوبة في العودة إلى المغرب نظرًا لمحدودية فرص العمل. ويُقوّض هذا النزوح الجماعي للمواهب قدرة البلاد على تنشئة قوة عاملة ماهرة قادرة على دفع عجلة الابتكار والتقدم التكنولوجي. ووفقًا لتقرير صادر عن وزارة التعليم المغربية، فإن ما يقرب من 80 ألف طالب مغربي مسجلون حاليًا في جامعات بالخارج، ويختار الكثيرون منهم عدم العودة بعد إكمال دراستهم. لا يقتصر هذا التوجه على الطلبة فحسب؛ بل يسعى الأكاديميون وأساتذة الجامعات ذوو الخبرة بشكل متزايد إلى وظائف في مؤسسات أجنبية تُقدم لهم مرافق بحثية أفضل، وتمويلًا أكثر سخاءً، وحرية أكاديمية أكبر. ونتيجة لذلك، تُركت جامعات المغرب تكافح من أجل المنافسة على الساحة العالمية، وتعرض الإنتاج الأكاديمي للعرقلة. إن فقدان أعضاء هيئة التدريس والباحثين من الطراز الأول يعني أن المغرب يواجه صعوبات في تطوير مبادرات بحثية متقدمة والحفاظ على القدرة التنافسية في اقتصاد معرفي متزايد العولمة. لهجرة الكفاءات آثار اقتصادية بالغة الخطورة. حيث يستثمر المغرب بكثافة في نظامه التعليمي، بهدف تخريج كفاءات قادرة على المساهمة في النمو الاقتصادي للبلاد. ومع ذلك، عندما يهاجر هؤلاء الأفراد، تفقد البلاد عائد هذا الاستثمار. فالأطر العليا، كالأطباء والمهندسين والعلماء، أساسيون لدفع عجلة الابتكار، وتحسين الإنتاجية، والمساهمة في تطوير الصناعات الرئيسية. وبدون هؤلاء المهنيين، يُخاطر المغرب بالتخلف في قطاعات حيوية لتقدمه الاقتصادي. علاوة على ذلك، في حين تُشكل تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج مصدر دخل مهم، إلا أنها لا تُغني عن الكفاءات المفقودة بسبب الهجرة. ففي عام 2020، تجاوزت تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج 7 مليارات دولار، مُشكّلةً جزءًا كبيرًا من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد. ومع ذلك، فإن هذا التدفق من الموارد المالية لا يُمكنه تعويض الإمكانات الضائعة في مجال رأس المال البشري. إن التنمية الاقتصادية التي كان من الممكن تحقيقها بفضل مساهمات هؤلاء المهنيين تُمثل تكلفة فرصة ضائعة لا يستطيع المغرب تحملها، لا سيما في ظل سعيه الحثيث لترسيخ مكانته كقائد في الأسواق الإقليمية والعالمية. مواجهة تحدي هجرة الأدمغة للتخفيف من آثار هجرة الأدمغة، يجب على المغرب اعتماد سياسات تُهيئ بيئةً مُواتيةً للاحتفاظ بالكفاءات ذات المهارات العالية. ويشمل ذلك تحسين ظروف العمل وتقديم أجور تنافسية، لا سيما في قطاعات مثل الصحة والتعليم والتكنولوجيا. ويمكن للمغرب أيضًا أن يتطلع إلى دول أخرى نجحت في الحد من هجرة الأدمغة، مثل الهند والفلبين، والتي وضعت برامج لتشجيع عودة المهاجرين من خلال تقديم حوافز مالية وفرص مهنية. بالإضافة إلى تحسين الظروف الاقتصادية، ينبغي للمغرب الاستثمار في البحث والتطوير لتعزيز الابتكار وخلق فرص لكفاءاته العالية التكوين للمساهمة في نمو البلاد. ومن خلال إقامة شراكات قوية بين الحكومة والقطاع الخاص والمؤسسات الأكاديمية، يمكن للمغرب إنشاء منظومة تدعم ريادة الأعمال والابتكار. علاوة على ذلك، فإن تعزيز ثقافة التميز في التعليم والبحث سيساعد في جذب المهاجرين والمهنيين الأجانب إلى المغرب. ومن الحلول المحتملة الأخرى تعزيز التعاون الدولي في مجال البحث والتطوير، حيث يمكن للمغرب إقامة شراكات مع الجامعات ومراكز الأبحاث والمنظمات الدولية لخلق فرص للمهنيين المغاربة للمشاركة في أبحاث متطورة مع الحفاظ على ارتباطهم بوطنهم. هذا النهج قادر على إرساء نموذج "انتقال الأدمغة"، حيث يتعاون الأفراد الموهوبون دوليًا دون مغادرة المغرب نهائيًا. تُعدّ هجرة الأدمغة إشكالية مقلقة جدا ومتنامية في المغرب، تُهدد النمو الاقتصادي والابتكار والتقدم الاجتماعي للبلاد. وبينما قد تبدو هجرة الكفاءات استجابة طبيعية للفرص العالمية، إلا أن عواقبها وخيمة على المغرب. ويتطلب التصدي للتحديات التي تُشكلها هجرة الأدمغة نهجًا متعدد الجوانب يشمل تحسين الفرص الاقتصادية، وخلق مسارات مهنية جذابة للأفراد المتعلمين تعليمًا عاليًا، وتعزيز ثقافة الابتكار وريادة الأعمال. باتخاذ إجراءات حاسمة، يمكن للمغرب الحد من هجرة المواهب والاحتفاظ بأذكى عقوله للمساهمة في نجاح البلاد مستقبلًا.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store