
سميحة أيوب
«إيزيس المسرح المصرى»، هكذا كنت أُطلِق على سميحة أيوب. كنت أرى فيها الكثير من روح المعبودة المصرية القديمة «إيزيس»، كانت إيزيس هى «الست» بكل معانى الكلمة فى العامية المصرية، وكذلك سميحة أيوب: الجمال والبهاء، «الست» القادرة على الوصول إلى أهدافها، وكذلك «الست» رمز الأنوثة المتحقِقة.
رأيت سميحة أيوب لأول مرة- وجهًا لوجه- وأنا طالب فى الجامعة، كان لى زميل يعمل والده فى إدارة المسرح القومى، وقدم لنا دعوة لحضور مسرحية. فى تلك الليلة رأيت سميحة أيوب؛ إذ كانت تشغل فى ذلك الوقت منصب مدير المسرح القومى. دخلت سميحة إلى الساحة الخارجية للمسرح، وهرع الجميع لاستقبالها. شد انتباهى بقوة قامتها الشامخة، وخطواتها الواثقة، وجمالها المهيب، وعينيها اللتين تخترقان القلوب والعقول معًا. رأيت احترام الجميع لها، ورأيتها تصدر التعليمات، ويسرع الجميع لتنفيذها. وبفضول المؤرخ- وكنت لا أزال طالبًا- وجدتنى أسأل والد صديقى عن هذه الحالة التى أراها؛ كيف تستطيع سميحة أيوب إدارة كل هؤلاء البشر، والمسرح القومى بكل تعقيداته؟ أجابنى الرجل مبتسمًا: إنها الجنرال! نحن نُطلِق عليها هنا «الجنرال».
المرة الثانية التى أرى فيها سميحة أيوب- وجهًا لوجه- كانت أثناء عملى فى المجلس الأعلى للثقافة، كانت سميحة قد تخطت الثمانين، ولكنى أشهد أنها استمرت فى الحفاظ على جمالها المهيب. لم تكن تحضر اجتماع لجنة، أو احتفالية ما، إلا وهى فى كامل أناقتها، وكانت تُجيد اختيار المكياج المناسب لها. واكتشفت جانبًا آخر فى شخصيتها، على عكس وجه الجنرال السابق الإشارة إليه، اكتشفت تمتعها بروح السخرية والدعابة، وحب الحياة، ولم يغب الطابع الأنثوى عن عينيها وابتسامتها الشهيرة.
وأتذكر لها موقفًا لا أستطيع نسيانه؛ كانت سميحة أيوب عضوًا فى لجنة المسرح بالمجلس الأعلى للثقافة، وكان هناك خلاف حاد بين أعضاء اللجنة حول الموقف من مهرجان المسرح التجريبى: نصف أعضاء اللجنة وهم كبار المسرحيين، سنًا وخبرة، ضد إقامة مهرجان المسرح التجريبى، بل ووصفه بعضهم بأنه «مسرح الشواذ»! والنصف الآخر من أعضاء اللجنة، وهم من شباب المسرحيين، من أنصار المسرح التجريبى، وضرورة إقامة المهرجان. المثير فى الأمر هو انحياز سميحة أيوب- وقد تخطت الثمانين من عمرها- إلى جانب شباب المسرحيين، وإصرارها على إقامة المهرجان. واحتد النقاش فى ذلك الشأن بينها وبين الفنان الكبير جلال الشرقاوى- رحمهما الله- ومرت لحظة كانت من أصعب اللحظات بالنسبة لى: ماذا أفعل؟ بالنسبة لى سميحة أيوب وجلال الشرقاوى، من عمالقة المسرح والتمثيل، كنت أشاهدهما وأنا طفل جالس على «الكنبة» أمام شاشة التليفزيون فى بيتنا، فماذا أفعل الآن وأنا أمين المجلس؟! هنا تدخلت بحزم طالبًا وقف السِجال والحدة فى الحديث، واللجوء إلى التصويت، وأشهد أن سميحة أيوب احترمت هذا الموقف. وفى النهاية مال الأمر إلى كفة إقامة المهرجان، مع القيام ببعض التعديلات الطفيفة.
إنها سميحة أيوب، التى شاهدتها وأنا طفل صغير، على شاشة التليفزيون، فى فيلم «شاطئ الغرام»، الفتاة الصغيرة التى تعشق الكاميرا عينيها، وتشد انتباه المشاهد وتجعله يسأل: من هى هذه الفتاة ذات العيون الساحرة، والصوت الرنَّان؟ المثير أنه بعد اهتمامى بتاريخ السينما، اكتشفت أنها قامت بتأدية دورها فى هذا الفيلم، وهى فى الثامنة عشرة من عمرها!
سميحة أيوب المولودة عام ١٩٣٢، هى بنت شبرا، حىّ الفن والفنانين، حىّ مسارح روض الفرج، واستديوهات السينما، ودور العرض الشهيرة، حىّ المصريين والأجانب، واكبت لحظات ذروة السينما المصرية، ونهضة مسرح الستينيات، وظلت حتى آخر عمرها نموذجًا لإيزيس: «البهاء والجمال».

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الدستور
منذ 12 ساعات
- الدستور
"إنسانة بمعنى الكلمة".. نرمين الفقي تستعيد ذكرياتها مع الراحلة سمحية أيوب
استرجعت الفنانة نرمين الفقي ذكرياتها مع الفنانة الراحلة سميحة أيوب بمقطع فيديو لها رفقتها من أحد الأعمال الفنية التلفزيونية التي جمعتهما معًا، ونعتها بكلمات مؤثرة. وشاركت نرمين الفقي مقطع فيديو عبر حسابها الرسمي على انستجرام وعلقت قائلة: 'الله يرحمك ويغفرلك وبحسن اليكي يا أستاذه يا عظيمه يا فنانه وإنسانه بمعني الكلمه انا لله وانا اليه راجعون الدوآم والبقاء لله(سيده المسرح والسينما والتلفزيون سيده الشاشه العربيه)'. وكان عزاء سيدة المسرح العربي الذي أقيم مساء اليوم أشبه بتكريم إنساني وتاريخي لسميحة أيوب، شارك فيه نخبة من نجوم الفن والمسرح والدراما ومنهم الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، الذي حرص على تقديم واجب العزاء، والفنان أشرف زكي نقيب المهن التمثيلية إلى جانب الفنان الكبير رشوان توفيق، والمخرج خالد جلال، والفنان خالد النبوي، والفنانة يسرا اللوزي، والفنان جمال سليمان، والفنانة فيفي عبده، والمخرج أشرف فايق، والفنان حمدي الوزير، والفنان منير مكرم، والنجم محمد هنيدي، والفنان عمرو عبد العزيز، والفنان مفيد عاشور، والفنان إيهاب فهمي، والمخرج أشرف فهمي، بالإضافة إلى النجمتين لبلبة وسهير المرشدي وغيرهم من النجوم. جدير بالذكر أن ولدت سميحة أيوب في 8 مارس 1932 بحي شبرا في القاهرة، وأحبت الفن منذ بدايتها، ما دفعها للالتحاق بالمعهد العالي للفنون المسرحية، حيث درست على يد كبار المخرجين والأساتذة، ومنهم زكي طليمات. رحيل سيدة المسرح العربي كانت البداية الحقيقية لسميحة أيوب على خشبة المسرح، حيث وجدت نفسها في أدوار تميزت بالعمق والقوة، وقدمت أعمالًا شكلت جزءًا أساسيًا من تاريخ المسرح العربي. من أشهر مسرحياتها "سكة السلامة" وغيرها. كما تولت إدارة المسرح القومي لسنوات، حيث أسهمت في إثراء المسرح المصري بنصوص جادة وإخراج احترافي، ودفعت بالكثير من المواهب إلى الساحة. رغم أن المسرح كان مملكتها الأولى، فإن سميحة أيوب لم تغفل الدراما التليفزيونية، فشاركت في العديد من الأعمال الناجحة التي تركت بصمة واضحة لدى الجمهور.


الدستور
منذ 15 ساعات
- الدستور
حنان مطاوع تحتفل بمشاركة 'Happy birthday' ضمن مهرجان Tribeca Festival
أعربت الفنانة حنان مطاوع عن سعادتها وفخرها الشديد بمشاركة فيلمها الجديد 'Happy birthday' ضمن مهرجان Tribeca Festival، ومشاركة النجم العالمي Jamie Foxx في الإنتاج. وشاركت حنان مطاوع صور لها عبر حسابها الرسمي على موقع 'إنستجرام'، من الريد كاربت الخاص بالمهرجان، وعلقت قائلة: 'مبسوطة جدًا جدًا بأن يكون أول عرض عالمي لفيلمي الجديد Happy birthday في مهرجان Tribeca Festival بالولايات المتحدة الأمريكية ، بمشاركة النجوم نيللى كريم وشريف سلامة وحنان يوسف، الفيلم من تأليف محمد دياب وسارة جوهر، وإخراج سارة جوهر ومن إنتاج أحمد دسوقي وأحمد بدوي وأحمد عباس، وسعيدة أيضًا بمشاركة النجم العالمي Jamie Foxx في الإنتاج .. إن شاء الله يحوز على إعجابكم'. وعُرض لـ حنان مطاوع مؤخرًا مسلسل "صفحة بيضا"، والذي نافست به ضمن دراما الـ Off Season، خلال شهر يناير الماضي، ويدور في إطار اجتماعي تشويقي، تدخل حنان مطاوع خلال أحداثه في أزمات عديدة تحاول حلها. "صفحة بيضا" كان يحمل في البداية اسم تقاطع طرق، والمسلسل من بطولة حنان مطاوع، سامي الشيخ، أحمد الرافعي، مها نصار، أحمد الشامي، أحمد ماجد، عمر الشناوي، حنان يوسف، وحسن العدل، والعمل من تأليف حاتم حافظ، إخراج أحمد حسن. وكانت انتشرت أخبار على لسان الراحلة سميحة أيوب، قبل رحيلها وجاء فيها: "حنان مطاوع فنانة كويسة وتقدر تقدّم سيرتي الذاتية، وبقول للممثلين الشباب إن كل واحد صادق هيوصل، ومحمد رياض فنان وإنسان كبير ورئيس مهرجان ناجح". وفي ردّها على ما تم تداوله حول هذا الأمر، قالت حنان مطاوع في تصريحات صحافية: "أتمنى وأتشرّف بتقديم السيرة الذاتية لسيدة المسرح العربي سميحة أيوب، هي قامة كبيرة في تاريخ الفن المصري، واختيارها لي لتقديم سيرتها الذاتية وسام على صدري، وأتمنى أن أظل دائماً عند حُسن ظنها بي، وشعرت بفرحة عارمة عندما سمعت هذا التصريح".


الدستور
منذ 17 ساعات
- الدستور
"ناس تافهين".. مديحة حمدي ترد على منتقدي حجابها في عزاء سميحة أيوب (خاص)
تصدر اسم الفنانة مديحة حمدي تريندات محرك البحث 'جوجل' بعد تعرضها لانتقادات لاذعة من قبل الجمهور بسبب الحجاب غير المنضبط الذي ظهرت به خلال عزاء الفنانة الراحلة سميحة أيوب. مديحة حمدي ترد على انتقادات حجابها في عزاء سميحة أيوب وأعربت مديحة حمدي عن استيائها الشديد من تعرضها لهذه النوعية من الانتقادات، خاصة أن الوقت والمكان غير مناسبين، مبررة أنها كانت في حالة انهيار حزنا على فراق سميحة أيوب ولم تنتبه لما حدث لحجابها، مؤكدًة أنها كانت في حالة حزن شديد على صديقة عمرها التي رافقتها لأكثر من 5 عقود. وتابعت لـ"الدستور"، أن الظرف الذي مرت به كان غير طبيعي ووصفت كل من انتقد حجابها غير المنضبط بغض النظر عن حالة الحزن التي كانت تمر بها بأنهم "ناس تافهين'. وفاة الفنانة سميحة أيوب ورحلت الفنانة سميحة ايوب عن عالمنا خلال الأيام الماضية، وسط حزن كبير من قبل الجمهور والاصدقاء بالوسط الفني وخارجه، وكان أكثرهم تأثرًا الفنان مديحة حمدي التي اعربت عن حزنها الشديد لفراقها وحرصت على الحضور مع الراحلة بلحظاتها الأخيرة واثناء غسل جثمانها. جدير بالذكر أن، ولدت سميحة أيوب في 8 مارس 1932 بحي شبرا في القاهرة، وأحبت الفن منذ بدايتها، ما دفعها للالتحاق بالمعهد العالي للفنون المسرحية، حيث درست على يد كبار المخرجين والأساتذة، ومنهم زكي طليمات. رحيل سيدة المسرح العربي كانت البداية الحقيقية لسميحة أيوب على خشبة المسرح، حيث وجدت نفسها في أدوار تميزت بالعمق والقوة، وقدمت أعمالًا شكلت جزءًا أساسيًا من تاريخ المسرح العربي. من أشهر مسرحياتها "سكة السلامة" وغيرها. كما تولت إدارة المسرح القومي لسنوات، حيث أسهمت في إثراء المسرح المصري بنصوص جادة وإخراج احترافي، ودفعت بالكثير من المواهب إلى الساحة. رغم أن المسرح كان مملكتها الأولى، فإن سميحة أيوب لم تغفل الدراما التليفزيونية، فشاركت في العديد من الأعمال الناجحة التي تركت بصمة واضحة لدى الجمهور. وتميزت نجوميتها بابتعادها عن الترند والضجة الإعلامية، بل على الموهبة الحقيقية والعمل الجاد، ما جعلها تُحترم وتُقدر من أجيال من الجمهور والفنانين. تعتبر سميحة أيوب رمزًا من رموز الثقافة والفن في مصر والعالم العربي، امرأة استطاعت أن تفرض نفسها في زمن كان المجال الفني فيه شديد التنافس، فتركت إرثًا غنيًا بالأعمال التي تعيش في وجدان الجمهور العربي.