الغيرة والحسد.. حين تُختبر معادن الناس

موضوع مقالي اليوم ليس جديدًا على القارئ الكريم، فقد تطرّقت إليه من قبل وأود تكرار طرحه لعلّ وعسى أحقق تقدمًا في النوايا. قال تعالى 'وذكّر فإن الذكرى تنفع المؤمنين'. كثيرًا ما تكشف لنا المواقف اليومية البسيطة حقيقة النفوس، وتُظهر لنا المعادن الأصيلة من تلك المُقلَّدة. وفي زمن أصبحت فيه الأخبار السعيدة والحزينة تنتقل في لحظتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بات سلوك الناس تجاه هذه الأحداث مقياسًا دقيقًا لصفاء القلوب. قد تفرح لنجاح صديق، أو شفاء مريض، أو تخرج ابن أحدهم، وتُبادر بتهنئة أو دعاء أو حتى بإشارة إعجاب.. لكنك تفاجأ بصمت مطبق في كثير من المناسبات! لا تهنئة، لا تعليق، لا تفاعل، وكأن الفرح لك يثقل على البعض، وكأن الكلام الطيب بات عملة نادرة!
في اعتقادي، هذا البخل العاطفي له آثار اجتماعية عميقة، فالصمت في موضع التهاني أو المواساة ليس حيادًا، بل قد يُقرأ كجفاء، أو أسوأ من ذلك، كحسدٍ مقنّع. والمحصلة؟ تآكل الثقة بين الأفراد، وتراجع حرارة العلاقات، واتساع الفجوة النفسية بين الناس. إن طاقة الحقد لن توصل الإنسان إلى مكان، لكن طاقة الصفح التي تتجلى في الحب ستحوّل حياته بشكل إيجابي. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: 'الكلمة الطيبة صدقة'، وهي كلمة بسيطة قد تصنع أثرًا كبيرًا في قلب إنسان. فنحن لا نحتاج إلى أن نكون أغنياء لنعطي، فمجرد كلمة تشجيع، أو مشاركة صادقة، أو دعاء مكتوب، قد يكون له وقع السكينة في قلب متعب، أو قد يكون دافعًا لمن أنجز ليواصل طريقه.
للأسف الشديد، يظن البعض أن تهنئة الآخرين تنقص منه، أو أن إظهار الفرح لنجاح غيره يُشعره بالدونية، وهذا خلل في المفهوم قبل أن يكون خللًا في السلوك. فالرزق بيد الله، والفرح لا يُوزّع على حساب أحد، بل إن القلوب التي تفرح لغيرها هي القلوب التي تعرف طعم الراحة والرضا.
فنحن لا نحتاج إلى كثير من التأمل لندرك حجم هذا الخلل. خذ مثلًا إعلان أحدهم ترقيته في العمل، أو احتفاله بزفاف ابنه، أو شفاءه من وعكة صحية.. كم شخصًا يفرح له من قلبه؟ وكم يمر الخبر عليهم وكأنه لا يعنيهم، بل وربما يُخفي بعضهم امتعاضه بابتسامة صفراء أو تجاهل متعمد؟
تخيلوا أن أحد الأصدقاء اشتكى لي ذات مرة بأن ابنته تخرجت بامتياز في الطب من جامعة مرموقة، وقد حرص كغيره على أن ينشر الخبر مع صورة جميلة تجمعه مع ابنته وعائلته في الصحف المحلية من شدة فرحته وزوجته لهذا الإنجاز الكبير لابنتهما. ولكنهم تفاجأوا بأنهم تلقوا التهاني والتبريكات من الغريب وليس القريب! فكثير من الأشخاص الذين يعتبرهم قريبين له أو لها لم يحرك فيهم الخبر ساكنًا! تخيلوا معي هذا الموقف المحبط الذي يعطينا إشارة واحدة لا غير عن الحسد والغيرة! ألا تتفقون معي؟
والحال نفسه ينطبق على الكثير من الفعاليات والمناسبات الأخرى التي تغيب عن الناس في الذوق والأصول والسنع والإتيكيت! فعلى سبيل المثال وليس الحصر، الكثير من الناس يتلقون دعوات لحضور مناسبات مختلفة، لكنهم لا يلتزمون بالحضور ولا يكلفون أنفسهم حتى الاعتذار! وفي المقابل، إذا لم يتلق الدعوة فإنه يقيم الدنيا ويقعدها، ويصب جام غضبه على صاحب الدعوة! فهذا هو واقعنا المر، وأقولها بحسرة شديدة على هذه الصفات والطباع التي نعيشها اليوم.
ولكي أثبت للقارئ تأثير الكلمة الطيبة وجبر الخواطر، دعوني أرجع إلى مقالي الذي نشر بتاريخ 23 مايو الجاري بعنوان 'فاطمة... أرفع لك القبعة'، فعندما قرّرت أن أكتب عن هذه السيدة الملهمة كان هدفي هو إبرازها على أنها نموذج ومثال يحتذى به في الصبر والإرادة القوية والعزيمة. فموضوع مقالي كان منصبًّا على هذه المسألة، بالإضافة إلى إيصال رسالة إلى المسؤولين في الجامعات الخاصة عندنا بضرورة منحها فرصة الدراسة والتكفل بمصاريف الدراسة أو مساعدتها بإعطائها تخفيضًا على الرسوم.
كاتب المقال تواصل مع هذه السيدة الفاضلة وتكلم معها هاتفيا ليخبرها عن المقال الذي نشره عنها. وعلى الرغم من أنها تفاجأت بالمكالمة غير المتوقعة ومن شخص لا يعرفها أصلاً، إلا أنها أعربت عن تقديرها واعتزازها لهذه المبادرة التي حسب وصفها تمثل جرعة إيجابية.
تفاجأت في اليوم التالي بمكالمة هاتفية منها ولكم أن تتخيلوا كم كانت سعيدة وممتنة لي، وبصراحة تامة كانت تتكلم معي وهي تشكر وتشكر وتشكر وتدعو رب العالمين أن يحميني ويوفقني ويسبغ علي ثوب الصحة والعافية، لم تعطني فرصة للتحدث فقد كانت غير متوقعة أن يقوم أحد لا يعرفها بالكتابة عن قصتها.
بالله عليكم، كم يستحق هذا الموقف من إنسانة بسيطة جدًّا تدعو لك كل هذه الدعوات عند الله. لقد قصدت أن أكتب عن هذا الموقف لأثبت أهمية الكلمة الطيبة وجبر الخواطر، وتذكروا أن ما قمت به من عمل لم يكلفن شيئًا! كلي أمل أن يتحقق حلمها بالحصول على منحة الدراسة الجامعية نظرًا لأن ظروفها المادية صعبة جدًّا. وأنا على ثقة بأن الدنيا بخير وأصحاب الأيادي البيضاء لا يدخرون جهدًا في مساعدتها.
الخلاصة... إن إعادة بناء ثقافة 'الكلمة الطيبة' ليست ترفًا اجتماعيًّا، بل ضرورة للحفاظ على تماسكنا الإنساني. لنتذكّر دومًا أن التفاعل الإيجابي ليس رفاهية، بل هو صمام أمان لأي مجتمع سليم، وتذكروا أيضًا أن الدين 'معاملة'.. والكلام لك يا جارة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعلم مع الذكاء الاصطناعيالتحقق من الحقائقتحويل النص إلى كلامملخص الذكاء الاصطناعي

أخبار ذات صلة

البلاد البحرينية

منذ 19 ساعات

• البلاد البحرينية

ما هي مناسك الحج؟ تعرف على الرحلة من الإحرام إلى الطواف

يُعتبر الحج أحد أركان الإسلام الخمسة وهو واجب على المسلمين المستطيعين بدنيا وماديا مرة واحدة في العمر، فما هي مناسك الحج؟ تتجمع ملايين المسلمين من جميع أنحاء العالم في مكة المكرمة لأداء هذه الفريضة التي تجمع بين العبادة والتقوى والاتحاد، وفي هذا المقال، نأخذك في جولة روحانية عبر مناسك الحج، لنكشف أسرار وأركان هذه العبادة العظيمة ومقاصدها السامية. ما هي فضائل الحج الكثيرة؟ الحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام، وشعيرة من شعائر الله التي تحمل في طياتها فضائل جليلة لا تعد ولا تحصى، ويجني المسلمون ثمارًا روحية وأخلاقية عند تأدية مناسك الحج، ومن فضائل الحج الكثير التالي: يطهر المسلم من جميع الذنوب من أعظم فضائل الحج أن الله يمحو به جميع الذنوب السابقة، ويعيد الحاج إلى النقاء الأول، كما جاء في الحديث الشريف: "من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه". رواه البخاري ومسلم. الحج المبرور طريق إلى الجنة الحج الذي يؤدى بإخلاص وخشوع، ويوافق سنة الرسول صلى الله عليه وسلم فهو حج مبرور، وهذا النوع من الحج ليس له جزاء إلا الجنة، كما ورد في الحديث الشريف: "العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة". الحج جهاد في سبيل الله الحج نوع من أنواع الجهاد في سبيل الله، خاصة للضعفاء والنساء، كما جاء في الحديث الشريف: "أفضل الجهاد حج مبرور". الحج يجلب الرزق للحج أثر كبير في فتح أبواب الرزق ومحو الفقر والذنوب، كما جاء في الحديث الشريف: "تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد". رواه الترمذي والنسائي. الحج يوحد المسلمين في الحج، تتجسد وحدة الأمة الإسلامية بأبهى صورها، الملايين من المسلمين من شتى بقاه الأرض يجتمعون في مكان واحد بلباس واحد. الحج يزكي النفس ويطهرها في الحج، يتجسد المسلم من زينة الدنيا ويلبس الإحرام، ويستشعر الفقر والمشقة، وقد قال الحسن البصري: "الحج المبرور أن يرجع زاهدًا في الدنيا راغبًا في الآخرة". الحج يطهر القلب ويزيد التقوى وقد وردت الكثير من الأحاديث عن فضائل الحج في تطهير النفس وزيادة الخشوع، ففي الحديث الشريف: " من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه". التحرر من قيود الدنيا وضبط النفس الحج يعلم الإنسان الصبر على المشقة وضبط النفس وسط التحديات، ويجعل المسلم يتحرر من الدنيا ومظاهرها، فيترك ورائه الملابس الفاخرة والرتابة ويعيش في رحاب الله. متى تبدأ مناسك الحج؟ تبدأ مناسك الحج من اليوم الثامن من شهر ذي الحجة، وهذا اليوم يُسمى يوم "التروية"، وسُمي بهذا الاسم لأن الحجاج قديمًا كانوا يأخذون الماء معهم من مكة لعدم وجود ماء في عرفة ومنى. كم عدد أيام مناسك الحج؟ عدد أيام مناسك الحج 6 أيام، تبدأ مناسك الحج من يوم 8 من ذي الحجة والذي يعرف باسم التروية، وتنتهي في اليوم الـ13 من ذي الحجة، ويسمى هذا اليوم بيوم النفر الثاني. ما هي مواقيت الحج الزمانية والمكانية؟ نعني بكلمة "ميقات" هو ظروف العبادة، أي ما حددته الشريعة لزمان ومكان الإحرام، وتنقسم المواقيت إلى نوعين، وهما: مواقيت زمانية: وهي مواقيت أداء الأركان، وأهم موعد زمني في الحد هو الوقوع في صعيد عرفة، والذي يكون في اليوم التاسع من ذي الحجة، وذلك لقول الرسول صلى الله عليه وسلم "الحج عرفة"، وقد اتفق بعض العلماء إلى جواز بدء مناسك الحج في اليوم التاسع من ذي الحجة. مواقيت مكانية، وهي الأماكن التي يحرم فيها الحجاج أو المعتمرين حسب الجهة التي يأتي منها إلى مكة، وهي 5 أماكن كالتالي: ميقات ذو الحليفة: وهو ميقات أهل المدينة ومن مر به من غيرهم، ويبعد عن مكة 450 كيلومترًا، ومعروف باسم "آبار علي" الآن. ميقات الجحفة: وهو ميقات أهل الشام ومن مر به من غيرهم، ويبعد عن مكة 204 كيلومترا. ميقات يلملم: وهو ميقات أهل اليمن ومن مر به من غيرهم، ويبعد عن مكة 54 كيلومتًرا. ميقات قرن المناز: وهو ميقات أهل نجد ومن مر به من غيرهم، ويبعد عن مكة 94 كيلومترًا. ميقات ذات عرق: وهو ميقات أهل العراق ومن مر به من غيرهم، ويبعد عن مكة 94 كيلومترًا. وهذه المواقيت تتم عند الحجاج أو المعتمرين القادمين برًا، أما عند السفر جوًا، فيرتدي الحجا ملابس الإحراج قبل ركوبه الطائرة أو على متنها، ويلبي عند المرور فوق الميقات أو بمحاذاته، وفي الطائرة، ينبه الطيار بأن الطائرة فوق الميقات، حتى يلبي الحجاج. ما هو الفرق بين القارن والمتمتع والمفرد في الحج؟ قبل الحديث عن مناسك الحج، يجب التفريق بين 3 أنواع من النسك، وهي كالتالي: القارن: وهو الشخص الذي يجمع بين الحج والعمرة معًا، فيقول: "لبيك عمرة وحجًا" ويبدأ الإحرام بالعمرة، ويدخل على الحج مباشرة بدون إحرام جديد. المتمتع: هو الشخص الذي يحرم بالعمرة أولًا، بداية من شوال، فيقول عند إحرامه: "لبيك عمرة"، ويؤخر الإحرام بالحج إلى يوم التروية. واسمه متمتع لأنه يتمتع بالتحلل من الإحرام، ثم يحرم مجددًا من أجل الحج. المفرد: وهو أن يحرم الشخص بالحج فقط، فيقول: "لبيك حجًا" ويبقى على إحرامه حتى يتحلل منه بعد رمي جمرة العقبة أو حتى يحلق يوم العيد. والفرق المهم بينهما أن المتمتع والقارن عليه الهدي، أي أن يذبح، أما المفرد فليس عليه هدي. ما هي أركان الحج؟ الحج في الإسلام له 4 أركان، ومن ترك أحدها فقد بطل حجه، وهي كالتالي: الإحرام، وهي نية الدخول إلى النسك. الوقوف على عرفة، ويبدأ وقته من طلوع فجر يوم التاسع من ذي الحجة إلى طلوع فجر اليوم التالي. طواف الإفاضة: ويبدأ وقته من فجر يوم العيد. السعي بين الصفا والمروة: ويكون بعد طواف الإفاضة أو أي طواف آخر، وللمفرد والقارن أن يقدمها مع طواف القدوم. ما هي واجبات الحج؟ الفرق بين أركان الحج وواجباته، أن الأركان إذا سقط أحد منها يبطل الحج، أما الواجبات إذا لم يقم به الحاج فعليه فدية، أي ذبح شاه أو ماشية ونحوها، ولا يأكل منها بل يتصدق بها حتى لو كان حجه مفردًا، وواجبات الحج التالي: التلبية، وتكون صيغتها: "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك، لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك"، وتبدأ التلبية بمجرد الإحرام، سواء كان الحاج قارنًا أو مفردًا، وتستمر حتى رمي جمرة العقبة الكبرى. طواف القدوم: طواف القدوم واجبًا عند المالكية، وسُنة عند جمهور العلماء، ويقوم به الحاج إذا دخل مكة. طواف الوداع: طواف الوداع واجب عند مغادرته مكة عند جمهور العلماء، بينما يعد سُنة عند المالكية، وأعفي منه الحائض والنفساء وأهل مكة، ولا يطلب من الحاج أداء طواف آخر بعد هذه الثلاثة إلا إذا رغب في التطوع. المبيت بمزدلفة: يستحب للحاج أن يقيم ليلته في مزدلفة بعد الإفاضة من عرفات، ويرخص له الانصراف بعد منتصف الليل. رمي جمرة العقبة الكبرى: يُسن رمي الجمرة الكبرى بسبع حصيات تبدأ من شروق شمس يوم العيد حتى الزوال، ومن لم يستطع الرمي قبل الزوال، فيجوز له الرمي حتى قبل غروب الشمس، ومن لم يتمكن، جاز له أن يرمي في أول أيام التشريق. المبيت في منى: يُشرع للحاج أن يبيت في منى ليالي أيام التشريق، ومن تعجل في يومين فلا إثم عليه، وإن تأخر فهو أفضل سواء لأهل مكة أو لغيرهم. أما من قرر التعجل فعليه مغادرة مكة قبل غروب شمس اليوم الثاني، وإلا لزمه البقاء لليوم الثالث. رمي الجمار: يُسن رمي الجمار الثلاث مرتبة: الصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى (العقبة)، كل منها بسبع حصيات، ويبدأ الرمي من الزوال حتى غروب الشمس. صلاة ركعتي الطواف: بعد الطواف، يُستحب للحاج أن يصلي ركعتين خلف مقام إبراهيم، وإن لم يتيسر، ففي أي مكان من المسجد الحرام. الحلق أو التقصير: يُشرع للرجل أن يحلق رأسه أو يقصره، بينما يكفي للمرأة أن تقص من شعرها قدر أنملة. ما هي مناسك الحج بالترتيب؟ في هذه الفقرة، سنقدم لك شرح مناسك الحج بطريقة مبسطة. يوم التروية تبدأ مناسك الحج في اليوم الثامن من ذي الحجة، ويُسمى يوم التروية، وفيه يخرج الحاج إلى منى ويبيت بها ويكثر فيها من التلبية، ويصلي فيها الصلوات الخمس، ولكنه يقصر في الرباعية منها، أي يصلي "الظهر والعصر والعشاء" كل منها ركعتين فقط. الوقوف بعرفة يعد من أركان الإسلام، ولا يصح الحج بدونه. يبدأ الوقوف بعرفة من فجر اليوم التاسع من ذي الحجة، ويستمر حتى طلوع الفجر الصادق لليوم العاشر، وفيه يكثر الحاج من الدعاء والذكر. والوقوف بعرف أي الشهود والمكوث في هذا المكانة لفترة من الزمن، وليس بالضروة أن يقف الحاج على قديمه. وفي عرفة، يصلي الحاج الظهر والعصر قصرًا جمع وتقديم، ويكثر من الدعاء والذكر حتى غروب الشمس. المبيت بمزدلفة في المزدلفة، يصلي الحاج المغرب والعشاء جمعًا في اليوم التاسع من ذي الحج، ويبيت هناك، أو يبقى حتى منتصف الليل. ويستحب في مزدلفة أن يلتقط الحاج 7 حصيات لرمي جمرة العقبة فجر اليوم العاشر من ذي الحجة، ويجوز الإنابة في الرمي لمن لم يستطع من النساء أو المرضى أو كبار السن. توقيت الرمي يبدأ من طلوع الشمس إلى الزوال من يوم العيد، ومن زوال الشمس إلى الغروب في أيام التشريق، وأيام التشريق هي الأيام الثلاثة بعد يوم النحر، وهي اليوم 11، و12، و13 من ذي الحجة. يوم النحر يتجه الحاج إلى منى يوم العيد، ويرمي جمرة العقبة الكبرى 7 حصيات، ومع بداية الرمي يتوقف الحاج عن التلبية ويبدأ بالتكبير. بعد الرمي يحلق أو يقصر شعره، وهذا الهو التحلل الأول، ويجوز له كل شيء من محظورات الإحرام ما عدا الجماع. ومن الأعمال التي يجوز للحاج القيام به في يوم النحر أو ينحر هديه، وقد يدفع ثمن الهدي لإحدى المؤسسات المعتمدة، ويطوف حول الكعبة طواف الإفاضة ويسعى بين الصفا والمروة، ويسمى بطواف الإفاضة لأنه يكون بعد الإفاضة من عرفة، ولا يشترط الترتيب، بل يجوز التقديم والتأخير. أيام التشريق تبدأ أيام التشريق بعد يوم النحر، وهي ليالي 11 و12 و13 من ذي الحجة، وسميت بهذا الاسم لأن اللحم فيها يشرّق ويوزع على الفقراء والمساكين. في هذه الأيام، على الحاج المبيت بمنى 3 ليال أو ليلتين 11 و12 إن كان متعجلًا، لقوله تعالى: "فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه". ثم يرمي الجمرات الثلاث بعد زوال كل يوم إلى غروبه، بداية بالصغرى ثم الوسطى بعدها الكبرى. طواف الوداع بعد أن يتم الحاج المناسك المطلوبة منه في أيام التشريق، يطوف طواف الوداع ثم يغادر مكة، ويسقط الطواف على الحائض أو النفساء. ما هي مبطلات الحج بالترتيب؟ ويقصد بمبطلات الحج الأمور التي تبطل الحج، وهي كالتالي: الجماع ومقدماته يفسدان الحج ويبطلانه بإجماع العلماء. ترك ركن من أركان الحج. الإغماء والجنون قبل يوم عرفة يفسد الحج. ما هي محظورات الحج؟ محظورات الحج هي الأفعال المحظورة على الحجاج، وتنقص من أجر الحاج إذا قام بها، وهي كالتالي: عقد الزواج: يحرم عقد الزواج في الحج، والزواج في هذه الأوقات باطل، لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يَنْكح المحرم ولا يُنكح، ولا يخطب". قتل الصيد أو ترويعه. إزالة شعر الرأس وسائر الجسم بالحلق أو النتف أو تقليم الأظافر. استعمال الطيب. لبس المخيط والمفصل من الثياب للرجال. تغطية الرأس بملاصق له مثل لبس الطاقية للرجال. لبس البرقع أو النقاب الذي يغطي الوجه للنساء. ما حكم من فعل المحظورات في الحج؟ يختلف حكم من وقع في المحظورات أو المبطلات على حسب نيته، فإن كان الحاج ناسيًا أو جاهلًا أو مكرهًا فلا شيء عليه، لقول الله تعالى: "وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمّدت قلوبكم". وفي قتل الصيد قال الله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمداً فجزاء مثل ما قتل من النعم"، وهذا يعني أن من فعل هذه المحظورات ناسيًا أو جاهلًا فلا شيء عليه. ونفس الحكم لمن فعل هذه المحظورات مكرهًا لقوله تعالى: "من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم". وإذا تذكر من كان ناسيًا وجب عليه التوقف عن المحظور فورًا، وإذا علم من كان جاهلًا وجب عليه التخلي عن المحظور، ومن زال الإكراه عنه وجب عليه التخلي عن المحظور، ولكن عليه فدية. ما حكم من فعل المبطلات في الحج؟ ذهب علماء الإسلام إلى أن من فعل المبطلات فهو آثم وعليه التوبة، واشترط بعض العلماء أن يتم الحاج حجته إلى النهاية حتى لو كانت فاسدة، ثم يقضيها العام القادم على الفور، فإذا تعذر فيكون على قدر استطاعته. في الختام ، يظل الحج رمزًا قويًا للروحانية والبناء الاجتماعي في العالم الإسلامي، ومن خلال الفهم العميق لمناسك الحج، يستطيع المسلمون العودة بروح جديدة واستعداد لتطبيق الدروس المستفادة على حياتهم اليومية. إن الحج فرصة لتعزيز الإيمان وإنشاء مجتمع متماسك يتحد حول القيم الإسلامية الروحية. تم نشر هذا المقال على موقع

الوطن

منذ 2 أيام

• الوطن

اللهم اجعله لنا أجراً

بدر علي قمبر هناك العديد من الأعمال التي يقوم بها المرء دون أن يشعر، فيرى أثرها في جميع مناحي حياته؛ يرى التوفيق والبركة حيثما حلّ، ويشاهد صور الرزق في كل خطوة يخطوها في طريقه. والإنسان بحاجة ماسة لأن يُحوّل حياته إلى مساحةٍ عامرةٍ بأعمال الخير، تعود عليه بأجور الآخرة، وتجعله يعيش في فسحةٍ من الطمأنينة وسط تسارع أيام الحياة. ابحث عن تلك الأعمال التي لا ينبغي التردد في السعي إليها، لاسيما في أيام عظيمة هي من أحب الأيام إلى الله تعالى. قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن أحدكم حتى يُحب لأخيه ما يُحب لنفسه». وقال عليه الصلاة والسلام: «من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرّج عن مؤمن كربة، فرّج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة». وقال صلى الله عليه وسلم: «صنائع المعروف تقي مصارع السوء، وصدقة السر تطفئ غضب الرب، وصلة الرحم تزيد في العمر». نعيش هذه الأيام الجميلة المباركة، وهي من أعظم وأفضل الأيام على الإطلاق. قال تعالى: «والفجر، وليالٍ عشر، والشفع والوتر». وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر». قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: «ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء». وقال عليه الصلاة والسلام: «فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد». إنها أيام عظيمة، ومواسم من الخير والطاعات، اختصها الله لعباده المؤمنين ليتقربوا إليه، ويتضرعوا بين يديه، ويجددوا إيمانهم في موسم آخر من مواسم الأجر. ومن أبرزها يوم عرفة، الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: «من يوم أكثر من أن يُعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو، ثم يُباهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء؟». وكذلك يوم النحر (يوم العيد) الذي قال عنه صلى الله عليه وسلم: «أعظم الأيام عند الله تعالى: يوم النحر، ثم يوم القر». أيام اجتمعت فيها فضائل الأعمال، فحريٌّ بالمرء أن يكون له فيها شأن مميّز وأثرٌ إيماني، يجدد به إيمانه وحياته. في بعض الأحيان، قد تتسلل إلى النفس وساوس شيطانية تُثبط العزيمة، أو تُلقي في طريقك عقباتٍ نفسية تصدك عن مدارج الخير، وتضعف من إقبالك على ميادين الطاعات، وتمنعك من التلذذ بمشاعر الإحسان التي اعتدت عليها. عليك أن تجعل الخير نصب عينيك، وألا تستسلم لمثل هذه المثبطات، بل كن دائماً في طليعة ركب الخير. واجعل من كل عمل تقوم به لحظة شعور وإحساس، حتى تظفر بالسعادة التي تطلبها: سعادة الدنيا والآخرة. وادعُ دائماً: «اللهم اجعله لنا أجراً». الصدق مع الله، والنية المتجددة بأن يكون كل عمل خالصًا له، تمنحك راحة إيمانية ونفسية، وتعزز من عطائك في هذه الحياة، وترفع مكانتك كخليفة لله تعالى في أرضه. بدأت مشاعر «أجمل رحلة في الحياة»... تلك المشاعر التي تختلف من شخص إلى آخر، بحسب إدراكه وقوة استشعاره لتلك المناسك العظيمة، والخطوات التي يخطوها في أرض الخير، مكة المكرمة. إنها رحلة «أجمل رحلة» لأولئك الذين اصطفاهم الله تعالى لخدمة ضيوف الرحمن. قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الحجاج والعمّار وفد الله، إن دعوه أجابهم، وإن استغفروه غفر لهم». إنه اصطفاء من الله تعالى لتكون خادمًا لضيوف الملك الديان سبحانه وتعالى، في أعظم موسم إيماني، وأطهر البقاع، وأفضل الأيام. هي مشاعر لا يشعر بها إلا أولئك الذين اعتادوا البذل، وسهروا على راحة الحجاج، القادمين من كل فج عميق استجابة لنداء المولى ونداء إبراهيم عليه السلام: «وأذِّن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامرٍ يأتين من كل فجٍّ عميق». إنها فرحة لا تضاهيها فرحة، أن تكون في خدمة ضيوف الرحمن. أما من اصطفاه الله ليكون من الحجاج هذا العام، فقد نال اصطفاءً خاصاً؛ فاختاره الله من بين عباده، ممن سمعوا نداء إبراهيم ولبّوه، مقبلين على الله تعالى طائعين، تائبين، راغبين في الطهر من أدران الحياة. إنها فرصة لتجديد الإيمان، والتخلص من أعباء الدنيا، والعودة بصفاء النفس ونقاء السريرة، كمن وُلِد من جديد. فطوبى لمن اختاره الله تعالى حاجّاً إلى بيته الحرام، وهنيئًا له بهذه الرحلة الإيمانية التي تُعد من أجمل رحلات الحياة. فليستثمر كل لحظة في القرب من الله الكريم، ولتكن كل خطوة يخطوها في هذا المسير الجميل خطوة عبادة، وكل منسك يؤديه لحظة تحول في حياته، لا تُنسى، فيُحسن أداءها بروحه وقلبه، لا بمُجرد جسده.ومضة أمل:الحج... رحلة المشاعر والأحاسيس الخاصة.

البلاد البحرينية

منذ 2 أيام

• البلاد البحرينية

د. اسراء البابلي وأصبحت أحلامنا معركة الجمعة 30 مايو 2025

ما هو شعورك حين تدرك أن الناس فرضوا عليك حياتك وقدرك منذ اللحظة التي فتحت فيها عينيك على هذه الدنيا؟ أن تشعر بأنك دخلت إلى الحياة وأنت مهزوم منذ البداية، أن يُحاط بك الحُكم والتصنيف من دون رحمة، فتُسحب إلى تصنيفات ومسمّيات أطلقوها عليك، وكأنك لست كائنًا بشريًّا مثلهم. في خضم هذا الظلم، ينسون أنك أيضًا من روح الله، مثلهم تمامًا، وأننا جميعًا سواسية أمامه. لكن، ما فقدناه، هو شيء سبقنا إلى الجنة، فقد أخذه الله منا لحكمةٍ عظيمة، فالله لا يُعطي أصعب معاركه إلا لأقوى جنوده، ونحن يا أصدقائي، نحن جنوده الأقوياء. نحن عباد الله الأقوياء في وجه الظلم، والمقدر لهم أن يكونوا أصحاب إرادة لا تلين. لكن، مع الأسف، معشر البشر هم قسوة لا توصف. يحبون إيذاء كل ما حولهم، يسلبون الحق حتى في أن نكون من نحن، يلقون علينا تسمياتٍ، ويجعلون من اختلافنا جرمًا، كما لو أن هناك 'شخصًا معاقًا' بينما الحقيقة أن هناك مجتمعًا 'مُعيقًا' - مجتمع لا يعرف كيف يتقبل اختلافات الآخرين. كلنا في عيون الله كاملون، وبمواصفات لا يمكن للبشر أن يقيموها أو يقدروا جمالها. كل واحد منا منفرد ومتميز، ويجب علينا أن نتقبل اختلافنا ونجعل من هذا التنوع قوتنا، بدلا من أن نحارب كل ما هو جميل ومختلف. فالجمال في الاختلاف هو ما يميزنا ويجعلنا فريدين. لقد وضعونا في تصنيفٍ ضيق، تحت مجتمع خاص بمن فقدوا حواسهم، كما لو أن هذا هو كل ما نحن عليه. كان الأمر وكأنهم يعاقبوننا على شيء لم نختره، وعلى شيء ليس بيدنا، أن يولد الإنسان فاقدًا بعض النعم ليس عقابًا، بل اختبارًا، وفي داخل هذا الاختبار يكمن أعظم الجمال والقوة. لا يوجد شخص يختار أن يولد فاقدًا لنعمة من النعم، فنحن جميعًا نريد أن نعيش حياتنا بسلام وهدوء. نريد أن نعيش دون أن نضطر دائمًا لإثبات أنفسنا للعالم، لنثبت له أننا قادرون على ما يعتقد أنه مستحيل. أحلامنا أصبحت معركة، فقط لأننا نطالب بحقنا في الحياة، الذي هو أسمى وأبسط حقوق الإنسان. والأكثر وجعًا هو أننا عندما نحقق إنجازات عظيمة، حين نثبت للعالم أننا أكثر من قادرين، نُصفق لنا فقط على المسرح، لكن خلف الكواليس تظل تلك النظرات المشوهة، وتبقى تلك المشاعر السامة التي تقول لنا إننا 'دون البشر'. سنخبر الله، ونحن على يقين، بأننا سعيدون وفخورون بهويتنا التي زرعها فينا، هو الذي جعل روح الإصرار في داخلنا تنمو وتكبر. سنخبره بأننا لم نكن يومًا معترضين على حكمته، بل نحن راضون ومتصالحون مع قدرنا. سنطلب من الله أن يسامح كل من نبذنا، لأن الإنسان لا يستطيع فهم ما هو مختلف عن نفسه. البشر يرفضون التغيير، ولا يعترفون بالقوة التي تكمن في الاختلاف. ربما، سيأتي يوم سيعقل فيه البشر. ربما، سيأتي اليوم الذي يرون فيه الحقيقة، حينما يجتمع الجميع تحت سقف واحد، رافعين شعار 'اختلافنا يجمعنا، واختلافنا يجعلنا أقوى'.