logo
حديث الجمعة : (( ولو قاتلكم الذين كفروا لولّوا الأدبار ثم لا يجدون وليّا ولا نصيرا سنّة الله التي خلت من قبل ولن تجد لسنّة الله تبديلا ))

حديث الجمعة : (( ولو قاتلكم الذين كفروا لولّوا الأدبار ثم لا يجدون وليّا ولا نصيرا سنّة الله التي خلت من قبل ولن تجد لسنّة الله تبديلا ))

وجدة سيتي١١-٠٥-٢٠٢٥

حديث الجمعة : (( ولو قاتلكم الذين كفروا لولّوا الأدبار ثم لا يجدون وليّا ولا نصيرا سنّة الله التي خلت من قبل ولن تجد لسنّة الله تبديلا ))
من المعلوم أن الله عز وجل تعهد في كل الرسالات المتتالية التي بعث بها رسله الكرام صلواته وسلامه عليهم أجمعين لإحقاق الحق وإبطال الباطل ، وجعل ذلك سنة ماضية في الخلق إلى قيام الساعة . ومن الآيات البيّنات التي ضمنها الله تعالى رسالته الخاتمة المنزلة على خاتم المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قوله عز من قائل : (( ولو قاتلكم الذين كفروا لولّوا الأدبار ثم لا يجدون وليّا ولا نصيرا سنّة الله التي خلت من قبل ولن تجد لسنّة الله تبديلا )) ، ففي هاتين الآياتين الثانية والثالثة والعشرين من سورة الفتح يذّكر الله تعالى رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم ومن خلاله يذكّرعموم المؤمنين إلى يوم الدين بسنته الماضية في خلقه التي وعدهم بها حين يقاتلهم الكافرون ، وهي سنة خلت فيمن كان قبلهم من المؤمنين ، ولا تبديل لها .
ولما كانت العبرة في كلام الله تعالى بعموم لفظه، لا بخصوص أسباب نزوله ، فإن هذا الوعد منه سبحانه وتعالى كان لرسوله الكريم صلى الله عليه وسلم ، ولمن كانوا معه يومئذ من المؤمنين ،كما كان من قبل لمن سبقه من المرسلين الكرام صلواته وسلامه عليهم أجمعين، ولمن كانوا معهم من المؤمنين ، وهو وعد لن يتخلف، ولن ينقطع أبدا ما دام في الدنيا كفار يقاتلون المؤمنين حتى تقوم الساعة .
وموعود الله سبحانه وتعالى هو حتمية فرار الكافرين حين يقاتلون المؤمنين ، وحتمية حرمانهم ممن يواليهم أو ينصرهم ، وهذه سنته سبحانه وتعالى التي خلت في الأولين ، وهي مستمرة في الآخرين لا تبديل لها إلى يوم الدين .
ولقد جاء في كتب التفسير أن هذا الوعد الإلهي مشروط بنيّة صادقة لنصر دينه مصداقا لقوله تعالى في الآية السابعة من سورة محمد : (( يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم )) ، وقوله أيضا في الآية الأربعين من سورة الحج : (( ولينصرنّ الله من ينصره إن الله لقوي عزيز )) ، فهذان وعدان ناجزان منه سبحانه وتعالى إلى قيام الساعة .
وقال المفسرون إن نصر الله عز وجل يكون على قدر الإيمان ، وعلى قدر تقواه سبحانه وتعالى . ولقد كان نصر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم، ومن كانوا معه من المؤمنين يوم بدر بقدر إيمانهم وتقواهم على ما كانوا عليه من قلة وذلة ، وما كان عليه في المقابل الكفار من كثرة وعدة وعتاد، ومع ذلك لم يجد هؤلاء يومئذ من يواليهم ، ولا من ينصرهم لسابق وعد الله تعالى الناجز ، ولسريان سنته التي لا تبديل لها .
مناسبة حديث هذه الجمعة هو تنبيه عموم المؤمنين إلى ما قد يغفل عنه بعضهم مما وعد به الله تعالى عباده المؤمنين الذين تصدق نيتهم في نصر دينه وإعلاء كلمته أو يظنون أن وعده قد يتعطل أو أن سنته تتبدل بسبب تغير أحوال الناس في زماننا هذا ،وقد قويت شوكة أهل الكفر ، وكثر عددهم ، وزادت قوتهم ، وكثرت أحلافهم ، وتطورت عدتهم ، وتنوع عتادهم . وقد يقال لا مجال لمقارنة حروب المؤمنين مع الكافرين بالأمس مع حروبهم في هذا الزمان لاختلاف أسباب القوة ، وتطور العتاد والعدة ، وذلك إما لضعف إيمان القائل أو لقلة يقينه بوعد الله الناجز والذي لا تبديل له . وقد يقال إن الله تعالى قد أمر المؤمنين بالإعداد قبل منازلة الكافرين ، وهذا أمر صحيح إلا أن المؤمنين قد يعوزهم الإعداد اللازم ، ويضطرون اضطرارا إلى قتال الكافرين لعدوان هؤلاء عليهم ، ويكون دين الله عز وجل في حاجة إلى من ينصره كما كان الحال يوم بدر ، فما الذي يجب عليهم القيام به في مثل هذه الحال ؟ هل يواجهون المعتدين مع يقين بأن الله عز وجل وعدهم الوعد الصادق الناجز بنصرهم إن صدقوا في إيمانهم وفي نصر دينه ،وباندحار أعدائهم أم يستسلمون لهم ؟
إن ما يمر به المؤمنون في أرض الإسراء والمعراج اليوم ، وفي هذا الظرف بالذات هو هذه الحال بالضبط ، ذلك أنهم حوصروا في أرضهم بقطاع غزة منذ سنة 2005 بعد انسحاب عدوهم الصهيوني من أرضهم بعد احتلاله من قبل ، واستمر الحصار الخانق عليهم طيلة عقدين من الزمان ، وخلال هذه المدة كان عدوهم يهاجمهم بآلته العسكرية المدمرة ، وقد كان اعتداؤه عليهم أربع مرات سنة 2008 ، وسنة 2009 ، وسنة 2012 ، وسنة 2014 ، وتعرضوا خلالها لعدوان الإبادة الجماعية ، وتعرضت ديارهم للدمار خراب . ولما أحسوا منه التخطيط الماكر لعدوان جديدا عليهم دلت عليه مؤشرات منها ما سمي صفقة القرن، بادروه بهجوم عليه في المنطقة التي يحتلها قبل أن يهاجمهم. وهذه هس الحقيقة التي لا غبار عليها ، وهذا يدل على أن عدوهم قد فرض عليهم القتال فرضا ، وليسوا هم من اختاروه كما يُروَّج عنهم ذلك ، وأن قصدهم إنما هو تحرير أرضهم من نير احتلال بغيض يريد إبادتهم أو تهجيرهم عنها قسرا ،وعلى رأس ما هدفوا إلى تحريره بيت المقدس، ومسجده الأقصى الذي دأب عدوهم على تدنيسه باستمرار ، وهو مهدد بالهدم لإقامة هيكله المزعوم ، وهذا مؤشر على أنهم إنما أرادوا نصر دين الله عز وجل وإعلاء كلمته . فكيف يلومهم اللائمون على ما شرع الله تعالى لهم ، وما شرعته حتى الشرائع البشرية حين تحل الأوطان ؟ وكيف يشكك المشككون في نواياهم الموكول أمرها إلى الله عز وجل وحده ، وليس من حق أحد أن يتكهن بها إلا أن يقع في إثم سوء الظن الذي نهى عنه سبحانه وتعالى إن كان الظانّ يظن نفسه مؤمنا حقا ؟ وليس من حق من لا يقدم لهم عونا أو دعما ، وهو واجب ديني على كل مؤمن أن يلومهم أو يشكك في نواياهم ، وخير له أن يصمت حتى لا يبوء بإثم يحمل وزره يوم العرض على الله عز وجل .
ومن كان يستعظم قوة الخلق دون استحضار قوة الخالق سبحانه وتعالى ، وهو يدعي الإيمان ،وينتسب إلى حظيرة المؤمنين ، فإنه يسيء الأدب معه ، وقد ينزلق إلى ما هو أخطر من ذلك حين يتجاهل وعد الله الناجز أو يشكك فيه أو يكذبه أو يستهين به أو يستبعده في هذا الزمان لقصور نظره وتعطيل عقله حين تعظم قوة المخلوق عنده ، ويبلغ به اليأس مبلغه، فيعتقد جازما أن ليس لوعد الله تعالى إنجازا وهو يقرأ قوله تعالى : (( ولو قاتلكم الذين كفروا لولوا الأدبار ثم لا يجدون وليا ولا نصيرا سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا )) ، يمر بها مرورا الكرام . ولقد ورد في الذكر الحكيم ذكر سنته هذه التي خلت من قبل ، وتلتها سنن أخرى مثلها على امتداد العصور المتتالية ، وقد عاش الناس في هذا الزمان مثلها كما هو الحال على سبيل المثال لا الحصر في أرض المسلمين الأفغان الذين نصرهم الله على الإنجليز، والروس، والأمريكان ومعهم دول حلف الناتو على ما كان عندهم من نقص في العدد، والعدة، والعتاد . وكان نصره لهم على قدر أرصدتهم من الإيمان والتقوى ، ووفق ما علم سبحانه وتعالى من صدقهم في نصر دينه وإعلاء كلمته .
وعليه على المؤمنين الذين يحرصون على صيانة أرصدتهم من الإيمان والتقوى، غير مرتابين، ولا شاكين أن يستيقنوا أن وعد الله عز وجل الذي وعد به عباده المؤمنين من نصر إن صدقوا في نصر دينه ناجز لا محالة. وعليهم أن يصونوا ألسنتهم من سوء الظن بالمجاهدين في أرض الإسراء والمعراج أو من التشكيك في جهادهم ورباطهم تحت ذريعة الإشفاق على ضحاياهم من المدنيين ، وأن يساءلوا أنفسهم ما الذي قدموه لهم ؟
اللهم إنك أنت علام الغيوب ،لا يخفى عليك سبحانك شيء من أمر عبادك المجاهدين في سبيلك بأرض الإسراء والمعراج ، ولا نزكيهم عليك ، فعجل اللهم لهم بوعدك الناجز الذي لا نرتاب، ولا نشك فيه ،وأقراللهم عيونهم بنصرك المبين واقهر اللهم من اعتدى عليهم وظلمهم .
والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

إن الله يحب التوابين
إن الله يحب التوابين

أخبارنا

timeمنذ 38 دقائق

  • أخبارنا

إن الله يحب التوابين

خلق الله الخلق وهو أعلم بحالهم، وعلم فيما علم أنهم يذنبون ويخطئون، وأنه لا يخلو أحد من ذنب كما جاء في الحديث: (كلُّ ابنِ آدمَ خطَّاءٌ، وخيرُ الخطَّائينَ التَّوَّابونَ)[رواه أحمد والترمذي وابن ماجه]، وفي الحديث الآخر في صحيح مسلم: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ، فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ، فَيَغْفِرُ لهمْ). فلما كان هذا حال العباد، رغبهم الله تعالى في التوبة، وفتح لهم بابها، ودعاهم إليها.. مهما عظم ذنبهم، وزاد خطؤهم، وكثرت مخالفاتهم، فرحمة الله واسعة لا تضيق عن ذنب، وعفو الله يشمل كل خطيئة ـ مهما زادت وكثرت، أو جلت وعظمت ـ فهو القائل سبحانه: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}[الزمر:53]، وفي حديث أبي موسى الأشعري، قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الله - عزَّ وجلَّ - يَبسُط يدَه باللَّيل ليتوبَ مسيءُ النهار، ويَبسُط يدَه بالنهار ليتوبَ مسيءُ اللَّيل، حتَّى تطلع الشَّمسُ من مغرِبها)[رواه مسلم]. كثرة الفتن وزماننا هذا الذي نعيشه زمان فتن، تيسرت فيه أسبابها، وفتحت فيه أبوابها، وسهل على الناس الوصول إليها، مع تسلط أهل الباطل وأتباع إبليس وجند الشيطان على عباد الله، سعيا في إضلالهم عن الحق، وإغوائهم عن الأخلاق والفضائل، ودعوتهم للقبائح والرذائل. وزاد الطين بلة وجودُ وسائل التواصل التي فتحت الباب أما كل ساقط وفاجر وفاسق وداعر، لينشر فسقه وفجوره، بعد أن كان مخفيا عن الناس، فطغت وكثرت بسبب ذلك الفواحش، وانتشرت المقاطع، ودخلت على الناس بيوتهم ومخادعهم، واخترقت الأسماع والأبصار، ونفدت إلى القلوب، فلا يكاد أحد ينجو، وإنما الأمر يتفاوت بين مقل ومكثر، والمعصوم من عصم الله. والله سبحانه من رحمته بعباده، ولطفه بخلقه، وعلمه بضعفهم وعجزهم أزال عنهم كل حاجز يحجزهم عن التوبة حتى يغرغروا وتبلغ الروح الحلقوم، أو تطلع الشمس من مغربها.. (إنَّ اللَّهَ فتحَ بابًا قِبلَ المغربِ عرضُهُ سبعونَ عامًا للتَّوبةِ لا يُغلَقُ حتَّى تطلُعَ الشَّمسُ منهُ)[رواه أحمد والترمذي وصححه أحمد شاكر].. فهي في الحقيقة دعوة مفتوحة للرحمة والعفو والتوبة. محبة الله للتائبين ثم إنه سبحانه رفع عنهم وحشة البعد، وحاجب العصيان، فأخبرهم أنه يحب توبة التائبين إليه ويفرح بها كما قال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ}[البقرة:222]، وكما في الحديث في صحيح مسلم: (لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ، مِن أَحَدِكُمْ كانَ علَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فلاةٍ، فَانْفَلَتَتْ منه وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فأيِسَ منها، فأتَى شَجَرَةً، فَاضْطَجَعَ في ظِلِّهَا، قدْ أَيِسَ مِن رَاحِلَتِهِ ، فَبيْنَا هو كَذلكَ إِذَا هو بِهَا، قَائِمَةً عِنْدَهُ، فأخَذَ بِخِطَامِهَا، ثُمَّ قالَ مِن شِدَّةِ الفَرَحِ: اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ، أَخْطَأَ مِن شِدَّةِ الفَرَحِ). ولم أر حديثا أكثر ترغيبا في توبة العاصين منه، فهو سبحانه ليس فقط يعرض العفو والمغفرة، وإنما يخبر أنه يفرح بهذا ويحبه، فإذا تبت وأقبلت عليه يفرح بعودتك، ويحب توبتك. إياكم والقنوط لقد نادى الله على عباده خاصة العاصين منهم المفرطين، وحذرهم من القنوط من رحمته، واليأس من عفوه ومغفرته، بل جعل هذا القنوط من الرحمة، واليأس من المغفرة أعظمَ من كل ذنب عملوه، فقال: {وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِۦٓ إِلَّا ٱلضَّآلُّونَ}[الحجر:56]، وقال: {وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}[يوسف:87]. فكأنه يقول لهم: إن رحمتى أوسع من كل ذنب فعلتموه، وأكبر من أي قبح ارتكبتموه.. وما عليكم إلا أن ترجعوا إلى وتتوبوا إلى وأنا أقبل توبتكم وأحمد رجعتكم. لكل عاص أو مذنب استكثر ذنبه أو استعظمه، قد نادى عليك الله: (يا ابنَ آدمَ! إِنَّكَ ما دَعَوْتَنِي ورَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لكَ على ما كان فيكَ ولا أُبالِي، يا ابنَ آدمَ! لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنانَ السَّماءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لكَ ولا أُبالِي، يا ابنَ آدمَ! لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأرضِ خطَايا ثُمَّ لَقِيْتَني لا تُشْرِكْ بِيْ شَيْئَا لأتيْتُكَ بِقِرَابِها مَغْفِرَةً)[المسند، وصحيح الترمذي]. وفي الحديث القدسي الآخر: (يا عِبَادِي، إنَّكُمْ تُخْطِئُونَ باللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا، فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ)[صحيح مسلم]. العودة للذنب بعد التوبة والعبد قد يتوب إلى الله تعالى توبة صادقة مستلزمة لشروطها، ثم يستهويه الشيطان، ويغلبه الهوى فيعود لذنبه، فربما وسوس له الشيطان أن هذا تلاعب واستهزاء، وأن الله لا يقبل توبة مثل هذا، وإنما يريد أن يمنعه من العودة، ويقطع عليه طريق الرجوع، ويسد عليه باب التوبة فيهلك.. ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع على الشيطان طريقه، وأوضح للعبد سبيله، ودعاه إلى مداومة التوبة مهما تاب وعاد، ومهما أقلع ورجع، فالباب مفتوح.. فقد ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- عن رب العزة قال: (أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْبًا، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ، غَفَرْتُ لِعَبْدِي، ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ فَقَالَ: أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: عَبْدِي أَذْنَبَ ذَنْبًا فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ، غَفَرْتُ لِعَبْدِي، ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ فَقَالَ: أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي). أي أن العبد الذي يرتكب المعصية ثم يتوب توبة نصوحا عازما على عدم العودة، لكنه تزل قدمه ويقع مرة أخرى في الذنب، عليه أن يجدد التوبة، والله يتقبل منه ويغفر له بشرط أن تكون التوبة صادقة، وألا تكون مجرد تظاهر بذلك. وقد قيل للحسن: ألا يستحيي أحدنا من ربه يستغفر من ذنوبه ثم يعود ثم يستغفر ثم يعود؟، فقال: "ودَّ الشيطان لو ظفر منكم بهذا، فلا تملوا من الاستغفار". فعلى العبد أن يحسن ظنه بربه، وأن يتضرع إليه سبحانه أن يغفر له، ويتقبل منه، ويتوب عليه.. اللهم اجعلنا من التوابين، واجعلنا من المتطهرين.

حديث الجمعة : (( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ))
حديث الجمعة : (( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ))

وجدة سيتي

timeمنذ 2 ساعات

  • وجدة سيتي

حديث الجمعة : (( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ))

حديث الجمعة : (( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض )) من المعلوم أن تصنيف الله عز وجل لعباده في القرآن الكريم، يقوم على أساس طبيعة صلتهم به . وهم باعتبار ذلك أصناف ثلاثة: إما مؤمنون به أو كافرون أو منافقون يبطنون كفرهم ، ويظهرون إيمانهم يخادعون بذلك المؤمنين، ويتوددون به إلى الكافرين ، وهم بذلك شر من هؤلاء . ولقد فصّل سبحانه تعالى في وصف ظاهر وباطن كل صنف من خلال سرد أحوالهم ، وأفعالهم ، وأقوالهم،ومواقفهم ، و ما تكون عليه مصائرهم الأخروية ، وذلك في سياق المقارنة بينهم . ومما شملته هذه المقارنة طبيعة العلاقة بين أفراد كل صنف داخل دائرة الإيمان أو دائرة الكفر والنفاق . ولقد جعل سبحانه الولاء جزءا من هذه العلاقة ، وهو لفظة من دلالاتها المحبة ، والقرابة ، والنصرة ، والإخلاص ، والتعاون … أما الولاء داخل دائرة الإيمان، فقد حدده الله تعالى في الآيتين الواحدة والسبعين والثانية والسبعين من سورة التوبة حيث قال : (( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة في جنات عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم )) . وأما العلاقة داخل دائرة الكفر والنفاق فقد حددها في الآيتين السابعة والستين ، والثامنة والستين من نفس السورة بقوله تعالى : (( المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم نسوا الله فنسيهم إن المنافقين هم الفاسقون وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها هي حسبهم ولعنهم الله ولهم عذاب مقيم )). لقد قابل الله عز وجل في هذه الآيات الأربع بين المؤمنين والمؤمنات من جهة وبين المنافقين والمنافقات من جهة أخرى . وأول ما يلاحظ أنه سبحانه وتعالى ذكر الجنسين معا في كل فئة حيث تقاسم أهل الإيمان محمدة ، بينما تقاسم أهل النفاق مثلبة . فإذا كان بين المؤمنين والمؤمنات ولاء بما له من دلالات على المحبة، والقرابة ، والنصرة ، والإخلاص … وهو ما يدل على وجود آصرة قوية بينهم مردها الولاء الذي مصدره ومعينه الإسلام الذي يتقاسمونه، وهو عروتهم الوثقى التي لا انفصام لها ، وهو ولاء هم فيه سواسية ينهلونه من نفس النبع، لا يفرق بينهم جنس ، فإنه لا ولاء بين المنافقين والمنافقات لغياب مصدره أو منهله عندهم ، ذلك لأنهم في سرهم على ملة الكفر ، وفي علانيتهم يدعون الإسلام كذبا وزورا، وهذا تناقض صارخ إذ كيف يكون للمنافقين والمنافقات ولاء وهم على هذه الحال ، وعروتهم منفصمة ، وهم هالكون جميعا تابعهم ومتبوعه ، ذكورهم وإناثهم. ويفصل الله تعالى بعد ذلك في ما يغذي الولاء بين المؤمنين والمؤمنات ،فهو أولا اجتماعهم على الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ،وهم يقتبسون هذه السجية من مداومتهم لإقامة الصلاة التي هي عماد الدين ، حيث يجتمعون لأدائها خمس مرات في اليوم في حيز واحد هو بيت الله عز وجل، يستعرضون فيها هديه باستمرار، وهي بذلك محضن الاستقامة والهداية ، ومحضن المحبة بينهم ، وهي محبة تزداد قوة أيضا بإيتائهم الزكاة المحطمة لكل الفوارق المادية بينهم ،والواقية لشح أنفسهم، وهم في ذلك مطيعون لربهم سبحانه وتعالى، ولرسوله ائتمارا وانتهاء ،علما بأنهم لا يأمرون بمعروف إلا وهم مؤتمرون به ، ولا ينهون عن منكر إلا وهم منتهون عنه ، وتلك هي حقيقة طاعتهم . وتأتيهم البشارة السعيدة بعد ذلك وهي رحمة الله تعالى ، مع الخلد في جنات تجري من تحتها الأنهار في مساكن طيبة ،ورضوان منه ،الذي هو أكبر ما في بشارة ، وهو فوز عظيم . ويفصل الله تعالى فيما يغذي نفاق المنافقين والمنافقات ، فهو أولا أمرهم بالمنكر ونهيهم عن المعروف ، ولا يأمر بمنكر إلا متورط فيه ، ولا ينهى عن معروف إلا ممتنع عنه . ولم يذكر الله تعالى إقامتهم للصلاة، لأنهم لم تكن لهم أصلا صلاة صحيحة ، وإن كانوا يحضرونها مع المؤمنين والمؤمنات في المساجد ، وذكر قبض أيديهم كناية عن شحهم وبخلهم ، فأنى يكون لهؤلاء محضن محبة بينهم ،وهم على هذه الحال التي سماها الله تعالى نسيانا منهم له ، ود جلب عليهم نسيانه لهم ، وحازوا وسم الفسوق، وهو الخروج عن شرع الله تعالى في كل أحوالهم ؟ وجاءهم وعيد الله تعالى، وهو الخلد في نار جهنم مع الكافرين، وهي حسبهم مع عذاب مقيم فيها مع لعنة لا تنفك عنهم أبدا ، ومن يلعن الله فلا نصير له . مناسبة حديث هذه الجمعة هو تذكير المؤمنين بنعمة الولاء الحاصل بسبب رابطة الإيمان والإسلام ، وتحذيرهم من الوقوع في آفة النفاق ،لأن الله تعالى لم يقتصر ذكره للمنافقين والمنافقات على أولئك الذين عاصروا البعثة النبوية، بل ذكرهم كنماذج متكررة عبر الزمان إلى قيام الساعة ، وتلك أحوالهم السيئة يومئذ تنبيها لمن يأتي بعدهم من المؤمنين كي لا يسقطوا فيها أو يتلبسوا بها سواء عن كان ذلك عن غفلة منهم أو عن وعي، وقصد، وسبق إصرار، كما أنه لم يقتصر ذكر أحوال المؤمنين والمؤمنات ممن عاصروا البعثة النبوية ، بل ذكرهم كي يُقتدى ويُتأسى بهم في كل عصر إلى قيام الساعة . ومن شاء اليوم من المؤمنين والمؤمنات أن يقيس مسافة القرب بينه وبين أحوال أهل الإيمان، فليعرض نفسه على ما وصفهم به الله تعالى من أمر بالمعروف ، ونهي عن المنكر ، وإقامة للصلاة ،وإيتاء للزكاة ، وطاعة لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، مع صدق النية والقول والفعل في كل ذلك ، والحذر من الرياء المفضي إلى النفاق . ومن شاء من المؤمنين والمؤمنات أن يقيس مسافة البعد بينه وبين أهل النفاق ، فلينظر مدى حذره مما وصفهم به الله تعالى من نهي عن المعروف، وأمر بالمنكر ، وشح، ومعصية الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم مع سبق الإصرار على الفسوق . ولقد وضع الله تعالى بين أيدي المؤمنين والمؤمنات معايير قياس درجة الإيمان ، ودرجة النفاق ، ولا عذرلأحد منهم إن لم يتحقق من توفره على ما يتحقق به الإيمان من صفات وأقوال وأعمال ، وما ينبغي عليه أن يتنكبه من صفات مفضية إلى آفة النفاق . وإننا في هذا الزمان لنواجه صراعا مريرا تدور رحاه بين أهل الإيمان وأهل الكفر ، وقد تخندق مع هؤلاء أهل النفاق ،وهم يسوقون قيم الكفر بيننا ، يأمرون بمنكرهم ، وينهون عن معروف أهل الإيمان ، ويتجلى ذلك بكل وضوح في دعوات البعض إلى كفرهم البواح الذي تشهد به عليهم ألسنتهم ، وكتاباتهم وما يخطون، وإلى فسوقهم الصراح الهادم لصرح العفة سمو القيم والأخلاق ، وإلى مطاعمهم ومشاربهم الحرام ، وإلى بخلهم المُشاع الذي يجعل الهوة سحيقة بين محاويج وأثرياء… إلى غير ذلك مما يسوق من أحوال الكافرين في بلاد الإسلام على أنه من القيم الإنسانية الراقية والحضارية على ما فيها من انحدار إلى الدرك الأسفل من السوء . ولقد فتن كثير من المؤمنين والمؤمنات بهذا الذي يسوقه بينهم منافقون ومنافقات من أحوال الكافرين والكافرات عن جهل وغفلة ،فيضيع بسبب انبهارهم بهم إيمانهم وهم لا يشعرون، ويزيدهم بعدا عنه أن الكافرين يوحون إلى المنافقين الموالين لهم، والذين الذين يعيشون بين ظهرانيهم إلى تشكيكهم في صدق أهل الإيمان ،والنفور منهم لصرفهم عنهم ، وسوقهم إلى مهاوي الهلاك ، وإنها لتصدق على زماننا هذا نبوءة رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل : » سيأتي على الناس سنوات خدّاعات ، يُصدَّق فيه الكاذب ، ويُكذَّب الصادق ، ويؤتمن فيها الخائن ، ويخوّن فيها الأمين ، وينطق فيها الرويبضة ، قيل وما الرويبضة ، قال : الرجل التافه يتكلم في أمر العامة » . اللهم لطفك بنا يا رب العالمين ، اللهم إنا نعوذ بك مما كان يتعوذ منه رسولك الكريم عليه الصلاة والسلام من شقاق، ونفاق ، ومن سوء الأخلاق . اللهم إن لك عبادا قد ظلموا في أرضك المقدسة ،وما حُوصروا ، وما جُوِّعوا، وما عُطِّشوا ، وما دُمرت مساكنهم فوق روؤسهم ، وما قُتِّلوا تقتيلا ، وما أُبيدوا إبادة منكرة جماعية إلا لأنهم مؤمنون ومؤمنات يوحدونك ، وقد رفضوا أن يظل مسجدك الأقصى معرضا للتدنيس ، ومهددا بالتدمير والزوال ، وقد شاءت إرادتك أن تمحصهم ببلاء عظيم ، وقد أظهروا صبرا وجلدا، وأنت أعلم بهم ، ولا نزكيهم عليك ، اللهم عجل لهم بفرج من عندك ، فقد تخلى عنهم الأقارب والأباعد، ولا مولى لهم إلا أنت ، اللهم أرهم في عدوهم يوما أسود كأيام عاد، وثمود ،وفرعون، وكل الطغاة الهالكين الغابرين من الظالمين. والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات ، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

المجلس العلمي المحلي للناظور يحتفي بختم الطالبة آية أصغر للقرآن الكريم عن سن لا تتجاوز 14 سنة..
المجلس العلمي المحلي للناظور يحتفي بختم الطالبة آية أصغر للقرآن الكريم عن سن لا تتجاوز 14 سنة..

أريفينو.نت

timeمنذ 8 ساعات

  • أريفينو.نت

المجلس العلمي المحلي للناظور يحتفي بختم الطالبة آية أصغر للقرآن الكريم عن سن لا تتجاوز 14 سنة..

أريفينو : 24 مايو 2025. في أجواء إيمانية مفعمة بالخشوع والتقدير لكتاب الله تعالى، نظّم المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور، يوم الجمعة 25 ذوالقعدة 1446 الموافق 23 ماي 2025م، حفلاً دينياً بهيجاً بمناسبة ختم الطالبة آية أصغر، البالغة من العمر أربعة عشر سنة، للقرآن الكريم كاملاً، وذلك بفضاء كتاب ابن عاشر التابع لمعهد الإمام مالك للتعليم العتيق. وشهد الحفل حضور عدد كبير من النساء ، إلى جانب أسرة الطالبة وطالبات المعهد، حيث تخللت المناسبة تلاوات عطرة من الذكر الحكيم، وكلمة توجيهية لعضو المجلس العلمي الأستاذة حليمة الغازي، ركّزت فيها على فضل حفظ القرآن، ودور الأسرة والكتاتيب ومعاهد تحفيظ القرآن وتعليم العلوم الشرعية في تنمية هذا المسار المبارك لدى الناشئة. كما نوهت بمجهودات كل من المشرفة على طالبات المعهد حبيبة قيشوح والفقيه محمد أبركان والدعاء لهما بدوام الصحة والعافية والاستمرار في تخريج أجيال من الحافظات والخاتمات. إقرأ ايضاً وتُعد الطالبة آية أصغر نموذجاً مشرفاً للجيل الصاعد، حيث تمكنت من إتمام حفظ المصحف الشريف في سن مبكرة، وهو إنجاز يُحسب لها ولمعهد الإمام مالك للتعليم العتيق، ويُجسد ثمار المثابرة والإخلاص في طلب العلم الشرعي. وفي ختام الحفل، تم تكريم الطالبة بشهادة ختم القرآن وهدايا رمزية، عربون وفاء وتحفيز لمزيد من التألق في مسيرتها القرآنية والعلمية. كما عبّر الحاضرون عن سعادتهم بهذا الحدث، مؤكدين أن مثل هذه المبادرات تُسهم في ترسيخ القيم الدينية والوطنية لدى الشباب. ويأتي هذا النشاط ضمن البرامج التي دأب المجلس العلمي المحلي للناظور على تنظيمها، دعماً لطلبة التعليم العتيق، وتشجيعاً على حفظ القرآن الكريم والتخلق بأخلاقه.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store