
كتب ودراسات تناولت تاريخ ظواهر السحر والشعوذة في المجتمع المصرى
بين الحين والآخر تنشر الأخبار المتعلقة بحملات تنظيف المقابر في محافظات مصر من الأعمال؛ وأحدثها الخبر الذى نشرته الزميلة "ولاء القاضي" بجريدتنا "الدستور"؛ تحت عنوان "فى حملة لتنظيف المقابر بالمنوفية.. أهالى قرية أبوشعرة يستخرجون آلاف الأعمال"؛ والتي ينتج عنها كل مرة استخراج عشرات "كتب وأحجبة وكتابات غامضة"؛ والغريب أن هذه الظاهرة تعود لأوائل القرن العشرين في مجتمعنا المصرى؛ بحسب ما جاء في دراسة كل من "وينفرد بلاكمان" بعنوان "فلاحو الصعيد" وهي من الدراسات التي تناولت السحرة والسحر في المجتمع المصري باستفاضة شديدة؛ حيث تناولت حياة المصريين الدينية والاجتماعية والصناعية مع إشارة خاصة إلى جذور هذه الظاهرة والى تعود للعصور القديمة، ونشرت عن دار نشر الشروق بعنوان 'الناس في صعيد مصر..العادات والتقاليد'.
الظاهرة توقف عندها أيضا "إدوارد وليم لين"؛ حيث قام بدراسة الخرافات والسحر والتنجيم والكثير من العادات والمعتقدات والتقاليد في المجتمع المصري؛ ونشرت تحت عنوان "المصريون المحدثون"؛ وتعد هذه الدراسة من الدراسات العمدة في هذا المجال، وهي المرجع بالنسبة للكثير من الباحثين.
الإناث الأكثر ترددًا على الأعمال والسحر.. والمتزوجون الأكثر ذهابا للممارسين
وأنه وبالنظر إلي نتائج دراسة "الأبعاد الاجتماعية والنفسية المرتبطة بالإقبال على أعمال السحروانعكاس ذلك على الأسرة.. دراسة أنثروبولوجية مقارنة بين الريف والحضر"؛ والتي أجراها عدد من الباحثين ونشرت في مجلة العلوم البيئية التي تصدر عن معهد الدراسات والبحوث البيئية بجامعة عين شمس، والتي طبقت علي عينة من مدينة كفر الزيات، وقرية التابعة لها بمحافظة الغربية؛ قوامها 140 من الريف، بينما جاءت عينة الحضر قوامها 90 مفردة.
وانتهت الدراسة إلى مجموعة من النتائج منها ما يلي، أن الإناث أكثر ترددا من الذكور على السحرة، والسبب وارء ذلك أن الإناث أكثر إستعدادا للإستهواء، كما بينت الدراسة أن النسبة الكبيرة من المترددين على السحرة تنتمي إلى الفئات العمرية ما بين "20 – 50 سنة" كما أنها تقل في الفترة العمرية مابعد 50 سنة، وأن نسبة كبيرة من المترددين على السحرة من المتعلمين.
وأوضحت الدراسة أن أكثر الفئات ذهابـا إلى الممارسين من "المتزوجين"، يليها "أعزب"من الذكور والإناث، ثم "مطلق" و"رمل".
وبينت الدراسة أن نسبة كبيرة من المترددين على السحرة من الموظفين، كما أوضحت الدراسة أن المترددين على الممارسين من كل الفئات الاجتماعية والاقتصادية بالرغم من إنتشار وسائل التحضر والتكنولوجيا.
اقتصاديات الدجل.. المصريون ينفقون 10 مليارات جنيه سنويًا على قراءة الغيب
في دراسة أخرى، أجراها المركز القومى للبحوث الجنائية؛ أشارت نتائجها إلى أن المصريين ينفقون حوالى 10 مليارات جنيه سنويًا على قراءة الغيب وفك السحر والعلاج من الجان.
وأشارت الدراسة إلى أن هناك 274 خرافة تسيطر على سلوك أهل القرى فى مصر، وهناك دجال لكل 240 مواطنًا. وأضافت الدراسة أن هناك ربع مليون دجال يمارسون أنشطة الشعوذة فى العالم العربى، وأن 200 ألف شخص فى مصر يدعون العلاج من الأمراض من خلال تحضير الأرواح التي يفضلونهما على اللجوء الى الأخصائيين من الأطباء النفسيين والمتخصصين، ظنا ممن تنتابهم أعراض ما أن الدجالين سوف يفكون السحر الموضوع لهم أو يفكون ما يسمونه العمل.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


بوابة الفجر
منذ يوم واحد
- بوابة الفجر
التعليم العالي: 7 مليارات جنيه مخصصات البحث العلمي في الموازنة الجديدة
ناقشت لجنة التعليم والبحث العلمي بمجلس النواب اليوم الاثنين، برئاسة الدكتور سامي هاشم، مشروعي قانونين بربط الموازنة العامة للدولة وخطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالي 2025/2026، فيما يخص البحث العلمي والهيئات التابعة (المعاهد والمراكز البحثية)، بحضور الدكتور محمد أيمن عاشور، وزير التعليم العالي والبحث العلمي. موازنة وزارة التعليم العالي وقال الدكتور أيمن عاشور، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، إن مخصصات التعليم العالي والبحث العلمي في الموازنة الجديدة للعام المالي 2025/2026 بلغت 135 مليار جنيه، منها 128 مليار جنيه للتعليم العالي، و7 مليارات جنيه للبحث العلمي. وأشار وزير التعليم العالي، إلى أن هناك بحث علمي في كل جامعة، بالإضافة إلى أن هناك تمويل ذاتي في الجامعات يصل إلى 30%، مضيفًا أن موازنة التعليم العالي والبحث العلمي كانت 64 مليار جنيه، وبلغت 135 مليار جنيها في 2025، أي زيادة 109%، وهذا يعكس مدي دعم الدولة لمنظومة التعليم والبحث العلمي. وتابع عاشور: القاهرة الكبري تستحوذ على 41% من موازنة التعليم العالي و16% من مخصصات المستشفيات الجامعيات، في حين يستحوذ أقليم الصعيد بشكل عام على ما يقرب من 20% من الإنفاق على التعليم و25% في قطاع الصحة، وهذا يعكس الدعم المقدم لأهالينا في الصعيد وأنه في الأولويات. وأكد "الوزير"، أنه في 2014 كان عدد الجامعات 50 جامعة في مصر منها 23 جامعة خاصة، والآن في 2025 بلغ عدد الجامعات 120 جامعة، وهذا إنجاز غير عادي، منها 28 جامعة حكومية و37 جامعة خاصة و20 جامعة أهلية و14 جامعة تكنولوجية.


الزمان
منذ يوم واحد
- الزمان
وزير التعليم العالي : 153 مليار جنيه موازنة التعليم العالي والبحث العلمي ولدينا 120 جامعة في مصر
أكد د. أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي ، أن مخصصات التعليم العالي والبحث العلمي ، في الموازنة الجديدة للعام المالي 2025/2026 بلغت 135 مليار جنيه ، منها 128 مليار جنيه للتعليم العالي ، و7 مليار جنيه للبحث العلمي ، مشيراً خلال اجتماع لجنة التعليم والبحث العلمي بمجلس النواب برئاسة د. سامي هاشم لمناقشة موازنة التعليم العالي والبحث العلمي ، أن هناك بحث علمي في كل جامعة ، بالإضافة إلي أن هناك تمويل ذاتي في الجامعات يصل إلي 30 % و لفت " وزير التعليم العالي ، إلى أن موازنة التعليم العالي والبحث العلمي كانت 64 مليار جنيه ، بلغت 135 مليار جنيها في 2025، أي زيادة 109 % وهذا يعكس مدى دعم الدولة لمنظومة التعليم والبحث العلمي وتابع : القاهرة الكبرى تستحوذ علي 41% من موازنة التعليم العالي و16 % من مخصصات المستشفيات الجامعيات ، في حين يستحوذ أقليم الصعيد بشكل عام علي ما يقرب من 20% من الإنفاق علي التعليم و25% في قطاع الصحة وهذا يعكس الدعم المقد لاهالينا في الصعيد وانه في الأولويات و تابع "الوزير" أنه في 2014 كان عدد الجامعات 50 جامعة في مصر منها 23 جامعة خاصة الأن في 2025 بلغ عدد الجامعات 120 جامعة وهذا إنجاز غير عادي ، منها 28 جامعة حكومية و37 جامعة خاصة و20 جامعة اهليه و14 جامعة تكنولوجيا

مصرس
منذ يوم واحد
- مصرس
تحافظ على موارد المياه العذبة وتحقق إضافة كبيرة للإنتاج :الزراعة الملحية .. كنز جديد لاستغلال الأراضى الساحلية
فى ظل ما تشهده مصر من تحدياتٍ مائية متصاعدة، وتقلص مستمر فى الرقعة الزراعية، تبرز الزراعة الملحية كخيار استراتيجى يحمل فى طياته ملامح ثورة هادئة فى مستقبل الأمن الغذائي.. لم تعد الملوحة عائقًا، بل تحولت إلى مُحفز للابتكار، بعد أن أثبتت التجارب العلمية إمكانية تحويل الأراضى الهامشية والمياه المالحة إلى موارد مُنتجة، وبينما تتوسع دول مثل: الهند والصين فى تطبيق تقنيات الزراعة الملحية لتحقيق الاكتفاء الذاتي، بدأت مصر مؤخرًا فى إعادة اكتشاف هذا المسار عبر جهود بحثية وميدانية يقودها علماء ومراكز بحثية طموحة، تسعى لاستغلال ثرواتنا المنسية من المياه الجوفية المالحة وسواحلنا الممتدة، بحثًا عن محاصيل تقاوم التحدى وتزدهر وسط الصعاب، «الأخبار» تسلط الضوء على هذا النوع من الزراعة ومستقبله فى مصر. الزراعة الملحية تُعد نمطًا زراعيًا يعتمد على استغلال أنواع وسلالاتٍ نباتية تمتلك قدرة طبيعية على التكيف مع درجات ملوحة وحرارة مرتفعة، وتعود جذور هذه الفكرة إلى النظم البيئية ذاتها، حيث تنمو نباتات مقاومة للملوحة تلقائيًا فى بيئات شديدة القسوة مثل: الشواطئ الرملية، ومناطق المد والجزر، والمناطق المغمورة بالمياه المالحة.اقرأ أيضًا | الزراعة و«الإيفاد» يستعرضان أنشطة مشروع التكيف في البيئات الصحراويةهذه الظاهرة الطبيعية ألهمت عددًا من الباحثين منذ منتصف القرن العشرين، فبدأت محاولات لاستخدام مياه البحر فى رى نباتات مُختارة يمكن أن تبدى قدرة على التكيف مع الملوحة والاستمرار فى النمو، واستنباط أنواع جديدة من المحاصيل ، سواء من المحاصيل الغذائية الأساسية كالشعير والقمح، أو من النباتات المُستخدمة كأعلافٍ ومراعٍ طبيعية للماشية.مفهوم الزراعة الملحية لا يتوقف عند حدود زراعة محاصيل تتحمل المياه المالحة، بل تطور ليشمل توظيف تلك المياه، ولو بنسب قليلة فى تحسين جودة بعض النباتات، والتحكم فى عملية نضجها.المياه المالحةفى هذا السياق، أكد الأستاذ الدكتور محمد الحجري، رئيس وحدة الرى والصرف بمركز بحوث الصحراء، أن مصر تمتلك ما يقرب من 6 مليارات متر مكعب من المياه المالحة، تتنوع بين مياه محلاة وجوفية عالية الملوحة، مشيرًا إلى أن هذه الموارد يمكن الاستفادة منها فى الزراعة المحلية بدلاً من تركها تتسبب فى تدهور التربة، مضيفًا أن معالجة التربة المالحة تُعد عملية باهظة التكلفة، إذ يصل ثمن المتر المكعب الواحد إلى دولار أمريكي، أى ما يعادل نحو 350 ألف جنيه للفدان الواحد، مما يضع عبئًا ماليًا كبيرًا على كاهل المزارعين والدولة.وأشار إلى أن الحل الأمثل لهذه الإشكالية يمكن أن يُستوحى من تجارب ناجحة فى كل من الأردن والمغرب، حيث تم التوسع فى استخدام تقنيات الزراعة بدون تربة عبر ما يُعرف بالزراعة الهوائية، وهى تقنية تعتمد على بقاء الجذور معلقة فى الهواء دون تلامس مباشر مع التربة، موضحًا أن هذه الطريقة أثبتت فاعلية كبيرة، حيث استطاعت الدولتان التغلب على التكلفة المرتفعة لتحلية المياه من خلال الزراعة داخل بيوت محمية تعتمد على تقنيات الزراعة بدون تربة، بكفاءة تصل إلى أكثر من 95%، نتيجة لانعدام الفاقد من المياه سواء بالبخر أو الرشح العميق، مما يعظم من الاستفادة من كل قطرة مياه مُحلاة مرتفعة التكاليف، ويرفع العائد الاقتصادى للمشروع، الذى تم البدء فيه بالفعل على مستوى قطاع الاستثمار الزراعي، وحقق نجاحًا ملحوظًا.نباتات تتحدى الملوحةوتحدث الحجرى عن الزراعة الملحية قائلاً: إنها تنتج نباتاتٍ تتحمل الملوحة العالية، مثل: نبات المانجروف، الذى يُستخدم كعلف للجِمال، إلى جانب دوره البيئى المهم فى حماية الشواطئ من التآكل، كما أشار إلى نبات البونيكام، الذى يُعد علفًا أخضر ويمتاز عن البرسيم من حيث التحمل والقدرة الإنتاجية، بالإضافة إلى مجموعة من النباتات الملحية الأخرى التى تُعد بدائل واعدة فى مجال الأعلاف.. ومن أبرز هذه النباتات: «الساليكورنيا»، والتى تنمو فى المستنقعات المالحة وتضم أكثر من 30 نوعًا يمكن تناولها، وكذلك «الفربيون المتوازي»، و»عشب الرمل»، و»الطيطان البحري» المعروف أيضًا ب «بصل البر»، فضلًا عن نخيل البلح، والزيتون، والجوجوبا، والأكاسيا، والقطف، التى تصلح جميعها كأعلاف حيوانية وتتميز بتحملها لمستويات مرتفعة من الملوحة، وبعضها ينمو على شواطئ البحر مباشرة، وفقًا للدكتور الحجري.مراكز التميزوأضاف: أن من أبرز المبادرات التى جرى إطلاقها فى هذا المجال هى مبادرة «مراكز التميز للزراعات الملحية»، التى تُعنى بإجراء بحوث متقدمة على النباتات القادرة على تحمل الملوحة، ودراسة أفضل الاستخدامات الصناعية والاقتصادية المُمكنة لها، بما يفتح آفاقًا جديدة للتنمية المستدامة فى البيئات الصحراوية وشبه المالحة.وأوضح أن الزراعة الملحية لم تعد مجرد فكرة نظرية بمصر، بل أصبحت واقعًا ملموسًا، موضحًا أن هناك بالفعل زراعاتٍ ملحية قائمة حاليًا فى منطقة المغرة بجنوب العلمين، فى تجربة تُعد الأولى من نوعها فى هذا السياق، وتمثل خطوة مهمة نحو توطين هذا النوع من الزراعات.صرف إضافىورغم ما تحمله الزراعة الملحية من مزايا، إلا أن الدكتور الحجرى حذر من بعض التحديات المرتبطة بها، وفى مقدمتها: أن التربة الزراعية قد تتعرض لزيادة فى نسب الملوحة، إذ يمتص النبات حاجته من الأملاح، بينما تُترك البقايا فى التربة، مما يستدعى لاحقًا صرفًا إضافيًا على استصلاح الأرض مرة أخرى، مشددًا على أن الحل الأمثل لمثل هذه المشكلات يكمن فى تطبيق التجربة الأردنية والمغربية بالاعتماد على تحلية المياه واستخدام تقنيات الزراعة بدون تربة، باعتبارها خيارًا مستقبليًا واعدًا لمواجهة ندرة المياه وتحديات الأمن الغذائى فى المنطقة.التغيرات المناخيةفى ظل التغيرات المناخية وندرة المياه العذبة تأتى الحاجة الملحة للزراعة الملحية، وهو ما أكده الدكتور شريف فياض، أستاذ الاقتصاد الزراعى بمركز بحوث الصحراء، إذ قال: إن الزراعة الملحية لم تعد مجرد خيار بديل، بل أصبحت ضرورة استراتيجية تفرضها تداعيات التغيرات المناخية التى يمر بها العالم، ومنها: مصر.وأوضح أن من أخطر هذه التغيرات: ارتفاع منسوب سطح البحر، مما يهدد الأراضى الساحلية بالتملح والغمر، إلى جانب ظاهرة الاحتباس الحرارى الناتجة عن تزايد انبعاثات ثانى أكسيد الكربون، والتى تؤدى بدورها إلى ارتفاع درجات الحرارة وزيادة معدلات البخر من التربة، وبالتالى ارتفاع نسبة الملوحة، الأمر الذى ينعكس سلبًا على إنتاجية الأراضى الزراعية.سلالات جديدةوشدد فياض على أن التعامل مع هذا الواقع يقتضى استنباط سلالات نباتية جديدة قادرة على تحمل مستويات مرتفعة من الملوحة والحرارة، مشيرًا إلى أن هذه الأصناف يمكنها أن تعوض بشكل جزئى التراجع الحاد فى إنتاجية المحاصيل التقليدية تحت ظروف الملوحة والحرارة.. وذكر أن هناك محاصيل علفية مثل: «الدخن» و»البونيكام» تُظهر قدرة كبيرة على التكيف مع الأراضى الملحية، مقارنة بمحاصيل تقليدية مثل: البرسيم، إلى جانب محاصيل حبوب مثل: «الكينوا» التى تجود فى البيئات المالحة ويمكن استخدامها فى إنتاج المخبوزات، مما يجعلها بديلًا واعدًا فى ظل الأزمة المناخية.خريطة للأراضىوأشار فياض إلى أن الخطوة الأولى نحو الاستفادة القصوى من الزراعة الملحية تتمثل فى إعداد خريطة جغرافية دقيقة للأراضى المتأثرة بالملوحة فى مصر، من خلال مسوحات تربة ميدانية تشمل تحليل الخصائص الكيميائية للتربة، وتحديد نسبة الملوحة ومعدلات تغيرها على مر السنوات، وهذه الخريطة بحسب فياض، ضرورية لفهم طبيعة المشكلة وأسبابها، سواء كانت ناتجة عن تسرب مياه البحر، أو ارتفاع درجات الحرارة، أو الاستخدام غير المستدام للأسمدة والمبيدات الذى يؤدى إلى تراكم بقايا كيميائية فى التربة تزيد من ملوحتها.تحديد المحاصيلوأوضح فياض: أنه بعد تحديد المناطق المتأثرة وأسباب التملح، تأتى مرحلة دراسة التركيب المحصولى المناسب لتلك الأراضي، بما يشمل اختيار المحاصيل القادرة على النمو فى هذه البيئات، وتقييم جدواها الاقتصادية، ومعرفة ما إذا كانت محاصيل تصديرية أو صناعية أو علفية، وإمكانية إدخالها فى أنشطة مرتبطة كالإنتاج الحيوانى أو الصناعات الغذائية، مشددًا على أهمية التفكير فى بدائل حقيقية تعالج الفجوات الغذائية، مثل: استخدام الكينوا بدلًا من القمح، أو إحلال محاصيل مثل: الدخن والبونيكام محل البرسيم لتوفير مساحة أكبر لمحاصيل استراتيجية مثل: القمح والفول.جهود بحثيةوشدد على ضرورة زيادة الدراسات البحثية المتكاملة فى هذا المجال داخل مصر، مشيرًا إلى أن ما يتم حاليًا من جهود بحثية، سواء على مستوى الأفراد أو المراكز يحتاج إلى المزيد، ويحتاج إلى دعم أعمق وارتباط أكبر بين التخصصات المختلفة، موضحًا أن الزراعة الملحية تحتاج إلى تكامل واضح بين دراسات النبات والتربة والإنتاج الحيوانى والدراسات الاقتصادية والاجتماعية، فضلًا عن توظيف تقنيات حديثة مثل: نظم المعلومات الجغرافية والاستشعار عن بُعد لرصد التغيرات فى التربة وحساب مؤشرات تدهور الأرض، والتى تُعد من المؤشرات الضرورية لفهم تطور الحالة البيئية والزراعية للمناطق المُعرضة للملوحة.ولفت الدكتور فياض إلى أن هناك بعض الجهود الجارية على أرض الواقع فى مجالات الزراعة الملحية، مثل: المشروعات المقامة فى سهل الطينة، وبعض المناطق بالقرب من بورسعيد، وكذلك فى واحات مرسى مطروح وشبه جزيرة سيناء، حيث تتم تجربة محاصيل مثل: الدخن والكينوا، لكنه أوضح أن هذه الجهود ما زالت محدودة، مشددًا على ضرورة زيادة التمويل المُوجه للبحث العلمي.التنمية الزراعيةوتمثل الزراعة أهمية اقتصادية كبيرة، فما أهمية هذا النوع منها؟ يجيب د. عبدالمنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، بأن ندرة المياه العذبة وزحف المناطق الحضرية وتآكل التربة الزراعية وغيرها يشكل تحديًا كبيرًا أمام خطط التنمية الزراعية والتوسع الحضرى والرؤى المستقبلية، ويتطلب فى الوقت ذاته بذل مزيد من الجهد والبحث عن أفكار خلاقة وحلول غير تقليدية من أجل مجابهتها، وتُعد الزراعة الملحية أحد هذه الحلول غير التقليدية التى يمكن أن تُحدث ثورة فى مجال الزراعة التقليدية، وتحقق فضائل ومزايا كثيرة، منها: الحفاظ على موارد المياه العذبة ومخزون المياه الجوفية واستغلال المناطق الساحلية غير الحضرية والأراضى السبخية فى الزراعة.توجه استراتيجيوأضاف بأن الزراعة الملحية تمثل توجهًا استراتيجيًا واعدًا لمصر فى ظل التحديات المتزايدة المرتبطة بندرة المياه العذبة وتملّح التربة، وهى تعتمد على زراعة محاصيل تتحمل مستوياتٍ عالية من الملوحة باستخدام مياه مالحة أو شبه مالحة، مثل: مياه الصرف الزراعى بعد معالجتها أو المياه الجوفية المالحة أو حتى مياه البحر بعد معالجتها.وأوضح بأن أهمية ومكاسب الزراعة الملحية لمصر تتمثل فى الحفاظ على المياه العذبة، لأنه باستخدام المياه المالحة، يمكن توفير كميات كبيرة من المياه العذبة لاستخدامها فى الشرب أو الزراعة التقليدية ذات العائد المرتفع، وكذلك استغلال الأراضى المتملحة وغير المُستغلة، إذ تُقدر نسبة كبيرة من الأراضى الزراعية فى مصر بأنها متأثرة بالملوحة، خاصة فى شمال الدلتا وسيناء، ويمكن الاستفادة منها عبر الزراعة الملحية بدلًا من تركها بورًا.تحقيق الأمن الغذائى أيضًا من أبرز المكاسب وفقًا للدكتور السيد، إذ يقول: إن زراعة محاصيل مثل: الكينوا، الشعير الملحي، الساليكورنيا التى تُستخدم فى إنتاج الزيوت والأعلاف، تساعد فى تنويع مصادر الغذاء وتقليل الاعتماد على الاستيراد، فضلاً عن دعم الاقتصاد الريفى وتوفير فرص عمل، فإدخال تقنيات الزراعة الملحية فى كثير من المناطق يمكن أن يوفر فرص عمل ويساهم فى الحد من الهجرة الداخلية.ويتابع بأنه من ضمن مكاسب هذا النوع من الزراعة، إنتاج بدائل صناعية وتصديرية، فبعض النباتات الملحية تدخل فى صناعات الأدوية، الأعلاف الحيوانية، الزيوت، والوقود الحيوي، مما يفتح آفاقًا تصديرية جديدة.استراتيجية وطنيةويرى مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية: أن مصر تحتاج لتفعيل وتشجيع الزراعة الملحية والتوسع فيها، ويمكن ذلك عن طريق وضع استراتيجية وطنية للزراعة الملحية تشمل خريطة بأماكن الزراعة المُحتملة وأنواع المحاصيل المناسبة، وكذلك الاستثمار فى البحث العلمى لتطوير محاصيل مُحسنة تتحمل الملوحة، وتحسين إدارة الملوحة فى التربة.ويشدد على أهمية نقل التكنولوجيا من الدول الرائدة فى هذا المجال مثل: الإمارات وهولندا والمكسيك، وتوفير حوافز للمزارعين والمستثمرين للدخول فى هذا المجال من خلال دعم مالى أو تقني، بالإضافة إلى الربط مع الصناعة عن طريق توجيه الإنتاج لاستخدامه فى الأعلاف، الطاقة الحيوية، أو الزيوت، وغيرها.تجربة مستجيروعند الحديث عن التجارب الناجحة فى هذا المجال، يتبادر إلى الأذهان الدكتور أحمد مستجير، أحد أبرز رواد الهندسة الوراثية فى مصر والعالم العربي، الذى لعب دورًا محوريًا فى تطوير الزراعة الملحية، وقدم تجربة بالاعتماد على أبحاث رائدة فى استنباط سلالات من المحاصيل، مثل: القمح، قادرة على النمو فى بيئات مالحة، مما يفتح آفاقًا جديدة للزراعة فى الأراضى غير الصالحة تقليديًا، وتُعد الهند من أوائل الدول التى استفادت من أبحاث الدكتور مستجير، حيث قامت بتطوير تقنيات الزراعة الملحية لتحقيق اكتفاء ذاتى فى زراعة القمح باستخدام مياه البحر، مما ساعد فى تلبية احتياجات سكانها.كما تبنت الصين هذه التقنيات، حيث نجح علماء صينيون فى تطوير سلالات من الأرز تنمو فى التربة المالحة، مما ساهم فى تحويل أراضٍ غير صالحة للزراعة إلى أراضٍ مُنتجِة، وبالتالى تعزيز الأمن الغذائى فى البلاد، بالإضافة إلى ذلك بدأت بعض دول الخليج فى تطبيق تقنيات الزراعة الملحية لمواجهة تحديات ندرة المياه وتوسيع الرقعة الزراعية.