وقفة مع مسلسل معاوية
د. شفيق طه النوبانيلا شك أن لمسار التاريخ وأحداثه دورا بالغ الأهمية في تحقق الواقع في شكله القائم، بل إن من الممكن أن نقول إن الواقع محصلة لمسار التاريخ بصورة أو بأخرى، كما أن للدقة في سرد التاريخ أهمية كبيرة في تحقيق فهم أفضل للواقع، غير أن ما يبدو أهم من ذلك كله الوعي بالتاريخ، لا سيما إذا كان هذا الوعي وعيا جمعيا يسهم في تشكيل الاتجاهات والمذاهب على تنوعها واختلافها. والناظر في العمل الدرامي التلفزيوني «معاوية» الذي عرض على إحدى شاشات إم بي سي مؤخرا سيجد أن هذا العمل لا يبتعد عن مسار الوعي بالتاريخ، كما لا يبتعد عن سرد التاريخ ورواياته المتعددة في مرحلة مثلت مفترق طرق بالنسبة للمراحل التاريخية التي لحقتها.إن هذا الوعي بالتاريخ سيجعلنا نفهم ما انتقده الكثيرون من متابعي هذا العمل الدرامي، لا سيما تلك الاعتراضات التي ارتبطت بالأزياء ومواقع التصوير بما فيها من قصور لا تمثل الحقبة التاريخية التي ينقلها العمل، فوعي المرحلة يفترض أن يربط خلافة معاوية الذي استطاع أن يحقق العديد من المنجزات لصالح الخلافة العربية الإسلامية يَفترض أن معيشته كانت في قصور ضخمة لا تعوزها ملامح المدنية التي بدت من خلال الحدائق الملحقة بقصره، لا سيما أنه يقطن في دمشق التي احتكت بحضارات أخرى كانت قد بسطت سيطرتها على المنطقة قبل مجيء الإسلام. وقد كان من الطبيعي أن يبدو معاوية بصورة حاكم ذي ملابس فخمة.لا نستطيع أن نحدد بالضبط دوافع إنتاج هذا العمل الدرامي، غير أن من الطبيعي أن نحاول قراءة أي عمل فني ضمن الأدوات المتاحة من خلال المتابعة والتحقيق. والناظر في مسلسل معاوية سيحتار في هدف العمل الدرامي؛ هل كان تسويغا للمرحلة التاريخية ومواقف أعلامها البارزين بطبيعة الحال، أم كان تمجيدا لشخصية على حساب شخصية أخرى، أم سردا تاريخيا يحاول أن يتقصى أكبر درجات الدقة؟ ولعلي لا أجانب الصواب إذا قلت إن العمل جمع بين هذه الملامح جميعها.خلال متابعة العمل من أوله إلى آخره سيجد الناظر أن السرد التاريخي يغلب على مشاهده بصورة عامة، فقد أبرزت الشاشة سنة ومكان المشاهد التاريخية مرات عديدة بكتابة التاريخ في الأسفل، ولعل التحرز في تناول مرحلة الفتنة هو الذي دفع إلى ذلك على الرغم مما فيه من إضعاف للملمح الفني في إخراج العمل، إذ بدا تتبّعا تاريخيا في كثير من الأحيان، غير أن هذا السرد التاريخي لم يمنع بطبيعة الحال من افتراض العديد من المشاهد التي لا بد فيها من الدخول إلى حيوات الشخصيات اليومية، كما هو الحال مثلا في حديث معاوية مع جواريه اللواتي اقتربن منه في حياته الشخصية.هذا ما يقودنا إلى شكل إبراز شخصية معاوية، فتصوير المشاهد التي جاءت مع جاريته أثناء خلوتهما لم تكن لتخدم حشمة الشخصية في أثناء تقديمها، ولعل في هذا التقديم شيئا من نزع هذه السمة عن الشخصية على الرغم من أنه قُدم في بداية العمل على أنه من كتبة الوحي. ولا شك أننا هنا لا نسعى إلى القيام بدور الرقابة على العمل الفني، لكننا نحاول أن نبرز الصورة التي قدمها المسلسل للشخصية. والحقيقة أن مثل هذه المشاهد لا تنفصل عن المعطى التسويغي في هذا العمل، فقد بدا معاوية في مراحل حياته الأولى شخصية عصبية بعض الشيء، إذ دخل على مجلس علي بن أبي طالب أثناء ولاية عثمان بن عفان، وحمّل عليا ومن معه مسؤولية أي مكروه يصيب عثمان بعد ذهابه إلى دمشق موافقا قول علي بأن كلامه تهديد له ولمن في مجلسه، وإذا كان في ذلك شيء من نزع سمة الاتزان في شخصية معاوية، فإنه ينطوي على قدر من نزع سمة أقرب إلى القدسية في شخصية علي. وهو بلا شك مما لا يتلاءم مع تقديم شخصية منسجمة من أول العمل إلى آخره. هل أراد مقدمو العمل أن يبرزوا حدة الموقف وعصبية الشخصية حتى يسوغوا مسلكها فيما بعد؟والحقيقة أن العمل لم ينجح في تمجيد شخصية معاوية حتى المشاهد الأخيرة منه، إذ بدا منافحا عن تولية ابنه يزيد الخلافة على الرغم من اعتراض العديد من ذوي المكانة في المجتمع الإسلامي في ذلك الحين. وهو يزيد الذي قُدم في المسلسل نفسه في مراحل شبابه على أنه شاب غير متزن بالصورة الكافية، إذ لم تبد رجاحة عقله في أكثر من مشهد، بل إن مشهدا رمزيا بدا واضح الدلالات أبرز ذلك في الحلقة الأخيرة على الرغم من وصوله إلى مرحلة الرشد، إذ هزمه معاوية في المبارزة قبل أن يقود الجيش المسلم بهدف فتح القسطنطينية.لا شك أننا لسنا في موضع الحكم على أي شخصية من هذه الشخصيات الإسلامية العظيمة التي قادت فتوحات كبرى، وسّعت من خلالها رقعة انتشار الثقافة الإسلامية وأسست لحضارة راقية قامت بدور عظيم على مدى التاريخ، كما أفسحت المجال للتنوع في إطار واسع للثقافة الإسلامية، غير أننا مطالبون بتقديم أعمال منسجمة في داخلها، متماسكة في طرحها، فارتباكنا الذي لا يمكننا أن نتجاوزه في تناول مرحلة الفتنة يتطلب منا جهدا أكبر في صياغة الأعمال الفنية التي تتناول هذه المرحلة، إذا كان لا بد من تناولها، فالناظر في شخصية معاوية سيلحظ هذا الارتباك في رسم الشخصية، إذ لم تبد متسقة عبر العمل كله، بل إن أدوات مقدمي العمل في تقديم الشخصيات كانت محدودة كثيرا ما تقتصر على الأزياء دون الأداء، هذا إذا ما استثنينا دور عثمان بن عفان الذي أداه باقتدار أيمن زيدان.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


خبرني
منذ 2 أيام
- خبرني
نجل كريم عبد العزيز يكشف موقفه من التمثيل
خبرني - في أول حديث له حول مستقبله، كشف "علي"، نجل الفنان المصري كريم عبدالعزيز، عن رغبة والده في عمله بمجال التمثيل. وقال علي، خلال تصريحات تلفزيونية لبرنامج "سينماتيك"، على هامش العرض الخاص لفيلم "المشروع X"، إنه فكر في خوض تجربة التمثيل، لكنه تراجع عنها بسبب تردده وعدم درايته بأفضل طريق مستقبلي عليه السير فيه. وأضاف "علي" أن والده يريده اتخاذ نفس طريق عائلته ودخول عالم الفن بقوله: "والدي عايزني أدخل نفس المجال وبيشجعني أكون ممثل". وعن آخر أعمال والده، فيلم "المشروع X"، يشير "علي" إلى أنه يتوقع للعمل نجاح كبير، حيث بذل والده وفريق العمل جهداً كبيراً. وكان فريق فيلم المشروع، احتفلوا أمس الأحد، بالعرض الخاص لفيلم "المشروع X" بطولة النجوم كريم عبدالعزيز وإياد نصار وياسمين صبري، في دار الأوبرا المصرية. وحظي العرض بحضور واسع من الجمهور ووسائل الإعلام، الذين تفاعلوا مع أحداث الفيلم وصفقوا في أكثر من موضع أثناء العرض، هذا فضلاً عن الحضور المميز لنجوم الصف الأول في الدراما والسينما. وكان من أبرز الحضور: ليلى علوي، ومحمد حماقي، وحسن الرداد، وعمرو سعد، ونجلاء بدر، وأكرم حسني، وأمير كرارة، وماجد المصري. كما شارك في العرض أيضاً أكرم حسني، وبيومي فؤاد، وحازم إيهاب وزوجته، والفنان الشاب أحمد غزي، وأحمد زاهر، وعصام السقا، والفنان محمد حماقي وزوجته، ودُرة، وإنجي المقدم. ومن المقرر بدء عرض الفيلم في السينمات، 21 مايو (أيار) الجاري.


سواليف احمد الزعبي
منذ 4 أيام
- سواليف احمد الزعبي
حرية الاختيار: بين بناء الذات ومواجهة الضرورة
مقدمة: هل كان السبب في وجودنا على الأرض وخروج أبوانا من جنة عدن هو اختيار آدم وزوجه أن يأكلا من التفاحة؟ فقُضي عليهما أن يهبطا إلى الأرض، في مشهد يذكّر بسقوط الملائكة في فيلم City of Angels، حين قرر الملاك، الذي لعب دوره نيكولاس كيج، أن يتخلى عن نورانيته ليهبط إلى عالم البشر، يتألم ويحب، ويلاحق الموجات بفرحة طفل. تلك اللحظة لم تكن سقوطًا فقط، بل كانت بداية وعي جديد، وشرارة لتجربة إنسانية كاملة، مبنية على التردد، والشغف، والخسارة، والرغبة في المعنى. يعيش الإنسان منذ ذلك الحين جدلية مستمرة: هل هو مسيّر لا يملك من أمره شيئًا، أم أنه يملك حقّ الاختيار بين النور والظلام، بين طريق الهدى وطريق التيه؟ وهل ما يفعله هو حرية حقيقية أم مجرد تحقق لما كُتب عليه في علم الله. رغم هذا التوتر بين الجبر والاختيار، فإن التجربة الإنسانية تقوم على لحظة حرّة، مهما كانت محدودة، لحظة يُقرّر فيها الإنسان من يكون. ولهذا كان 'الاختيار' جوهر الكينونة الإنسانية، لأنه يعكس وعي الإنسان بمسؤوليته الأخلاقية، وكرامته ككائن قادر على قول 'لا' في وجه الغريزة أو القطيع أو حتى القدر. ليس الاختيار مجرد حرية ساذجة، بل هو تعبير عن الشجاعة والهوية والتجربة. بين قابيل الذي اختار أن يرتكب الجريمة الأولى، وعيسى عليه السلام الذي اختار أن يواجه الصليب، تمتد المسافة التي تعرّف فيها الإنسانية ذاتها. وفي هذه المسافة تتشكل القيم، ويولد المعنى، ويُكتب التاريخ البشري. المحور الأول: الاختيار كفعل داخلي يعيد تعريف العناية بالذات ألم يلفتك مشهد الأستوديو الصباحي لأحد البرامج الجماهيرية؟ حيث تُنتقى ألوان الجدران، وملابس المذيعة، وأحمر الشفاه، وفنجان قهوتها. هل لاحظت كيف تُضخَّم انفعالاتها لتمنحك جرعة من المشاعر الإيجابية، تقنعك أن تؤجل همومك أو تقارن حياتك بتلك الصورة المصقولة، فيتسلل الإحباط إليك قبل أن يبدأ يومك؟ هون عليك، فإن لنفسك عليك حق الرعاية، كما تعتني بطفلك. ولا تسمح لسمّية البعض أن تتسرّب إليك. في مقالها 'هذا هو المعنى الحقيقي للعناية بالذات'، تؤكد بريانا ويست أن التحديات التي نواجهها ليست عراقيل خارجية، بل جبالًا في داخلنا تنتظر أن تتسلقها. وتنتقد التصور السطحي للعناية بالذات، الذي يحصرها في الحمّامات الدافئة والحلويات، بينما هي في حقيقتها ليست هروبًا من الألم، بل مواجهته بشجاعة. العناية بالذات تكمن في اتخاذ قرارات صعبة: سداد الديون، إنهاء العلاقات السامة، بناء روتين صحي، والاعتراف بالخيبات لتصحيح المسار. إنها ليست رفاهية، بل ممارسة ناضجة تشبه 'تربية النفس' وبناء بيئة نفسية متزنة على المدى البعيد. ويست تطرح تساؤلات حول كيف حوّل النظام الرأسمالي العناية بالذات إلى سلعة تُشترى وتُباع، وتدعو لبناء حياة لا نحتاج أن نهرب منها، بل نعيشها بوعي، حتى وإن لم تكن مثالية. أن تكون بطل حياتك لا ضحيتها هو اختيار يتكرر كل صباح: أن تواجه لا أن تتهرب، أن تصدق لا أن تنكر، أن تبني لا أن تُستنزف. المحور الثاني: الاختيار في مواجهة الواقع والغموض قد تبدو الحياة هادئة، بلا اضطراب على السطح، والسفينة تسير بسلام قرب الشاطئ، فلا تفكر في الإبحار نحو العمق، حيث الموج العالي والظلمة والأعاصير. كثيرون تأسرهم العادة ويقيّدهم المألوف، فيغفلون عن التساؤل عمّا يختبئ خلف التلة، مقنعين أنفسهم بأنها 'قسمة ونصيب'. لكن الإسلام لا يختزل الإنسان في الاستسلام، بل يمنحه حرية الاختيار ضمن علم الله الشامل: 'فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر' (الكهف: 29)، ويذكّره بأن مشيئته لا تنفصل عن مشيئة الله: 'وما تشاؤون إلا أن يشاء الله' (الإنسان: 30). والمجهول، في نظر الإيمان، ليس تهديدًا بل امتحانًا للصبر والتوكل: 'وبشر الصابرين…' (البقرة: 155–156). رغم تباين المرجعيات، يتفق كثير منها على مسؤولية الإنسان تجاه الغموض. ترى باما تشودرون، الراهبة البوذية، أننا نملك خيارًا: أن نعاني لأننا لا نحتمل ما هو كائن، أو أن نتصالح مع انفتاح الحالة الإنسانية، بما تحمله من عدم ثبات. لكن هذا التصالح لا يحدث دفعة واحدة، بل عبر التزام يومي: الامتناع عن الإيذاء، اعتبار الألم فرصة للتعلّم، والانفتاح على الواقع بلا قتال أو شروط. بهذا، لا ننجو فقط من القلق، بل نتعلم أن نحيا في قلبه برفق وجرأة، كما لو أننا نقف وسط العاصفة، بلا ساتر، لكن أيضًا بلا خوف. أما سارتر، فيؤكد في محاضرته 'الوجودية نزعة إنسانية' أن الإنسان 'محكوم عليه بالحرية'، مسؤول عن اختياراته حتى حين يغيب الدليل. وهكذا، بين التوكل والتساؤل، بين وحي سماوي وتأمل روحي ونقد فلسفي، يبقى الإنسان فاعلًا في مواجهة الغموض، لا متلقيًا سلبيًا، ولكل رؤية مفهومها الخاص للحرية: تكليف إلهي، أو يقظة روحية، أو عبء وجودي. المحور الثالث: الصراع بين الإرادة والقدر يتجلى هذا الصراع حين تصطدم الإرادة الفردية بضرورات قاسية لا ترحم. الحرب كثيرًا ما تنتهي بخسارة شاملة تبتلع الجميع، ويقف الإنسان متسائلًا: لماذا يُسحق الحلم تحت وقع الحديد والنار؟ في حرب طروادة، تحوّل الشغف والانتقام إلى وقود لحصار دموي دام عقدًا، وبرغم نصر اليونانيين، لم يربح أحد سوى الخراب. صوّر هوميروس في الإلياذة هذه الحقيقة المؤلمة: حين يُسحق الإنسان، يُسحق جسدًا وروحًا وأخلاقًا. في القرن العشرين، كتبت سيمون فايل 'الإلياذة أو قصيدة القوة'، حذّرت فيها من أن القوة، متى استُدعيت، تفتك بالجميع وتطمس المعنى الأخلاقي. القوة لا تقتل فحسب، بل تغيّر طبيعة الإنسان وتجرّده من ملامحه. وأحيانًا يبدو ما نعدّه خيارًا حرًا مجرد خطوة قدرية، تعيد الضرورة تشكيل الأولويات. كأن تجهّز أندروماكي الحمّام لزوجها هكتور، بينما هو ممدد قتيلًا خارج الأسوار، بإرادة الآلهة وذراع أخيل. مشهد يكشف هشاشة الإرادة أمام قدرٍ لا يعرف العدالة. ها هي ألمانيا النازية تجتاح فرنسا. فيليب بيتان، بطل الحرب الأولى، يعلن الاستسلام، سعيًا لحماية ما تبقى. مقامرًا بإرثه، لكنه وُصم بالخيانة. في المقابل، أعلن ديغول التمرد من لندن، مؤسسًا حكومته المؤقتة. وبين استسلام وتمرد، بدت المصائر وكأنها تُساق دون مشورة من أصحابها. أما سيمون فايل، فانضمت لحكومة ديغول، وماتت شابة بعدما امتنعت عن الطعام تضامنًا مع الجياع. وفي معسكر نازي، احتمى فيكتور فرانكل بعقله، يؤلف كتابه في ذاكرته: البحث عن معنى. ففي صمت الجائع، وفي اختيار صغير يرفض النسيان، تتشابك الإرادة مع القدر. المحور الرابع: الاختيار كتحرر سياسي وأخلاقي في عالم تتكاثر فيه الأصوات المطالِبة بالقيادة، يذكّرنا هنري ميللر بأن لا أحد، مهما بلغ من الحكمة أو الكاريزما، يستحق أن يُسلَّم له مصير الإنسان. القيادة الحقيقية ليست في فرض التبعية، بل في إيقاظ الإيمان الداخلي، وتحفيز الآخرين على استعادة ثقتهم بقدرتهم على توجيه حياتهم. فعل الاختيار ليس مجرد قرار عابر، بل هو تعبير أخلاقي عن الذات، لحظة ينهض فيها الإنسان من تحت ركام التلقين والخوف، ليقول: أنا المسؤول عن حياتي. يقول سبينوزا إن وظيفة الحُكم ليست تقييد الحرية بل صيانتها، وإن الإنسان لا يكون مواطنًا صالحًا إلا حين يشعر بأنه حرٌّ ومسؤول في آن. لكن، هل الاختيار دائمًا طريق مفتوح؟ أم أن هناك لافتات تحذيرية تقول: 'احذر، هنا منزلق خطر'؟ في 'مفهومان للحرية'، يوضح إيزايا برلين أن الحرية السلبية تعني غياب العوائق الخارجية، أما الإيجابية فهي قدرة الإنسان على تحقيق ذاته. وقد تؤدي المبالغة في تأكيد الحرية الإيجابية إلى تسويغ تدخلات باسم 'مصلحة الفرد'، تُفضي إلى قمعه من حيث لا يدري. في هذا السياق، يصبح الوعي بالاختيار هو المعيار: متى يكون حقيقيًا؟ ومتى يكون مفروضًا باسم الخلاص؟ إن الدفاع عن الحق في الاختيار لا يعني رفض التوجيه، بل رفض أن يُختزل الإنسان إلى تابع لا صوت له. الاختيار ليس رفاهية، بل مقاومة يومية ضد التشييء، ومساحة يُستعاد فيها كيان الفرد. ومن يَختر، يَخلق. المحور الخامس: العلاقات والاختيار الحر نمر في حياتنا بكثير من الصداقات، منذ الطفولة حتى الكبر. لعبنا وضحكنا وتقاسمنا المغامرات، فبدت الصداقة آنذاك وجهًا من وجوه الفرح. لكن مع الوقت، نكتشف أن الأصدقاء الحقيقيين ليسوا من يشاركوننا الضحك فقط، بل من يختارون البقاء حين تشتد الظروف. كما يُقال: 'الصديق هو من يقف معك تحت المطر، مع أنه يستطيع البقاء جافًا' — وفاء لا تمليه مصلحة، بل ينبع من حرية القلب. يرتبط هذا بما يُعرف في علم النفس العاطفي بـ'نظرية الاختيار الحر في الالتزام'، التي ترى أن الالتزام لا يكون صادقًا إلا إذا انطلق من قرار واعٍ، لا من ضغط أو خوف. حين يختار الفرد البقاء رغم التعب والتحدي، يتولد شعور بالمسؤولية والانتماء، ويشعر بدعم يخفف القلق ويعزز جودة الحياة. وهذا لا يقتصر على الحب الرومانسي، بل يشمل كل علاقة تنمو بالرعاية والنية الصافية. تؤكد بيل هوكس في 'كل شيء عن الحب' أن الحب ليس مجرد شعور، بل فعلٌ حر يتطلب التزامًا ووعيًا. وترى أن حب الذات شرط أساسي لحب الآخرين: فمن لا يُنصت لحاجاته بصدق، لن يُصغي بصدق لمن يحبهم. هكذا، يصبح الحب والوفاء مواقف نابعة من الحرية الداخلية، لا من الواجب. وتتحول العلاقات إلى فضاءات للعدل والنمو والدفء. وكما في السياسة والدين، كذلك في الحب: لا تزهر العلاقة إلا حين تُروى بحرية، لا بسلطة العادة أو الخوف. خاتمة: تُعدّ حرية الاختيار أساسًا جوهريًا للفضيلة، إذ لا يمكن للفضيلة أن تُفهم أو تُمارس بمعزل عن القدرة على اتخاذ قرارات واعية. فاختياراتنا في الأفكار والمشاعر والمواقف تُجسّد هويتنا، وتشكل ملامحنا الأخلاقية ومسار حياتنا. بهذه الحرية نصبح فاعلين في صياغة ذواتنا، وتغدو الفضيلة تعبيرًا صادقًا عن إرادة واعية، لا مجرد استجابة للعرف أو الخوف. ففي نهاية المطاف، لا يكمن جوهر الفضيلة في المعرفة أو النية وحدهما، بل في الشجاعة اليومية لاختيار الخير، رغم الإغراءات والضباب. الفضيلة ليست نورًا يُمنح، بل شعلة يشعلها كل إنسان في قلبه، كلما قرر أن يكون إنسانًا، حتى وسط العتمة.

السوسنة
منذ 4 أيام
- السوسنة
قائمة الأكثر تأثيراً عربياً بالسينما في كان 2025
وكالات - السوسنة أصدر مركز السينما العربية النسخة المُحدثة من قائمة الـ 101 الأكثر تأثيراً في السينما العربية، والتي تكرّم الأفراد والمؤسسات الذين كان لهم تأثير بارز في صناعة السينما العربية خلال الـ12 شهراً الماضيين، الفترة من مايو 2024 حتى أبريل 2025، وذلك ضمن فعالياته المتنوعة في الدورة الـ78 من مهرجان كان السينمائي.وتشهد قائمة هذا العام تواجد لأسماء من كافة أنحاء المنطقة العربية والعالم يمثلون مؤسسات وشركات اهتمت بمتابعة السينما العربية وتقديم الدعم لها خلال الفترة من مايو 2024 حتى أبريل 2025، حيث تضم حضوراً كبيراً من مصر بمجموع 41 اسماً، و20 من لبنان، و16 من السعودية، و12 من فلسطين، و10 من الأردن، و9 من تونس، و1 من الإمارات، و3 من قطر، و2 من الكويت، و3 من السودان، و3 من بريطانيا، و2 من المغرب، و2 سوريا، و2 من الولايات المتحدة، و2 من إيطاليا، و1 من العراق، و1 من الصومال، و1 من جنوب أفريقيا، و1 من روسيا، و1 من فرنسا، و1 من أستراليا، و1 من الهند. ومن الأردن: الأمير علي بن الحسين رئيس مجلس إدارة الهيئة الملكية الأردنية للأفلام، والأميرة ريم علي المفوض التنفيذي في الهيئة الملكية الأردنية للأفلام، ومهند البكري مدير الهيئة الملكية الأردنية للأفلام، وندى دوماني مديرة مهرجان عمان السينمائي الدولي، وبسام الأسعد مدير أيام عمّان لصُنّاع الأفلام، وسمر عقروق مديرة الإنتاج في مجموعة إم بي سي، ومؤيد ديب المدير العام لشركة ميتافورا للإنتاج.المخرج أمجد الرشيد، والمؤلفة الموسيقية سعاد بشناق، والمنتجة رولا ناصر، وتضم القائمة من مصر النجوم يسرا، وحسين فهمي رئيس مهرجان القاهرة السينمائي، وأحمد عز، وأحمد مالك، وهشام ماجد، وليلى علوي، ونور النبوي، ومن صناع السينما المنتج محمد حفظي مؤسس شركة فيلم كلينك، والمنتج والمخرج طارق العريان، والمنتج تامر مرسي مؤسس سينرجي فيلمز، والمنتج أحمد عامر مؤسس شركة A.A. films، وطارق الجنايني والمخرجة والكاتبة هبة يسري، والمخرج أيمن الأمير والمخرجة ندى رياض، وصفي الدين محمود المدير التنفيذي لشركة RED STAR FOR PRODUCTION AND DISTRIBUTION، وأحمد فهمي وهاني نجيب من شركة SEA CINEMA PRODUCTIONS، والمنتجة هالة لطفي الشريك المؤسس لشركة حصالة، والمنتجة قسمت السيد الشريك المؤسس لشركة SEERA Films، ومحمد سيد عبد الرحيم، مدير أيام القاهرة للصناعة بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، وعمر منسي، ومريان خوري، وأندرو محسن، وأحمد شوقي، ومريم نعوم، ومدير التصوير عبد السلام موسى، ومدير التصوير مصطفى الكاشف، والسيناريست صلاح الجهيني، والموسيقار هشام نزيه، والسيناريست وائل حمدي، والمونتير هبة عثمان، والمنتج جابي خوري، ورمزي خوري من أفلام مصر العالمية، وطارق نور رئيس مجلس إدارة الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، ونشوى جاد الحق المدير العام لمنصة WATCH IT، يوسف الشاذلي، مدير زاوية للسينما والتوزيع، وعلياء زكي، وعلاء كركوتي وماهر دياب الشريكان المؤسسان لـ MAD Solutions، وكريم سامي الشريك الإداري والمدير التنفيذي لـ MAD Celebrity. ومن لبنان تضم القائمة الإعلامية ريا أبي راشد، والنجمة دياموند أبو عبود، وجو كوكباني الرئيس التنفيذي لشبكة OSN، ورولا كرم نائب الرئيس الأول لاستقطاب المحتوى في شبكة OSN، وجورج شقير مؤسس والمدير التنفيذي لشركة أبوت برودكشن، وأنطوان خليفة مدير البرامج العربية في مهرجان البحر الأحمر السينمائي، وتضم القائمة من السعودية المخرج عبد العزيز الشلاحي، والمنتجة باهو بخش المدير التنفيذي لشركة ريد ستار للإنتاج والتوزيع، وجُمانا راشد الرّاشد رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي، وزين زيدان مدير سوق البحر الأحمر، وعماد إسكندر مدير صندوق التمويل لمؤسسة البحر الأحمر السينمائي، والشيخ وليد الإبراهيم مالك ورئيس مجلس إدارة مجموعة MBC، وهديل كامل المدير العام لشبكة راديو وتلفزيون العرب، والأمير الوليد بن طلال، والأميرة لمياء بنت ماجد آل سعود المدير التنفيذي لروتانا، ومحمد بن فايز وفا المدير العام لشركة روتانا ستوديوز - مصر، والمهندس عبد الله الراشد مدير مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء)، والمستشار تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه، والمهندس عبد الله القحطاني الرئيس التنفيذي لهيئة الأفلام السعودية، والمنتج فيصل بالطيور الرئيس التنفيذي لشركة سيني ويفز فيلمز ومؤسسة البحر الأحمر السينمائي، وسلطان الحكير مؤسس والرئيس التنفيذي لشركة موفي سينما muvi Cinema، ورضا الحيدر رئيس مجلس إدارة شركة رؤى ميديا فنتشرز.ومن الإمارات: الكاتبة السينمائية بثينة كاظم مؤسسة ومديرة سينما عقيل،ومن الكويت الشيخة دانة ناصر الصباح رئيس مجلس إدارة OSN، وهشام الغانم المديرالتنفيذي لشركة سينيسكيب. ومن قطر فاطمة الرميحي الرئيس التنفيذي لمؤسسة الدوحة للأفلام، وهناء عيسى مديرة برامج تمويل الأفلام، ويوسف العبيدي الرئيس التنفيذي في مجموعة beIN الإعلامية.ومن تونس: النجوم هند صبري، وآدم بيسا، وظافر العابدين، وفيصل حسايري مدير قسم السينما في ميتافورا برودكشن، ولمياء بلقايد قيقة مدير عام المركز الوطني للسينما والصورة، هادي زردي مدير ورشات أطلس، والموسيقار أمين بوحافة والمنتجة درة بوشوشة والمنتج حبيب عطية. أما المغرب فكان حاضراً من خلال المخرج والمنتج خليل بن كيران، وعبد العزيز البوزدايني مدير المركز السينمائي المغربي. ومن فلسطين: النجم كامل الباشا، والمخرجان باسل عدرا وحمدان بلال، والمخرجة شيرين دعيبس، والمخرجة ليلى عباس، والمخرجة مها الحاج، والمخرج مهدي فليفل، والمخرج محمد المغني، والمخرج اسكندر قبطي، ورشيد مشهراوي، ومحمد قبلاوي، وعلا سلامة المديرة التنفيذية بفيلم لاب فلسطين. ومن سوريا المخرج أمير فخر الدين، المنتج عروة نيربية، ومن العراق زيد جواد مؤسس شركة السينما العراقية، ومن السودان محمد العمدة وأمجد أبو العلاء ونهى الطيب هي مديرة قسم اقتناء الأفلام لتركيا والشرق الأوسط وشمال إفريقيا في نتفليكس، ومن الولايات المتحدة لاسي تو والمنتج والمخرج البورتوريكي ماركو أورسيني مؤسس ورئيس IEFTA، ومن إيطاليا فينتشنزو بونيو، والمخرجة أليساندر سبيتشيالي من فاينال كات فينيسيا.قائمة الـ101 الأكثر تأثيراً في صناعة السينما العربية، يطلقها سنوياً مركز السينما العربية، وتضم أسماءً يمثلون أنفسهم أو مؤسسات ينتمون إليها، وقد وقع الاختيار عليهم وفقاً لأنشطتهم ونجاحاتهم وحجم أعمالهم في صناعة السينما العربية خلال الـ12 شهراً الماضيين بدءً من مايو 2024 حتى أبريل 2025 . إقرأ المزيد :