
نعيمة وصفي.. موهبة استثنائية حفرت اسمها في تاريخ الفن المصري
تحل اليوم ذكرى ميلاد الفنانة نعيمة وصفي، التي رغم أدوارها الثانوية، استطاعت أن تترك بصمة واضحة في عالم التمثيل، اشتهرت بأدوار مؤثرة، مثل شخصية الخرساء في فيلم رصيف نمرة 5، ودورها في فيلم واه إسلاماه، حيث جسّدت قاتلة شجر الدر.
وُلدت نعيمة وصفي، واسمها الكامل نعيمة محمد وصفي نذير، في 10 فبراير 1921، بقرية "ظاهر الجمال" التابعة لمركز ديروط بمحافظة أسيوط. نشأت في أسرة ميسورة الحال، فكان والدها محمد بك وصفي مهندسًا ومديرًا لإحدى شركات الري الفرنسية، بينما كانت والدتها ربة منزل تنحدر من أسرة تمتلك أراضي زراعية.
كبرت نعيمة وسط خمسة إخوة (ثلاث بنات وولدان)، وحرص والداها على تعليمهم جميعًا. وبعد وفاة والدها في أوائل الثلاثينيات، انتقلت الأسرة إلى القاهرة برفقة والدتها لاستكمال دراستهم، التحقت نعيمة بمعهد المعلمات وعملت في التدريس لفترة قصيرة، لكنها لم تجد شغفها في هذا المجال، فاتجهت إلى الكتابة، حيث كانت تهوى الشعر والزجل منذ صغرها، نالت جائزة عن قصة نُشرت لها في مجلة أنا وأنت عام 1948.
كان لدخولها عالم الفن قصة أخرى، حيث شجعتها الفنانة نجمة إبراهيم بعد أن بدأت في متابعة العروض المسرحية. التحقت نعيمة بمعهد التمثيل الذي أنشأه زكي طليمات في منتصف الأربعينيات، وكانت الفتاة الوحيدة ضمن الدفعة الأولى التي ضمت فنانين بارزين مثل صلاح منصور، حمدي غيث، وشكري سرحان. لاحقًا، انضمت إلى فرقة المسرح الحديث، ثم المسرح القومي، وقدمت العديد من المسرحيات، منها جلفدان هانم، الناس اللي تحت، وشيء في صدري.
مع انطلاق البث التلفزيوني، شاركت في العديد من المسلسلات، من أشهرها حكاية ميزو مع سمير غانم. أما في السينما، فقدمت أدوارًا بارزة، مثل دورها في رصيف نمرة 5، وشخصية الزوجة المفجوعة في واه إسلاماه، حيث أدت مشهد مقتل شجر الدر بـ"القبقاب"، إضافةً إلى دور الجدة ذات الأصول التركية في حبيبي دائمًا.
على الصعيد الشخصي، تزوجت من الصحفي عبدالحميد سرايا، أحد مؤسسي قسم الشؤون الخارجية في جريدة الأهرام، بعد قصة حب، وأنجبت ثلاثة أبناء: خالد (طبيب في لندن)، منى (مهندسة ديكور مقيمة في الولايات المتحدة)، ومحمد (مخرج أفلام وثائقية)، كانت شديدة التعلق بزوجها، ورثته بقصيدة مؤثرة لم ترغب في نشرها، كما كتبت العديد من القصائد والقصص القصيرة.
حصلت نعيمة وصفي على جائزة الدولة التشجيعية عن مجمل أعمالها المسرحية، وساهمت في تقديم المسرح العالمي عبر إذاعة البرنامج الثاني. كما كتبت للتلفزيون مسلسلات مثل أم أولادي وأين مكاني، وساهمت في إعداد أكثر من خمسين حلقة من برنامج رسالة.
في عام 1981، حازت على جائزة أفضل ممثلة دور ثانٍ من جمعية الفيلم عن دورها في حبيبي دائمًا، ليظل اسمها محفورًا في ذاكرة الفن المصري بأدوارها المميزة وأعمالها المؤثرة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صدى البلد
٢٢-٠٣-٢٠٢٥
- صدى البلد
في ذكراها.. قصة فقدان عقيلة راتب البصر وكيف عاشت مع ابنتها الوحيدة
تحل اليوم ذكرى ميلاد الفنانة عقيلة راتب، والتى ولدت في 22 مارس عام 1916، ورحلت عن عالمنا في مثل هذا اليوم عام 1999، عن عمر يناهز الـ 82 عاما. قدمت عقيلة راتب، العديد من الأفلام الكوميدية التى تظل محفورة فى أذهان المشاهد العربى. اسمها الحقيقي كاملة محمد كامل. ولدت في 22 مارس عام 1916، في حي الضاهر، عمل والدها محمد كامل شاكر رئيس قسم الترجمة في وزارة الخارجية، فعاشت أسرتها حياة ميسورة الحال، جعلتها تنتمي إلى الطبقة الأرستقراطية. مشوار عقيلة راتب حلم والدها بإلحاق ابنته بالسلك الدبلوماسي عندما تكبر، لكنها أفسدت عليه الحلم، وصارحته برغبتها في احتراف الفن فتلقت "علقة ساخنة"، زادتها إصرارا على تحقيق حلمها، وساعدتها عمتها دون علم شقيقها لتخطو أولى خطواتها في عالم التمثيل، بعدما أكد لها الفنان المسرحي زكي عكاشة أن ابنة شقيقها فتاة موهوبة، وأعد لها أوبريت حمل اسم "هدى". حقق الأوبريت نجاحا غير عادي، حيث أبهرت الفتاة التي كان عمرها آنذاك 14 عام فقط، كل من حضروا الأوبريت بصوتها وتمثيلها وقدرتها على أداء الحركات الاستعراضية برشاقة، رغم كل محاولاتها ألا يعرف والدها باحترافها التمثيل، وهو ما دفعها لتغيير اسمها لـ"عقيلة راتب"، إلا أن النجاح الذي حققته فضح أمرها، وعلم والدها بالسر، فكان بمثابة الصدمة التي أصابته بالشلل. انضمت إلى فرقة علي الكسار وكانت البطلة الرئيسية للفرقة لفترة طويلة قبل أن تنتقل بعد ذلك لفرقة فوزي منيب، أسست فرقة خاصة بها بالاشتراك مع زوجها الفنان حامد مرسي، وهو مطرب وممثل شاركها بطولة عدد من المسرحيات والأفلام، وأطلق عليه كثيرون لقب "بلبل مصر"، قدمت أولى بطولاتها السينمائية وعمرها 20 عاما فقط، من خلال فيلم "اليد السوداء" الذي عُرض عام 1936، وشاركها البطولة فيه الفنان حامد مرسي. وقدمت عقيلة راتب عدد من المسرحيات أبرزها: "مطرب العواطف، وحلمك يا شيخ علام، والزوجة آخر من تعلم ، وجمعية كل واشكر". شاركت في عدد من الأعمال التليفزيونية، أشهرها مسلسل "عادات وتقاليد" مع الممثل والملحن عبدالعظيم عبدالحق قدمت ما يقرب من الـ 60 فيلم، أبرزها: " زقاق المدق، القاهرة 30، سر الدكتور إبراهيم، البعض يذهب للمأذون مرتين، وكيف تسرق مليونير". قضت في بيتها 12 عاما عانت خلالها الوحدة دون أن يسأل عنها أحد من الوسط الفني، فعاشت مع ابنتها الوحيدة أميمة، حتى رحلت في يوم 22 فبراير. عقيلة راتب تفقد بصرها فقدت نظرها أثناء تصوير آخر أفلامها "المنحوس" عام 1987، حكى حفيدتها عن الواقعة حسب ما جاء في كتاب «في بيوت الحبايب» وقال عن حياة جدتها بعد واقعة فقد بصرها التي شاهدت أحداثها حين كانت ترافقها أثناء تصوير فيلم المنحوس، مشيرة إلى أن الطبيب أكد أنه لا أمل في عودة بصرها مرة أخرى، لتظل النجمة الكبيرة آخر 10 سنوات من حياتها فاقدة البصر وبعيدة عن الأضواء. مواطن يتبرع للفنانة عقيلة راتب بعينه وأضافت: «و بمجرد أن نشرت الصحف خبر فقد عقيلة راتب لبصرها انهالت الرسائل والمكالمات من الجمهور والأطباء لتقديم المساعدة للفنانة التي أمتعت أجيالا بفنها، حتى أن أحد المواطنين أرسل خطابا نشر في جريدة الأهرام بتاريخ 17 يوليو ١٩٩٢ يعرض فيه التبرع بإحدى عينيه للفنانة التي كتبت عنها الأهرام أنها أصبحت تعيش في الظل». وأشارت ابنة الفنانة عقيلة راتب وحفيدتها إلى أنها ظلت رغم فقدها للبصر تدير كل أمور المنزل الذي عاشت فيه الابنة والحفيدة، وكان مفتوحا دائما ويوميا لاستقبال أقاربها كما كانت حريصة على مظهرها وجمالها، وتتابع الأحداث من خلال الراديو والتليفزيون، ورغم عدم تواصل أبناء الوسط الفني معها خلال تلك الفترة إلا أنها لم تغضب أو تكتئب».


الديار
٠٨-٠٣-٢٠٢٥
- الديار
أم كلثوم.. "كوكب الشرق" ما زال يتلألأ
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب تعتبر وزارة الثقافة المصرية أن العام 2025 هو عام أم كلثوم بمناسبة مرور 50 سنة على رحيل السيدة التي قالوا عنها، حقيقة أو مجازاً، إنها الوحيدة التي استطاعت جمع العرب على شيء واحد عندما كانت الأسر والأصدقاء والأقارب يلتفون حول أجهزة الراديو من المحيط إلى الخليج وهي تقدم أغانيها في الخميس الأول من كل شهر. عاشت أم كلثوم 76 عاماً، وبدأت حياتها الفنية في عمر الــ 13 منشدة للتواشيح الدينية وساعدها حفظ القرآن الكريم في سن مبكرة على تكوين دراية كبيرة باللغة العربية وقدرة واضحة على نطق الكلمات وإخراج الحروف بصوت رقراق كالذهب بعد أن يمر بمرحلة الصهر ويتخلص من شوائب النحاس. عاصرت "كوكب الشرق"، التي لقبت أيضاً "بقيثارة الشرق" و"شمس الأصيل" و"الست"، الكثير من التقلبات السياسية في مصر والمنطقة، بما في ذلك الانتقال من الملكية إلى الجمهورية وحروب "إسرائيل" ضد الدول العربية. ويقول النقاد ومؤرخو الفن إن أم كلثوم، بعد أكثر من 100 عام من ظهور أغانيها الأولى وبعد 50 عاماً من رحيلها، لا تزال تتربع على عرش الأغنية الشرقية. وقدمت أم كلثوم أغانيها باللغة العربية الفصحى وبالعامية المصرية وللشعراء العرب القدامى والمعاصرين وقدمت الأغنية الدينية والوطنية والعاطفية وأغاني المناسبات. في حديث مع "رويترز"، يقول كريم (24 عاماً) الذي كان يجلس في مقهى "أم كلثوم" بوسط البلد بالقاهرة بينما تتردد في الخلفية أغنيتها الشهيرة "أنت عمري" "مهما كان إيه الأغنية إللي بتسمعها تحسها معمولة ليك إنت". من جهته، يشير الصحفي سيد محمود، الناقد بمجلة الأهرام العربي، إلى الحضور الطاغي أو ما أصبح يطلق عليه "الكاريزما"، مضيفاً أن أن "ثومة" كانت تتمتع بالقدرة على التجديد والابتكار والتنويع ذلك لأنها "مش معزولة عن عصرها، وده إللي خلاها دايما موجودة... لأنها عارفة الجملة الجديدة فين وبتروح لها". ويضيف أنها كانت حالة فريدة بحضورها الطاغي في ليل القاهرة وأن "أم كلثوم بتقدر تصل إليك في القاهرة من كل مكان، إما من بلكونة الجيران أو من سائق تاكسي أو من سيارة عابرة أو بتلاقيها في مطعم أو مقهى شعبي. الحضور ده مش متكرر لأي صوت تاني، لأنه مش حضور مبني على الصدفة. مع أم كلثوم أنت مش محتاج للصدفة". من جانبه، يشير الفنان فاروق سلامة، عازف الأكورديون بفرقة أم كلثوم، إلى عنصر المثابرة الذي سمح لعطائها بالاستمرار ولنجمها بأن يلمع طويلاً في سماء الشرق. ويقول "هي بتعمل بروفات 7 أيام أو 8 أيام، قبل الحفلة وبعد الحفلة، ما تغلطش في كلمة، ما تنساش حاجة". أما الناقد الفني محمود عبد الشكور، فيقول في مقال في جريدة الشروق المصرية عن أم كلثوم بعنوان "سيدة المونودراما الغنائية" إن "الطرب لا يشترط إلا الاستعراض الصوتي، بينما الأداء الدرامي يشترط الفهم والإحساس والمطابقة بين المعنى والتعبير، وعلى قدر المطلوب بالضبط، ثم ضرورة انعكاس ذلك على الوجه ولغة الجسد، وهذا ما كانت تفعله ثومة ببراعة فطرية ومصقولة معاً، حتى قال (الملحن محمد) عبد الوهاب إنه لم تجتمع فى صوت مغنية أخرى هذه القدرة على التعبير عن القوة والضعف معاً". ويضيف عبد الشكور "كيف يمكن أن تشخص ثومة، صوتاً وأداء، إحساس عاشقة في العشرين، وهي تغنى (يا مسهرنى) بينما كانت قد تجاوزت وقتذاك سن السبعين؟". حالة تستعصي على النسيان تصف ربة المنزل داليا محمد (47 عاماً) "أم كلثوم" بأنها صوت يرفرف على حياتها ويصاحبها في كل أحوالها المزاجية. وتوضح في حديث مع "رويترز" بالقول "اسمعها في كل وقت في النهار وفي الليل.. بتروقلي مزاجي وتخليني متسامحه مع الضغوط اللي حواليا.. حتى وأن بسوق عربيتي في الزحمة بسمعها بحس كأني طايرة (محلقة في الهواء) والدنيا رايقة وجميلة من حواليا.. يا حلاوتك يا ست وحلاوة صوتك". وتضيف "شوف أغانيها العاطفية لسه عايشة إزاي.. وأغانيها الدينية مع رياض السنباطي.. ملاحم مش مجرد أغاني.. حاجات عايشة من أكتر من 80 سنة". لم يحظ فنان في العالم العربي كله بما نالته أم كلثوم من تكريم رسمي وشعبي. وتوجد إذاعة مصرية تبث على الموجة المتوسطة تحمل اسمها. كما يتردد صوتها من إذاعات وقنوات تلفزيونية أخرى في مواعيد ثابتة يومياً. وهناك أيضاً إذاعات عربية وأجنبية تحمل اسم أم كلثوم أو "كوكب الشرق" مثل إذاعة صوت الغد - كوكب الشرق التي تبث من رام الله بالضفة الغربية المحتلة. لم يرتبط الوجدان العربي "بالست" بسبب اللغة الفصحى في الكثير من أغانيها فحسب، بل إن البصمة الأهم كانت في أغنياتها الوطنية التي ترفع الروح المعنوية في أوقات الأزمات والحروب خاصة بعد حرب 1967، مما زاد العلاقة متانة بينها وبين الجمهور. ومن أشهر أغانيها الحماسية "طوف وشوف" و "مصر التي في خاطري" و "مصر تتحدث عن نفسها". وعندما توفيت أم كلثوم شارك الناس في جنازتها بالألوف في عام 1975. ومن أشهر أغانيها في مسيرتها الطويلة "نهج البردة" و "سلوا قلبي" و "الأطلال" و"أنت عمري" و "قصة الأمس" و "ألف ليلة وليلة" و "الرضا والنور" و "حق بلادك" و"نشيد الجلاء" و "أغدا ألقاك" و "هذه ليلتي" و "من أجل عينيك" و "الحب كله" و "ثورة الشك". ومثلما غنت للشعراء القدامى وشعراء العصر الحديث، شدت أيضاً بألحان زكريا أحمد وأبو العلا محمد ومحمد القصبجي ورياض السنباطي ومحمد عبدالوهاب ومحمد الموجي وبليغ حمدي وسيد مكاوي وكمال الطويل.


النهار
٠٦-٠٣-٢٠٢٥
- النهار
50 عاماً على رحيل أم كلثوم... "كوكب الشرق" لؤلؤة الفن العربي
تعتبر وزارة الثقافة المصرية أنّ العام الحالي 2025 هو عام أم كلثوم بمناسبة مرور 50 سنة على رحيل السيدة التي قالوا عنها، حقيقة أو مجازاً، إنها الوحيدة التي استطاعت جمع العرب على شيء واحد عندما كانت الأسر والأصدقاء والأقارب يلتفون حول أجهزة الراديو من المحيط إلى الخليج وهي تقدم أغانيها في الخميس الأول من كل شهر. عاشت أم كلثوم 76 عاماً، وبدأت حياتها الفنية في عمر الثالثة عشرة منشدة للتواشيح الدينية وساعدها حفظ القرآن الكريم في سن مبكرة على تكوين دراية كبيرة باللغة العربية وقدرة واضحة على نطق الكلمات وإخراج الحروف بصوت رقراق كالذهب بعد أن يمر بمرحلة الصهر ويتخلص من شوائب النحاس. عاصرت "الست"، التي لقبت أيضاً "بقيثارة الشرق" و"شمس الأصيل" و"كوكب الشرق"، الكثير من التقلبات السياسية في مصر والمنطقة بما في ذلك الانتقال من الملكية إلى الجمهورية والحروب العربية مع إسرائيل. بالرغم من ذلك لا توجد دراسات بارزة تركز على أم كلثوم كحالة من حالات العلاقة "المستمرة والمتغيرة في شكلها وأهدافها من حين لآخر" بين الفن والسياسة. يقول النقاد ومؤرّخو الفن إنّ أم كلثوم، بعد أكثر من 100 عام من ظهور أغانيها الأولى وبعد 50 عاماً من رحيلها، لا تزال تتربع على عرش الأغنية الشرقية. قدمت أم كلثوم أغانيها باللغة العربية الفصحى وبالعامية المصرية وللشعراء العرب القدامى والمعاصرين وقدمت الأغنية الدينية والوطنية والعاطفية وأغاني المناسبات. يقول كريم (24 عاماً) الذي كان يجلس في مقهى (أم كلثوم) بوسط البلد بالقاهرة بينما تتردد في الخلفية أغنيتها الشهيرة (أنت عمري) "مهما كان إيه الأغنية إللي بتسمعها تحسها معمولة ليك أنت". كذلك كان لعقلية أم كلثوم دور في صناعة أسطورتها الباقية حتى الآن، فيرى ميشيل مدحت (27 عاماَ) الذي كان أيضاً يجلس في نفس المقهى أنها "كانت بتختار الكلمات إللي بتغنيها ودي أكتر حاجة بتميّز أم كلثوم، ما كانتش بتغني أي حاجة وخلاص". أما المتخصصون فلهم آراء أخرى ويلقون الضوء على جوانب قد تخفى على الجمهور العادي. يشير الصحفي سيد محمود الناقد بمجلة الأهرام العربي إلى الحضور الطاغي أو ما أصبح يطلق عليه "الكاريزما". يقول إنّ "ثومة" كانت تتمتع بالقدرة على التجديد والابتكار والتنويع ذلك لأنها "مش معزولة عن عصرها، وده إللي خلاها دايما موجودة... لأنها عارفة الجملة الجديدة فين وبتروح لها". ويضيف أنّها كانت حالة فريدة بحضورها الطاغي في ليل القاهرة وأن "أم كلثوم بتقدر تصل إليك في القاهرة من كل مكان، إما من بلكونة الجيران أو من سائق تاكسي أو من سيارة عابرة أو بتلاقيها في مطعم أو مقهى شعبي. الحضور ده مش متكرر لأي صوت تاني، لأنه مش حضور مبني على الصدفة. مع أم كلثوم أنت مش محتاج للصدفة". من جهته يشير الفنان فاروق سلامة عازف، الأكورديون بفرقة أم كلثوم، إلى عنصر المثابرة الذي سمح لعطائها بالاستمرار ولنجمها بأن يلمع طويلاً في سماء الشرق. يقول: "هي بتعمل بروفات 7 أيام 8 أيام، قبل الحفلة وبعد الحفلة، ما تغلطش في كلمة، ما تنساش حاجة". يقول الناقد الفني محمود عبد الشكور، في مقال في جريدة "الشروق" المصرية، عن أم كلثوم بعنوان (سيدة المونودراما الغنائية): "الطرب لا يشترط إلا الاستعراض الصوتى، بينما الأداء الدرامى يشترط الفهم والإحساس والمطابقة بين المعنى والتعبير، وعلى قدر المطلوب بالضبط، ثم ضرورة انعكاس ذلك على الوجه ولغة الجسد، وهذا ما كانت تفعله ثومة ببراعة فطرية ومصقولة معا، حتى قال (الملحن محمد) عبد الوهاب إنه لم تجتمع فى صوت مغنية أخرى هذه القدرة على التعبير عن القوة والضعف معا". ويضيف عبد الشكور: "كيف يمكن أن تشخص ثومة، صوتا وأداء، إحساس عاشقة فى العشرين، وهى تغنى 'يا مسهرنى' بينما كانت قد تجاوزت وقتها سن السبعين؟!" تصف ربة المنزل داليا محمد (47 عاماً) أم كلثوم بأنّها صوت يرفرف على حياتها ويصاحبها في كل أحوالها المزاجية. وتوضح "اسمعها في كل وقت في النهار وفي الليل.. بتروقلي مزاجي وتخليني متسامحه مع الضغوط اللي حواليا.. حتى وأن بسوق عربيتي في الزحمة بسمعها بحس كأني طايرة (محلقة في الهواء) والدنيا رايقة وجميلة من حواليا.. يا حلاوتك يا ست وحلاوة صوتك". وتضيف "شوف أغانيها العاطفية لسه عايشة إزاي.. وأغانيها الدينية مع رياض السنباطي.. ملاحم مش مجرد أغاني.. حاجات عايشة من أكتر من 80 سنة". لم يحظَ فنان في العالم العربي كله بما نالته أم كلثوم من تكريم رسمي وشعبي. وتوجد إذاعة مصرية تبث على الموجة المتوسطة تحمل اسمها. كما يتردد صوتها من إذاعات وقنوات تلفزيونية أخرى في مواعيد ثابتة يوميّاً. وهناك أيضاً إذاعات عربية وأجنبية تحمل اسم أم كلثوم أو كوكب الشرق مثل إذاعة صوت الغد - كوكب الشرق التي تبث من رام الله بالضفة الغربية المحتلة. لم يرتبط الوجدان العربي "بالست" بسبب اللغة الفصحى في الكثير من أغانيها فحسب بل إنّ البصمة الأهم كانت في أغنياتها الوطنية التي ترفع الروح المعنوية في أوقات الأزمات والحروب خاصة بعد حرب 1967، مما زاد العلاقة متانة بينها وبين الجمهور. من أشهر أغانيها الحماسية "طوف وشوف" و"مصر التي في خاطري" و"مصر تتحدث عن نفسها". وعندما توفيت أم كلثوم شارك الناس في جنازتها بالألوف في عام 1975. يعلق محمود على ذلك بقوله "وداع أم كلثوم هو كان جزء من التضامن مع مسيرة فنية كبيرة، الجنازة جات بعد سنوات قليلة جدا من انتصار أكتوبر. المصريين بيعتبروا أم كلثوم بطريقة أو بأخرى شريكة في انتصار أكتوبر. هي لم تغن لأكتوبر، لكنها غنت لحفلات المجهود الحربي لتعيد بناء الجيش المصري"، مشيراً إلى حرب أكتوبر تشرين الأول 1973. ومن أشهر أغانيها في مسيرتها الطويلة "نهج البردة" و"سلوا قلبي" و"الأطلال" و"أنت عمري" و"قصة الأمس" و"ألف ليلة وليلة" و"الرضا والنور" و"حق بلادك" و"نشيد الجلاء" و"أغدا ألقاك" و"هذه ليلتي" و"من أجل عينيك" و"الحب كله" و"ثورة الشك". ومثلما غنّت للشعراء القدامى وشعراء العصر الحديث، شدت أيضاً بألحان زكريا أحمد وأبو العلا محمد ومحمد القصبجي ورياض السنباطي ومحمد عبدالوهاب ومحمد الموجي وبليغ حمدي وسيد مكاوي وكمال الطويل. كانت أم كلثوم حالة فريدة صنعتها نشأتها وتربيتها الأولى وموهبتها الفذة والتزامها الشديد وتضافرت مع كل ذلك عوامل وظروف سياسية ومجتمعية ربطتها بالوجدان العربي كله وهو ما ضمن لها الاستمرار وجعلها حالة تستعصي بشدة على النسيان.