logo
الفيزيائي الصوفي

الفيزيائي الصوفي

الوطنمنذ 2 أيام

هل التعمق بالفيزياء شغف بالحياة، بالمادة وأرقامها وحركاتها؟ أم أنَّ من غاص في بحر الفيزياء يبحث عن الغياب، عن الفناء، عن الموت؟ منشأ هذه المفارقة أنَّ الرغبة المطلقة في الكشف الفيزيائي تُوصِل الفيزيائي إلى نزعةٍ انتحارية يتجاوز بها عقبات الكشف البطيء؛ فالرغبة في أن يعرف تتحول إلى رغبة في أن يتخطى جسده، إلى رغبة في أن يُصبح جزءًا من الظاهرة لا راصدًا خارجيًا لها.
أتذكَّر هنا ستيفن هوكينج، ذلك الإنسان الذي يتآكل جسده كلما اقترب من تفسير الكون، وكأنَّه أبرم اتفاقًا مع الكون والطبيعة: كلما زادت معرفته بالكون نقصت عضلة منه حتى صار رمزا للفيزيائي الذي سار ذهنه بسرعة الضوء فتقزم جسده حتى انفجر ميتًا في كرسيه المُتحرك كأنه الكون نفسه. هل كانت حياته رغبة في الموت؟ لكن ما الموت في ذهن هوكينج؟ كان ذهن هوكينج يحفر بسرعة الضوء في جدار الوجود ليجد ثقبًا يرى منه ما وراء المادة، وكأنَّه يريد أن يُنهي الثقبَ قبل انتهاء مدة العقد، ولم تكن الثقوب السوداء التي كتب عنها إلا صورًا رمزية لهذا العقد. وربما شرط هذه المفارقة الانتحارية التي عاشها هوكينج أن يكون الفيزيائي فيلسوفًا يصنع لاهوته الفيزيائي من أعماق قلقه الوجودي حين يسأل: «هل للزمن بداية؟ هل إذا عرفنا القانون الكلي للطبيعة سنعرف الله؟» وكأنَّ هوكينج يقول لنا إنَّ مفارقة الانتحار عند الفيزيائي الفيلسوف هو أن يفنى في المعادلة ليرى ما وراءها كما يفنى الصوفي في الله ليرى الحقيقة، كلاهما يرى أن الحقيقة الكاملة لا تتسع لها هوية محدودة، ولا جسد فانٍ، وإذا كان الصوفي يكتب بلغة الشوق والمحو فإن الفيزيائي الفيلسوف يكتبها بلغة الموجة والجاذبية والحقول الكهربائية والمغناطيسية. وما بين التنافر والتجاذب الكهربائي إلا شحنات صوفية تحركت في تيار نحو الانتحار كما يريده هوكينج؛ إذ كل من يتأمل في الكون ولحظته الانفجارية الكبيرة، ومعنى الزمن، ولماذا يتمدد الكون وإلى أين يذهب، فإنما يسأل عن نفسه لماذا أتيت؟ وإلى أين ذاهب؟ هل أذهب كما يذهب الكونُ إلى ربه ليهديه كما قال أستاذ العقيدة ذات يوم، أم أنه ذاهب إلى مصيرٍ كمصير هوكينج، كبر ذهنه وصغر جسده، فلا يستطع أن يموت إلا بانفجار آخر يُوسّع الزجاجة ليموت موتًا جديدا يُسوغ عودته ويبني زجاجته مرة أخرى؛ فليس السؤال الفيزيائي حين يُساق إلى نهايته إلا مرآة وجودية. وربما لم يفعل هوكينج شيئا إلا أنه أعاد سؤال الموت، لكن دون جنازة وقبر وبكاء، بل وضعه وسط معادلة وسرعة وثقب أسود يجذب المادة والمعنى؛ ليُخفي كلَّ شيء عَمّن لا يطلب الموت.
لن تجد صمتًا بديعا ساحرا كصمت الفيزيائي والصوفي؛ لأنه وسط تعبر الحقيقة من بوابته.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

المركز العلمي لتعليم القرآن والعلوم الشرعية بمأرب يحتفي بتخريج الدفعة الاولى
المركز العلمي لتعليم القرآن والعلوم الشرعية بمأرب يحتفي بتخريج الدفعة الاولى

حضرموت نت

timeمنذ يوم واحد

  • حضرموت نت

المركز العلمي لتعليم القرآن والعلوم الشرعية بمأرب يحتفي بتخريج الدفعة الاولى

مأرب – سبأنت احتفى المركز العلمي لتعليم القرآن الكريم والعلوم الشرعية بمحافظة مأرب، اليوم، بتخريج الدفعة الاولى من طلابه دفعة 'بناء وأثر' والتي تضم 117 حافظا لكتاب الله منهم خمسة مجازين بالسند. وخلال الحفل هنأ وكيل المحافظة للشؤون الادارية عبدالله الباكري، الخريجين من الحافظين لكتاب الله بيوم تخرجهم بعد ان نهلوا من علوم في حفظ كتاب الله حفظا وتلاوة وتجويدا الى جانب العلوم الشرعية الاخرى.. مشيرا الى ان الخريجين من محافظات يمنية عديدة يمثلون لوحة وطنية يجسدون اسمى معاني ثمار الوحدة المباركة التي يحتفل الشعبي اليمني بالعيد الـ35 لإعادة تحقيقها وقيام الجمهورية اليمنية. كما اشاد بدور المركز العلمي والكادر التربوي والتعليمي فيه والمناهج التي يدرسها للأبناء تحت اشراف الجهات الحكومية المعنية من مكتب الاوقاف والارشاد ومكتب التربية والتعليم بالمحافظة. من جانبه اوضح مدير المركز العلمي الدكتور عبدالسلام الخلقي، ان عدد الطلاب في المركز بلغ هذا العام 320 طالباً من 15 محافظة يمنية، يتعلمون على مدى اربع سنوات بعد اتمام شهادة التعليم الاساسي، كتاب الله تلقينا وتلاوة وحفظا وتجويدا وتفسيرا، كما يتلقون العلوم الشرعية التي تشمل العقيدة والسنة النبوية، والفقه والسيرة واللغة العربية، اضافة الى منهجهم الدراسي المقرر من قبل وزارة التربية والتعليم لصفوف المرحلة الثانوية. هذا وجرى في ختام الحفل الذي حضره مدير عام مكتب الاوقاف والارشاد الشيخ حسن القبيسي ومدير عام مكتب الشباب والرياضة علي حشوان، وعدد من وكلاء المحافظات اليمنية، تكريم الخريجين بالجوائز التشجيعية.

رئيس جامعة الملك عبدالعزيز: التعليم العالي في المملكة يشهد نهضة نوعية ومكانة متقدمة
رئيس جامعة الملك عبدالعزيز: التعليم العالي في المملكة يشهد نهضة نوعية ومكانة متقدمة

صحيفة عاجل

timeمنذ يوم واحد

  • صحيفة عاجل

رئيس جامعة الملك عبدالعزيز: التعليم العالي في المملكة يشهد نهضة نوعية ومكانة متقدمة

أكد رئيس جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور طريف بن يوسف الأعمى أن التعليم العالي في المملكة يشهد نهضة نوعية ومكانة متقدمة على خارطة الجامعات العالمية، بفضل دعم القيادة الرشيدة - أيدها الله -، والرؤية الإستراتيجية التي تقودها وزارة التعليم في إطار مستهدفات رؤية المملكة 2030. وأوضح الدكتور الأعمى، في تصريح لوكالة الأنباء السعودية (واس) خلال مشاركة الجامعة في معرض نافسا الدولي للتعليم 2025 بمدينة سان دييغو الأمريكية، أن الجامعات السعودية، ومن بينها جامعة الملك عبدالعزيز، قطعت أشواطًا كبيرة في مجالات التعليم والبحث والابتكار، إلى جانب تحقيقها إنجازات بحثية متميزة وبراءات اختراع تسهم في تعزيز الاقتصاد المعرفي, مشيرًا إلى أن الجامعة تسعى من خلال المشاركة بالمعرض إلى تبادل الخبرات مع الجامعات الدولية، وتسويق برامجها الأكاديمية المتقدمة. وأبان أن التعليم الجامعي في المملكة بات اليوم يقدم برامج دراسية بمعايير عالمية، وبيئة أكاديمية ثرية تجمع بين الموارد المتطورة من مختبرات وفصول دراسية، مضيفًا أن منصة "ادرس في السعودية" تمثل إحدى المبادرات النوعية التي سهلت إجراءات حوكمة قبول واستقبال الطلاب الدوليين، وأسهمت في استقطاب المميزين من مختلف دول العالم.

رئيس جامعة الملك عبدالعزيز
رئيس جامعة الملك عبدالعزيز

رواتب السعودية

timeمنذ يوم واحد

  • رواتب السعودية

رئيس جامعة الملك عبدالعزيز

نشر في: 29 مايو، 2025 - بواسطة: خالد العلي أكد رئيس جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور طريف بن يوسف الأعمى أن التعليم العالي في المملكة يشهد نهضة نوعية ومكانة متقدمة على خارطة الجامعات العالمية، بفضل دعم القيادة الرشيدة .. أيدها الله ..، والرؤية الإستراتيجية التي تقودها وزارة التعليم في إطار مستهدفات رؤية المملكة 2030. وأوضح الدكتور الأعمى، في تصريح لوكالة الأنباء السعودية (واس) خلال مشاركة الجامعة في معرض نافسا الدولي للتعليم 2025 بمدينة سان دييغو الأمريكية، أن الجامعات السعودية، ومن بينها جامعة الملك عبدالعزيز، قطعت أشواطًا كبيرة في مجالات التعليم والبحث والابتكار، إلى جانب تحقيقها إنجازات بحثية متميزة وبراءات اختراع تسهم في تعزيز الاقتصاد المعرفي, مشيرًا إلى أن الجامعة تسعى من خلال المشاركة بالمعرض إلى تبادل الخبرات مع الجامعات الدولية، وتسويق برامجها الأكاديمية المتقدمة. وأبان أن التعليم الجامعي في المملكة بات اليوم يقدم برامج دراسية بمعايير عالمية، وبيئة أكاديمية ثرية تجمع بين الموارد المتطورة من مختبرات وفصول دراسية، مضيفًا أن منصة ..ادرس في السعودية.. تمثل إحدى المبادرات النوعية التي سهلت إجراءات حوكمة قبول واستقبال الطلاب الدوليين، وأسهمت في استقطاب المميزين من مختلف دول العالم. المصدر: عاجل

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store