
نجيب محفوظ
قد تسأل أيها القارئ الكريم ما سبب الكتابة عن أديبنا الكبير نجيب محفوظ الآن، وفى شهر أبريل؟ فى حقيقة الأمر لقد تلقيت دعوة كريمة من وزارة الثقافة للمشاركة فى ندوة موسعة عن محفوظ فى هذا الشهر، ولفت انتباهى أن أبريل لا يتوافق مع ذكرى ميلاد أو وفاة محفوظ، ولا حتى تاريخ حصوله على جائزة نوبل. ووجدت بعض الزملاء يطرحون السؤال نفسه أثناء الندوة، بل ابتسم أحدهم قائلًا: هل تعرفون ماذا كتب محفوظ عن شهر أبريل؟ لقد بدأ رواية ثرثرة فوق النيل بعبارة: «أبريل.. شهر الغُبار والأكاذيب»! نظرًا لتخوف محفوظ الدائم من رياح الخماسين، لحساسية صدره، إضافة إلى ما عُرف عن أبريل بكذبة أبريل.
بطبيعة الحال يطيب الحديث عن محفوظ فى أى وقت من العام، لكن بالقطع عندما يكون الأمر أن كل قطاعات وزارة الثقافة تُكَثِّف نشاطها حول «شخصية الشهر»، يُفضَّل أن يكون هذا الشهر هو ذكرى ميلاده أو وفاته، حتى لا نُعيد الحديث عنه مرة أخرى فى هذه الذكرى.
على أى حال لا بُد من التنويه والإشادة بدقة إعداد محاور الندوة وطبيعة المشاركين فيها، وفقًا لتخصصاتهم المتعددة، وتناولهم جوانب من حياة وأعمال محفوظ، إلى جانب دقة التنظيم الإدارى وتسيير أمور الندوة، وهو ما سأتحدث عنه بالتفصيل فى موضع آخر.
عودة من جديد إلى محفوظ، الإنسان والمُبدع، فإن أول ما يتداعى إلى ذهنى حول هذا الأمر ما كتبه المستشرق الكبير جاك جومييه فى هذا الشأن؛ إذ يُعتبر جومييه من أوائل المستشرقين الذين كتبوا عن محفوظ منذ الستينيات، فماذا قال جومييه عن ثلاثية محفوظ؟ «لا شك فى أن شخصيات الثلاثية قد رُسِمَت بدقة وبراعة وإفاضة، جسدها المؤلف بعناية، حتى إن القارئ يخرج فور الانتهاء من مطالعته للثلاثية بصورة شاملة لشخصيات مكتملة البنيان، تحمل قيم وخصائص المجتمع المصرى».
وبالفعل، ومن وجهة نظرى كمؤرخ، فإن ثلاثية نجيب محفوظ «بين القصرين وقصر الشوق والسكرية» تعتبر بحق أحد المصادر التاريخية المهمة عن مصر بين ثورتين، أقصد بين ثورة ١٩١٩ وثورة ١٩٥٢. وبداية لا بُد أن أُنعِش ذاكرة القارئ الكريم بأن عناوين الثلاثية هى أسماء لأحياء قديمة فى القاهرة التاريخية، حيث يرصد محفوظ فى الثلاثية تحولات المجتمع المصرى من الأحياء التقليدية، إلى الأحياء الجديدة مثل العباسية ووسط البلد، وغيرهما.
كما يقدم لنا محفوظ مادة تاريخية مثيرة حول استقبال نظرية التطور لدارون فى المجتمع المصرى، من خلال الحوار الساخر بين السيد أحمد عبدالجواد والأم أمينة وابنهم «الأفندى» كمال عبدالجواد. ويرصد محفوظ- ابن ثورة ١٩، والعاشق للوفد وسعد زغلول ومصطفى النحاس ومكرم عبيد- التصدع الذى حدث فى الوفد جراء الخلاف بين النحاس ومكرم، وخروج مكرم من الوفد، ومدى تأثير ذلك على الوجود القبطى فى الوفد.
كما يشير محفوظ إلى المتغيرات الأيديولوجية الحادة فى المجتمع المصرى، لا سيما فى سنوات الأربعينيات مع صعود نجم الجماعات الشيوعية، والإخوان المسلمين، والجماعات الفاشية، وانعكاس ذلك جليًا على الجيل الثالث لأسرة السيد أحمد عبدالجواد، أو فى حقيقة الأمر على الشباب المصرى آنذاك.
بالفعل يستحق محفوظ قراءات مختلفة لهذا الأدب العظيم.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

الدستور
منذ ساعة واحدة
- الدستور
في يوم أفريقيا.. روايات ومسرحيات صنعت هوية القارة
في الخامس والعشرين من مايو، يحتفل العالم بـ"يوم أفريقيا"، تخليدًا لذكرى تأسيس منظمة الوحدة الإفريقية عام 1963، والتي أصبحت لاحقًا "الاتحاد الإفريقي"، وبينما تُسلّط الأضواء على السياسة والاقتصاد، يبقى للأدب دوره العميق في رسم ملامح القارة، والتعبير عن تحوّلاتها وهوياتها المتعددة. يلقي "الدستور" الضوء على صورة أفريقيا في الأدب العربي والعالمي، بين الانبهار والتضامن، وبين التهميش والاستكشاف الإنساني.. قلب الظلام – جوزيف كونراد رواية قصيرة كتبها الروائي البولندي-البريطاني جوزيف كونراد عام 1902، وتتناول رحلة إلى أعماق نهر الكونغو في دولة الكونغو الحرة، حيث يرافق الراوي "مارلو" القارئ عبر مغامرة غامضة نحو قلب أفريقيا الاستعمارية. يروي مارلو قصته لأصدقائه على متن قارب في نهر التايمز بلندن، مما يخلق إطارًا سرديًا يُمكّن كونراد من عقد مقارنة بين ظلام أفريقيا وظلام أوروبا الاستعماري، ورغم الجدل حول منظورها الأوروبي، تبقى الرواية نصًا محوريًا في فهم تمثّلات أفريقيا في الأدب العالمي. أشياء تتداعى – تشينوا أتشيبي رواية تأسيسية للأدب الإفريقي الحديث كتبها النيجيري تشينوا أتشيبي باللغة الإنجليزية عام 1958، ونُشرت ضمن سلسلة "كتّاب أفارقة". تحكي الرواية قصة أوكوُنكوو، المحارب الإغبو القوي، وتوثّق انهيار القيم التقليدية في قريته بفعل الاستعمار والتبشير المسيحي، واستلهم أتشيبي عنوان الرواية من قصيدة "العودة الثانية" للشاعر ويليام بتلر ييتس، واعتُبرت علامة فارقة أعادت للأفارقة حق سرد قصصهم بلغتهم ومنظورهم الخاص، وتُدرّس الرواية في المدارس وتُعد من أكثر الكتب تداولًا في أفريقيا الناطقة بالإنجليزية. حبة قمح – نغوغي وا ثيونغو رواية للكاتب الكيني نغوغي وا ثيونغو، أحد أبرز رموز ما بعد الاستعمار في الأدب الإفريقي، نشرت ضمن سلسلة "هاينمان للأدب الإفريقي"، وتتناول نضال الشعب الكيني ضد الاحتلال البريطاني. تدمج الرواية بين التاريخ والأسطورة والسيرة الشعبية، وتستحضر شخصيات مثل جومو كينياتا، زعيم استقلال كينيا، ويفضح نغوغي من خلالها خيانة النخب الوطنية لأحلام الفلاحين البسطاء بعد الاستقلال، مما يجعل الرواية شهادة مؤلمة عن الثورات المجهضة. الطريق – وولي سوينكا مسرحية كتبها وولي سوينكا عام 1965، وهو أول كاتب إفريقي يفوز بجائزة نوبل في الأدب (1986)، وتدور أحداثها في متجر صغير يُعرف بـ"محل الحوادث"، حيث يلتقي سائقون ومساعدوهم، وتتشابك أحاديثهم عن الحوادث والفساد والموت. المسرحية ذات طابع رمزي، تكشف العبث السياسي والديني الذي يخيم على المجتمع، وتطرح أسئلة وجودية عميقة حول المصير والإيمان، و"الطريق" ليست مجرد مسرحية عن مهنة أو مكان، بل استعارة كبرى لرحلة الحياة الإفريقية وسط فوضى الحداثة.


نافذة على العالم
منذ 2 ساعات
- نافذة على العالم
ثقافة : اتهم بالسرقة وحصد نوبل.. ميخائيل شولوخوف يثير الجدل بسبب "الدون الصامت"
الأحد 25 مايو 2025 01:33 مساءً نافذة على العالم - تمر اليوم ذكرى ميلاد الكاتب الروسى ميخائيل شولوخوف، الذى ولد في 25 مايو من سنة 1905، وتوفى في 21 فبراير من سنة 1984، وحصل على جائزة نوبل عام 1965، وفي ضوء ذلك نستعرض لمحات من حياته. بدأ شولوخوف الكتابة في السابعة عشرة من عمره، وكان أول كتاب منشور له هو "حكايات الدون 1926"، وهي مجموعة قصص قصيرة، في عام 1925، بدأ روايته الشهيرة "الدون الصامت"، تطور عمل شولوخوف ببطء حيث استغرق الأمر 12 عامًا لنشر الرواية التي جاءت في 4مجلدات، 1928-1940؛ تُرجمت إلى جزأين باسم "ويتدفق الدون الهادئ" و"يتدفق الدون إلى موطنه في البحر"، كما استغرق 28 عامًا لإكمال رواية رئيسية أخرى، وهي "بودنياتايا تسيلينا 1960-1932"؛ تُرجمت إلى جزأين باسم "تربة عذراء مقلوبة" نُشرت أيضًا باسم "بذور الغد" و"الحصاد على نهر الدون، وكتب شولوخوف أيضًا رواية بعنوان لقد قاتلوا من أجل بلادهم وهي قصة ملحمية غير مكتملة عن شجاعة الشعب السوفيتي أثناء الغزو الألماني للحرب العالمية الثانية، كما ركزت قصة شولوخوف الشهيرة "سودبا تشيلوفيكا" (1957؛ "مصير رجل") على هذه الفترة أيضًا. أشهر أعمال شولوخوف، "تيخي دون" أو "الدون الصامت"، والتي تميزت بموضوعية تصويرها للنضال البطولي والمأساوي لقوزاق الدون ضد البلاشفة من أجل الاستقلال، صبحت الرواية الأكثر قراءة في الاتحاد السوفيتي، وأُشيد بها كمثال قوي على الواقعية الاشتراكية، وفازت بجائزة ستالين عام 1941. كان شولوخوف واحدًا من أكثر الكتاب السوفييت غموضًا، في رسائل كتبها إلى الزعيم السوفييتي جوزيف ستالين، دافع بجرأة عن مواطنيه من منطقة الدون، ومع ذلك فقد وافق على الحكم الذي أعقب إدانة الكاتبين أندريه سينيافسكي ويولي دانييل بتهمة التخريب في عام 1966 واضطهاد ألكسندر سولجينتسين، كانت وجهة نظر ستالين بأن تيخي دون تحتوي على أخطاء معروفة للعامة، لكن الرواية ظلت كلاسيكية من الأدب السوفييتي طوال حكم ستالين، تتناقض المزايا الفنية لأفضل رواية لشولوخوف بشكل صارخ مع الجودة المتواضعة (أو الأسوأ) لبقية أعماله لدرجة أن تساؤلات أثيرت حول تأليف شولوخوف لرواية تيخي دون، اتهم العديد من المؤلفين، من بينهم سولجينتسين، شولوخوف علنًا بالسرقة الأدبية وادعوا أن الرواية كانت إعادة صياغة لمخطوطة كاتب آخر؛ غالبًا ما يُستشهد بفيودور كريوكوف، الكاتب من منطقة الدون الذي توفي عام 1920، كمصدر لرواية شولوخوف، ورغم أن مجموعة من الباحثين الأدبيين النرويجيين أثبتوا - باستخدام تحليل إحصائي للغة الرواية - تقاربها مع بقية أعمال شولوخوف، ورغم استعادة مخطوطتها المبكرة التي كان يُعتقد أنها مفقودة، إلا أن عددًا كبيرًا من الشخصيات الأدبية المرموقة في روسيا اليوم يعتقدون أن الرواية مسروقة .


نافذة على العالم
منذ 2 ساعات
- نافذة على العالم
ثقافة : بدء الاحتفاء بـ محمد سلماوي بـ الأعلى للثقافة لبلوغه الثمانين.. صور
الأحد 25 مايو 2025 01:33 مساءً نافذة على العالم - بدأت منذ قليل الاحتفالية التي ينظمها المجلس الأعلى للثقافة لتكريم الكاتب محمد سلماوي، بمناسبة بلوغه عامه الثمانين، وذلك بحضور الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة المصرية. افتتح الاحتفالية الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، كما شهدت الاحتفالية تكريم الكاتب الكبير تقديرًا لمسيرته الإبداعية الزاخرة، وما قدمه من إسهامات أدبية وثقافية أثرت المكتبة العربية، وشهد الحفل حضورًا واسعًا من الرموز الثقافية والأدبية المصرية، احتفاءً بالكاتب الكبير الذي اختاره الأديب العالمي نجيب محفوظ لإلقاء كلمته نيابة عنه خلال حفل توزيع جائزة نوبل للآداب عام 1988. ويُعد محمد سلماوي من أبرز الكتّاب المصريين، حيث أصدر أكثر من ثلاثين كتابًا تنوعت بين الروايات والمسرحيات والمجموعات القصصية والسير الذاتية، إلى جانب مؤلفات في السياسة والصحافة، وقد شغل عدة مناصب قيادية مهمة، من بينها: مدير تحرير جريدة الأهرام ويكلي الصادرة بالإنجليزية، رئيس تحرير الأهرام إبدو الصادرة بالفرنسية، وكيل وزارة الثقافة للعلاقات الخارجية، رئيس مجلس أمناء جريدة المصري اليوم، كما تم انتخابه رئيسًا لاتحاد كتاب مصر، ثم أمينًا عامًا لكل من الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، واتحاد كتاب أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية. وقد نال سلماوي العديد من الجوائز والتكريمات، من مصر وعدة دول أجنبية، تقديرًا لدوره الثقافي البارز، وكان أبرزها جائزة النيل في مجال الآداب، وهي أرفع جائزة مصرية تُمنح للمبدعين. الأعلى للثقافة يحتفي بالكاتب الكبير محمد سلماوي جانب من الاحتفالية احتفالية محمد سلماوي بالأعلى للثقافة