
ثلاثة أقسم عليها رسول الله!!
روى الإمام أحمد والترمذي عن أبي كبشة الأنماري قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (ثلاثةٌ أقسِمُ عليْهنَّ، وأحدِّثُكم حديثًا فاحفظوه: ما نقصَ مالُ عبدٍ من صدقةٍ، ولا ظلِمَ عبدٌ مظلمةً فصبرَ عليْها إلَّا زادَهُ اللَّهُ عزًّا، ولا فتحَ عبدٌ بابَ مسألةٍ إلَّا فتحَ اللَّهُ عليْهِ بابَ فقرٍ...) الحديث.
رغم أن المؤمنين يصدقون رسولهم صلى الله عليه وسلم في كل ما أخبر عنه من غير قسم ولا حلف، وهذا من مقتضى الإيمان، لا يصح الدين إلا به.. إلا أنه صلى الله عليه وسلم أقسم على هذه الثلاثة الأمور؛ إما تأكيدا لما سيقول، وإما تحفيزا للسامع على فعل ما يقتضيه قوله، وإما لأن الظاهر للناس خلاف ما سيقوله وسيقرره، فلذلك أقسم عليه.
ما نقص مال من صدقة
(ما نقص مال عبد من صدقة)، ذلك أن الظاهر للناس أن الإنفاق من المال ينقصه، فمن كان عنده عشرة آلاف تصدق منها بألف صارت تسعة، وهذا نقص في الظاهر، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يطمئن قلوب المنفقين بأن المال لا ينقص، وإنما يبارك الله فيه ويزكيه وينميه ويكثره ويثمره ويدفع عنه الآفات، ويحفظ صاحبه من الهلكات والجوائح، بل ويخلف عليه بما هو خير منه، ويعود عليه بأكثر مما أنفق. كما قال سبحانه وتعالى {وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}[سبأ:39].
فالصدقة في الحقيقة تزيد المال.. وواقع الحياة يدل على أن المحسنين المنفقين يزدادون ثراء فوق ثرائهم، وغنى فوق غناهم، فضلا من الله ونعمة.
ثم إن المال أيضا يبقى لصاحبه ببركة الله فيه، فيدفع عنه المصائب بهذه الصدقات، ويدفع عن المتصدق مصارع السوء والهلكات، فـ (صنائعُ المعروفِ تقي مصارعَ السوءِ والآفاتِ والهلكاتِ)[رواه الحاكم والبيهقي]. وإذا حفظ الله الإنسان من مهلكات المال والجوائح، وحفظ النفوس من الأمراض والعلل، فإنه بذلك يحفظ عليه كثيرا من المال الذي كان سيفقده أو ينفقه على علاج هذه الأمراض والعلل، وهذا ـ لا شك ـ نوع من البركة والزيادة وتكثير الأموال.
ثم، فوق هذا: فإن الصدقة دليل صدق، وبرهان إيمان، وهي ظل لصاحبها، يستظل به يوم القيامة. ففي الحديث (كلُّ امرئٍ في ظِلِّ صَدَقَتِه حتى يُقْضَى بين الناسِ)[صحيح الترغيب]. وفي حديث السبعة الذين ظلهم الله في ظله، (ورَجُلٌ تَصَدَّقَ بصَدَقَةٍ فأخْفَاهَا حتَّى لا تَعْلَمَ شِمَالُهُ ما تُنْفِقُ يَمِينُهُ)[رواه البخاري].
ثم إن الصدقة أيضا تطهر المال، وتزكي النفس {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا}[التوبة:103]، فهي تطهر المال مما يقع فيه من حرام أو شبهة، وهي تزكي النفس من الشح والبخل، {وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[الحشر:9].
وأما الزيادة الحقيقية فهي أن الله تبارك وتعالى ينمي لك صدقتك، ويربيها لك، حتى تصبح اللقمة مثل جبل أحد من الحسنات، ويعطيك على الدرهم سبعمائة ضعف، كما قال سبحانه وتعالى: {مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ ۗ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}[البقرة:261].
ثم المنفقون. هم المتقون، أصحاب الجنة، والمحسنون، كما أخبر الله عنهم، فقال {وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}[آل عمران].
ولا زاد عبد بعفو إلا عزا
فالإنسان في حياته يتعرض لمواقف سيئة، وإساءات متكررة، قد تكون كلمة نابية، أو نظرة عابسة، أو همزا، أو لمزا، أو ظلما في نفس أو في مال. وبعض الأذى جرحه غائر عميق، وأثره سيئ أليم، والانتصار للنفس عدل تطلبه النفوس. والله تبارك وتعالى أقر العدل وأخذ الحق والانتصار للنفس بالحق فقال سبحانه: {وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ}[الشورى:41]، وقال: {فَمَنِ اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ}[البقرة:194]، وقال: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا}[الشورى:40]. وهذا كله يدخل في باب العدل ورد الظلم وأخذ الحق..
ولكنه سبحانه في كل مرة أقر فيها العدل ورد الظلم، رغب في العفو والصفح والفضل.. وجعل مقام العفو، والإحسان، أفضل من مقام الانتصار للنفس والانتقام، ولو بالعدل؛ فقال: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا ۖ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ}[الشورى:40]، وقال: {إِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ ۖ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرِينَ}[لنحل:126]، وقال: {ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور}.. لأن العفو عن الناس فيه كمال رجولة، وعلامة مروءة، وطيب نفس، وسلامة صدر، وكظم غيظ، وقبول عذر، وإقالة العثرات، وترفع عن الضغائن والعداوات.
ثم إن العفو فيه عز للنفس، لأنه لا يكون إلا بعد المقدرة، وإلا فإن العفو بغير قدرة إنما هو عجز وخور. فالعافون عزوا مرة بالقدرة على رد الظلم والتمكن من الظالم، ثم عزوا مرة أخرى بقهر النفس وردها عن هواها في الانتقام.
وهذا من الإحسان الذي يحب الله أهله: {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}[المائدة:13]. وقال: {وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}[آل عمران]. والله سبحانه يعاملهم من جنس عملهم فيغفر لهم ويعفو عنهم ويسامحهم {وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}[التغابن:14ٍ]. {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}[النور:22].
ولا يفتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر
وأما الأمر الثالث الذي أقسم عليه النبي صلى الله عليه وسلم، فهو أنه ما فتح عبد باب مسألة، إلا فتح الله عليه باب فقر، والمقصود بالمسألة سؤال الناس، والطلب منهم ـ سواء كان مالا أو حاجة أو غير ذلك ـ أي أن الله تبارك وتعالى يزيد هذا السائل للناس بغير حق، فقرا على فقر، وإن كان معه مال قارون، فإنه يرى أنه فقير محتاج.. وقد رأينا من معه الملايين ولا يزال يتكفف ويسأل ويذل نفسه ويمد يده، ويبذل مروءته، ويريق ماء وجهه.
ولا شك أن سؤال الناس فيه مذلة للنفس، وإهانة للسائل، وإراقة لماء وجهه.. والإسلام يدعو إلى العزة والرفعة، ويحث أتباعه على الجد والاجتهاد، والسعي والعمل، والضرب في الأرض، وطلب الرزق، وينهى عن كل ما فيه تنقيص للنفس أو مذلة أو مهانة، حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لأنْ يأخذَ أحدُكم حبلَهُ على ظهْرِهِ فيأتي بحزمةٍ منَ الحطبِ فيبيعُها فيكُفَّ اللهُ بها وجهَهُ خيرٌ مِنْ أنْ يسألَ الناسَ أعطوْهُ أوْ منعوهُ)[البخاري].
وأما الذين يتساهلون في الكسب بسؤال الناس فقد حذرهم النبي صلى الله عليه وسلم.. ففي الحديث المتفق عليه: (مَن سَأَلَ النَّاسَ أمْوالَهُمْ تَكَثُّرًا، فإنَّما يَسْأَلُ جَمْرًا فَلْيَسْتَقِلَّ، أوْ لِيَسْتَكْثِرْ).
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يبايع المسلمين على ألا يسألوا الناس شيئا، ويقول (مَن تَكفَّلَ لي أنْ لا يسأَلَ الناسَ شيئًا، وأتكفَّلُ له بالجَنَّةِ)[أبو دواد والنسائي].
وهذا الكلام الذي قلناه إنما هو بالنسبة لمن يفعل ذلك بغير حق، وطلبا للزيادة، والتكثر مع غنى وكفاية.. فمن فعل ذلك زاده الله فقرا، وفتح عليه أبوابه فلا يزال يرى الفقر في نفسه وإن كان أغنى الناس.
وأما من بذل جهده، واستفرغ وسعه، ثم ضاقت به أرزاقه عن حاجته وحاجة أهله، فهذا جعل الله له حقا في أموال المسلمين من الزكوات والصدقات. فقال سبحانه: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ (24) لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ}[المعارج]، وقال {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ}[الذاريات:19]. وقال سبحانه {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ...} الآية [التوبة:60].
وقال في حديث معاذ حين أرسله إلى اليمن: (فأعْلِمْهُمْ أنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عليهم صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِن أغْنِيائِهِمْ فَتُرَدُّ في فُقَرائِهِمْ)[رواه البخاري ومسلم].
عن اسلام.ويب

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


وجدة سيتي
منذ 2 ساعات
- وجدة سيتي
حديث الجمعة : (( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ))
حديث الجمعة : (( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض )) من المعلوم أن تصنيف الله عز وجل لعباده في القرآن الكريم، يقوم على أساس طبيعة صلتهم به . وهم باعتبار ذلك أصناف ثلاثة: إما مؤمنون به أو كافرون أو منافقون يبطنون كفرهم ، ويظهرون إيمانهم يخادعون بذلك المؤمنين، ويتوددون به إلى الكافرين ، وهم بذلك شر من هؤلاء . ولقد فصّل سبحانه تعالى في وصف ظاهر وباطن كل صنف من خلال سرد أحوالهم ، وأفعالهم ، وأقوالهم،ومواقفهم ، و ما تكون عليه مصائرهم الأخروية ، وذلك في سياق المقارنة بينهم . ومما شملته هذه المقارنة طبيعة العلاقة بين أفراد كل صنف داخل دائرة الإيمان أو دائرة الكفر والنفاق . ولقد جعل سبحانه الولاء جزءا من هذه العلاقة ، وهو لفظة من دلالاتها المحبة ، والقرابة ، والنصرة ، والإخلاص ، والتعاون … أما الولاء داخل دائرة الإيمان، فقد حدده الله تعالى في الآيتين الواحدة والسبعين والثانية والسبعين من سورة التوبة حيث قال : (( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة في جنات عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم )) . وأما العلاقة داخل دائرة الكفر والنفاق فقد حددها في الآيتين السابعة والستين ، والثامنة والستين من نفس السورة بقوله تعالى : (( المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم نسوا الله فنسيهم إن المنافقين هم الفاسقون وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها هي حسبهم ولعنهم الله ولهم عذاب مقيم )). لقد قابل الله عز وجل في هذه الآيات الأربع بين المؤمنين والمؤمنات من جهة وبين المنافقين والمنافقات من جهة أخرى . وأول ما يلاحظ أنه سبحانه وتعالى ذكر الجنسين معا في كل فئة حيث تقاسم أهل الإيمان محمدة ، بينما تقاسم أهل النفاق مثلبة . فإذا كان بين المؤمنين والمؤمنات ولاء بما له من دلالات على المحبة، والقرابة ، والنصرة ، والإخلاص … وهو ما يدل على وجود آصرة قوية بينهم مردها الولاء الذي مصدره ومعينه الإسلام الذي يتقاسمونه، وهو عروتهم الوثقى التي لا انفصام لها ، وهو ولاء هم فيه سواسية ينهلونه من نفس النبع، لا يفرق بينهم جنس ، فإنه لا ولاء بين المنافقين والمنافقات لغياب مصدره أو منهله عندهم ، ذلك لأنهم في سرهم على ملة الكفر ، وفي علانيتهم يدعون الإسلام كذبا وزورا، وهذا تناقض صارخ إذ كيف يكون للمنافقين والمنافقات ولاء وهم على هذه الحال ، وعروتهم منفصمة ، وهم هالكون جميعا تابعهم ومتبوعه ، ذكورهم وإناثهم. ويفصل الله تعالى بعد ذلك في ما يغذي الولاء بين المؤمنين والمؤمنات ،فهو أولا اجتماعهم على الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ،وهم يقتبسون هذه السجية من مداومتهم لإقامة الصلاة التي هي عماد الدين ، حيث يجتمعون لأدائها خمس مرات في اليوم في حيز واحد هو بيت الله عز وجل، يستعرضون فيها هديه باستمرار، وهي بذلك محضن الاستقامة والهداية ، ومحضن المحبة بينهم ، وهي محبة تزداد قوة أيضا بإيتائهم الزكاة المحطمة لكل الفوارق المادية بينهم ،والواقية لشح أنفسهم، وهم في ذلك مطيعون لربهم سبحانه وتعالى، ولرسوله ائتمارا وانتهاء ،علما بأنهم لا يأمرون بمعروف إلا وهم مؤتمرون به ، ولا ينهون عن منكر إلا وهم منتهون عنه ، وتلك هي حقيقة طاعتهم . وتأتيهم البشارة السعيدة بعد ذلك وهي رحمة الله تعالى ، مع الخلد في جنات تجري من تحتها الأنهار في مساكن طيبة ،ورضوان منه ،الذي هو أكبر ما في بشارة ، وهو فوز عظيم . ويفصل الله تعالى فيما يغذي نفاق المنافقين والمنافقات ، فهو أولا أمرهم بالمنكر ونهيهم عن المعروف ، ولا يأمر بمنكر إلا متورط فيه ، ولا ينهى عن معروف إلا ممتنع عنه . ولم يذكر الله تعالى إقامتهم للصلاة، لأنهم لم تكن لهم أصلا صلاة صحيحة ، وإن كانوا يحضرونها مع المؤمنين والمؤمنات في المساجد ، وذكر قبض أيديهم كناية عن شحهم وبخلهم ، فأنى يكون لهؤلاء محضن محبة بينهم ،وهم على هذه الحال التي سماها الله تعالى نسيانا منهم له ، ود جلب عليهم نسيانه لهم ، وحازوا وسم الفسوق، وهو الخروج عن شرع الله تعالى في كل أحوالهم ؟ وجاءهم وعيد الله تعالى، وهو الخلد في نار جهنم مع الكافرين، وهي حسبهم مع عذاب مقيم فيها مع لعنة لا تنفك عنهم أبدا ، ومن يلعن الله فلا نصير له . مناسبة حديث هذه الجمعة هو تذكير المؤمنين بنعمة الولاء الحاصل بسبب رابطة الإيمان والإسلام ، وتحذيرهم من الوقوع في آفة النفاق ،لأن الله تعالى لم يقتصر ذكره للمنافقين والمنافقات على أولئك الذين عاصروا البعثة النبوية، بل ذكرهم كنماذج متكررة عبر الزمان إلى قيام الساعة ، وتلك أحوالهم السيئة يومئذ تنبيها لمن يأتي بعدهم من المؤمنين كي لا يسقطوا فيها أو يتلبسوا بها سواء عن كان ذلك عن غفلة منهم أو عن وعي، وقصد، وسبق إصرار، كما أنه لم يقتصر ذكر أحوال المؤمنين والمؤمنات ممن عاصروا البعثة النبوية ، بل ذكرهم كي يُقتدى ويُتأسى بهم في كل عصر إلى قيام الساعة . ومن شاء اليوم من المؤمنين والمؤمنات أن يقيس مسافة القرب بينه وبين أحوال أهل الإيمان، فليعرض نفسه على ما وصفهم به الله تعالى من أمر بالمعروف ، ونهي عن المنكر ، وإقامة للصلاة ،وإيتاء للزكاة ، وطاعة لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، مع صدق النية والقول والفعل في كل ذلك ، والحذر من الرياء المفضي إلى النفاق . ومن شاء من المؤمنين والمؤمنات أن يقيس مسافة البعد بينه وبين أهل النفاق ، فلينظر مدى حذره مما وصفهم به الله تعالى من نهي عن المعروف، وأمر بالمنكر ، وشح، ومعصية الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم مع سبق الإصرار على الفسوق . ولقد وضع الله تعالى بين أيدي المؤمنين والمؤمنات معايير قياس درجة الإيمان ، ودرجة النفاق ، ولا عذرلأحد منهم إن لم يتحقق من توفره على ما يتحقق به الإيمان من صفات وأقوال وأعمال ، وما ينبغي عليه أن يتنكبه من صفات مفضية إلى آفة النفاق . وإننا في هذا الزمان لنواجه صراعا مريرا تدور رحاه بين أهل الإيمان وأهل الكفر ، وقد تخندق مع هؤلاء أهل النفاق ،وهم يسوقون قيم الكفر بيننا ، يأمرون بمنكرهم ، وينهون عن معروف أهل الإيمان ، ويتجلى ذلك بكل وضوح في دعوات البعض إلى كفرهم البواح الذي تشهد به عليهم ألسنتهم ، وكتاباتهم وما يخطون، وإلى فسوقهم الصراح الهادم لصرح العفة سمو القيم والأخلاق ، وإلى مطاعمهم ومشاربهم الحرام ، وإلى بخلهم المُشاع الذي يجعل الهوة سحيقة بين محاويج وأثرياء… إلى غير ذلك مما يسوق من أحوال الكافرين في بلاد الإسلام على أنه من القيم الإنسانية الراقية والحضارية على ما فيها من انحدار إلى الدرك الأسفل من السوء . ولقد فتن كثير من المؤمنين والمؤمنات بهذا الذي يسوقه بينهم منافقون ومنافقات من أحوال الكافرين والكافرات عن جهل وغفلة ،فيضيع بسبب انبهارهم بهم إيمانهم وهم لا يشعرون، ويزيدهم بعدا عنه أن الكافرين يوحون إلى المنافقين الموالين لهم، والذين الذين يعيشون بين ظهرانيهم إلى تشكيكهم في صدق أهل الإيمان ،والنفور منهم لصرفهم عنهم ، وسوقهم إلى مهاوي الهلاك ، وإنها لتصدق على زماننا هذا نبوءة رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل : » سيأتي على الناس سنوات خدّاعات ، يُصدَّق فيه الكاذب ، ويُكذَّب الصادق ، ويؤتمن فيها الخائن ، ويخوّن فيها الأمين ، وينطق فيها الرويبضة ، قيل وما الرويبضة ، قال : الرجل التافه يتكلم في أمر العامة » . اللهم لطفك بنا يا رب العالمين ، اللهم إنا نعوذ بك مما كان يتعوذ منه رسولك الكريم عليه الصلاة والسلام من شقاق، ونفاق ، ومن سوء الأخلاق . اللهم إن لك عبادا قد ظلموا في أرضك المقدسة ،وما حُوصروا ، وما جُوِّعوا، وما عُطِّشوا ، وما دُمرت مساكنهم فوق روؤسهم ، وما قُتِّلوا تقتيلا ، وما أُبيدوا إبادة منكرة جماعية إلا لأنهم مؤمنون ومؤمنات يوحدونك ، وقد رفضوا أن يظل مسجدك الأقصى معرضا للتدنيس ، ومهددا بالتدمير والزوال ، وقد شاءت إرادتك أن تمحصهم ببلاء عظيم ، وقد أظهروا صبرا وجلدا، وأنت أعلم بهم ، ولا نزكيهم عليك ، اللهم عجل لهم بفرج من عندك ، فقد تخلى عنهم الأقارب والأباعد، ولا مولى لهم إلا أنت ، اللهم أرهم في عدوهم يوما أسود كأيام عاد، وثمود ،وفرعون، وكل الطغاة الهالكين الغابرين من الظالمين. والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات ، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


أريفينو.نت
منذ 8 ساعات
- أريفينو.نت
المجلس العلمي المحلي للناظور يحتفي بختم الطالبة آية أصغر للقرآن الكريم عن سن لا تتجاوز 14 سنة..
أريفينو : 24 مايو 2025. في أجواء إيمانية مفعمة بالخشوع والتقدير لكتاب الله تعالى، نظّم المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور، يوم الجمعة 25 ذوالقعدة 1446 الموافق 23 ماي 2025م، حفلاً دينياً بهيجاً بمناسبة ختم الطالبة آية أصغر، البالغة من العمر أربعة عشر سنة، للقرآن الكريم كاملاً، وذلك بفضاء كتاب ابن عاشر التابع لمعهد الإمام مالك للتعليم العتيق. وشهد الحفل حضور عدد كبير من النساء ، إلى جانب أسرة الطالبة وطالبات المعهد، حيث تخللت المناسبة تلاوات عطرة من الذكر الحكيم، وكلمة توجيهية لعضو المجلس العلمي الأستاذة حليمة الغازي، ركّزت فيها على فضل حفظ القرآن، ودور الأسرة والكتاتيب ومعاهد تحفيظ القرآن وتعليم العلوم الشرعية في تنمية هذا المسار المبارك لدى الناشئة. كما نوهت بمجهودات كل من المشرفة على طالبات المعهد حبيبة قيشوح والفقيه محمد أبركان والدعاء لهما بدوام الصحة والعافية والاستمرار في تخريج أجيال من الحافظات والخاتمات. إقرأ ايضاً وتُعد الطالبة آية أصغر نموذجاً مشرفاً للجيل الصاعد، حيث تمكنت من إتمام حفظ المصحف الشريف في سن مبكرة، وهو إنجاز يُحسب لها ولمعهد الإمام مالك للتعليم العتيق، ويُجسد ثمار المثابرة والإخلاص في طلب العلم الشرعي. وفي ختام الحفل، تم تكريم الطالبة بشهادة ختم القرآن وهدايا رمزية، عربون وفاء وتحفيز لمزيد من التألق في مسيرتها القرآنية والعلمية. كما عبّر الحاضرون عن سعادتهم بهذا الحدث، مؤكدين أن مثل هذه المبادرات تُسهم في ترسيخ القيم الدينية والوطنية لدى الشباب. ويأتي هذا النشاط ضمن البرامج التي دأب المجلس العلمي المحلي للناظور على تنظيمها، دعماً لطلبة التعليم العتيق، وتشجيعاً على حفظ القرآن الكريم والتخلق بأخلاقه.


صوت العدالة
منذ 18 ساعات
- صوت العدالة
انطلاق فوج الحجاج لاداء فريضة الحج بعمالة المضيق الفنيدق.
صوت العدالة : عبدالقادر خولاني. كانت مدينة المضيق محطة لانطلاق فوج الحجاج لهذه السنة من أمام مجلس عمالة المضيق الفنيدق ،العملية التي اعدها و اشرف على مختلف مراحلها رئيس مجلس العمالة السيد احمد حلحول لفائدة الحجاج بهدف تيسير السفر الى مطار طنجة ابن بطوطة حيث سيسافرون جوا الى الديار المقدسة بالمملكة العربية السعودية لاداء فريضة الحج. اللهم اجعله حجاً مبروراً واجعل سعيهم مشكوراً وذنبهم مغفوراً وعملهم مقبولاً وتجارة لن تبور يا عزيز يا غفور وارجعهم الى اهلهم ان شاء الله سالمين. والشكر موصول للسيد رئيس مجلس العمالة على هذه البادرة التي اصبحت عرفا طيبا بعمالة المضيق الفنيدق.