كانوا يسارعون في الخيرات
18
د. عبدالله العمادي
مشهد يمتدح الله، سبحانه، فيه زكريا وزوجه وابنهما يحيى عليهم السلام جميعا. فقد كانت أسرة مباركة، وكانوا من الخاشعين المتواضعين، المحبين للخير. فقد (كانوا يسارعون في الخيرات) والمسارعة في طاعة الله تعالى، كما يقول الفخر الرازي، من أكبر ما يُمدح المرءُ به، لأنه يدل على حرص عظيم على الطاعة.
إذن كانوا يبادرون إلى الخيرات ويفعلونها في أوقاتها الفاضلة، كما يقول ابن سعدي في تفسيره، ويكملونها على الوجه اللائق الذي ينبغي ولا يتركون فضيلة يقدرون عليها إلا انتهزوا الفرصة فيها (ويدعوننا رَغَباً ورهبا) أي يسألوننا الأمور المرغوب فيها، من مصالح الدنيا والآخرة، ويتعوذون بنا من الأمور المرهوب منها، من مضار الدارين، وهم راغبون راهبون لا غافلون، لاهون ولا مدلون (وكانوا لنا خاشعين) أي خاضعين متذللين متضرعين، وهذا لكمال معرفتهم بربهم.
قال الإمام الماوردي في قوله تعالى (ويدعوننا رغـباً ورهبا) فيه أربعة أوجه:
أحدها رغباً في ثوابنا ورهباً من عذابنا.
الثاني رغباً في الطاعات ورهباً من المعاصي.
والثالث رغباً ببطون الأكف ورهباً بظهور الأكف.
والرابع يعني طمعاً وخوفاً.
ويحتمل وجهاً خامساً، أي رغباً فيما يسعون من خير، ورهباً مما يستدفعون من شر.
خطب أبو بكر الصديق رضي الله عنه يوماً فقال:
أما بعد، فإني أوصيكم بتقوى الله، وتثنوا عليه بما هو له أهل، وتخلطوا الرغبة بالرهبة، وتجمعوا الإلحاف بالمسألة، فإن الله عز وجل أثنى على زكريا وأهل بيته فقال (إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين).
في الحديث، نجد سيد الأولين والآخرين يحثنا على المسارعة إلى فعل الخيرات، قبل أن تشغلنا شواغل الدنيا: «بادروا بالأعمال، فتناً كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل فيها مؤمناً، ويمسي كافراً، أو يمسي مؤمناً ويصبح كافراً، يبيع دينه بعـرض من الدنيا».
إن المسارعة لفعل الخيرات من أخلاق المؤمنين الصادقين، ومثل هذه الأعمال دلالة على رجاحة في العقل وسلامة في القلب، فإن إتيان الخير إنما هو نموذج رائع لقيمة العطاء، وغالباً ما يكون العطاء أصعب وأشق على النفس من الأخذ.
إنك حين تقوم بالعطاء والمسارعة إلى الخيرات، فإنما تثبت بالدليل أنك مفتاح للخير مغلاق للشر، كما بالحديث: «إنَّ من الناس ناساً مفاتيح للخير مغاليق للشر، وإنَّ من الناس ناساً مفاتيح للشر مغاليق للخير، فطوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه، وويل لمن جعل الله مفاتيح الشر على يديه».
إضافة إلى ذلك، فإن المسارعة إلى فعل الخيرات، تدخلك تحت مظلة الآية القرآنية العظيمة: (وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين).
أي مديح أجمل وأفضل من أن تكون من أئمة الخير، تسير وفق ما أمر الله، فيرزقك المولى عز وجل نتيجة ذلك، إلهاماً من عنده لفعل الخيرات، ما يعني المزيد من الرضا والبركات عليك، بل ولأنك بفعل الخيرات تلك، صرت تستحق نعمة أخرى من نعم الله التي لا تُعد ولا تُحصى، هي نعمة الحرص على الصلاة وإيتاء الزكاة، من أجل تدخل بعد ذلك ضمن قائمة العابدين، وما أجملها وأزكاها من قائمة.
وهل منا من لا يرضى أن يكون اسمه ضمن تلك القائمة العالية الرفيعة؟
لنغتنم مثل هذا اليوم الجليل العظيم ونسارع فيه بالخيرات، بأشكالها المتنوعة. فليس أعظم يوم عند الله من يوم عرفة. لنسأله سبحانه في مثل هذا اليوم تحديداً، العفو والعافية، في الدين والدنيا والآخرة، وطلبات أو حوائج أخرى، دنيوية وأخروية، فهو السميع العليم مجيب الدعوات. وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال، وكل عام وأنتم بخير.
مساحة إعلانية

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة الشرق
منذ 4 ساعات
- صحيفة الشرق
يوم تُفتح فيه أبواب السماء
168 سلوى الملا • في زحمة الحياة، ووسط تقلبات الأيام، وبعد مواسم طاعات ؛يشرق علينا يوم عرفة بنوره، وبركته وعظم ثوابه وأثره؛والرحمات المهداة للأرواح يوم تتنزل الرحمة، ومعه الأمل لا ينقطع، والذنوب مهما تكاثرت؛ فإن العودة إلى الله ممكنة ومشرعة الأبواب للتائبين مهما اخطأنا وأذنبنا. • يوم عرفة، تاسع ذي الحجة، هو من أعظم أيام السنة، يوم اختاره الله ليتنزل فيه على عباده بالعفو والمغفرة، يوم يباهي بهم ملائكته، ويعتق فيه من النار أعدادًا لا تُحصى. قال النبي ﷺ: «ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبيدًا من النار من يوم عرفة.» • هو الركن الخامس الأعظم الحج، والوقوف بعرفة هو ذروته، لكن عرفة لا يخص الحجيج وحدهم، ففضله يعم كل المسلمين. فمن صامه، كُفّرت عنه ذنوب سنتين؛ سنة ماضية وسنة مقبلة. ومن دعا فيه، فتحت له أبواب السماء، وسُمع منه كل خلجات وأماني الروح والفكر و رجاء الصادقين. • نؤمن كمسلمين أن الرسالات السماوية تلتقي وتجتمع في جوهرها على التوحيد، وتكتمل في الإسلام خاتم الديانات السماوية..الذي جاء مصدقًا لما قبله. • وفي مناسك الحج، نلخّص تاريخ الإيمان منذ إبراهيم عليه السلام، حين أمره الله أن يرفع القواعد من البيت، واستجاب هو وابنه إسماعيل بقلبيهما قبل أيديهما. فالحج ليس مجرد شعائر، بل اتباعٌ لسُنّة خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام واستحضار لقصة الفداء، والصدق، والتسليم. • في يوم عرفة، نستحضر الروح والفكر والإرادة ونتوقف عن السعي الخارجي، ونتوجه إلى السعي الداخلي، إلى مراجعة النفس، ومصالحتها مع الله ومع ذاتها. هو اليوم الذي نعيد فيه ترتيب الداخل، ويعلّمنا أن النجاة لا تكون بكثرة الأفعال، بل بصدق النية ونقاء القلب. • في هذا اليوم، تتجلى معاني التوبة والخضوع، وتذوب الكبرياء البشرية أمام عظمة الخالق. تتجلى الروح، وتشفّ النفوس، ويعلو صوت الدعاء على كل ضجيج. وتتلاشى الذنوب..امام عظمة اليوم. • وفي زمن غابت فيه السكينة عن كثير من الأرواح، يأتي يوم عرفة كبلسم سماوي، يربت على القلوب المرهقة، ويوقظ فينا أجمل ما في الإيمان من طمأنينة ويقين. وتوجه صادق بيقين إلى الخالق سبحانه وتعالى القريب المجيب المتفضل بجلالته ليكون في يوم عرفه لعبادة الذين أتوه من كل فج عميق. • وتبقى ذكريات هذا اليوم رحلة لا تُنسى... لمن سهّل الله له الوصول، ولأولئك الذين أمضوا سنوات يجمعون نفقة الحج، أو ساروا على أقدامهم في قوافل الإيمان، يقطعون المسافات والشهور وتقلبات الفصول للوصول إلى بيت الله. إنها ليست مجرد رحلة، بل شهادة حب وولاء، وعهد لا يُمحى بين العبد وربه. • آخر جرة قلم: من أدرك هذا اليوم.. يوم عرفة، وكتب لك عمرا ونفسا وصحة وعافية ؛لا تجعله يمضي كغيره من أيام. احرص فيه أن تصافح قلبك، وتستجمع الأماني، واغسل ذنوبك بالدعاء، وتذكر أن ربك أقرب إليك مما تظن.يراك ويسمعك ويعلم ما تريد سبحانه أقرب إلينا من حبل الوريد وفي يوم عرفة يتنزل الله سبحانه وتعالى يباهي ملائكته بعباده.. وبعفوه وغفرانه ورحماته.لنرفع الأكف بخلجات الروح والدعاء: «اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعفُ عني.» قال رسول الله ﷺ:»خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي:لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير» تقبل الله منا ومنكم الدعاء وصالح الأعمال وسهل ويسر لحجج بيته حجتهم بحج مبرور وسعي مشكور وذنب مغفور.. وكل عام وأنتم بخير مساحة إعلانية


صحيفة الشرق
منذ 9 ساعات
- صحيفة الشرق
خطيب الجمعة بجامع الإمام: قطيعة الأرحام تفرق المجتمعات وتقلل الأرزاق
محليات 0 A+ A- الدوحة - الشرق أكد فضيلة الشيخ د. محمد حسن المريخي خلال خطبة الجمعة بجامع الإمام محمد بن عبدالوهاب أن من أجل وأحسن البناء بناء الأرحام وترميمها والتأكيد على مقام متانتها ومداراتها وصلتها خشية عواقب قطيعتها.. ووصفها بأنها نعم البناء، البناء الرباني ونعم التشييد النبوي الإسلامي ونعم الترميم المجتمع الأخلاقي. وأضاف: إذا كان للمجتمعات أصول لبنائها وتشهيدها فأول هذه الأصول تواصل أفرادها وأرحامها ومودتهم وحبهم والبذل لبعضهم البعض وهذا ما أكد عليه الإسلام بالأمر بصلة الأرحام. وحذر الخطيب أنه إذا حيل بين الأرحام وبعضها وتقطعت الصلات بينها خرت الاسقف على أهلها، وانهدم البنيان على اهله وضعف الحال، وذهبت البركة واعتذرت الأرزاق واستوحشت الارض. وذكر الشيخ محمد المريخي أن الأمر بصلة الأرحام والتحذير من قطيعتها ونوه الخطيب بأن القطيعة بين الأرحام في هذا الزمان كثيرة ومنتشرة جدا، بل هي بين أقرب الأقربين. وأكد أن عقوبة قطع الأرحام معجلة في الدنيا قبل الآخرة كما أخبر الصادق صلى الله عليه وسلم حينما قال «ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخره له في الآخرة من البغي يعني الظلم وقطيعة الرحم» رواه الترمذي، وقال إن قطيعة الأرحام سبب للذلة والصغار والضعف والتفرق ومجلبة للهم والغم كان الصحابة رضوان الله عليهم يستوحشون الجلوس مع قاطع الرحم يستوحشون الجلوس معه ويطلبون منه المغادرة والمفارقة. يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنشد الله قاطع رحم لما قام عنا فإنا نريد ان ندعو ربنا وأن أبواب السماء مرتجة يعني مغلقة دون قاطع الرحم، ألا وإن قاطع الرحم يا عباد الله لا يثبت على أخوة ولا صداقة ولا مودة، ولا يرجى منه وفاء ولا صدق في الإخاء يشعر بقطيعة الله له، ملاحق بنظرات الاحتقار مهما تلقى من المظاهر الايجابية. وأشار الخطيب إلى أن هذا العيد عيد الله المبارك عيد الحج مناسبة دينية شرعية جدير بالناس بل بالمؤمنين الصادقين أن يتمنوا أن يثمنوا النعم ويقدروا منن الله تعالى عليهم، ويتمنوا من الله عز وجل أن يبارك لهم في أعيادهم، فإذا لم تتواصل الأرحام في مثل هذه المناسبات الكريمة الربانية، فمتى يتواصلون؟ فمتى يتواصلون إن لم يتواصلوا في العيد؟ فالعيد وقت التواصل والتقارب والصفاء وترك الخلافات وإنهاء الخصومات. مساحة إعلانية


صحيفة الشرق
منذ 9 ساعات
- صحيفة الشرق
جموع المصلين يؤدون صلاة الأضحى في 710 مصليات وجوامع
2 صلاة العيد أدى جموع المصلين في الدوحة والمناطق الخارجية صلاة عيد الأضحى المبارك في 710 من المصليات والجوامع جهزتها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لاستقبال جموع المصلين لأداء الصلاة. وكانت وزارة الأوقاف نشرت في وقت سابق أسماء الجوامع والمصليات ومواقعها الجغرافية ليسهل الوصول إليها في يسر وسهولة. وحرصت الوزارة في عملية الاختيار على توزيع الجوامع والمصليات جغرافيا، بحيث تكون قريبة من جميع مناطق الدولة، ولتيسر أداء صلاة عيد الأضحى على الجميع. دعوة للمودة واستهل فضيلة الشيخ عبدالله النعمة في خطبة العيد التي ألقاها بجامع الإمام محمد بن عبدالوهاب بقوله: إن هذه شمس العيد قد أشرقت فلتشرق منها شفاهكم بصدق البسمة وقلوبكم بصفاء البهجة، ونفوسكم بالمودة والمحبة جددوا التراحم بين الأقرباء، والحب بين الأصدقاء، والتعاون بين الناس جمعاء عباد الله". وأوضح أنه في العيد تتصافى القلوب، وتتصافح الأيادي ويتبادل الجميع التهاني، فلا يبقى في قلب المسلم إلا بياض الألفة، ونور الإيمان وتجدد المحبة وإشاعة العفو والمسامحة. فأدخله السرور على من بينك وبينه قطعية أو عداء، وكُن أنت البادئ، فخيرهما الذي يبدأ بالسلام "وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم". وقال إنه لا يتأتى ذلك إلا بالصبر، والاحتمال، والحلم، والتسامح، وتطهر القلوب من الغل والحقد والحسد. تأكيد على حقوق الوالدين وأكد أن من أعظم الحقوق حقوق الوالدين وقد قرنه الله سبحانه بحقه فقال "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا". وأوضح أنه يجب أن يؤدي المسلم واجبه تجاه أقاربه، وجيرانه من صلة وبر وليحذر من قطيعة الرحم، فإنها شؤم عظيم وخطرها كبير، مشيرا الى ما روی مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى: (لا تحاسدوا ولا تناجشوا، ولا تباغضوا ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخواناً) وكذلك عن جبير بن مطعم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يدخل الجنة قاطع ) اي قاطع رحم. وقال إنه في العيد تتقارب القلوب ويتناسى ذوو النفوس الطبيبة أضغانهم فيجتمعون بعد افتراق ويتصافحون بعد انقباض ويتصافون بعد كدر، فتكون الصلات الاجتماعية أقوى ما تكون حباً ووفاء واخاء. إظهار معاني الأخوة ونوه بأنه في العيد تبرز معالم الدين وتظهر معاني الأخوة الإسلامية، في الألفة والمحبة، والتناصر والتعاون على البر والتقوى، تتصافى القلوب، وتجتمع الكلمة، وتنبذ الفرقة، فالمسلم أخو المسلم لا يخذله، ولا يسلمه ولا يحقره تحقيقاً لقوله تعالى: (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض)، والتي أكدها النبي صلى الله عليه وسلم مرات ومرات، بقوله وفعله، وأمره ونهيه. وأضاف: ونحن في هذا اليوم العظيم علينا أن نقف مع إخواننا المستضعفين في غزة وفلسطين، وأن يستمر التعاطف معهم حتى يعم العالم كافة، وأن يتجاوز التبرع بالمال والدعاء والقنوت، إلى الأفعال والدفع بقوة، فإن القوة لا ترد إلا بالقوة، ولأن المؤمنين إخوة، ومن لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم. التناصح بعد التقوى وقال فضيلة د. محمد حسن المريخي بمسجد عثمان بن عفان بالخور إن أهم ما نتناصح به اليوم بعد تقوى الله تعالى وطاعته هو قضية القلوب والافئدة التي عليها صلاح الأبدان وفسادها فالقلوب بأمراض حسية ومعنوية فأما الحسية منها فقد أطلع الله عليها عباده، وأما المعنوية فلم يقف عليها الا من كانت له صلة وطيدة بالوحي المنزل. واشار إلى أن أمراض القلوب المعنوية أشد خطورة من الحسية ولكن اکثر الناس لا يعلمون. فالعمى القلبي وظلامه وانتكاساته هي البلاء الكبير والشر المستطير حيث يقول الله تبارك وتعالى (فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور). ويقول رسول الله صلى الله صلى الله "تُعرضُ الفتنُ على القلوبِ كالحصيرِ عودًا عودًا، فأيُّ قلبٍ أُشربَها نكتَتْ فيه نكتةٌ سوداءُ فيصيرُ أسودَ مربادًّا كالكوزِ مُجَخِّيًا، لا يعرفُ معروفًا ولا ينكرُ إلا ما أُشرِبَ من هَواه" وأضاف: الا ان النفوس اليوم قد أصابها ما أصابها من هذه الامراض فالحسد والحقد والضغينة تصبح وتمسي وتبيت في القلوب، مشيرا إلى الكراهية وبغض الاشخاص بلا سبب يذكر وكذلك الكلام والخوض في الاعراض وتصنيف الناس، وتقديمهم وتأخيرهم، ورفعهم وخفضهم، والغيبة والنميمة والطعن في الاحساب الانساب، يقابل هذا إيمان ضعيف وهزال، وقلة يقين وتأخير للاسلام. ودعا فضيلته إلى سؤال الله العافية مشيرا إلى أنها هي السلامة والنجاة والرحمة في الدنيا الآخرة، وهي السلامة في الدين من الفتن وهي أنس الدنيا ومتعتها وهي أجمل لباس يتدرع به العبد. دعوة لتعظيم الشعائر ألقى فضيلة الشيخ د. جاسم بن محمد الجابر خطبة العيد بجامع طارق بن زياد في إزغوى حيث قال فضيلته: اعلموا -رحمكم الله- أنكم خرجتم إلى هذا الصعيد، لقصد أداء صلاة العيد، تأسيًا بنبيكم عليه الصلاة والسلام، وإظهارًا لشكر نعمة الهداية إلى الإسلام، وبلوغ عيد حج بيت الله الحرام. وأن يومكم هذا يعد من أكبر الأيام شعائر، ومن أعظمها مناسك ومشاعر أطلعه الله عليكم سعيدًا، وجعله لكم نسكًا وعيدًا، شُرِّفَت به أيام التشريق، وأفاض الحجاج فيه من المشعر الحرام إلى البيت العتيق، تُهرق فيه دماء الأضاحي، ويطلع فيه الرب على عباده ويباهي. فهو يوم الحج والمنحر، وعيد الله الأكبر. يجتمع الحجاج فيه بمنى لقضاء مناسك الحج، ويتقربون إلى الله بالعج والثج، يحيون سنة أبيهم إبراهيم بما يذبحونه من القرابين. فهو عيد لاستكمال حجهم، كما أن عيد الفطر عيد لاستكمال شهر صومهم، فهما عيدا أهل الإسلام. ولأجله شرع إظهار التجمل والزينة فيهما، والجهر بالتكبير في ليلتيهما، وعند الخروج إليهما، إشهارًا لشرفهما، وإكبارًا لأمرهما، ﴿وَلِتُكمِلُواْ ٱلعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَىٰكُم وَلَعَلَّكُم تَشكُرُونَ﴾. ثم قال فضيلته: والأضحية سنة في حق الحي، سنها رسول الله ﷺ قولاً منه وفعلاً ونزل فيه قرآن يتلى ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَٱنحَر﴾. "وقد ضَحَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقَرْنَيْنِ ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا" كما في حديث أنس الذي عند الشيخين. ضحوا عباد الله فإنّ الله لن يناله دماؤها ولا لحومها ولكن يناله التقوى منكم، وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب لعلكم تتقون. وختم فضيلته الحديث عن حكم إذا اجتمع العيد والجمعة قائلًا بأن فهذه المسألة من المسائل التي اختلف فيها أهل العلم في صحتها، وفقهها، والراجح أن الجمعة تسقط على من حضر العيد مع الإمام؛ لحديث أبي داود رضي الله عنه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم قال (قد اجتمع في يومكم هذا عيدان، فمن شاء أجزأه من الجمعة، وإنا مجمعون) . مساحة إعلانية