خواطر الكُتاب.. أبعاد لا تنتهي
مراصد
إعداد: جمال بوزيان
توثيقا لإبداعات أهل القلم
خواطر الكُتاب.. أبعاد لا تنتهي
تَرصُدُ أخبار اليوم الإبداعات الأدبيَّة وتَنشُرها تَكريمًا لِأصحابِها وبِهدفِ مُتابَعةِ النُّقَّادِ لها وقراءتِها بِأدواتِهم ولاطِّلاعِ القرَّاءِ الكِرامِ علَى ما تَجودُ به العقولُ مِن فِكر ذِي مُتعة ومَنفعة ... وما يُنْشَرُ علَى مَسؤوليَّةِ أهل القلم مِن حيثُ المِلكيَّةِ والرَّأيِ.
حوار مع شيطاني
أ.عبد العالي لعجايلية - الجزائر
في ليلة تلبّدت فيها الغيوم كأنها أفكار مظلمة تتربص بالعقل وجدتني وحيدًا بين دهاليز الوجود غارقًا في بحر من التساؤلات. فجأة ظهر شيطاني كظل مشؤوم يُلاحق أطياف الروح. جلس أمامي دون دعوة بابتسامة خبيثة تُعري نواياه. قال بصوت هادئ كالسُمّ الذي يسري في العروق أنت يا صديقي تبحث عن الحقيقة لكن هل فكرت أن الحقيقة نفسها قد تكون مرآة مشروخة؟ .
نظرت إليه مستفهمًا لكنه تابع قبل أن أتمكن من الرد لا أكذب لكنني أُلبس الحقائق ثوبًا من زيف مُزخرف. أسلك الدرب ذاته ولكن بخطوات ملتوية. لا أحتاج أن أغشّك بالكذب الصريح فأنت مَن يغفل حين أُريك ما ترغب في رؤيته .
كان حديثه كالسيف ذي حدين يقطع في عمق الفكر ويترك الروح تبحث عن شقوق بين الحقيقة والوهم. استحضرت في ذهني التحذير الأزلي:
إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا.
تذكرت كم حذّرنا الله منه وهو العدو الذي لا يكلّ ولا يملّ. فقلت له برباطة جأش ولكنك تعلم كما أعلم أن الله موجود وأن اليوم الآخر آت لا محالة فأنت لا تنكر الحقيقة.
ضحك ضحكة ممزوجة بالخبث والإذعان وقال: بالطبع أؤمن بالله واليوم الآخر وأعرف أن الحساب قادم. لكن هذا هو سر التحدي تحد أبدعه بإغواء البشر ليس بالكذب بل بتزيين الحقائق حتى تغدو السراب الذي تظنه ماءً. أقدم لهم ما يليق بأوهامهم وأراقبهم وهم يغرقون في بحارها .
كانت كلماته كالشباك التي تتربص بالفريسة. قلت له: لكن الحق نور وإن غلفته بألف حجاب سيبقى منارة تنير طريق السالكين. الحقيقة لا تُخفى بزخارف زائفة فأنت تغلف الباطل ليبدو كالدرر لكنك لا تقدر على تغيير جوهرها .
هنا ارتسمت على وجهه ابتسامة مريرة كأنها نبتة تخرج من أرض بور وقال بنبرة شبه ساخرة: نعم حذركم الله مني وجعلني عدوكم ولكن كم من البشر ينصتون لذلك النداء؟ أنا لا أجبرهم على اتباعي بل أفتح لهم أبوابًا يرغبون في دخولها. الحق مرّ والباطل حلو والكثيرون يفضلون الطعم الحلو حتى لو كان مسمومًا .
كلماته كانت كالسيف المسلط على القلب ولكنني استدركت أن الحق باق مهما كانت زينة الباطل براقة. قلت له بنبرة واثقة مهما زخرفت الزيف سيبقى الحق هو الحق والحقيقة تنير العقول التي تسعى لها حتى لو كانت الطريق إليها مليئة بالأشواك .
ألقى عليّ نظرة طويلة كأنها مطرقة تحاول كسر الإرادة ثم قال: ربما... لكنني أعلم أنني سأغوي الكثيرين قبل أن يدركوا الفرق بين الحق والباطل. أنت يا بني البشر غالبًا ما تبحثون عن الحقيقة التي تناسب رغباتكم وليس الحقيقة التي تتحدى عقولكم .
ثم تلاشى في الظلام كأنه لم يكن تاركًا إياي وحيدًا مع أفكاري المتناقضة. أدركت حينها أن الصراع ليس مع الخارج فحسب بل مع الداخل. الشيطان لا يسكن في زاوية مظلمة خارج أنفسنا بل يتغلغل في تلك اللحظات التي نشك فيها التي نبحث فيها عن راحة مؤقتة بدلًا من السعي نحو النور الحقيقي.
الحقيقة كالشمس مهما غطتها السحب ستبقى تشرق من جديد لكن علينا أن نرفع رؤوسنا ونرى النور بوضوح.
---
رُقعةُ الشطرنج
أ.زليخة زلاقي - الجزائر
أتعبتْني روحي المثقلةُ بالأفكار والمثاليات وأجهدتني نفسي الشغوفةُ بالأدب والفلسفة والتاريخ ورحت أطوي أوراقي وأضع دواتي ومحبرتي وفكري ووجداني في درج مكتبي وعزمت بكل رباطة بأس أن أنعتق... ولذت بالخروج حتى أني لم أحمل حقيبة يد خرجت وذاتي المنعتقة نجوب ونجول كنت أطوي المسافات وفي فمي دندنات الأطفال...
كنت أسير إلى اللا مكان واللا زمان.. وخلتني أخف من ريشة تتجاذبها النسمات. وأجمل من زنبقة تتراقص بين الرياحين... وأكثر طلاقة من غزال فتِيّ بين الروابي.
واستبدت بي النشوى وأدركت أني أضعت عمرا وعمرا بين كتبي المكدسة وأقلامي المشحذة...
في عز انعتاقي ونشوتي طرقت كلماتٌ صاخبة أذناي صوت خرق صمتي وسكوني بلا استئذان.
هو ذاك المترقب المتربصُ للحظةِ فراري من عقلي ومن رتابتي ورزانتي... وكعادته استوقفني حاملا حقيبته التي يحمل فيها سؤددَهُ مكانتَهُ هيبتهُ.. هي رقعة الشطرنج اللعبة التي لا يضاهيه في تملك التفرد فيها أحد من أقرانه.
اللعبة التي لطالما كسب كل الرهانات فيها لدرجة أنه فقد شغف المتعة بها فقد أصبح الكسب روتينا فما أتعس حاله وهو المنتشي بالزيف والسراب.
صوت رفاقي الذين جاء بهم قدر ما وبدأت أصواتهم تتعالى لتشوش دندناتي الطفولية وتُذْبِل زنبقتي وتأسر غزالي.. وتعيدني لأسري وعبوديتي.. ووجدتني بينهم كالمحارب الذي اقتادوه للحرب بلا سلاح وكل الذي بين ناظري رقعة الشطرنج وعلى أن أكسب ليفوز...
تأففت في داخلي وتحسرت على ضياع سعادتي التي دامت لبضع زمن... لكن ربما تكون للزمن الجميل بقية أستدركها بعد وقت مستقطع أضع فيه حدا لانتصارات متتالية... أطرق الجميع واشرأبت أعناقهم وحدقت أبصارهم وأصبح المكان كله حلبة لمتراهنَيْن... والعجيب في المباراة أن جميع من حضر يشجعني أنا... حتى هو... كل الذي أعرفه عن الشطرنج أنها لعبة عقل ويجب أن تظل يقظا وألا تغفل أو تتغافل فأي انتكاسة هي خسارة بطعم العلقم.
بدأ يحرك بيادقه وقلاعه ووزارءه بغير هدى وكأنه مبتدئ لم يذع صيته... ولم تسمع له قهقهات استهزاء كان يطلقها بعد كل انتصار.
أما أنا فكنت أتصنع التفكير والتدبير قبل كل خطوة لأنه يتوجب علي أن أحسن تقمص الدور في هذه المسرحية التي كتبت منذ سنين واليوم فقط حان وقت العرض.
أنا أجهل كل شيء عن هذه الرقعة إلا شيئا واحدا وهو أن الملك إذا بقي ثابتا سيحاصر.
حاول استدراجي لتغيير مكان الملك لكنه عبثا حاول وبعد مد وجزر اقتاد ملكي وأعلن أنتصاره وخسر الرهان الذي كان هذه المرة خسارته وفوزي ليظهر لي أني كسرت شوكته وسؤدده وكان المفروض أن يهنئني لأني فزت عليه ويتملكني بالثناء المزعوم فأظل مَدينة له منجذبة إليه..
وقفت في ساح معركتي وأعلنت خسارتي بشموخ ومن غير ما تفكير أسرعت لبيتي وأخرجت أقلامي ومحبرتي وأوراقي وكتبت:
كل الرهانات خاسرة في قاموس المحبة فإذا ما أردت أن أغدقك بمحبتي لا تراهن.. لأني ساعتئذ سأراهن نفسي على خسارتك..
في هذه اللحظة لحظة كسبي رهان خسارته حملت أقلامي وكتبي وأوراقي ورحت أضمها وأحضنها وأعلنني خاسرة أمامها.
فالكتابة عندي دائما ما تكسب كل الرهانات.
---
أحلام وردية
أ.زليخة زلاقي - الجزائر
سأظلُ بأحلامي البريئةَ داخِلَ بلَّورَتي أرقب العالم الذي رسمته جميلا.. سأكبر وَأحلأمي هنا.
سأتراقَصُ على سمفونياتِ بيتهوفن كفراشة دؤوب نهارا وأغفو متى غلبني التعبُ مساءً.. وأصحو على صدى آذان وتراتيلِ وتسابيحِ الصلاةِ فجرا.. سأظل أغفو وأصحو بين أحضان بلورتي.. عالمي الجميلُ.
لكن لست أدري ل مَ تصلُني حَشْرَجَاتُ أنفاس حائرة ..؟! ذبذباتُ تأَوُّهات موجعة ..
لست أدري لِم أَشُمُّ ريحَ الغدر وألمح نظرات حقد بين الوجوهِ الضاحكةِ؟!
لست أدري لِم تَخْرِقُ قَهْقَهَاتُ النفاقِ صدى سمفونياتيِ وتسابيحِي؟! ما بالها بلورتي تَعجُ بضجيجِ العالم الذي حسبته جميلا؟!
هل تُراهُ عالمي غدا مخيفا؟!
هل تُراني حين رسمتُ لوحتيِ عبثت بالألوان؟!
هل تُراني حين حلمتُ تَناسَيْتُ أن بعضَ الأحلامِ أضعاثٌ؟!
بلورتي الجميلةُ.. حينَ رسمتُ كنتُ بريئةً وكانت أحلامي ورديةً وسأَظَّلُّ وستظلّ..
سأغفو داخلك بأحلامي وأُطْبِقُ نفسِي عن نفسي..! وأصُم آذاني كي لا تسمع صدى حشرجات وأنين الحيارى..! وأغمض أجفاني كي لا أرى تجَاعيدَ المُتأَوهينَ..!.
---
وحدي
أ.سميرة زايدي - الجزائر
لا أجيد الهرب لا أجيد الفرار..
انتقيت المواجهة كآخر قرار..
فوحدي أصارع ولا كتف لي وفؤادي بين ضلوعي جنازة.. وحدي بها أحبو أركض أسير وكلي انتحاب..
فوحدي أحن أشتاق أتألم كإبل دون راحلة.. أتصبر أكوى أشقى أذوب كشمعة أهلكت بفتيلها.
أئن أشعر أفيض دموعا كبركان.. أثور.
أهدم أكسر أحرق كجمرة منطفئة أحمد.
أسود أتلبد أمطر كسيلان ماء أروي..
أسير أجف أتوعد كغيمة ملبدة أرعد..
فوحدي أكون.. ووحدي لا أكون..
لا أجيد الهرب من النفق المثقوب في جوفي..
أستمتع أستطيب أستلذ برنين الخوف..
أضع عيني في عين جرحي وأتركه يتصبب ينهمر ينسكب حتى ينمحي..
لوحدي.. أكتنف أطوق أحاصر جذوة الهوى بشظايا التجاهل ريثما تنطفئ.
لوحدي أعيد قراءة حروف تناثرت تشتتت تبعثرت نيازكها على جسدي الترابي فأمكث أتحسسها حرفا حرفا..
أتحسس وخزها حتى يمل الحرف مني
فيصيبني البرود التثلج التصلب التبلد..
أتأمل الذكريات مئة مرة..
وأتركها تلسعني تلدغني تجرحني ريثما تصبح سرابا..
لوحدي أنصت أسمع أصغي نغمة الأذى كي أهزمه بكبرياء أنثى سرمدية..
أتأمل الغلام حتى ينتهي الهوى الوجد الصبوة التتيم فأنزعه بقبضة فولاذية..
فوحدي أعالج نفسي بالمواجهة بالمجابهة بالمعارضة..
فأنا وردة بقلب مكلوم تتفتح وسط عاصفة قوية..
تخطو تتباطأ تهرول تركض عكس تيار العبودية..
لا تحب ما يحدث ولا يحدث ما تحب
أنا لا أجيد الهرب حتى يولج يتوغل يترشح النسيان في عروقي الندية..
فالجميع يريدوننا بنسختنا البهية ويهجروننا إن استوطنتنا الندوب النفسية فالظلام لنا وحدنا.
-------
جيل قبل الزر الأزرق!
عتيقة بنيني - الجزائر
كبرنا قبل أن تخترق الشاشات كل زاوية من زوايا البيت.. نحن جيل التسعينيات جيل كان يركض وراء الكرة لا وراء الإشعارات.
لم نكن نملك هواتف ولم تكن هناك تطبيقات ترسل إشعارات كل دقيقة أو أقل كانت أمّهاتنا الإشعار الوحيد حين يعلو صوتها من الشرفة:
ادخل أذان المغرب! .
فنركض نحو البيت وكأن الشياطين فعلاً طلق سراحها.
نحن الجيل الذي كان يصنع الألعاب من العدم: عجلة دراجة قديمة تصير مقود سيارة وعصا تصير سيفا وعلبة معدنية حلبة سباق.. لم نكن نحتاج أكثر من حجر وطبشورة لنرسم لامارين على الأرض ونبدأ مغامرة اللعب.
كنا نطرق أبواب أصدقائنا صباحا:
هيا للمدرسة!
نمشي جماعات نضحك في الطريق نُحضر أعذارا جماعية إذا نسينا الواجب كنا نتشارك كل شيء حتى أسرارنا الصغيرة.
حفلاتنا كانت في حديقة أو على سطح أحد البيوت تكفينا قارورة مشروب غازي وبعض رقائق البطاطا لنشعر أننا في عرس.
أما الخروج لتناول وجبة فكان حدثا نادرا يكافأ به المتفوق في الامتحان.
لم تكن صورنا مثالية كانت مغبرة مهزوزة وبدون فلاتر لكنها مليئة بالحياة. لم نكن نعرف كيف نلتقط الزاوية الأفضل كنا فقط نبتسم بعفوية... أو لا نبتسم على الإطلاق.
أعيادنا كانت ملونة ملابسنا تخاط خصيصا لنا والحذاء الجديد يرافقنا لأشهر. لم يكن المال كثيرا لكن الفرح كان كبيرا.
لم نسمع حينذاك بكلمات مثل اكتئاب أو قلق اجتماعي كان يطلب منا أن نكون أقوياء أن نتحمل وأن ننهض عند السقوط .
كبرنا ولم نعد نلعب في الشوارع لكننا نحمل روح اللعب في ذاكرتنا.
كبرنا وعرفنا أن البساطة لم تكن فقرًا بل كانت غنى من نوع آخر.
نحن جيل عاش الحياة قبل أن تصبح رقمية .
نحن جيل يتنفس حنينًا كلما سمع صوت أشرطة الفيديو أو شم رائحة كتب المدرسة القديمة.
نحن... آخر جيل عرف قيمة الأشياء البسيطة قبل أن يسرقها الضوء الأزرق.
حقوق النشر © 2024 أخبار اليوم الجزائرية . ة

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشروق
منذ 12 ساعات
- الشروق
خطوط وذكريات
تحسب للعبد الصالح ابن عطاء الله الاسكندري – رحمه الله – قوله : 'إذا أردت أن تعرف عند الله مقامك فانظر فيما أقامك'. ولا شك في أن أشرف مكان يتطلع إليه الإنسان السوي، وأجلّ عمل يقوم به هو الحياة في جو كتاب الله – عز وجل وخدمته، ونشره، لأنه أقوم كتاب ناطق بالحق وداع إليه. وممن عاشوا لخدمة كتاب الله – عز وجل- العبد الصالح – ولا نزكي على الله أحدا – الأخ الدكتور محمد بن سعيد شريفي، الذي شرفه الله – سبحانه وتعالى- فهداه إلى خير عمل وعلم في قلبه خيرا فيسره لليسرى، وأتاه خيرا، ومن هذا الخير كتابته كتاب الله عدة مرات، بخط جميل يشرح الصدر ويمتع النظر . وفق الله الأخ محمد إلى تسجيل تجربته في الحياة، ومع كتاب الله في كتاب اختار له عنوانا هو : 'خطوط وذكريات'، وبالتالي فهو يندرج في موضوع 'أدب المذكرات'، لأنه يتناول حياته بطريقة فنية 'غير مملة من بدايتها في 1935 إلى الآن، حيث بلغ التسعين، فكان من المشمولين بحديث من لا ينطق عن الهوى القائل: 'خيركم من طال عمره وحسن عمله'. إن هذا الحسن من أثر التربية الحسنة الصالحة في الأسرة وفي 'المجتمع المسجدي'، وقديما قال شاعر : إذا طاب أصل المرء طابت فروعه ومن خطإ جاد الشوك بالورد لقد تفضل الأخ محمد فأتحفني بنسخة من كتابه الجميل، الذي وفقت 'دار الإمام مالك' فنشرته في حلة قشيبة تسر الناظرين، فشكرا للأخ محمد على هديته القيمة مبنى ومعنى. لقد عرفت الأخ محمد منذ بداية الثمانينيات، أي منذ أربعين عاما ونيف، فكان كالمعدن الأصيل لم يتسنّه، فما علمت عنه – سمعا ومخالطة ظعنا وإقامة – إلا خيرا، فثبته الله على ذلك إلى أن تلتحق ورقاؤُهُ بعالمها الأسمى، وقد ترك ما يخلد اسمه في الدنيا، ويجعله في الآخرة ممن رضي الله عنهم ورضوا عنه برحمة الرحمان. إن الأخ محمد هو مجموعة من الأخلاق الحسنة يتوجها خلق التواضع العزيز بالله – عز وجل- فهو ممن يمشون على الأرض هونا، ولهذه الأخلاق النبيلة الرضية أصررت على أن يشرفني بكتابة عنوان أول كتبي القليلة، وهو: «من وحي البصائر»، فَغَطَّى بكتابته الجميلة ما اعتراه من نقص. ومن أخلاق الدكتور الحسنة تجاوزه عن الخطأ غير المتعمد، ومن ذلك أنه استكتب ليشارك بكلمة في الكتاب التذكاري الذي بادر به ثلة من طلبتي وأحبتي، فكتب كلمة رآني فيها بعين الرضا وبقلب سليم، ولكن الشيطان غار منها فأسقطها من الكتاب فكان أبتر. ولكن الأخ محمد لم يغضب ولم يعتب، وقد أحسن إذ أعاد نشرها في كتابه هذا في الصفحة 450. فجزاه الله خيرا على حسن ظنه بأخيه الذي يعرف أنه يحبه حبين، على مذهب رابعة العدوية، حبا خاصا به، وحبا من أجل والد الشيخ سعيد شريفي، الذي لا أنسى -ما حييت – زيارته لي على كرسي متحرك، وقد شارف القرن، عندما مسني الضر، وألزمني الفراش.


النهار
منذ 21 ساعات
- النهار
إبنتي على حافة الضياع بسبب زيف المشاعر
مبتلاي: فلذة كبدي. إبنتي على حافة الضياع بسبب زيف المشاعر. سيدتي،لك مني السلام عبر هذا المنبر الذي أعتبره ملاذا لكل من ظل الطريق ، ولست أخفيك أنني أعتبر نفسي محظوظة لأنني حظيت منك بإستقبال يليق بما في قلبي من غصة.فاجعتي في إبنتي كبيرة سيدتي، وليس لي سوى قلوب حائرة نبراس أستدل به حتى أنال منك و من قراء فضائي المفضل ما يريجني من عناء االتفكير حتى أبلغ مرفـأ الأمان. كما أسلفت الذكر سيدتي،فقد فجعت في أعز ما أملك: إبنتي قرّة عيني ، فلذة كبدي وثمرة زواجي من رجل إرتأيت أن أترك له الجمل بما حمل وأحيا وحيدة بعيدة عنه بعد أن ساء الحال وتحطمت الآمال في أن يستتب الخير والهناء بيننا. بعد طلاقي مباشرة عهدت على تربية إبنتي ورعايتها إلى أن تخرجت من الجامعة، وفي الوقت الذي توسمت أن يكون لها مستقبل واعد، و من أنها ستحيا مستقرة نفسيا مع من يقدرها ويفهمها، فارس أحلام يأتيها في الوقت المناسب ليحقق لها أحلامها، كيف لا وهي الكيسة الذكية الفطنة. إلا أن ّحلمي هذا سرعان ما إندثر لما وجدت إبنتي الوحيدة تهوى الهوينة وهي تعشق شابا هامت به وعدها بالزواج والمستقبل الوردي ،لتفجع بعد أن إكتشفت أنه متزوج وله أبناء ، علاقة سرعان ما إنطفأ نورها وتلاشى وهجها وإبنتي تخرج منها خالية الوثاق. وبعد تقربي من إبنتي لمعرفة ما المّ بها، تفاجأت أنّ المسكينة وقعت ضحية إنسياقها وراء رجل مثّل عليها دور المحبّ ببراعة ليخدعها في الأخير ببشاعة، شاب كان في الأمس القريب المحبّ المغدق عليها بالحنان الذي لم تجده عند والدها الذي أعاد بناء حياته وأدار ظهره لها. لست أدري إن كان الحب قد جعل منها أنثى ساذجة حال ذكاؤها دون أن تكتشف كذبة العمر التي منيت بها، أم أنّ الشاب كان ذئبا في صورة إنسان نهشها ونكل بفؤادها الطيب. أحيا اليوم وأنا بين غدو ورواح للطبيب النفسي أين أعالج إبنتي من إنهيار عصبي خلق لدبها حالة من الهلع والاأمان. أطلب منك سيدتي الرأي السّديد الذي يمكنني به أن أرتاح على روحي التي فقدت طعم الحياة. أختكم أم ريم من الغرب الجزائري. الرد: هوّني عليك أختاه، ولا تحمّلي قلبك ما لا طاقة لك به،ولتتأكدي من أن معضلتك تحتاج بعض الوقت حتى تعود الأمور لمجراها الطبيعي. أدرك حجم وعظم الكرب الذي تمرين به، لكن الأجدر بك أن تتسلّحي بالصّبر والقوّة حتى تتمكني من مجابهة ما تمر به إبنتك والذي إنعكس عليك أنت أيضا. عديد الفتيات ضحايا الطلاق تمرن بإنتكاسات عاطفية جراء تهورهن وفتح أبواب قلبهن لمن لا يستحقّ، فحاجة البنت الملحة إلى صدر حنون وقلب محب لا تضاهيها حاجة، ومهما لعبت الأم بعد الطلاق دور الأب والأم معا، فإنها لن تنجح في تغطية الصدع أو الشرخ الذي يسكن قلب البنت التي تظل تفتقد والدها مهما كانت عيوبه ونقائصه. سيدتي،كنت في الوقت المناسب إلى جانب إبنتك، حيث أنك عرضتها على الطبيب الذي بإمكانه أن يعرف حجم ودرجة الإنهيار الذي بلغته، وإن كان يبقى قربك منها أهمّ شيء عليها أن تحس به. موقف من وهبتها الحياة حساس جدا، وهي تلوم نفسها في اليوم ألف مرة لأنها منحت قلبها لمن لا يستحقه، فلتكوني إذا مثالا للقوة التي يحتذى به أمامها حتى تتمكن هي من الوقوف من جديد على بر الأمان. عليك أن تحمدي الله أنك كنت مستودع أسرار إبنتك التي سرعان ما هرعت نحوك عند إحساسها بالخطر كما انه عليك أن تحسسيها بأنها لم تذنب عندما أحبت وقبلت بشاب مناها بالزواج والإستقرار، فالذنب ذنب من كذب وموّه وأخفى الحقيقة. أن تكون الفتاة ناجحة دراسيا وحاملة لأكبر الشهادات لا يعني أنها تحوز جهاز كشف الكذب لتعرف من هو لها ومن عليها، فالطيبة وحسن الظن أبدا لا يقاسان بالدرجة العلمية، وهذا ما يجب أن تفهميه وتقدريه سيدتي، ولتكثري من الدعاء لإبنتك بأن يرزقها الله على قدر طيبتها وحسن نواياها ، رجلا صالحا ينسيها ما مرت به من أحزان. ردت:س.بوزيدي.

جزايرس
منذ 2 أيام
- جزايرس
العروض الوطنية للفيلم السينمائي "محطة عين لحجر" تتواصل عبر عدة ولايات
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص. وذكرت شركة "أم دي سيني" المكلفة بتوزيع الفيلم الروائي الطويل "محطة عين لحجر" أنه شرع في عرض هذا العمل السينمائي الجديد عبر عدد من ولايات الوطن, ابتداء من 30 مايو المنصرم بقاعات السينما بولايتي الجزائر ("ابن خلدون", "ابن زيدون", "الساحل" ..) ووهران ("سيني غولد"..) وابتداء من 3 يونيو الجاري بولاية قسنطينة ("أحمد باي"..). وتم إنتاج هذا الفيلم من قبل شركة الإنتاج الخاصة "ستوديو دي أس" (Studio DS) والمركز الجزائري لتطوير السينما تحت إشراف وزارة الثقافة والفنون, حيث كتب نصه رشيد بن إبراهيم وأعاد كتابته وإخراجه لطفي بوشوشي وهو يروي على مدار 90 دقيقة تقريبا, في قالب كوميدي ساخر, يوميات سكان قرية بعيدة يعيشون بالقرب من محطة قطار ويحاولون إنقاذها من الركود, ويختلفون في سبل تحقيق ذلك وسط أجواء ساخرة تكشف إخفاقات المجتمع في زمن التحديات الكبرى.وضم الفيلم عدد من الوجوه الفنية المعروفة على غرار نبيل عسلي وحورية بهلول ويعقوب قنفود وياسمين قرقاش وكمال رويني ورشيد بن قديفة ومراد صاولي ومبروك فروجي وأحمد دلوم ومحمد قادري, إضافة إلى لمسة أبوبكر معطا الله في الموسيقى التصويرية. وتم تقديم العرض الشرفي الأول لفيلم "محطة عين الحجر" شهر مايو الماضي بالجزائر العاصمة.