logo
"جوغينغ" لحنان الحاج علي.. مساءلة مسرحية عن مصير المرأة في مجتمعاتنا

"جوغينغ" لحنان الحاج علي.. مساءلة مسرحية عن مصير المرأة في مجتمعاتنا

العربي الجديدمنذ 6 أيام

منذ عرضها لأول مرّة عام 2016، تحوّلت مسرحية "جوغينغ" (هرولة)، للفنانة اللبنانية
حنان الحاج علي
، إلى علامة فارقة في
المسرح العربي
المعاصر. عاد العرض، مؤخّراً، إلى قلب المشهد المسرحي بعد تقديمه في مسرح "دوار الشمس" ببيروت، كما عُرض قبل ذلك، نهاية الشهر الماضي، في "الجامعة اللبنانية الدولية" بصيدا، وتعرّضت صاحبته إلى حملة تشويه وتحريض، حيث اتّهمها المحرّضون بأنها "تمسّ بالمقدّسات" وتُضمِّن عملها "إيحاءات غير أخلاقية".
يدور العرض حول امرأة في الخمسين من عمرها تمارس رياضة الهرولة في شوارع بيروت، لكن هذا الفعل البسيط سرعان ما يتحول إلى بوابة تفتح على طبقات من الذاكرة الفردية والجماعية، حيث تختلط الأمومة بالقمع، والأنوثة بالغضب، والحركة بالاحتجاج، من خلال مزج سردها الشخصي بشخصيات أسطورية وتاريخية مثل ميديا وإيفون، نساء قتلن أطفالهنّ. تطرح حنان أسئلة حول مصير المرأة في المجتمعات الذكورية، حول الطاعة والذنب وكيف يتحول الجسد إلى ساحة صراع بين الحياة والموت.
كلّ حركة وكلّ تنهيدة تحمل معنى وترمز إلى مقاومة صامتة
اللافت في مونودراما "جوغينغ" هو الأداء الذي تقدمه حنان الحاج علي، والذي يستند إلى لياقة بدنية مذهلة. ولأكثر من ساعة ونصف كاملة، تهرول، تتحّرك، تسقط، وتنهض، دون أن تفقد توازنها أو توهجها. الجهد البدني هنا ليس مجهوداً استعراضياً، بل جزء جوهري من اللغة المسرحية. كل حركة وكل تنهيدة تحمل معنى، وترمز إلى مقاومة صامتة أو صرخة مكتومة. تتحدى الحاج علي بفنها الصورة النمطية للمرأة على المسرح، وتعلن أن العمر ليس عائقاً، بل رصيداً. فهي تمتلك جسدها بالكامل، وتوظفه وسيلةَ تعبير ومقاومة، تثبت بها أن المسرح يمكن أن يكون صادماً وعميقاً، دون مؤثرات خارجية أو بهرجة تقنية.
ما يميز "جوغينغ"، أيضاً، هي العلاقة المباشرة التي تنسجها صاحبته مع الجمهور. فهي تكسر الجدار الرابع وتفتح حواراً حيّاً مع الحاضرين. تتحدّث إليهم، تطرح عليهم الأسئلة، تحمّلهم جزءاً من التوتر، وتجعلهم يعيدون النظر في مفاهيم راسخة حول الأمومة، والعار، والجسد، والانتماء. هذا التفاعل لا يخلق فقط حالة مسرحية فريدة، بل يجعل كل عرض تجربة شخصية ومتفردة، تختلف باختلاف تجاوب الجمهور وانفعالاته. وهكذا، يصبح المشاهد شريكاً في الرحلة، لا مجرد متلقٍ.
في كثير من الأحيان، لا يأتي التحدي الأكبر من الرقابة الرسمية فحسب، بل من جمهورٍ لا يتقبل بسهولة مواجهة ذاته. ففي العالم العربي، ما زال المسرح محاصراً بثقافة تُفضّل التسلية على المواجهة، وتخشى من الأصوات التي تجرؤ على كسر الصمت. حين تصعد حنان إلى الخشبة، لا تقدّم عرضاً مريحاً، بل تمسك بالجمهور من كتفيه وتهزّه بلطفٍ مؤلم: "انظر إلى نفسك". تلاطفه وتداعبه وتزعجه بصوتها الذي يصرخ بفجاجة وبصراحة بوجه الخنوع والاستسلام.
هذا النوع من المسرح لا يسعى لنيل التصفيق، بل لإحداث شرخ في المفاهيم الجاهزة. لكن ذلك يضعه أيضاً تحت ضغط مضاعف: كيف تُخاطب جمهوراً غير مستعد للسؤال؟ كيف تزرع شتلة فكرية في أرضٍ مجروحة بالرقابة والخوف والسخرية؟ حنان الحاج علي لا تبحث عن الإجابات السهلة، بل تقف في قلب هذا التوتر، مؤمنةً أنّ الفن الحقيقي يولد هناك، عند الحافة، حين يصبح المسرح مرآةً لا ترحم.
بالنسبة لحنان الحاج علي، المسرح ليس مجرد فنّ، بل مساحة حرّة للبوح والمساءلة. في زمن تتقلص فيه حرية التعبير، وتُقمع فيه أصوات النساء، تأتي "جوغينغ" لتعلن أن الجسد صوت، وأن المسرح يمكن أن يخلخل البنى السلطوية دون أن يرفع شعاراً سياسياً مباشراً. تقول الحاج علي: "لستُ ممثلة تسعى لإرضاء الجمهور، بل لتقويض السكون، لإحداث شرخٍ في جدار الصمت". وهذا بالضبط ما تنجح فيه. إنها تزرع القلق في قلب الراحة، وتوقظ الأسئلة في وجه الإجابات السطحية.
"جوغينغ" ليست مجرد مسرحية، بل بيان شخصي وجماعي عن الحرية، عن الجسد، عن الوطن، وعن المرأة التي لم تعد تكتفي بالمشي إلى جانب العالم، بل تركض كي تسبقه أو تصرخ في وجهه. وحنان الحاج علي، بهذا الأداء واللياقة الجسدية والفكرية، تحجز لنفسها مكاناً في طليعة المسرحيين العرب، وفي ذاكرة جمهور لن ينسى امرأة هرولت كي لا تصمت.
فنون
التحديثات الحية
"مهرجان مراكش الدولي للمسرح".. بعد قرابة عقد من التوقف

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الحجيري: خيار المقاومة راسخ وثابت لدى أبناء الجنوب
الحجيري: خيار المقاومة راسخ وثابت لدى أبناء الجنوب

المنار

timeمنذ 16 دقائق

  • المنار

الحجيري: خيار المقاومة راسخ وثابت لدى أبناء الجنوب

عقدت حركة 'النصر عمل' في لبنان اجتماعاً لكوادرها حيث تناول البحث موضوع الإنتخابات البلدية في الجنوب وبخاصة انتخابات بلدية صيدا. وبالسياق، أشار النائب ملحم الحجيري الى ان 'الاستحقاق البلدي هو فرصة إنمائية حقيقية في ظل الأزمات الإقتصادية والاجتماعية والحياتية والانهيار المالي والاقتصادي'، مضيفاً أن 'المطلوب هو مجالس بلدية تتحول إلى خلية عمل تعمل على الإنماء وإيجاد الحلول الملائمة'. واكد الحجيري ان 'العدوان المستمر على الجنوب وبيئة المقاومة هدفه التأثير على إرادة الجنوبيين لرفض خيار المقاومة، الّا ان هذا الخيار راسخ وثابت وأكثر حضوراً وتمسكاً لدى أبناء الجنوب'.

النفط يتراجع والذهب يحصد مكاسب كبيرة
النفط يتراجع والذهب يحصد مكاسب كبيرة

العربي الجديد

timeمنذ 17 دقائق

  • العربي الجديد

النفط يتراجع والذهب يحصد مكاسب كبيرة

انخفضت أسعار النفط اليوم الجمعة للجلسة الرابعة على التوالي، وتتجه لتسجيل أول انخفاض أسبوعي في ثلاثة أسابيع متأثرة بضغوط جديدة بشأن الإمدادات ناجمة عن زيادة محتملة أخرى في إنتاج تحالف أوبك+ في يوليو/تموز. هذا في حين يتجه الذهب لتسجيل أفضل أداء أسبوعي في أكثر من شهر، إذ أدى تراجع الدولار وتزايد المخاوف إزاء أوضاع المالية العامة في أكبر اقتصاد في العالم إلى دعم الإقبال على الملاذ الآمن. وبحلول الساعة 04:12 بتوقيت غرينتش، تراجعت العقود الآجلة لبرميل خام برنت 0.5% إلى 64.13 دولاراً، كما نزلت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 0.5% إلى 60.87 دولاراً. وانخفض خام برنت 1.9% منذ بداية الأسبوع، وهبط خام غرب تكساس الوسيط 2.5%. ولامس العقدان أمس الخميس أدنى مستوى لهما في أكثر من أسبوع بعدما أفادت بلومبيرغ نيوز في تقرير بأن أوبك+ تدرس زيادة كبيرة أخرى في الإنتاج خلال اجتماع في الأول من يونيو/حزيران. ونقل التقرير عن مندوبين أن زيادة الإنتاج 411 ألف برميل يوميا في يوليو/تموز من بين الخيارات المطروحة، إلا أنه لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي. وكتب محللون من "آي إن جي" في مذكرة بحثية أن "سوق النفط تتعرض لضغوط جديدة مع تزايد الجدل حول قرار أوبك+ بشأن مستويات الإنتاج في يوليو". ويتوقع المحللون أن تمضي أوبك+ قدما في زيادة الإنتاج 411 ألف برميل يوميا في يوليو، وأن يبلغ متوسط سعر خام برنت 59 دولاراً في الربع الأخير. ووافقت أوبك+، التي تضم منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاء منهم روسيا، على زيادة الإنتاج بنحو مليون برميل يوميا في إبريل/نيسان ومايو/أيار ويونيو/حزيران. وضغط ارتفاع كبير في مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة في وقت سابق من الأسبوع أيضا على أسعار النفط. أسواق التحديثات الحية ارتفاع الدين الأميركي يربك الأسواق.. هبوط الدولار والنفط والأسهم ووفقاً لبيانات من شركة "ذا تانك تايغر"، ارتفع الطلب على تخزين النفط الخام في الولايات المتحدة في الأسابيع الماضية إلى مستويات مماثلة لما كان عليه الوضع خلال كوفيد-19، في وقت يستعد فيه المتعاملون لزيادة الإنتاج في الأشهر المقبلة من أوبك وحلفائها. هذا وتترقب السوق، اليوم الجمعة، بيانات عدد منصات التنقيب عن النفط والغاز الأميركية التي ستصدرها شركة بيكر هيوز وتُستخدم مؤشراً على الإمدادات في المستقبل. كما تراقب السوق من كثب المفاوضات النووية الأميركية الإيرانية، التي قد تحدد مستقبل إمدادات النفط الإيراني. وستعقد الجولة الخامسة من المحادثات في روما اليوم. وفي سوق المعادن الثمينة، صعد سعر أونصة الذهب في المعاملات الفورية 0.2% إلى 3299.79 دولارا بحلول الساعة 00:14 بتوقيت غرينتش. وارتفع المعدن النفيس بنحو 3% منذ بداية الأسبوع وحتى الآن، ويتجه لتحقيق أفضل أداء أسبوعي منذ أوائل إبريل. وزادت العقود الأميركية الآجلة 0.2% أيضاً إلى 3299.60 دولارا. وهبط الدولار بأكثر من 1% منذ بداية الأسبوع حتى الآن، وهو يتجه لتسجيل أسوأ أداء أسبوعي منذ السابع من إبريل، ما يجعل الذهب المسعر به أرخص لحائزي العملات الأخرى. وقد وافق مجلس النواب الأميركي، الذي يسيطر عليه الجمهوريون، على مشروع قانون شامل للضرائب والإنفاق أمس الخميس، بما يضمن تنفيذ معظم أجندة الرئيس دونالد ترامب ويضيف تريليونات الدولارات إلى الدين الحكومي. وينتقل مشروع القانون بهذا إلى مجلس الشيوخ، الذي يسيطر عليه الجمهوريون بهامش 53 إلى 47 مقعداً. وعادة ما يُنظر إلى الذهب بصفته ملاذا آمنا في أوقات الضبابية السياسية والمالية. في غضون ذلك، حذر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي من أن الولايات المتحدة ستتحمل المسؤولية القانونية عن أي هجوم إسرائيلي على المنشآت النووية الإيرانية، وذلك في أعقاب تقرير لشبكة "سي أن أن" أفاد بأن إسرائيل تستعد لشن ضربات على إيران. وبالنسبة لبقية المعادن الثمينة، استقرت الفضة في المعاملات الفورية عند 33.07 دولاراً للأوقية، وصعد البلاتين 0.1% إلى 1082.47 دولاراً، بينما نزل البلاديوم 0.3% إلى 1012 دولاراً. (رويترز)

كومو ضد إنتر .. كل ما تريد معرفته عن قمة حسم الدوري الإيطالي
كومو ضد إنتر .. كل ما تريد معرفته عن قمة حسم الدوري الإيطالي

حضرموت نت

timeمنذ 17 دقائق

  • حضرموت نت

كومو ضد إنتر .. كل ما تريد معرفته عن قمة حسم الدوري الإيطالي

تتجه أنظار عشاق كرة القدم صوب الجولة 38 والأخيرة من الدوري الإيطالي موسم 2024-2025، حيث يحتدم الصراع على اللقب بين إنتر ميلان ونابولي حتى صافرة النهاية. يدخل إنتر ميلان المواجهة الحاسمة أمام كومو، مساء الجمعة 23 مايو 2025، على ملعب 'جوسيبي سينجاليا'، وهو في المركز الثاني برصيد 78 نقطة، متأخرًا بفارق نقطة واحدة فقط عن نابولي المتصدر، الذي يستضيف كالياري في التوقيت نفسه. ويحتاج إنتر إلى الفوز على كومو وانتظار تعثر نابولي لحصد لقب الدوري، فيما يبدو طريق المتصدر أسهل نظريًا في مواجهة فريق ينافس على البقاء. موعد مباراة كومو ضد إنتر في الجولة الأخيرة بالدوري الإيطالي تُقام المباراة يوم الجمعة 23 مايو 2025، على ملعب 'جوسيبي سينجاليا'، وتنطلق في تمام الساعة 9:45 مساءً بتوقيت مصر والسعودية. القنوات الناقلة لمباراة كومو وإنتر وطريقة المشاهدة ستنقل شبكة قنوات أبو ظبي الرياضية المباراة بشكل حصري في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ويمكن كذلك متابعة اللقاء من خلال استخدام خدمات VPN مثل 'Nord VPN' لمتابعة البث عبر منصات عالمية. معلق مباراة كومو ضد إنتر حتى الآن، لم تُعلن شبكة أبو ظبي الرياضية عن اسم المعلق الذي سيتولى وصف أحداث اللقاء. التشكيل المتوقع لإنتر ميلان أمام كومو من المنتظر أن يخوض سيموني إنزاجي مدرب إنتر اللقاء بخطة 3-5-2، على النحو التالي: حراسة المرمى: يان سومر خط الدفاع: يان بيسيك – فرانشيسكو أتشيربي – أليساندرو باستوني خط الوسط: دينزل دومفريس – نيكولو باريلا – هاكان تشالهان أوغلو – هنريك مخيتاريان – فيديريكو دي ماركو خط الهجوم: ماركوس تورام – مهدي طارمي مواجهة نارية تحمل بين طياتها آمال التتويج أو الاكتفاء بالوصافة… كل شيء سيتحدد في آخر 90 دقيقة من موسم مثير في 'السيري آ'.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store