مشعر مزدلفة... يزدلف إليه الحجاج بقلوب خاشعة وذكرٍ متصل
ويقع مشعر مزدلفة بين مشعري عرفات ومنى، ويبعد عن المسجد الحرام نحو (8) كلم، وتُقدّر مساحته بأكثر من (11.68) مليون متر مربع، ويتسع لأكثر من مليوني حاج، ويُعد أحد المشاعر المفتوحة التي لا تُقام فيها أبنية دائمة، حفاظًا على طبيعته الشرعية وخصوصيته التنظيمية.
ويمثل مشعر مزدلفة موضعًا رئيسًا في شعائر الحج، حيث أمر الله عز وجل في كتابه الكريم بالذكر عنده، في قوله تعالى: (فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام)، ويُقصد به مشعر مزدلفة، الذي يُستحب فيه الوقوف والدعاء، خاصة عند "المشعر الحرام" الواقع في وسطه، وهو معلم بارز يشهد سنويًا تجمع الحجيج على ذكر الله والتضرع إليه.
وحرص النبي -صلى الله عليه وسلم- على المبيت بمزدلفة، وجمع منها الحصى التي تُستخدم في رمي الجمرات بمنى، مما يجعل هذا المشعر محطة مركزية في تسلسل النُسك، وموضعًا للسُنّة المؤكدة.
وعلى مرّ التاريخ، كان مشعر مزدلفة يشهد ازدحام الحجاج القادمين من عرفات ، الذين يبيتون فيه بوسائل تقليدية وموارد محدودة، وكانت المبيتات في العهود السابقة تتم على الأرض مباشرة، دون خدمات كافية من الإنارة أو المرافق أو التنظيم، ما استدعى تطويرًا شاملاً لاحقًا ليواكب أعداد الحجيج المتزايدة.
وفي إطار ما توليه حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظهما الله-، من عناية بالمشاعر المقدسة، وشهد مشعر مزدلفة تنفيذ سلسلة من المشاريع التطويرية التي تهدف إلى تحسين جودة الخدمات المقدمة للحجاج، وضمان راحتهم وسلامتهم أثناء أداء النسك.
وأسهمت شركة كدانة تطوير مسار مشعر مزدلفة عبر تنفيذ مشروع "مسار المشاعر" الممتد بمساحة (170) ألف متر مربع، وتهيئته بأرضيات مطاطية صديقة للبيئة على مساحة (103) آلاف متر مربع، لتخفيف درجات الحرارة وتقليل الإجهاد البدني ومخاطر الانزلاق، نحو (15) ألف متر مربع من المساحات الخضراء، وتخصيص مسارات للمركبات، وأخرى لسيارات الجولف والعربات المتحركة، علاوة على تجهيز المسار بعناصر متكاملة من الفِرَش الحضرية، تشمل (385) كرسيًا للجلوس، و(780) مشربَ مياه، و(240) وحدة شحن للجوالات، و(241) عمود رذاذ، و(12) مظلة، إضافة إلى توزيع (70) لوحة توعوية وإرشادية وتثقيفية.
ونفذت وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد في تهيئة مسجد "المشعر الحرام" بشكل سنوي ضمن خطة متكاملة تشمل النظافة الدورية، والتأكد من جاهزية الإضاءة، ومكبرات الصوت، وتوفير السجاد، ومضاعفة الطاقة الاستيعابية لمصلى النساء بزيادة بلغت (100%)، وتسهيل دخول الحجاج وخروجهم بسلاسة في ظل الأعداد الكبيرة التي تتوافد عليه فجرًا، وتأتي هذه الجهود امتدادًا لدور الوزارة في تهيئة بيوت الله في المشاعر المقدسة، بما يُسهم في راحة ضيوف الرحمن، وحرصًا على تمكينهم من أداء مناسكهم بكل يسر وسكينة.
ويمتد المسجد على مساحة (5,040) متر مربع، ويتسع لنحو (5,500) مصلٍ، ويضم المسجد (65) مكيفًا دولابيًا و(6) وحدات مركزية بقدرة (50) طنًا، إلى جانب (17) كاميرا مراقبة، ويعمل فيه (78) موظفًا و(5) حراس أمن، وفرش المسجد بالكامل بمساحة إجمالية تُقدّر ب(3,500) متر مربع.
ومن بين أبرز المشاريع التي شملها المسجد في السنوات الأخيرة مشروع تطوير أنظمة التكييف والتهوية وتحسين الواجهات الداخلية، بما يعزز من راحة الحجاج ورفع كفاءة التشغيل.
وتستخدم جميع الجهات المعنية أنظمة رقمية متقدمة لتنظيم التفويج من عرفات إلى مزدلفة، ومتابعة حركة الحشود، عبر تطبيقات إلكترونية وتوجيه رقمي فوري، يساعد الحجاج على التعرف إلى مواقعهم والالتزام بالمسارات المحددة.
وتعمل غرفة التحكم المركزية على مراقبة المشعر باستخدام كاميرات ذكية وتحديثات لحظية، تضمن التدخل السريع في الحالات الطارئة وتنظيم الدخول والخروج من المشعر بسلاسة.
ويُعد "المشعر الحرام" أحد المعالم الرمزية داخل مزدلفة، حيث يُستحب الوقوف والدعاء عنده، تأسّيًا بسنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهو موقع يُمثل بُعدًا روحانيًا يعزّز مكانة مزدلفة في قلوب الحجاج، الذين يحرصون على الدعاء فيه والتمسّك بسنة الوقوف عنده إن تيسر.
ويجسّد مشعر مزدلفة أحد أوجه التكامل التشغيلي والتنظيمي الذي تشهده المشاعر المقدسة سنويًا، ويعكس التزام المملكة الراسخ بخدمة ضيوف الرحمن، وحرصها على تهيئة أفضل السبل لهم لأداء مناسكهم في يسر وأمان وطمأنينة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الوئام
منذ 3 ساعات
- الوئام
نجاح حج هذا العام: فخر سعودي يتجدد وجهود تُحتذى
بقلم: ريم المطيري في كل عام، يجسد موسم الحج صورة ناصعة من التنظيم السعودي الفريد، إلا أن حج هذا العام جاء ليتوّج تلك الصورة بمزيد من الإنجاز، ويمنحنا – كسعوديين – سببًا جديدًا للفخر والاعتزاز بما تبذله القيادة من جهود جبارة لخدمة ضيوف الرحمن. شهد موسم حج هذا العام نجاحًا استثنائيًا على كافة المستويات، من قبل وصولهم إلى أراضي المملكة ' مبادرة طريق مكة' مرورا بلحظة استقبالهم عند الوصول ثم تنقلاتهم، وصولًا إلى تأدية نسكهم في أمن وطمأنينة ويسر، وسط جاهزية كاملة وخطط استباقية مدروسة. جهود ميدانية مبهرة: رجال الأمن شكلوا درع الأمان، متواجدين في كل ركن وممر، بحزمهم وحكمتهم وإنسانيتهم، ليجسدوا صورة رجل الأمن السعودي الوفي لمهمته. الكوادر الصحية من أطباء وفنيين ومتطوعين، كانت في الصفوف الأمامية، جاهزة لأي طارئ، حيث سُجل هذا العام مستويات غير مسبوقة من الاستعدادات الطبية، مع مراكز إسعافية متقدمة وتوفير تكييف ورذاذ مائي في المشاعر لمواجهة الحرارة. التحول الرقمي الذي تقوده وزارة الحج والعمرة، أسهم في تسهيل الإجراءات، عبر تطبيقات ذكية، ومتابعة لحظية، ونظام حج إلكتروني متكامل يُعد من بين الأكثر تطورًا في العالم الإسلامي. الهيئة الملكية لمكة والمشاعر المقدسة ساهمت في تحسين البنية التحتية والتنظيم المكاني، مما عزز من سهولة الحركة وانسيابية التنقل بين المشاعر، والجهود أكبر من أن تُروى بارك الله في كل القائمين عليها وجزاهم خير الجزاء. فخر القيادة والشعب: النجاح الذي نراه على الأرض ليس صدفة، بل نتيجة رؤية واضحة تقودها القيادة الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان، اللذين لم يدخرا جهدًا في تسخير كل الإمكانيات لخدمة ضيوف الرحمن، وجعل راحة الحجاج غاية وطنية عليا. رسالة للعالم: بنجاح هذا الموسم، وجّهت المملكة رسالة حضارية للعالم أجمع: أنها أهلٌ للأمانة، وقادرة على الجمع بين التقدم التقني، والروحانية الخالدة، وأن خدمة الحرمين الشريفين ليست مسؤولية دينية فقط، بل شرفٌ ووسام تفتخر به المملكة قيادة وشعبًا. ختامًا: في كل عام، تُعيد المملكة صياغة قصة الحج بلغة التميز، لكنها هذا العام جعلتنا نشعر أن 'النجاح' نفسه بحاجة إلى تعريف جديد يليق بما تحقق. نحن فخورون، لأن ما نراه ليس مجرد تنظيم، بل مشهد وطني يبث فينا الطمأنينة والاعتزاز، ويجعلنا نردد بكل حب: شكرًا للسعودية.. شكرًا لحُماة الحرم.


الوئام
منذ 3 ساعات
- الوئام
موسم الحج.. من نجاح إلى نجاح
الدكتور عيسى محمد العميري – كاتب كويتي لطالما كانت المملكة العربية السعودية عبر سنوات ماضية وعقود طويلة واحة أمن وآمان خاصة لمواسم الحج، فلقد كانت ولازالت منارة للأمن والآمان وتوفير كُل أسباب الراحة والاطمئنان للحجاج الوافدين إليها من شتى بقاع العالم، وهذا الأمر لا يختلف عليه اثنان، فجهود المملكة الجبارة على مدى الفترات الماضية كانت واضحة جلية بشهادة مؤدي هذا المنسك العظيم أثره على حياة المسلم. فمروراً بجهود الراحل الإمام محمد بن سعود وانتهاءاً بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، التي ساهموا بتوفير الأمن والآمان للحجاح جراء المعاناة الرهيبة التي كان يعانيها الحجاج بسبب فقدان الأمن والأمان طوال رحلتهم للحج في الماضي. فكانت بحق جهود يحق للمُسلم في جميع بقاع العالم أن يفخر بوجودها وبأثرها الكبير على من كُتب له نصيب أداء فريضة الحج بكل أريحية وسهولة وبساطة. ومن جهة أخرى نجد أن التوسعات التي جرت خلال التاريخ الذي مضى والذي أشرنا إليها، كان له عظيم الأثر في تسهيل وراحة الحجاح لأدائهم مناسكهم بكل سهولة، فكانت التوسعات والخدمات قياسية، حيث شهدت أكبر توسعةٍ تاريخيةٍ للحرم المكي الشريف، واستمرت في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان حفظه الله وعلى نسق متسع لاحدود له. هذا بالإضافة إلى أن موسم الحج لهذا العام هو موسمٌ استثنائي بكل ماتعنيه الكلمة، حيث كل الخدمات التي تقدم للحجاج كانت متكاملةً ومتطورةً وسريعةً في كل المجالات، صحةً ومواصلاتٍ وخدماتٍ، فقد شُكلت فرقاً كبيرا في المشاعر المقدسة وفي مكة المكرمة. ومن جانب آخر أيضاً نقول بأن الطموح والتطلعات لأداء موسم حج أفضل من الحالي تبدو تطلعات وطموحات لا حدود لها لدى القيادة في المملكة العربية السعودية، في ظل مسيرة التنمية والنهوض بالمملكة لأعلى المراتب في تقديم الخدمات والتسهيلات التي تقدمها لكل من يفد إليها. الأمر الذي يعزز الانطباع المستقبلي لأفضل أداء في أكثر من صعيد. من هنا ومن هذا المقام نقول كل التمنيات الطيبة بالتوفيق والسداد للقائمين على تسيير وتسهيل أمور الحج في المملكة، وحجاً مبروراً وسعيا مشكوراً لجميع لضيوف الرحمن وحجاج بيته الحرام. والله الموفق.


صحيفة المواطن
منذ 3 ساعات
- صحيفة المواطن
المدينة المنورة تستقبل طلائع الحجاج المتعجلين
وصلت إلى المدينة المنورة، مساء اليوم، عبر قطار الحرمين السريع، طلائع رحلات حجاج بيت الله الحرام من المتعجلين، بعد أن منَّ الله تعالى عليهم بأداء مناسك الحج بكل يُسر وسهولة، وذلك لزيارة المسجد النبوي والصلاة فيه، والتشرّف بالسلام على الرسول المصطفى -صلى الله عليه وسلم- وصاحبيّه -رضوان الله عليهما-. وتزامنًا مع بدء وصول الحجاج، باشرت الجهات ذات العلاقة بأعمال الحج في المدينة المنورة تنفيذ خططها التشغيلية للموسم الثاني، الذي يشهد توافد الآلاف من ضيوف الرحمن على مدار الأيام المقبلة, وتشمل هذه الخطط تعزيز الجهود الخدمية، والصحية، والأمنية، والتنظيمية، لضمان راحة الحجاج وسلامتهم خلال فترة إقامتهم، ورفعت القطاعات الحكومية والتطوعية من جاهزيتها، ودعم مراكز الاستقبال، والمنافذ، والمواقع التاريخية، فضلًا عن تكثيف خدمات النقل، والإرشاد، والضيافة، والرعاية الصحية، ضمن منظومة متكاملة تعمل على مدار الساعة. وتحرص الجهات المعنية ذات العلاقة بأعمال الحج على توفير أجواء ميسّرة وآمنة للحجاج، بما يعكس مستوى العناية التي توليها حكومة المملكة لضيوف الرحمن، خلال رحلتهم الإيمانية في المدينة المنورة بعد أداء نُسك الحج.