
شهادة على متانة البيئة المصرفية*سلامة الدرعاوي
الغد
اندماج البنوك ليس مجرد خطوة مالية أو قرار إداري، بل هو انعكاس مباشر لبيئة مصرفية أرساها البنك المركزي الأردني بسياسة نقدية حصيفة ورؤية إستراتيجية عميقة، ففي أي اقتصاد، لا يمكن لعمليات الاندماج الكبرى أن تتم أو تنجح إلا إذا كانت الأرضية التنظيمية والرقابية متينة، والبيئة الاقتصادية داعمة، وهذا ما يتوافر بوضوح في الأردن اليوم.
صفقة اندماج بنك الاتحاد مع البنك الاستثماري مثال حي على هذه البيئة المتماسكة، فالاندماج الذي سينتج عنه كيان مصرفي يتجاوز رأس ماله 325 مليون دينار، وبحقوق ملكية تقارب مليار دينار، وأصول مجمعة تقارب 11 مليار دينار، لم يكن ليحدث لولا وجود مناخ مصرفي منظم ومدفوع برؤية اقتصادية طويلة الأجل.
البنك المركزي لم يكن فقط مراقبًا لهذه العملية، بل كان حاضنًا لها بتوجهاته التي تشجع على توحيد الجهود المصرفية ورفع الكفاءة التشغيلية عبر كيانات مصرفية أكبر وأكثر مرونة، بما يعزز مناعة القطاع في مواجهة الأزمات ويزيد من جاهزيته للتوسع والتطور.
ولم يكن هذا الاندماج الأول- في ظل السياسة الحالية للبنك المركزي- بل سبقه استحواذ مجموعة كابيتال بنك على الأعمال المصرفية لبنك عودة في الأردن والعراق، واستحوذ أيضا كابيتال بنك على بنك سوسيتيه جنرال الأردن، كما استحوذ بنك الاستثمار العربي الأردني على الأعمال المصرفية لبنك ستاندرد تشارترد في الأردن وعلى بنك أتش.أس.بي.سي الأردن، بالإضافة إلى استحواذه على بنك الكويت الوطني في الأردن.
رؤية التحديث الاقتصادي، التي تمثل الإطار المرجعي الشامل لمسار الإصلاح الوطني في الأردن، لا تعد مجرد وثيقة توجيهية، بل أصبحت أرضية عمل وانعكست نتائجها فعليًا في الميدان، فهذا الاندماج المصرفي لا يُفهم فقط كتحرك تجاري، بل كجزء من مشروع تحديث شامل يمس المسارات السياسية والإدارية والاقتصادية معًا، ويهدف إلى بناء مؤسسات قادرة على الابتكار والاستدامة، والتعامل مع التحديات بروح إستراتيجية بعيدة المدى.
إننا أمام مشهد مالي يتكامل مع أهداف وطنية كبرى لا تُختزل في النمو الرقمي فقط، بل تمتد إلى تعميق الشمول المالي، وتحفيز الاستثمارات، وخلق فرص جديدة للقطاع الخاص.
المصرف الناتج عن هذا الاندماج سيتمكن من تقديم خدمات مالية أكثر تنوعًا وشمولًا، والوصول إلى شرائح جديدة من العملاء، وتوسيع انتشاره الجغرافي داخل الأردن وخارجه، وهذا التوسع لا يخدم فقط أهداف البنك التجارية، بل يعزز من قدرة النظام المصرفي على تمويل النشاط الاقتصادي وتحقيق الشمول المالي، وهو ما يمثل أحد أبرز مستهدفات البنك المركزي في المرحلة المقبلة، خاصة في ظل التغيرات الإقليمية والدولية التي تتطلب جهوزية مصرفية عالية.
السياسة النقدية التي يؤكد عليها محافظ البنك المركزي، الدكتور عادل شركس، تعزز الثقة في النظام المصرفي، إذ إن انخفاض معدلات التضخم والدولرة، وارتفاع الاحتياطات الأجنبية إلى أكثر من 21 مليار دولار، كلها مؤشرات على أن الأرضية صلبة، وأن السياسات مدروسة وفعالة.
ولا يمكن تجاهل البُعد التوظيفي في هذه العملية، فإعلان الحفاظ على الكوادر البشرية في كلا البنكين يؤكد أن الاندماج لا يعني التخلي عن العاملين، بل قد يكون فرصة لإعادة توزيع الطاقات وتحقيق كفاءة أكبر دون التضحية بالموارد البشرية التي تمثل جوهر أي مؤسسة ناجحة، فهذا الالتزام يعزز مناخ الاستقرار المؤسسي، ويضمن انتقالًا سلسًا نحو الهيكل الجديد دون اضطرابات داخلية.
في النهاية، اندماج البنوك الأردنية اليوم هو شهادة على متانة البيئة المصرفية، ونتاج لسياسات نقدية واضحة، ورؤية إصلاحية شاملة، إذ إنه ليس مجرد انتقال ملكية أو إعادة هيكلة إدارية، بل خطوة إستراتيجية في طريق مرسوم بدقة نحو اقتصاد أردني أقوى، أكثر مرونة، وأكثر قدرة على المنافسة والنمو في عالم لا يتوقف عن التغيير.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الدستور
منذ 2 ساعات
- الدستور
«التنمية والتشغيل» و«البريد» يوقعان اتفاقية لتمويل سيارات وسكوترات لتشغيل الأردنيين
عمان - آية قمق وقعت أمس في وزارة العمل اتفاقية تمويل بين صندوق التنمية والتشغيل وشركة البريد الأردني لتمويل سيارات وسكوترات في كافة محافظات المملكة.ووقع الاتفاقية عن صندوق التنمية والتشغيل مديره العام منصور وريكات وعن شركة البريد المدير العام هنادي الطيب بحضور وزير العمل الدكتور خالد البكار ورئيس مجلس إدارة شركة البريد سامي الداود.وقال البكار ان الاتفاقية تأتي انسجاما مع أهداف المرحلة الثانية من خطة الوزارة لتنظيم سوق العمل التي تتضمن التركيز على تدريب وتأهيل الشباب الأردني وتوفير فرص عمل لهم ، مشيرا إلى ان هذه الاتفاقية ستوفر في المرحلة الأولى منها 250 فرصة عمل.وأشار البكار إلى أن الاتفاقية تأتي انسجاما مع رؤية التحديث الاقتصادي وخطتها التنفيذية التي تعتبر من الركائز الاساسية ضمن مسار الاصلاح الشامل الذي تنفذه الحكومة برؤية ملكية، مضيفا أن الاتفاقية تتناغم مع الأهداف الوطنية في مختلف المجالات بما يكفل توفير فرص عمل للاردنيين والأردنيات.وأوضح أن صندق التنمية والتشغيل خصص لهذا الإتفاقية مبلغ مليون دينار قابل للزيادة في حال تم زيادة الطلب على الاستفادة منه من قبل الفئة المستهدفة من الأردنيين للفئة العمرية من 18-45 سنة.بدوره قال رئيس مجلس إدارة شركة البريد الأردني سامي الداود إن طالبي التمويل من خلال منصة البريد «منصة التشغيل بريد جو» سيحصلون على تدريب مجاني لدى الاكاديمية العائدة لشركة البريد لتأهيلهم للعمل ومتطلباته قبل منحه التمويل المقدم من صندوق التنمية والتشغيل.واضاف أن هذه الأكاديمية الفريدة من نوعها في الشرق الاوسط ستسهم في تدريب الشباب المستفيدين من هذه الاتفاقية على آليات العمل واستخدام التطبيق الخاص بعمل البريد. ولفت الداود إلى أن رئيس الوزراء وجه إلى توفير فرص عمل للشباب من خلال هذه الاتفاقية المشتركة بالتعاون مع وزارة العمل وصندوق التنمية والتشغيل وشركة البريد الأردني، مبينا أن البريد سيوفر لهم الطلبات البريدية لتوفير دخل لهم للاستفادة من حجم التجارة الالكترونية الذي تطور بشكل كبير.من جانبه قال مدير صندوق التنمية والتشغيل منصور وريكات إن حجم التمويل للقرض الواحد يصل بحده الأقصى إلى 15 الف دينار بحسب وسيلة النقل، بفترة سماح تصل إلى 3 أشهر وفترة سداد تصل حتى 72 شهرا وسعر مرابحة تفضيلية وشروط ميسرة.واضاف وريكات ان الصندوق يسعى إلى تعزيز السياسات الحكومية الرامية إلى تحفيز الشباب الرياديين القادرين على إدارة مشاريعهم الخاصة بهم للحد من معدلات الفقر والبطالة.

الدستور
منذ 2 ساعات
- الدستور
انخفاض المنح الخارجية 93.2 % في الربع الأول
عمان - الدستوربلغت المنح الخارجية خلال الربع الأول من العام الحالي 3.4 ملايين دينار، مقابل 49.6 مليون دينار خلال ذات الفترة من العام الماضي.ووفق بيانات وزارة المالية، انخفضت المنح خلال الربع الأول من العام الحالي 46.2 مليون دينار مقارنة بذات الفترة من العام 2024، أي ما نسبته 93.2%.وتلقت وزارة التخطيط والتعاون الدولي تعهدات جديدة لتمويل مشاريع رئيسية من خلال منح وقروض بقيمة تجاوزت الملياري دولار خلال شهر نيسان الماضي.ووفق تقرير موجز لإنجازات الوزارات والمؤسسات الحكومية لشهر نيسان الماضي، فإن وزارة التخطيط وقعت اتفاقيات تمويلية وحصلت على تعهدات بقيمة 2.1 مليار دولار مع عدة جهات منها؛ البنك الدولي، وبنك الإعمار الألماني، والسفارة الهولندية، والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي.وفي السياق، ارتفعت الإيرادات المحلية خلال الربع الأول من العام الحالي 2025 نحو 150 مليون دينار، لتصل إلى 2,160 مليار دينار، مقارنة بـ2.01 مليار دينار للفترة نفسها من العام الماضي.وبحسب البيانات، بلغت الإيرادات الضريبية خلال الربع الأول من العام الحالي 1.582 مليار دينار، توزعت على، الضريبة العامة على السلع والخدمات بقيمة 1.076 مليار دينار، والضرائب على الدخل والأرباح بـ419 مليونًا، وضريبة بيع العقار بـ24 مليونًا، والضرائب على التجارة والمعاملات الدولية بـ63 مليون دينار. في حين بلغت الإيرادات غير الضريبية للفترة نفسها 578 مليون دينار.وارتفع إجمالي الدين العام في الأردن، مع احتساب الدين الذي يحمله صندوق استثمار أموال الضمان، إلى 118.4% من الناتج المحلي الإجمالي، بنهاية الربع الأول من العام الحالي، وينخفض إلى 91.5% باستثناء الدين الذي يحمله صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي، كما ينخفض مرة أخرى إلى 90.9% من الناتج المحلي، بعد استثناء قيمة الوديعة لدى البنك المركزي، المخصصة لسداد سندات اليوروبوند المستحقة في حزيران المقبل.

الدستور
منذ 3 ساعات
- الدستور
انخفاض الفاتورة النفطية للأردن 6.4 % خلال الربع الأول
عمان -الدستورانخفضت الفاتورة النفطية للأردن، في الربع الأول من العام الحالي 2025، بنسبة 6.4%، وفق بيانات التجارة الخارجية الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة.وأشار التقرير إلى انخفاض قيمة مستوردات المملكة من النفط الخام ومشتقاته والزيوت المعدنية في الربع الأول من العام الحالي، لتصل إلى 770 مليون دينار، مقارنة بـ 721 مليون دينار للربع ذاته من العام الماضي.وأشار تقرير دائرة الإحصاءات العامة إلى ارتفاع الصادرات الوطنية بنسبة 11.7%، والمعاد تصديره بنسبة 10.4%، مما أدى إلى ارتفاع الصادرات الكلية بنسبة 11.6% مقارنة بنفس الفترة من عام 2024.التقرير الشهري حول التجارة الخارجية في الأردن، أوضح أن هذا النمو جاء متزامنًا مع زيادة المستوردات بنسبة 6.6%، وبالتالي زيادة العجز في الميزان التجاري بنسبة 2.2% خلال الربع الأول من عام 2025 مقارنة بنفس الفترة من عام 2024.وبلغت قيمة الصادرات الكلية خلال هذه الفترة 2.306 مليار دينار، حيث شكلت الصادرات الوطنية 2.093 مليار دينار ، والمعاد تصديره 213 مليون دينار ، في حين بلغت قيمة المستوردات 4.679 مليار دينار خلال نفس الفترة.وعليه يكون العجز في الميزان التجاري (والذي يمثل الفرق بين قيمة الصادرات الكلية وقيمة المستوردات)، بلغ 2.373 مليار دينار خلال الربع الأول من عام 2025، مقارنة مع 2.323 مليار دينار في الفترة المقابلة من عام 2024.