
يواجه خطر الاندثار.. "الشناشيل" إرث ميساني يروي حكايات التنوع الديني والاجتماعي (صور)
شفق نيوز/ تعد "الشناشيل" في محافظة ميسان أحد أبرز ملامح الإرث العمراني والفولكلوري الذي يجسد ذاكرة مدينة العمارة، مركز المحافظة، وتنوعها الثقافي والديني، إذ تعود جذورها إلى أواخر القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر، حين شُيّدت على يد بنّائين أتراك وسوريين جلبهم الجيش العثماني إلى المدينة.
ووفقاً لمؤرخين محليين، فقد تزامن بناء العديد من بيوت "الشناشيل"، مع إنشاء السوق الكبير في المدينة، حيث استخدمت في عمارتها الطين والخشب، ما منحها طابعاً معمارياً فريداً ما يزال شاهداً على أنماط حياة متعددة الأوجه سياسياً واجتماعياً.
ورغم ما طالها من الإهمال والخراب، ما تزال بعض "الشناشيل"، خصوصاً في أحياء السرية، والسراي، والصابونجية، والقادرية، تقف بطرازها الفولكلوري مخلّدةً حياة مدينة متجذّرة في تاريخها، غنية بتنوعها.
عبق الماضي في زوايا المدينة
ويقول الباحث الفلكلوري خالد الكعبي، لوكالة شفق نيوز، إن "العمارة ما تزال تحتفظ ببيوت فولكلورية، أبرزها الشناشيل التي يعود تاريخها إلى أكثر من قرنين".
ويوضح أن "هذه البيوت كانت تحتضن عائلات عريقة ومتنوعة الديانات والجنسيات، من بينها عائلات يهودية ومسيحية وأخرى أجنبية دخلت المدينة مع القوات البريطانية".
ويعرب الكعبي، عن أسفه لتعرض معظم تلك البيوت لـ"الإهمال"، مشيراً إلى أن "ما تبقى منها بات آيلاً للسقوط بسبب غياب الدعم الحكومي، رغم محاولات خجولة من الجهات المعنية للحفاظ عليها".
بينما يقول الباحث الميساني، علي جواد، إن "أحياء السرية، والسراي، كانت تعج ببيوت الشناشيل التي وثّقت حقبة زمنية غنية من تاريخ المدينة، وكانت رمزاً للرفاهية والثراء في زمنها، إلا أن دخول أنماط البناء الحديث تسبب بإهمالها".
وفي حديث لوكالة شفق نيوز، يضيف أن "الشناشيل تعكس براعة البنّائين العراقيين في تلك الفترة، حيث أبدعوا في تصميمها وزخرفتها"، لافتاً إلى أن "بعضها ما يزال قائماً لكنه مهدد بالزوال".
منازل شاهدة على التنوع الديني
من جهته، يؤكد الأديب والإعلامي عبد الحسين بريسم، أن "مدينة العمارة الحديثة تأسست عام 1861 على يد عبد القادر الكولمندي، وتزامن ذلك مع ظهور أولى الشناشيل".
ويشير برسيم، لوكالة شفق نيوز، إلى أن "ما تبقى منها حالياً لا يتجاوز عدد الأصابع، وتقع في مناطق مثل السرية، والسراي، والقادرية، والمحمودية".
أما رئيس المجلس الاستشاري للتنمية والتخطيط الإستراتيجي في محافظة ميسان، ناصر الطيب، فيوضح أن "أقدم بيوت الشناشيل تقع في منطقتي المحمودية والسراي، وكانت مملوكة لشخصيات اقتصادية بارزة مثل التاجر اليهودي نسيم كوهان، والمسيحي الشيخ حنا، وبيت الرمضان وغيرهم".
ويبيّن لوكالة شفق نيوز، أن "أغلب تلك البيوت تركت لتتداعى بفعل الإهمال، رغم وجود قرارات من هيئة الآثار بحجز بعضها"، مضيفاً أن "غياب الصيانة والتأهيل حول الشناشيل من رمز تراثي إلى أطلال آيلة للهدم".
دعوات لإنقاذ ما تبقى
ويحذر المختصون من أن استمرار الإهمال سيؤدي إلى فقدان ما تبقى من هذا التراث المعماري، الذي لا يمثل فقط تصميماً جمالياً مميزاً، بل يوثّق مرحلة مهمة من تاريخ مدينة العمارة، ويؤرشف حياة عائلات متباينة الأديان والثقافات.
ويطالبون الجهات المعنية، سواء في الحكومة المحلية أو الاتحادية، باتخاذ خطوات عاجلة وجدية لإنقاذ الشناشيل، من خلال شراء ما تبقى منها وترميمها وفق طابعها الأصيل، حفاظاً على الهوية الثقافية والتاريخية للمدينة، وضماناً لاستمرارية إرثها المتنوع للأجيال المقبلة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


وكالة أنباء براثا
منذ 3 ساعات
- وكالة أنباء براثا
وزارة التعليم العالي تعلن ضوابط القبول للدراسات العليا داخل العراق
اعلنت وزارة التعليم العالي، اليوم الاثنين، ضوابط القبول للدراسات العليا داخل العراق للعام الدراسي 2025/2026.


شفق نيوز
منذ 3 ساعات
- شفق نيوز
كسر بأنبوب ماء الإفراز الثالث في أربيل (صور)
شفق نيوز/ كشفت مديرية مياه أربيل، يوم الاثنين، عن تعرض أنبوب في مشروع الإفراز الثالث لكسر كبير، أثناء أعمال صيانة تابعة لفرق مديرية الكهرباء، بمنطقة دربند أشوكان في المحافظة. وقال مدير توزيع مياه أربيل، رابر حسين، لوكالة شفق نيوز، إن "الأنبوب الرئيسي لمشروع الإفراز الثالث في منطقة دربند أشوكان، تعرض لكسر بسبب أعمال صيانة تابعة لمديرية الكهرباء". وبين حسين، أن "فرق الصيانة التابعة لمديرية مياه أربيل تعمل على إصلاح الأنبوب في وقت قياسي وخلال 12 ساعة فقط من أجل إعادة ضخ المياه للمناطق التي انقطعت عنها بسبب الكسر.


الأنباء العراقية
منذ 4 ساعات
- الأنباء العراقية
عبر مطارها الدولي.. السليمانية تطلق أول قافلة حجاج إلى الديار المقدسة
السليمانية – واع – عباس خالد انطلقت، اليوم الإثنين، أول قافلة لحجاج بيت الله الحرام إلى الديار المقدسة من محافظة السليمانية، وتحديدًا من مطارها الدولي. وقال هاوژين رؤوف، مدير دائرة الأوقاف في السليمانية، لوكالة الأنباء العراقية (واع): إن "جميع التسهيلات توفرت للحجاج عبر إجراءات سهلة وميسرة بفضل الاستعداد المسبق؛ ضمانًا لراحتِهِم وسلامتِهِم وهم يتوجهون لأداءِ فريضةِ ومناسكِ الحج. من جانبه، قال مدير العلاقات العامة والإعلام في مطار السليمانية الدولي، دانا محمد سعيد لوكالة الأنباء العراقية (واع): "اليوم غادرت أول رحلة جوية من المطار نحو الديار المقدسة وبواقع 144 حاجا وستكون هنالك 7 رحلات أخرى، ليصل مجموع عدد الحجاج المغادرين عبر الجو لما يقارب 1340".