الثقافة المحلية في المناهج وتعزيز الهوية
عمق حقيقي للهوية
تؤكد الباحثة تهاني القحطاني أن تعزيز الهوية الوطنية لم يعد خيارًا، بل ضرورة تربوية ووطنية، لا سيما في ظل المتغيرات المتسارعة. وترى أن الثقافة المحلية تمثّل الجذر العميق لهوية الإنسان، لما تحمله من عناصر تعكس تاريخ المجتمع وخصوصيته وتفاصيله اليومية.
وتوضح: «حين تُدمج الثقافة المحلية في المناهج، فإن ذلك لا يقتصر على تزويد الطالب بالمعرفة، بل يمنحه نافذة لفهم ذاته ومجتمعه، ويعزز شعوره بالانتماء والاعتزاز بأصوله». وتضيف أن تدريس مفردات التراث، من الأدب الشعبي والفنون التقليدية إلى العادات والعمارة المحلية، يساهم في بناء وعي متوازن، يُحصّن الطالب من الانبهار بثقافات بعيدة عن واقعه.
وتختم: «المتمسك بجذوره، الواثق بثقافته، هو الأقدر على تمثيل وطنه عالمياً دون أن يفرط في هويته. التعليم، بهذا المعنى، يتحول إلى أداة استراتيجية لإنتاج جيل يجمع بين الأصالة والانفتاح».
رافد لبناء جيل مثقف
ويصف الدكتور علي مبارك العوبثاني، الثقافة المحلية بأنها «شريان الحياة وغذاء الروح للمواطن الصالح». ويرى أن تضمينها في المناهج يتماشى مع رؤية المملكة 2030، التي تعد الثقافة من مقومات جودة الحياة.
ويرى أن الثقافة المحلية تشمل كل ما يُمارَس في الحياة اليومية من قيم ومعتقدات وعادات وتراث، وهي تختلف من منطقة لأخرى، ما يمنحها ثراءً وتنوعًا فريدًا في المملكة. ويتمنى من وزارة التعليم تصميم مادة دراسية متكاملة تُعنى بالثقافة المحلية في جميع المناطق، مؤكداً أن هذه الخطوة تُنشئ جيلاً مثقفاً، منتجاً، معتزاً بهويته، وقادراً على تمثيل وطنه حضارياً والتواصل مع الثقافات الأخرى بوعي.
ويضيف: عناصر الثقافة المحلية موجودة في بعض المناهج كاللغة العربية والدراسات الاجتماعية، لكنها متفرقة. تخصيص مادة مستقلة سيوسّع مدارك الطلاب، ويغرس فيهم الاعتزاز بتاريخهم وموروثهم الثقافي". ويختم بالقول: من واجبنا كمثقفين وإعلاميين، أن نسهم في نشر الثقافة المحلية عبر جميع الوسائل، لتنشئة سفراء ثقافة يمثلون المملكة خير تمثيل.
ضرورة تربوية
وترى الدكتورة شيمة محمد الشمري، الأكاديمية والكاتبة، أن تضمين الثقافة المحلية في المناهج ضرورة وطنية، لا مجرد خيار تربوي، مؤكدة أنه يسهم في بناء وعي أصيل لدى الطالب، ويعزز الفخر بالهوية الثقافية. وتعتقد أنه حين يرى الطالب نفسه ومجتمعه ممثلَين في المنهج، فإنه يشعر بقيمة هويته. ومن خلال دراسة العادات والتقاليد والتاريخ المحلي، تنمو لديه المناعة الثقافية، ويقل الانبهار بالنماذج المستوردة.
وتلفت إلى أن تضمين الثقافة المحلية يقلل التناقض بين المدرسة والمنزل، ويقوي ثقة الأسرة بالمؤسسة التعليمية، ويمنح المعلم أدوات تعليمية واقعية قريبة من بيئة الطالب.
كما تشير إلى أثر هذا التوجه في تعزيز التماسك المجتمعي، وتقول: هو استثمار بعيد المدى في بناء شخصية وطنية متوازنة، وركيزة من ركائز الدبلوماسية الثقافية، خاصة لأبناء المقيمين، إذ يساعدهم على الاندماج والتفاعل الإيجابي مع ثقافة البلد المضيف.
وتختم: تدريس الثقافة المحلية لا يعني الانغلاق، بل هو أساس الانفتاح الواعي، فالشخص العارف بهويته هو الأقدر على الحوار مع الآخر دون أن يفقد ذاته.
رؤية متوازنة
يدعو الدكتور سعد سعيد الرفاعي إلى وضوح المفاهيم قبل تضمين الثقافة المحلية في المناهج، متسائلاً: هل نقصد بها التراث الشعبي؟ اللهجات؟ العادات الخاصة بكل منطقة؟ وما الفرق بين الثقافة المحلية والثقافة الوطنية؟.
ويشير إلى أن بناء المناهج يرتكز على ثلاثة محاور: المعرفة، والمتعلم، والمجتمع، ويقول: ضمن هذه المرتكزات، يمكن أن نجد مساحة للثقافة المحلية، لكن دون أن تمس وحدة الهوية الوطنية.
ويحذر من تضمين الموروث الشعبي بصيغته العامية أو باللهجات المحلية في المناهج، ويرى أنه ليس من الخطأ أن تتضمن المناهج تعريفاً بالثقافات المحلية لمختلف المناطق، بشكل تبادلي، وباللغة العربية الفصحى، لتعريف الطلاب بثقافة الوطن ككل دون تمييز أو تجزئة. كما يلفت إلى أن المراكز الثقافية، والجمعيات، والنوادي الأدبية تلعب دوراً كبيراً في رعاية الثقافة المحلية، إلى جانب المنهج غير الرسمي. ويختم بالقول: ينبغي أن نكون حذرين في تضمين الثقافة المحلية، بحيث تكون معزِّزة للوحدة الوطنية، لا بديلاً عنها.
ختاماً، يتفق المتحدثون في هذا التحقيق على أن الثقافة المحلية تمثل ركيزة أساسية في بناء الهوية الوطنية، وأن تضمينها في المناهج الدراسية يعزز الفهم الذاتي والانتماء، ويؤسس لوعي ثقافي قادر على التفاعل الحضاري دون الذوبان. غير أن هذا التضمين، كما يشير بعضهم، يجب أن يتم برؤية متزنة، تدمج بين التنوع والوحدة، وتحترم الخصوصية ضمن الإطار الوطني الجامع.
د. علي مبارك العوبثاني
د. سعد الرفاعي
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


رواتب السعودية
منذ 27 دقائق
- رواتب السعودية
مبادرة لتوسيع الطرق المطاطية الباردة للحجاج في موسم الحج
نشر في: 20 مايو، 2025 - بواسطة: علي احمد 2025-05-19T22:03:12+00:00 السيارات – تفقد وزير النقل والخدمات اللوجستية في السعودية, صالح الجاسر مبادرة التوسع في تطبيق الطرق المطاطية الباردة للحجاج بالشراكة مع الجهات ذات العلاقة. ويأتي ذلك خلال موسم الحج الجديد لعام 1446 هجرياً. ومن المنتظر أن تكون نسبة الزيادة في الطرق المطاطية هذا العام بواقع 33% مقارنة بموسم الحج السابق. كما أن نسبة الزيادة في مناطق تبريد الطرق ستصل الي 82%. ويأتي التطبيق ليشمل مناطق بجانب مسجد نمرة في مشعر عرفات بالاضافة الي ممرات المشاة بين مزدلفة وعرفات. كما تتضمن التحسينات المستمرة :تشجير جانبي للطريق لخفض الحرارة وتعزيز راحة ضيوف الرحمن. تخصيص مسار خاص للأشخاص ذوي الاعاقة لتسهيل حركتهم. ويستهدف ذلك :– تخفيف الضغط علي الأقدام خلال المشي لمسافات طويلة.– تلطيف الأجواء المحيطة بالحجاج وتخفيف حرارة الأسطح. – توفير الراحة ودعم الأشخاص ذوي الإعاقة. ومن جانب آخر, قال المركز الوطني لسلامة النقل أنه يسخر كل الممكنات والجهود لسلامة ضيوف الرحمن في مختلف أنماط النقل. ويتضمن ذلك دراسة وموائمة خطط الطواريء والمشاركة في فرضيات الطواريء واجراء تحقيقات السلامة للحوادث الجسيمة والوقائع في حال حدوثها. المصدر: السيارات


رواتب السعودية
منذ 28 دقائق
- رواتب السعودية
وزير الحج والعمرة يتفقد جاهزية المشاعر المقدسة لاستقبال ضيوف الرحمن
نشر في: 20 مايو، 2025 - بواسطة: خالد العلي تفقد معالي وزير الحج والعمرة الدكتور توفيق بن فوزان الربيعة، أمس، عددًا من المواقع بالمشاعر المقدسة، وذلك في ظل توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، والمتابعة الحثيثة من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء ..حفظهما الله.. بالتأكد من جميع الاستعدادات الخاصة باستقبال ضيوف الرحمن لموسم حج هذا العام 1446هـ, والاطلاع على جاهزية المرافق والبنية التحتية، والخدمات المقدمة للحجاج، بما يسهم في تحقيق راحة وسلامة ضيوف الرحمن. ووقف معاليه على جاهزية أبراج كدانة الوادي التي تقدم تحولًا شاملًا في أسلوب إقامة الحاج في منى. واطّلع معاليه على عدد من استعدادات الشركات المقدمة للخدمة في المشاعر المقدسة، شملت معاينة التجهيزات القائمة وخطط الإقامة والتسكين، واستعراض جودة الخدمات المقدمة. وتفقد معاليه عددًا من المشاريع الجديدة التي تنفذها شركة ..كدانة.. للتنمية والتطوير، لتحسين بيئة المشاعر وتطويرها، وتشمل المشاريع المقرر تدشينها هذا العام مرافق خدمية متطورة تهدف إلى تعزيز كفاءة التشغيل والارتقاء بجودة الخدمات المقدمة للحجاج، التي من ضمنها مشروع إنشاء مستشفى جديد للطوارئ بمشعر منى بسعة (200) سرير، وإنشاء (71) مركزًا إسعافيًا على امتداد مسارات المشاة بالمشاعر المقدسة، فضلًا عن تظليل وتبريد الساحات المحيطة بمسجد نمرة على مساحة (85) ألف متر مربع، وإنشاء (320) مظلة، وتركيب (350) مروحة رذاذ، واستكمال المرحلة الأولى من تطوير منظومة دورات المياه في مشعر منى بإحلال (2116) دورة مياه واستبدالها بـ (61) مجمعًا حديثًا من طابقين تضم أكثر من (5600) دورة مياه؛ بهدف رفع كفاءة الخدمات وتوفير بيئة أكثر راحة لضيوف الرحمن، كما انتهت من زراعة (20) ألف شجرة على مساحة (290) ألف متر مربع ضمن مشروع المشاعر الخضراء المتوائمة مع مبادرة السعودية الخضراء، والتي تهدف إلى زيادة المسطحات الخضراء وتلطيف الأجواء. وتأتي هذه الزيارات التفقدية في إطار التنسيق المستمر بين الجهات الحكومية ذات العلاقة، مثل الهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة وشركة كدانة للتنمية والتطوير المطور الرئيسي للمشاعر المقدسة؛ لضمان الجاهزية الشاملة قبل بدء مناسك الحج لهذا العام، وتقديم أفضل تجربة إثرائية وتنظيمية لضيوف الرحمن. في السياق ذاته، أعلنت وزارة الحج والعمرة، عن وصول أكثر من (600) ألف حاج حتى الآن، عبر مختلف المنافذ البرية والجوية والبحرية، ما يمثل نحو (42) في المئة من إجمالي تأشيرات الحجاج المتوقعة لهذا العام، في مؤشر على تسارع وتيرة القدوم من خارج المملكة. وتواصل الجهات المختصة تكثيف جهودها لضمان موسم حج منظم، يعتمد على بنية تحتية متطورة ومنظومة خدمات متكاملة تلبي تطلعات الحجاج وتُجسد عناية المملكة المستمرة بخدمة قاصدي الحرمين الشريفين. المصدر: عاجل

سعورس
منذ 34 دقائق
- سعورس
أشادوا بالخدمات المقدمة عبر "الوديعة".. حجاج يمنيون: المملكة حريصة على راحة ضيوف الرحمن
وعبّر الحاج محمد عبدالله الثمري عن شكره وتقديره لحكومة المملكة على اهتمامها وحرصها على راحة الحجيج من أنحاء العالم كافة؛ ليؤدوا مناسكهم بكل يسر وطمأنينة. من جهته، أشار الحاج زياد أحمد علي إلى حجم السعادة التي يشعر بها، وهو يتجه صوب مكة المكرمة والمدينة المنورة لأداء مناسك الحج، وهو على ثقة تامة بأنه والحجاج الآخرين لن يواجهوا تعبًا أو صعوبة؛ نظرًا لما لمسوه من عمل متقن واحترافي من جميع الجهات العاملة بمنفذ الوديعة، إلى جانب السرعة في إنهاء الإجراءات، والترحيب الحار وتوزيع الورود من العاملين كافة، مؤكدًا التطور الهائل في الخدمات المقدمة لهم، من خلال الإجراءات الحديثة والمتطورة التي تسهم في خدمة الحجاج وراحتهم. بدوره، قدّم الحاج إبراهيم عبدالله جباري شكره لكل العاملين بالمنفذ على كرم الضيافة وحسن الاستقبال، والخدمات المقدمة والتنظيم المميز والعمل الاحترافي، التي أسهمت في إنهاء إجراءات دخولهم بسرعة وراحة تامة، سائلًا الله- العلي القدير- أن يديم على المملكة أمنها واستقرارها. وتحدثت الحاجة صديقة محمد علي عن فرحتها الغامرة، وهي تهم بمغادرة المنفذ بعد إنهاء إجراءات دخولها، مشيدة بالدور الكبير الذي تقوم به المملكة في خدمة الحجيج. وتعمل الجهات الحكومية والخاصة والتطوعية العاملة بمنفذ الوديعة ومدينة الحجاج بشكل متواصل، وعلى مدار الساعة، لاستقبال الحجاج القادمين من الجمهورية اليمنية، وتسهيل وإنهاء إجراءات دخولهم إلى المملكة لأداء فريضة الحج لهذا العام، ليؤدوا مناسكهم بكل يسر وسهولة وطمأنينة.