logo
حسام الحوراني : تطوير شبكات الكم والإنترنت الكمومي: عصر الاتصالات الآمنة بدأ الآن

حسام الحوراني : تطوير شبكات الكم والإنترنت الكمومي: عصر الاتصالات الآمنة بدأ الآن

أخبارنا١٢-٠٥-٢٠٢٥

أخبارنا :
تخيل عالمًا تكون فيه البيانات محمية ضد أي محاولة اختراق، حيث تصبح كلمات المرور والتشفيرات التقليدية شيئًا من الماضي، وتتحول شبكة الإنترنت إلى منظومة فائقة الذكاء لا يمكن التنصت عليها أو التلاعب بها. هذا ليس سيناريو خيال علمي، بل وعدٌ تقني يوشك أن يتحقق مع بزوغ فجر شبكات الكم (Quantum Networks) وبداية حقبة جديدة تُعرف بـالإنترنت الكمومي (Quantum Internet).
في السنوات الأخيرة، بدأ العلماء والمهندسون حول العالم العمل على تطوير شبكات كمومية تُحدث ثورة في مفهوم الاتصالات. فعلى عكس الشبكات التقليدية التي تعتمد على الإشارات الإلكترونية أو الضوئية لنقل المعلومات، تستند الشبكات الكمومية إلى قوانين ميكانيكا الكم، وخاصة ظاهرة التشابك الكمومي (Quantum Entanglement)، وهي خاصية غريبة تسمح لجسيمين بالتواصل بشكل فوري مهما كانت المسافة بينهما.
النتيجة؟ إمكانية نقل المعلومات بطريقة لا يمكن التنصت عليها دون أن يُكتشف ذلك فورًا. وهذا ما يجعل الإنترنت الكمومي حجر الزاوية في مستقبل الأمن السيبراني العالمي.
تخيل أنك ترسل رسالة إلكترونية، لكن بدلاً من تشفيرها بكلمة مرور، يتم تشفيرها باستخدام فوتونات كمومية متشابكة، بحيث إذا حاول أي طرف ثالث التسلل أو اعتراض الإشارة، فإن النظام سيعرف على الفور أن هناك من يحاول التجسس، وسيتم تعطيل الاتصال تلقائيًا. هذه التقنية تُعرف باسم توزيع المفاتيح الكمومية (Quantum Key Distribution - QKD)، وهي بالفعل قيد الاستخدام التجريبي في عدة دول مثل الصين، الولايات المتحدة.
لقد أعلنت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والصين عن خطط لبناء شبكات كمومية وطنية بالكامل بحلول نهاية هذا العقد، تتضمن عقد الألياف الضوئية الكمومية بين المدن الرئيسية، وإنشاء بنية تحتية تستعد لما يُعرف بـ «الإنترنت ما بعد الكلاسيكي».
لكن ما الذي يجعل الإنترنت الكمومي مهمًا إلى هذا الحد؟ الجواب ببساطة يكمن في اللامحدودية التي يقدمها في مجالي الأمان والسرعة. فالاتصالات الكمومية قادرة على تجاوز العقبات الحالية في نقل البيانات، من خلال تقنيات تُعرف باسم «التخزين الكمومي» و»المكررات الكمومية» التي تُعيد بناء الإشارات دون فقدان المعلومات، مما يفتح الباب لنقل بيانات لمسافات شاسعة دون الحاجة لمراكز وسيطة.
الأثر الاقتصادي المتوقع لهذه التكنولوجيا مذهل. تُقدّر بعض الدراسات أن حجم سوق الإنترنت الكمومي قد يتجاوز 100 مليار دولار بحلول عام 2035، مع تطبيقات تشمل البنوك، الدفاع، الطاقة، وحتى الصحة. الشركات الكبرى مثل IBM وGoogle وAmazon وAlibaba تضخ مليارات الدولارات في هذا المجال، مستشرفةً عصرًا جديدًا من الاتصالات فائقة الأمان والتخصيص.
ومع ذلك، فإن بناء شبكة كمومية حقيقية ليس بالأمر السهل. فالتحديات التقنية هائلة، من الحفاظ على استقرار الكيوبتات أثناء النقل، إلى تقليل الفقد الكمومي في الألياف الضوئية، وحتى تصميم بروتوكولات كمومية جديدة. ولهذا، يعمل باحثون في جامعات ومعاهد متقدمة مثل MIT وETH Zurich على تطوير ما يُعرف بـ»بروتوكولات الإنترنت الكمومي» التي ستُشكّل لغة التواصل بين الحواسيب الكمومية المستقبلية.
وفي العالم العربي، قد تكون هذه التقنية فرصة استراتيجية هائلة للدول التي تسعى إلى تنويع اقتصاداتها وتعزيز أمنها السيبراني. إذ يمكن لدول مثل الإمارات والسعودية والأردن، التي استثمرت بالفعل في تقنيات الذكاء الاصطناعي والحوسبة المتقدمة، أن تضع أقدامها مبكرًا في سباق الإنترنت الكمومي، سواء عبر شراكات مع مراكز أبحاث عالمية أو تطوير بنية تحتية تعليمية تُخرج جيلًا من «مهندسي الكم».
ولا يمكن تجاهل العلاقة العميقة بين الذكاء الاصطناعي وحوسبة الكم، حيث يُتوقع أن يعمل الإنترنت الكمومي كجسر بين أنظمة ذكاء اصطناعي فائقة تعمل على حواسيب كمومية، مما يعني شبكات قادرة على تحليل البيانات، التنبؤ، واتخاذ القرار لحظيًا – في تطبيقات تمتد من الأمن إلى الطب إلى التجارة الذكية.
في هذا السياق، فإن الإنترنت الكمومي لا يمثل مجرد ترقية لشبكات الاتصال، بل نقلة نوعية في طريقة تفاعل البشر والأنظمة مع العالم الرقمي. إنه تأسيس لعالم حيث الثقة والأمان والسرعة ليست ميزات إضافية، بل هي الأساس.
في النهاية، يمكن القول إننا نعيش اليوم لحظة مشابهة للحظة اختراع الإنترنت في التسعينيات. لكن هذه المرة، نحن على أعتاب شبكة لا تُشاهد فيها البيانات فقط، بل تُحسّ، وتستجيب، وتحمي نفسها. والذين يستثمرون اليوم في الإنترنت الكمومي، هم من سيقودون المستقبل التكنولوجي والسياسي والاقتصادي لعقود قادمة. فهل نحن مستعدون؟ وهل سيكون للعالم العربي دور فاعل في هذه الثورة الصامتة؟ الإنترنت الكمومي قادم... والخطوة التالية ملكٌ لمن يجرؤ على أن يبدأ الآن.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

غوغل تستثمر 150 مليونًا بنظارات ذكية جديدة
غوغل تستثمر 150 مليونًا بنظارات ذكية جديدة

السوسنة

timeمنذ 2 ساعات

  • السوسنة

غوغل تستثمر 150 مليونًا بنظارات ذكية جديدة

السوسنة- أعلنت شركة "غوغل" يوم الثلاثاء خلال مؤتمر "غوغل للمطورين 2025" عن تخصيص ما يصل إلى 150 مليون دولار لشركة "واربي باركر"، المتخصصة في صناعة النظارات الاستهلاكية، بهدف تطوير نظارات ذكية تعمل بالذكاء الاصطناعي ونظام أندرويد XR.كما أكدت الشركتان في بيان صحافي أن "غوغل" قد قدمت بالفعل 75 مليون دولار لتغطية تكاليف تطوير وتسويق منتجات "واربي باركر".وتؤكد "غوغل" أنها ستستثمر 75 مليون دولار إضافية، وتستحوذ على حصة في "واربي باركر"، في حال حققت الشركة المصنعة للنظارات أهدافًا محددة.خلال مؤتمر "غوغل" للمطورين 2025، أعلنت أيضًا عن شراكات مع العديد من الشركات لتطوير نظارات ذكية مزودة بإمكانيات الذكاء الاصطناعي والواقع المعزز من جيميني، بما في ذلك "سامسونغ" و"جنتل مونستر".يبدو أن "غوغل" تستلهم استراتيجية "ميتا" في مجال النظارات الذكية.وقد حققت "ميتا" نجاحًا بشراكتها واستثمارها في شركة إيسيلور لوكسوتيكا، الشركة المصنعة لنظارات "راي بان"، لتطوير نظاراتها الذكية.ويعود جزء من نجاح "راي بان ميتا" إلى تصميمها الجذاب والمألوف، وبيعها في متاجر "راي بان".ويبدو من المرجح أن "غوغل" ستبني علاقة مماثلة مع "واربي باركر"، مستفيدةً من تصاميم إطارات النظارات الرائجة، وربما من متاجرها.في البيان الصحافي، أعلنت "واربي باركر" و"غوغل" عن عزمهما إطلاق سلسلة من المنتجات تدريجيًا.وسيتم إطلاق خطهما الأول من النظارات بعد عام 2025، وسيدمج الذكاء الاصطناعي متعدد الوسائط مع النظارات الطبية وغير الطبية:

تيليغرام يعلن عن مسابقة قيمتها 50 ألف دولار لصانعي المحتوي
تيليغرام يعلن عن مسابقة قيمتها 50 ألف دولار لصانعي المحتوي

العرب اليوم

timeمنذ 17 ساعات

  • العرب اليوم

تيليغرام يعلن عن مسابقة قيمتها 50 ألف دولار لصانعي المحتوي

جولة أخرى من المنافسة المثيرة بين Telegram وWhatsApp، وقد ينتهي الأمر بشخص ما بحصوله على 50 ألف دولار إضافية في حسابه المصرفي إذا فاز في أحدث مسابقة التي أعلنت عنها منصة تيلجرام حديثًا. وتقوم هذه المسابقة الموجهة إلى منشئ المحتوى، والتي تطالب المتسابق بإنشاء مقطع فيديو فيروسي يكشف كيف أن Telegram كان دائمًا متقدمًا بسنوات على نسخته الرخيصة واتساب . تفاصيل المسابقة ومن جانبه أكد بافيل دوروف، المدير التنفيذي ومؤسس Telegram ، أن المنصة خصصت حوالي 50 ألف دولار مقابل هذه الفيديو، موضحًا بأن المسابقة تأتي ردًا على التقارير التي تفيد بأن واتساب انخرط في حملات تشويه تستهدف تيليجرام. ويقول المنظمون إن الحملة الجديدة تهدف إلى زيادة الوعي بين مستخدمي واتساب، والذين قد لا يكون الكثير منهم على دراية بأن الميزات التي يعتمدون عليها كانت رائدة في تيليجرام قبل سنوات. ولمساعدة المشاركين، شاركت Telegram قائمة تضم 30 ميزة بارزة قدمتها أولاً - وتم تنفيذها جميعًا لاحقًا بواسطة WhatsApp القائمة ليست شاملة ولا تتضمن العديد من ميزات Telegram التي لا يزال ليس لها مثيل على WhatsApp. تصل قيمة جائزة المسابقة إلى 50 ألف دولار، والموعد النهائي للتقدم اليها سيكون الموافق من 26 مايو 2025، ويمكن للجميع المشاركة وسيتم الإعلان عن النتائج في شهر يونيو المقبل. شروط المسابقة ونصت المسابقة على حزمة من الشروط أهمها يجب أن تكون جميع النصوص على الشاشة والمحتوى المنطوق باللغة الإنجليزية، ويجب ألا يتجاوز الفيديو 180 ثانية (أي ثلاث دقائق، ويُسمح باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي كمساعدة تكميلية وستقوم عملية التقييم باختيار مقاطع الفيديو التي تحصل على درجات عالية من الوضوح والتأثير البصري وإمكانية تحويلها إلى ميم وانتشارها، كما يقول المنظمون يجب أن يكون الفيديو مناسبًا للمنصات مثل Tik-Tok وIG Reels وYouTube Shorts والمزيد.

الصين تطلق 3 تريليونات لتر من المياه على ارتفاع 8 آلاف قدم!
الصين تطلق 3 تريليونات لتر من المياه على ارتفاع 8 آلاف قدم!

عمون

timeمنذ يوم واحد

  • عمون

الصين تطلق 3 تريليونات لتر من المياه على ارتفاع 8 آلاف قدم!

عمون - تواصل الصين إبهار العالم بمشروعات جديدة من حين لآخر، سواء في عالم السيارات أو الطاقة. لكن هذه المرة، ما يحدث في أعالي الجبال الغربية الصينية يتجاوز حدود الابتكار، ويقترب من حدود الظواهر الطبيعية الغريبة. بدأت الصين بتخزين المياه في مشروع "شوانغجيانغكو" الهيدروليكي، في مقاطعة سيتشوان، الذي يُعد أضخم مشروع من نوعه على مستوى العالم، حيث سيخزن أكثر من 3 تريليونات لتر من المياه على ارتفاع يصل إلى 8 آلاف قدم. المشروع الذي انطلق عام 2015، بدأ فعلياً في تخزين المياه منذ الأول من مايو 2025، استعداداً لتوليد طاقة كهربائية نظيفة تُقدّر بـ7 مليارات كيلوواط/ساعة سنوياً، وفقاً لما ذكره موقع "Eco Portal". سد بارتفاع ناطحة سحاب يقع السد على نهر دادو، أحد روافد حوض سيتشوان، ويبلغ ارتفاعه 315 متراً، ما يجعله أعلى سد في العالم. وقد تم تمويل المشروع بـ36 مليار يوان (نحو 4.9 مليار دولار)، وتنفذه شركة "باور تشاينا" الحكومية، التي أعلنت أن منسوب المياه بعد المرحلة الأولى من التخزين بلغ 2344 متراً فوق سطح البحر، أي أعلى بـ80 متراً من مستوى النهر الأصلي. لكن خلف هذا الإنجاز، يلوح في الأفق تساؤل علمي: هل يمكن لمثل هذا المشروع الضخم أن يمر دون آثار جيولوجية؟ ويحذر خبراء من احتمال حدوث هزات أرضية نتيجة الضغط الهائل للمياه، إضافة إلى تغيرات في تدفق الأنهار وتأثيرات محتملة على القشرة الأرضية. ومع ذلك، يرى المهندسون أن فوائد المشروع في تقليل الاعتماد على الفحم وخفض انبعاثات الكربون بنحو 7.18 مليون طن سنوياً، تفوق هذه المخاطر المحتملة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store